الرئيسية تحقيقات مواضيعية بعد الزلزال: تنظيم “هيئة تحرير الشام” يعزز تواجده في عفرين

بعد الزلزال: تنظيم “هيئة تحرير الشام” يعزز تواجده في عفرين

سهّل تحالف الهيئة مع "فرقة الحمزة" و"فرقة السلطان سليمان شاه" دخولها العسكري والأمني ولاحقاً "الخدمي" إلى مناطق "غصن الزيتون" وحافظت على تواجد دائم فيها

بواسطة communication
504 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع
قافلة مقاتلين من "كتائب خالد بن الوليد" التابعة ل"هيئة تحرير الشام" في مدينة عفرين، 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2022. (المصدر: قناة احتيمالات نيوز على تيلغرام).
  1. مقدمة:

شكّلت عملية اغتيال الناشط الإعلامي “محمد عبد اللطيف عبد الرحيم” الملقب بـ”أبو غنوم” وزوجته الحامل، في مدينة الباب يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2022، بداية لتحول نقاط النفوذ والسيطرة في شمال محافظة حلب شمالي سوريا، بعد أن تأكّد تورط عناصر وقياديين من “فرقة الحمزة” التابعة للجيش الوطني السوري/المعارض، في عملية الاغتيال التي أثارت غضب سكان المنطقة ودفعت سكّان مدينة الباب لتوجيه دعوات لعصيانٍ مدني.

استغلت فصائل متعددة عملية الاغتيال هذه من أجل التوسع على حساب فصائل أخرى ضمن “الجيش الوطني السوري” نفسه. فبعد الكشف عن الخلية الأمنية التي قامت بعملية الاغتيال، والتي اعترفت بأنها ضمن صفوف فرقة الحمزة، شرعت فصائل من الفيلق الثالث (الجبهة الشامية وجيش الإسلام) في “الجيش الوطني” إلى مهاجمة مقرات “فرقة الحمزة” في مدينة الباب في يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر 2022، ثم توسعت الاشتباكات وامتدت لتشمل مناطق جرابلس وعفرين.

نتيجة لذلك، شهدت المنطقة تحالفات عسكرية جديدة، واستثمرت هيئة تحرير الشام (المصنفة كجماعة إرهابية على قوائم الإرهاب العالمية) هذه الفوضى للتوسع ومحاولة السيطرة على كامل منطقة ريف حلب الشمالي، إلا أنها اضطرت للتوقف بعد السيطرة على أجزاء واسعة في منطقة عفرين، بسبب تدخل القوات التركية التي أمرت بوقت الاشتباكات وعودة الوضع إلى ما كان عليه، دون أن يتم ذلك.

رغم توقف المعارك آنذاك، إلا أن “هيئة تحرير الشام” لم تنسحب بشكل كامل من منطقة عفرين، بل حافظت على وجود قوي لها تحت غطاء فصائل أخرى ومن خلال توغل عناصرها ومقاتليها ضمن أجهزة الشرطة العسكرية والمدنية في المنطقة.

ويتركز وجود “تحرير الشام” حالياً في مناطق راجو وعفرين وجنديرس بشكل أساسي، ويبدو أنّ كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا يوم 6 شباط/فبراير 2023، أظهر التواجد الخدمي والعسكري لهيئة تحرير الشام بشكل أوضح في منطقة عفرين، وشكّل ذريعة أخرى للتنظيم من أجل التمدد مرة أخرى في عفرين، ولكن هذه المرة مستغلاً الفوضى العارمة في عموم شمال غرب سوريا، وحاجة الناس للمساعدة، حيث قام بنشر قوات عسكرية (جهاز الأمن العام) في المناطق المتضررة وكذلك المشاركة في عمليات الإنقاذ والبحث عن ناجين.

إلى ذلك، استغلت “الهيئة” الفلتان الأمني في عموم منطقة عفرين، وخاصة بعد مقتل أربع شبّان كرد سوريين على يد فصيل “جيش الشرقية”، وقامت بإرسال مقاتلين جدد، والسيطرة على مواقع جديدة في عفرين وبالأخص في جنديرس، وهو ما دعا 155 منظمة سوريّة إلى مطالبة الأمم المتحدة باتخاذ تدابير فعالة لإيقاف تمدد “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً” المصنفة على لوائح الإرهاب في عفرين وباقي مناطق الشمال السوري، إذ اتخذ التنظيم المُصنف على لوائح الإرهاب هذه الجريمة كذريعة للتوغل في جنديرس وريفها، وسيطر على مقرات “الجيش الوطني السوري” في المنطقة.

لغرض إعداد هذا التقرير، تحدثت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” مع 11 مصدراً عسكرياً، عدداً منهم في “الجيش الوطني السوري/المعارض” من أجل توضيح مجرى التحالفات والسياقات التي أفضت إلى سيطرة “تحرير الشام” على عفرين، بالإضافة إلى مصدرين محليين حول دورها بعد كارثة الزلزال، أحدهما عامل إغاثة.  كما عمد خبير التحليل الرقمي في “سوريون” إلى جمع صور من مصادر مفتوحة، توثق وجود “الهيئة” في عفرين عسكرياً وخدمياً.

  1. استراتيجية “هيئة تحرير الشام” في التمدد شمالاً:

أكّدت المعلومات التي حصلت عليها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” خلال المقابلات التي أجرتها، إلى أن سعي “الهيئة” في الوصول إلى منطقة ريف حلب الشمالي والسيطرة عليها لم يكن أمراً جديداً، ولم يبدأ مع بدء الاشتباكات العسكرية بين الفصائل نفسها منتصف العام 2022، بل بدأت المحاولات الفعلية منذ مطلع العام 2022، حيث عقدت “هيئة تحرير الشام” لقاءات مع قادة فصائل من الجيش الوطني السوري المعارض، وطرحت “مشروعاً” من أجل “توحيد الإدارة” بين إدلب وريف حلب الشمالي، لكن تلك المحاولات فشلت بسبب رفض الفيلق الثالث (الجبهة الشامية وجيش الإسلام)، ووجود مشاريع مشابهة عند الفصيلين.

إلأّ أنّ “الهيئة” استمرت بمحاولة استقطاب فصائل “الجيش الوطني السوري” إلى صفها، حيث عقدت لقاءات فردية مع قادتها خلال الأشهر الأولى من عام 2022، أي بعد طرح فكرة الإدارة المشتركة، وتوصلت إلى اتفاقات غير معلنة ساعدت على تسهيل عملية دخولها عسكرياً إلى منطقة عفرين لاحقاً وبسط سيطرتها على مدن رئيسية فيها.

عملياً، بدأ التواجد الفعلي لهيئة تحرير الشام في عفرين خلال شهر حزيران/يونيو 2022، عندما بدأت اشتباكات عنيفة بين فصيل “الجبهة الشامية” بقيادة “مهند الخلف” الملقب باسم “أبو أحمد نور” و”جيش الإسلام” بقيادة “عصام بويضاني” من جهة و”الفرقة 32 – حركة أحرار الشام/القاطع الشرقي” بقيادة “محمد رمي” الملقب “أبو حيدرة” من جهة أخرى، وذلك على إثر “انشقاق” الفرقة 32 من صفوف “الجبهة الشامية”.

لاحقاً، انسحبت الأرتال العسكرية الظاهرة التابعة لـ”تحرير الشام”، وأبقت على مجموعات محددة في عدة قرى في عفرين لمساندة “الفرقة 32″، وهي المرة الأولى التي يصل فيها التنظيم المصنّف على لوائح الإرهاب العالمي إلى عفرين ويتواجد في بعض النقاط بشكل دائم مع نهاية حزيران/يونيو 2022.

لاحقاً، وبحسب ما توصلت له “سوريون” من نتائج، كانت بعض فصائل “الجيش الوطني السوري/المعارض” المدعوم من تركيا (وهي فرقة الحمزة بقيادة “سيف أبو بكر” والسلطان سليمان شاه/العمشات بقيادة “محمد الجاسم أبو عمشة”)، على اتصال مباشر مع “هيئة تحرير الشام” في إدلب خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2022، وسهلت لها المرور والدخول إلى منطقة عفرين بعد عملية اغتيال ” أبو غنوم”، ما أدّى في نهاية المطاف إلى التوسع فيها والسيطرة على المعابر التجارية التي تربط إدلب بريف حلب الشمالي، وذلك بحجة حماية شركائها في الجيش الوطني من هجوم الفيلق الثالث على خلفية الاشتباكات العارمة التي وقعت.

بعد هذا التوغل لم تنسحب “هيئة تحرير الشام” من عفرين كلّياً، رغم التدخل التركي المباشر لوقف الاشتباكات، حيث قامت “الهيئة” بوضع عناصرها في مقرات الفصائل المتحالفة معها، كما نشرت قوات من جهاز الأمن العام كطرف موازٍ لعمل الشرطة العسكرية والمدنية التي كانت موجودة مسبقاً في عفرين.

تحدث قائد عسكري (مصدر أول) في صفوف الفيلق الثالث لـ”سوريون” في هذا السياق وقال ما يلي:

“تمحور المشروع الذي قدمته هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني إلى الجبهة الشامية بقيادة أبو أحمد نور، على إنشاء إدارة موحدة بين مناطق إدلب وريف حلب الشمالي ومنطقة رأس العين وتل أبيض. جرت سلسلة من المفاوضات بين تحرير الشام والجبهة الشامية، لكنها باءت بالفشل. يعود الفضل في ذلك إلى مجلس الشورى في الجبهة الشامية الذي يرى أن الأخيرة قادرة مع باقي فصائل الجيش الوطني على إدارة منطقة ريف حلب الشمالي بعيداً عن هيئة تحرير الشام المصنفة في قوائم الإرهاب الدولية”.

وأضاف المصدر:

“بعد محاولات الهيئة بدأت الجبهة الشامية في محاولة استقطاب فصائل الجيش الوطني الأخرى إلى صفها من خلال إنشائها غرفة عزم، لكن هذا المشروع باء بالفشل أيضاً حيث لم تتجاوب فصائل الجيش الوطني الأخرى بالشكل الكافي. ولم يتحالف مع الجبهة بشكل وثيق إلا فصيل جيش الإسلام وهو العدو الأبرز لهيئة تحرير الشام”.

في مقابل مساعي الجبهة الشامية لحشد حلفاء إلى جانبها، سعت هيئة تحرير الشام في ذات الوقت إلى عقد اتفاقات مع فصائل أخرى كبيرة في الجيش الوطني السوري أبرزها فرقة الحمزة، وفرقة السلطان سليمان شاه، وفرقة السلطان مراد.

وحول الاتفاق بين الهيئة من جهة وبين فرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه من جهة أخرى، والذي تضمن بند “القتال المشترك”، تحدث قيادي في فرقة الحمزة (مصدر ثاني) لـ”سوريون” عن الأمر قائلاً:

“في شهر آذار/مارس 2022، تم توقيع اتفاقية أمنية غير معلنة بين هيئة تحرير الشام من جهة وفرقتي الحمزة والسلطان سليمان شاه من جهة أخرى. تنص هذه الاتفاقية على القتال المشترك والدفاع عن أطراف الاتفاقية في حال التعرض لأي تهديد أو هجوم، ويتضمن ذلك دعم غير محدود بالأسلحة والمقاتلين والذخيرة”.

وبما يخصّ الاتفاق الذي تم بين الهيئة وفرقة السلطان مراد والذي كان أبرز بنوده بقاء السلطان مراد على الحياد في أي نزاع مستقبلي بين الهيئة والفصائل، وجاء هذا الاتفاق بعد نحو شهر من الاتفاق الآنف الذكر، وحول ذلك قال قيادي في الفيلق الثاني (مصدر ثالث) كان مطلعاً على الاجتماع لـ”سوريون” ما يلي:

“في شهر نيسان/أبريل 2022، اجتمع كل من قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، وقائد فرقة السلطان مراد فهيم عيسى، وهي ثاني أكبر قوة عسكرية بعد الجبهة الشامية. جرى اللقاء بين الطرفين في قرية رأس الحصن بريف إدلب. تم الاتفاق على وقوف فرقة السلطان مراد ذات الغالية التركمانية على الحياد في أي نزاع عسكري بين تحرير الشام والجبهة الشامية، وعلى استمرار العلاقة الجيدة بين الفرقة وهذين الطرفين. أخذت الفرقة هذا الموقف بناءً على توجيه من المخابرات التركية”.

بعد فترة وجيزة من عقد هذه الاتفاقات دار الخلاف بين “الجبهة الشامية” و”أحرار الشام القطاع الشرقي” الأمر الذي استغلته “تحرير الشام” لبدء تواجدها العسكري في ريف حلب الشمالي، وحول هذا الأمر قال قيادي (مصدر رابع) في صفوف جيش الإسلام المنضوي في الفيلق الثالث لـ”سوريون” ما يلي:

“بعد تحالف هيئة تحرير الشام مع فرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه، بحثت الهيئة عن سبب لدخول ريف حلب الشمالي لمواجهة الجبهة الشامية عسكرياً. لذلك استغلت مشكلة القطاع الشرقي-أحرار الشام، والذي انشق عن الجبهة الشامية. تكفلت هيئة تحرير الشام بدفع رواتبه للقيام بهذه المناورة، وأرسلت بشكل فردي عناصر أمنية وعسكرية لتتواجد بصفوف أحرار الشام، وتكون أول قدم تضعها في درع الفرات وغصن الزيتون. ولكن دون إعلان ذلك، بغية التمكن من التنسيق والتجهيز لدخولها بشكل مكثف”.

في محاولة لوقف الاقتتال بين الجبهة الشامية والقطاع الشرقي، تدخلت “لجنة الإصلاح الوطني” (تتبع للجيش الوطني بشكل مباشر وتم تشكيلها في أيلول/سبتمبر 2021، لحل الخلافات داخل الجيش)، في محاولة منها لحل الخلاف بين القطاع الشرقي والجبهة الشامية في أيار/مايو 2022، لكن القطاع الشرقي أعلن انشقاقه عن الجبهة وانضمامه إلى الفيلق الثاني وبدء بزيادة عدد عناصره لاسيما بعد وصول أفراد من هيئة تحرير الشام وانضمامهم إلى القطاع الشرقي وتشكيلهم خلية أمنية في كل من الباب وعفرين.

وللوقوف على تلك الأحداث والحديث عن دخول عناصر من تحرير الشام إلى ريف حلب الشمالي وعفرين قابلت “سوريون من أجل الحقيقة” عضواً في لجنة الإصلاح الوطني وضابط عمليات في الشرطة العسكرية وقيادي سابق ضمن القطاع الشرقي، حيث قال عضو في لجنة الإصلاح (مصدر خامس) مايلي:

“نجحت بالفعل مساعي هيئة تحرير الشام، وأعلن القطاع الشرقي-أحرار الشام انشقاقه عن الجبهة الشامية بتوجيه من الجولاني قائد الهيئة. وكرد فعل، قامت الجبهة الشامية بمهاجمة مقرات القطاع الشرقي، وهذا كان مبتغى الجولاني حتى يتمكن من التدخل عسكرياً في ريف حلب الشمالي. وبالفعل بدأت المواجهة العسكرية وانتهت على عجل باتفاق لوقف الاقتتال وإعادة المقرات التي سيطرت عليها الجبهة الشامية إلى القطاع الشرقي”.

من جانبه أضاف ضابط عمليات في الشرطة العسكرية في عفرين (مصدر سادس) لـ”سوريون” ما يلي:

“تم رصد زيادة كبيرة بأعداد مقاتلي القطاع الشرقي-أحرار الشام. تتمثل هذه الزيادة بكتيبة عسكرية لهيئة تحرير الشام وخلية أمنية، مهمتهما جمع المعلومات والتخطيط عسكرياً لمواجهة شاملة مع الجبهة الشامية، وتأسيس قاعدة لوجستية قادرة على تغذية هذا الهجوم”.

كما تحدث قيادي منشق عن القطاع الشرقي-أحرار الشام  (مصدر  سابع) لـ”سوريون”:

“كانت الخلية الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام، والتي دخلت تحت جناح حركة أحرار الشام، قد بدأت عملها على جمع المعلومات الأمنية والعسكرية حول مقرات الفصائل وأماكن تواجدها وأعداد مقاتليها ونوعية السلاح الذي تستخدمه. كذلك وضعت خططاً للتوغل المنظم في منطقة عفرين، بينما فشلت محاولتها في منطقة الباب بريف حلب الشمالي حيث كانت حركة أحرار الشام، التي تعمل الهيئة تحت غطائها، تحت مراقبة المكتب الأمني لجيش الإسلام، والذي سعى للحد من انتشارها وعرقلة جهودها”.

  1. المواجهات العسكرية خلال تشرين الأول/أكتوبر 2022:

عادت المواجهات العسكرية بين الفيلق الثالث (الجبهة الشامية وجيش الإسلام) وفرقة الحمزة في مدينة الباب في ريف حلب الشمالي في ليل 10 تشرين الأول/أكتوبر، بعد الكشف عن تورط الأخيرة في عملية اغتيال الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف عبد الرحيم (أبوغنوم).

ومع امتداد الاشتباكات بين الطرفين إلى منطقة عفرين، ظهرت التحالفات على العلن، لا سيما الاتفاق الموقع بين هيئة تحرير الشام وفرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه. وأصبحت الخارطة العسكرية كالتالي:

فصائل الجيش الوطني السوري المعارض عند بدء المعارك:

–        الطرف الأول: الفيلق الثالث من الجيش الوطني السوري (الجبهة الشامية، جيش الإسلام).

–        الطرف الثاني: فصائل من الجيش الوطني السوري (فرقة الحمزة، فرقة السلطان سليمان شاه، حركة أحرار الشام الإسلامية)، وهيئة تحرير الشام.

أما باقي فصائل الجيش الوطني السوري فقد وقفت على الحياد في المعارك وأثناء توسع هيئة تحرير الشام في المنطقة. أبرزها حركة التحرير والبناء (أحرار الشرقية، جيش الشرقية)، فيلق الشام، فرقة السلطان مراد، فرقة المعتصم.

آنذاك، أرسلت هيئة تحرير الشام تعزيزات عسكرية كبيرة إلى منطقة عفرين وتمكنت من طرد الفيلق الثالث من المنطقة وتثبيت وجودها هناك، وقال قيادي في هيئة تحرير الشام (مصدر  ثامن) لـ”سوريون” في هذا السياق ما يلي:

“مع انطلاق المواجهات العسكرية بين الفيلق الثالث وفرقة الحمزة، سارعت تحرير الشام إلى تنسيق الهجوم الأكبر على الفيلق، ودفعت تعزيزات عسكرية كبيرة لا سيما لواء عمر ولواء طلحة، وهو اللواء الذي أرسلت منه الخلية الأمنية بشكل مسبق. نجحت الهيئة سريعاً في فرض اتساعها في منطقة عفرين، وتوقفت عند قرية كفرجنة، حيث تحصنت قوات الفيلق الثالث هناك وحصلت اشتباكات عنيفة”.

استمرت المواجهات العنيفة حتى تاريخ 17 تشرين الأول/أكتوبر، وفشلت هيئة تحرير الشام وفرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه، من تجاوز خطوط الدفاع التي أعدها الفيلق الثالث في منطقة كفرجنة قرب مدينة إعزاز بعد انسحابه من منطقة عفرين، وبدأ الحديث عن تهدئة بين الأطراف المتنازعة بوساطة تركية، وحول ذلك قال قيادي في الجيش الوطني (مصدر  تاسع) لـ”سوريون” حول ذلك:

“رغم التهدئة قامت تحرير الشام بتوزيع مجموعات عسكرية على مقرات تتبع لفرقتي الحمزة والسلطان سليمان شاه، وبقيت الأعلام مرفوعة، وذلك من أجل التحضير لهجوم أوسع على مدينة إعزاز والسيطرة عليها، وأيضاً تخوفاً من شن الفيلق الثالث الهجوم لاستعادة ما خسره في منطقة عفرين. كما قامت تحرير الشام بتوزيع عناصر لها على حواجز الشرطة المدنية في عفرين، وبدأت تستقبل شكاوى السكان، وقامت بجلب سيارات لإزالة النفايات من الشوارع وذلك بعد توقف عمل المجلس المحلي في عفرين نتيجة المواجهات التي حدثت. هذا وقد قامت مرة بتوزيع الخبز على المخيمات قبل أن يعود المجلس المحلي للعمل ومزاولة نشاطه. وكان أهم نصر لتحرير الشام أنها تمكنت من السيطرة على معبر الحمران الذي يعتبر المنفذ الأساسي لدخول المحروقات من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية باتجاه شمالي غرب سوريا”.

ويضيف القيادي:

“استمر الهدوء لأيام قليلة قبل أن تعاود تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها الهجوم بشكل شرس على كفرجنة. لكن الهجوم فشل بسبب التحصن القوي للفيلق الثالث. تدخلت حينها المخابرات التركية بشكل مباشر وأمرت بوقت الاشتباكات، وقام الجيش التركي بنشر مدرعات في عفرين، وطلب من الطرفين سحب المظاهر العسكرية والبدء بمفاوضات واسعة بحضور المخابرات التركية. كانت مساعي الأتراك جدية لاسيما بعد تعرض المنطقة لقصف روسي ونزوح مئات العائلات من المخيمات نحو الشريط الحدودي مع تركيا”.

إلى ذلك، أكد قيادي عراقي في هيئة تحرير الشام (مصدر عاشر) وجود تنسيق وتفاهمات بين الجانب التركي وهيئة تحرير الشام وقبول لتواجدها في المنطقة، حيث قال في شهادة حصرية لسوريون ما يلي:

“بعد الهدنة الثانية، طلبت تركيا من هيئة تحرير الشام عدم التدخل بأي مؤسسات تديرها تركيا في شمالي حلب وهي الشرطة المدنية والعسكرية والمشافي والمدارس والمساجد والمجالس المحلية. كما طلبت منها المحافظة على مكونات ثلاث فصائل في الجيش الوطني السوري وهي (فرقة الحمزة وفرقة السلطان مراد وفرقة السلطان سليمان شاه). كذلك أوضحت تركيا خلال الاجتماعات أنها غير مهتمة لمساعي تحرير الشام بالسيطرة على شمالي حلب أو القضاء على باقي فصائل الجيش الوطني السوري”.

لقد لعبت حادثة مقتل “أبو غنوم” والاقتتال الذي تلاها دوراً أساسياً وهاماً في بقاء تحرير الشام في منطقة عفرين وتعزيز تواجدها في عدة مجالات وليس فقط التواجد العسكري، حيث عملت على تشكيل مكتب أمني/جهاز أمني يوازي في عمله عمل جهاز الشرطة المدنية، وذلك بحسب القيادي (المصدر السابق رقم 9 ) والذي أضاف في حديثه مع “سوريون” ما يلي:

“في الحقيقة تهدف هيئة تحرير الشام إلى السيطرة الكاملة والفعلية على ريف حلب الشمالي وتفكيك فصائل الجيش الوطني السوري، إما بضمهم إليها أو بإجبارهم على ترك السلاح واعتزال العمل العسكري. لتنتقل بعدها إلى المرحلة الثانية وهي إدارة المنطقة سياسياً وإدارياً وإنهاء دور الائتلاف السوري المعارض والحكومة المؤقتة. لكن عندما طلبت تركيا من هيئة تحرير الشام عدم التدخل في المؤسسات التي تديرها تركيا بشكل مباشر، عملت الهيئة على الالتفاف على ذلك المطلب من خلال تأسيس لعملٍ موازٍ في عفرين يؤدي عمل الحكومة المؤقتة، حيث قامت بتفعيل جهاز الأمن العام لعرقلة عمل الشرطة المدنية، وتقويض دور الحكومة المؤقتة في إدارة المنطقة”.

أيضاً أفاد شاهد عيان مدني (مصدر 11) في مدينة عفرين بأن الجهاز التابع لهيئة تحرير الشام نفذ عدة عمليات اعتقال بحق عناصر سابقين في “جيش الإسلام” و”الجبهة الشامية”، حيث قال ما يلي:

“بالفعل بدأ جهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام بالتحرك في مدينة عفرين، وشن عمليات مداهمة واعتقال طالت عدداً من الأشخاص الذين كانوا يتبعون سابقاً لفصيل جيش الإسلام والجبهة الشامية، وكان معهم مخبرون أثناء عمليات الاعتقال”.

  1. أدلّة بصرية على تواجد “هيئة تحرير الشام” في عفرين:

لتأكيد الوجود العسكري لتحرير الشام في منطقة عفرين والتحقق منه بشكل قطعي، قام الخبير الرقمي في “سوريون” بجمع مواد بصرية من مصادر مفتوحة مختلفة، تظهر قوافل الهيئة وهي تدخل عفرين وكذلك انتشار أفرادها في مواقع مختلفة في المنطقة. حتى أن إحدى الصور تظهر “البراق” وهي مركبة مدرعة من تصنيع  “هيئة تحرير الشام” أثناء تواجدها في عفرين.

صورة رقم (1) – دخول رتل من مقاتلي “هيئة تحرير الشام” و”أحرار الشام” إلى مدينة عفرين بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 2022 (المصدر).

صورة رقم (2) – الموقع الجغرافي للصورة رقم 1 (الإحداثيات: 36.516701, 36.842997).

صورة رقم (3) – مركبة مصفحة من صنع “هيئة تحرير الشام” تُدعى “البراق” في مدينة عفرين، 14 تشرين الأول/أكتوبر 2022. مركبة البراق في الصورة تحمل الرقم 244 ، فيما تظهر على زي المقاتل في المركبة رقعة “الإدارة العامة للحواجز” التابعة للهيئة (المصدر).

صورة رقم (4) – مركبة (البراق 244) ذاتها، في صورة نشرتها “الإدارة العامة للحزاجز” التابعة “لهيئة تحرير الشام”، آب/أغسطس 2020 (المصدر).

صورة رقم (5) – مركبة (البراق 244) التابعة ل”هيئة تحرير الشام” في عفرين في “دوار نوروز” 14 تشرين الأول/أكتوبر 2022 (المصدر).

صورة رقم (6) – الموقع الجغرافي للصورة رقم 5  (الإحداثيات: 36.515150, 36.860419).

صورة رقم (7) – قافلة مقاتلين من “كتائب خالد بن الوليد” التابعة ل”هيئة تحرير الشام” في مدينة عفرين، 14 تشرين الأول/أكتوبر 2022 (المصدر ).

صورة رقم (8) – الموقع الجغرافي للصورة رقم 7  (الإحداثيات: 36.510429, 36.871574)

صورة رقم (9) – عناصر من “حكومة الإنقاذ” التابعة ل”هيئة تحرير الشام” يوزعون الخبز في عفرين 14 تشرين الأول/أكتوبر 2022 (المصدر).

صورة رقم (10) – أعضاء من “مؤسسة البيئة النظيفة” (E-Clean) المرتبطة ب”هيئة تحرير الشام” ومقرها إدلب، شوهدوا في

مدينة عفرين في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2022. (المصدر).

صورة رقم (11).

صورة رقم (11&12) –وفقاً للمصدر، توثق الصور عملية نقل دبابات في عفرين، مصدرها إدلب مطلع كانون الثاني/ يناير 2023. ولم تتمكن “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” من تأكيد موقع المركبات بعد. (المصدر).

  1. الزلزال يعزز تواجد “تحرير الشام” في عفرين:

أكّدت كارثة الزلزال التي ضربت جنوبي تركيا وشمالي سوريا، وأدت لمقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، أن هيئة تحرير الشام ما تزال متواجدة في منطقة عفرين من الناحية العسكرية وكذلك برز دور حكومة الإنقاذ التي أسستها تحرير الشام من الناحية الخدمية في فترة ما بعد الكارثة، حيث قامت تحرير الشام بنشر قوات عسكرية في ناحية جنديرس على وجه الخصوص، وكذلك عملت هيئاتها الخدمية في رفع الأنقاض وانتشال الضحايا والجثث.

ولغرض التأكد من هذا التواجد، قابلت “سوريون” عدداً من المصادر بينهم عامل إغاثة أكدوا جميعاً الدور الذي قامت به الهيئة في الاستجابة في الفترة التي تلت الزلزال، حيث قال قيادي في تحرير الشام ( مصدر 12 ) لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة ما يلي:

“أرسلت تحرير الشام آليات ثقيلة ومحروقات ومعدات ومساعدات إلى منطقة جنديرس، بحكم الاتفاقية الأمنية الموقعة مع فرقة السلطان سليمان شاه (العمشات) وفرقة الحمزة، وكان الهدف من تلك المساعدات إظهار ان حكومة الإنقاذ حكومة ناجحة في إدارة الأزمات وتمّ تصوير عدة مقاطع مصورة في جنديرس من أجل ذلك، ولكن على الجانب الآخر كان هناك تقصير في عمل حكومة الإنقاذ بإدلب من حيث توفر الآليات والمحروقات، ما أدى لتذمر عناصر الهيئة وبعض القيادات فيها على الرغم من أن حكومة الإنقاذ أعطت أولوية في إدلب لإنقاذ عناصر الهيئة وقيادتها من المتضررين من الزلزال”.

ويضيف القيادي:

“في جنديرس تلقت هيئة تحرير الشام حصة من المنظمات العاملة في المنطقة حالها كحال فصائل الجيش الوطني، حيث تلقت تحرير الشام ما نسبته 25% من المساعدات، كذلك أرسلت فرقة السلطان سليمان شاه طلبا لتحرير الشام من أجل ضبط الوضع الأمني، وفعلاً نشرت تحرير الشام قوات وتمكنت من اعتقال بعض اللصوص وتم نقلهم إلى إدلب لمحاكمتهم هناك”.

أما عامل الإغاثة (مصدر 13) “محمد” وهو أحد المتطوعين في فرق الإنقاذ في جنديرس قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدلة ما يلي:

“أثناء عمليات البحث والإنقاذ دخل أناس كثر إلى جنديرس بغرض السرقة والبحث عن الأموال والذهب بين أنقاض المنازل المدمرة أو التي تركوها سكانها، وهنا لاحظنا انتشار مجموعات أمنية وعسكرية من هيئة تحرير الشام في المناطق المتضررة بالزلزال، وبدأوا بفرض الأمن بالقوة، وكل مجموعة تريد أن تعمل بالإنقاذ كان يجب عليها مراجعة تحرير الشام، وتقوم الأخيرة بالتحقق منهم ومن يشكون بأمره يستبعدونه من المنطقة، كذلك قام عناصر من تحرير الشام بإطلاق النار على مجموعة من السارقين أدى لإصابة أحدهم وجرى اعتقال باقي الأفراد”.


 

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد