الرئيسية صحافة حقوق الإنسانقصص وشهاداتقصص مكتوبة “حصلتُ على الجنسية السّورية بعد أن فاتني القطار”

“حصلتُ على الجنسية السّورية بعد أن فاتني القطار”

قصّة ”محمد خير عايد اسماعيل“ ... حرمونا من تحقيق أحلامنا

بواسطة wael.m
567 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية, الكردية حجم الخط ع ع ع

أمضى "محمد" أعواماً طويلة من حياته كأحد الكرد السوريين المجرّدين من الجنسية منتميًا إلى فئة الأجانب، فلم يتمكن من الدراسة في المجال الذي أحب، كما لم يكن بمقدوره امتهان المهن التي يرغب، وكان محروماً من كافة حقوق المواطنة، الأمر الذي ترك أثراً سلبياً كبيراً على حياته، رغم نجاحه آخر المطاف في الحصول على الجنسية السورية.

"محمد خير عايد إسماعيل" من مواليد منطقة تل حميس في مدينة القامشلي/قامشلو عام (1972) في محافظة الحسكة، متزوج ولديه أربعة أطفال، بذل محمد العديد من المحاولات من أجل تعديل وضعه القانوني، إلى أن نجح آخر الأمر في العام 2011 وتحقق حلمه في أن يصبح مواطناً سورياً متمتعاً بالجنسية، وفي هذا الخصوص روى للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في شهادته في شهر آذار/مارس قائلاً:

 "كانت البداية حينما أدّى والدي خدمته العسكرية خلال فترة الوحدة ما بين سوريا ومصر (ما بين العام 1958 والعام 1961)، لكن ومن سوء حظه فقد تمّ طلبه مرة أخرى إلى الخدمة الاحتياطية، فقام "بدفع بدل نقدي" بما أنه كان متزوجاً حديثاً، وبعد فترة تمّ طلبه من قبل شعبة التجنيد، حيث أخذوا منه الهوية الشخصية بحجة أنه خطر على أمن الدولة، ورغم أنهم قاموا بتعذيبه إلا أنه لم يقم بإعطائهم دفتر الخدمة العسكرية الذي يثبت أنه قد أدّاها وانتهى منها، وهكذا أصبح والدي مكتوم القيد لأنهم كانوا قد أخذوا أوراقه من السجلات المدنية في مدينة تل حميس، وبعد فترة أصبح والدي من فئة الأجانب، لأنه كان دائماً ما يتردد على دائرة الأحوال المدنية ويلحّ في السؤال عن أوراقه.

تزوج والدي وأنجبني مع سبعة إخوة وكنا جميعاً من فئة الأجانب، وقد حاول والدي وإخوتي كثيراً العمل على أوراقهم حتى يتمتعوا بالجنسية السّورية لكن دون جدوى، وكان شخص يعمل في أحد مخافر الشرطة في منطقة القحطانية/تربسييه، قد وعد والدي بأنّ يسوي له وضعه القانوني مقابل مبلغ (25) ألف ليرة سورية، إلا أنّ هذا المبلغ كان كبيراً عليه في تلك الفترة لذا عدل عن الفكرة."

عانى محمد الأمرّين خلال سنواته التي كان فيها مجرّداً من الجنسية، إذ لم يكن بوسعه الالتحاق بالمعهد الذي يود "معهد السكك الحديدية" رغم أنه كان متفوقاً في دراسته الثانوية، في الوقت الذي كانت أبواب هذا المعهد تستقبل غيره من الطلاب، وفي هذا الصدد تابع قائلاً:

"حاولتُ التسجيل في كافة المعاهد، إلا أنهم لم يقبلوا بي، لذا بدأت أعمل "كعامل حر" وأقوم بأي نوع من أنواع العمل، وبعدها تزوجتُ، وقد شاهدتُ كيف أن العديد من أصدقائي أصبحوا موظفين حكوميين رغم أنّهم لم يكونوا متفوقين في دراستهم مثلي، لذا انتابني شعور سيئ، حال أولادي لم يكن أفضل فقد كانوا مكتومي القيد لأنني أجنبي ووالدتهم مواطنة، ولم يكمل ابني البكر دراسته، فدائماً ما كان يقول لي بأنّ مصيره سيكون مثل مصيري، وما زلتُ أذكر عندما كنا نقوم بتسجيل الأولاد في المراحل الابتدائية والثانوية، أنهم كانوا يطالبوننا على الدوام بالهويات الشخصية، وكنا نعيد ونكرر لهم ذات الحكاية عن والدي وعن أسباب عدم امتلاك أطفالي أي أوراق ثبوتية."

لم يكن بمقدور محمد السفر خارج البلاد بقصد العمل بما أنه كان مجرّداً من الجنسية، ويذكر أنه حينما قام بتسجيل أطفاله لدى مسؤول الحي "المختار"، تمّ إجراء دراسة أمنية حول وضعهم، كما كانوا يجيبون على ذات الأسئلة المعتادة الموجهّة إليهم "من أين أنتم ومن أين جئتم"، وأكمل محمد قائلاً:

"أطلقتُ على طفلي الأخير اسم "محمد معشوق" تيمناً بأحد كبار رجال الدين الشيخ "محمد معشوق الخزنوي"، وحينما ذهبتُ لتسجيل طفلي لدى المختار، سألني الأسئلة المعتادة، وأخبرني بأنّ عليّ أن أغير اسم المولود بحجة أنّ الاسم مرفوض، فدفعتُ له رشوة بقيمة (500) ليرة سورية إلى أن تمكنتُ أخيراً من الإبقاء على اسمه."

عقب إصدار المرسوم رقم (49) والقاضي بتجنيس فئة الأجانب عام 2011، أصبح محمد مواطناً متمتعاً بالجنسية السّورية، إلا أنه يتحسّر على عمر قضاه بلا جنسية، لم يتمكن خلاله من دراسة المجال الذي يود، أو امتهان المهن التي يرغب، فقد أصبح مواطناً بعد أن فاته القطار، بحسب تعبيره.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد