الرئيسية تحقيقات مواضيعية القصف على مشفى كفرزيتا في ريف حماة يحرم آلاف السكان المحليين من خدماته

القصف على مشفى كفرزيتا في ريف حماة يحرم آلاف السكان المحليين من خدماته

المشفى كان قد تعرض لعدة هجمات خلال العام 2018، وكان آخرها بتاريخ 2 أيار/مايو الجاري

بواسطة wael.m
601 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة: في إطار الحملة العسكرية التي شنتها القوات النظامية لسورية وحلفائها، للسيطرة على قرى وبلدات في ريفي حماة وإدلب[1] منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2017، تعرّضت عدة مشافٍ ومرافق طبية لهجمات عنيفة بواسطة سلاح الجو، ومنها مشفى كفرزيتا التخصصي في ريف حماة الشمالي، ففي تاريخ 2 أيار/مايو 2018، تعرّض المشفى لقصف مباشر من قبل طيران حربي يعُتقد أنه روسي، إذ كان قد أسقط خلاله صاروخين فراغيين، وهو ما أدى إلى دمار المشفى ومقتل أحد كوادره، كما تسببّ في خروجه عن الخدمة.

وكان قد سبق هذا الهجوم هجوماً آخراً طال المشفى بتاريخ 7 نيسان/أبريل 2018، إذ شنّ طيران حربي يُعتقد أنه روسي أيضاً غارتين متتاليتين على المشفى، قام خلالهما بإسقاط صواريخ شديدة الانفجار، وهو ما تسبّب في تضرر المشفى بشكل كبير جداً فضلاً عن الأضرار المادية الكبيرة التي لحق به.

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تعرّض مشفى كفرزيتا للاستهداف المتكرر من قبل القوات النظامية السورية وحلفائها خلال الأعوام 2018 و2017 و2016، وفي كل مرة كان يتمّ ترميمه وإعادة تأهيله من قبل القائمين عليها، كان يتعرض لهجمات جديدة، ففي تاريخ 7 آذار/مارس 2017، تمّ قصف المشفى من قبل طيران حربي يُعتقد أنه روسي، وهو ما أدى إلى دماره وخروجه عن الخدمة بشكل مؤقت،  وفي العام 2016 وتحديداً في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2016، قامت طائرة حربية باستهداف المشفى بعدد من البراميل المتفجرة، وهو ما أدى إلى دماره وخروجه عن الخدمة أيضاً، كما رجّح الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ هذا التصعيد العسكري الذي تشهده مدينة كفرزيتا في ريف حماة الشمالي، يعود إلى قربها من المناطق الخاضعة لسيطرة القوات النظامية السورية في ريف حماة مثل الزلاقيات وحلفايا.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت على لسان المتحدث باسمها "كريستيان ليندميز" في ندوة صحفية عقدت يوم الجمعة الموافق 9 آذار/مارس 2018، من ارتفاع مستوى الهجمات ضد المشافي والمرافق الطبية في سوريا، وقالت بأنّ المنظمة لاحظت تصعيداً خطيراً في هذه الحوادث خلال الشهرين الأوليين من العام 2018، وبأنه تمّ تسجيل (67) هجوماً مؤكداً بالإجمال في شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2018، كما لفتت إلى أنّ هذا العدد يشكل أكثر من (50 %) من الهجمات المؤكدة في العام 2017 والتي بلغت (112) هجوم.

وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قد أعدت في وقت سابق تقريراً مشتركاً مع الأرشيف السوري وبيلنغكات بعنوان "بعد ستّة أشهر! مرافق صحية تحت النار"، وقد وثق هذا التقرير تعرض أربع مشافٍ في محافظة إدلب، لهجمات بسلاح الجو وذلك خلال الفترة الممتدة من تاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2018، وحتى تاريخ 5 كانون الثاني/يناير 2018. كما كانت المنظمة قد أعدت تقريراً آخراً بعنوان " هجمات على مرافق طبّية في ريف إدلب تحرم عشرات الآلاف من الخدمات الطبّية"، وهو "تقرير خاص يوثّق استهداف مشفى "شام الجراحي" في حاس و"بنك الدم" في سراقب في شهر شباط/فبراير 2018.

أولاً: قصف مشفى كفرزيتا بالصواريخ الفراغية:

يقع مشفى كفرزيتا التخصصي في غرب مدينة كفرزيتا[2] في ريف حماة الشمالي، ويعتبر المشفى الوحيد من نوعه في تلك المنطقة، إذ يقدم خدماته لحوالي (50) ألف نسمة من سكان مدينة كفرزيتا والمناطق المجاورة، ويضمّ المشفى عدداً من الأقسام ومنها قسم الأطفال والنساء وقسم الداخلية، ويعمل فيه كادر طبي مؤلف من أطباء ورؤساء أقسام وممرضين وعمال، ويقصده الكثير من المدنيين بشكل يومي لتلقي العلاج بكافة أنواعه.

بتاريخ 2 أيار/مايو 2015، قام طيران حربي يُعتقد أنه روسي بقصف مشفى كفرزيتا بشكل مباشر، وهو ما أدى إلى دمار المشفى بشكل كبير كما تسبّب في خروجه عن الخدمة بشكل كامل، بحسب مدير المشفى "مازن الأعرج"، وفي هذا الخصوص تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"في تمام الساعة (10:00) صباحاً وبينما كنت متواجداً في المشفى، قامت طائرة حربية روسية، بشنّ غارتين على المشفى، أسقطت خلالهما صاروخين فراغيين، إذ استهدف الصاروخان بناء المشفى بشكل مباشر، وهو ما أدى إلى مقتل ممرضة تدعى (فاطمة محمد جميل الحمشو)  وإصابة عدد من كادر المشفى والمراجعين، كما تسبّب أيضاً في تهدّم أجزاء واسعة من المشفى وخروجه عن الخدمة بشكل كامل، ومن الجدير ذكره بأنّ المشفى كان يعمل بخطة طوارئ بسبب استهدافه مرتين خلال شهر نيسان/أبريل 2018، لذا فإننا ندعو المجتمع الدولي والمنظمات الراعية لتحمل مسؤولياتها تجاه ما يحدث من استهداف للمنشآت الطبية التي لا وجود فيها أي تواجد عسكري."

صورة تظهر جانباً من الدمار الحاصل في مشفى كفرزيتا، وذلك إثر تعرضه لقصف جوي بتاريخ 2 أيار/مايو 2018، مصدر الصورة: مديرية صحة حماة.

وأظهر مقطع فيديو نشره مكتب حماة الإعلامي، لحظة استهداف مشفى كفرزيتا من قبل الطيران الحربي، وذلك بتاريخ 2 أيار/مايو 2018، كما أظهر مقطع فيديو آخر  بثه ناشطون ما قالوا أيضاً أنه لحظة استهداف مشفى كفرزيتا في ريف حماة في التاريخ ذاته.

صورة مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تظهر لحظة القصف على مشفى كفرزيتا بريف حماة وذلك بتاريخ 2 أيار/مايو 2018.

ثانياً: استهداف مشفى كفرزيتا عدة مرات خلال الأشهر السابقة من العام 2018:

لم تكن تلك المرة الأولى التي يتعرّض فيها مشفى كفرزيتا للقصف، ففي تاريخ 7 نيسان/أبريل 2018، تعرّض المشفى لقصف طيران حربي يُعتقد أنه روسي أيضاً، حيث تمّ قصف المشفى بعدة صواريخ شديدة الانفجار، وهو ما تسبّب في دمار أجزاء كبيرة منه، وإصابة عدد من المراجعين بجروح، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بالأجهزة الطبية الخاصة بالمشفى، وهو الأمر الذي أكده "حسن الأعرج" وهو المسؤول الإعلامي في المشفى، حيث قال في هذا الصدد:

"في تمام الساعة (10:30) مساءً من يوم السبت الموافق 7 نيسان/أبريل 2018، لوحظ تحليق طائرة حربية روسية في سماء مدينة " كفرزيتا " وبعد عدة دقائق أغارت الطائرة على المشفى بغارتين جويتين تسببّت في تهدّم أجزاء واسعة من المشفى، إلى جانب الأضرار التي لحقت بالأجهزة المخبرية، ولم يتم تسجيل أي إصابات في صفوف المدنيين أو كادر المشفى وذلك يعود لسبب عمل المشفى بخطة طوارئ، فعقب الاستهداف المتكرر للمشفى عملت إدارته على تفعيل خطة دوام طوارئ بحيث تمّ تقليل عدد المداومين أو بالأحرى تمّ تقسيم ساعات العمل على نوبات، وذلك حتى تكون نسبة الإصابات في صفوف كادر المشفى أقل نسبياً في حال تمّ تعرض المشفى لأي هجوم، وكان قد سبق استهداف مشفى كفرزيتا أربع مرات خلال شهر آذار/مارس وشباط/فبراير من العام 2018، وذلك باستخدام أسلحة مختلفة من النابالم الحارق وصواريخ فراغية وكانت الفترات متقاربة بين الاستهداف والآخر، حيث كان من الصعب على إدارة المشفى إعادة تأهيله بشكل جيد وتفعيله للخدمة، كما كان يتم أحياناً استهدافه بقذائف مدفعية من قبل قوات النظام المتواجدة في المناطق المجاورة."

صورة تظهر تصريح مديرية صحة حماة، حول الهجوم الذي تعرض له مشفى كفرزيتا بريف حماة، وذلك بتاريخ 7 نيسان/أبريل 2018، مصدر الصورة: مديرية صحة حماة.

وفي شهادة أخرى أدلى بها "فضل معيوف" وهو طبيب تخدير في مشفى كفرزيتا، حيث أفاد لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّه كان متواجداً في المشفى لدى تعرضه لهجوم عنيف في مساء يوم السبت الموافق 7 نيسان/أبريل 2018، وفي هذا الخصوص تابع قائلاً:

"وقع الهجوم في تمام الساعة (10:30) مساءً بينما كنت متواجداً في المشفى برفقة عد من الزملاء، حيث سمعنا صوت انفجار قوي هزّ المشفى بكامله، وكان قد تمّ استهداف المشفى بصاروخ ارتجاجي، أدى إلى دمار سقف المشفى وجدرانه بشكل كبير، إلى جانب الأضرار المادية التي لحقت بمعظم الأجهزة الطبية، والحمد لله لم يتمّ تسجيل وقوع أي أضرار بشرية بسبب خطة الطوارئ التي تمّ العمل عليها في المشفى."

وتابع معيوف بأنّ الهجوم على المشفى سبّب حالة من الرعب والهلع بين صفوف الكادر الطبي والمراجعين، وهو ما حملهم على الاحتماء داخل غرفة برفقة عدد من الأطباء والممرضين، مشيراً إلى أنّ الطيران الحربي وعقب لحظات فقط من احتمائهم قام باستهداف المشفى مرة أخرى بصاروخ ارتجاجي آخر، وأضاف قائلاً:

"في تلك اللحظات توجهنا لإخلاء المرضى بشكل سريع، لقد كانت لحظات صعبة جدا حيث كنا ننقل المرضى بواسطة الدراجات النارية إلى خارج المشفى وكنا مضطرين أيضاً لإطفاء أنوار الدراجات حتى لا يتم رصدها من قبل الطيران الحربي مرة أخرى، وفي صبيحة اليوم التالي تمّ الكشف عن حجم الخسائر التي لحقت بالمشفى، إذ كان قد تضرّر بشكل كبير، وحاول القائمون عليه إعادة ترميم ما أمكن منه من أجل إعادته إلى الخدمة مرة أخرى، باعتبار أنه المشفى الوحيد في الريف الشمالي لمحافظة حماة ويقدم العلاج للمصابين والمرضى بشكل كبير."

صور تظهر جانباً من الدمار الحاصل في مشفى كفرزيتا بريف حماة، وذلك إثر تعرضه لقصف جوي بتاريخ 7 نيسان/أبريل 2018، مصدر الصورة: مديرية صحة حماة.

"نضال قطان" وهو أحد العاملين في مشفى كفرزيتا، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الفاصل الزمني ما بين الغارتين اللتين نفذهما الطيران الحربي، كان قصيراً جداً، مشيراً إلى أنّ الغارة الأولى تسبّبت في انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل عن المشفى، أما الغارة الثانية فقد تسبّبت في دماره وخروجه عن الخدمة بشكل كامل، ولافتاً إلى أنّ القائمين على المشفى عملوا على ترميمه وإعادة تأهليه من جديد على الرغم من الأضرار المادية الفادحة التي لحقت به.

 


[1] ويأتي هذا التصعيد من جانب القوات النظامية السورية، عقب تمكن هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة من السيطرة على قرية أبو دالي في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة حماة وذلك بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2017، إلا أنّ القوات النظامية السورية استطاعت مدعومة بالطيران الحربي التابع لسلاح الجو الروسي، استعادة هذه القرية إضافة إلى عدة قرى في ريف حماة الشمالي، وذلك بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2017، كما تمكنت القوات النظامية السورية وحلفاؤها من التقدم باتجاه ريف ادلب الجنوبي الشرقي، حيث سيطرت على عدة قرى مثل (عطشان و الخوين و سنجار) بتاريخ 7 كانون الثاني/يناير 2018، وذلك بهدف الوصول الى مطار "أبو الضهور" العسكري في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ووفقاً لباحثي سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ العمليات العسكرية أسفرت عن السيطرة على المطار من قبل القوات الحكومية السورية والميليشيات المتحالفة معها بتاريخ 27 كانون الثاني/يناير 2018

[2] يسيطر جيش العزّة على مدينة كفرزيتا، ويعدّ من أبرز التشكيلات العسكرية الناشطة في ريف حماة الشمالي، حيث تشكّل في منتصف العام 2014 وخاض عدة معارك ضد القوات النظامية السورية، وتعد مدينة "اللطامنة" أحد أهم مراكزه والتي ينحدر منها القائد العام للجيش الرائد "جميل الصالح".

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد