الرئيسية قصص مكتوبة “كانوا يتحدثون عن مكتومي القيد بنوع من الازدراء والشفقة”

“كانوا يتحدثون عن مكتومي القيد بنوع من الازدراء والشفقة”

قصة "دوران إبراهيم خليل" أحد الكرد السوريين المحرومين من الجنسية بسبب الإحصاء الاستثنائي في العام 1962

بواسطة bassamalahmed
1.4K مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

لم ينجح “دوران إبراهيم خليل” في تسوية وضعه القانوني كـ”مكتوم قيد” والحصول على الجنسية السورية، رغم مرور 57 عاماً على الإحصاء الاستثنائي الذي حدث في العام عام 1962، والذي جُرّد/حرم بموجبه عشرات آلاف الكرد السوريين من الجنسية السورية ومن كافّة حقوق المواطنة، حيث بقي وأشقاؤه الخمسة كالكثيرين غيرهم بانتظار تحقيق حلم الحصول على الجنسية السورية.

“دوران إبراهيم خليل” من مواليد بلدة “بانه قسري” في منطقة ديريك/المالكية عام 1973، متزوج، ويعمل في مجال “البناء”، اختصر لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[1] مأساة حرمانه من الجنسية قائلاً:

“كان والدي “إبراهيم خليل” مكتوم القيد، فأورثنا هذه المشكلة، وكنا دائماً ما نقول بأننا سنصبح مواطنين لكنّ ذلك كان مجرد كلام، وحين قامت الحكومة السورية بتجنيس الأجانب في العام 2011، بدأنا في ذلك الوقت بالعمل على أوراقنا، فأخبرونا حينها أنهم سيقومون بتجنيس الأجانب أولاً ثمّ يبدؤون بالمكتومين[2]، فقمنا نحن أيضاً بإعداد ملفاتنا وجلب شهود مسنين بحيث يكونون أكبر سناً من والدي كي يذكرونه جيداً، فذهبنا إلى الحسكة، وتحديداً إلى لجنة تحديد الأعمار، وأنهينا الأوراق هناك ثم قدمنا إلى ديريك/ المالكية وثبتنا زواج والدي ووالدتي (المواطنة)، وأخذنا شهودا مسنين مرة أخرى فشهدوا أنّ والدي مكتوم وأنّ أولاده كذلك. أذكر حينها أنّ والدي كان مصاباً بجلطة دماغية وكان لا يستطيع الحديث، وحين ذهبنا إلى الحسكة من أجل الأوراق، أخذناه بواسطة الفان وكان مستلقياً، وحين تمّ الانتهاء من أوراق الأجانب تقدّمنا بأوراقنا وحدثت بعض المشاكل في دير الزور وحينها احترقت بعض دوائر النفوس والهجرة والجوازات لا أدري ما الذي حصل لها، حيث توقف بريد الدوائر الحكومية حينها وضاعت أوراق الكثير من الناس، لذا توقفنا لمدة طويلة فهذه الأوراق مهمة جداً بالنسبة لنا، لأننا لن نستطيع جلب ذات الشهود دائماً وكذلك الحصول على الأختام، لذا لم نرد التفريط بهذه الأوراق، وعلى الرغم من ذلك حاولنا مراراً الحصول على هذه الأوراق عبر محامين لكن دون جدوى.”

عاودت عائلة “دوران” العمل على وضعها القانوني في العام 2018، حيث تواصلوا مع أحد المحامين، وبقيت الأوراق عنده حوالي ستة أشهر لكن دونما فائدة، وحول الصعوبات التي واجهتها عائلة “دوران” نتيجة ذلك، روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

“حين كنا نذهب إلى دمشق لم يكن من المسموح لنا المبيت في الفنادق، وكانت وضعنا القانوني عائقاً كبيراً أمامنا، وحين كنا ندرس المرحلة الإعدادية في ديرك/ المالكية كان هناك مادة تدعى التربية العسكرية وكان فيها تدريباً عسكريا من قبل الحكومة السورية، لكنّ المعلمين كانوا يقولون لنا: “أنتم مكتومو القيد تنحوا جانباً” وكانوا يأخذون المواطنين فقط، كما أنني لم أستطع تثبيت زواجي في الدوائر الحكومية، وإذا ما أصبح لي أولاد فلن أتمكن من تسجيلهم على اسمي، وهذه كلها مصاعب تعترضني وتعترض حياتي اليومية، وحتى المنزل الذي نسكنه ليس مسجّلاً على اسمي بل على اسم والدتي لأنها مواطنة، كما أذكر بأنه حين كان يقوم الشاب بخطبة واحدة من الفتيات ليتزوجها كانوا يسألون عن وضعه هل هو مكتوم أو أجنبي أو مواطن وقد سمعت مثل هذا الكلام بأذني، فكانوا يقولون: “نعم إن هذا الشاب أجنبي أو مكتوم” بنوع من الازدراء المبطن أو الشفقة، وهذا الشيء مسّني شخصياً لأنّ هذا الأمر يكسر قلب الإنسان، وهو إحساس سيء جداً.”

كانت عائلة “دوران” محرومة من كافة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، نتيجة وضعها القانوني، حتى أنّ والده كان يأمل في أحد الأيام أن يصبح حارساً لدى إحدى الدوائر الحكومية، لكن حلمه المتواضع لم يتحقق لكونه “مكتوم القيد”، وتابع “دوران” قائلاً في هذا الصدد:

“بالنسبة للدراسة فقد أكملت تعليمي حتى المرحلة الثانوية، وعلى اعتبار أنني كنت كبير العائلة وأوضاعنا الاقتصادية سيئة، فقد كان عليّ أن أترك الدراسة في سبيل العمل، وما ساعدني في اتخاذ هذا القرار بسرعة هو أنني مكتوم، فحتى لو أكملت دراستي لم أكن لأستفيد شيئاً، واليوم أنا أعمل مع أحد أصدقائي من القرية في مجال العمار في مدينة ديرك/ المالكية.”

 


 

[1] تمّت مقابلة الشاهد بشكل مباشر من قبل الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في أواخر أيلول/سبتمبر 2019.

[2]  بعد اندلاع الاحتجاجات السلمية في سوريا، والمطالبة بإجراء إصلاحات شاملة في البلاد صدر المرسوم التشريعي رقم (49) بتاريخ 7 نيسان/أبريل 2011، إذ نشر موقع مجلس الشعب السوري مرسوماً تشريعياً معنوناً بـ (منح الجنسية العربية السورية للمسجلين في سجلات أجانب الحسكة) جاء في مواده ما يلي:

المادة  1: يُمنح المُسجلون في سجلات أجانب الحسكة الجنسية العربية السورية.

المادة 2: يُصدر وزير الداخلية القرارات المتضمنة للتعليمات التنفيذية لهذا المرسوم.

المادة 3: يُعتبر هذا المرسوم نافذاً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

وبعد عدّة أشهر من صدور المرسوم رقم (49) من العام 2011، نُشرت أخبار بخصوص قرار وزاري يقضي بمعاملة فئة مكتومي القيد نفس معاملة الأجانب (فيما يخصّ الحصول على الجنسية)، إلّا أنّه وعند مراجعة العديد من الأشخاص المكتومين لدوائر السجل المدني/النفوس، كان الرد يأتيهم بعدم إنكار القرار والتأكيد على صدوره، ولكن عدم معرفة الجهة التي سوف تتولى تنفيذه.

للمزيد اقرأ: “المواطنة السورية المفقودة. منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 15 أيلول/سبتمبر 2018. (آخر زيارة للرابط 1 تشرين الأول/أكتوبر 2019). https://stj-sy.org/ar/746/.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد