خلفية: بتاريخ 5 تموز/يوليو من العام 2014، قامت وحدات الحماية الشعبية (YPG)، ووحدات حماية المرأة (YPJ)، و"الإدارة الذاتية الديمقراطية في روج آفا" بتسريح 149 طفلاً مجندين في صفوفها، ووقعت صك التزام منظمة نداء جنيف القاضي بحماية الأطفال في النزاعات المسلحة خلال حفل رسمي أقيم في رملان في المناطق الكردية في سوريا.[1]
وكان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، "مظلوم عبدي"، قد أصدر أمراً عسكرياً بتاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2018، موجهاً إلى الجهات المعنية لمكونات هذه القوات، مطالباً إياها بمنع تجنيد الأطفال ممن هم دون سن (18) عاماً منعاً باتاً، وتحويل كل عضو أو عضوة دون هذا السن ضمن صفوف قواتها، إلى الجهات المعنية "هيئة التربية والتعليم" التابعة للإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا[2].
إلى ذلك، كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد قالت في تقرير صدر عنها في شهر آب/أغسطس 2018، بأنّ "بيانات الأمم المتحدة الأخيرة أظهرت زيادة ملحوظة ومقلقة في تجنيد الأطفال من قبل وحدات حماية الشعب في العام الماضي. ودعت "وحدات حماية الشعب" إلى تسريح الأطفال في صفوفها فوراً والتوقف عن تجنيد الأطفال، ومنهم أطفال العائلات في مخيمات النازحين التي تسيطر عليها. وأضافت:
"وجهت هيومن رايتس ووتش رسالة بتاريخ 29 يونيو/حزيران 2018 إلى قوات سوريا الديمقراطية وإلى اللجنة التنفيذية لـ "الإدارة الذاتية" التابعة لـ "حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني". تصف الرسالة نمط تجنيد الأطفال، وتطلب معلومات عن التدابير التي اتخذتها اللجنة لمنع تجنيدهم واستخدامهم في الأعمال العدائية، وسؤالهم عما إذا كانت المجموعة المسلحة تحصل على موافقة الوالدين وتسمح بالاتصال العائلي للمجندين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما.
ردت الإدارة في 16 يوليو/تموز 2018، قائلة إنه يتم إبلاغ العائلات لدى تجنيد الطفل، ولكن يمكن للأطفال أيضاً الانضمام دون موافقة الوالدين. اعترفت الرسالة بأن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 سنة يمكنهم الانخراط، لكنهم قالوا إنهم لا يوضعون في أدوار قتالية. بدلا من ذلك، كما تقول الرسالة، "يتم وضعهم في مراكز خاصة يتلقون فيها تدريبات فكرية ومهنية". قالت الرسالة أيضا إن الفتيات من مخيمات النازحين طلبن حماية القوات هروبا من الزواج المبكر أو التحرش أو الاغتصاب، وإن "وحدات حماية المرأة" قدمت لهن المأوى والحماية."[3]
صورة تظهر الأمر العسكري الذي أصدره القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، "مظلوم عبدي"، وذلك بتاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2018.
مصدر الصورة: موقع قوات سوريا الديمقراطية.
وخلافاً للأمر العسكري الذي نشره القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، فقد استطاعت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة توثيق ما لا يقل عن حالتين لفتيات تم تجنيدهنّ في صفوف وحدات حماية المرأة YPJ، والمنضوية تحت لواء "قسد". ذلك بالاستناد إلى العديد الشهادات التي حلصت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018.
ففي تاريخ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2018، قامت وحدات حماية المرأة YPJ بتجنيد الطفلة "سُليمة عبد الرحمن علي" والبالغة من العمر (14) عاماً ضمن صفوفها في مدينة الحسكة، وبعد أسبوع واحد فقط، وتحديداً بتاريخ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2018، عمدت هذه القوات أيضاً إلى تجنيد الطفلة "عويش بوظان بوظان" والبالغة من العمر (16) عاماً ضمن صفوفها في مدينة كوباني/عين العرب.
وبتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2018، قضت الطفلة "ياسمين عارف" (17) عاماً، ضمن صفوف وحدات حماية المرأة، وذلك بعدما كانت قد أصيبت في وقت سابق أثناء مشاركتها في حملة "عاصفة الجزيرة" والتي تشنّها قوات سوريا الديمقراطية، بمساندة من التحالف الدولي، منذ تاريخ 9 أيلول/سبتمبر 2018، وذلك بهدف طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" والمعروف باسم تنظيم "داعش" من آخر معاقله في الجزيرة السورية والريف الشرقي لمدينة دير الزور.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ مصادر ضمن قوات سوريا الديمقراطية كانت قد أكدّت لذوي الطفلتين "سُليمة" و"عويش" أنهما لا زالتا في معسكرات وحدات حماية المرأة حتى لحظة إعداد هذا التقرير في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2018، على الرغم من مطالبة ذوي الطفلتين بتسريحهما، ومراجعة العائلتين لمراكز ومعسكرات هذه القوات، فيما لم تصدر الأخيرة أي تعليق رسمي ينفي أو يؤكد ما ورد ذكره حتى الآن.
وسبق أن أصدرت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تقريراً في آذار/مارس 2018، وثقّت فيه حالة تجنيد الطفلة "أفين عبد الله" والمعروفة باسم "آڤين صاروخان" والتي تبلغ من العمر (11) عاماً.[4] كما كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدّت خبراً آخراً حول شن قوات تابعة للإدارة الذاتية حملات مداهمة بغرض التجنيد طالت عشرات الشبان في محافظة الرقة ومدينة منبج خلال شهري أيار/مايو 2018 وبدايات حزيران/يونيو 2018، وساقت العديد الشبان إلى التجنيد الإجباري الذي أقرّته بموجب "قانون واجب الدفاع الذاتي" الصادر في 21 تموز /يونيو 2014.[5]
تفاصيل حوادث تجنيد القاصرين:
بتاريخ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2018، قامت وحدات حماية المرأة المنضوية تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية، بتجنيد الطفلة "سُليمة عبد الرحمن علي" البالغة من العمر (14) عاماً ضمن صفوفها في مدينة الحسكة، وذلك بحسب ما أكدته "فائزة الحسين" والدة الطفلة "سُليمة"، والتي اعتبرت أن إقدام وحدات حماية المرأة على تجنيد ابنتها القاصر والوحيدة لذويها بعد أخذها من أمام مدرستها الإعدادية في الحسكة، هو انتهاك لحقوق الطفل في الحياة والتعليم، وتحدثت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلة:
"في ذلك اليوم، تأخرت ابنتي "سُليمة" بالعودة من المدرسة، فذهبت إلى مدرستها "إعدادية أحمد زعال" في "حي تل حجر" بحثاً عنها، ووجدت أنّ المدرسة قد أغلقت أبوابها بعد انتهاء الدوام الرسمي، لذا توجهت إلى منزل إحدى صديقات ابنتي لأسأل عنها، والتي أخبرتني أنّ "سُليمة" ذهبت برفقة سيارة من نوع "فان" كانت تقلّ عدة مقاتلات لدى وحدات حماية المرأة YGJ، فقمت بعدها وبرفقة زوجي بمراجعة أغلب قادة ومراكز قوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة، وذلك من أجل استعادة ابنتي، وقدمت لهم دفتر العائلة ليدركوا أن ابنتي ليست بالغة، ولكن دون جدوى، واعترفوا أن ابنتي موجودة لديهم، لكنهم قالوا إنهم لا يستطيعون إعادتها، بحجة أنها تتلقّى دورة عسكرية حالياً، ولازلنا نسعى إلى معرفة مكان ابنتنا كي نعديها إلى أحضاننا، ولكن ما باليد حيلة".
وأشارت "فائزة الحسين" إلى أنّ ابنتها "سُليمة" تعاني من ضعف شديد في البصر، وإعاقة في اصبعين من يدها اليسرى، وذلك نتيجة تعرضها لحروق في صغرها.
صورة تظهر الطفلة "سُليمة عبد الرحمن علي" (14) عاماً من مدينة الحسكة، والتي تمّ تجنيدها في صفوف وحدات حماية المرأة التابعة للإدارة الذاتية YPJ، وذلك بتاريخ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2018.
مصدر الصورة: "فائزة الحسين" والدة الطفلة.
صورة تظهر البيانات الشخصية للطفلة "سُليمة عبد الرحمن علي" حسب وثيقة دفتر العائلة، والتي تُثبت أن "سُليمة" من مواليد عام 2004.
مصدر الصورة: "فائزة الحسين".
وفي حالة مشابهة، وجهت عائلة "بوظان" في كوباني، نداءً إلى المنظمات والجمعيات المحلية والدولية، المعنية بالدفاع عن حقوق الطفل، من أجل الحد من ظاهرة تجنيد القاصرين في مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي (بحسب وصفهم)، وذلك بعد أن قامت وحدات حماية المرأة، في يوم 8 تشرين الأول/اكتوبر 2018، بتجنيد ابنة العائلة "عويش بوظان بوظان" البالغة من العمر 16 عاماً ضمن صفوفها في مدينة كوباني، حيث تحدّث "بوظان بوظان" والد الطفلة "عويش" لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد، قائلاً:
"بحدود الساعة (4:00) مساءً من ذلك اليوم، خرجت ابنتي من المنزل، وبعد مضي عدّة ساعات على خروجها، أبلغتني زوجتي أي والدتها بأنّها تأخرت ولم تعد، فحاولنا البحث عنها، وكانت قد تركت هاتفها المحمول في المنزل، وعند فتحه وجدنا أنها كانت على تواصل مع إحدى قادات وحدات حماية المرأة YPJ، والتي كانت قد أقنعتها بالهروب من المنزل والانضمام إلى صفوف هذه القوات، وعلى الفور ذهبت والدتها إلى مركز الـ YPJ في كوباني، وبعد جهد ونقاش طويل اعترفوا أن ابنتي "عويش" موجودة عندهم، وسمحوا لوالدتها برؤيتها عدّة دقائق فقط، حيث كانت مرتدية الزي العسكري الخاص بهذه الوحدات، واستطاعت والدتها أن تلتقط لها صورة بواسطة هاتفها المحمول، وعلى الرغم من أنّ زوجتي قدمت لهم دفتر العائلة الذي يثبت أنّ ابنتي لا تزال غير بالغة ليسمحوا لنا بإعادتها إلى المنزل، إلا أنهم قالوا بأنهم لن يعيدوا الفتاة باعتبار أنها ذهبت معهم بإرادتها، واستمرت محاولاتنا لاسترجاع ابنتنا، إذ قدمنا شكاوى إلى كافة القوى والمؤسسات العسكرية في كوباني، ومن بين من قدمنا الشكوى إليهم، الرئيس المشترك لهيئة الدفاع في مقاطعة كوباني "عصمت شيخ حسن"، ولكن دون جدوى، إذ أخبرنا الأخير أنهم لا يستطيعون أن يطلبوا من الـ YPJ إعادتها، ولازلنا نبحث حتى الآن، ونطرق أبواب كافة مراكز ومؤسسات الإدارة الذاتية، المدنية منها والعسكرية، لكن لا أحد ينصت لندائنا."
صورة تظهر الطفلة "عويش بوظان بوظان" (16) عاماً بالزي العسكري الخاص بوحدات حماية المرأة التابعة للإدارة الذاتية، بعد أن تمّ تجنيدها في صفوف هذه القوات، وذلك بتاريخ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2018، حيث التقطت الصورة من قبل والدتها "فاطمة شيخ محمد" في مركز الـ YPJ في كوباني، مصدر الصورة: "بوظان بوظان".
تظهر الصورة البيانات الشخصية للطفلة "عويش بوظان بوظان" حسب وثيقة دفتر العائلة، والتي تثبت أن "عويش" من مواليد عام 2002.
مصدر الصورة: الشاهد "بوظان بوظان".
وفي هذا السياق، حاولت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، التواصل مع قوات سوريا الديمقراطية، وتحديداً بتاريخ 16 تشرين الأول/أكتوبر 2018، من أجل تحديد الأساس الذي تقوم بموجبه بتجنيد القاصرين في صفوفها، ومدى التزامها بالصكوك التي وقعّت عليها. لكنّ المنظمة لم تتلقَ رداً على هذه الرسالة حتى تاريخ 30 تشرين الأول/أكتوبر 2018.
مقتل طفلة مقاتلة في صفوف قوات سوريا الديمقراطية:
بتاريخ 15 تشرين الأول/أكتوبر 2018، شيّع أهالي مدينة القامشلي/قامشلو، جثمان الطفلة "ياسمين عارف" البالغة من العمر (17) عاماً، والتي فقدت حياتها ضمن صفوف وحدات حماية المرأة YPJ، وتحديداً بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2018، في أحد مشافي اقليم كُردستان العراق، بعد أن كانت قد أصيبت في وقت سابق، في قرية "الباغوز" بالقرب من مدينة دير الزور، أثناء مشاركتها في حملة "عاصفة الجزيرة" التي تشنها قوات سوريا الديمقراطية، بمساندة من قوات التحالف الدولي، منذ 9 أيلول/سبتمبر 2017، من أجل طرد تنظيم "داعش" من آخر معاقله في الجزيرة السورية ومنطقة شرق الفرات والريف الشرقي لمدينة دير الزور. وبحسب بيان أصدرته القيادة العامة لوحدات حماية المرأة التابعة للإدارة الذاتية، فإنّ "ياسمين عارف" والتي اُطلق عليها اسم "برفين آمد" من مواليد عام 2001 بقرية "ديكمداش" في ناحية شران في ريف مدينة عفرين، قد انضمت إلى صفوف هذه القوات عام 2015، أي عندما كان عمرها (14) عاماً.
تظهر الصورة الطفلة "ياسمين عارف" (17) عام من مدينة عفرين، والتي فقدت حياتها ضمن صفوف وحدات حماية المرأة التابعة للإدارة الذاتية، وذلك بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2018، بعد أن كانت قد أصيبت في وقت سابق بالقرب من مدينة دير الزور.
مصدر الصورة: وكالة أنباء الفرات المقرّبة من الإدارة الذاتية.
صورة تظهر وثيقة صادرة عن "مجلس عوائل الشهداء" التابع للإدارة الذاتية، تثبت وفاة الطفلة "ياسمين عارف" (17) عام في صفوف وحدات حماية المرأة YPJ، والتي كانت قد انضمت إلى هذه القوات في عام 2015 عندما كان عمرها (14) عاماً.
صورة تظهر البيان الذي أصدرته القيادة العامة لوحدات حماية المرأة حو مقتل ّ "ياسمين عارف" والتي اُطلق عليها اسم "برفين آمد"، والذي يوضح بأنّ "ياسمين" كانت قد انضمت إلى صفوف هذه القوات عام 2015، أي عندما كان عمرها (14) عاماً.
مصدر الصورة: وكالة الأنباء هاوار المقرّبة من الإدارة الذاتية.
[1] سوريا: القوات المسلحة الكردية تسرّح 149 طفلاً مجنداً، حماية المدنيين خلال النزاعات المسلحة. موقع منظمة نداء جنيف، تمّوز/يوليو 2014. (آخر زيارة 30 تشرين الأول/أكتوبر 2018). https://genevacall.org/ar/syria-kurdish-armed-forces-demobilize-149-child-soldiers/.
[2]" القائد العام لـ(قسد) يصدر أمراً عسكريّاً هامّاً"، موقع قوات سوريا الديمقراطية. 7 أيلول/سبتمبر 2018. (آخر زيارة 30 تشرين الأول/أكتوبر 2018). https://sdf-press.com/2018/09/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%85-%d9%84%d9%80%d9%82%d8%b3%d8%af-%d9%8a%d8%b5%d8%af%d8%b1-%d8%a3%d9%85%d8%b1%d8%a7%d9%8b-%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1%d9%8a%d9%91%d8%a7/.
[3] "سوريا: "وحدات حماية الشعب" تجند الأطفال النازحين"، منظمة هيومن رايتس ووتش، في 3 آب/أغسطس 2018، آخر زيارة بتاريخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2018، https://www.hrw.org/ar/news/2018/08/03/321087.
[4] " انتهاكات جسمية مختلفة بحقّ أطفال سوريين" "تقرير موجز (جزء1) يوثّق تجنيد عدّة أطراف في النزاع السوري لأطفال ما دون سنّ الثامنة عشر"، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 14 آذار/مارس 2018. (آخر زيارة بتاريخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2018). https://www.stj-sy.org/ar/view/462.
[5] " استمرار عمليات التجنيد الإجبارية في الرقة ومنبج واحتجاجات ضدها" سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 15 حزيران/يونيو 2018، آخر زيارة بتاريخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2018، https://www.stj-sy.org/ar/view/574.