مقدمة: بعد أن أعلنت فصائل المعارضة السوريّةالمسلّحة في محافظة درعا، عن بدء معركة "الموت ولا المذلة" بتاريخ 12شباط/فبراير2017، بغية السيطرة على حي المنشية الخاضع لسيطرة الجيش النظامي السوري منذ عام 2011، ردّ الأخير مدعوماً بسلاح الجو الروسي بأعنف الغارات التي استهدفت -بشكل عشوائي في معظمها- المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، ما أودى بحياة العديد من المدنيين وأدى إلى خروج العديد من المراكز الطبية والمدارس التعليمية عن الخدمة وذلك بحسب الشهادات والإفادات التي استطاع مراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في درعا جمعها والتحقق منها.
يقع حي المنشية في الجزء الغربي من مدينة درعا، ويبعد مسافة 1,5كم عن المعبر الحدودي مع المملكة الأردنية (الجمرك القديم) والذي تمت السيطرة عليه من قبل فصائل المعارضة السورية المسلحة في تشرين الأول/أكتوبر2013، في حين يقع إلى الشرق منه (معبر نصيب) الذي سيطرت عليه المعارضة المسلحة في نيسان/أبريل 2015، وكلاهما قد أغلقا من الجانب الأردني أمام حركة المسافرين والبضائع نظراً لاشتداد المعارك أثناء السيطرة عليهما، ويبعد هذان المعبران عن بعضهما مسافة 13كم تقريباً.
خارطة توضح موقع حي المنشية في درعا.
كيف بدأت معركة"الموت ولا المذلَة":
كانت فصائل المعارضة السورية المسلحة متمثلة بغرفة عمليات "البنيان المرصوص[1]" والتي شاركت فيها هيئة تحرير الشام [2] (جبهة فتح الشام – جبهة النصرة سابقاً) قد نشرت بياناً شرحت أسباب المعركة والتي تمّ تلخيصها بعدّة أهداف منها:
- السيطرة على حي المنشية والذي يعتبر آخر معاقل الجيش النظامي السوري في درعا البلد.
- القصف العنيف الشبه اليومي الذي تتعرض له الأحياء والقرى الشرقية الخاضعة للمعارضة المسلّحة مثل درعا البلد وطريق السد ومخيم الفلسطينيين وبلدة النعيمة، ولا سيما أن حيي المنشية والسحاري باتا نقطة انطلاق لقذائف الهاون وصواريخ الفيل محلية الصنع وعمليات القنص بحق المدنيين وعناصر المعارضة، ما خلف عشرات القتلى والجرحى واعتبر انتهاكاً للقرارات الدولية والتي كان آخرها إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بضمانات روسية تركية في سوريا بتاريخ 31 كانون الأول/ ديسمبر 2016، حيث وثقت "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" في تقريرلها، مقتل وإصابة العديد من المدنيين في حي درعا البلد نتيجة سقوط صاروخ أرض-أرض(الفيل) مركز انطلاقه حي المنشية التابع لسيطرة النظام.
البيان الذي نشرته غرفة عمليات "البنيان المرصوص" الذي يبين أسباب المعركة والفصائل المشاركة-مصدر الصورة: غرفت العمليات الخاصة "بالبنيان المرصوص".
التقدم البطيء الذي انتهجه الجيش النظامي السوري خلال الفترة الماضية، هو سبب آخر دفع بفصائل المعارضة السورية المسلحة لبدء المعركة كما قال البيان، ولاسيما مع تقدم الجيش النظامي باتجاه معبر الجمرك القديم، والذي يعد شريان الحياة بالنسبة لفصائل المعارضة وخط الإمداد الوحيد لمرور المواد الغذائية والطبية ومرور الأفراد (ذهاباً وإياباً) من الريف الشرقي لمحافظة درعا إلى الريف الغربي لمحافظة درعا وأيضا إلى محافظة القنيطرة، وبينت فصائل المعارضة في معرض حديثها عن الأسباب، أنه وفي حال تمكنت من السيطرة على حي المنشية ستتاح لها فرصة السيطرة على بقية المراكز الأمنية التابعة لسيطرة النظام، نظراً للطبيعة الجغرافية الهامة التي يتميز بها الحي، بما أنه منطقة مرتفعة عن درعا البلد ويطلُ على الأحياء الغربية ومناطق عسكرية تابعة للنظام أهمها المربع الأمني وحاجز "حميدة الطاهر" سيء الصيت والمشهور بالإعدامات الميدانية، بالإضافة إلى اللواء 132 وكتيبة طقطق والقاعدة الجوية.
خارطة توضح حي المنشية ومعبر الجمرك القديم الحدودي مع المملكة الأردنية.
قتلى وجرحى نتيجة قصف الطيران الحربي السوري والروسي:
بتاريخ 12شباط/فبراير2017، خلف القصف العشوائي الذي نفذّه الجيش النظامي السوري على مناطق المعارضة عشرات القتلى والمصابين بين صفوف المدنيين والعديد من عناصر المعارضة المتواجدين على خطوط التماس مع الجيش النظامي السوري.
ووفق مراسل "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، فقد قتل الطفل"محمد هادي عمار الهنداوي المسالمة"في حي السحاري المجاور نتيجة القصف العشوائي على الحي في ذات اليوم، فضلاً عن أن القصف المدفعي طال منازل المدنيين في حي درعا البلد و بلدات الغارية الغربية والغارية الشرقية و بلدة النعيمة بالإضافة إلى بلدتي اليادودة وطفس، و قضى الطفل"عماد جهاد أحمد ذياب" في بلدة المزيريب.
أما في أحياء درعا البلد ومدينة بصرى الشام ومنظقة غرز، فقد وثقت "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" على خلفية الغارات الجوية التي قام بها النظام في ذات اليوم (13) قتيل وعدة جرحى غالبيتهم من عناصر المعارضة السورية المسلحة.
صورة تظهر الدمار الذي حل بمنازل المدنيين نتيجة الغارات الجوية الروسية على مدينة بصرى الشام (صورة خاصّة بمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة- تصوير: علاء الفقير).
خروج عدة مشافي عن الخدمة ومقتل نشطاء إعلاميين نتيجة القصف والغارات الجوية الروسية-السورية:
أكثر من عشرين برميل متفجر وتسعة عشر صاروخ فيل محلي الصنع، كان الجيش النظامي السوري قد ألقاها على أحياء المدنيين في درعا البلد، فضلاً عن عشرين غارة نفذها الطيران الحربي الروسي في اليوم التالي للاشتباكات، أي بتاريخ 13 شباط/فبراير 2017، ماأدى إلى خروج المشفى الميداني عن الخدمة بشكل كامل -وفق ماذكره مراسل "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"- والذي كان يقدم العلاج للعديد من سكان المنطقة الذين أصبحوا يقطعون عشرات الكيلومترات لتلقي الرعاية الصحية في مراكز طبية أخرى بعيدة عن عن نقاط التماس والاشتباك بين فصائل المعارضة السورية والجيش النظامي السوري.
الناشطين الإعلاميين "عمر أحمد أبو نبوت" و"عبد الله نوري الشولي العليان" كانا أحد الضحايا الذي سقطوا في تلك الأيام، وذلك بعد إصابتهما برصاص قناص خلال تغطية الأحداث داخل الحي. حيث حاول النشطاء تحويلهم إلى المملكة الأردنية لتلقي العلاج، لكن عدم السماح لهما من قبل حرس الحدود الأردني بالدخول وتلقي العلاج ضمن مشافي المملكة أدى إلى وفاتهما، كما هوحال العديد من الجرحى الذين منعوا من الدخول أيضاً، حيث أغلقت السلطات الأردنية الحدود أمام الجرحى واللاجئين عقب التفجير الإنتحاري بتاريخ 22حزيران/يونيو2016 والذي ضرب مخيم الركبان الواقع على الحدود السورية-الأردنية وأدى إلى مقتل وجرح عدد من المدنيين.
الناشط الإعلامي عمر أحمد أبو نبوت- مصدر الصورة ناشطين من محافظة درعا.
الناشط الإعلامي عبد الله نوري الشولي العليان- مصدر الصورة نشطاء من درعا.
ونتيجة قصف الجيش النظامي السوري المتواصل بتاريخ 13شباط/فبراير2017، تم تسجيل العديد من الإصابات بين صفوف المدنيين في بلدة صيدا ومنطقة غرز في ريف درعا الشرقي نتيجة قصفها بالبراميل المتفجرة،في حين أعلنت عدة منظمات ومشافٍ ومراكز طبية ومؤسسات مدنية إغلاق مكاتبها وتعليق عملها حفاظاً على سلامة المدنيين، حسب تعبير الدكتور محمد الأحمد(اسم مستعار)وهو مدير أحد المراكز الطبية في ريف درعا الشرقي، حيث تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"قصف الجيش النظامي وحلفائه المستشفيات والمدارس والأفران والتجمعات السكنية بهدف تأليب الحاضنة الشعبية على عناصر المعارضة والضغط عليهم لوقف المعركة المستمرة في حي المنشية، وغزارة القصف المدفعي والغارات الجوية جعل العمل الطبي صعباً جداً بسبب الكم الكبير من المصابين ونوعية الإصابات التي تحتاج لإمكانات عالية جداً".
ووضح الدكتور محمد بأن العديد من المراكز الطبية تم إغلاقها بشكل كامل نتيجة القصف المباشر والغارات الجوية وخروجها عن الخدمة كمشفى "درعا البلد الميداني" ومشفى عيسى عجاج الميداني ومشفى الغارية الشرقية والغارية الغربية ومشفى صيدا بالإضافة إلى مشفى اليادودة، فيما أغلق بعضها الآخر خشية استهداف المراجعين أو إصابة الكادر الطبي وحرصاً على المعدات الطبية كمشفى الإحسان الخيري ومشفى أم المياذن وغيرهم.
أوضاع طبية كارثية تعاني منها أحياء درعا نتيجة القصف والغارات المتواصلة عليها، فإضافة إلى أن العديد من المشافي الميدانية والنقاط الطبية تعاني بالأساس من نقص الكوادر الطبية والأجهزة، بات العديد من الأطباء مابين معتقل ومهجر أو قتيل، نتيجة استهداف الجيش النظامي لهذه الشريحة من المجتمع السوري على حد قول الدكتور محمد.
وأضاف:
"لقد أصبحت نسبة من يعمل في المجال الطبي أقل من 10% من الأطباء الموجودين في الجنوب السوري، ففي تاريخ 19 شباط/فبراير2017، فقدنا أحد المسعفين وهو"مهران سويدان" أحد كوادر المشفى الميداني في درعا، وقضى نتيجة قصف القوات النظامية. و تجاوز عدد المستفيدين من المراكز الطبية مايفوق ال 300 ألف شخص قبل إغلاقها أما الآن وبعد القصف والغارات المستمرة منذ يوم الأحد بتاريخ 12شباط/فبراير2017، نواجه العديد من الحالات الطبية الصعبة ممن يمنع إخراجهم لدول الجوار بسبب إغلاق الحدود، ناهيك عن خشيتهم الخروج إلى مناطق سيطرة النظام خوفاً من الاعتقال أو عمليات تصفية بحقهم."
صورة تُظهر الدمار الذي لحق بمشفى درعا البلد نتيجة الغارات – مصدر الصورة مصور وكالة نبأ الإعلامية.
وبدوره وجه الدكتور محمد نداءً إنسانياً لمعظم لمنظمات والهيئات التي تُعنى بالشأن الطبي وقال فيه:
"نأمل معالجة ملف الجرحى والمصابين وتيسيير نقلهم لدول الجوار من خلال العلاقات الدبلوماسية والدولية والعمل على مد المراكز الطبية بالتجهيزات والأدوية اللازمة ولاسيما مواد التخدير والمسكنات وتجهيزات غرف العمليات بالإضافة إلى تأمين مادة الوقود بما أن المشافي تعمل بشكل دائم عبر المولدات الكهربائية".
وفي سياق متصل، أظهر مقطع فيديو بثته قناة "نبض سوريا" خروج المشفى الميداني في درعا البلد عن الخدمة نتيجة قصف الطيران السوري/الروسي.
تزايد في حدة الغارات الجوية ما أدى لموجة نزوح كبيرة بين المدنيين:
أربعة أطفال من عائلة واحدة قتلوا يوم الثلاثاء 14شباط/فبراير2017، وذلك نتيجة استمرار القصف على طريق حي السد، ووثق مراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة مقتل خمسة عشر آخرينوإصابة العشرات بسبب القصف المدفعي الذي طال الأحياء الشرقية من مدينة درعا والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة في الريف الشرقي والغربي، في الوقت الذي قصف فيه الطيران الحربي الروسي منازل المدنيين ضمن الأحياء السكنية في درعا البلد وبلدة النعيمة بعدة غارات جوية، ماسبب في خروج خزانالمياه الرئيسي والوحيد عن الخدمة وانقطاع المياه عن كامل حي درعا البلد مما اضطُرَ المدنيين إلى نقل المياه إلى منازلهم من الأحياء المجاورة عن طريق صهاريج المياه.
وفي هذه الأثناء صعَد الطيران الحربي الروسي من قصفه لمناطق المعارضة السورية المسلحة، وشن ما يقارب الثلاثين غارة جوية إلى جانب إلقائه عشرين برميل متفجر، مخلفاً حوالي الخمسين جريحاً وخمسة قتلى في صفوف المدنيين، وأتى ذلك قبل يوم واحد من المفاوضات المقرر عقدها في عاصمة كازخستان أستانة وذلك بتاريخ16شباط/ فبراير 2017، بين وفد المعارضة السورية ووفد الحكومة السورية لتثبيت وقف إطلاق النار بضمانات روسية تركية في سوريا، فتوقف قصف الطيران الحربي خلال هذا اليوم تزامناً مع انعقاد جولة المفاوضات، وفي اليوم التالي عاود الجيش النظامي السوري قصفه من جديد حسب تصريح قناة قاعدة حميميم العسكرية التي تعتبر ناطقة باسم الجيش الروسي وتستمد معلوماتها من جهات رسمية روسية وسورية حيث قالت:
"نرفض بشدة الاتهامات التي تتحدث عن تقصير من قبل القوات الجوية والفضائية الروسية في تقديم الدعم الجوي للقوات الصديقة جنوب سوريا، فقد أجرت قاذفاتنا 340 غارة جوية منذ خمسة أيام حتى الآن في تلك المنطقة وهو مايعادل 30 يوم من الدعم الجوي لوحدات الحرس الجمهوري المتواجدة في دير الزور ومطارها العسكري."
عبد الله السرحان وهو مدير الدفاع المدني السوري في محافظة درعا، تحدث "لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة"حول الهجمة الشرسة التي يقوم بها الجيش النظامي السوري مدعوماً بالطيران الحربي الروسي على أحياء درعا، ما ألحق دماراً كبيراً بمنازل المدنيين، علماً أن معظم المناطق التي تم قصفها خالية تماماً من أي مقرات عسكرية، الأمر الذي تسبب بسقوط عشرات القتلى والجرحى، وتهجير ما يقارب 3000 عائلة من أحياء مدينة درعا فضلاً عن 1450 عائلة تم تهجيرها من بلدة النعيمة بسبب غزارة القصف المدفعي وغارات الطيران الحربي والبراميل المتفجرة المستمرة منذ 12شباط 2017.
وأضاف:
"تم نقل تلك العائلات إلى قرى أخرى أكثر أماناً، وأصبح يسكن في المنزل الواحد من ثلاث إلى ست عائلات ومنهم من لجأ إلى السهول حيث تم بناء العديد من الخيام في العراء بمساعدة فرق الدفاع المدني، وتم إحصاء حصيلة القصف المستمر على درعا منذ ذلك التاريخ ولغاية 22شباط/فبراير2017، حيث تم توثيق 104 قتيل و176 جريح، من بينهم نساءٌ وأطفال، وهناك العديد من الحالات الحرجة التي استدعى نقلها للدول المجاورة نطراً لقلة الإمكانات في المشافي الميدانية وخروج معظمها عن الخدمة بسبب القصف، ولكن الإجراءات الأمنية المشددة من قبل السلطات الأردنية منعتالكثير من الجرحى من عبور الحدود والعلاج في مشافي المملكة ما زاد في عدد الضحايا".
من الجدير ذكره أن مدير الدفاع المدني عبد الله السرحان فارق الحياة مع مرافقه " أنور هزاع"، حيث بث الإعلام الحربي التابع للجيش النظامي السوري مقطعاً يُظهر استهداف سيارته على الطريق الواصل بين مدينة درعا وبلدة أم المياذن, فقد بث الإعلام الحربي هذا المقطع بعد يوم من تاريخ الاستهداف بتاريخ 20آذار/مارس2017، ومن خلال معاينة المقطع تبيًن أنه نفس المكان الذي وجدت فيه سيارة مدير الدفاع المدني وقد تعرضت للتفجير.
قصف عشوائي على مدرسة للتعليم الابتدائي في مدينة بصرى الشام:
بتاريخ 17 شباط/فبراير2017، وثقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة القصف العشوائي الذي تعرضت له مدينة بصرى الشام، من قبل الطيران الحربي الروسي إضافة إلى قصف مدفعي مصدره قرية المجيمر في ريف السويداء الغربي، فطال الدمار منازل المدنيين ومدرسة للتعليم الابتدائي وسط المدينة، وأفضى إلى أضرار كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة.
صورة تُظهر الدمار الذي لحق بمدرسة للتعليم الابتدائي في مدينة بصرى الشام نتيجة قصف الطيران الحربي الروسي (صورة خاصّة بمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة – تصوير: علاء الفقير).
ولم يتوقف الطيران الحربي عن قصفه لبلدات في ريف درعا الشرقي، ففي بلدة نصيب أدى القصف بتاريخ 19شباط/ فبراير 2017 إلى مقتل أربعة مدنيين وعشرات الجرحى جراء الاستهداف المتعمدللمشفى الميداني الأمر الذي تسبب في خروجه عن الخدمة وذلك بحسب مراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
وكان لمنازل المدنيين في بلدة اليادودة نصيب أيضاً من الدمار والقصف الذي طالها، فقد أسفرت إحدى الغارات الجوية عن إصابة منزل محمد الثلجي و تسببت بوفاة خمسة من أفراد العائلة وجرح طفلة.
ومن جهة أخرى شهدت منطقة الاشتباك في المدينة هدوءاً نسبياً، تخلله إلقاء عدد من البراميل المتفجرة على أحياء درعا البلد، هذا الهدوء كان نتيجة تحرك عدة خلايا تابعة لتنظيم داعش في منطقة حوض اليرموك و فرض سيطرتها على عدد من القرى التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة، حيث ارتكب التنظيم العديد من الإعدامات الميدانية بحق العشرات من المدنيين وعناصر المعارضة.
وشن الجيش النظامي السوري هجوماً معاكساً على فصائل المعارضة المنشغلة بقتال التنظيم المتطرف بتاريخ 23 شباط/فبراير، فأكثر من عشرين غارة جوية وثلاثين برميل متفجر كان قد ألقاها الطيران المروحي على أحياء درعا البلد لوحدها، فيما قصف مدينة بصرى الشام بعدة غارات جوية وبراميل متفجرة، الأمر الذي أجبر الفعاليات المدنية على تعليق نشاطاتها بالإضافة لخروج المشافي عن الخدمة، وسجل سقوط ما يزيد عن خمسة عشر قتيل وعشرات الجرحى من المدنيين من بينهم الطفل "أسامة الرباعي"من الغارية الغربية نتيجة قصف الجيش النظامي بقذائف الهاون، كما أودى القصف على مدينة بصرى الشام بحياة الطفل "عمر جمال المصري"، في حين قضت امرأتان في بلدة الجيزة التي تم قصفها ببرميلين متفجرين.
صورةتظهر الدمار الذي لحق بمنازل المدنيين نتيجة القصف العشوائي على مدينة بصرى الشام (صورة خاصّة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة – تصوير: علاء الفقير ).
صورة أخرىتظهر الدمار الذي لحقبمنازل المدنيين في مدينة بصرى الشام (سوريون من أجل الحقيقة والعدالة – تصوير: علاء الفقير ).
تقدم فصائل المعارضة السورية المسلحة وتحرير عدة مواقع في حي المنشية:
مع كل تقدم جديد تحرزه فصائل المعارضة داخل حي المنشية، تزداد وتيرة القصف العنيف على المناطق الخاضعة لها، كما حدث بتاريخ 12آذار/مارس2017، فبعد اندلاع معارك عنيفة بين الطرفين أعلنت غرفة البنيان المرصوص عن تحرير حاجز أبو الراحة والأبنية المحيطة به، مادفع الجيش النظامي السوري إلى التصعيد بغارات الجوية قامت بها الطائرات الحربية الروسية، وخلال هذا اليوم والأيام الستة التالية تم تسجيل أكثر من 69 غارة جوية، من بينها ثلاث غارات كانت تحمل قنابل عنقودية وعشرات البراميل المتفجرة وصواريخ أرض-أرض (الفيل) استهدفت أحياء درعا البلد وبلدة الجيزة وصيدا والمسيفرة، إلى جانب عدد من قذائف المدفعية التي دمرت منازل المدنيين في كل من بلدات طفس وأم المياذن والنعيمة واليادودة والطيبة ومنطقة غرز، وتخللها قصف عنيف براجمات الصواريخ والرشاشات الثقيلة، وذكر مراسل "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" أن العديد من القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين قد قتلوا نتيجة القصف، ومن بينهم "محمود يوسف أكراد"وزوجته "نسرين الفايز" والطفل "فريد أحمد المسالمة" من درعا البلد، و "فوزية محمد مجاريش" من بلدة نصيب إضافة إلى الطبيب "حسن الحريري" والإعلامي "محمد أبا زيد" المعروف باسم "جورج سمارة" إثر قصف المشفى الميداني في درعا البلد بأحد الغارات.
صورة للدكتور"حسن الحريري" الذي قُتل نتيجة قصف الطيران الحربي الروسي-السوري على المشفى الميداني بدرعا البلد–مصدر الصورة نشطاء من درعا.
الناشط محمد موسى مسالمة، تحدث ل"سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" من مدينة درعا وبالتحديد من حي طريق السد المجاور لحي درعا البلد قائلاً:
"تزيد نسبة الدمار في أحياء درعا البلد عن 70% جراء قصف الطيران الحربي السوري والروسي بالبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية، الأوضاع سيئة للغاية في تلك الأحياء ومعظم سكانها قد هربوا واتجهوا إلى السهول الجنوبية لمدينة درعا في منطقة الشيَاح، فماكان من الجيش النظامي إلا قصف تلك المنطقة بصواريخ من نوع "توشكا"، فلجأ قسم كبير من المدنيين إلى الريف الشرقي من محافظة درعا".
ونوه مسالمة إلى ازدياد أعداد القتلى في الأحياء الشرقية لمدينة درعا عن تسعين شخصاً، وأشارإلى سيطرة الخوف والرعب على معظم الأهالي، فالواحد منهم بات ينتظر الموت دون أن يتمكن من عمل أي شيء أمام هذه الآلة العسكرية المدمرة التي يمتلكها الجيش النظامي السوري، وتابع:
"عندما أجلس وأقوم بتوثيق القصف الذي تتعرض له مدينتي، أشعر بأنني أتفرج عليها وهي تتهدم دون أن أتمكن من عمل أي شيء، وهو ما يدعو للقهر ويدمي القلب، فقد مرت علينا أيام كنا نقصف فيها في اليوم الواحد بأكثر من 50 غارة جوية من براميل متفجرة وصواريخ الفيل وعشرات قذائف الهاون والمدفعية".
وكانت قناة العالم الفضائية الموالية للنظام السوري قد نشرت مقطعاً مصوراً من داخل الأحياء السكنية في مدينة درعا وظهر فيها عناصر من الجيش النظامي السوري وهم يقومون بتجهيز منصات إطلاق صواريخ الفيل في حي السحاري وتحديداً من أمام مسجد خالد بن الوليد الواقع شمال مدرسة حطين الابتدائية، وإطلاقها باتجاه مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة، وهو ما قد يؤكد استخدام الجيش النظامي للمدنيين كدروع بشرية في الأحياء الخاضعة لسيطرته.
وقد عُرفت بعض المواقع الأخرى منها:
1. حاجز مفيدة الواقع في حي الكاشف المكتظ بالسكان، و يحتوي على راجمة صواريخ وعربة فوزديكا وعدد كبير من فوهات المدفعية الثقيلة ومدافع الهاون.
2. الملعب البلدي الجديد و كتيبة الشيلكا في حي السبيل ويحتويان على عدد كبير من المدافع الثقيلة.
3. فوج الإطفاء و الدفاع المدني و حديقة الباسل التي تعد من أهم مراكز إطلاق صواريخ أرض-أرض من نوع فيل و مدافع الهاون على أحياء المعارضة ويقطن بجوارها عدد كبير من السكان.
4. حيا السحاري و المطار اللذان يستخدمهما النظام في إطلاق صواريخ الفيل عبر منصات متحركة يضعها بين الأبنية السكنية.
5. جسر الضاحية ( بجوار ضاحية درعا السكانية) وهو أحد مراكز إطلاق صواريخ الفيل.
6. مشفى اليرموك والذي يقوم النظام بإطلاق صواريخ الفيل من أمامه عبر قواعد متنقلة.
7. المجمع الحكومي الجديد الواقع في حي الكاشف السكني حيث يضع النظام راجمة صواريخ على سطحه ويستعمله كقاعدة عسكرية.
قصف عشوائي لمخيم اللاجئين الفلسطينيين ومقتل وجرح عدد من المدنيين:
بتاريخ 27 آذار/مارس2017، استأنفت فصائل المعارضة السورية المسلحة عملياتها العسكرية ضد الجيش النظامي وذلك حسب ما ذكرته غرفة عمليات البنيان المرصوص، فقد تمت السيطرة على عدد من الأبنية وقتل عدة عناصر من الجيش النظامي، فرد الأخير على ذلك الهجوم بعشرات الغارات الجوية والبراميل وصواريخ الفيل ما خلف العديد من القتلى المدنيين في مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين، عُرف منهم "أحمد الزحلوقي" و"عبود القعيري"و"جهاد الفاشوني"، وبتاريخ 29 من نفس الشهر، قتل كل من "عمار الزعبي" و"صفية الزعبي" نتيجة الغارات الروسية على بلدة الطيبة وجرح ثلاثة عشر آخرين، أمافي اليوم التالي فقد قضت السيدة "فاطمة الجراد" من حي طريق السد نتيجة القصف المدفعي العنيف من قبل الجيش النظامي السوري.
ولم يهدأ قصف الجيش النظامي على منطقة الشياح التي تعج بالنازحين بتاريخ 5 نيسان/أبريل 2017، الأمر الذي أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين من بينهم الطفلة "ملاك الزير" في حين تم إسعاف العديد من الجرحى.
وبدورها أعلنت فصائل المعارضة بتاريخ 8نيسان/ابريل2017، عن السيطرة على عدة حواجز إستراتيجية جديدة داخل حي المنشية ومقتل عدد كبير من الجيش النظامي وأسر جنود آخرين، كما نشرت صوراً لما قالت أنها لبعض الأنفاق التي كان الجيش النظامي يريد أن يستخدمها للسيطرة على جمرك درعا القديم من أجل فتح الحدود مع الأردن وفصل مدينة درعا إلى قسمين.
صورة أحد الأنفاق التي سيطرت عليها قوات المعارضة – مصدر الصورة غرفة عمليات البنيان المرصوص
صورة أحد الأنفاق التي سيطرت عليها قوات المعارضة – مصدر الصورة غرفة عمليات البنيان المرصوص
ومع سيطرة فصائل المعارضة على كتل استراتيجية، كثَف الطيران الحربي السوري والروسي من غاراته التي حملت بعض الصواريخ ذخائر عنقودية وقتل عدد من الأطفال والنساء من عائلة واحدة من بينهم الأم "إلهام سالم المصري" التي كانت على وشك الولادة. وفي مساء اليوم التالي أغار الطيران الروسي ليلاً على مدينة داعل مما أدى إلى خروج مشفى "نبض حوران" الميداني عن الخدمة ووفاة الممرض "منذر جاموس" بداخله.
صورة تُظهر الدمار الذي حلً بمنازل المدنيين في أحياء درعا البلد (سوريون من أجل الحقيقة والعدالة – تصوير:علاء الفقير).
صورة تظهر غارة على أحد منازل المدنيين في أحياء درعا البلد (سوريون من أجل الحقيقة والعدالة – تصوير:علاء الفقير).
مدير الدفاع المدني السوري أبو عبد الله محاميد، قام بتزويد "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" بما قد وثقوه منذ بداية المعركة لغاية تاريخ 11نيسان/ابريل 2017 كما يلي:
حصيلة القصف على محافظة درعا منذ 12 شباط/فبراير حتى 11نيسان/ابريل2017:
(461) غارة جويّة و (501) برميل متفجّر و (25) غارة بواسطة صواريخ تحمل ذخائر عنقودية و (113) قذيفة مدفعية وقذائف صاروخية و (191) صواريخ أرض – أرض (فيل) [3]و (5) صواريخ بعيدة المدى نوع توشكا. أمّا القتلى فكانوا على الشكل التالي:
(101 ذكر بالغ – 28 أنثى بالغة – 19 طفلاً). الجرحى: (223 ذكر بالغ – 84 أنثى بالغة – 46 طفل وطفلة). وتمّ إخلاء أكثر من (8000) عائلة.
ووثق مراسل "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" أسماء بعض الضحايا المدنيين الذين سقطوا منذ 12شباط/فبراير2017 لغاية 8 نيسان/أبريل2017 وذلك نتيجة قصف الجيش النظامي السوري:
الصفة |
الاسم |
التسلسل |
مدني |
الطفل محمد هادي الهنداوي المسالمة |
1 |
مدني |
╳
يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد |