الرئيسية تحقيقات مواضيعية سوريا: تعديلات قانون العقوبات تنهي المساحات المتبقية لحرية الرأي والتعبير

سوريا: تعديلات قانون العقوبات تنهي المساحات المتبقية لحرية الرأي والتعبير

التعديلات الأخيرة على التشريعات والقوانين المحلّية السورية تمنح الحكومة أدوات إضافية جديدة لملاحقة المنتقدين وزيادة في قمع الحريات العامة وتقضي على مساحات حرية الرأي والتعبير بشكل غير مسبوق

بواسطة communication
3.2K مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

بتاريخ 28 آذار/مارس 2022، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوماً حمل الرقم 15 لعام 2022، ونصّ على إجراء بعض التعديلات على بنود من قانون العقوبات السوري العام الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1949 وتعديلاته اللاحقة.

ورغم أنّ التعديلات عادة ما تكون بهدف الشرح والتبسيط، إلاّ أنّ بعض تلك التعديلات الأخيرة من قبل الحكومة، قامت بزيادة الغموض حول بعض المصطلحات القانونية التي كانت أساساً تتسم بنوع من الضبابية، والتي كان يصعب على المتخصصين والقانونيين/ات تحديد أغراضها بدقة. إضافة إلى زيادتها  الغرامات المالية على العديد من العقوبات الأخرى.

نصّت التعديلات الجديدة أيضاً على إحداث تهم جديدة لم تكن موجودة سابقاً في أي من التشريعات السوري، ما يدّل على نيّة مبيّتة للسلطات السوريّة في توسيع نطاق الفئات التي قد يتم ملاحقتها بموجب هذه التشريعات الجديدة، وخاصة أصحاب الآراء المختلفة والمخالفة لسردية الحكومة السورية.

  1. أبرز التعديلات على قانون العقوبات السوري العام:

  • تغيير في مصطلحات العقوبات الجنائية العادية:

أجرى القانون الجديد رقم 15 لعام 2022، تعديل على بعض المصطلحات القانونية والمتعلقة بما هو متعارف عليه لدى القانونين السوريين باسم (العقوبات الجنائية العادية، مثل الإعدام والأشغال الشاقة المؤقتة والمؤبدة.. إلخ)، بحيث يمكن الفهم والاستنتاج من التعديل الاصطلاحي الوارد في المادة الأولى من القانون رقم 15 لعام 2022، ما يلي:

القانون القديم: المادة 37 من قانون العقوبات السوري العام والصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1948: التعديلات الجديدة: المادة 1 من القانون رقم 15 لعام 2022:
إن العقوبات الجنائية العادية هي:

1.      الإعدام. (جناية)

2.     الأشغال الشاقة المؤبدة. (جناية)

3.      الاعتقال المؤبد.

4.     الأشغال الشاقة المؤقتة.

5.      الاعتقال المؤقت.

إن العقوبات الجنائية العادية هي:

1.      الإعدام. (جناية)

2.      السجن المؤبد. (جناية)

3.      الاعتقال المؤبد.

4.      السجن المؤقت.

5.      الاعتقال المؤقت.

وبذلك أصبحت محاولات التفرقة بين مفهومي “الجناية” و”الجنحة” بحسب هذا التعديل الطارئ أكثر صعوبة لغير المتخصصين، وخاصة من المواطنين/ات، مما قد يضيف طبقة أخرى من الغموض على القانون وحول العقوبة نفسها، وصعوبة في الفهم لدى عموم الناس لتلك القوانين وما تحتويه من تهم وعقوبات قد تطالهم.

علماً أن مصطحلي (السجن والحبس) كانا عادة ما يستخدمان لنفس الغرض لدى السوريين/ات (الغير متخصصين)، وهي معناها بحسب الفهم الشائع: “حجز حرية الأشخاص كنتيجة لارتكاب أفعال تشكل جريمة“، ذلك وفق قانون العقوبات السوري، مما يسبب التباساً واضحاً في فهم معاني التشريعات الجنائية لشرائح واسعة من السوريين/ات.

ما هو الفرق بين عقوبة الأشغال الشاقة (المؤقتة أو المؤبدة) سابقاً والحبس؟

تعتبر عقوبة الأشغال المؤبدة أو المؤقتة واحدة فهي من العقوبات التي تحجز الحرية، وهي عقوبة جنائية (بمعنى بأن يُسجن الجاني ويفرض عليه القيام بأعمال تتطلب مجهوداً عضلي يتوافق مع جنسه سواء كان رجل أو امرأة/ كما ويتناسب مع فئته العمرية سواء كان شاب أم متقدم في العمر)، ومنها على سبيل المثال: حفر الطرقات، تمديد السكك الحديدية، استخراج الأحجار من مقالعها وتكسيرها ونقلها.

لا بدّ من الإشارة هنا إلى أن القانون رقم 15 لم يأت بشيء جديد فيما يخصّ عقوبة الأشغال الشاقة ولم يغير من الواقع العملي شيئاً، ذلك لأن (عقوبة الاشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو الحبس مع التشغيل) لم تكن مطبقة في سوريا أصلاً. لأن واقع السجون السورية لم يكن مهيئاً لإجبار المحكوم عليهم على العمل، لأن العمل الشاق يعني إخراجهم ومرافقتهم الى مكان العمل وحراستهم هناك وغير ذلك من التدابير الأمنية المشددة، التي قد تكون مرهقة لإدارة السجن والجهات الأمنية. ولحسن الحظ إنه لم يكن بالإمكان تشغيل المحكوم عليهم، لأن الغاية من العقوبة يفترض أن تكون إصلاح المجرم وردعه عن إرتكاب الجرائم مستقبلاً واعادة تأهيله في المجتمع ليكون عنصراً إيجابياً فيه، وليس الانتقام منه وإذلاله. إلاّ أنّ بعض السجون كانت تقوم بشتغيل المحكومين بأمور تتعلق بالخدمة في السجن نفسه مثل التنظيف.

وكما كان معروفاً لدى القانونيين/ات السوريين/ات بأنّه يوجد نوعين من هذه العقوبة سابقاً قبل تعديلهما في القانون 15 لعام 2022، وهما:

  1. الأشغال الشاقة المؤبدة: وهي التي تبقى مفروضة على الشخص طيلة حياته، مع استثناء الإفراج عنه مبكراً في حالة: نيله لعفو أو ثبت صلاحه بعد مرور عشرين سنة.
  2. الأشغال الشاقة المؤقتة: وتتراوح مدتها بين ثلاث سنوات وخمس عشرة سنة.

أما عقوبة الحبس فقد كانت تصنّف عقوبة من العقوبات الجنحية وفق قانون العقوبات السابق رقم 148 لعام 1949، وهي على ثلاثة أنواع:

1.     الحبس مع التشغيل، ومدة الحبس مع التشغيل تتراوح بين عشرة أيام وثلاث سنوات.

2.     الحبس البسيط: يكون في أماكن معينة تختلف عن الأماكن التي يوضع فيها باقي السجناء، ولا يجبر المحكوم على العمل إلا إذا كان ذلك بناء على طلبهم، ومدة الحبس البسيط هي ذاتها مدة الحبس مع التشغيل التي تتراوح بين عشرة أيام وثلاث سنوات.

3.     الحبس التكديري: وتكون الأماكن التي يحاكم فيها المحكوم عليهم بالحبس التكديري (إجبار بعقوبة مخففة جداً تُنغص حياة مرتكبها) مختلفة عن الأماكن التي يحاكم فيها أصحاب جرائم الجنايات والجنح، ولا يتم إجبارهم على العمل، وتفرض هذه العقوبة على مرتكبي المخالفات، وتتراوح مدته بين يوم عشرة أيام وثلاث سنوات.

ومن المؤسف أن يبقي التعديل الجديد على نص المادة 45 من قانون العقوبات العام كما هو، مع حذف كلمتي الأشغال الشاقة والمجهدة فقط لتصبح المادة على الشكل التالي: “يجبر المحكوم عليهم بالسجن على القيام بأعمال تتناسب مع جنسهم وعمرهم، سواء داخل السجن أو خارجه“، إذ يفهم من نص المادة بأن العمل يكون بلا مقابل وكنوع من العقوبة، في حين إن العمل هو بهدف تمكين السجين في حال خروجه من السجن من الكسب المشروع بعيداً عن الجريمة، وكان من المفترض أن تنص المادة على أن يكون العمل وفقاً لقواعد العمل المنصوص عليها في القوانين السورية، من حيث ساعات العمل والأجر وغير ذلك، وذلك وفقاً للمادة 71 وما بعدها من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، والصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين لعام 1955، والتي أقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 1977.

  • زيادة قيمة الغرامات المالية على بعض العقوبات كأدة لتحصيل المزيد من أموال السوريين:

نص القانون الجديد رقم 15 لعام 2022، على رفع الحدّ الأدنى والأعلى للغرامات سواء (التكديرية أو الجنحية أوالجنائية)؛ بمعنى زيادة كافة أشكال وقيم الغرامات المالية – المفروضة مع العقوبة – إلى عدّة أضعاف.

ويُعتقد أن أحد الأسباب التي دفعت الحكومة السورية لرفع الغرامات في التعديلات الأخيرة لتصبح بالملايين، هو تناسبها مع درجة انخفاض وتدهور قيمة العملة السورية. وبالتالي سبب هذا الانخفاض في القدرة الشرائية للعملة حالة نقص الموارد المالية وشحّ مداخيلها مما دفعت السلطات السورية لتعويض هذا النقص من جيوب السوريين، عن طريق إصدار تشريعات محلية ترفع بموجبها الغرامات عليهم وتقوم بالجباية والتحصيل، وهو ما انعكس مؤخراً في توجه الحكومة السورية في الفترة الأخيرة في سن قوانين صارمة مالياً بغية جمع الأموال لسد عجزها المالي والاقتصادي.

وقد نصت المادة 3 و4 و5 من القانون رقم 15 لعام 2022، على ما يلي:

القانون القديم: المرسوم التشريعي 1 لعام 2011، وهو تعديل على قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي 148 لعام 1949: التعديلات الجديدة: القانون رقم 15 لعام 2022:
1.      يعدل الحد الأدنى للغرامات التكديرية ويصبح 500 ليرة سورية، ويعدل حدها الأعلى ويصبح (2000) ليرة سورية. (المادة 2).

 

1.      تعديل الحد الأدنى للغرامات التكديرية في قانون العقوبات العام وسائر التشريعات الأخرى لتصبح 25 ألف ليرة سورية، ويعدّل حدها الأعلى ليصبح 100 ألف ليرة سورية. (المادة 3).

 

2.      يعدل الحد الأدنى للغرامة الجنحية ويصبح (2000) ليرة سورية، ويعدل حدها الأعلى ويصبح (10000) ليرة سورية. (المادة 3). 2.      تعديل الحد الأدنى للغرامات الجنحية في قانون العقوبات العام وسائر التشريعات لتصبح 100 ألف ويعدّل حدّها الأعلى ليصبح 500 ألف ليرة سورية. (المادة 4).
3.      يعدل الحد الأدنى للغرامة الجنائية ويصبح (10000) ليرة سورية، وحدها الأعلى (200000) ليرة سورية. (المادة 4). 3.      تعديل الحد الأدنى للغرامات الجنائية في قانون العقوبات العام وسائر التشريعات الأخرى لتصبح 500 ألف، ويعدّل الحد الأعلى ليصبح مليون ليرة سورية. (المادة 5).
  • إدراج مصطلحات جديدة يمكن تفسيرها بمفهوم واسع من قبل الجهات الحكومية:

استبدل القانون رقم 15 لعام 2022، عبارة “المساس بالهوية الوطنية أو القومية” الواردة بالمادة 285 عقوبات عام، بعبارة “إضعاف الشعور القومي” كما واستبدل عبارة “النيل من مكانة الدولة“، بعبارة “النيل من مكانة الدولة المالية” المنصوص عليها في المادة 287 عقوبات عام.

ما يعني أنّ تلك التعديلات قامت بزيادة الغموض وتوسيع المجال للحكومة السورية لملاحقة أي شخص ذو رأي مختلف على أساس هذه المادة.

القانون القديم: المادة 285 من قانون العقوبات السوري العام والصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1948: التعديلات الجديدة: المادة 10 من القانون رقم 15 لعام 2022:
من قام في سورية في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها بدعاوة ترمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية عوقب بالاعتقال المؤقت. من قام في سورية في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها بدعوات ترمي إلى المساس بالهوية الوطنية أو القومية أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية عوقب بالاعتقال المؤقت.
القانون القديم: المادة 287 من قانون العقوبات السوري العام والصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1948: التعديلات الجديدة: المادة 12 من القانون رقم 15 لعام 2022:
كل سوري يذيع في الخارج وهو على بينة من الأمر أنباء كاذبة أو مبالغا ً فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها المالية يعاقب بالحبس ستة أشهر على الأقل وبغرامة تتراوح بين مائة وخمسمائة ليرة. 1.     كل سوري يذيع وهو على بينة من الأمر أنباء كاذبة أو مبالغاً فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها يعاقب بالحبس ستة أشهر على الأقل.

2.     يستحق العقوبة نفسها كل سوري يذيع أنباء من شأنها تحسين صورة دولة معادية للمساس بمكانة الدولة السورية.

ومن الملاحظ أن هذا التعديل هو تعديل له دلالته اللفظية والفنية (أي توسيع النطاق) فقد استبدل جريمة “المساس بالهوية الوطنية أو القومية” بجريمة “إضعاف الشعور القومي”. علماً أن فعل (مسَّ) وفق التعديل الجديد مصطلح فضفاض وأوسع من فعل (أضعف) الذي كان موجود سابقاً قبل التعديل.

علاوة على ذلك، قام القانون الجديد باستعمال مصطلح “بث اليأس أو الضعف بين أبناء المجتمع” في المادة 11 من القانون 15 لعام 2022، بدلاً من عبارة جريمة “وهن نفسية الأمة” الواردة في المادة 286 في القانون القديم من قانون العقوبات، وهي بذلك تتسع لكثير من الأفعال التي من الممكن أن يقوم بها المواطنين في سوريا، مما يثير التساؤلات حول طبيعة هذه العبارات فهل يمكن اعتبار الحديث عن الواقع الاقتصادي المذري في مناطق سيطرة الحكومة السورية عامل يضعف ويبث الضعف في المجتمع أم لا؟

أو هل من الممكن أن يتم احتساب التندر من قبل الناس على عدم قدرة الحكومة السورية الرد على الاعتداءات الإسرائيلية على مناطقها عنصراً لتحسين صورة دولة معادية؟ ( الفقرة 2 من المادة 12).

وبناء عليه فإن العبارات المستعملة (بعد التعديل) أصبحت أكثر اتساعاً وشمولاً بحيث يمكن أن تطبق العقوبة على عدد أكبر من الأفعال التي يقوم بها السوريين، وبالتالي فإن هذا التعديل يُضيق الخناق على حرية التعبير أكثر مما كانت سابقاً. وهو ما يعكس توجه الحكومة السورية لكمّ الأفواه ومصادرة حرية التعبير التي هي في الأصل شبه معدومة. إضافة الى ذلك،  لا بدّ من فهم أن هذه التعديلات في قانون العقوبات جاءت متوافقة ومنسجمة مع القانون الخاص بالجريمة المعلوماتية  الأخير والذي يصبّ في نفس السياسة العامة للحكومة في تقليص مساحات الحرية وتعقب المواطنين من خلال التشريعات المحلية والتعميمات الوزارية، بشكل  خاص هؤلاء الناقمين على أداء السلطات التنفيذية  وخاصة في المواضيع ذات الصلة بالواقع المعاشي اليومي للمواطنين وضعف قدرتها على تلبيه احتياجات الناس الأساسية من ماء وكهرباء وتدفئة في مناطقها.

وبذلك قام المشرع السوري بتوسيع مفهوم (مكانة الدولة المالية) وأصبح يعاقب كل من ينال أي مكانة للدولة بشكل عام سواء أكانت مالية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو تاريخية، أو غيرها.

ومما لا بدّ الإشارة إليه، من أن التعبيرات التي استخدمها المشرع في تجريم الأفعال التي تنال من مكانة الدولة ملتبسة وغير واضحة المعالم، وتكاد تتسع لكل شيء تقريباً، وعليه  فمن ذا الذي يستطيع أن يعين فحوى دعاوى النيل من مكانة الدولة؟  حيث أنه في كل جريمة لا بدّ من إثبات القصد أو النية الجرمية فكيف من الممكن أن نفسر أن “من انتقد أو عارض أو بث خبر” كانت نيته هي المساس بمكانة الدولة؟ مما يعتبر مخالفاً لأبسط مبادئ القواعد الجزائية سيما أن الجرائم السابقة الذكر تتعلق بعقوبات جنائية الوصف و من الممكن أن تصادر حرية إنسان قد يكون برئ.

علاوة على ذلك، فأن قواعد التجريم واتخاذ قرار الإدانة في اغلب دول العالم: يجب أن يكون الفعل الجرمي قابل للتحديد ولا لبس فيه، فهل اعتبار الحديث عن الغلاء أو صعوبة العيش نوع من التعرض لموقع الدولة المالي والحط منه؟!

  • إحداث تهم وجرائم جديدة:

قام القانون الجديد باستحداث وإضافة جرائم لم تكن موجودة سابقاً، ومنها على سبيل المثال: أصبح يُعاقب بالحبس سنة على الأقل كل سوري قام بكتابة أو خطاب يدعو فيه إلى اقتطاع جزء من الأرض السورية أو التنازل عنها. المادة 13 الفقرة 3 من القانون 15 لعام 2022.

القانون القديم – المادة 292 من قانون العقوبات السوري العام والصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1948: التعديلات الجديدة – المادة 13 من القانون رقم 15 لعام 2022:
1.      من حاول أن يسلخ عن سيادة الدولة جزءا ً من الأرض السورية عوقب بالاعتقال الموقت.

2.     وتكون العقوبة الاعتقال المؤبد إذا لجأ الفاعل إلى العنف.

1.      من حاول أن يسلخ عن سيادة الدولة جزءاً من الأراضي السورية عوقب بالاعتقال المؤقت.

2.      وتكون العقوبة الاعتقال المؤبد إذا لجأ الفاعل إلى العنف.

3.      يعاقب بالحبس سنة على الأقل كل سوري قام بكتابة أو خطاب يدعو فيه إلى اقتطاع جزء من الأرض السورية أو التنازل عنها.

 اما بالنسبة لجريمة (الحض على الازدراء بالأوضاع القومية) حيث كانت المادة 362 من قانون العقوبات العام تعاقب الموظف ورجال الدين وأفراد هيئة التعليم العام أو الخاص، إذا حضوا على الازدراء بالأوضاع القومية أو بقوانين الدولة، فألغى التعديل الجديد جريمة (الحض على الازدراء بالأوضاع القومية) وبقيت فقط جريمة (الحض على الازدراء بقوانين الدولة) معاقباً عليها إذا ارتكبت من الفئات المذكورة آنفاً.

علماً ان الجريمة الملغاة كانت في الأصل فضفاضة وغامضة إذ لا توجد معايير واضحة محددة تعرّف ما هي “الأوضاع القومية”!

القانون القديم: المادة 362 الفقرة 1 من قانون العقوبات السوري العام والصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1948: التعديلات الجديدة: المادة 14 من القانون رقم 15 لعام 2022:
1.      يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من خمسة وعشرون إلى مائة ليرة كل موظف حض على الازدراء بالأوضاع القومية أو بقوانين الدولة أو أشاد بذكر أعمال تنافي هذه القوانين أو الأوضاع.

2.     يطبق هذا النص أيضاً على رجال الدين وعلى أفراد هيئة التعليم العام أو الخاص.

1.     يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من (100,000) ل.س مئة ألف ليرة سورية إلى (500,000) ل.س خمسمئة ألف ليرة سورية كل موظف حض على الازدراء بقوانين الدولة أو أشاد بذكر أعمال تنافي هذه القوانين.

هنا يمكن الاستدلال والاستنتاج على ما يلي:

أن تلك العبارات المستخدمة في صياغة هذه العقوبة فضفاضة وواسعة وتضع السكان في مناطق سيطرة الحكومة تحت سطوة السلطة التنفيذية من خلال التعديلات المذكورة، ومن المرجح أن تفتح المجال للفساد والرشوة لكافة المكلفين بإنفاذ القوانين كعناصر الأجهزة الأمنية والشرطة والقضاة وموظفي المحاكم، بحيث يمكن تأويلها وتفسيرها حسب حسب أهواء الشخص الناظر في الحالة أو القضية، ودون مراقبة أو مراجعة او قاعدة قابلة للتحديد الدقيق.

ومن ناحية أخرى؛ فإن اتساع العبارات وغموضها يخالف “الدليل الاسترشادي للصياغة التشريعية” الصادر عن “رئيس مجلس الوزراء” في أيار/مايو 2019، الذي أشار في عدة مواضع إلى ضرورة الوضوح في الصياغة التشريعية والابتعاد عن المصطلحات التي تسبب اللبس والإبهام، وقد حثَّ الدليل صراحة في الفصل الثاني منه المتضمن الضوابط الداخلية للصياغة التشريعية على:

 (ضبط كل جملة قانونية بدقة تجنباً لوقوع القائمين على تنفيذ القانون وتطبيقه في الالتباس والخطأ في التأويل).

أما بالنسبة لجريمة الدعوة لاقتطاع جزء من الأرض السورية، فمن المرجح أنه تكون تهمة جاهزة بحق المسؤولين في الإدارة الذاتية (شمال شرق سورية) على سبيل المثال، في كل ما يتم كتابته من قبلهم كخطاب اللامركزية السياسية، وأيضاً من الممكن أن يصدر بحقهم مذكرات توقيف أو جلب أو أحكام غيابية بغية ابتزازهم بغرض الحصول منهم على تنازلات سياسية في المستقبل أو مقابل ابتزاز مالي مادي بحت.

  • التشدد في سرقة السيارات:

قام التعديل الجديد في القانون رقم 15 لعام 2022 بالتشدد في عقوبة سرقة السيارات، فقام بإدراج عقوبة السجن (جناية) خمس سنوات على الأقل لمن يرتكب جريمة سرقة السيارات، كما ورُفعت الغرامة التي يجب أن يحكم بها تلازماً مع السجن وأصبحت بين ثلاثة وستة ملايين ليرة سورية.

‌ومن ناحية أخرى؛ فقد تشدد القانون في عقوبة من يسرق لوحة نظامية لسيارة، أو من يستعمل لوحة نظامية مسروقة، إلى الحبس (جنحة) مع الشغل من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة من مائة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية، بينما كانت العقوبة في السابق قبل التعديل الحبس من سنة لسنتين والغرامة من ألفي إلى أربعة آلاف ليرة.

‌علاوة على ذلك، فقد زادت الغرامة على من يستعمل وسيلة نقل دون أن يقصد سرقتها وأصبحت بين ثلاثة ملايين وخمسة ملايين ليرة سورية، إضافة لعقوبة السجن المؤقت (جناية). أما إذا أعاد الفاعل وسيلة النقل خلال ثلاثة أيام دون إحداث تلف فيها، تخفض العقوبة إلى (جنحة) الحبس مع الشغل من سنة إلى ثلاث سنوات وتُخفض الغرامة بحيث تصبح بين مائة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية.

ملاحظات عامة:

استحدثت جرائم جديدة تتصل بسرقة المركبات وأضيفت للمادة 625 وهي مكررة قانون العقوبات العام، وهي:

‌أ- من قام بسرقة محتويات سيارة بواسطة الخلع والكسر أو باستخدام مفاتيح مصنعة أو أي أداة مخصوصة يعاقب بالسجن المؤقت من ثلاث إلى سبع سنوات، وبالغرامة من مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية (جناية).

‌ب- من قام بسرقة أي جزء من الأجزاء الخارجية للسيارة يعاقب بالحبس مع الشغل سنة على الأقل وبغرامة من مائة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية (جنحة).

‌ج- من قام بسرقة دراجة آلية يعاقب بالحبس مع الشغل سنة على الأقل وبغرامة من مائة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية (جنحة).

  1. لتعديلات الجديدة متزامنة مع إصدار قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية:

من الملاحظ أن التعديلات الأخيرة لقانون العقوبات العام جاءت بنفس السياق والروحية التي لقانون مكافحة الجريمة المعلوماتية الذي يحمل الرقم  20 لعام 2022، والذي صدر مؤخراً. حيث يُعتقد أن أحد الأسباب الموجبة لإصدار مثل هكذا قوانين هي ازدياد نسبة وحدّة النقد الذي تتعرض له الحكومة السورية ووزرائها وموظفيها في الآونة الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأحاديث اليومية للسوريين والتي تدور حول تردي الأوضاع المعيشية للناس وعدم قدرة الحكومة على تأمين الاحتياجات الأساسية لهم في مناطق سيطرتها من كهرباء ومياه ورغيف الخبز وغيرها.

علاوة على ذلك، فإن تمرير هذا القانون في سوريا، سوف يشكّل في الغالب خطراً على أيّ شخص يعبر عن رأيه في جملة يكتبها، وبالتالي فإن الحكومة السورية توجه رسالة واضحة الى السوريين مفادها؛ أن الملاحقة القضائية ستطال كل من ينتقد الحكومة” الدولة” والأشخاص المسؤولين فيها في هذه المرحلة.

وكذلك يعتبر تقييد لحرية التعبير ويتناقض مع ما تم النص عليه في المادة 42 من دستور سوريا النافذ لعام 2012، والذي نصّ على أن “حرية الاعتقاد مصونة وفقاً للقانون ولكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول أو الكتابة أو بوسائل التعبير كافة”.

كما ويتناقض مع الحق في حرية التعبير المنصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والتي نصّت على أنّ “لكلّ شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية“.

وكذلك مع نص المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والتي نصّت على أنّ: “لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب أو بأية وسيلة أخرى يختارها“.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد