الرئيسية تحقيقات مواضيعية “معاناة منسية”

“معاناة منسية”

تقرير خاص يسرد قصص بعض الأطفال الذين تعرّضوا لإعاقات بسبب الحرب في ريفي إدلب وحماه

بواسطة wael.m
288 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة:  بعد مرور أكثر من سبعة أعوام على اندلاع النزاع في سوريا، يبقى الأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً، حيث لم يتسبّب العنف الدائر في قتل وتشريد العديد من الأطفال فحسب، بل أدى أيضاً إلى إصابة العديد منهم بإعاقات وتشوهات سترافقهم طيلة حياتهم، حيث يهدف هذا التقرير إلى سرد عدد من حالات الأطفال الذي أصيبوا بإعاقات وتشوهات سواء في العام 2018 أو في الأعوام السابقة، وذلك بسبب عمليات القصف التي طالت مناطقهم وبلداتهم في ريفي حماة وإدلب (الخاضعتين لسيطرة المعارضة السورية المسّلحة)، وذلك من قبل القوات النظامية السورية وحلفائها، حيث مازال العديد من الأطفال الضحايا الناجين يعانون حتى يومنا هذا، وذلك إثر إصابتهم بإعاقات وتشوهات دائمة غير حياتهم وجعلتهم مختلفين عن غيرهم من الأطفال.

وبحسب تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في شهر آذار/مارس 2018، فإنّ الأطفال ذوي الإعاقات يواجهون خطر الإقصاء والنسيان بغياب نهاية قريبة للحرب في سوريا، حيث قالت بأنّ استخدام الأسلحة المتفجرة والهجمات العشوائية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية أدى إلى مقتل عدد متزايد من الأطفال، والذي بات الآن يمثّل ربع عدد الوفيات من بين المدنيين، إذ تعرّض أكثر من (360) طفلاً للإصابة في عام 2017، ما تسبب في إعاقة العديد منهم، كما أشارت إلى ما يقدر عدده ب (3.3) مليون طفل داخل سوريا،  يواجهون مخاطر المتفجرات بما في ذلك الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة والأجهزة المصنعة بشكل مُرتجل.

بينما أشار تقرير أممي صدر بتاريخ 27 حزيران/يونيو 2018، إلى أنّ الأمم المتحدة كانت قد تحققت من مقتل (910) أطفال وتشويه (361) آخرين وذلك خلال العام 2017، و”نسبت معظم تلك الحالات إلى القوات الحكومية والقوات الموالية لها، متبوعة بتنظيم “داعش”.”

وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدت في وقت سابق، تقريراً حول تعرّض الأطفال وتحديداً في مناطق ريف حلب، إلى مخاطر الذخائر العنقودية غير المنفجرة والمستخدمة من قبل القوات النظامية السورية وحلفائها بشكل رئيسي، وذلك خلال سنوات النزاع السوري. كما كانت المنظمة قد اعدت تقريراً آخراً حول تجنيدهم واستخدامهم في العمليات العسكرية بشكل روتيني في صفوف أطراف النزاع المتصارعة في سوريا.

“لا يستطيع اللعب مع بقية الأطفال بسبب نفورهم من وجهه”:

“مصعب عبود المحمود” طفل في الخامسة من عمره، وهو من مواليد بلدة كفرسجنة في ريف إدلب الجنوبي، أدى القصف الحربي على بلدته بواسطة المواد حارقة، إلى حرمانه من والدته وإصابته بتشوه دائم في وجهه ويديه، وذلك بحسب والده الذي تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حول حادثة القصف التي وقعت بتاريخ 8 شباط/فبراير 2018، والتي غيرت مجرى حياته وحياة طفله، حيث قال:

“في تمام الساعة (4:00) عصراً من ذلك اليوم، كانت والدة مصعب تجلس أمام المنزل، وبالقرب من المنزل كان هنالك خيمة صغيرة يتجمّع فيها عدد من الأطفال من أجل تعلّم مبادئ الكتابة والقراءة على يد أحد المدّرسين، وكان مصعب كثيراً ما يتردد على تلك الخيمة، فقد كان يحب التعلّم على الرغم من صغر سنه، وماهي إلا لحظات حتى تناهى إلى مسامعنا هدير طائرة حربية تقترب من أجواء البلدة، وعلى الفور قام المعلم حينها بتأمين الأطفال ووضعهم في ملجأ خوفاً عليهم من القصف، إلا أنّ مصعب بقي بجوار تلك الخيمة وهو يلعب، متجاهلاً نداءات والدته الملّحة للدخول إلى المنزل، فانطلقت والدته باتجاهه لتأتي به إلى المنزل، وخلال هذه الاثناء قام الطيران الحربي بتنفيذ الغارة الأولى بالقرب من منزل أحد الجارة، وهو ما أدى إلى جرح طفلتين إحداهن بُترت يدها اليسرى، أما الغارة الثانية فقد استهدفت مكاناً يبعد عنا (10) أمتار تقريباً، وكنت حينها داخل المنزل، وأحسست بأنّ انفجاراً هائلاً وقد وقع، فسارعت للخروج ووجدت النار والدخان تملاً أجاء المكان، وعجرت عن الكلام حينما وجدت زوجتي وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، أما مصعب فكان قد أصيب بحروق كبيرة في وجهه ويديه، إضافة إلى إصابة ابنة أحد الجارة والتي بُترت أحد أصابع يديها.”

وتابع والد مصعب بأنّ فرق الإسعاف سارعت إلى مكان الحادثة فور وقوعها، وقامت بإسعاف طفله إلى مشفى إدلب المدينة، مشيراً إلى أنه بقي بجانب زوجته من أجل دفنها، بينما رافق أحد الأقارب طفله إلى المشفى، ولمّا وصلوا إلى المشفى لم يتم قبول مصعب باعتبار أنّ حالته صعبة جداً كما وصفها الأطباء، فتمّ نقله إلى أحد المشافي في مدينة الريحانية التركية، حيث قاموا هنالك بإخضاعه لعمل جراحي، وتضميد وجهه ويديه بشكل كامل، وتابع قائلاً:

“مكث مصعب في مشفى الريحانية حوالي الشهر ونصف تقريباً، وبتاريخ 18 نيسان/أبريل 2018، عدنا به إلى المنزل، إلا أنه حالياً يعاني حالة نفسية صعبة جداً بسبب التشوه الذي لحق به، كما أنه يعاني حالة اكتئاب حادة، إذ أنه لا يستطيع اللعب مع أصدقائه بسبب نفورهم من وجهه وكثرة سؤالهم عن سبب ما جرى معه، كما أننا أخفينا عنه خبر مقتل والدته نتيجة القصف، واكتفينا بالقول له بأنها ذهبت للعلاج وستعود قريباً، وكثيراً ما يسألني مصعب إن كانت هذه الحروق والتشوهات ستزول قريباً، فنواسيه ونقول به بأنها لن تطول كثيراً، غير أنّ الحقيقة هو أنّ علاجها صعب جداً ولا يتمّ إلا من خلال العمليات التجميلية كما ذكر لنا الأطباء، وهذه العمليات مكلفة جداً وبصراحة تامة لم يعد بمقدوري تحمل مصاريف أخرى، ولكنني وللأسف لم أجد من يتبنى أو يتبرع بتكلفه هذه العمليات لطفلي.”

صورة تظهر الطفل الضحية “مصعب عبود المحمود”، قبيل تعرضه للإصابة بتشوهات كبيرة في وجهه ويديه.
مصدر الصورة: عائلة الطفل “مصعب عبود المحمود”.

صورة تظهر الطفل الضحية “مصعب عبود المحمود” عقب إصابته إثر القصف الجوي الذي تعرضت له بلدة كفرسجنة بتاريخ 8 شباط/فبراير 2018.
 مصدر الصورة: عائلة الطفل “مصعب عبود المحمود”.

قصف البراميل المتفجرة أصابه بشلل نصفي وقتل أشقاءه:

“حمزة علي اليوسف” كان هو الآخر ضحية من ضحايا القصف على بلدة “تل عماره” في ريف إدلب، فهو يبلغ من العمر (7) سنوات، وقد تسببّ قصف البراميل المتفجرة على بلدته في أواخر العام 2017، إلى مقتل أختيه وإصابته بـ”شلل نصفي” سيرافقه طيلة حياته، وفي هذا الخصوص تحدّثت والدة “حمزة” لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلة:

“في ظهيرة يوم 28 كانون الأول/ديسمبر 2017، وبينما كنت أجلس مع عائلتي وأقوم بتحضير الطعام، سمعنا هدير طائرة مروحية تحلّق في أجواء البلدة، وأخذ صوتها بالارتفاع شيئاً فشيئاً، وبقينا نتبادل الأحاديث ظناً منّا أنّ وجهتها ستكون الشمال، وماهي إلّا لحظات حتى ألقت الطائرة المروحية أحد البراميل المتفجرة بالقرب من منزلنا، فسقط البرميل على أحد الجرّارات الزراعية، ولم أستطع حينها استيعاب ما حصل، فقد كانت الأصوات شديدة للغاية والغبار قد غطى أرجاء المكان، مرّت ثوانِ قليلة التقطت فيها الأنفاس، ثم بدأت أتحسس أطفالي، وكانت الصدمة حينها، فقد كانت ابنتي الصغيرتين قد فارقتا الحياة، كما أصيب ابني حمزة بشظية في ظهره، وبعد دقائق بدأ الناس بالوصول إلى المنزل للوقوف على ما حدث، وقاموا بإخراج جثتي ابنتيّ من أجل الدفن، وعلى الرغم من أنّ الحدث كان مفجعاً وشديداً غير أني حاولت استدراك ما حدث والالتفاف لطفلي حمزة، فبدأت أناشد وأصرخ لإسعافه، فقام أحد أقاربي بإسعاف حمزة إلى المشفى الوطني في معرة النعمان، حيث تلقّى حمزة العلاج مدة أسبوع.”

اضطرت عائلة حمزة إلى إخراجه من مشفى معرة النعمان بريف إدلب، بسبب اشتداد القصف على المدينة، وقد تبيّن لهم خلال هذه الفترة بأنّ حمزة سيكمل بقية حياته وهو يعاني من “شلل نصفي”، بسبب تهتّك النخاع الشوكي في ظهره بفعل الشظية، وبعد مرور (12) يوماً تمّ نقل حمزة إلى أحد المشافي في ريف حلب الغربي، حيث تمّ إخضاعه لعمل جراحي في قدمه التي تضررت هي الأخرى، كما قاموا بتركيب صفائح معدنية فيها، إلا أنّ الشظية استقرت في نخاعه الشوكي، وتابعت والدة “حمزة” قائلة:

“أخبرنا الأطباء بأنهم لن يستطيعوا إخراج تلك الشظية خوفاً من تفاقم وضعه وخاصةً أنها تموضعت في منطقة حساسة، ويعيش حمزة حالياً مشلول القدمين ولا يقوى على الحركة إلا بمساعدة أحد يقوم بإخراجه من الغرفة وإعادته إليها، كما حثرم حمزة من حقه بممارسه اللعب كسائر أقرانه، فهو يرمقهم بنظرات حزينة ويحاول جاهدا التأقلم مع وضعه الصحي، غير أنه بين الحين والآخر يجهش في البكاء نتيجة عدم قدرته على اللعب مع الأطفال.”

صورة تظهر الطفل “حمزة علي اليوسف”، عقب تعرضه للإصابة ب “شلل نصفي”.
 مصدر الصورة: عائلة الطفل “حمزة علي اليوسف”.

“كثيراً ما يستفيق ويصرخ في منتصف الليل بسبب الكوابيس التي ما زالت تنتابه.”

“إبراهيم حسين العموري” ضحية أخرى من ضحايا القصف لكن هذه المرة في ريف حماة الشمالي، ففي أواخر العام 2017، تعرّض الطفل الذي لم يتجاوز العاشرة بعد، إلى إصابة بليغة في إحدى قدميه، وذلك إثر القصف الجوي الذي تعرّض له مسقط رأسه في كفرزيتا، هذه البلدة التي مازالت تعاني من القصف بشكل شبه يومي، نظراً لقربها من مناطق سيطرة القوات النظامية السورية مثل حلفايا، وفي هذا الخصوص تحدّث والد الطفل “إبراهيم” لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حيث قال:

“في تمام الساعة (1:00) ظهراً من يوم 21 كانون الأول/ديسمبر 2017، وبينما كنت وعائلتي المكونة من (6) أفراد مجتمعين في المنزل، طلبت زوجتي من إبراهيم التوجه إلى أحد المحال من أجل جلب بعض الحاجيات، وعلى الفور انطلق إبراهيم إلى المحل الذي يبعد عنا حوالي (200) متراً، وبعد دقائق على ذهابه سمعنا دويّ انفجار ضخم هزّ الحي بأكمله، فأسرع الجميع بالخروج من المنزل لرؤية ما جرى، وحينها شاهدات سحب الدخان وهي تتصاعد من أمام المحل الذي قصده إبراهيم، ولم تكد تحملني قدماي أنا ووالدي وأخي، حتى وصلنا إلى مكان الهجوم، فشاهدنا دماراً واسعاً في المكان، وعلى باب المحل وجدنا إبراهيم وقد افترش الأرض، والغبار يغطي كامل جسده أما قدمه فقد أصيبت إصابة بالغة، فتوجهنا به على الفور إلى مشفى مدينة خان شيخون، وما إن نظر الأطباء إلى قدمه المصابة حتى قالوا لنا حرفياً بأنّ لا فائدة منها ويجب أن تبتر، وكان هذا الكلام أشبه بصاعقة نزلت علي، ولم أصدق ما سمعت وقررت أن أنقل ابراهيم إلى مشفى الخطيب في مدينة كفرنبل.”

وأضاف والد إبراهيم بأنّ أحد الأطباء أشرف على علاج طفله، وقام بإخضاعه إلى عمل جراحي سريع، وبعد ساعتين تقريباً أخبرهم الطبيب بأنّ قدم إبراهيم كان قد تآكل منها حوالي (10) سم بسبب الإصابة، وبأنه ليس بالضرورة بتر قدمه، لكنه مازال بحاجة إلى عمل جراحي آخر، كما قال لهم بأنّه لن يتمكن من إجراء هذا العمل الجراحي، إلا بعد مضي شهرين حتى يستعيد إبراهيم نشاطه ويعوّض الدم الذي خسره، فمكث إبراهيم في المشفى للعلاج حتى شهر كانون الثاني/يناير 2018، ومن ثمّ تمّ نقله إلى المنزل، حيث بقي طريح الفراش مدة شهرين تقريباً، وتابع والد إبراهيم قائلاً:

“بتاريخ 7 آذار/مارس 2018، تواصلنا مع الطبيب من أجل إجراء عمل جراحي يدعى “زراعة الطعم أو العظم”، وأخبرنا بأنه يجب علينا إحضار “الطعم” من مدينة غازي عينتاب التركية على نفقتنا الخاصة، فقمنا ببيع قطعة من الأرض التي نمتلكها، وجمعنا المبلغ وهو (3800) دولار أميركي، ومن ثمّ أرسلناه للمشفى والذي قام بدوره بشراء الطعم، وبعدها تمّ إجراء العمل الجراحي ل”إبراهيم”، والحمد لله أنه تكللّ بالنجاح، غير أنّ إبراهيم فقد قدرته على المشي، وأصبح يقف بصعوبة بالغة، إضافة إلى أنه كثيراً ما يستفيق ويصرخ في منتصف الليل وهو مصاب بحالة من الخوف والهلع إثر الكوابيس التي ما زالت تنتابه حول تلك الحادثة، كما لم يعد بإمكانه أن يكون مجرد طفل طبيعي، أو أن يذهب إلى المدرسة ويندمج مع بقية الأطفال من عمره.”

صورة تظهر الطفل الضحية “ابراهيم حسين العموري”.
 مصدر الصورة: عائلة الطفل ” ابراهيم حسين العموري”.

“لا يحبّذ صحبة الأطفال من عمره، إثر شعوره بالاختلاف والنقص”:

“محمد خالد الحمادة” (12 عاماً)، طفل آخر من قرية “الزوار” في ريف حماة، تسبّب القصف على بلدته في العام 2017، إلى فقدانه الرؤية بإحدى عينيه، وهو ما جعله غير قادر على الذهاب إلى المدرسة، كما جعله يشعر بنقصٍ واختلافٍ مقارنةّ بغيره من الأطفال، وتعاني عائلة محمد حالة مادية صعبة جداً، ويعمل والده في مجالات مختلفة من أنواع العمل اليدوي من أجل إعالة عائلته المكونة من (5) أفراد، أحدهم مصاب بـ “متلازمة داون“، وفي هذا الخصوص روى والد “محمد” لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

“في صبيحة يوم 20 أيار/مايو 2017، توجه محمد للعب مع ابن عمه “أيهم” في مكان اعتادوا أن يذهبوا إليه في القرية، وفي وفترة الظهيرة شهدت البلدة تحليقاً كثيفاً للطيران الحربي، إذ جابت أجواء البلدة عدة مرات، وكنت حينها جالساً في المنزل مع عدد من الأقارب، وماهي إلا لحظات حتى شنّ الطيران الحربي غارتين جويتين بواسطة صواريخ محملة بذخائر عنقودية، وبسرعة كبيرة ذهبت للبحث عن محمد وأيهم، وانطلقت  مع مجموعة من الشبان إلى حيث يتواجدا، فصدمت عندما شاهدت ابن أخي “أيهم سعدو الحمادة” مستلقياً على الأرض والدماء تغطي جسده، وكان قد فارق الحياة، أما طفلي محمد فقد تعرّ ض للإصابة في عينه اليسرى، وعلى الفور قام الشبان بنقل جثمان “أيهم” إلى منزله من أجل دفنه، بينما قمت بإسعاف ولدي إلى أحد النقاط الطبية القريبة في البلدة، فحاول الأطباء جاهدين علاجه لساعات طويلة، إلا أنّ ذلك كان بلا فائدة، فقد كانت عين محمد قد تضررت بشكل كبير ولن تعود كما كانت على حد وصفهم، فنصحوني بالتوجه إلى تركيا من أجل علاجه بشكل سريع، وبالفعل هذا ما حدث، توجهنا إلى مشفى في مدينة الريحانية، حيث قرروا إخضاعه لعمل جراحي في عينه، وانتظرت مدة ساعتين حتى تمّ إخراجه من غرفة العمليات، وقد ضمدت عينه بالشاش.”

أصيب والد محمد بصدمة كبيرة، عندما أخبره الأطباء بأنّ طفله لم يعد قادراً على الرؤية في عينه المصابة، وبأنّ عينه الأخرى تضررت أيضاً بنسبة (30 %)، كما قالوا له بأنّ عليه أن يجري عملاً جراحياً آخراً، وبعد مرور حوالي (15) يوماً، عاد محمد ووالده إلى البلدة، إلا أنّ محمد كان في حالة نفسية صعبة، بسبب فقدان عينه اليسرى، وعقب مرور شهر تقريباً، قرر والده إخضاعه للعمل الجراحي في مدينة محردة التي تخضع لسيطرة القوات النظامية السورية، فأرسله إلى هنالك برفقة أحد الأشخاص الذين كثيراً ما كانوا يترددون إلى المدينة ويمرون من نقاط التفتيش بلا أية مشاكل تذكر، وتابع والد محمد قائلاً:

“تمّ إجراء العمل الجراحي لمحمد وقد تكللّ بالنجاح بنسبة (100 %)، إلا أنّ فرحة محمد لم تكتمل فلا زال يرى بعين واحدة فقط، وهذا الأمر أحزنني كثيراً، فقد بنيت آمالاً كبيرة على طفلي أن أراه في يوم من الأيام ذو مرتبة وشأن، لكن كل ما آمله الآن هو أن يتمكن محمد من التغلب على كل العوائق التي أمامه، ويتابع مسيرة حياته كغيره من الأطفال، وحالياً نعيش في العراء وضمن الأراضي الزراعية في جنوب مدينة اللطامنة، وذلك عقب سيطرة قوات النظام على قريتنا “الزوار”، أما محمد فهو يحاول يوماً بعد يوم التأقلم مع وضعه الحالي، غير أنه لا يحبّذ صحبة الأطفال من عمره، بسبب شعوره بالاختلاف والنقص.”

صورة تظهر الطفل الضحية “محمد خالد الحمادة”، عقب فقدانه الرؤية بإحدى عينيه.
 مصدر الصورة: عائلة الطفل “محمد خالد الحمادة”.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد