على الرغم من إعادة فتح المدارس الخاصة التابعة للكنائس المسيحية السريانية والأرمنية شمال شرقي سوريا، بتاريخ 10 أيلول/سبتمبر 2018، إلا أنّ الإدارة الذاتية مازالت تضع العديد من العقبات أمام هذه المدارس، ففي تاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أصدرت إدارة المرور التابعة للإدارة الذاتية، قراراً يقضي بمخالفة العربات التي تقلّ الطلاب إلى مدارس الحكومة السورية في جميع مناطق سيطرة الإدارة الذاتية وخاصةً مدينة القامشلي/قامشلو، كما قامت بتوقيف العديد من هذه العربات بسبب مخالفة هذا القرار.
وبتاريخ 27 أيلول/سبتمبر 2018، أصدرت الإدارة الذاتية تعميماً آخراً إلى جميع العاملين في مؤسساتها، بضرورة الالتزام بإرسال أطفالهم إلى مدارس الإدارة الذاتية، والتقيّد بالسياسة التربوية والمناهج التي تفرضها الإدارة الذاتية، حيث أشارت إلى أنّ كل من يخالف هذه الأحكام والبنود فإنه سوف يتعرض للمساءلة القانونية.
وقبلها وتحديداً بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر 2018، كانت قوات السوتورو التابعة لحزب الاتحاد السرياني والمنضوية تحت لواء الإدارة الذاتية، قد اعتقلت الناشط السرياني "سليمان يوسف"، بعد مداهمة منزله الكائن بمدينة قامشلو/القامشلي، وذلك على خلفية انتقاده لقرار إغلاق مدارس السريان والأرمن من قبل الإدارة الذاتية، قبل أن يتم إطلاق سراحه بتاريخ 4 تشرين الأول/أكتوبر 2018.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد أثارت جملة هذه القرارات غضباَ شعبياً من قبل الأهالي، ولا سيّما مع بداية العام الدراسي الجديد 2018/2019، مشيراً إلى أنّ هنالك معلومات كانت قد وردت منذ تاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر، حول التوصل إلى اتفاق ما بين إدارة الكنائس المسيحية وممثلين عن حزب الاتحاد السرياني، من أجل الإبقاء على منهاج الحكومة السورية كما هي، مع السماح لمؤسسة أولف تاو التابعة للإدارة الذاتية، بإعطاء حصص من المنهاج الذي أعدته كبديل للمنهاج الحكومي، وذلك لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي.
صورة تظهر بيان مؤسسة أولف تاو الثقافية والتابعة للإدارة الذاتية، حول اعتماد الخطة التدريسية لعام 2018-2019.
مصدر الصورة: مؤسسة أولف تاو.
كما لفت الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إلى أنّ مديرية التربية التابعة للحكومة السورية، في محافظة الحسكة، كانت قد أصدرت بياناً بتاريخ 14 تشرين الأول/أكتوبر 2018، حول ضرورة الالتزام بالخطة الدراسية المعممّة لعام 2018/2019، وعدم إنقاص أي حصة دراسية، إضافة إلى عدم تدريس أي منهاج أو مادة إضافية مخالفة لمناهج وزارة التربية التابعة للحكومة السورية.
صورة تظهر القرار الصادر عن مديرية التربية في الحسكة بتاريخ 14 تشرين الأول/أكتوبر 2018.
مصدر الصورة: ناشطون من الحسكة.
ومن الجدير ذكره إلى أنّ الإدارة الذاتية كان قد عمدت إلى إغلاق العديد من المدارس الخاصة التابعة للكنائس المسيحية بما فيها مدارس سريانية وأرمنية، وذلك خلال شهر آب/أغسطس 2018، وذلك بسبب عدم ترخيصها من قبل الإدارة الذاتية وقيامها بتدريس منهاج لا توافق عليه الإدارة الذاتية (منهاج الحكومة السورية)، حيث كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدّت تقريراً حول هذا الموضوع.[1]
أولاً: معاودة افتتاح المدارس واستقبال الطلبة في محافظة الحسكة:
بتاريخ 10 أيلول/سبتمبر 2018، تمّ افتتاح المدارس السريانية والأرمنية الخاصة شمال شرقي سوريا بشكل تدريجي، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق ما بين ممثلين عن الاتحاد السرياني وإدارة الكنائس المسيحية، بما يخوّل هذه المدارس متابعة تدريس منهاجها السابق (منهاج الحكومة السورية)، وذلك بحسب أحد العاملين في "مدرسة الأمل" الخاصة في مدينة ديريك /المالكية، حيث أفاد لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنه تمّ افتتاح كافة المدارس باستثناء فرع "مدرسة الأمل" في مدينة الدرباسية وذلك لأنّ لها "وضعاً خاصاً".
كما تمّت معاودة افتتاح المدارس بالقرب من المربع الأمني وسط مدينة القامشلي/قامشلو، والتي كانت قوات السوتورو التابعة للجهاز الأمني السرياني، قد أغلقتها بتاريخ 28 آب/أغسطس 2018، وتواصلت إدارة عدد من هذه المدارس مع أولياء الطلبة، طالبةً منهم إعادة إرسال أولادهم إلى المدارس لمواصلة عامهم الدراسي.
ومن جهة أخرى، فقد بادرت العديد من العائلات لنقل أبنائهم، من مدارس الإدارة الذاتية في مدن وبلدات الدرباسبة وعامودا وتربسبية/القحطانية وغيرها، لتسجيل أطفالهم في مدارس الحكومة السورية وسط المربع الأمني في مدينة قامشلو/القامشلي، وبذلك أصبحت مدارس الحكومة السورية مكتظة بالطلاب.
ثانياً: قرار بمخالفة العربات التي تقلّ الطلاب لمدارس الحكومة السوريّة:
عقب معاودة افتتاح المدارس السريانية والأرمنية وتحديداً في مدينة القامشلي/قامشلو، اتبعت أغلب العائلات طريقة لاستئجار عربات خاصة تقلّ أطفالهم إلى مدارسهم في المربع الأمني وسط مدينة القامشلي/قامشلو، ولكن سرعان ما قامت قوات الأسايش التابعة للإدارة الذاتية، بإيقاف السيارات التي تقلّ الطلاب إلى المدارس التابعة للحكومة السورية في المدينة، ومنعها من الوصول إليها. إضافة إلى مخالفة أصحاب السيارات التي تقلّ الطلاب وإنزال من فيها من الطلبة، وذلك في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018.
من جانبها أصدرت الإدارة العامة للمرور والتابعة للإدارة الذاتية، تعميماً بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر2018، حيث ذكرت فيه:
"تحجز كل مركبة مهما كانت نوعها وهي تنقل الطلبة من جميع المدن في روجآفا شمال سوريا إلى مدارس النظام، وفقاً للمرسوم الصادر من رئاسة المجلس التنفيذي المتضمن الالتزام والتقيد التام بالسياسة التربوية والتعليمية ومناهج الإدارة الذاتية في روجآفا شمال سوريا، وكل من لا يتقيد بنص التعميم سيتم محاسبته قانونيا حسب الأصول."
صورة تظهر التعميم الصار عن الإدارة العامة للمرور والتابعة للإدارة الذاتية بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2018، حول حجز كل مركبة تقلّ الطلبة إلى مدارس الحكومة السورية في مدينة القامشلي.
مصدر الصورة: صفحة ترافيك روجآفا.
وبناءً على هذا التعميم تمّ منع السيارات التي تقلّ المعلمين أيضاً إلى المدراس الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، في جنوب مدينة القامشلي/قامشلو، بما فيها بعض القرى الجنوبية للمدينة والواقعة على طريق ناحية تل حميس بنحو 35-40 كيلومتر.
وبتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2018، نشرت إدارة المرور التابعة للإدارة الذاتية، قيام مركز مرور مدينة القامشلي/قامشلو بتنفيذ القرار، ومخالفة العديد من أصحاب السيارات التي كانت تقلّ الطلاب من وإلى المدارس.
صورة تظهر قيام عناصر المرور بمخالفة إحدى السيارات التي تقلّ الأطفال إلى مدارس الحكومة السورية في مدينة القامشلي/قامشلو، وذلك في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018.
مصدر الصورة: صفحة ترافيك روجآفا.
صورة تظهر جانباً من رخص القيادة التي تمّت مصادرتها لمخالفتها قرار منع نقل الطلاب إلى مدارس الحكومة السورية في مدينة القامشلي/قامشلو.
مصدر الصورة: "صفحة ترافيك روجآفا".
(ج.م) وهو صاحب أحد المحلات التجارية التي تقع بالقرب من أحد المدارس السريانية بمدينة القامشلي/قامشلو، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ بعض الأطفال أصبحوا يتركون لباسهم ومحفظتهم المدرسية داخل المدرسة، كخطوة احترازية، خوفاً من أن يتم إيقافهم من قبل قوات الأسايش التابعة للإدارة الذاتية.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد أثار قرار إدارة المرور التابعة للإدارة الذاتية والقاضي بمنع وإيقاف العربات التي تقلّ الطلاب إلى مدارس الحكومة السورية، غضب العديد من الأهالي، حيث ذكر (ي.ع) وهو أحد أهالي مدينة القامشلي، بأنّ دورية تابعة للمرور كانت قد أوقفته أثناء نقله لأطفاله وبسيارته الخاصة إلى مدرستهم، حيث قامت الدورية بمصادرة أوراق السيارة، وذلك لمخالفته قرار منع إيصال الطلبة لمدارس الحكومة السورية.
ثالثاً: إلزام أطفال العاملين في مؤسسات الإدارة الذاتية بتعلّم مناهجها:
شهدت مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، حالة من تذمرّ الأهالي، بسبب قيام العديد من موظفي الإدارة الذاتية والعاملين في مؤسساتها بإرسال أطفالهم إلى مدارس الحكومة السورية، وهو ما دفع بالمجلس التنفيذي التابع للإدارة الذاتية، بإصدار تعميم ألزمت فيه جميع العاملين في هيئات ومؤسسات الإدارة الذاتية بالتقيد التام بالسياسة التربوية ومناهج الإدارة الذاتية، حيث ذكر التعميم الذي صدر بتاريخ 27 أيلول/سبتمبر 2018، ما يلي:
"بناءً على أحكام العقد الاجتماعي والكتاب رقم 431 الوارد إلينا من هيئة التربية والتعليم في إقليم الجزيرة، على كافة هيئات ومؤسسات الادارة الذاتية والعاملين فيها الالتزام والتقيد التام بالسياسة التربوية والتعليمية ومناهج الادارة الذاتية في إقليم الجزيرة. بحيث يستثنى منه الصفوف الثانوية التي لم يشملها بعد مناهج الادارة الذاتية /الحادي عشر والثاني عشر."
وأشار التعميم إلى أن كل من يخالف هذه الأحكام والبنود فإنه سوف يتعرض للمساءلة القانونية والمسلكية، كما طلبت الهيئة من كافة مجالس المقاطعة والمدن والبلدات التعاون مع لجان ومديريات هيئة التربية في متابعة وتنفيذ مضمون التعميم اعتباراً من تاريخ صدوره.
صورة تظهر التعميم الصادر عن المجلس التنفيذي التابع للإدارة الذاتية، بتاريخ 27 أيلول/سبتمبر 2018.
مصدر الصورة: هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية.
رابعاً: حادثة اعتقال "سليمان يوسف" المعارض للمناهج السريانية التابعة للإدارة الذاتية:
في سياق متصل، كانت قوات السوتورو التابعة للجهاز الأمني السرياني، قد اعتقلت الناشط السرياني "سليمان يوسف" بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر 2018، وذلك بعد مداهمة منزله الكائن بمدينة قامشلو/القامشلي، بما يقارب الـ20 عنصراً مسلّحاً بحسب تصريح أدلى به يوسف لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وتحديداً بعد إطلاق سراحه مساء يوم الخميس الموافق 4 تشرين الأول/أكتوبر 2018، حيث قال:
"طريقة الاعتقال كانت سيئة جداً، حيث تمّت مداهمة منزلي من قبل أكثر من عشرين مسلحاً، وتمً تفتيش المنزل ومصادرة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بي، وبحسب التحقيقات فأنه تمّ اعتقالي عل خلفية كتاباتي الناقدة لمواقف وسياسة الحزب وبشكل خاص موضوع المدارس والمناهج الدراسية، حيث كان الاستجواب يدور حول كتاباتي فقط."
من جانبها أصدرت القيادة العامة لقوات السوتورو بياناً بتاريخ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2018، ذكرت فيه بأنّ هناك بعض الحالات تجاوزت حق التعبير والاختلاف في الرأي ونقد الآخر، وأصبحت تنتهج ثقافة بعيدة عن أخلاق الصحافة وحرية التعبير. وأشار البيان بأن التعرّض لكرامات الأفراد والجماعات أمر يعاقب عليه. في إشارة منهم إلى الكاتب "سليمان يوسف".
صورة تظهر التعميم الصادر عن قوات السوتورو التابع للاتحاد الشرياني بتاريخ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2018، والذي تحدّثت فيه عن بعض الحالات التي تجاوزت حق التعبير والاختلاف في الرأي ونقد الآخر، في إشارة منها إلى "سليمان يوسف".
مصدر الصورة: صفحة قوات السوتورو.
وكان المكتب الإعلامي للمنظمة الآثورية الديمقراطية، قد نشر بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر 2018، بياناً ذكر فيه أنّ عملية اعتقال "يوسف سليمان" جاءت على خلفية موقفه المعارض لمحاولة الاتحاد السرياني فرض المناهج السريانية على المدارس الخاصة والتابعة للكنيسة السريانية في شمال شرقي سوريا.
صورة تظهر البيان الصادر عن المنظمة الآثورية الديمقراطية، حول حادثة اعتقال "سليمان يوسف"، وذلك بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر 2018.
مصدر الصورة: المكتب الإعلامي للمنظمة الآثورية الديمقراطية.
[1] "الإدارة الذاتية تغلق العديد من المدارس الخاصة "السريانية والأرمنية" شمال شرقي سوريا-آب/أغسطس 2018" سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 10 أيلول/سبتمبر 2018، آخر زيارة بتاريخ 15 تشرين الأول/أكتوبر 2018، https://www.stj-sy.org/ar/view/732.