الرئيسية صحافة حقوق الإنسان التسلسل الزمني لمسألة تكرار قطع مياه محطة علوك شمال شرق سوريا

التسلسل الزمني لمسألة تكرار قطع مياه محطة علوك شمال شرق سوريا

مطالبات محلّية لتحييد المحطّة من الصراعات العسكرية والسياسية وضمان استفادة جميع سكان شمال شرق سوريا من المياه وغيرها من الموارد بشكل عادل ومنصف برقابة دولية محايدة

بواسطة bassamalahmed
926 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع
  1. متى وكيف بدأت مشكلة انقطاع مياه محطة علوك؟

لم تكد تمضي سوى ساعات قليلة على بدء العملية العسكرية التركيةالمُسمّاة “نبع السلام” شمال شرقي سوريا بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، حتى خرجت (محطة محياه علوك / 36.873075,40.185889) عن الخدمة نتيجة القصف المدفعي، إذ تعرّض مبنى المحطة لعدة قذائف، فيما أصابت أخرى خطوط الكهرباء المغذية لها، ما أدى إلى توقف ضخّ مياه الشرب إلى مدينة الحسكة وأريافها بشكل كامل. وهو ما أكدّته لجنة التحقيق الدولية في تقريرها المنشور نهاية شهر كانون الثاني/يناير 2020، مضيفة أنّ عمال حاولوا إجراء إصلاحات، إلاّ أنّهم تعرّضوا للخطف على يد المجموعة المسلّحة المسماة “أحرار الشرقية” إحدى الفصائل السورية المعارضة.[1]

وتعدّ محطة مياه علوك، التي شهدت خدماتها تكرار الانقطاع، المصدر الوحيد لمياه الشرب لحوالي 800 ألف شخص، بالإضافة إلى كونها المصدر الرئيسي لنقل المياه بالشاحنات لمخيمات الهول والعريشة/السّد والتوينة (واشو كاني).[2] التي تضم عشرات الآلاف من النازحين داخلياً من محافظات ومناطق سوريّة مختلفة.

صورة رقم (1).

وكان قد تمَّ إنشاء “محطة علوك” لتجميع وضخ المياه في العام 2010، وذلك بعد شحّ مصادر مياه الشرب في الحسكة وأريافها، إذ تمّ حفر (30) بئراً إرتوازياً بالقرب من قرية “علوك شرقي” (10 كم شرقي مدينة رأس العين/سري كانيه) باستطاعة ضخ تبلغ حوالي (175) ألف متر مكعب من المياة الصالحة للشرب يومياً. وتضم المحطة خزان مياه تبلغ سعته (25) ألف متر مكعب، و (12) مضخة كبيرة، تقوم بضخّ المياه عبر خطوط نقل بطول (67) كيلو متر لإيصالها إلى محطة مياه “منطقة الحمّة” بريف الحسكة الغربي، ومنها إلى التجمعات السكانية.

صورة رقم (1) و (2) – خرائط توضّح المناطق التي تعتمد على محطة مياه “علوك” كمصدر أساسي للمياه.

  1. المحاولة الأولى لإعادة تفعيل المحطة وضخّ المياه:

حاولت الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا وجهات من الحكومة السورية (يتقاسمان السيطرة على مدينة الحسكة) إعادة “محطة مياه علوك” إلى الخدمة، بمساعدة مباشرة من القيادة العسكرية الروسية المتواجدة في المنطقة، التي تولت -عملياً- المحادثات مع تركيا وتدخلت أكثر من مرة لحثّ القوات التركية على تشغيل المحطة. لكن الأخيرة اشترطت صيانة “محطة[3] كهرباء مبروكة” غربي رأس العين/سري كانيه، التي كانت تخضع لسيطرة القوات التركية والجيش الوطني السوري/المعارض، وتغذيتها بالكهرباء من “سد تشرين” الذي تتم ادارته بشكل مشترك بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية، مقابل تشغيل محطة “علوك” للمياه.

تقع محطة تحويل كهرباء مبروكة على الطريق الدولي M4 وتبعد عن بلدة مبروكة حوالي (14 كم)، وهي تتغذى من “سد تشرين”، وبدورها تُحول الكهرباء إلى مناطق في الجزيرة السورية/محافظة الحسكة. وقد خرجت المحطة عن الخدمة خلال العملية العسكرية التركية في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، بعد إيقاف تغذيتها من كهرباء “سد تشرين” من قبل الإدارة الذاتية، إضافة إلى تعرّض محولات ومعدات كهربائية فيها للسرقة من قبل مجموعات مسلّحة تُطلق على نفسها اسم (كتائب الصفوة الإسلامية[4] – فرقة الصفوة) وهي إحدى المجموعات العسكرية المنضوية تحت قيادة “الجيش الوطني السوري” التابع “للإئتلاف السوري المعارض”.

 

  1. ضخّ المياه من علوك مقابل الكهرباء من سد تشرين، الاتفاق الأساسي الأول:

بعد بدء محادثات بين القوات الروسية والتركية في المنطقة، سمحت القوات التركية المسيطرة على المحطة لفريق من العاملين في “محطة علوك” للمياه، برفقة مؤسسة الكهرباء الحكومية السورية في الحسكة، ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري، بدخول المحطة بتاريخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، من أجل تفقدها والعمل على تشغيلها.

نتيجة للتفاهمات المبدئية، تمت إعادة تشغيل محطة “علوك” للمياه بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، بعد (35) يوماً من خروجها عن الخدمة (وبعد أربعة أيام من عملية إصلاحها). (حتى قبل دخول محطة مبروكة للكهرباء في الخدمة، حيث أنّ محطة علوك كانت تتغذى على الكهرباء القادمة من محطة السويدية عبر الدرباسية).

أفضت المحادثات الروسية التركية إلى اتفاق نهائي، في مطلع كانون الأول/ديسمبر 2019، يقضي بإنسحاب قوات المعارضة السورية من “محطة كهرباء مبروكة” وتسليمها إلى قوات الحكومة السورية والإدارة الذاتية، على أن تتمَّ صيانتها وتغذية مناطق “نبع السلام” عبرها بـ (7) ميغا واط من الكهرباء من سد تشرين الذي يخضع لسيطرة الحكومة السورية والسلطات بقيادة الإدارة الذاتية، وذلك مقابل سماح “أنقرة” بضخ المياه من محطة “علوك”. وهو الاتفاق الأساسي الأول بين الدولتين.

 

  1. تنصل “أنقرة” من الاتفاق الأول واستياء روسي رسمي:

بتاريخ 24 شباط/فبراير 2020، عمدت القوات التركية إلى إيقاف ضخّ المياه من “محطة علوك” وطرد الفنيين العاملين فيها دون توضيح الأسباب. وبعد 10 أيام من إيقاف ضخّ المياه من المحطة، عقدت القيادة العسكرية الروسية في شمال شرقي سوريا، لقاءً مع الصحفيين[5] في القاعدة الروسية داخل مطار القامشلي/قامشلو الدولي، وذلك بتاريخ 4 آذار/مارس 2020، اتهمت خلاله تركيا بعرقلة تفعيل محطة علوك للمياه، وعدم الالتزام بوعودها، رغم اتفاق سابق بين الجانبين. وقال قائد القوات العسكرية الروسية في شمال شرقي سوريا، “الجنرال أناتولي” إنه أجرى اتصالاً مع رئيس مركز التنسيق التركي “برهان أكتاش” لتفعيل المحطة، كما عُقد اجتماع بينهما بتاريخ 26 شباط/فبراير 2020، في مدينة نصيبين التركية لمناقشة موضوع محطة مياه علوك. ووفقاً لقائد القوات الروسية في شمال شرقي سوريا فأن الجانب التركي لم يلتزم بالخطط التي وضعها الطرفان سوياً، بالرغم من قيام القوات الروسية بمساعدة (قسد) والحكومة السورية بصيانة محطة مبروكة، وتغذيتها بالكهرباء من سد تشرين.

 

  1. ادعاءات “غير صحيحة” من قبل المجلس المحلي لمدينة رأس العين لتبرير التنصل من الاتفاق الأول/الأساسي:

عقب الاتهام الروسي لأنقرة، قال المجلس المحلي لمدينة رأس العين “المعارض” عبر منشور على صفحته الرسمية على موقع “فيس بوك” بتاريخ 4 آذار/مارس 2020، إن السبب وراء قطع مياه محطة علوك هو قطع الكهرباء عن مدينة رأس العين/سري كانيه وتل أبيض من سد “تشرين”، متهماً الإدارة الذاتية والحكومة السورية بقطع الكهرباء عن محطة “مبروكة”. وبحسب ما جاء في منشور المجلس المحلي لمدينة رأس العين، التابع للحكومة السورية المؤقتة، الذي تم تشكيله عقب سيطرة تركيا والجيش الوطني السوري على المدينة، فإن محطة علوك للمياه تعتمد على الكهرباء الواردة من سد تشرين، لذلك فإن إعادة ضخ المياه تعتمد على إعادة ايصال الكهرباء لمدينة رأس العين/سري كانيه.

لكن بعد البحث والتحقق، تبيّن زيف ادعاءات المجلس المحلي في رأس العين ورئيسه، حيث تتم تغذية محطة علوك من “محطة كهرباء الدرباسية” التي تتغذى أيضاً من منشأة توليد كهرباء السويدية في ريف مدينة المالكية/ديريك، إلى جانب كهرباء سد تشرين، فضلاً عن وجود مولدات احتياطية لتوليد الطاقة الكهربائية في محطة علوك.

وهو ما أكدته منظمة هيومن رايتس ووتش، التي أصدرت تقريراً بتاريخ 31 آذار/مارس 2020، أشارت فيه إلى أنّ محطة المياه تمتلك قدراً كافياً من الكهرباء فيها للتشغل.[6]

  1. الابتزاز والمساومة على حمولة إضافية من كهرباء سدّ تشرين – الاتفاق الثاني:

بعد التصريح الروسي بيوم واحد، أي بتاريخ 5 آذار/مارس 2020، عادت محطة علوك للمياه إلى الخدمة مجدداً، بعد (11) يوم من قيام القوات التركية بإيقاف تشغيل المحطة وطرد العاملين فيها، وعادت لضخّ المياه إلى مدينة الحسكة وبلدة تل تمر وأريافهما بعد سماح الجانب التركي للعاملين في المحطة بتفعيلها.

وفي هذا الصدد، قال مهندسون في ورشة الكهرباء المشتركة بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إن القوات التركية سمحت بتشغيل محطة مياه علوك بعد تفاهمات مع الجانب الروسي تقضي برفع قدرة الكهرباء الواردة من سد تشرين إلى محطة مبروكة إلى 10 ميغا واط بدلاً من 7 ميغا واط، لتغذية مدينتي رأس العين/سري كانيه و تل أبيض والأرياف المحيطة بهما بالكهرباء (أي المناطق المسّماة: مناطق عملية نبع السلام العسكرية). (وهو ما عُرف باسم الاتفاق الثاني).

 

  1. تنصّل من الاتفاق الثاني والمطالبة بـ23 ميغا واط من كهرباء سدّ تشرين على حساب باقي المناطق في شمال شرق سوريا:

بتاريخ 21 آذار/مارس 2020، عمدت القوات التركية مجدداً، إلى قطع المياه عن حوالي 800 ألف شخص من سكان شمال شرقي سوريا، عبر ايقاف عمل المحطّة مرة أخرى دون توضيح الأسباب.

حول السبب وراء وقف ضخ المياه من محطة علوك قالت مصادر هندسية مشرفة في لجنة الكهرباء المشتركة بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إن تركيا اشترطت تغذية محطة كهرباء “مبروكة” بـ 23 ميغا واط من الكهرباء بدلاً من 10 ميغا واط، مقابل السماح بضخ المياه من محطة علوك. وقالوا أن تمَّ ذلك سيكون على حساب مناطق أخرى من التي تخضع لسيطرة الإدارة الذاتية، والتي تتغذى هي بدورها على الكهرباء القادمة من سدّ تشرين.

علماً أنّ مدينة رأس العين/سري كانيه كانت تُغذى قبيل الهجوم العسكري التركي على شمال شرقي سوريا، بـ 10 ميغا واط من الكهرباء، متضمنة الكهرباء المخصصة لتشغيل محطة علوك أحياناً. وذلك بحسب هيئة الطاقة التابعة للإدارة الذاتية.

 

  1. تنديد محلّي ودولي من إستخدام تركيا للمياه كسلاح خلال جائحة كورونا:

تنديداً بقطع المياه، قالت “منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف” في بيان صدر على لسان ممثلها في سوريا “فران ايكيثا”، بتاريخ 23 آذار/مارس 2020 إن توقف ضخ المياه من محطة علوك يعرض (460) ألف شخص للخطر، في خضم تصاعد الجهود لمنع انتشار مرض فيروس كورونا. وبحسب ممثل اليونيسيف في سوريا فإن “انقطاع المياه يعرض الأطفال والأسر لخطر غير مقبول. غسل اليدين بالصابون أمر بالغ الأهمية في مكافحة مرض COVID-19.[7]

كما أصدرت 49 منظمة سوريّة بياناً بتاريخ 27 آذار/مارس 2020، نددت فيه بعمليات القطع المتكررة، مطالبةً بتحييد محطة مياه علوك من الصراعات السياسية والعسكرية وضمان أن يستفيد جميع سكان منطقة شمال شرقي سوريا من الموارد المائية بشكل عادل ودون أن تمييز من أي نوع كان.[8]

منظمة “هيومن رايتس ووتش” هي الأخرى أصدرت تقريراً بتاريخ 31 آذار/مارس 2020، قالت فيه إن تقاعس السلطات التركية عن ضمان إمدادات مياه كافية لمناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا يضر بقدرة المنظمات الإنسانية على تجهيز المجتمعات الضعيفة لحمايتها، في ظل انتشار فيروس “كورونا” الجديد المسبب لوباء “كوفيد-19” العالمي.[9]

 

  1. اتفاق ثالث على إعادة ضخّ المياه مقابل حمولة إضافية من الكهرباء:

بعد عدة جولات من المفاوضات بين القيادة العسكرية الروسية في شمال شرقي سوريا والقوات التركية، سمحت الأخيرة بإعادة ضخ المياه من محطة علوك شرقي رأس العين/سري كانيه، بتاريخ 26 آذار/مارس 2020، عقب 5 أيام من إيقافها عن العمل. حيث اتفق الطرفان التركي والروسي، على تزويد مناطق “نبع السلام” بـ 12 ميغا واط من الكهرباء من سد تشرين عبر محطة مبروكة، مقابل ضخ المياه من محطة علوك إلى مدينة الحسكة وأريافها، وذلك بحسب المهندسين المشرفين في لجنة الكهرباء المشتركة بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية.

على الرغم من الاتفاق، بتاريخ 29 آذار/مارس 2020، قطعت القوات التركية المياه عن مدينة الحسكة وأريافها للمرة الثانية خلال أقل من 10 أيام، بعد إيقاف الضخ من محطة علوك شرقي رأس العين/سري كانيه، قبل أن تسمح مجدداً بتشغيل المحطة، عقب يوم واحد فقط من عملية القطع، وتحديداً بتاريخ 30 آذار/مارس 2020، ولكن دون تقديم ضمانات حول إستمرار عملها.

 

  1. انقطاع المياه مرة أخرى نتيجة استهداف إنبوب المياه الرئيسي من قبل الجماعات المدعومة من أنقرة:

مجدداً، وبتاريخ 2 نيسان/أبريل 2020، انقطعت المياه عن مدينة الحسكة وأريافها، نتيجة حدوث ثقب/انفجار في خط المياه الرئيسي المؤدي من محطة علوك إلى محطة مياه/تجميع الحمّة غربي مدينة الحسكة، بالقرب من قرية أمّ الكيف (3 كم شمالي بلدة تل تمر) عقب تعرضها لقصف بالمدفعية وقذائف الهاون نفذته قوات “الجيش الوطني السوري “المعارض المسيطر على منطقة نبع السلام بالإشتراك مع القوات التركية. على إثر ذلك، بدأت ورشة الصيانة التابعة لمحطة علوك وهي الورشة المشتركة بين “الحكومة السورية/دمشق” و “الإدارة الذاتية” بتاريخ 3 نيسان/أبريل 2020 أعمال صيانة القسم المتضرر من الخط الرئيسي لنقل المياه من محطة علوك.

صورة رقم (3) – صورة تظهر الخط الرئيسي لنقل المياه من محطة علوك، والذي خرج عن الخدمة بالقرب من قرية أم الكيف، عقب تعرضها للقصف بقذائف المدفعية والهاون من قبل القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري. مصدر الصورة: صفحة الحسكة على موقع فيس بوك.

صورة رقم (4).

صورة رقم (5) – صور (3) و (4) مأخوذة من مقطع فيديو نشرته وكالة “هاوار/التابعة للإدارة الذاتية” تُظهر الضرر الذي وقع بأنبوب المياه. إضافة إلى تحليل الأدلة البصرية المتوفرة (صورة رقم 5).

تمّ إعادة ضخّ المياه من محطة علوك في 5 نيسان/أبريل 2020، وذلك بعد إصلاح الخط الرئيسي لنقل المياه من المحطة الرئيسية إلى محطة الحمّة غربي الحسكة.

 

  1. عمليات قطع متكررة حرمت السكان من المياه:

استمرت عمليات القطع المتكررة للمياه من قبل تركيا حتى بعد شهر نيسان، ففي 7 أيار/مايو 2020 تم إيقاف تفعيل محطة “علوك” مرة أخرى، قبل أن يُعاد تشغيلها مجدداً بعد يومين، أي بتاريخ 9 أيار/مايو 2020. تلى ذلك انقطاع آخر لمياه المحطة دام 5 أيام بين 5 و 10 تموز/يوليو 2020، وفي كل مرة تبادل الطرفان -المعارضة السورية والإدارة الذاتية- الاتهام بالوقوف وراء وقف ضخ المياه من المحطة.

 

  1. ايقاف آخر لضخ المياه، بعد ضعف ضخها من المحطة:

بتاريخ 13 آب/أغسطس 2020، قامت القوات التركية المسيطرة على “محطة مياه علوك” بقطع المياه مجدداً عن سكان مناطق شمال شرق سوريا؛ بعد عمليات قطع متكررة حدثت في أشهر آذار/مارس ونيسان/أبريل وأيار/مايو وتموز/يوليو، تخللها ضعف في ضخّ المياه بشكل متكرر.

انقطاع المياه هذا هو الثامن منذ سيطرة تركيا وفصائل الجيش الوطني السوري على محطة مياه علوك، وأدى إلى تفاقم معاناة السكان المحليين بسبب شحِّ المياه، وسط حظر تعيشه مناطق شمال شرقي سوريا منذ الـ 5 من آب/أغسطس 2020 ضمن سلسلة من الإجراءات الوقائية لمنع تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).

إيقاف تشغيل محطة علوك من قبل تركيا بشكل كامل، جاء بعد أن قامت الإدارة الذاتية بقطع الكهرباء عن مناطق نبع السلام في 13 آب/أغسطس 2020، رداً على عدم التزام “أنقرة” باتفاق تبادل المياه مقابل الكهرباء الذي تمَّ بوساطة روسية، وذلك بسبب ضعف مردود المياه من المحطة وعدم وصولها إلى مدينة “الحسكة” وأريافها بسبب عدم تشغيل جميع الآبار وجميع المضخّات، أي أنّ تركيا حاولت الحصول على نفس كمية الكهرباء المتفق عليها مقابل عائد قليل جداً من مياه علوك.

 

  1. ما هي أسباب ضعف مردود المياه من محطة علوك؟

بحسب المهندسين المشرفين على “محطة مياه علوك” فأن مردود المياه من المحطة قد تقلص بشكل تدريجي إلى الربع تقريباً، منذ مطلع شهر أيار/مايو 2020، وذلك لعدة أسباب، منها:

  • تشغيل مضختين فقط من أصل اثني عشر مضخة في “محطة علوك”، لأن الجهد الكهربائي الوارد إلى المحطة لم يكن كافياً لتشغيلها بكامل طاقتها الإنتاجية، وذلك بسبب الاستجرار غير المشروع من الكهرباء المغذية للمحطة، وعليه لم تتجاوز كمية المياه التي كانت تتم ضخها 25 ألف متر مكعب كحد أقصى يومياً.

وفي هذا الصدد، قال عمال صيانة الكهرباء في المحطة وسكان محليون قابلتهم سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أن فصائل “الجيش الوطني السوري” التي تتمركز في الريف الشرقي الرأس العين/سري كانيه، من بينها (السلطان مراد وولواء صقور الشمال) هي المسؤولة عن ضعف الجهد الكهربائي الوارد إلى محطة علوك، بسبب قيامها بسرقة الكهرباء من الخط الرئيسي الوارد من محطة كهرباء الدرباسية والمخصص لتغذية محطة المياه.

  • الاستجرار غير المشروع لمياه محطة علوك، واستخدامها في سقاية البساتين المنتشرة على طول خط نقل المياه بإتجاه محطة مياه/تجميع “الحمّة” غربي الحسكة. أدى هذا الاستجرار إلى خفض كمية المياه الواردة إلى مدينة “الحسكة” وأريافها.

قال سكان محليون لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة أنّ مسلحي فصائل الجيش الوطني السوري قاموا بإحداث ثقوب على طول خط نقل المياه من محطة علوك واستجرارها لسقاية مئات الهكتارات من الأراضي المزروعة بالقطن، التي قاموا هم أو وكلاء عنهم بزراعتها بعد الإستيلاء عليها.

 

  1. العطش يخنق الحسكة:

وكانت تداعيات انقطاع المياه قد ألقت بظلالها بقوة على حياة السكان المحليين، إذ أطلق أهالي الحسكة ونشطاء مدنيون وسماً (#العطش_يخنق_الحسكة)، للضغط على تركيا، والفصائل المسلّحة الموالية لها من أجل إعادة تشغيل المحطة المائية المحلية، في وقت أبدت أوساط دينية وشعبية واجتماعية تضامنها مع الأهالي.

مطالبين بتحييد ملف المياه عن الصراعات، وإخضاع إدارة “محطة علوك” لفريق مدني مختص ومستقل، بإشراف ورقابة دولية. وأعربت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» عن قلقها حيال شح مياه الشرب بمدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، بعد انقطاع مضخة علوك بريف المدينة الشمالي الغربي عن الخدمة، وسط ارتفاع درجات الحرارة، حيث تجاوزت 40 درجة مئوية، وفقاً لـ تقرير نشرته جريدة “الشرق الأوسط” بتاريخ 23 آب/أغسطس 2020.[10]

 

  1. مشروع بديل لمحطة مياه علوك، لكنه ليس كافياً:

بحثاً عن حل مستدام، كانت مديرية المياه التابعة للإدارة الذاتية قد أعلنت بتاريخ 24 آذار/مارس 2020، عن أنها ستقوم بحفر 50 بئراً في محطة “الحمّة” كمشروعٍ بديلٍ عن محطة علّوك شرقي رأس العين/سري كانيه التي تسيطر عليها القوات التركية، خلال مدة أقصاها شهر، ولكن تنفيذه تأخّر حتى آب/أغسطس 2020. [11]

بعد نحو خمسة أشهر على بدء تنفيذ المشروع، كشفت مديرية مياه الحسكة التابعة للإدارة الذاتية، في 21 آب/أغسطس 2020، عن دخول 25 بئراً في “محطة الحمّة” مرحلة الاختبار، إذ وستعمل بشكل جزئي، وتحتاج إلى ثلاثة أيام من أجل تزويد قسم من أحياء المدينة بالمياه الصالحة للشرب.

وبحسب المديرية العامة لمياه الشرب في الحسكة والتابعة للإدارة الذاتية، فإن مشروع آبار الحمّة شمال غرب الحسكة، سيؤمِّن نحو 50 بالمئة فقط من حاجة الحسكة لمياه الشرب بعد قطع تركيا لمياه محطة علّوك بريف رأس العين/سري كانيه.

لكن، يؤكد نشطاء محليون (على خلاف رواية الإدارة الذاتية) أن محطة مياه “الحمّة” ليست بمستوى محطة مياه “علوك” وهي لن تغطي سوى 25 % من حاجة سكان “الحسكة” وأريافها من مياه الشرب، التي تبلغ نحو 100 ألف متر مكعب يومياً، فضلاً عن أن مياهها أقل جودة من تلك التي تضخها محطة “علوك”.

 

  1. اتفاق رابع على إعادة تشغيل المحطة:

آخر فصول حكاية انقطاع المياه استمرت 10 أيام، وانتهت صباح 22 آب/أغسطس 2020، على إثر الإعلان عن اعادة تشغيل محطة مياه علوك، وتزويد مناطق “نبع السلام” بالتيار الكهربائي، وذلك نتيجة نجاح المفاوضات بين الجانبين التركي والروسي (ممثلاً عن دمشق والإدارة الذاتية) بعد ضغط دولي وشعبي.

نصَّ الاتفاق الرابع بين الروس والأتراك على دخول عمال الصيانة إلى محطة علوك وضمان تشغيل سبع مضخات، بعد أن كان يتم تشغيل مضختين فقط، وذلك مقابل تغذية مناطق نبع السلام بحمولة كهرباء تتراوح بين 12-15 ميغا واط من الكهرباء من سد تشرين. وذلك بحسب أحد المهندسين المشرفين في لجنة الكهرباء المشتركة بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية. (تصريح خاص لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة).

(وبعد خمسة أيام على تشغيل المحطة، وتحديداً بتاريخ 27 آب/أغسطس 2020، قال المهندس المشرف على المحطة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إن عدد الآبار التي تم تشغيلها حتى الآن بلغ 15، وأن ضخ المياه مستمر إلى محطة مياه/تجميع “الحمّة” بواسطة 3-4 مضخات، مؤكداً أن أعمال صيانة الآبار وشبكة الكهرباء المغذية للمحطة مستمرة لزيادة مردود المياه التي يتم ضخها).

وقد كانت 89 منظمة سورية قد أصدرت بياناً صحفياً بتاريخ 24 آب/أغسطس 2020، نددت فيه بعمليات القطع المتكررة لمياه علوك وقدّمت التوصيات التالية إلى الأطراف الدولية:[12]

  1. الضغط على القوات/الحكومة التركية والفصائل والمجالس المحلّية المرتبطة بها من أجل السماح بإعادة ضخّ المياه باتجاه المناطق المحرومة منها بشكل فوري وعاجل، وضمان عدم تكرار عمليات القطع تحت أي ذريعة كانت.
  2. تحييد محطة مياه “علوك” من الصراعات السياسية والعسكرية وإخضاع إدارتها إلى فريق متخصص ومستقل، تحت إشراف ورقابة دولية، وكف يد القوات التركية وأي طرف آخر من استخدامها كورقة ابتزاز.
  3. ضمان أن يستفيد جميع سكان منطقة شمال شرق سوريا من الموارد المائية وأي موارد أخرى بشكل عادل ومنصف، دون تمييز من أي نوع كان برقابة دولية محايدة.
  4. فتح تحقيق شفاف ومستقل حول عمليات القطع المتكررة ومحاسبة المتورطين بهذه الجرائم، أياً كانت الجهة المسؤولة.

 


[1] “تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية”. 28 كانون الثاني/يناير 2020. (آخر زيارة للرابط: 24 آب/أغسطس 2020). https://undocs.org/ar/A/HRC/43/57

[2] ” شمال شرق سورية: الملايين يواجهون نقص المياه والخدمات الصحية المعطلة”. اللجنة الدولية للصليب الأحمر. 21 أيار/مايو 2020. (آخر زيارة للرابط: 24 آب/أغسطس 2020). https://www.icrc.org/ar/document/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D9%88%D9%86-%D9%86%D9%82%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B7%D9%84%D8%A9

[3]  إحداثيات محطة تحويل كهرباء بلدة مبروكة (36°33’29.8″N 39°53’23.9″E).

[4]  تجمّع من فصائل إسلامية متشددة، اندمجت في شهر نيسان/أبريل 2016، وكانت متواجدة بشكل أساسي في حلب وريفها الشمالي، وهي: “كتائب منهاج السنة”، “كتيبة رجال الله”، “كتيبة مكة”، “كتيبة القوة الموحدة”، “كتيبة يوسف الحلبي”، “كتيبة الأنصاري”، “كتيبة عمر بن عبد العزيز”، “كتيبة الهندسة”، “كتيبة سيف الله”.

[5]  جنرال روسي يكشف تفاصيل المفاوضات مع الاتراك لإعادة ضخ المياه للحسكة وتل تمر. كردستان 24. 2 آذار/مارس 2020. (آخر زيارة للرابط 24 آب/أغسطس 2020).

[6]  تركيا/سوريا: المياه سلاح خلال وباء عالمي؟ – هيومن رايتس واتش. 31 آذار/مارس 2020. (آخر زيارة للرابط: 24 آب/أغسطس 2020). https://www.hrw.org/ar/news/2020/03/31/340145

[7] توقف ضخ المياه من محطة المياه الرئيسية في شمال شرق سوريا يعرض 460.000 شخص للخطر في خضم تصاعد الجهود لمنع انتشار فيروس كورونا. بتاريخ 23 آذار/مارس 2020 (آخر زيارة بتاريخ 24 آب/أغسطس 2020). https://www.unicef.org/mena/ar/توقف-ضخ-المياه-محطة-الرئيسية-شمال-شرق-سوريا-يعرض-460000-شخص-للخطر-كورونا/البيانات-الصحفية

[8]  49 منظمة سورية تدين قطع تركيا المتعمّد للمياه في شمال شرق سوريا. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 27 آذار/مارس 2020. (آخر زيارة للرابط 22 آب/أغسطس 2020). https://stj-sy.org/ar/49-منظمة-سورية-تدين-قطع-تركيا-المتعمّد-ل/

[9]  تركيا/سوريا: المياه سلاح خلال وباء عالمي؟ – هيومن رايتس واتش. 31 آذار/مارس 2020. (آخر زيارة للرابط: 22 آب/أغسطس 2020). https://www.hrw.org/ar/news/2020/03/31/340145

[10] ارتفاع درجة الحرارة يفاقم أزمة المياه شمال شرقي سوريا «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» قلقة بعد توقف محطة ضخ في ريف الحسكة، جريدة الشرق الأوسط، بتاريخ 23 آب/أغسطس 2020. (آخر زيارة للرابط بتاريخ 23 آب/أغسطس 2020).

https://aawsat.com/home/article/2463611/%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%AF%D8%B1%D8%AC%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%8A%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%85-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B4%D8%B1%D9%82%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7

[11]  مديرية المياه تبدأ بمشروع بديل لمحطة علوك في الحسكة، وكالة انباء “هاوار” المقربة من الإارة الذاتية، بتاريخ 24 آذار/مارس 2020 (آخر زيارة بتاريخ 22 آب/أغسطس 2020). https://hawarnews.com/ar/haber/mdyryh-almyah-tbda-bmshrwa-bdyl-lmhth-alwk-fy-alhskh-h32047.html%D9%85%D8%AF%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A9

[12] 89 منظمة تندد بتكرار قطع تركيا للمياه عن مئات الآلاف من السكان في شمال شرق سوريا. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 24 آب/أغسطس 2020. (آخر زيارة للرابط: 24 آب/أغسطس 2020). https://stj-sy.org/ar/89-%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%85%d8%a9-%d8%aa%d9%86%d8%af%d8%af-%d8%a8%d8%aa%d9%83%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d9%82%d8%b7%d8%b9-%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%87-%d8%b9%d9%86/

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد