الرئيسية صحافة حقوق الإنسان شمال غرب سوريا: “حركة التحرير والبناء” مستمرة في تجنيد الأطفال

شمال غرب سوريا: “حركة التحرير والبناء” مستمرة في تجنيد الأطفال

حصلت "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" على بيانات سبعة عشر طفلاً تم تجنيدهم على يد أربعة فصائل واستخدامهم في مهمات قتالية

بواسطة communication
540 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

منذ مطلع العام 2022، قامت فصائل تنضوي ضمن الجيش الوطني السوري المعارض المدعوم من تركيا بتجنيد ما لا يقل عن 40 طفلاً وإخضاعهم لمعسكرات تدريبية جنباً إلى جنب مع المنتسبين الجدد البالغين، وتمّ التلاعب ببيانات وأعمار أولئك الأطفال وتسجيلهم ضمن ديوان/ذاتية الفصائل على أنهم قد بلغوا بالفعل سن الثامنة عشرة، وذلك وفقاً لما توصلت إليه “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” من خلال عمليات الرصد والتحقق.

حصلت “سوريون” مؤخراً على بيانات 17 طفلاً مجند لصالح “حركة التحرير والبناء”. تم التلاعب ببياناتهم الشخصية مرة من قبل الفصائل التي تجندهم، ومرة من قبل الأهل الذين قدموا أوراق ثبوتية/هويات شخصية مزورة أو فيها معلومات مغلوطة. تم استصدار تلك الهويات من مراكز السجل المدني التابعة للمجالس المحلية التي أنشأتها تركيا في عموم مناطق نفوذها.

سبق أن أعدت “سوريون” تقريراً يوضح المشكلات في البطاقات الشخصية التي تستصدرها المؤسسات التابعة للحكومة السورية المؤقتة والمرتبطة بشكل مباشر بوزارة الداخلية التركية. وفي رصد حديث قام به الباحثون الميدانيون لدى “سوريون” تبين أن هذه المشكلات ما تزال موجودة ولم تتم معالجتها، وما يزال من السهولة بمكان تزوير الأوراق الثبوتية، وحتى استصدار أوراق شخصية من تلك المؤسسات، تحوي معلومات مغلوطة أو غير دقيقة.

ظاهرة تجنيد الأطفال على يد فصائل “الجيش الوطني” ليست جديدة، ولكنها ازدادت بشكل ملحوظ خلال العام 2022، وسبق أن أعدت “سوريون” تقارير عدة حول تجنيد الأطفال في النزاعات الداخلية وفي ليبيا خلال العامين 2020 و2021، وذلك على الرغم من بيان  وزارة الدفاع/هيئة الأركان التابعة للحكومة السورية المؤقتة بتاريخ 19 أيار/مايو 2020، والذي نص على منع تجنيد أو تطوع الأطفال دون سن الثامنة عشر ضمن الجيش الوطني. كما نص البيان على وجوب التسريح الفوري للأطفال المنتسبين، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، حيث رصدت “سوريون” مؤخراً وجود أطفالاً تم تجنيدهم قبل أعوام وما زالوا ضمن صفوف تلك الفصائل.

وكانت “سوريون” قد وثّقت تجنيد ما لا يقل عن 29 طفلاً وطفلة في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، وذلك خلال النصف الأول من عام 2022.

  1. طرق استقطاب الأطفال بغرض التجنيد:

كشفت المعلومات والشهادات التي حصلت عليها “سوريون” من عائلات بعض الأطفال المجندين ومن مصادر خاصة ضمن الجيش الوطني السوري عمليات تجنيد الأطفال ضمن “حركة التحرير والبناء” في صفوف أربعة فصائل هي “تجمع أحرار الشرقية”، و”الفرقة 20″، و”جيش الشرقية”، و”صقور الشام”.

رصدت “سوريون” اتباع الفصائل في تجنيد الأطفال أسلوبين محددين. الأول هو الإعلان الرسمي عن رغبة الفصيل بضم عناصر جديدة إليه وذلك عن طريق الحسابات الرسمية لها على مواقع التواصل الاجتماعي، والثاني وهو اختيار عناصر من الفصيل للأطفال وإغراء ذويهم بالمال والميزات الأخرى.[1]

تحدثت “سوريون” إلى قيادي ضمن “حركة التحرير والبناء” طلب عدم كشف هويته. شرح المصدر آلية تجنيد الأطفال عبر الإعلان الرسمي، حيث قال في إفادته ما يلي:

“يقوم الفصيل بالإعلان بشكل رسمي عن رغبته بضم مقاتلين جدد، حيث يعلن عن الشروط المطلوبة ومن ضمنها أن يكون عمر المتقدم فوق الثامنة عشرة. لكن في الحقيقة هذا أمر شكلي فقط. يتم استقبال المتقدمين بدءاً من عمر 13 عاماً، ويتم تدريبهم ليكونوا ضمن القناصة أو ضمن فريق الحرس الشخصي لأبو حاتم قائد الفصيل. يقدم ذوو الأطفال المتقدمين أوراق ثبوتية تم إصدارها من سجلات النفوس التابعة للمجالس المحلية، وفي هذه الأوراق يكون عمر الطفل أكبر من عمره الحقيقي بعدة سنوات. وبعد أن يتم قبول الطفل يقوم مكتب الذاتية/الديوان لدى الفصيل بتغيير تلك البيانات وإعطاء عمر أكبر لأولئك الأطفال، هذا يعني أنه العمر الحقيقي للأطفال المنتسبين تغير مرتين”.

بحسب المصدر نفسه، فقد قامت فصائل “أحرار الشرقية” و”الفرقة 20″ و”جيش الشرقية” بضم 800 مقاتل جديد إلى صفوفهم منذ مطلع عام 2022، وتقدر نسبة الأطفال المجندين بنحو 40% بحسب ما رواه المصدر، تم تخريجه من 3 معسكرات تدريبية تم الإعلان عنها على الحسابات الرسمية لحركة التحرير والبناء وحسابات تلك الفصائل.

أما فيما يتعلق بالأسلوب الثاني لتجنيد الأطفال، فيتم بشكل فردي من قبل عناصر المجموعات، مستغلين الحاجة المادية لذوي الأطفال وظروفهم السيئة. يتم إلحاق هؤلاء الأطفال كعناصر مقاتلة أو يتم فرزهم على الحواجز والنقاط العسكرية للفصيل داخل القرى والبلدات. يحصل المجندون الأطفال على راتب قدره 450 ليرة تركية كل خمسين يوماً، وهو مبلغ قليل مقارنة بالراتب الذي يحصل عليه الأطفال الذين تم تدريبهم كحرس شخصي أو قناصة، والذي يبلغ 1500 ليرة تركية في الشهر الواحد.

  1. معلومات إضافية حول أطفال مجندين:

تحدثت “سوريون” إلى مصدر ثاني، وهو قيادي في صف “حركة التحرير والبناء”. زوّد المصدر المنظمة ببيانات شخصية وصور لأطفال تم تجنيدهم وهم في عمر الثالثة عشرة وما زالوا حتى الآن على رأس عملهم كحراس شخصيين وقناصين ضمن الفصائل الأربعة المذكورة آنفاً رغم أنهم لم يبلغوا السن القانوني للتجنيد.[2]

ضمت القائمة التي حصلت عليها “سوريون” بيانات 17 طفلاً، بينهم 10 من مواليد محافظة ديرالزور، و4 من مواليد محافظة حلب، و3 من مواليد محافظة الرقة. درب فصيل “أحرار الشرقية خمسة منهم كقناصين، بينما درب “جيش الشرقية” خمسة آخرين كمقاتلين. هذا وقد قامت “الفرقة 20” بتدريب خمسة مقاتلين أطفال ضمن مجموعة القوات الخاصة، ودرب فصيل “صقور الشام” مقاتلين اثنين كرماة أسلحة مضاد جوي عيار 23.

تمكنت “سوريون” من التحدث مع ذوي طفلين شقيقين تم تجنيدهما لصالح فصيل “أحرار الشرقية”. أُعطيت العائلة بعد تجنيد الطفلين منزلاً مستولى عليه من السكان الكرد في ناحية راجو في منطقة عفرين.

بحسب شهادة ذوي الطفلين، تم تجنيد الطفل الأول ليكون عنصراً مقاتلاً عادياً، دون تلقي أي تدريب، ولم يتم الحاقه بأي معسكر. يتواجد حالياً عند أحد الحواجز التابعة للفصيل في منطقة عفرين، ويتقاضى كل شهرين راتباً قدره 450 ليرة تركية. في حين تم تدريب الطفل الثاني ليكون قناصاً ويتنقل بشكل مستمر من مكان لآخر، ويحصل على راتب شهري قدره 1500 ليرة تركية.

ذكر ذوو الطفلين أن الأب كان عنصراً ضمن الفصيل، وقد قتل خلال عملية “غصن الزيتون”، في بداية المعارك، ومن ثم تم حرمان العائلة من أي تعويض مالي ومن الراتب الشهري الذي يفترض أن تحصل عليه العائلة بعد مقتل المقاتل. لم يكن أمام العائلة إلا أن تمتثل لعرض عناصر الفصيل بضم الطفلين وإلحاقهما بالفصيل لتستطيع تأمين معيشتها، بحسب المصدر الذي قال لـ”سوريون”:

“عندما قتل والد الطفلين في عام 2018 كان عمر الابن الأكبر 12 عاماً. وفي أواخر عام 2019 أو مطلع عام 2020 تم تجنيده وتدريبه كقناص. جاء حينها أحد العاملين في الفصيل إلى منزلنا وقال أن هناك دورة عسكرية للأطفال وبحال استطاع الطفل اجتيازها فسوف يتم اختياره لينضم للفصيل. وافقت والدة الطفلين على تجنيدهما بسبب الفقر الشديد. كان الطفلان سابقاً يعملان لساعات طويلة يومياً ولا تكفي أجرتهما لإطعام العائلة المؤلفة من خمس أطفال وأمهم. بعد تجنيد الابن الأكبر بستة أشهر تم تجنيد شقيقه وكان عمره آنذاك 13 عاماً. تم تسليمه بندقية دون تدريبه عليها، وطلبوا منه الوقوف على أحد الحواجز في عفرين”.


[1] حذفت معظم الإعلانات بعد أيام قليلة من نشرها.

[2] تتحفظ “سوريون” عن نشر القائمة لأسباب أمنية تتعلق بسلامة الأطفال وذويهم، وتلبية لطلب المصدر الذي قام بتزويدنا بالمعلومات والصور.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد