الرئيسية تحقيقات مواضيعية قتلى وجرحى مدنيون في هجمات عسكرية انتقامية عنيفة على محافظة إدلب- تموز/يوليو وحزيران/يونيو 2018

قتلى وجرحى مدنيون في هجمات عسكرية انتقامية عنيفة على محافظة إدلب- تموز/يوليو وحزيران/يونيو 2018

القوات النظامية السورية وحلفاؤها عمدت إلى قصف مدن وبلدات ريف إدلب بشكل عنيف رداً على هجمات ضدها كانت قد شنتها فصائل المعارضة المسلحة في وقت سابق

بواسطة wael.m
402 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة: واصلت القوات النظامية السورية وحلفاؤها هجماتها العسكرية على مدن وبلدات محافظة إدلب، وذلك خلال شهر تموز/يوليو 2018 وقبلها شهر حزيران/يونيو 2018، ففي أيام 10 و11و12 تموز/يوليو 2018، قام الطيران الحربي التابع للقوات النظامية بقصف مدن وبلدات ريف إدلب الغربي، مثل بلدات (الرامي وأورم الجوز وكنيسة بني عز وريف جسر الشغور)، وهو ما أدى إلى مقتل وجرح العديد من المدنيين، فضلاً عن الأضرار المادية التي لحقت بممتلكاتهم.

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فقد أتت هذه الهجمات العنيفة عقب يوم واحد فقط من تنفيذ فصائل المعارضة المسلحة هجوماً عسكرياً ضد القوات النظامية السورية في ريف اللاذقية، وكان هذا الهجوم قد أسفر عن مقتل وجرح عدد من عناصر القوات النظامية السورية، كما لفت الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إلى أنّ عمليات القصف تلك، كانت قد تسبّبت بموجة نزوح كبيرة من قبل أهالي تلك البلدات، إلى أماكن أكثر أماناً مثل مدينة جسر الشغور، خوفاً من قصف منازلهم.

وكان قد سبق للقوات النظامية السورية وحلفائها القصف على قرى وبلدات ريف إدلب في شهر حزيران/يونيو 2018، ففي تاريخ 10 حزيران/يونيو 2018، قام الطيران الحربي التابع للقوات النظامية السورية بقصف بلدة تفتناز بعدّة غارات جوية، أصابت إحداها "مشفى النور التخصصي" للأطفال في البلدة، وقد أدت هذه الغارات إلى مقتل (14) شخصاً بينهم نساء وأطفال، كما أخرجت مشفى النور التخصصي عن الخدمة.

وبتاريخ 11 حزيران/يونيو 2018، عاود الطيران الحربي قصف مدن وبلدات ريف إدلب، حيث تمّ قصف بلدة بنّش بعدّة غارات جوية، أصابت إحداها مشفى بنش الجراحي وأخرجته عن الخدمة، كما طال القصف عدة مدارس في البلدة وأوقفتها عن العمل، وقد تسبّبت هذه الغارات في مقتل طفلة وإصابة سبعة أشخاص.

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد أتت هذه الهجمات التي وقعت في شهر حزيران/يونيو 2018، رداً على الهجوم العسكري الذي تمّ بتاريخ 9 حزيران/يونيو 2018، والذي شنته هيئة تحرير الشام[1] وجيش الأحرار[2] على عدة نقاط في بلدتي كفريا والفوعة[3] اللتين كانتا خاضعتين للقوات النظامية السورية آنذاك، وقد تسبّب الهجوم في مقتل ستة من عناصر الميليشيات الموالية للقوات النظامية السورية.

كما أشار الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إلى أنّ الهجمات العسكرية لم تتوقف على قرى وبلدات محافظة إدلب حتى في شهر آب/أغسطس 20108، حيث واصلت القوات النظامية السورية وحلفائها قصفها لعدّة قرى وبلدات في ريف ادلب الجنوبي ومنها مدينة خان شيخون وريف معرة النعمان الشرقي، حيث قُتل ما لا يقل عن أربعة مدنيين بينهم طفلتان في بلدة التح ومدينة خان شيخون وذلك بتاريخ 10 آب/أغسطس 2018، وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدّت خبراً[4] حول هذا الموضوع. كما كانت المنظمة قد أعدّت تقريراً[5] آخراً حو ل المجزرة التي وقعت في بلدة زردنا بريف إدلب بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2018، والتي راح ضحيتها ما لا يقل عن (50) شخصاً بينهم نساء وأطفال، وإصابة أكثر من (80) آخرين، إثر القصف الذي طال أحد الأحياء السكنية في البلدة.

 

أولاً: قصف منازل المدنيين في ريف إدلب لثلاثة أيام متواصلة:

بتاريخ 9 تموز/يوليو 2018، شّنت فصائل المعارضة السورية المسلحة متمّثلة بفصيل "أنصار الإسلام" و "فرسان الإيمان" و "مجاهدي جبل التركمان"[6]، هجوماً مباغتاً ضد القوات النظامية السورية في ريف اللاذقية وتحديداً في منطقة "ربيعة" وقلعة "شلف" وبلدتي الدرة والعطرية، وأدى هذا العمل العسكري، إلى مقتل قرابة (25) عنصر من عناصر الصوات النظامية السورية إضافة إلى جرح قرابة (40) آخرين، كما تمكنت فصائل المعارضة المسلحة من الاستيلاء على نقاط المراقبة التابعة للقوات النظامية في هذه المحاور، بعد السيطرة عليها بشكل مباشر، فيما أسفرت هذه العمليات العسكرية عن مقتل عنصرين من فصيل أنصار الإسلام وإصابة ثلاثة آخرين، وعقب الانتهاء من تنفيذ هذه المهمة، قام فصيل أنصار الإسلام ومجاهدي جبل التركمان بالانسحاب إلى مناطقهم بريف جسر الشغور الغربي.

في اليوم التالي من هذ العملية العسكرية، وتحديداً بتاريخ 10 تموز/يوليو 2018، قام الطيران الحربي التابع للقوات النظامية السورية، بشنّ عدة غارات على قرى وبلدات ريف إدلب الغربي مثل بلدات (الرامي وأورم الجوز وكنيسة بني عز ومشمشان وبسنقول) كما قامت أيضاً بقصف بلدة بداما في ريف جسر الشغور، وهو ما أدى إلى مقتل ستة مدنيين بينهم طفل وثلاثة نساء كما أسفر القصف عن إصابة (16) شخصاً بينهم (7) نساء وطفلين وأحد عناصر الدفاع المدني، وهو ما أكده لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة "محمد عمر" وهو عامل في إحدى النقاط الطبية في منطقة جسر الشغور، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:

"في تمام الساعة (8:00) من صبيحة يوم 10 تموز/يوليو 2018، بدأت الطيران الحربي السوري من نوع (سوخوي 21 و22)، بشنّ عدة غارات على قرى وبلدات ريف إدلب وريف جسر الشغور، وقرى جبل الزاوية بريف إدلب، واستمرّت هذه الغارات حتى الساعة (10:00) من صبيحة اليوم ذاته، واستهدف القصف منازل المدنيين، حيث استقبلنا في المشفى أكثر من (15) إصابة كانت بعضها خطرة، وتمّ تحويلها إلى المشافي الحدودية مع تركيا، كما تمّ توثيق مقتل (6) أشخاص في هذا اليوم وحده بسبب الغارات المتواصلة."

 

صورة تظهر جانباً من أعمال فرق الدفاع المدني، وهم يسارعون بالتوجه إلى مكان القصف في قرية مشمشان بريف إدلب، وذلك بتاريخ 10 تموز/يوليو 2018، مصدر الصورة: الدفاع المدني في محافظة إدلب.

 

وفي شهادة أخرى أدلى بها "أبو عمر" وهو المشرف على أحد مراصد الطيران الحربي في ريف إدلب الغربي، حيث قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ طائرة حربية تابعة للقوات النظامية السورية من نوع (سوخوي 22)، كانت قد أقلعت من مطار الشعيرات في محافظة حمص، في تمام الساعة (7:47) من صبيحة يوم 10 تموز/يوليو 2018، حيث وصلت أجواء ريف إدلب في تمام الساعة (7:55) صباحاً، وبدأت بالدوران حول قرى مشمشان وكنيسة بني عز والرامي، وقرى جبل الزاوية، وتابع قائلاً:

"أطلقنا نداءً للأهالي من أجل توخي الحذر من الطيران الحربي السوري، باعتبار أنّ هذا الطيران يقوم بالتنفيذ من على بعد، ويلقي حمولته بشكل مباشر، كما أنه يستهدف عدة قرى في الطلعة الواحدة، وهذا ما حصل فعلاً، حيث استهدف الطيران قرية مشمشان بصواريخ متفجرة، ثم قامت بقصف بلدة كنيسة بني عز بريف إدلب، وأيضاً قامت بقصف قرية الرامي في منطقة جبل الزاوية،وبعد قرابة العشر دقائق، جاءنا نداء آخر حول إقلاع طائرة حربية ثانية من مطار الشعيرات في حمص، وكانت قد سلكت المحور الشمالي باتجاه ريف إدلب الغربي، وبدأت هذه الطائرة بقصف معظم المناطق والقرى في محافظة إدلب في هذا اليوم،وسجلنا قرابة (25) غارة جوية حتى الساعة (2:00) ظهراً من اليوم ذاته، وهو ما أدى إلى مقتل (6) أشخاص وإصابة أكثر من (15) آخرين."

 

وقد استطاع الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، توثيق أسماء الضحايا من المدنيين الذين سقطوا إثر هذه الهجمات العسكرية التي تعرّضت لها مناطق ريف إدلب بتاريخ 10 تموز/يوليو 2018، وهم كالتالي:

  • القتلى:
  1. سيدرة محمد مراد.
  2. أحمد الأبرص.
  3. صديقة أرنؤوط.
  4. عمر خالد حورية.
  5. أمينة خالد العزو (طفلة).
  6. مجهول الهوية.
  • الجرحى:
  1. خالد العزو (طفل)
  2. يامن فطيمة (طفل)
  3. علي محمد (طفل).
  4. محمود زرزور (طفل).
  5. غدير زرزور (طفلة).
  6. نور فطيمة (طفلة).
  7. محمد العزو (26 سنة).
  8. أسماء الضاهر (26 سنة).
  9. ايمان محو (24 سنة).
  10. عبير العزو (30 سنة).
  11. هند اليوسف (30 سنة).
  12. خالد العبد (75 سنة).

وفي يومي 11 و12 تموز/يوليو 2018، تعرّضت قرى جسر الشغور هي الأخرى لقصف الطيران الحربي على مدار يومين متواصلين، وهو ما أدى إلى حركة نزوح كبيرة جداً من قرى بداما والناجية والبشيرية، والتي تعدّ بمثابة خطوط التماس المباشرة مع القوات النظامية السورية، وقد توجه هؤلاء إلى مدينة جسر الشغور، حيث توافد إليها قرابة (4) آلاف شخص، خوفاً من قصف القوات النظامية السورية لمنازلهم، وقد تزامن هذا القصف مع نزوح عدد كبير أيضاً من سكان قرية بني عز بريف إدلب، إلى القرى المجاورة لها، بسبب عمليات القصف العنيفة التي تعرّضت لها البلدة في يوم 12 تموز/يوليو 2018، حيث عمد الطيران الحربي التابع للقوات النظامية السورية في هذا اليوم، إلى قصف منازل المدنيين في البلدة، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أطفال، وإصابة ثمانية مدنيين آخرين، كما أدى القصف إلى تضررّ ممتلكات المدنيين، وهو الأمر الذي أكده لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، "محمد اليوسف" وهو أحد أهالي بلدة كنيسة بني عز بريف إدلب، كما أنه أحد الناجين من هذه الغارات، حيث تحدّث قائلاً لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:

"في تمام الساعة (11:00) من صبيحة يوم 12 تموز/يوليو 2018، بدأ قصف الطيران الحربي السوري على منازل أهالي البلدة، ما أدى إلى نشوب حريق كبير جداً وتهدّم عدد كبير من المنازل ومنها منزلي، فتجمع أهالي البلدة وبدأنا بالعمل على إخماد الحرائق، وبعدها وصلت فرق الدفاع المدني، وبدأت بالعمل، وفقدت صوابي حينها لأنّ أطفالي وزوجتي كانوا محاصرين تحت الركام، وبعدها بدقائق استطاعت فرق الإنقاذ إخلاء زوجتي المصابة، أما أطفالي فقد كانوا قد فارقوا الحياة، لقد كان من أصعب وأقسى الأيام التي مرّت عليّ، مع العلم بانّ البلدة لا يوجد فيها أي مقار عسكرية بل هي مجرد بلدة صغيرة ويبلغ عدد سكانها (4) آلاف شخص، ويشرف فيها المجلس المحلي على إدارة أمور المدينة، ولم نشاهد يوماً أي مظاهر عسكرية داخلها."

 

صورة تظهر جانباً من عمليات انتشال الجرحى والقتلى من تحت الأنقاض، إثر الغارات الجوية التي تعرّضت لها بلدة كنيسة بني عز بريف إدلب، وذلك بتاريخ 12 تموز/يوليو 2018، مصدر الصورة: الدفاع المدني في محافظة إدلب.

 

وقد استطاع الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، توثيق أسماء القتلى من الأطفال الذين قضوا في يوم 12 تموز/يوليو 2018، جرّاء الغارات الجوية على بلدة كنيسة بني عز في ريف إدلب، وهم كالتالي:

  1. زينب محمد اليوسف.
  2. راما حسن اليوسف.
  3. محمد حسن اليوسف.

 

 

 

ثانياً: مجزرة تودي بحياة (14) شخصاً في بلدة تفتناز:

 

وفي شهر حزيران/يونيو 2018، شهدت مدن وبلدات محافظة إدلب تصعيداً كبيراً، حيث كان الطيران الحربي التابع للقوات النظامية السورية قد شنّ عدة غارات جوية على مناطق مختلفة في ريف إدلب الشمالي الشرقي وذلك بتاريخ 10 حزيران/يونيو 2018، وهو ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين، وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد جاء هذا القصف عقب يوم واحد من اشتباكات كانت قد اندلعت بتاريخ 9 حزيران/يونيو 2018، ما بين هيئة تحرير الشام وجيش الأحرار من جهة، والميليشيات التابعة للقوات النظامية السورية في كفريا والفوعة من جهة أخرى، وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل ستة مقاتلين من الميليشيات الموالية للقوات النظامية السورية، حيث أعلن فصيل تجمع سرايا داريا المنضوي تحت راية هيئة تحرير الشام عبر موقعه الرسمي، بأنهم نفذوا هجوماً بتاريخ 10 حزيران/يونيو 2018، على عدة نقاط داخل بلدتي كفريا والفوعة، قُتل خلالها عدد من عناصر الميليشيات التابعة للقوات النظامية السورية، مشيراً إلى أنّ هذا الهجوم جاء كرد على المجزرة التي ارتكبتها القوات النظامية السورية في بلدة زردنا بتاريخ 9 حزيران/يونيو 2018، والتي راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين.

 

صورة تظهر إعلان تجمع سرايا داريا المنضوي تحت راية هيئة تحرير الشام، حول تنفيذ هجوم على عدة نقاط داخل بلدتي كفريا والفوعة اللتين كانتا تابعتين للقوات النظامية السورية، وذلك بتاريخ 10 حزيران/يونيو 2018، مصدر الصورة: صفحة تجمع سرايا داريا.

 

عقب يوم واحد من هذا الهجوم العسكري، عمدت القوات النظامية السورية إلى قصف القرى والبلدات المحيطة ببلدتي كفريا والفوعا، ومنها بلدتي تفتناز وبنش، ففي تاريخ 10 حزيران/يونيو 2018، قام سلاح الجو السوري بقصف بلدة تفتناز[7] بغارتين جويتين، وهو ما أسفر عن مقتل (14) شخصاً بينهم نساء وأطفال، وقد أصابت إحدى هذه الغارات مشفى النور التخصصي للأطفال، ما أدى إلى خروج مشفى النور عن الخدمة بشكل كامل، وكان "مشفى النور التخصصي"، يعمل على تقديم الرعاية الصحية والطبية للأطفال بشكل مجاني، كما كان يعدّ من أهم المشافي التي تقدم الخدمات لنحو (300) حالة شهرياً ما بين القيام برعاية الأطفال وإجراء عمليات التوليد للنساء.

"محمد الأحمد" وهو أحد الكوادر الطبية العاملة في مشفى النور التخصصي للأطفال، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّ الهجوم وقع في حوالي الساعة (10:03) صباحاً من يوم 10 حزيران/يونيو 2018، وتابع قائلاً في هذا الصدد:

"شنّ الطيران الحربي السوري غارتين على البلدة إحداهما استهدفت المشفى والأخرى استهدفت أحد منازل المدنيين، وقد أدى القصف إلى دمار المشفى بشكل كبير، واندلاع النيران بسيارات الإسعاف، وأذكر أنني كنت قريباً جداً من مكان سقوط الصاروخ ولم يبعد عني سوى (50) متراً، إلا أنني سقطت إلى الطابق الأرضي من شدة الضغط الذي خلّفه هذا الصاروخ، ولو لا أنني لم أسقط إلى الطابق الأرضي، لكنت الآن في عداد الموتى، كما أصابت حالة من الخوف والهلع جميع من كانوا داخل المشفى من ممرضين ومراجعين، وكان هنالك خمسة أطفال بحاجة إلى وضعهم في حاضنات الأطفال، فبدأ النداء على فرق الإسعاف من أجل إخلائهم وإخلاء جميع المرضى، خوفاً من عودة الطيران الحربي مرة أخرى، وقد تمّ توثيق مقتل (14) شخصاً في القصف البلدة في هذا اليوم وحده، بينهم (4) أشخاص مجهولي الهوية، بسبب تفحّم الجثث."

 

 

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بمشفى النور التخصصي للأطفال في بلدة تفتناز، وذلك إثر تعرضه لقصف جوي بتاريخ 10 حزيران/يونيو 2018.

 

"جاسم حسين الخالد" وهو شاهد آخر من بلدة تفتناز، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنه كان قد نزح من ريف حلب الغربي إلى البلدة منذ قرابة سبعة شهور واستقر في أحد الأحياء الجنوبية منها، وفي يوم 10 حزيران/يونيو 2018، وتحديداً في تمام الساعة (10:07) صباحاً، كان قد سمع عبر قبضات التواصل اللاسلكية، تعميماً لتوخي الحذر من إحدى الطائرات الحربية، وتابع قائلاً:

"على الفور سارعت وزوجتي وأطفالي للاحتماء بأحد الملاجئ القريبة من المنزل، وماهي إلا لحظات حتى سمعنا صوت انفجار ضخم، وبدأ الغبار ورائحة البارود تملأ أرجاء المكان، وبعد دقائق وصلت فرق الدفاع المدني إلى مكان القصف وكان منزلي قد تعرّض للدمار بشكل كبير، لأنّ الصاروخ سقط قريباً منه جداً، والحمد لله أنّ أحداً من عائلتي لم يتعرض لأي أذى."

 

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة تظهر منزل الشاهد "جاسم الخالد" في بلدة تفتناز عقب تعرضه للقصف بتاريخ 10 حزيران/يونيو 2018.

 

"أبو عمر" وهو المشرف على أحد مراصد الطيران الحربي في بلدة تفتناز، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّه وفي تمام الساعة (10:00) صباحاً من يوم 10 حزيران/يونيو 2018، قام برصد وصول طائرة حربية من نوع (سوخوي 22) إلى أجواء بلدة تفتناز، وكانت هذه الطائرة قد أقلعت من مطار حماة العسكري، بحسب المراصد التي أنبأته بذلك، وتابع قائلاً:

"بمجرد وصول الطائرة إلى أجواء بلدة تفتناز أطلقنا تعميماً على الأهالي والمراكز الصحية، لكن ماهي إلا لحظات حتى نفذت هذه المقاتلة الحربية غارتين إحداهما استهدفت مشفى النور للأطفال، والأخرى استهدفت منازل المدنيين في البلدة، وقد تسبّب هذا القصف بوقوع مجزرة راح ضحيتها (14) شخصاً، وكما هي العادة قمنا بإطلاق نداء لفرق الإسعاف والدفاع المدني للتوجه إلى مكان القصف ومحاولة إنقاذ المدنيين والعالقين بين الأنقاض."

 

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بمنازل المدنيين في بلدة تفتناز، إثر تعرّضها لقصف جوي بتاريخ 10 حزيران/يونيو 2018.

 

 

 

 


تحليل الأدلة البصرية.

 

وقد استطاع الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، توثيق أسماء البعض من الضحايا المدنيين الذي قضوا إثر عمليات القصف العنيفة التي تعرضت لها بلدة تفتناز وذلك بتاريخ 10 حزيران/يونيو 2018، وهم كالتالي:

  1. أيمن زيدان
  2. أحمد شلي.
  3. عبد الرحيم صطوف.
  4. شهد صطوف (طفلة).
  5. غالية صطوف (طفلة).
  6. محمد عبد الرحمن صطوف (طفل).
  7. يوسف عبد الرحمن صطوف (طفل).
  8. حسين عبد الرحمن صطوف (طفل).
  9. ياسمين العبد الله.
  10. سوزان الحس.

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ قصف الطيران الحربي لم يقتصر على بلدة تفتناز فحسب، في يوم 10 حزيران/يونيو 2018، إذ قام طيران حربي يُعتقد أنه روسي بالقصف على الحي الجنوبي من مدينة أريحا أيضاً، ما أدى إلى مقتل طفلتين وهما (زهراء سرميني وأمينة سرميني)، كما أسفر القصف عن إصابة أربعة آخرين فضلاً عن الدمار الذي لحق بممتلكات المواطنين.

 

ثالثاً: القصف يتسبّب في إخراج مشفى بنش الجراحي عن الخدمة إضافة إلى عدّة مدارس:

 

وعقب يوم واحد من عمليات القصف العنيفة التي تعرّضت لها بلدة تفتناز، وتحديداً بتاريخ 11 حزيران/يونيو 2018، عاود الطيران الحربي قصف معظم القرى والبلدات بريف إدلب، ونالت بلدة بنش[8] نصيبها الأوفر من ذلك القصف، حيث تمّ قصفها بعدة غارات جوية، ما أدى إلى مقتل طفلة وإصابة سبعة أشخاص آخرين، كما طال القصف مشفى بنش الجراحي، وهو ما تسبّب في خروج المشفى عن الخدمة بشكل كامل، كما قام الطيران الحربي أيضاً بقصف عدة مدارس في البلدة، ما ألحق أضراراً مادية كبيرة في مباني المدارس وأثاثها.

أحد أطباء مشفى بنش الجراحي قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنه وفي تمام الساعة (11:00) صباحاً من يوم 11 حزيران/يونيو 2018، قام الطيران الحربي بشنّ عدة غارات جوية إحداها طالت مشفى بنش الجراحي وبعضها طال عدداً من المدارس في البلدة، وتابع قائلاً:

" أتى هذا القصف كرد على الهجوم الذي شنته فصائل المعارضة في عدة نقاط داخل بلدتي كفريا والفوعة اللتين كانت تابعتين لقوات النظام، وبعد يوم واحد فقط من خروج مشفى النور للأطفال في بلدة تفتناز عن الخدمة، استهدف الطيران الحربي بلدة بنش بغارتين جويتين إحداهما طالت مشفى بنش الجراحي وتسبّبت في مقتل طفلة وإصابة آخرين فضلاً عن خروج المشفى عن الخدمة، مع العلم بأنّ مشفى بنش الجراحي هو مشفى مختص بالجراحة الداخلية والبولية وجراحة الأطفال وكان يعمل على تقديم لأكثر من (80) ألف نسمة في المدينة والمناطق المجاورة لها، والآن ازداد الوضع الطبي سوءً عقب خروجه عن الخدمة."

 

صورة تظهر إعلان مديرية صحة إدلب، خروج مشفى بنش الجراحي عن الخدمة إثر تعرضه لقصف جوي، وذلك بتاريخ 11 حزيران/يونيو 2018، مصدر الصورة: مديرية صحة إدلب.

 

 

وفي شهادة أخرى أدلى بها "محمد مزنوق" وهو أحد العاملين في السلك التدريسي في بلدة بنش، حيث قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنه وفي تمام الساعة (10:00) صباحاً من يوم 11 حزيران/يونيو 2018، قام الطيران الحربي التابع للقوات النظامية السورية بقصف البلدة بعدّة غارات، كانت الغارة الواحدة منها محملة بأربعة صواريخ دفعة واحدة، حيث سقطت على المدارس التالية 🙁 ثانوية الرسالة- ثانوية أسعد علداني- ثانوية البنات بنش – ثانوية ممدوح شعيب)، وتابع قائلاً:

"هذه المدارس كانت تضم أكثر من ألف طالب وأكثر من (70) مدّرس ومدّرسة، وقد خلّف القصف على هذه المدارس أضراراً مادية جسيمة، كما تسبّب في تهدم جدران المدارس والسور المحيط بها فضلاً عن تصدّع الأبواب ودورات المياه، ويترتب على إصلاح هذه المدارس مبالغ مادية كبيرة ونحن غير قادرين على تأمينها وتأهيل هذه المدارس، من أجل استقبال الطلاب في العام الدراسي القادم، وبسبب هذا القصف فقد أصبح أكثر من (1000) طالب بلا تعليم، ليزداد وضع التعليم سوءً في البلدة، والحمد لله لم يسجّل وقوع أي أضرار بشرية لأنّ القصف استهدف هذه المدارس خارج أوقات الدوام."

                                         

صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر حجم الدمار الذي لحق بالمدارس في بلدة بنش في ريف إدلب، إثر تعرضها لقصف جوي بتاريخ 11 حزيران/يونيو 2018.

 

تحليل الأدلة البصرية.

 

 

 

 


[1] بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2017، أعلنت عدّة فصائل جهادية في شمال سوريا الاندماج تحت مسمّى "هيئة تحرير الشام" وكانت الفصائل التي أعلنت عن حلّ نفسها والاندماج تحت المسمّى الجديد هي جبهة فتح الشام – تنظيم جبهة النصرة سابقاً، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنّة، وحركة أنصار الشام الإسلامية، إلا أنه وعلى خلفية اندلاع المواجهات الأخيرة بين حركة أحرار الشام  وهيئة تحرير الشام في الشمال السوري بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، أعلنت حركة نور الدين الزنكي انفصالها عن الهيئة بتاريخ 20 تموز/يوليو 2017.

[2] تشكل في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2016، ويعدّ من أهم الفصائل العسكرية التابعة لقوات المعارضة في الشمال السوري، ويتولى قيادته "أبو صالح الطحان" من أهالي مدينة تفتناز بريف ادلب والذي يتخذ من مدينة تفتناز مقراً رئيسياً له، ويعتبر ثاني الفصائل العسكرية في الشمال السوري من حيث القوة والعدد، بعد فصيل هيئة تحرير الشام، كما أنه أحد المسؤولين عن نقاط الرباط على تخوم بلدتي كفريا والفوعة اللتين كانتا تابعتين لسيطرة للقوات النظامية السورية.

[3] بتاريخ 18 تموز/يوليو 2018، تمّ التوصل إلى اتفاق ما بين القوات النظامية السورية وحلفائها من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى في بلدتي كفريا والفوعة المواليتين للقوات النظامية السورية، ونصّ هذا الاتفاق على انسحاب الميليشيات الشيعية من بلدتي كفريا والفوعة، مع السماح لمن أراد بالبقاء، مقابل خروج 1500 معتقل من سجون القوات النظامية السورية، كما نصّ الاتفاق أيضًا على الإفراج عن 37 مقاتلاً من هيئة تحرير الشام كانوا قد تعرضوا للأسر والاحتجاز لدى القوات النظامية السورية في منطقة السيدة زينت، بالإضافة إلى الإفراج عن أربعة محتجزين آخرين داخل بلدة الفوعة.

[4] "قتلى بقصف جوي للقوات النّظامية السّورية على مناطق عدة جنوبي إدلب"، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 13 آب/أغسطس 2018. (آخر زيارة 13 آب/أغسطس 2018) https://www.stj-sy.org/ar/view/672.

 

[5] "مقتل ما لا يقل عن 50 شخصاً في مجزرة مروعة بحق سكان بلدة زردنا في ريف إدلب"، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 9 تمّوز/يوليو 2018. (آخر زيارة 13 آب/أغسطس 2018) https://www.stj-sy.org/ar/view/622.

 

[6] وهي فصائل تشكلت في أواخر عام 2017، بعد انشقاقهم عن تنظيم جبهة النصرة سابقاً، وتوجه القسم الأكبر منهم الى جبل التركمان حيث أصبح مقراً عسكرياً لهم، وتعدّ هذه الفصائل المسؤولة عن الرباط على النقاط العسكرية في جبل التركمان (المنطقة الحدودية مع تركيا)، ويبلغ عدد العناصر داخل هذه الفصائل قرابة 3 آلاف مقاتل، ولديهم تنسيق مع باقي فصائل المعارضة المسلحة في محافظة ادلب، وتعدّ هذه الفصائل المقاتلة هي الوحيدة المسؤولة عن قطاع ريف جسر الشغور الغربي وريف اللاذقية "المحرر"، والتي تعمل بشكل دائم على القيام ب"عمليات هجومية"  داخل مناطق سيطرة القوات النظامية السورية في ريف اللاذقية وجبل التركمان.

 

[7]  يسيطر جيش الأحرار على بلدة تفتناز.

[8]  تسيطر هيئة تحرير الشام على بلدة بنش.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد