الرئيسية تحقيقات مواضيعية مناشدات لإنقاذ عشرات آلاف المدنيين في قرى وادي بردى ومخاوف من وقوع “كارثة مائية” حقيقية

مناشدات لإنقاذ عشرات آلاف المدنيين في قرى وادي بردى ومخاوف من وقوع “كارثة مائية” حقيقية

بواسطة wael.m
517 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

في بيان تلقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة نسخة منه، ناشدت فعاليات ومؤسسات مدنية في وادي بردى –ريف العاصمة دمشق- المجتمع الدولي وحكومات الدول لتحمل مسؤلياتها في حماية مدنيي قرى الوادي والتدخل لإنقاذ ما تبقّى من مؤسسة "عين الفيجة" التي تزّود ملايين الناس بمياه الشرب في سوريا. وجاءت هذه المناشدات عقب تجدد العمليات العسكرية وعمليات القصف العشوائي التي بدأت بها قوات النظام بعد عدّة أيام من تهجير عشرات الآلاف من سكّان حلب الشرقية.

ويُعتبر وادي بردى أحد الوديان المشهورة في سوريا، ويحتوي على (13) قرية، منها عشرة قرى تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلّحة وهي: بسّيمة وعين الفيجة ودير مقرن وكفير الزيت ودير قانون والحسينية وكفر العواميد وقرية برهليا وسوق وادي بردى وإفره، وثلاث قرى خاضعة لسيطرة قوات النظام وهي (جديدة وادي بردى وأشرفية وادي بردى وهريرة)، ويحتوي الوادي على نبع عين الفيجة الذي يروي العاصمة دمشق وضواحيها بمياه الشرب وهو يُعتبر شريان العاصمة دمشق.

يقدّر النشطاء عدد المدنيين المتواجدين حالياً في الوادي ما بين تسعين إلى مائة ألف مدني، من ضمنهم آلاف النازحين داخلياً من قرى هريرة وإفرة. وفي تقديرات لنشطاء آخرين فإنّ العدد يتجاوز المئة ألف مدني.

قرى وبلدات وادي بردى في ريف العاصمة دمشق

كانت منطقة وادي بردى قد تعرّضت لهجمات مشابهة في آب/أغسطس من العام الماضي 2015، بعد محاولة قوات النظام السيطرة على الوادي وأدى فشل العملية إلى توقيع اتفاق هدنة مع فصائل المعارضة المسلّحة حيث استمرت هذه الهدنة حتى منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 2016، وبحسب نشطاء من المدينة فإنّ أبرز بنود الهدنة كانت السماح بتزويد العاصمة بمياة عين الفيجة مقابل السماح للغذاء بالدخول إلى الوادي إضافة إلى "أمان الوادي".

بدأت المحاولات الجديدة للجيش النظامي السوري بعد إشارات ودعوات ومطالبات لتسليم الوادي وكانت هنالك مفاوضات جارية ما بين فصائل المعارضة المسلّحة من جهة وقوات النظام من جهة أخرى بإدارة ضابط رفيع المستوى في الجيش النظامي السوري (من أبناء الوادي)، إلاّ أنّها باءت بالفشل بسبب إصرار قوات النظام على تسليم الوادي وإخراج مقاتلين محليين وترحيلهم مع عائلاتهم نحو الشمال السوري وتحديداً محافظة إدلب حيث رآه العديد من نشطاء وسكان المنطقة أنّه تكرار لسيناريو عدّة مناطق أخرى مثل الزبداني وداريا والوعر وحلب وغيرها وهي محاولة لإحداث تغيرات ديمغرافية على أساس طائفي بحسب قول الأهالي كجزء من مخطط "حزام دمشق" الذي تخطط له قوات النظام.

وبحسب نشطاء موجودين في الوادي، فقد سبق عمليات القصف الشديد بالبراميل المتفجرة لقرى الوادي بيومين، استهداف الأهالي بالقناصات وإطلاق النار بواسطة الرشاشات الثقيلة بشكل عشوائي وأحياناُ كان يتمّ استهداف المدنيين بشكل متعمّد، وبتاريخ 22 كانون الأول/ديسمبر بدأت عمليات القصف المكثف بواسطة البراميل المتفجرة وقصف بواسطة الطيران الحربي وبصواريخ أرض –أرض وصواريخ فيل التي انطلقت من الوحدات العسكرية التابعة للحرس الجمهوري والتي تتمركز في الجبال المحيطة بالوادي والتي تطل عليه بشكل مباشر.

كانت قرية بسّيمة إحدى القرى التي شملتها عمليات القصف الأولى بواسطة البراميل المتفجرة، بعد أن أغار الطيران الحربي خمس مرات على القرية بحسب نشطاء من داخل المنطقة، وذلك مع استمرار عمليات القنص والاستهدافات بالرشاشات الثقيلة لمناطق أخرى مثل منشأة نبع عين الفيجة وقرية كفير الزيت وغيرها.

وكانت الهيئة الإعلامية في وادي بردى قد نشرت مقطع فيديو يوم الخميس 22 كانون الأول/ديسمبر 2016 يظهر احتراق بعض المنازل بسبب قصفها بمواد قال نشطاء أنّها مواد حارقة. وانتهى ذلك اليوم بسقوط عشرات البراميل المتفجّرة على قرى وبلدات الوادي.

عضو الهيئة الطبّية في وادي بردى (نصر الشامي) قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أنّه وعند بداية الثورة قام العديد من شباب القرية بحماية نبع عين الفيجة خوفاً من العبث بها سواء من قوات النظام أو من المخرّبين بشكل عام إضافة إلى محاولة حماية قراهم خوفاً من الفوضى، إلاّ أنّ قوات النظام شنّت وبتاريخ 1 شباط/فبراير 2012 شنّ حملّة برية على الوادي انطلاقاً من قرية جديدة الوادي، حيث دارت معركة مع قوات المعارضة المسلّحة حيث تمّ عقد اتفاق فحواه المياه مقابل أمان وادي بردى "الأمن المائي للعاصمة دمشق مقابل أمن الوادي".

ثم شهد الوادي بعدها عدّة حملات عسكرية أخرى منها في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2014 خسرت فيها قوات النظام خسائر كبيرة بسبب استخدام المعارضة ورقة المياه مرة أخرى كورقة ضغط على قوات النظام.

 وأضاف نصر:

 "الحملة الأخيرة التي حدثت قبل الحملة العسكرية هذه، كانت متزامنة مع حملة النظام على مدينة الزبداني في العام المنصرم 2015، وتمّ التوصل مرة أخرى إلى اتفاق مشابه يقضي بوقف القصف مقابل إعادة المياه التي قامت قوات المعارضة بقطعها بعد اعتداءات قوات النظام والميليشيات التي تقاتل معه، وكان رد النظام عنيفاً جداً وقتها. وفي الأشهر المنصرمة زادت خروقات النظام ضدّ التجمعات السكنية، حتى تفاجئنا يوم الخميس 22 كانون الأول/ديسمبر 2016 بقصف حربي عنيف على قرية بسيمة أدى إلى تدمير عدّة منازل وجزء من مسجد القرية، ثم قام النظام في اليوم التالي 23 كانون الأول/ديسمبر 2016 بحملة شرسة جداً على الوادي، وتتلخص أحداث الحملة الأخيرة المستمرة حالياً بقصف المنطقة الغربية من قرية عين الفيجة وقد حدث ذلك في يوم الجمعة 23 كانون الأول/ديسمبر 2016 وقام بعد ذلك باستهداف نبع عين الفيجة، وسقط ما لا يقلل عن (55) برميل متفجر أدى إلى خروج منشأة النبع عن الخدمة إضافة إلى الهيئة الطبّية إضافة إلى دمار كبير جداً في القرية." 

وكان يوم الجمعة المصادف 23 كانون الأول/ديسمبر أحد أكثر الأيام عنفاً حيث تمّ استهداف قرى وبلدات الوادي بعشرات البراميل المتفجرة منذ ساعات الصباح الأولى، فقد أعلن الدفاع المدني السوري أنّ ما لا يقل عن (66) برميلاً متفجراً بعضها يحمل مواد حارقة سقطت على منازل المدنيين، إضافة إلى (14) غارة من الطيران الحربي والعديد من صواريخ أرض-أرض وصواريخ الفيل، وأدى القصف إلى مقتل وإصابة العشرات من الأشخاص منهم:

(وسيم صوان من قرية بسيمة، وعثمانة حسين عليا من قرية دير قانون وحسين غريبة من قرية كفير الزيت)، أمّا قتلى قرية عين الفيجة فكانوا:

(محمد ضاهر عطايا، حسن حسن عطايا، وليد خالد عارف الحوري، أحمد فوزي رحيمة). وهم كانوا من الشباب الذين كانوا يحرسون نبع الفيجة بحسب نشطاء وقد قتلوا في الاستهداف الأول للنبع.

وسقطت عدّة براميل على منشأة نبع عين الفيجة مما أدى إلى خروج جزء كبير منها خارج الخدمة وتلوث مياه الشرب بمادة المازوت التي تسربت من المضخات ومادة الكلور التي اختلطت مع مياه الشرب الذاهبة إلى دمشق. إضافة إلى خروج نقاط حيوية أخرى عن الخدمة منها بعض النقاط والهيئات الطبّية. وهنالك خوف شديد على تلوث الحوض الرئيسي للنبع في جوف الأرض فقد أدى القصف العنيف إلى تصدّع في طبقات الأرض.

وقد أظهر مقطع فيديو آخر نُشر بتاريخ 24 كانون الأول/ديسمبر 2016 من قبل نشطاء الوادي، آثار الدمار والأضرار المادية التي لحقت العديد من الأماكن في قرية عين الفيجة.

أحمد بردى (38 عام) وأحد متطوعي الدفاع المدني السوري، أكدّ لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة أنّ النظام يحاول السيطرة على منطقة الوادي عسكرياً، حيث قام بتخيير الأهالي ما بين تسليم النبع بشكل كامل أو الخروج إلى إدلب، وقال:

"بلغ عدد الضحايا حتى مساء يوم الاثنين 26 كانون الأول/ديسمبر 2016 ما لا يقل عن (19) قتيلاً وأكثر من خمسين مصاباً، إصابات بعضهم خطيرة، وفي البداية كان هنالك بعض الاستهدافات لبعض المقرات العسكرية لفصائل المعارضة المسلّحة إلاّ أنّ عشرات الغارات الأخرى وعمليات القصف استهدفت مرافق حيوية ومرافق مدنية وبُنى تحتية أو كانت بشكل عشوائي ضد قرى وبلدات الوادي، وتعيش قرى الوادي حصاراً كاملاً بعد أن قطعت قوات النظام الطرق المؤدية إلى الوادي، ومن المهم الإشارة إلى منشأة عين الفيجة خرجت بشكل كامل عن الخدمة بسبب قصف قوات النظام الذي أدّى إلى تضرر كبير العنفات." وأضاف:

"قبل حوالي عدة أيام بدأت محاولات النظام بالسيطرة على قرى الوادي، وأرسل رسائل عن طريق وسطاء مفادها أنه يريد السيطرة على منطقة النبع بالكامل، وحدث أن ذهب ضابط رفيع المستوى في الجيش النظامي السوري (من أبناء الوادي) للتفاوض مع قوات النظام التي رفضت جميع المقترحات وأصرّت على إخلاء المنطقة من الفصائل المسلّحة والتمهيد لإرسالهم مع عائلاتهم باتجاه الشمال السوري "إدلب". وهو ما قوبل بالرفض من قبل فصائل المعارضة المسلّحة المنتشرة في المنطقة والأهالي. حيث بدأت قوات النظام في يومي 19-20 كانون الأول/ديسمبر بعمليات قنص للأهالي تخللها إطلاق رصاص بشكل عشوائي على قرى وبلدات الوادي، ثمّ ما لبث أن بدأ بقصف القرى والمناطق بشكل عنيف جداً."

رافق قصف الطيران حملة برّية من قبل الجيش النظامي السوري إلاّ أنّه لم يستطع الاقتحام من محور قرية بسيمة، ثم قام بمحاولات اقتحام من محاور أخرى (دير قانون والحسينية) بمساعدة قوات من حزب الله اللبناني، وطال القصف مسجد قرية الحسينية مما أدى إلى مقتل عائلة كاملة وإصابة ثمان مدنيين بحسب مصادر لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

يتركز الدمار بشكل أكبر على قرى دير مقرن بحسب نشطاء (حيث بلغت نسبة الدمار فيها بنسبة (15%) بسبب القصف بصواريخ فيل، وقرية عين الفيجية بنسبة (40%) عدا عن خروج منشأة النبع من الخدمة، وقرية بسيمة بنسبة (65%) بسبب القصف العشوائي والاشتباكات الحاصلة في القرية، وقرية كفر الزيت بنسبة (5%).

يتخوف النشطاء من تلوث مخزون المياه بسبب تسرب الكلور و مادة المازوت و الزيت من المحركات الموجودة، واختلاطها بالمياه المتجّهة إلى دمشق، وهنالك تخوف من مصير عشرات الآلاف من المدنيين الموجودين داخل قرى الوادي إضافة إلى مخاوف من حدوث كارثة مائية لا مثيل لها في سوريا.

ومازالت عمليات القصف والاشتباكات مستمرة حتى لحظة إعداد هذا التقرير، وأخبر نشطاء "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" أن استمرار هذا القصف المتواصل يهدد بحدوث كارثة ومجازر حقيقية بحقّ السكان المدنيين والبُنى التحتية.

بعض آثار الدمار نتيجة قصف قوات النظام على ساحة عين الفيجة في الوادي، تاريخ التقاط الصورة 25 كانون الأول/ديسمبر 2016، مصدر الصورة: الدفاع المدني السوري

قصف على قرية عين الفيجة في وادي بردى خلال الحملة الأخيرة – مصدر الصورة: الهيئة الإعلامية في وادي بردى

نسخة عن البيان الذي قامت بنشره مجموعة من الفعاليات والمؤسسات المدنية في قرى وادي بردى.

 

صور حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تظهر الضرر الكبير الذي أصاب منشأة عين الفيجة نتيجة وقصفه من قبل قوات النظام

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد