بتاريخ 28 آذار/مارس 2023، نشر السيد محسن مصطفى تغريدة على موقع تويتر، اتهم فيها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بأنّها قامت “باختزال وصياغة” ورقة بحثية كان قد أعدّها مع مركز عمران للدراسات “بعدة أسطر”، مضيفاً بأنّ المنظمة تجاهلت “العمل الأصلي أو الإشارة له”. منوهاً بعدم وجود ما أسماه بعملية “نسخ – لصق” واضحة بالنص، بحسب وصفه، لكنّه قال بأنّ تلك العملية “واضحة في الأفكار تماماً والسرد وفي بعض العناوين المستخدمة” في تقرير “سوريون”.
والتقرير المقصود هنا هو تقرير “سوريون“ الذي تم إعداده إثر صدور المرسوم رقم 25 في نهاية عام 2022، والذي نص على تعديل رواتب عسكريي قوى الأمن الداخلي.
عقب وصول تلك المزاعم إلى “سوريون”، تمّ أخذها على محمل الجدّ، وتشكلت لجنة داخلية مكونة من ثلاثة باحثين/ات، ترأسها المستشار القانوني في المنظمة. ثمّ قامت اللجنة بالاطلاع على تلك المزاعم وقراءة كل من المادة التي أعدتها “سوريون” والمادة التي نشرها مركز عمران للدراسات.
خلصت اللجنة إلى النتائج التالية التي تتبناها “سوريون” في بيانها الصحفي هذا:
-
نقاط الاختلاف بين المادتين:
اعتمدت دراسة مركز عمران على التحليل الرقمي ولغة الأرقام، وهي دراسة اقتصادية مع التعمق في فلسفة “النظام السوري” بخصوص زيادة رواتب العسكريين بهدف جذبهم لصفه أكثر. أما ورقة “سوريون” فهي ورقة مصغرة تتناول جزئية محاباة العسكر على حساب المدنيين بخصوص زيادة الرواتب والإعفاءات الضريبية، وتحللّ هذا الأمر قانونياً فقط وليس اقتصادياً. وتمّ إعدادها بناءاً على مجموعة من المراسيم والقوانين المرتبطة بزيادة الرواتب ومنح الإعفاءات الضريبية عليها، ومقارنتها وتحليل محتواها، لملاحظة أنها مؤخراً جاءت لتشمل العسكريين فقط دون المدنيين.
هذا وإن دراسة مركز عمران موسعة وتشمل فترة زمنية تبدأ منذ عام 1994 وحتى الآن، وفيها مقارنة بين رواتب العسكريين والمدنيين، وكيف أن راتب حامل شهادة الدكتوراه مساوٍ أو أقل من راتب الجندي العادي. وأجرى الباحث مقارنة بين زيادة الرواتب ومعدل التضخم وكيف أن الزيادة كانت تترافق دوماً مع زيادة الأسعار. لم تتطرق “سوريون” لأي من هذه النقاط.
كذلك تتضمن دراسة مركز عمران مقارنة بين الرواتب وقدرتها الشرائية بالمقارنة بين الليرة السورية والدولار الأمريكي، وتأثير الوضع المالي بلبنان، كما تطرق لمصدر الحصول على الرواتب للعسكريين. كذلك تحدث عن هجرة المتعلمين، وكل هذه الأمور بعيدة كل البعد عن تقرير “سوريون”.
تطرق تقرير “سوريون” إلى “ذريعة محاربة الإرهاب”، وإلى مفهوم العدالة الاجتماعية وتوزيع الأعباء، وكلها نقاط لم تتطرق لها دراسة مركز عمران.
أخيراً، ذكرت دراسة مركز عمران أنها تستثني المراسيم التشريعية الخاصة بالزيادات الحاصلة على المعاشات التقاعدية، وهو ما لم تستثنه “سوريون” في ورقتها.
-
نقاط التقاطع بين المادتين:
توصلت اللجنة الداخلية التي أعدتها “سوريون” إلى أن الورقتان ركزتا على فكرة توجه الحكومة إلى زيادة رواتب العسكريين دون المدنيين خلال الأعوام الأخيرة، مع منح إعفاءات ضريبية على هذه الرواتب. وتطرقتا (بأسلوب مختلف) إلى الهدف من هذا التوجه وهو دعم القطاع العسكري ومكافأة العسكريين على خدماتهم.
ذكرت “سوريون” في تقريرها عناوين وتواريخ المراسيم التي صدرت حاملة محاباة للعسكريين، وأوضحت أن هذه الظاهرة بدأت في السنوات الأخيرة تظهر بشكل واضح (منذ عام 2018 بحسب المراسيم)، وهي معلومات مذكورة في المراسيم ذاتها دون لبس، ناهيك عن أن التوصل إلى ذات الاستنتاج لا يعني بأن “سوريون” قد أخذت الفكرة من دراسة مركز عمران، فأي متتبع لمراسيم زيادة الرواتب والأجور سيلاحظ هذا الأمر.
علماً أن القوانين والمراجع التي ارتكز عليها تقرير “سوريون” كلها مذكورة في التقرير المنشور من قبل المنظمة، وقد توصلت “سوريون” إلى نتيحة تمييز العسكريين على حساب المدنيين من خلال دراسة هذه القوانين ومقارنتها وتحليلها.
أما بالنسبة لرغبة الحكومة بدعم العسكريين فهو أمر يعرفه كل من له اطلاع على القضية السورية ونظام الحكم فيها وهو ليس بشيء جديد على الحكومة، فلا يمكن لأحد أن يدعي بأنه صاحب الفكرة والعالم الوحيد بغاية الحكومة.
هناك الكثير من القوانين الصادرة عن الحكومة السورية والتي يعمل العديد من الأشخاص والجهات والمنظمات على دراستها وتحليلها، ولا يمكن لأحد أن يتبنى الفضل في ذلك دون غيره. على سبيل المثال، عشرات الدراسات والأوراق البحثية صدرت حول القانون رقم 10 لعام 2018 الخاص بتنظيم المدن، والغالبية العظمى من تلك الدراسات ذكرت أن الغاية الحقيقية من هذا القانون هي مصادرة ممتلكات السوريين ولا سيما المعارضين والمهجرين، ولا يمكن لأحد أن يدعي بأنه صاحب الفكرة وأن الباقيين “تجاهلوا العمل الأصلي”.
تجدر الإشارة هنا أيضاً إلى أن “سوريون” تعمل منذ سنوات على عرض ودراسة وتحليل المراسيم والقوانين السورية، ولديها فريق من الباحثين/ات القانونيين/ات المتخصصين/ات. المرسوم رقم 25 لعام 2022 ما هو إلا ورقة واحدة من أوراق عديدة تشكّل مشروعاً متكاملاً من مشاريع “سوريون”.
ومن الأمثلة على القوانين التي درستها وحللتها “سوريون” (ونذكرها هنا على سبيل المثال لا الحصر) القانون الناظم لإعادة تكوين الوثائق العقارية رقم 33 لعام 2017 و قانون الإيجارات رقم 20 لعام 2015 و قانون جرائم المعلوماتية رقم 20 لعام 2022 و قانون تجريم التعذيب رقم 16 لعام 2022 و مرسوم العفو رقم 7 لعام 2022 و تعديلات قانون العقوبات المرسوم التشريعي رقم 15 لعام 2022.
تأسف “سوريون” على الحملة غير المبررة التي تعرضت لها بسبب مزاعم جانبت الصواب، وتتمنى من جميع المتابعين/ات أن يكونوا أكثر موضوعية في النقد وأن يتقصّوا الدقّة والمهنية قبل نشر أي اتهامات تسهم في عملية التشهير بالمنظمة وفريق عملها أو بحقّ أي منظمة سوريّة أخرى. حيث أنّ “سوريون” تتعرض لضغوطات مشابهة منذ سنوات عديدة بسبب موضوعيتها وتوثيقها الانتهاكات المرتكبة من جميع الأطراف باستقلالية دون محاباة لأي طرف نزاع على آخر.
سوريون من أجل الحقيقة والعدالة 31 آذار/مارس 2023.