الرئيسية صحافة حقوق الإنسان سوريا: الشابة آيات الرفاعي ضحية الأسرة والمجتمع والقانون

سوريا: الشابة آيات الرفاعي ضحية الأسرة والمجتمع والقانون

يجب إصدار قانون خاص بالقضاء على العنف ضدّ المرأة في سوريا، بحيث يشمل مختلف أنواع العنف القائم على أساس التمييز بين الجنسين، مثل العنف المادي أو المعنوي أو الجنسي أو الاقتصادي أو السياسي

بواسطة communication
260 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

بتاريخ 8 تشرين الأول/نوفمبر 2022، نشرت صحيفة “الوطن” المقربة من الحكومة السورية على صفحتها الرسمية أن محكمة الجنايات الأولى في دمشق أصدرت حكماً قابلاً للطعن بحق الجناة المسؤولين عن مقتل الشابة السورية (آيات الرفاعي)، وهم: زوج آيات الرفاعي والده ووالدته.

وجاء في الخبر: “أصدرت محكمة الجنايات الأولى في دمشق حكماً بالسجن سبع سنوات بحق زوج آيات الرفاعي ووالده مع تجريمهما بالضرب المفضي إلى الموت مع الحكم بالتعويض الشخصي لذوي آيات وقدره 15 مليون ليرة (سورية)، في حين صدر الحكم بحق والدة الزوج بإطلاق سراحها مع الاكتفاء بالمدة التي قضتها خلال الفترة الماضية”.

وتأكيداً لمنطوق الحكم الصادر عن المحكمة، فقد تحدث المحامي العام الأول “محمد أديب المهايني” للصحيفة عن التكييف القانوني للجرم الذي ارتكبه زوج الضحية ووالده بحق “آيات الرفاعي” قائلاً أنه فعل تنطبق عليه أركان جرم الضرب المفضي للموت وليس أركان جرم القتل القصد، وبالتالي فإنه يرى أن قرار المحكمة جاء وفق القانون والأصول. كذلك أشار المحامي إلى حق ذوي الضحية بالطعن أمام محكمة النقض خلال ثلاثين يوماً.

وكانت وزارة الداخلية السورية قد نشرت يوم 4 كانون الثاني/يناير 2022 منشوراً على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك عرضت فيه تفاصيل قضية الشابة “آيات الرفاعي” يوم 31 كانون الأول/ديسمبر 2021، ووضحت أن والدَي آيات قدما ادعاءً بحق زوج ابنتهم لأن الأخيرة كانت تتعرض للضرب والمعاملة السيئة من قبل زوجها وعائلته.

أشار المنشور إلى أن الزوج ووالديه اعترفوا[1] بتعنيفهم المستمر للضحية بغاية تأديبها، وأكدوا على ضرب الوالد لها مرتين يوم وفاتها بواسطة عصا خشبية وأخرى برأسها دبابيس حديدية.

كما أقر الزوج أنه ضرب رأسها بالحائط، ثم تركها بالغرفة فاقدةً للوعي. بحسب اعترافات المتهمين كانوا قد حاولوا إنعاشها بعد ساعة إلا أنها لم تستيقظ فنقلوها إلى المستشفى، ولكنها كانت قد توفيت بالفعل بحسب إفادة الطبيبة المسعفة المشار إليها في المنشور.

وكان الحساب الرسمي لوزارة الداخلية السورية قد نشر بتاريخ 4 كانون الثاني/يناير 2022 معلومات حول جريمة قتل (أيات الرفاعي/ 19 عاماً)، في حي المجتهد في العاصمة دمشق، ووقعت حادثة القتل مساء يوم 31 كانون الثاني/يناير 2021، أي عيشة رأس السنة الجديدة، حيث أقدم زوج الضحية وأهله على ضربها بعنف أدى إلى إصابة في الرأس، ثم تركوها ملقاة في الغرفة ولم يقم أحد بإسعافها، لتتوفى بعد نحو ساعة ونصف من الحادثة. وتصدر وسم #حق_آيات_الرفاعي وسائل التواصل الاجتماعي آنذاك ونشرت عدة تقارير إعلامية حول الجريمة، وألقت السلطات السورية القبض على زوج الضحية ووالديه المشاركين في الجريمة وتم إحالتهما إلى القضاء أصولاً.

موقف القانون السوري من قضية آيات الرفاعي:

يميز قانون العقوبات العام 148 لعام 1949 ما بين جريمة القتل القصد الواردة في (المادة 533) وجريمة الإيذاء المفضي إلى الموت (المادة 536) حيث يتمثل الفرق بشكل أساسي في القصد الجرمي من الفعل أي نية وإرادة مرتكب الفعل ارتكابه رغم معرفته أنه يعد جريمة.

تنص المادة 533 على أن: “من قتل انساناً قصداً عوقب بالأشغال الشاقة من خمس عشرة سنة إلى عشرين سنة”.

بينما جاء نص المادة 536 كالآتي: “1ـ من سبب موت انسان من غير قصد القتل بالضرب أو بالعنف أو بالشدة أو بأي عمل آخر مقصود عوقب بالأشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل. 2ـ ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات إذا اقترن الفعل باحدى الحالات المنصوص عليها في المادتين السابقتين”.[2]

لا يوجد قانون خاص بالعنف الأسري في سوريا، كما لا توجد أي مادة مستقلّة في قانون العقوبات السوري خاصّة بالعنف المنزلي أو العنف المبني على النوع الاجتماعي، وهو بالنتيجة غير مجرم بحد ذاته (باستثناء المادتين 544 و529 من قانون العقوبات العام اللتين تعاقبان على التسبب بإجهاض امرأة حامل).

عجز القانون عن تحقيق العدالة في جرائم العنف الأسري:

     حادثة مقتل “آيات الرفاعي”، والتي جاءت كنتيجة لتعنيفها وضربها ضرباً مبرحاً من قبل شريكها وعائلته عن قصد، ليست إلا واحدة من حالات كثيرة تتعرض فيها الفتيات والنساء السوريات للعنف الأسري، حيث ما زالت النصوص القانونية الجزائية عاجزة عن التعامل بشكل خاص مع العنف ضد المرأة.

يوجد في قانون العقوبات العام السوري عدة مواد تمنع وتجرم ضرب الأشخاص بشكل عام (منها المواد 540، 541، 542، 543) ولكنها غير خاصة بالعنف أو الإيذاء الواقع على النساء/المرأة، أي كما ذكرنا سابقاً لا يوجد نص صريح يجرم ضرب وإيذاء المرأة بشكل خاص وواضح.

ومن الجانب العملي، قيدت النصوص القانونية قدرة القاضي على اتخاذ قرارات أو تدابير تنصف النساء المتعرضات للعنف المنزلي، ففي بعض الحالات يضطر القاضي مثلاً إلى إصدار قرار بحفظ الشكوى كما هو الحال إذا تنازلت المراة عن الشكوى، وكان التقرير الطبي يشير إلى أن العنف الذي تعرضت له المراة لا ينجم عنه تعطيل عن العمل لمدة تزيد عن عشرة أيام.

توصيات ومقترحات:

  • إصدار قانون خاص بالقضاء على العنف ضدّ المرأة في سوريا، بحيث يشمل مختلف أنواع العنف القائم على أساس التمييز بين الجنسين، مثل العنف المادي أو المعنوي أو الجنسي أو الاقتصادي أو السياسي.
  • ضرورة اتخاذ تدابير وقائية كتوجيه وزارة الصحة السورية بوضع برامج لتدريب الطواقم الطبية على كيفية كشف وتقييم ومنع العنف ضد النساء.
  • إنشاء وحدات للعنف الأسري داخل قوات الأمن الجنائي لمعالجة شكاوى العنف الأسري، كتلك الموجودة في القانون التونسي رقم 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة.
  • إلغاء تحفظات الدولة السورية على اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة).
  • اتباع مقاربة شاملة أثناء التعاطي مع قضايا العنف ضدّ النساء، بحيث يقوم على التصدّي لمختلف أشكال العنف، في مختلف المناطق السورية، وحماية الضحايا.
  • رفع الوعي المجتمعي بحقوق الإنسان عموماً وحقوق المرأة خصوصاً، والتأكيد على ثقافة المساواة بين المرأة والرجل، ونبذ الثقافة النمطية التي تكرس أشكال التمييز والعنف المبني على النوع الاجتماعي.

[1] يمكن الاطلاع على فيديو اعتراف المتهمين على قناة جريدة الوطن على موقع يوتيوب. نشر في 6 كانون الثاني/يناير 2022. تم الاطلاع عليه في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، متاح عبر الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=iz5Pp801cXU

[2] والمقصود بالمادتين السابقتين: المادة 534 التي تنص على أنه يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة على القتل قصداً إذا ارتكب للسبب سافل، أو تمهيداً لجنحة أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها أو تسهيلاً لفرار المحرضين على تلك الجنحة أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب، أو إذا ارتكب القتل القصد للحصول على المنفعة، أو إن كانت الضحية موظف أثناء ممارسته وظيفته أو في معرض ممارسته لها، أو كان حدثاً دون الخامسة عشرة من عمره، أو إن وقعت الجريمة على شخصين أو أكثر، أو في حالة إقدام المجرم على أعمال التعذيب أو الشراسة نحو الأشخاص. أما المادة 535 فقد تشددت في مسألة القتل القصد لتصل العقوبة إلى الإعدام في بعض الحالات ومنها: إذا ارتكب القتل عن عمد أو تمهيداً لجناية أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها أو تسهيلاً لفرار المحرضين على تلك الجناية أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب أو في حال وقوعها على أحد أصول المجرم أو فروعه.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد