الرئيسية تحقيقات مواضيعية حالات وفاة في مخيم “الهول” عقب انتشار مرض “الحمى التيفية”

حالات وفاة في مخيم “الهول” عقب انتشار مرض “الحمى التيفية”

تمّ تسجيل (24) حالة وفاة داخل المخيم غالبيتهم من النساء والأطفال، وذلك حتى بداية شهر نيسان/أبريل 2018 مع وجود 269 إصابة أخرى

بواسطة wael.m
492 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة: يواجه آلاف النازحين داخلياً داخل مخيم الهول الواقع شرق مدينة الحسكة، خطر الإصابة بمرض "الحمى التيفية" القاتل ولاسيّما عقب انتشاره بصورة ملحوظة داخل المخيم، حيث ظهرت خلال شهر آذار/مارس 2018، عدد من الحالات التي توفيت إثر إصابتها بهذا المرض، ووفقاً للعديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد بلغت عدد الحالات المتوفاة بهذا المرض داخل المخيم (24) حالة غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما وصلت عدد الحالات المصابة بأعراض هذا المرض إلى (269) حالة، وذلك حتى تاريخ 1 نيسان/أبريل 2018.

"والحمي التيفية/حمى التيفود هي عدوى تهدد الحياة، تسببها بكتيريا السالمونيلا التيفية. وتنتشر عادةً عن طريق الأغذية أو المياه الملوثة. وتشمل أعراضها الإصابة بالحمى لفترة طويلة والتعب والصداع والغثيان وآلام البطن والإمساك أو الإسهال، وقد يصاب بعض المرضى أيضاً بالطفح الجلدي. وقد تؤدي حالات حمى التيفود الوخيمة إلى حدوث مضاعفات خطيرة، بل إلى الوفاة. ويمكن علاج حمى التيفود بالمضادات الحيوية، رُغم أن تزايد مقاومة أنماط مختلفة من المضادات الحيوية لها يزيد من تعقيد علاجها في الوقت الراهن. وحتى بعد توقف أعراض حمى التيفود، قد لا يزال الشخص حاملاً لبكتيريا التيفود، أي أن بإمكانه نقلها إلى غيره عن طريق البراز[1]."

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ مخيم الهول يحوي مركزا صحياً وحيداً، ويعتبر هذا المركز مجرد مركز للإسعافات الأولية لا أكثر، إذ تقتصر مهمته على معاينة المراجعين وإعطاءهم المسكنات، ولا سيما أنّ أغلب الكوادر الطبية داخل هذا المركز هم متطوعين وقلة منهم من كان يعمل في مجال الصحة سابقاً، باستثناء الطبيب المشرف على المركز.

وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدت في وقت سابق تقريراً حمل عنوان "البرد ونقص الخدمات الطبّية يتسبّب في وفاة ثلاثة أطفال في مخيم مبروكة، "يحتوي المخيم على أكثر من 8000 نازح قادمين من دير الزور والرقة"، كما كانت المنظمة قد أعدت أيضاً ورقة حقائق حول مخيمات "النازحين داخلياً" والموجودة في مناطق الإدارة الذاتية في شمال سوريا.

 

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر تجمع بعض المراجعين من قاطني مخيم "الهول" أمام باب المركز الصحي داخل المخيم، وقد التقطت هذه الصورة بتاريخ 3 نيسان/أبريل 2018.

 

 

أولاً: مخيم الهول، الإنشاء، الموقع والإدارة:

يقع "مخيم الهول" شرق مدينة الحسكة على بعد (45) كيلومتر منها، ويتبع المخيم فعلياً لبلدة الهول التابعة إدارياً لمحافظة الحسكة. وفي أوائل عام 1991، إبان حرب الخليج، أنشأت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين "مخيم الهول" على المشارف الجنوبية لبلدة الهول، وتمّ تشغيله بالتنسيق مع الحكومة السورية آنذاك. وفي أعقاب حرب العراق 2003، تمّ افتتاحه من جديد، لاستقبال العائلات اللاجئة إليه والهاربة من المعارك الدائرة هنالك.

في العام 2013، خرج المخيم عن الخدمة بشكل كامل بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية أو كما يعرف باسم تنظيم "داعش" على بلدة الهول. وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، استطاعت قوات سوريا الديمقراطية السيطرة على بلدة الهول، حيث تمّت إعادة افتتاح المخيم بتاريخ 21 نيسان/أبريل 2016، ولاسيّما بسبب اندلاع المعارك ما بين القوات العراقية والميليشيات التابعة له ضدّ تنظيم "داعش".

واستمر مخيم الهول في استقبال اللاجئين العراقيين حتى وصل عددهم إلى حدود (30) ألف لاجئ مطلع العام 2017، وبعدها تناقص العدد حتى (21) ألف نازح خلال منتصف العام 2017، فبدأ المخيم باستقبال النازحين السوريين من مناطق محافظتي دير الزور والرقة، ليصل عدد قاطني المخيم حتى حدود (25) ألف نسمة، موزعين ما بين نازحين سوريين ولاجئين عراقيين.

وفي نهاية العام 2017، قامت الإدارة الذاتية بترحيل عدد من العائلات العراقية إلى مخيمات تمّ تجهيزها من قبل الحكومة العراقية داخل العراق، وهو ما أدى إلى تناقص عدد ساكني المخيم ليصل حتى (17) ألف شخص، موزعين بين (4) آلاف نازح سوري داخلياً، و(13) ألف لاجئ عراقي.

 

صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي توضح موقع مخيم الهول.

 

 

ثانياً: (24) حالة وفاة داخل مخيم الهول بسبب "الحمى التيفية":

بتاريخ 18 آذار/مارس 2018، تمّ تسجيل أول حالة وفاة داخل مستوصف المخيم الذي تتولى إدارته منظمة الهلال الأحمر الكردي، إذ توفيت طفلة تبلغ من العمر (7) أعوام، ووفقاً لتشخيص حالتها من قبل الطبيب المشرف على المستوصف، فإنّ الطفلة كانت تعاني من حرارة مرتفعة لم يستطع الأطباء خفضها، وهو ما أدى إلى وفاتها لاحقاً.

وبحسب أحد المصادر الطبية في داخل المخيم، فإنّ وفاة الطفلة شكلت معضلة أمام الكوادر الطبية في المستوصف، كونهم غير مدربين على استقبال هكذا حالات، مشيراً إلى أنّ أحد العاملين أخبرهم بأنّ الأعراض التي ظهرت على الطفلة هي أعراض "الحمى التيفية"، إلا أنّ الطبيب المشرف على المستوصف لم يبدِ أي اهتمام.

وأوضح المصدر ذاته، بأنّ المستوصف استقبل (6) حالات مشابهة لحالة الطفلة المتوفاة، وذلك بتاريخ 20 آذار/مارس 2018، مشيراً إلى أنّ جميع الحالات كانت لأطفال، وتحديداً من عمر (4-6) أعوام، إلا أنّ طفلين منهما فارقا الحياة على الفور، بينما بقيت الحالات الأربعة بحال يرثى لها.

وأكدّ المصدر على أنّ عدد الحالات المتوفاة داخل المخيم نتيجة الإصابة بهذه الأعراض، وصلت حتى تاريخ 24 آذار/مارس 2018، إلى (17) حالة وفاة غالبيتهم من الأطفال الذي لم يتجاوزوا (8) أعوام بعد، مضيفاً بأنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات احتياطية حول هذه المشكلة من قبل إدارة المخيم.

أبو ملهم وهو لقب أحد اللاجئين العراقيين المقيمين في مخيم الهول، كان قد فقد ابنته البالغة من العمر (6) أعوام، وذلك عقب إصابتها بمرض "الحمى التيفية" في شهر شباط/فبراير 2018، وفي الخصوص تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"في يوم 16 شباط/فبراير 2018، أصيبت ابنتي بحالة إسهال مترافقة مع حرارة مرتفعة، وعلى الفور قمنا بمراجعة المستوصف، حيث تمّ إعطاؤنا حبوب من نوع "سيتامول" وابرة "ديكلون"، إلا أنّ الأعراض استمرت في الظهور على ابنتي، وتطورت الحالة فأصيب بحالة من الطفح الجلدي، وفي يوم 23 آذار/مارس 2018، ارتفعت حرارة ابنتي بشدة خلال ساعات الليل، فحاولت الوصول إلى إدارة المستوصف، إلا أنّ الحراس أخبروني بأنّ علي مراجعة المستوصف في الصباح، وهدوني بالاعتقال في حال لم أقم بالابتعاد، نظراً لأنّ الساعة كانت تقارب الثانية بعد منتصف الليل."

وتابع أبو ملهم بأنّ حالة طفلته بدأت تزداد سوءاً مع ساعات الصباح الأولى، إلى أن فارقت الحياة نهائياً وتمّ نقلها إلى المستوصف الطبي على إثر ذلك، مشيراً إلى أنه قام بدفن جثمانها داخل أراضي مخيم الهول، بما أنّ إدارة المخيم لم تسمح له الخروج والحكومة العراقية لم توافق على استقباله.

(سمية.خ) نازحة من محافظة دير الزور، وصلت إلى مخيم الهول بتاريخ 1 كانون الثاني/يناير 2018، وفقدت ابنها هي الأخرى نتيجة إصابته بذات المرض، وفي هذا الخصوص تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلة:

"بتاريخ 1 آذار/مارس 2018، أصيب ابني البالغ من العمر (8) سنوات، بحمى شديدة واسهال، ولمّا قمنا بمراجعة المستوصف، قاموا بإعطائي إبراً مسكنة وحبوباً للإمساك، واستمرّ الوضع على هذا الحال حتى تاريخ 11 آذار/مارس 2018، حيث فقد ابني الكثير من الوزن بسبب هذه الحمى، وعندها أخبرني أحد الأطباء سراً بأنّ هذه الأعراض تشير إلى إصابة ابني بمرض "الحمي التيفية"، وبأنه يجب عليّ أن أطلب الإذن من إدارة المخيم حتى أقوم بعلاجه خارج المخيم، وعندما طلبت الإذن من الإدارة، طلبوا مني وجود كفيل، ولوكان لديّ كفيل لكنت خارج المخيم منذ زمن طويل، وبينما كنت في مكتب تقديم الطلبات عرض عليّ أحدهم أن أقوم بدفع مبلغ (200) ألف ليرة سورية مقابل علاج ابني خارج المخيم وأكدّ لي بألا وسيلة أخرى أمامي، إلا أنني لم أكن أملك ذلك المبلغ، وفي يوم 19 آذار/مارس 2018، توفي طفلي وقمنا بدفنه في أراضي مخيم الهول، وذلك بعدما تمّ رفض طلبنا بالخروج من أجل دفنه في أحد مقابر مدينة الحسكة."

وحسبما أفاد أحد المصادر الطبية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد وصل عدد الحالات المصابة بأعراض "الحمى التيفية" حتى بداية شهر نيسان/أبريل 2018، إلى (269) حالة، معظمهم من النساء والأطفال، ورجّح بأنّ السبب يعود إلى عدم رقابة المنظمات الإنسانية والمحلية للمياه القادمة إلى المخيم والتي من الواجب أن تكون صالحة للشرب ومراقبة من قبل إدارة المخيم على أقل تقدير، لافتاً بأنّ بعض المصابين بهذه الأعراض كانوا قد أكدوا للفرق الطبية بأنّ مياه الخزانات الصالحة للشرب كانت تصدر رائحة كريهة خلال شهر شباط/فبراير 2018.

كما قال المصدر بأنّ عدد الوفيات نتيجة الإصابة بهذا المرض داخل مخيم الهول، وصلت إلى (24) حالة وفاة وذلك حتى تاريخ 1 نيسان/أبريل 2018، مشيراً إلى عدم اتخاذ أي إجراءات بهذا الخصوص من قبل المنظمات الإنسانية او إدارة المخيم التابعة للإدارة الذاتية.

 

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من انتشار القمامة والأوساخ داخل مخيم الهول، وقد التقطت هذه الصورة بتاريخ 3 نيسان/أبريل 2018.

 


[1] حمى التيفود:  ما هي حمى التيفود؟ – منظمة الصحة العالمية. كانون الثاني/يناير 2018. http://www.who.int/features/qa/typhoid-fever/ar/

 

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد