الرئيسية صحافة حقوق الإنسان عفرين: تدريبات بالذخيرة الحية لفصائل مدعومة من تركيا في معبد من العصر الحديدي

عفرين: تدريبات بالذخيرة الحية لفصائل مدعومة من تركيا في معبد من العصر الحديدي

هذا الحادث هو مثال آخر على الاستخفاف السافر لتركيا وحلفاؤها بالتراث الثقافي المحلي لمدينة عفرين

بواسطة bassamalahmed
2K مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

بتاريخ 20 أيلول/سبتمبر 2019، نشرت شبكة أخبار “نداء سوريا” السورية المعارضة، شريط فيديو[1] يظهر تدريبات عسكرية بالذخيرة الحيّة أجرتها وحدة من القوات الخاصة التابعة للجبهة الوطنية للتحرير (NFL).

يظهر الفيديو -الذي يمتد زمنه لأقل من ثلاث دقائق- مقاتلون يستخدمون أسلحة خفيفة ومتوسطة كالقنابل اليدوية وقذائف (الآر بي جي) في تنفيذ هجمات صورية/شكلية من على قمة إحدى التلال التي صادف أن تكون لموقع أثري في عفرين يدعى تلة “عين دارة/عين دارا” والتي ينتصب فوقها معبد يعود للإمبراطورية الحثية يعتقد أن تاريخ بناءه يعود لعام 1300 قبل الميلاد.[2]

صورة رقم (1) – صورة مأخوذة من مقطع الفيديو الذي قامت بنشره شبكة نداء الإخبارية تظهر جنوداً يقتربون من المعبد من الجهة الشمالية الغربية.

صورة رقم (2) – صورة مأخوذة لمعبد عين دارة في عام 2010. مصدر الصورة: مايكل دانتي.

يقع موقع عين دارة على بعد حوالي 5 كيلومترات إلى الجنوب من مدينة عفرين، وإلى الشرق مباشرة من نهر عفرين. تمَّ التنقيب عنه خلال الفترة الممتدة من منتصف القرن العشرين حتى أواخره. ويعتبر المعبد الذي يعود تاريخه للعصر الحديدي -والذي لازال يحافظ على ملامحه التاريخية- أبرز معلم أثري في هذا الموقع وينتصب فوق تل يبلغ طوله 30 متراً (يعرف باسم “تل عين دارة/عين دارا”).

صورة رقم (3) – موقع عين دارة الأثري بالنسبة لمدينة عفرين. الصورة مأخوذة من قبل “ماكسار تكنولوجيز” يوم السبت 3 حزيران/يونيو 2018.

يزيّن هذا المعبد سلسلة من النقوش البازلتية المشغولة حسب الطراز الحثّي السوري المتميز للغاية.[3] وعلى بقية مساحة التل توجد مواقع تنقيب أثرية أخرى إلى جانب تمثال كبير لأسد مصنوع من البازلت والذي تم اكتشافه عام 1955.

صورة رقم (4) – تل عين دارة، موقع المعبد وموقع تمثال الأسد. الصورة مأخوذة من قبل ماكسار تكنولوجيز يوم السبت 3 حزيران/يونيو 2018.

صورة رقم (5) – تمثال الأسد كما يرى من جهة الجنوب. مصدر الصورة: كلاوس واجينسونر.

من الواضح أنَّ المعبد كان بحدّ ذاته الهدف الصوري في تدريبات إطلاق النار تلك التي نفذتها الجبهة الوطنية للتحرير. حيث يلاحظ في الفيديو، ابتداءً من الدقيقة 0:37 كيف أنَّ المقاتلين الذين يتمركزون في نقطة تفتيش تقع إلى الشمال الشرقي من معبد عين دارة، يوجهون نيران بنادقهم نحو أعلى التل.

صورة رقم (6) – صورة مأخوذة من مقطع الفيديو الذي نشرته شبكة نداء الإخبارية، تظهر مقاتلين في قاعدة تل عين دارة.

صورة رقم (7) – موقع الصورة المأخوذة من الفيديو. الصورة مأخوذة من قبل ماكسار تكنولوجيز يوم السبت 3 حزيران/يونيو 2018.

هذه الزاوية (في الصورة القادمة) تظهر بشكل واضح كل من سياج الأمان الذي يطوق الموقع الأثري وطريق ترابي محفور حديثاً يؤدي إلى قمة التل. في الدقيقة 1:34 يظهر مجموعة من الجنود يقتربون ويتسلقون التل من الجهة الشمالية الغربية. بين الدقيقة 2:12 و الدقيقة 2:36 يظهر مقاتلو الجبهة الوطنية للتحرير وهم يقتربون من المعبد من جهة الخلف ويقومون بإطلاق النار والقاء القنابل اليدوية في بناء الهيكل نفسه.

صورة رقم (8) – مقاتل في الجبهة الوطنية للتحرير يلقي قنبلة يدوية على مقربة من المعبد.

صورة رقم (9) – قنبلة يدوية تمّ رميها من قبل مقاتل من الجبهة الوطنية للتحرير كان متمركزاً بجوار المعبد خلال التدريبات.

صورة رقم (10) – مقاتل من الجبهة الوطنية للتحرير يطلق النار من بندقيته إلى داخل المعبد.

هذه ليست المرة الأولى التي يتعرّض بها موقع عين دارة الأثري للضرر خلال الحرب. فالمعبد الذي يقع على بعد أكثر من كيلومتر من أقرب مستوطنة كان قد استُهدف بقصف جوي في شهر كانون الثاني/يناير 2018 وذلك خلال الثلاثة أيام الأولى من عملية “غصن الزيتون” التي قامت تركيا بشنّها على المنطقة.

صورة رقم (11) – مقطع فيديو نشرته وكالة أنباء هاوار يظهر الأضرار التي لحقت بالمعبد جراء الضربة الجوية التي استهدفته في شهر كانون الثاني/يناير 2018.

توصّل تحقيق أجرته “مبادرات التراث الثقافي [4]ASOR ” إلى أنَّ الانفجارات كانت قد الحقت أضراراً بالغة بالجزئين الأوسط والجنوبي الشرقي للمعبد، بما فيهم من تماثيل ومجسمات شهيرة. وقد أشار التقرير نفسه إلى تورّط القوّات الجوية التركية في الهجوم، الذي رجّح أن يكون قد استخدم فيه ذخائر الهجوم المباشر المشترك الموجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، الأمر الذي يجزم أنّ منطقة المعبد كانت قد استهدفت بشكل مباشر.

صورة رقم (12) – صورتين مأخوذتين بواسطة الأقمار الاصطناعية الأولى بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2017، والثانية بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير 2018، تُظهران التغيرات التي حدثت في الموقع الأثري، ويبدو واضحاً مكان الغارة الجويّة التي شنّتها القوات التركية في الأيام الثلاث الأولى لعملية “غصن الزيتون” والتي بدأتها تركيا مع فصائل المعارضة السوريّة بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2018.

كما أنَّ تل عين دارة كان أيضاً مسرحاً لبعض أعمال البناء مؤخراً. حيث أنّه ومنذ شهر كانون الأول/ديسمبر 2018 تم تجريف الأرض في أعلى التل حول المعبد ما جعلها  مغطّاة بالتراب.

صورة رقم (13) – صورتين مأخوذتين بواسطة الأقمار الاصطناعية، الأولى بتاريخ 22 آب/أغسطس 2018، والثاني بتاريخ 21 آب/أغسطس 2019، تُظهران التغيرات التي حصلت في محيط المعبد الأثري، والذي يبدو واضحاً أنّه تعرّض لعملية تجريف.

صورة رقم (14) – صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة تُظهر  عمليات التجريف التي تعرّض لها جزء من موقع عين دارا الأثري. وقد التقطت بتاريخ 21 آب/أغسطس 2019. المصدر: TerraServer, Digital Globe

تظهر آثار سيارات البناء بشكل واضح على الوجه الشمالي الشرقي للتل من خلال صور الأقمار الصناعية التي تم التقاطها خلال هذه الفترة، ويظهر فيها ذلك الطريق المذكور أعلاه، والذي تم حفره في الفترة ما بين 22 و 24 أيار/مايو 2019. وفي 10 تموز/يوليو 2019، اتَّهمت وزارة الثقافة السورية تركيا باستخدام الجرافات لسرقة وتدمير المواقع الأثرية في منطقة عفرين، ونشرت ثلاث صور لمعبد عين دارة.[5]

صورة رقم (15) – صورة نشرتها وزارة الثقافة السورية تظهر تمثالاً لأسد في عين دارة يتم أخذ قياساته.

صورة رقم (16) – صورة نشرتها وزارة الثقافة السورية تظهر تمثال الأسد الكبير الذي يتموضع أساساً على الجانب الجنوبي من التل وهو مغمور بالتراب.

صورتان تظهران تماثيل لأسود يتم أخذ قياساتهم، أحدهم يصل طوله إلى أكثر من 330 سنتمتر ومن الواضح أنّه تمثال الأسد البازلتي الشهير الواقع على الجانب الجنوبي الغربي من التل. كان التمثال سابقاً يقف منتصباً على الحصى، لكنّه يظهر هنا مغطى جزئيّاً بالتراب الذي تم تجريفه حديثاً.

صورة رقم (17) – صورة لتمثال الأسد الكبير مأخوذة عام 2005 (مصدر الصورة: كلاوس واجينسونر).

صورة رقم (18) – صورة أخرى تظهر جرّافة وهي تقوم بجرف التربة إلى أعلى التل مع وجود لتمثال مجهول الهوية ملقى على جانبه في المقدمة. ويذكر أنّه من غير المعروف ماذا حلَّ بهذه التماثيل بعد التقاط هذه الصور.

صورة رقم (19) – صورة تحدد الموقع الجغرافي للجرافة.

صورة رقم (20) – صورة مأخوذة من مقطع الفيديو الذي نشرته شبكة نداء سوريا الإخبارية.

تشكّلت الجبهة الوطنية للتحرير، في شهر أيار/مايو عام 2018،[6] وهي ائتلاف معارض مدعوم من قبل تركيا ينشط بشكل كبير في إدلب. تتألف الجبهة من عدة جماعات إسلامية وفصائل تابعة للجيش السوري الحر، بما فيها فيلق الشام وأحرار الشام وجيش إدلب الحر. ونظراً لتركيز وسائل الإعلام الخاصة بالجبهة بشكل كامل تقريباً على نقل أخبار المعارك مع النظام، فهي لا تشهر عن وجودها في عفرين. بيد أنّ فيلق الشام كان واحداً من أبرز الفصائل التي شاركت في عملية غصن الزيتون عام 2018، والتي جرت عملياتها العسكرية بشكل رئيسي على طول الحدود بين عفرين وإدلب والتي لا تبعد كثيراً عن عين دارة.

هذا الحادث هو مثال آخر على الاستخفاف السافر لتركيا وحلفاؤها بالتراث الثقافي المحلي في عفرين. إنَّ تدمير هذه المواقع التراثية يعتبر جريمة حرب في نظر المحكمة الجنائية الدولية،[7] وقد أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مثل هذه الأفعال مؤخراً في عام 2017.[8] وفي الوقت الذي لم يتوضح فيه بعد الغرض من مشروع البناء الجاري تنفيذه على تل عين دارة، فإنَّ حقيقة استخدام المعبد الذي يعود تاريخه إلى العصر الحديدي كساحة تدريب من قبل الجماعات المسلحة المدعومة من قبل تركيا هو بحد ذاته دلالة تبعث على القلق.


[1] تدريب بالذخيرة الحية لمقاتلين من القوات الخاصة في الجبهة الوطنية للتحرير متخرجين حديثاً، نداء سوريا، 20 أيلول/سبتمبر 2019. (آخر زيارة للرابط: 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2019)  .https://www.youtube.com/watch?reload=9&v=jKfmMgJg6cU

[2] معبد أثري شهير آخر ضحايا الحرب الأهلية، ناشونال جيوغرافيك، 30 كانون الثاني/يناير 2018 (آخر زيارة للرابط: 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2019). https://www.nationalgeographic.com/news/2018/01/syria-temple-ain-dara-destroyed-archaeology/.

[3] تقرير خاص:الوضع الحالي في معبد تل عين دارة1، مبادرات التراث الثقافي التابعة ASOR: مبادرة حماية تراث الشرق الأدنى، الإصدار الأول: 2 آذار/مارس 2018 تم تحديثه في: 7 آذار/مارس2018، (آخر زيارة للرابط: 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2019). http://www.asor.org/chi/reports/special-reports/tell-ain-dara-temple.

 [4] تقرير خاص:الوضع الحالي في معبد تل عين دارة1، مبادرات التراث الثقافي التابعة ASOR: مبادرة حماية تراث الشرق الأدنى، الإصدار الأول: 2 آذار/مارس 2018 تم تحديثه في: 7 آذار/مارس2018، (آخر زيارة للرابط: 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2019). http://www.asor.org/chi/reports/special-reports/tell-ain-dara-temple.

[5] قوات الاحتلال التركي تستخدم الجرافات الثقيلة لسرقة وتدمير المواقع الأثرية في منطقة عفرين، وزارة الثقافة السورية، 11 تموز/يوليو 2019، (آخر زيارة للرابط: 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2019) http://moc.gov.sy/2019/07/11/%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA/.

[6] 11 فصيلًا يشكلون “الجبهة الوطنية للتحرير” في إدلب، عنب بلدي، 5 أيار/مايو 2018، (آخر زيارة للرابط: 28 أيلول/سبتمبر 2019) https://www.enabbaladi.net/archives/231479.

[7] ورقة معلومات أساسية عن قضية أحمد الفقي المهدي، المحكمة الجنائية الدولية، 12 كانون الثاني/يناير 2016، (آخر زيارة للرابط: 28 أيلول/سبتمبر 2019) https://www.icc-cpi.int/CaseInformationSheets/AlMahdiAra.pdf.

[8] مجلس الأمن يدين تدمير وتهريب التراث الثقافي من قبل الجماعات الإرهابية ، ويعتمد بالإجماع القرار 2347 (2017)، موقع الأمم المتحدة، 24 آذار/مارس 2017، (آخر زيارة للرابط: 28 أيلول/سبتمبر 2019) https://www.un.org/press/en/2017/sc12764.doc.htm.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

1 تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد