مقدمة:
قُتل ما لا يقلّ عن 50 شخصاً وجُرح أكثر من 60 آخرين، في هجمات جوية عنيفة طالت مناطق مختلفة من محافظة إدلب، وذلك بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019. ففي صبيحة ذلك اليوم، تعرّضت مدينة النعمان إلى هجوم جوي عنيف طال السوق الشعبي فيها، وبحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد قام طيران حربي -يُعتقد أنه روسي- أقلع من مطار حميميم العسكري في محافظة اللاذقية، بتنفيذ هجومه على السوق والذي عادة ما يكون مكتظاً بالمدنيين، حيث شنّ غارة مزدوجة على السوق، ما أودى بحياة ما لا يقلّ عن 43 شخصاً بينهم نساء وأطفال، وجرح أكثر من 60 آخرين، كما قال شهود عيان بأنّ طائرات حربية تابعة لسلاح الجو السوري كانت قد تناوبت وعقب هذه المجزرة مباشرة، على قصف مناطق مختلفة من المدينة ما تسبّب بأضرار مادية كبيرة، وسقوط المزيد من الجرحى.
تزامنت الهجمات الجوية على معرة النعمان، مع هجوم آخر طال مدينة سراقب في عصر اليوم ذاته، إذ قام طيران حربي تابع لسلاح الجو السوري، بالهجوم على الطريق الرئيسي الواصل إلى سوق “الهال”؛ وهو أحد الأسواق الشعبية في مدينة سراقب، وبحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ طائرة حربية من نوع (ميغ 23) كانت قد أقلعت من مطار حماه العسكري ونفّذت هجومها على المدينة، ما أودى بحياة ما لا يقلّ عن 8 أشخاص بينهم 4 أطفال، فضلاً عن الأضرار المادية الكبيرة التي لحقت بالمكان.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تناوبت طائرات تابعة لسلاح الجو السوري وأخرى يُعتقد أنها روسية على قصف مناطق متفرقة من محافظة إدلب، في يوم 22 تموز/يوليو 209، مثل بلدة كفرومة، ومعرزيتا وبداما وخان شيخون، ما أوقع عدداً من الجرحى بين صفوف المدنيين.
جاءت حدّة الهجمات على محافظة إدلب، قبيل انعقاد الجولة 13 من محادثات الآستانة حول سوريا، والتي من المقرر عقدها في العاصمة الكازاخية “نور سلطان” في 1 و2 آب/أغسطس 2019، وستركز على بحث المستجدات في سوريا وخاصةً في محافظة إدلب وشمال شرق سوريا، بمشاركة وفدين من لبنان والعراق لأول مرة. [1]
وتشنّ القوات النظامية السورية وحلفاؤها الروس، حملة قصف جوية عنيفة على مناطق في محافظة إدلب وحماه، منذ تاريخ 27 نيسان/أبريل 2019، ما أدى إلى مقتل وجرح مئات المدنيين، ونزوح الآلاف منهم، إضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية ولاسيمّا المرافق الطبية والمدارس، وقد بدأت القوات النظامية السورية وحلفاؤها هذه الحملة بهدف السيطرة على مواقع وقرى في ريفي حماه الشمالي وإدلب الجنوبي/الغربي، حيث استطاعت السيطرة على عدة نقاط أهمها قلعة المضيق وبلدة كفرنبودة شمال حماه، في حين عملت فصائل المعارضة المتمثلة بالجبهة الوطنية للتحرير وهيئة تحرير الشام وفصائل أخرى على شنّ هجومات متقطعة على مواقع للقوات النظامية السورية في ريف حماه الشمالي، أدت لسيطرة الأخيرة على بلدة تل ملح وقرية الجبين.
وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدّت تقريراً وثقت من خلاله خروج ثلاثة مراكز صحية ومشفيين وثمان مدارس عن الخدمة في محافظة إدلب، بالإضافة إلى تضرر 16 دار عبادة (مسجد) بشكل كامل و/أو جزئي، جرّاء الحملة العسكرية الأخيرة التي تشنها القوات النظامية وحلفاؤها الروس على محافظة إدلب.[2]
كما كانت قد أعدت تقريراً آخراً حول تعرضّ أربع مدن رئيسية في محافظة إدلب لعدة غارات جوية متزامنة طالت مناطق مأهولة بالسكان، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 15 شخصاً معظمهم نساء وأطفال إضافة إلى العديد من الجرحى، وذلك يوم 12 تموز/يوليو 2019.[3]
وكان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، “مارك لوكوك”، قد ندّد بتقاعس أعضاء مجلس الأمن الدولي حيال المذبحة المستمرة في إدلب، وذلك بتاريخ 30 تموز/يوليو 2019، حيث “أدى قصف الحكومة السورية، بدعم من الاتحاد الروسي، إلى مذبحة في منطقة خفض التصعيد” حسب “لوكوك”. كما كانت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد أعلنت في 26 تموز/يوليو 2019، أنها أبلغت عن مقتل ما لا يقل عن 450 مدنيا منذ نهاية أبريل/ نيسان، أكثر من 100 منهم لقوا حتفهم في الأسابيع الماضية. كما أعلنت عن إصابة مئات من المدنيين الآخرين في التفجيرات، وتشريد أكثر من 440 ألف شخص.[4]
1. مجزرة مرّوعة عقب الهجوم على سوق شعبي في معرة النعمان:
في تمام الساعة (8:43) من صبيحة يوم 22 تموز/يوليو 2019، نفذّ طيران حربي -يُعتقد أنه روسي- غارة مزدوجة على أحد الأسواق الشعبية في مدينة معرة النعمان[5]، حيث أسقط خلالها 4 صواريخ متفجرة، ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، بحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من اجل الحقيقة والعدالة.
“معاذ العباس” وهو أحد المدنيين الذين كانوا بالقرب من مكان الهجوم، روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حول ما جرى قائلاً:
“في صبيحة ذلك اليوم وبينما كنت نائماً، تناهى إلى مسامعي صوت انفجار قوي جداً هزّ أجراء المكان، وإذ بمرصد الطيران الحربي وهو يحذر من طائرة روسية من نوع (سوخوي 34) كانت قد أغارت على سوق “الخضرة” في المدينة والذي يعرف بأنه عادة ما يكون مكتظاً بالمدنيين، وعلى الفور سارعت بالتوجه إلى مكان الضربة لكن وأثناء طريقي إلى هناك، عاد المرصد ليحذر من جديد عبر القبضات اللاسلكية من أنّ الطيران الروسي، سوف ينفذ غاراته من جديد على السوق ذاته، وبالفعل نفذت هذه الطائرة غارة أخرى، وعندما وصلت إلى مكان الهجوم، كان الدمار هائلاً، فقد كان هنالك مبانٍ ومحال تجارية تحولت إلى حطام، في حين كانت أشلاء القتلى تملأ أرجاء المكان، كما شاهدت حفرة كبيرة يتجاوز عمقها 3 أمتار وقطرها من 5 إلى 20 أمتار، وبناء سكني مؤلف من خمسة طوابق كان انهار تماماً من شدّة الانفجار، وعلى الفور سارع الدفاع المدني إلى انتشال القتلى والجرحى، واستغرق منه ذلك حوالي اليومين حتى تمكن فقط من انتشال جثامين القتلى، وقد أدى الهجوم إلى مقتل ما لا يقلّ عن 42 شخصاً وإصابة أكثر من 42 آخرين معظمهم من النساء والأطفال، كان من بينهم عائلات نازحة من بقية المناطق في محافظة إدلب.”
وأفاد “العباس” بأنّ مكان الهجوم كان خالياً تماماً من أي تواجد عسكري، وبأنه مجرد سوق شعبي تتجمع فيه عشرات المحال التجارية والتي يقوم المدنيين بشراء حاجياتهم منها بشكل يومي، كما قال بأنّ هنالك مدرسة تسمى مدرسة “الكردي” كان تبعد عن مكان الهجوم أقل من 100 متر، إضافة إلى أحد أفران الخبز، وقد كانتا قد تعرضتا لأضرار مادية على إثر ذلك.
“أحمد جربان” شاهد آخر من مدينة معرة النعمان، وهو أحد الناشطين الإعلاميين هناك، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الطيران الحربي عاود الهجوم على السوق الشعبي مرة أخرى، بمجرد أن تجمّع الأهالي وعناصر الدفاع المدني في المرة الأولى من أجل تفقد المصابين والقتلى، حيث روى في هذا الخصوص قائلاً:
“الغارة الثانية أوقعت العديد من القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين، حتى أنّ هنالك عناصر من الدفاع المدني قتلوا نتيجة ذلك، فضلاً عن الدمار الهائل الذي خلّفه هذا الهجوم، فهنالك حيين بالكامل كانا قد تعرّصا للدمار بشكل كبير، وبعد مرور حوالي 40 دقيقة على هذ الهجوم، دخلت طائرة أخرى أجواء معرة النعمان وأغارت على الحي الشرقي الشمالي منه وتحديداً بالقرب من مشفى السلام، ثمّ تبعتها طائرة أخرى وأسقطت 4 صواريخ من بينهم صواريخ محمّلة بقنابل عنقودية على الحي الغربي في مدينة معرة النعمان، أحدهم سقط بالقرب من أحد المدارس، بينما سقط صاروخ آخر بالقرب من منزلي لكن والحمد لله فلم ينفجر، كما وقع صاروخ آخر في وسط مدينة معرة النعمان وأصاب أحد السيارات المدنية، فيما سقط أحدها في شارع الكورنيش المعروف في المدينة، وبالقرب من مركز النساء ومكتب تجمع المرأة السورية.”
وأضاف “أحمد” بأنّ الهجمات الجوية التي تعرّضت لها مدينة معرة النعمان، كانت قد تزامنت مع هجمات أخرى على مناطق مختلفة من محافظة إدلب، مثل بلدات سراقب وكفرومة، ما تسبّب في سقوط المزيد من الجرحى بين صفوف المدنيين.
في شهادة أخرى، قال أحد العاملين في مجال الإسعاف، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنهم عندما توجهوا إلى مكان الهجوم الذي طال سوقاً شعبية في معرة النعمان، صدموا من هول ما شاهدوا، فمن كثرة أعداد القتلى والجرحى، تمّ الاستنجاد بكافة المنظومات الإسعافية والطبية المتواجدة في المكان، مشيراً إلى أنّ العديد من الجرحى كانت إصاباتهم شديدة، وتمّ نقلهم إلى المشافي في المناطق الحدودية مثل دركوش وباب الهوى، وخاصةّ بعدما غصّت المراكز الطبية في المدينة من كثرة أعداد الجرحى والقتلى، حيث بلغ عدد القتلى جرّاء هذه المجزرة ما لا يقلّ عن 42 قتيلاً وأكثر من 60 جريحاً بينهم نساء وأطفال.
بدوره قال أحد المشرفين على مراصد الطيران الحربي في محافظة إدلب، بأنّ الطيران الحربي الذي ارتكب هذه المجزرة كان من نوع (سوخوي 34) وقد كان قد أقلع من مطار حميميم العسكري في محافظة اللاذقية في تمام الساعة (8:3) صباحاً، ثمّ أخذ محور الشرق الجنوبي، ووصل إلى ريف حماه الجنوبي الشرقي، ثمّ سلك محور الشمال باتجاه مدينة معرة النعمان، حيث دخل أجواء المدينة في حوالي الساعة (8:40) صباحاً، ونفذ هجماته على المدينة بغارة مزدوجة، وبعدها تبعها إقلاع طائرة حربية أخرى من نوع سوخوي 22 من مطار التيفور العسكري في محافظة حمص، في حوالي الساعة (9:00) صباحاً، حيث أخذت محور الشمال ووصلت أجواء مدينة معرة النعمان في حوالي الساعة (9:13) صباحاً، واستهدفت هي الأخرى المدينة بأربع غارات متتالية، وفي هذه الأثناء كان هنالك طائرة حربية أخرى قد أقلعت من مطار التيفور العسكري في حوالي الساعة (9:10) ودخلت أجواء مدينة معرة النعمان في حوالي (9:23) صباحاً، حيث استهدات المدينة بثلاث غارات جوية، بعضها كان محمل بقنابل عنقودية، مشيراً إلى أنّ الطائرة ذاتها كانت قد استهدفت قرية كفرومة بصواريخ محمّلة بقنابل عنقودية أيضاً.
صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بمدينة معرة النعمان، عقب القصف الذي تعرضت له بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019.
وكان الدفاع المدني السوري قد نشر بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019، بياناً أكدّ من خلاله على أنّ ما يزيد عن 31 قتيل و50 جريح كانوا قد قتلوا في يوم 22 تموز/يوليو 2019، وذلك جرّاء قصف الطيران الروسي على مدينة معرة النعمان والتي اعتبرها المسؤولة الأولى عن مقتلهم.
بيان الدفاع المدني السوري حول مجزرة معرة النعمان، بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019، مصدر الصورة: صفحة الدفاع المدني السوري في إدلب.
وكردّ على ذلك، نفت وزارة الدفاع الروسية بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019، توجيه ضربات جوية على سوق شعبي في مدينة معرة النعمان، حيث جاء في تصريحها بانّ “ادعاءات ممثلين مجهولي الهوية من تنظيم الخوذ البيضاء الممول من قبل بريطانيا والولايات المتحدةـ بشأن شن طائرات القوات الجوية الفضائية الروسية ضربة على سوق في بلدة معرة النعمان بمحافظة إدلب ليست إلا خبراً زائفاً”. وأضاف البيان: “لم ينفذ طيران القوات الجوية الفضائية الروسية أي مهمات في هذه المنطقة بالجمهورية العربية السورية”.[6]
بدوره استطاع الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة توثيق أسماء الضحايا المدنيين الذين قتلوا جرّاء الهجوم على أحد الأسواق الشعبية في مدينة معرة النعمان، ومن بينهم نساء وأطفال وهم كالتالي:
- الطفلة رهف ساهر خمورة من معرة النعمان.
- الطفلة روان ساهر خمورة من معرة النعمان.
- الطفل عبد الكريم ساهر خمورة من معرة النعمان.
- الطفلة ابنة شاهر خمورة من معرة النعمان.
- الطفلة حياة خمورة من معرة النعمان.
- محمود يوسف قيطاز من معرة النعمان.
- حيان العقدة من محافظة حماه.
- علاء الخالد من معرة النعمان.
- ياسين مصطفى رمضان من معرة النعمان.
- حسام النهتان من معرة النعمان.
- فراس العبيد من جرجناز.
- حمدو مصطفى الصدير من معرة النعمان.
- لمى تناري من معرة النعمان.
- شاهر خمورة من معرة النعمان.
- موفق عكاشة من الغوطة الشرقية.
- أيمن الطجيني من معرة النعمان.
- فاروق الحربي من الغوطة الشرقية.
- فوزي جمال غريب من معرة النعمان.
- مصطفى عابد الرمضان من معرة النعمان.
- أحمد غريب من معرة النعمان.
- وائل العدل من معرة النعمان.
- عساف سطام خطاب من معرة النعمان.
- وصفية احمد اليتيم من معرة النعمان.
- هند العوض من معرة النعمان.
- مروان عبد القادر شعراوي من معرة النعمان.
- عبد الهادي عدنان علوان من معرة النعمان.
- محمد محمود الصدير من معرة النعمان.
- نعيم عبود صوراني من معرة النعمان.
- مهند حفيان من معرة النعمان
- واصل ادريس من معرة النعمان
- عماد نهتان من معرة النعمان
- محمود طه العدل من معرة النعمان
- محمد عبد الرزاق عبيد من معرة النعمان
- خالد احمد الطه من معرة النعمان.
- ايناس مبارك زوجة وائل العدل من معرة النعمان.
- تيم وائل العدل من معرة النعمان.
- حمدان مصطفى النعوس من معرة النعمان.
- أبو زيد الحموي من محافظة حماه.
- روعة الحابو من معرة النعمان.
- أديبة خمورة من معرة النعمان.
- حياة خمورة العمر من معرة النعمان.
- وليد مصطفى طيبة من معرة النعمان.
- أمير البني عنصر دفاع مدني.
وأظهر مقطع فيديو خاص بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، جانباً من الدمار الذي لحق السوق الشعبي بمدينة معرة النعمان جرّاء القصف الذي طاله بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019.
تحليل الأدلة البصرية:
2. أطفال ضحايا هجوم جوي على مدينة سراقب:
تزامنت الهجمات الجوية التي تعّرضت لها مدينة معرة النعمان، مع هجوم آخر طالت مدينة سراقب[7] في اليوم ذاته، ففي حوالي الساعة (4:07) من عصر يوم 22 تموز/يوليو 2019، شنّ طيران حربي سوري، هجومه على الشارع الرئيسي الواصل إلى سوق الهال أحد الأسواق الشعبية في مدينة سراقب، وبحسب شهود عيان فقد أسقط هذا الطيران خلال هجومه صاروخين فراغيين، ما أودى بحياة 8 أشخاص بينهم 4 أطفال، وأصاب آخرين.
“عبيدة الأحمد” أحد أهالي مدينة سراقب والذي كان متواجداً بالقرب من مكان الهجوم، روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول ما جرى قائلاً:
“في ظهر ذلك اليوم وبينما كنت متواجداً في منزلي، سمعت مراصد الطيران الحربي وهي تحذر من طائرة حربية أقلعت من مطار حماه العسكري واقتربت من بلدة معصران ثمّ تابعت مسيرها باتجاه بلدة سراقب، وعلى إثر ذلك صدح صوت صافرة الإنذار في مدينة سراقب، وأنا بدوي قمت بالاختباء مع عائلتي في مكان أكثر أماناً، فسمعنا هدير الطائرة وهي تقترب أكثر فأكثر، وماهي إلا ثوانٍ حتى أفرغت حمولتها، ثمّ ركضت إلى الخارج فشاهدت أعمدة الدخان وهي تتصاعد من مناطق مختلفة في القسم الشرقي من المدينة، وتحديداً في الشارع الرئيسي الواصل إلى سوق الهال حيث تتواجد العديد من المحال التجارية، وبعدما توجهت إلى مكان الهجوم، كان المشهد مرّوعاً، فقد كانت ألسنة النيران تلتهم المحال التجارية بينما كانت صراخ الناس طالبين النجدة يعلو في كل مكان، وقامت فرق الدفاع المدني بانتشال القتلى التي تمزقت أجسادهم بفعل الصواريخ شديدة الانفجار، حيث كنت شاهداً على انتشال طفل صغير سقط الحطام على جسمه الصغير وبدأت تلتهمه النيران.”
“ليث العبد الله” مدير مركز الدفاع المدني في مدينة سراقب، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الطائرة الحربية التي نفذّت هجومها على مدينة سراقب، كانت قد أسقطت صاروخين فراغيين، الأول وقع على الطريق الحيوي الرئيسي في مدينة سراقب، حيث سقط على عدة محال في المنطقة الصناعية، وأدى إلى دمار 6 محال بشكل كامل، ودمار جزئي في المحال المجاورة، في حين سقط الصاروخ الثاني ما بين إحدى منازل المدنيين ومدرسة ثانوية للبنات على الطريق الرئيسي في مدينة سراقب، وأدى إلى دمار قسم من المنزل إضافة إلى قسم من بناء المدرسة، فضلاً عن الأضرار التي لحقت المحال المجاورة، كما أودى بحياة 8 أشخاص، من بينهم 4 أطفال، وجرح وأصاب نحو 4 آخرين.
أحد المشرفين على مراصد الطيران الحربي في محافظة إدلب، أفاد لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الطائرة التي نفذّت هذا الهجوم على مدينة سراقب كانت قد أقلعت من مطار حماه العسكري وهي من نوع ميغ 23، في تمام الساعة (4:00) عصراً، ثمّ اتجهت نحو الشرق إلى أن أصبحت فوق بلدة أبو الضهور، ثم إلى الغرب حيث دخلت أجواء مدينة سراقب، ونفذت هجومها في تمام الساعة (4:05) عصراً.
صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بمدينة سراقب، عقب القصف الذي تعرضت له بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019.
وبدوره وثق الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أسماء القتلى من المدنيين والذين سقطوا جرّاء هذا الهجوم على مدينة سراقب، وهم كالتالي:
- أسماء المحيميد.
- الطفلة آية سمير الزوري.
- محمود نصر عجاج.
- الطفل محمد حسام الزوري.
- الطفل محمد أنور خطاب.
- الطفل عبد الكريم هشام سطوف.
- حسام الزوري.
- علي إبراهيم العلي.
وأظهر مقطع فيديو[8] لأحد الناشطين الإعلاميين في مدينة سراقب حجم الدمار الذي لحق بالمدينة عقب القصف عليها بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019.
صورة مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تبين آثار القصف الذي طال مدينة سراقب بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019.
موقع هجوم سراقب.
تحليل الأدلة البصرية
[1] ” محادثات أستانا في 1 و2 أغسطس بمشاركة لبنان والعراق لأول مرة” موقع روسيا اليوم في 119 تموز/يوليو 2019. آخر زيارة بتاريخ 31 تموز/يوليو 2019. https://arabic.rt.com/middle_east/1033134-%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D8%B2%D8%AE%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D8%A7-%D9%81%D9%8A-1-%D9%882-%D8%A3%D8%BA%D8%B3%D8%B7%D8%B3-%D8%A8%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%88%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-%D9%85%D8%B1%D8%A9/.
[2] ” عشرات القتلى ودمار مرافق حيوية نتيجة القصف المستمر على إدلب” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 25 حزيران/يونيو 2019. آخر زيارة بتاريخ 31 تموز/يوليو 2019. https://stj-sy.org/ar/%d9%82%d8%aa%d9%84%d9%89-%d9%88%d8%af%d9%85%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%b1%d8%a7%d9%81%d9%82-%d8%ad%d9%8a%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d9%82%d8%b5%d9%81-%d8%a5%d8%af%d9%84%d8%a8/.
[3] ” سوريا: مقتل 27 شخصاً بغارات جويّة على خمس مدن بإدلب” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 20 تموز/يوليو 2019. آخر زيارة بتاريخ 31 تموز/يوليو 2019. https://stj-sy.org/ar/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d9%85%d9%82%d8%aa%d9%84-27-%d8%b4%d8%ae%d8%b5%d8%a7%d9%8b-%d8%a8%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%ac%d9%88%d9%8a%d9%91%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%ae%d9%85%d8%b3/.
[4] ” المنسق الإنساني للأمم المتحدة يدين “تقاعس أعضاء مجلس الأمن” حيال المذبحة في إدلب بسوريا”، أخبار الأمم المتحدة، في 30 تموز/يوليو 2019. آخر زيارة بتاريخ 31 تموز/يوليو 2019. https://news.un.org/ar/story/2019/07/1037581?fbclid=IwAR3iCZYW-7bmAlRgey2ZEElXDAyelfxTA_kfYlcpyOAqrHCFKoE8Jb4p8-I.
[5] تسيطر عليها عسكرياً الجبهة الوطنية للتحرير، بينما تسيطر عليها إدارياً هيئة تحرير الشام من خلال حكومة الإنقاذ.
[6] ” الدفاع الروسية تنفي توجيه أي ضربات على سوق شعبية في إدلب” في 22 تموز/يوليو 2019ن موقع روسيا اليوم. آخر زيارة بتاريخ 31 تموز/يوليو 2019. https://arabic.rt.com/russia/1033732-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D8%AC%D9%8A%D9%87-%D8%A3%D9%8A-%D8%B6%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%88%D9%82-%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%AF%D9%84%D8%A8/?fbclid=IwAR18x2MpFKAkMc3xcOTidBALXCx9mQ-52HrNh03K_S0Hk2QzubZulK2JseE.
[7] تسيطر عليها الجبهة الوطنية للتحرير عسكرياً، بينما تسيطر عليها إدارياَ هيئة تحرير الشام من خلال حكومة الإنقاذ.
[8] للمزيد من الاطلاع، https://www.facebook.com/mahmoud.bakkour.568/videos/2441058835979278/.