الرئيسية بيانات صحفية مساهمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” استجابة للدعوة لتقديم المدخلات حول سؤال: “ما هي قضايا الأقليات؟”

مساهمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” استجابة للدعوة لتقديم المدخلات حول سؤال: “ما هي قضايا الأقليات؟”

تقدم منظمة "سوريون" مع كل الاحترام هذه المساهمة إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بقضايا الأقليات، رداً على الاستفسار حول "ما هي قضايا الأقليات؟"

بواسطة bassamalahmed
40 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

تمّ تقديم هذه الوثيقة من قبل “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” على شكل أجوبة لأسئلة، استجابة إلى الدعوة التي حملت عنوان “ما هي قضايا الأقليات”، والتي أطلقها المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات السيد “نيكولا ليفرات – Nicolas Levrat” خلال شهر شباط/فبراير 2025.


 

  • السؤال الأول: في أي دولة أو دول تنشط منظمتك المدنية؟ السؤال الثاني: هل الدولة التي تقيم فيها هي نفسها الدولة التي تعمل منها أو تتعاون معها؟

سوريون من أجل الحقيقة والعدالة (STJ) هي منظمة دولية مستقلة وغير ربحية، تتمتع بالحيادية، ومقرها في فرنسا. تنشط المنظمة بشكل أساسي في جميع أنحاء سوريا، حيث تعتمد على شبكة واسعة من الباحثين الميدانيين، سواء من الموظفين أو المتطوعين.[1]

  • السؤال الثالث: ما هو محور تركيز منظمتكم فيما يتعلق بقضايا الأقليات؟

إيماناً منا بأن التنوع العرقي والديني والثقافي في سوريا كان سمة مميزة للبلاد على مر العصور، وجلب فوائد عديدة لها، يعمل فريقنا المتفاني على كشف انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وتعزيز الشمولية، وضمان تمثيل جميع السوريين بشكل متساوٍ مع احترام حقوقهم الأساسية. لاحظت “سوريون” أن الجهود القائمة لبناء هوية وطنية أحادية اللون قائمة على عرق أو لغة أو دين واحد لا تزال تُفضي إلى حماية غير كافية لحقوق الأقليات.[2] في هذا السياق، قامت المنظمة بتحليل الإطار القانوني السوري في الماضي والحاضر، وتتبعت واقع حال العديد من الأقليات الدينية في سوريا، مثل المسيحيين والإيزيديين والدروز، بالإضافة إلى الأقليات العرقية، ولاسيما الأكراد.[3]

  • السؤال الرابع: ما هو الدور الذي تضطلعون به في المنظمة؟

تمَّ تقديم هذه المساهمة من قبل مجموعة من الباحثين في منظمة “سوريون”.

  • السؤال الخامس: ماهي قضايا الأقليات وفقاً لتصور منظمتكم؟

بالنسبة لـ “سوريون”، يبدأ الحديث عن قضايا الأقليات عندما تُحرم مجموعات معينة، تُعرَّف كأقليات، بشكل مستمر ومنهجي من الحقوق والفرص المتساوية، والمواطنة، والاعتراف بهويتهم. مما يؤدي إلى تقليص قدرتهم على ممارسة ثقافاتهم ولغاتهم و/أو أديانهم بحرية، والتعبير الكامل عن هويتهم، والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية.

ولتحديد من هم الأقليات، تعتمد “سوريون” المفهوم الذي وضعه المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات في تقريره المقدَّم للجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر 2019، والذي نصّ على أنّ: “الأقلية الاثنية او الدينية او اللغوية هي أي مجموعة من الأشخاص تشكّل أقل من نصف سكان الدولة، ويشترك أعضاؤها في خصائص ثقافية أو دينية أو لغوية، أو مزيج من هذه الخصائص. ويمكن لأي شخص الانتماء بحرية إلى أقلية عرقية أو دينية أو لغوية دون الحاجة إلى شروط تتعلق بالمواطنة أو الإقامة أو الاعتراف الرسمي أو أي وضع آخر”.[4]

  • السؤال السادس: من هي الجماعات التي حدَّدتها مؤسستك على أنها تواجه قضايا تتعلق بالأقليات؟ وفي أي دول تتواجد هذه الجماعات؟

سوريا بلدٌ متعدد الأعراق والثقافات واللغات والأديان، حيث يزخر تاريخها بالتنوع العرقي واللغوي والديني[5]. يتكون سكانها من مزيج من الأقليات العرقية والدينية المختلفة، فبينما يشكّل العرب النسبة الأكبر من السكان (80%)، تضم سوريا أيضاً الأكراد (15%)،[6] بالإضافة إلى مجموعات عرقية أخرى مثل الآشوريين/الآراميين، والتركمان، والشركس، والأرمن.

من الناحية الدينية، يُشكّل المسلمون غالبية السكان في سوريا، حيث يمثل السنّة 74% منهم. ويوجد إلى جانبهم، أقليات دينية متنوعة، تشمل 16% من المسلمين الشيعة والعلويين والدروز، بالإضافة إلى 10% من المسيحيين الذين ينتمون إلى طوائف مثل الروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس والموارنة والسريان الكاثوليك والروم الكاثوليك، فضلاً عن وجود إيزيديين ويهود. اللغة العربية هي اللغة الرسمية في البلاد، بينما تُستخدم لغات أخرى مثل الكردية (الكرمانجية) والأرمنية والآرامية والشركسية والتركية.[7]

بالنظر إلى تشريعات القانون السوري نرى أنَّ جميع الأقليات في سوريا تواجه تحديات تتعلق بالتمييز، مما يخلق بيئة ملائمة لممارسات التمييز على أساس العرق والدين. وخلال سنوات النزاع السوري تعرَّضت جميع الأقليات للتمييز، الذي وصل في بعض الحالات إلى حدّ الاضطهاد وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. تاريخياً، كان الأكراد الأكثر تعرضاً للتمييز مقارنة بالأقليات الأخرى مثل الآشوريين والتركمان. أما بالنسبة للأقليات الدينية، فقد كان الإيزيديون والمسيحيون والدروز واليهود هم الأكثر تضرراً.

  • السؤال السابع: ما هي أبرز التحديات التي تواجهها هذه الجماعات في بلدانها؟

لكي نتمكن من شرح التحديات الرئيسية التي تواجهها هذه الأقليات في سوريا بشكل دقيق، يجب أن نأخذ في الاعتبار السياق الخاص بالصراع السوري، مع مراعاة وضعهم قبل الحرب وأثناءها.

قبل اندلاع الصراع، واجه الأكراد تاريخياً قيوداً حكومية صارمة على حقوقهم اللغوية والثقافية أكثر من غيرهم. عملت الحكومات السورية المتعاقبة على قمع الهوية الكردية، حيث حظرت الأعياد الكردية مثل عيد النوروز وفرضت قيوداً على استخدام اللغة الكردية لعقودٍ طويلة.[8] تمَّ منع الأكراد من التحدث أو دراسة أو تعليم لغتهم، كما تمَّ حظر إصدار المنشورات باللغة الكردية، وتمَّ تعريب أسماء العديد من القرى والبلدات في المناطق ذات الأغلبية الكردية، بالإضافة إلى أسماء العديد من العائلات.[9] تعرّض الأشخاص الذين حاولوا تدريس اللغة الكردية أو النشر بها للاضطهاد والاعتقال. الاستثناء الوحيد في تاريخ سوريا كان خلال فترة الانتداب الفرنسي من عام 1920 إلى 1946.[10]

منذ ثلاثينيات القرن الماضي، أطلقت الحكومات المتعاقبة في سوريا العديد من الحملات والسياسات التعريبية بهدف توطين العرب في المناطق ذات الأغلبية الكردية في شمال البلاد، وتهجير الأكراد. وقد عُرف هذا المشروع بــ “مشروع الحزام العربي” الذي يمتد بمحاذاة الحدود التركية.[11] كانت هذه السياسات تهدف إلى إنشاء مجتمع متجانس من خلال فصل الأكراد السوريين عن أكراد الدول المجاورة ودمجهم في الهوية العربية السورية.

في عام 1962، أصدرت الحكومة السورية مرسوماً يقضي بإجراء إحصاءٍ سكانيّ استثنائي في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا، التي تضم أغلبية كردية.[12] نتيجةً لهذا الإحصاء، فقد آلاف الأكراد السوريين حقهم في الجنسية.[13] وبين عامي 1962 و2011، أصبح أكثر من 500 ألف كردي سوري عديمي الجنسية، مما أثر سلباً على حقوقهم الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، مثل التعليم والرعاية الصحية والمشاركة السياسية وغيرها.[14] وبدون الجنسية السورية، لم يتمكن هؤلاء الأكراد من إثبات ملكيتهم للأراضي والممتلكات، مما أدَّى إلى سياسة حكومية تحرمهم من ممتلكاتهم دون تعويض، وتمنحها للعرب السوريين.[15]

ولم يكن حال الأقلية الإيزيدية أفضل، فقد حُرم الإيزيديون تاريخياً من ممارسة طقوسهم الدينية، وتعلّم تعاليمهم أو نقلها، فضلاً عن بناء أو ترميم أماكن عبادتهم. والأسوأ من ذلك، أن الآلاف منهم سُجِّلوا كمسلمين وأُجبروا على حضور دروس التربية الإسلامية في المدارس، مما جعلهم خاضعين لقوانين الأحوال الشخصية المستندة إلى الشريعة الإسلامية، وأدَّى بالتالي إلى اعتناقهم الإسلام قسراً.[16]

خلال الصراع السوري، عانت الأقليات بشدة من التحريض وخطاب الكراهية والاضطهاد والإذلال والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

في عام 2016، أسَّس الأكراد في شمال وشرق سوريا إدارة ذاتية (AANES) وأدرجوا الاعتراف بالأقليات العرقية المختلفة في عقدها الاجتماعي.[17] بيد أنَّ خطط التوطين التركية في المنطقة، والتي تهدف إلى إعادة توطين آلاف اللاجئين السوريين في الشمال الشرقي، أعادت إلى الأذهان مشروع “الحزام العربي” حيث أنها استأنفت ما بدأه من تحولات ديموغرافية في المناطق التي يقطنها الأكراد تاريخياً.[18] ونتيجة للعمليات العسكرية التركية في عامي 2018 و2019، تدهور وضع الأقلية الكردية في المناطق المحتلة (عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي) بشكل سريع وملحوظ، حيث تعرضوا لمضايقات وإذلال مستمر من قبل القوات التركية والسلطات التابعة لها. وهناك تقارير موثَّقة عن حرمان الأكراد من ممتلكاتهم،[19] واحتجازهم تعسفياً، واعتقالهم، واختطافهم مقابل فدية.[20] وقد أدَّى الفراغ القانوني الناتج عن هذه الأحداث إلى نزوح قسري لمئات الآلاف من الأكراد.[21]

في سوريا المعاصرة، لم يُعترف باللغة الكردية رسمياً، حيث كان يُحظر استخدامها باستمرار في المجالات الرسمية والعامة.[22] ولم يُسمح للأكراد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بتدريس لغتهم في المدارس الحكومية أو بفتح مدارس متخصصة لتعليم اللغة الكردية.[23] كانت المرة الأولى التي استطاعت فيها المؤسسات التعليمية تطوير مناهج كردية بعد الاحتجاجات الكبيرة في آذار/مارس 2011، وانسحاب الحكومة السورية من المناطق ذات الأغلبية الكردية. وقد أعلنت الإدارة الذاتية الكردية أنَّ اللغات العربية والكردية والسريانية هي لغات رسمية في مناطق حكمها.[24]

بعد الغزو التركي لشمال سوريا في منطقة عفرين، التي يقطنها 90% من الأكراد، قامت السلطات التركية بتغيير مناهج التعليم للأطفال، حيث أصبحت الدروس تُقدّم بشكل رئيسي باللغتين التركية والعربية، مع تخصيص ساعتين فقط لتعليم اللغة الكردية، وغالباً ما يكون المعلمون غير مؤهلين. شملت المناهج الجديدة مواد تتعلق بأيديولوجيات وتاريخ وشخصيات دينية وتركية، مما يتعارض مع ثقافة المنطقة.[25] ونتيجةً للمضايقات المستمرة والتهميش والتمييز من قبل زملائهم الطلاب والمعلمين، انخفض عدد الطلاب الأكراد إلى 30%، بعد أن كان 95% قبل العمليات العسكرية. اليوم، يشكل العرب والتركمان 70% من طلاب مدارس عفرين.[26]

أما عن الإيزيديين فقد تعرضوا لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان منذ بداية الصراع في سوريا، وخاصَّة بعد استهدافهم من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة في عام 2011. عانى الإيزيديون من الإبادة الجماعية على يد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق عام 2014، واستمروا في مواجهة فظائع لا يمكن تصورها بعد انتقالهم إلى سوريا.[27] بالإضافة إلى ذلك، شهدت سوريا حملات تشويه استهدفت معتقدات المجتمع الإيزيدي وإيمانه وعاداته وأصوله، بهدف نشر معلومات مضللة حول دينهم وطقوسهم، مما أدى إلى نزع الإنسانية عن أفراده. وقد ساهم هذا التحريض، إلى جانب غياب التسامح الديني والتفاهم المتبادل، ورفض المؤسسات السورية الاعتراف بحقوق الأقليات الدينية في ممارسة طقوسها وتقاليدها بحرية، في خلق بيئة معادية أدت إلى قتل وتهجير الإيزيديين.[28]

تدهور وضع الإيزيديين بشكل ملحوظ بعد احتلال تركيا للأراضي الشمالية الشرقية من سوريا، بما في ذلك المناطق ذات الكثافة السكانية الإيزيدية العالية مثل عفرين. تعرض الإيزيديون مرة أخرى للاعتقالات التعسفية والقتل والاختفاء والمضايقات،[29] بالإضافة إلى الضغوط لاعتناق الإسلام.[30] وقد أسفرت العمليات العسكرية التركية عن تهجير نحو 90% من سكان عفرين الإيزيديين بشكل قسري.[31]

أحيت الأحزاب المسيحية مؤخراً ذكرى ضحايا هجمات تنظيم الدولة الإسلامية على القرى في ريف تل تمر شمال الحسكة. وأشارت “اللجنة الاستشارية للأحزاب الوطنية” (المكونة من الحزب الآشوري الديمقراطي، وحزب الاتحاد السرياني، والمنظمة الآثورية الديمقراطية) إلى المجزرة التي وقعت بحق الشعب الآشوري في عام 2015، حيث قُتل واختُطف حوالي مئتي آشوري على يد التنظيم. ودعا الآشوريون الأمم المتحدة إلى ضمان حقوق المسيحيين والحفاظ على التنوع الثقافي في سوريا من خلال وضع دستور جديد علماني وتعددي.[32] كما عانى المسيحيون من التمييز في إدلب خلال فترة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، ثم جبهة النصرة (المعروفة لاحقاً بهيئة تحرير الشام) على المنطقة، حيث مُنعوا من ممارسة شعائرهم الدينية علناً، وقرع أجراس الكنائس، وإظهار الصلبان. بالإضافة إلى ذلك، تمَّ الإبلاغ عن حالات لمصادرة الممتلكات والخطف والقتل مقابل فدية، مما أدَّى إلى تهجير المسيحيين وتوزيع ممتلكاتهم على المقاتلين الأجانب.[33]

تعرَّض الدروز أيضاً لانتهاكات حقوق الإنسان، مثل مصادرة الممتلكات، والخطف، والاعتقالات، والقتل، والإكراه على اعتناق الإسلام،[34] على يد الجماعات الإسلامية المتطرفة. في عام 2015، أصدر أبو عبد الرحمن التونسي، القيادي السابق في جبهة النصرة، أوامر لمقاتليه بقتل ما لا يقل عن 20 درزياً في قرية قلب لوزة.[35]

بعد سقوط نظام الأسد، رحبت منظمة “سوريون” بوعود الحكومة السورية المؤقتة الحالية بشأن ضمان حقوق الأقليات وإنهاء العنف في سوريا. ومع ذلك، تؤكد المنظمة أنَّ هذه الضمانات وحدها لا تكفي، بل يجب أن تتبعها أفعال ونتائج ملموسة على الأرض لحماية الأقليات وتمكينها في سوريا.

  • السؤال الثامن: ما مدى فعالية السياسات الحالية في معالجة قضايا الأقليات برأيك؟ يُرجى الاختيار من بين الخيارات التالية وشرح اختيارك:
  • فعّالة جدًا؛
  • فعّالة إلى حد ما؛ أو
  • غير فعّالة.

إنَّ الإطار القانوني الحالي في سوريا لا يضمن حماية الأقليات العرقية والدينية، مما يجعله غير فعال. لا تعترف القوانين والمراسيم والتعميمات والتعدادات الوطنية بالأقليات العرقية والدينية، باستثناء قانون الأحوال الشخصية الذي ينظم مسائل الزواج والطلاق والميراث والوصايا. ورغم وجود قوانين خاصة بالأحوال الشخصية للمسلمين والدروز والروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس والكاثوليك والإنجيليين واليهود، إلا أنَّه لا يوجد قانون مماثل للإيزيديين.[36] بالإضافة إلى ذلك، تتضمن العديد من الأحكام تمييزاً ضد الأقليات الدينية. يُعتبر الإيزيديون خاضعين لقانون الأحوال الشخصية السوري، الذي يُطبَّق على المسلمين. ونظراً لأنَّ بعض الإيزيديين مُسجلون كمسلمين في السجل المدني بينما يُسجل آخرون كإيزيديين، فإنهم يواجهون صعوبة قانونية في وراثة بعضهم البعض وفي حال الزواج، حيث لا يمكنهم تسجيل زواجهم رسمياً، مما يؤدي إلى عواقب عملية خطيرة، مثل عدم قدرتهم على تسجيل ولادة أطفالهم. نتيجةً لذلك، يواجه العديد من الأطفال الإيزيديين مشكلة انعدام الجنسية، أو يُجبر الإيزيديون المسجلون على إعلان اعتناقهم الإسلام، حيث لا يمكن للمسلم اعتناق الإيزيدية. بالإضافة إلى ذلك، تمَّ تسجيل العديد من الإيزيديين كمسلمين ضد إرادتهم.[37]

تعاني المرأة المسيحية من قوانين الأحوال الشخصية التي تعتمد على ولاية الرجل، حيث تُقيّد بعض القوانين حق الزوجة في العمل بشرط الحصول على موافقة زوجها. وفيما يتعلق بحق الميراث، تمنع قوانين الأحوال الشخصية الميراث بين الأديان، بما في ذلك ميراث الزوجين وأطفالهما إذا لم يكونوا من دين واحد (الإسلام أو المسيحية). علاوةً على ذلك، في حالات الطلاق، غالباً ما تقرر المحاكم السورية منح حضانة الطفل للوالد الذي يدين بالإسلام.[38]

فيما يخص الدستور السوري، من المتوقَّع أن تتولى الحكومة الانتقالية والجهات المعنية مهمّة صياغة دستور جديد. كان الدستور السوري السابق لعام 2012 ينص، من الناحية النظرية، على حقوق أساسية لكل مواطن سوري، مثل عدم التمييز، والمشاركة في الحياة السياسية، وحرية التعبير وتكوين الجمعيات، وحماية التنوع الثقافي. بيد أنه احتوى أيضاً على لغة إقصائية ومواد تتعارض مع هذه الحقوق، حيث كان يفضل العرب والإسلام كونهم الأغلبية.

تدعو منظمة “سوريون” الحكومة المؤقتة الحالية والحكومات المستقبلية إلى إدراج مواد في الدستور السوري الجديد تعترف رسمياً بالأقليات السورية، وتجنّب أي لغة إقصائية تُفضّل عرقاً أو ديناً معيناً. كما ينبغي ترسيخ الحقوق الأساسية وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تحمي حقوق الأقليات العرقية والدينية بشكل خاص. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة ضمان هذه الحقوق ليس فقط من خلال حماية الأقليات، بل أيضاً من خلال تمكينها بشكل فعَّال وبناء القدرات اللازمة للحفاظ على تراثها وثقافتها ولغتها ودينها وإحيائهم عملياً.[39]

  • السؤال التاسع: هل تعتقد أن آراء الأفراد من الأقليات تتوافق مع آراء الأفراد من الأغلبية بشأن قضايا الأقليات؟ يرجى توضيح ذلك.

بعد سقوط نظام الأسد، أصبح الوضع في سوريا معقداً وسريع التغيير. وقد أظهر الصراع السوري بشكل مقلق كيف يمكن أن يؤثر التحريض وخطاب الكراهية على حقوق الأقليات. اختبرت الأقليات في سوريا معاناةً شديدةً خلال الحرب، حيث كانت هدفاً لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. الآن، لا يسعى الشعب السوري إلا للسلام. بيد أنَّ تحقيق سلام دائم في سوريا يتطلَّب الاعتراف الفعّال بالأقليات العرقية والدينية وحمايتها. لذا، ينبغي على الحكومة الانتقالية الحالية الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاعتراف الكامل بالحقوق الأساسية لكل فرد في سوريا، بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الديني. ويتضمن ذلك تنفيذ تدابير وسياسات حكومية فعَّالة تعزّز التنوع العرقي والثقافي والديني، وتضمن الحق في استخدام اللغة الأم وتعليمها.

  • السؤال العاشر: هل يمتلك الناس فهماً كافياً لقضايا الأقليات؟ إذا كان الجواب نعم، يرجى توضيح ذلك. أما إذا كان الجواب لا، فما هي الأسباب الرئيسية أو العوامل التي تفسّر هذا الفهم غير الكافي لقضايا الأقليات بين العامة؟

للأسف، يفتقر المجتمع إلى فهمٍ كافٍ لقضايا الأقليات في سوريا، وذلك نتيجة لعقود من الحكم الدكتاتوري منذ أن تولى حزب البعث السلطة. كما أنَّ الحكومات السورية المتعاقبة قد منعت المجموعات المختلفة من التعرف على بعضها، مما أدَّى إلى غياب أي منهج يعزز التنوع السوري ويعكس وجود المجموعات المتنوعة في البلاد.

  • السؤال الحادي عشر: هل تسعى منظمتكم إلى تعزيز الوعي بقضايا الأقليات والاعتراف بها؟ إذا كان الجواب نعم، فكيف يتم ذلك؟

تعمل منظمة “سوريون” بدأب على تحسين فهم قضايا الأقليات في سوريا والاعتراف بها من خلال تقاريرها الشاملة، وبرامجها لبناء القدرات، ومبادراتها التعليمية في سوريا. وللتغلب على هذه التحديات، من الضروري معالجة أوجه عدم المساواة الهيكلية والتحيزات الثقافية، مع التركيز على تعزيز الشمول، والتمثيل المتساوي، واحترام الهويات المتنوعة.

  • السؤال الثاني عشر: هل تعتقد أن وجهة النظر تجاه قضايا الأقليات في بلدك تتأثر بعوامل ثقافية، أو سياسية، أو اقتصادية، أو تاريخية، أو غيرها؟

يتأثر مفهوم قضايا الأقليات في سوريا بشكل كبير بالعوامل الثقافية والسياسية والاقتصادية والتاريخية وغيرها. كما تم الإشارة إليه سابقاً، سعت الحكومات السورية المتعاقبة عبر التاريخ إلى تشكيل هوية وطنية حصرية تُفضّل الأغلبية العرقية والدينية، وهو ما يتجلى في الإطار القانوني الحالي في سوريا.

  • السؤال الثالث عشر: هل تعتقد أن تحسين أوضاع الأقليات يعود بالنفع على المجتمع ككل؟ وإذا كان الجواب نعم، كيف يمكن أن يتحقق ذلك؟

تؤمن منظمة “سوريون” بأنَّ تحسين أوضاع الأقليات في سوريا سيساهم في تحقيق السلام والاستقرار والازدهار على المدى الطويل، مما يعود بالفائدة على المجتمع السوري بأسره.

لقد أدَّى حرمان الأقليات من حقوقها الأساسية، وتفضيل الأغلبية العرقية والدينية في الأطر القانونية والسياسات، إلى تفاقم التوترات والتطرف في المجتمع السوري، مما نتج عنه فظائع وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، خاصَّة ضد الأقليات.

يُعتبر ضمان حقوق الإنسان الأساسية للأقليات شرطاً أساسياً لإرساء السلام والاستقرار في سوريا.

  • السؤال الرابع عشر: هل هناك أي معلومات إضافية ترغب في مشاركتها بشأن قضايا الأقليات، بما في ذلك كيفية معالجة قضايا الأقليات في بلدك بشكل أفضل و/أو المبادرات الناجحة في هذا الصدد؟

تعتقد منظمة “سوريون” أنَّ السبب الأساسي للتوتر والكراهية بين المجموعات العرقية والدينية المختلفة في سوريا ليس التنوع بحد ذاته، بل “سوء إدارة هذا التنوع” من قبل الحكومة،[40] وخاصة نظام الأسد. وترى المنظمة أنَّ الوقت قد حان لوضع دستور سوري جديد يلبّي الاحتياجات العاجلة الحالية، من خلال تضمين مواد تضمن المساواة والشمول، وتعزز التنوع والتعددية، وتحمي حقوق الأقليات.

يمكن للحكومة السورية المؤقتة الاستفادة من تجارب الدول المجاورة مثل العراق ولبنان وتركيا، التي عانت من صراعات مشابهة، بما في ذلك التوترات الطائفية، والتدخلات الأجنبية، وعدم الاستقرار السياسي المستمر.

على الرغم من أنَّ الدستور العراقي لعام 2005 كُتب على عجل واحتوى على مواد متناقضة، إلّا أنّه اعترف بتنوع العراق من خلال تضمينه للأديان والأعراق واللغات الرسمية.[41] في المقابل، يتميز الدستور اللبناني بعدم طائفيته، حيث يعرَّف بأنه دستوراً حضارياً يضمن حرّية المعتقد بشكل كامل ويعتمد معايير عالية لحقوق الإنسان.[42] كما يمكن لسوريا أن تستفيد من التجربة السلبية لتركيا قبل وبعد حكم الرئيس الحالي، بما في ذلك التغييرات المثيرة للقلق في الدستور التركي وتركيز السلطة بيد الرئيس.[43]


 

[1] حول المنظمة. ماذا نفعل.

[2]التنوع والدستور السوري: أطر نظرية فضفاضة وغامضة وعاجزة عن ضمان الحقوق“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 ص 4.

[3] انظر على سبيل المثال بعض من تقارير “سوريون” حول قضايا الأقليات في سوريا : الحرمان من اللغة الأم كأحد أشكال “الإبادة الثقافية” المستمرة في سوريا، المناهج التعليمية في عفرين: بين “التتريك” والتضييق على اللغة الكردية، إلى أن تصدح أجراس كنائسهم.. مسيحيو إدلب محرومون من حقوقهم، بين عباءة داعش وعهد قسد.. كيف تغيرت أحوال مسيحيي الرقة ودير الزور؟، دروز إدلب يشكون واقعهم.. تضييق ومعاملة تمييزية، الايزيديون في سوريا: عقود من الإنكار والتمييز، سوريا: نصوص قانونية تمنع السوريين/ات من المشاركة السياسية الحقيقية، التنوع والدستور السوري: أطر نظرية فضفاضة وغامضة وعاجزة عن ضمان الحقوق.

[4] التنوع والدستور السوري: أطر نظرية فضفاضة وغامضة وعاجزة عن ضمان الحقوق“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 ص 4.

[5] المصدر نفسه، ص 5.

[6]إدارة التنوع في سوريا“، مبادرة الإصلاح العربي، 20 حزيران/يونيو 2012، ص 2.

[7] https://minorityrights.org/country/syria/#current-issues, « Communities ».

[8]سلب الوجود: سياسة “القوننة المقنّعة” كأداة للاستيلاء على الأملاك من قبل الحكومات المتعاقبة على سوريا“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2020، ص 7.

[9]التنوع والدستور السوري: أطر نظرية فضفاضة وغامضة وعاجزة عن ضمان الحقوق“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، ص 10؛
سلب الوجود: سياسة “القوننة المقنّعة” كأداة للاستيلاء على الأملاك من قبل الحكومات المتعاقبة على سوريا“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2020، ص 40.

[10]المناهج التعليمية في عفرين: بين “التتريك” والتضييق على اللغة الكردية“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 16 آذار/مارس 2023، ص 5.

[11]سلب الوجود: سياسة “القوننة المقنّعة” كأداة للاستيلاء على الأملاك من قبل الحكومات المتعاقبة على سوريا” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2020، ص 5-6.

[12]سوريا والحرمان الجنسية: محنة بلا نهاية“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 5 تشرين الأول/أكتوبر 2022، ص 3.

[13]سلب الوجود: سياسة “القوننة المقنّعة” كأداة للاستيلاء على الأملاك من قبل الحكومات المتعاقبة على سوريا” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2020، ص 7.

[14]سوريا: عشرة حقائق حول إحصاء الحسكة الاستثنائي في العام 1962“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 4 تشرين الأول/أكتوبر 2019، ص 3-4؛
سوريا والحرمان الجنسية: محنة بلا نهاية“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 5 تشرين الأول/أكتوبر 2022، ص 6-16.

[15] سلب الوجود: سياسة “القوننة المقنّعة” كأداة للاستيلاء على الأملاك من قبل الحكومات المتعاقبة على سوريا” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2020، ص 9-116.

[16]الايزيديون في سوريا: عقود من الإنكار والتمييز“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 5 أيلول/سبتمبر 2022، ص 7.

[17] https://www.syriandemocraticcouncil.us/1418-2/.

[18]سلب الوجود: سياسة “القوننة المقنّعة” كأداة للاستيلاء على الأملاك من قبل الحكومات المتعاقبة على سوريا” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2020، ص 39.

[19] المصدر نفسه ص 120.

[20]وزارة الخزانة تفرض عقوبات على ميليشياتين مقرهما سوريا مسؤولتين عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في شمال سوريا” (بالانجليزية)، موقع وزارة الخزانة الأمريكية، 17 آب/أغسطس 2023؛
تعب العمر كلو راح بليلة وحدة: انتهاكات حقوق السكن والأراضي والممتلكات في نبع السلام”، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 22 تشرين الأول/أكتوبر 2024، ص 2، 26-28.

[21] المصدر نفسه ص 1.

[22]المناهج التعليمية في عفرين: بين “التتريك” والتضييق على اللغة الكردية“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 16 آذار/مارس 2023، ص 5.

[23]الحرمان من اللغة الأم كأحد أشكال “الإبادة الثقافية” المستمرة في سوريا“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 22 شباط/فبراير2021، ص 8.

[24]المناهج التعليمية في عفرين: بين “التتريك” والتضييق على اللغة الكردية“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 16 آذار/مارس 2023، ص 5.

[25] المصدر نفسه ص 5-6، 8.

[26] المصدر نفسه ص 14-15، 21.

[27] A/HRC/32/CRP.2, 15 June 2016.

[28]الايزيديون في سوريا: عقود من الإنكار والتمييز“، سوريون من اجل الحقيقة والعدالة، 5 أيلول/سبتمبر 2022، ص 4.

[29] المصدر نفسه ص 22.

[30] A/HRC/45/31, paras. 55, 56. 15 September 2020.

[31]الايزيديون في سوريا: عقود من الإنكار والتمييز“، سوريون من اجل الحقيقة والعدالة، 5 أيلول/سبتمبر 2022، ص 13.

[32]مسيحيون يستذكرون هجوم “داعش” على الخابور“، نورث برس، 24 شباط/فبراير 2025.

[33]إلى أن تصدح أجراس كنائسهم.. مسيحيو إدلب محرومون من حقوقهم“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 26 كانون الأول/ديسمبر 2022، ص 3.

[34]دروز إدلب يشكون واقعهم.. تضييق ومعاملة تمييزية“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، ص 7-8، 13.

[35] المصدر نفسه ص 4.

[36]سوريا: دليل مختصر حول حماية حقوق الأقليات الدينية“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، ص 23-24.

[37] المصدر نفسه ص 26.

[38]المرأة المسيحية والقانون السوري.. كيف تحوّل قوانين تمييزية المرأة إلى الحلقة الأضعف؟“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 21 آذار/مارس 2023، ص 4-7.

[39]التنوع والدستور السوري: أطر نظرية فضفاضة وغامضة وعاجزة عن ضمان الحقوق“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، ص 14-15.

[40]إدارة التنوع في سوريا“، مبادرة الإصلاح العربي، 20 حزيران/يونيو 2012، ص 1.

[41]العملية الدستورية في سوريا: كيف يمكن الاستفادة من التجربة العراقية؟“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 25 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ص 17.

[42]العملية الدستورية في سوريا: كيف يمكن الاستفادة من التجربة اللبنانية؟“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 20 كانون الثاني/نوفمبر 2023، ص 20.

[43]العملية الدستورية في سوريا: دروس مستخلصة من التجربة التركية“، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 14 كانون الأول/ديسمبر 2023، ص 12-15.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد