الرئيسية تحقيقات مواضيعية القوّات السوريّة تقصف الغوطة الشرقيّة بمواد كيميائيّة للمرة الرابعة على التوالي منذ بداية العام 2018

القوّات السوريّة تقصف الغوطة الشرقيّة بمواد كيميائيّة للمرة الرابعة على التوالي منذ بداية العام 2018

مقتل طفلين والعديد من الإصابات على إثر استهداف بلدة الشيفونية بالغوطة الشرقية بغاز الكلور - تقرير مشترك ما بين سوريّون من أجل الحقيقة والعدالة والأرشيف السوري

بواسطة wael.m
561 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدّمة: على الرغم من التحذيرات المتكررة للحكومة السوريّة من قبل المجتمع الدولي بعدم استخدام الأسلحة الكيميائية خلال الحرب الدائرة في سوريا، إلّا أنّ الحكومة السوريّة عاودت بقصف بلدة الشيفونيّة في تاريخ 25 شباط/فبراير 2018 بمواد كيميائيّة، ليصبح هذا الاستهداف هو الاستهداف الرابع على التوالي فقط منذ بداية العام 2018 في الغوطة الشرقيّة المحاصرة – ريف دمشق. وقد أدّى هذا الاستهداف إلى سقوط العديد من الإصابات في صفوف السكان ومقتل طفلين إثنين على الأقل، الأمر الذي يعزّز كون أنّ هذه الاستهدافات بواسطة الأسلحة الكيميائيّة تبدو سياسة ممنهجة تتّبعها الحكومة السوريّة خلال معاركها باستمرار. فقد شنّت هجومها الأول في العام 2018 على المنطقة الواصلة ما بين مدينتي دوما وحرستا في غوطة دمشق وذلك بتاريخ 13 كانون الثاني/يناير 2018. أمّا الهجوم الثاني فقد وقع بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير 2018 في المنطقة الشمالية الغربية من مدينة دوما. وكان الهجوم الثالث قد وقع بتاريخ 1 شباط/فبراير 2018 في مدينة دوما أيضاً.

بتاريخ 7 آذار/مارس 2018 أفاد الباحث الميداني لدى سوريّون من أجل الحقيقة والعدالة في الغوطة الشرقيّة بأنّ المنطقة الواقعة بين سقبا وحمّورية قد تعرّضت لهجوم كيميائي (يعتبر الخامس منذ بداية العام 2018)، وبحسب الباحث فقد أدّى الهجوم العشرات من المصابين، وتقوم سوريّون من أجل الحقيقة والعدالة بإجراء التحقيقات اللازمة وسوف تنشر تقريراً خاصّاً بهذا الصدد فور انتهائه.

 

تفاصيل الهجوم الرابع:

عند الساعة السادسة مساء يوم الاحد الواقع في 25 شباط/فبراير 2017 تمّ استهداف بلدة الشيفونية الواقعة شرق الغوطة والتي تقطنها حوالي 230 عائلة بالغازات السامة، الأمر الذي أدى الى وقوع العديد من الضحايا في صفوف المدنيين، علماً أنّ أقرب خطّ قتال بين الحكومة السوريّة وفصائل المعارضة كان يبعد في تاريخ الحادثة عن بلدة الشيفونيّة حوالي 2 كيلو متر.

وفي نفس اليوم الذي وقع فيه الهجوم رصد الأرشيف السوري قيام وزير الدفاع الروسي بنشر تقرير عن الوضع السوري مبتدئاً بالقول:

"الأدلّة تشير أنّ قادة بعض التشكيلات المسلّحة الغير قانونيّة في الغوطة الشرقيّة يحضّرون لعمليّة استفزازيّة باستخدام عناصر سامّة من أجل اتهام القوّات الحكوميّة السوريّة باستخدام الأسلحة الكيماويّة ضدّ المدنيّين."

 

 

خارطة توضّح المنطقة المستهدفة شرقي الغوطة الشرقيّة حيث أنّ هذه الخارطة توضّح أماكن السيطرة حتّى تاريخ الحادثة

 

خارطة توضّح المنطقة المستهدفة في بلدة الشيفونيّة شرقي الغوطة الشرقيّة حيث أنّ هذه الخارطة توضّح أماكن السيطرة حتّى تاريخ الحادثة

 

محمّد عطايا وهو أحد السكان المدنيين والذي يقطن في بلدة الشيفونية قال لسوريوّن من أجل الحقيقة والعدالة:

"على إثر القصف العنيف والغير مسبوق الذي تتعرض له مدن وبلدات الغوطة الشرقية قمت بالنزول مع عائلتي الى أحد الاقبية في منطقة الجمعيات في بلدة الشيفونية وذلك بحثا عن ملاذ اكثر أمناً من المنزل الذي نسكن فيه، وكان هناك طائرة مروحية تحلق فوق رؤوسنا فقامت برمي أحد البراميل والذي اخذ بالنزول الى الأرض يرافقه صوت عنيف إلّا انه وعند ارتطامه بالأرض لم نسمع أي صوت لانفجاره على غير المعتاد فتوقعنا انه لم ينفجر وبدأت بعدها مع افراد عائلتي بشمّ رائحة غريبة قوية فلم استطع التركيز حينها ولم اجد نفسي الا وقد اغمي علي وفقدت الوعي بشكل كلي وحين استيقظت وجدت نفسي داخل احدى المراكز الطبية."

 

صورة لعدد من المصابين بالهجوم بالغازات السامّة ببلدة الشيفونيّة، مصدر الصورة: تنسيقيّة مدينة دوما.

 

كما نشرت وكالة كُميت فيديو يظهر جرحى رجال وطفل وهم يتلقّون العلاج في أحد النقاط الطبيّة بسبب الاستهداف بالمواد الكيميائيّة.

 

كان تأثير الغاز السام قويّاً ومركّزاً حيث تعرض العديد من المصابين لفقدان الوعي بشكل كلي بحسب إفادة الناجي محمّد عطايا لسوريوّن من أجل الحقيقة والعدالة مضيفاً:

"حتى عندما استعدت وعيي لم تستقر حالتي كثيرا اذ لازمني صداع داخل راسي لساعات طويلة إضافة لصعوبة بالتنفس."

 

بحسب الأرشيف السوري أنّه وفي يوم الهجوم قام المراسل ياسر الدوماني بنشر فيديو يظهر طفلاً يلبس الأزرق وكتب على لباسه "25/2/2018 الشيفونيّة نتيجة غاز الكلور" إشارةً إلى موته في الهجوم الأخير، وأظهر الفيديو أيضاً مصابين من الأطفال ومن الرجال الذين تتمّ معالجتهم في أحد المرافق الطبيّة بعد الهجوم الكيماوي.

وكالة داماسكي قامت بنشر مقطع فيديو على صفحتها على الفيسبوك أظهرت من خلالها جثّة لأحد الأطفال الذين ماتوا بعد استهداف بلدة الشيفونيّة بالغازات السامّة.

 

صورة لأحد الأطفال الذين ماتوا نتيجة استهداف بلدة الشيفونية بالغازات السامة، مصدر الصورة: تنسيقية مدينة دوما.

 

بحسب الأرشيف السوري قامت وكالة دامسكي الإعلاميّة بنشر فيديو لمديرها يوسف البستاني الذي قال:

"في يوم الأحد 25 شباط/فبراير، كنّا متواجدين في الغوطة الشرقيّة عند استهدافها من قبل قوّات الأسد بالغازات السامّة، هذا الطفل من الغوطة الشرقيّة من بلدة الشيفونيّة، أحضر بتاريخ 25 من شباط/فبراير 2018، استشهد نتيجة استنشاقه غازات سامّة لم نستطع تحديد نوعها."

وقامت وكالة داماسكي بنشر بعض الصور من الحادثة على حسابها على التويتر.

 

بحسب نزار بلة وهو أحد متطوّعين الإسعاف الذي قابلته سوريّون من أجل الحقيقة والعدالة أنّه قد أصبح كل من يتحرّك على وجه الأرض مستهدفاً من قبل الطيران الحكومي السوري، حيث تحوّلت بلدة الشيفونيّة إلى مدينة أشباح فانعدمت فيها الحركة إضافةً إلى أنّ غالبيّة طرقها أصبحت مسدودة بالردم المتساقط جرّاء القذائف والصواريخ، فتحدّث نزار قائلاً:

"لقد جاءتنا عدّة بلاغات من مدنيين عن تعرض بلدة الشيفونية للقصف بالغازات السامة فقمنا بالتوجّه على الفور إلى مكان الحادثة ،ولكن وفور وصولنا واجهتنا العديد من الصعوبات، حيث تعرّض مسعفان للاختناق كما أصيبا بدوار شديد بعد استنشاقهما للغازات السامة فقمنا بإسعافهما واسعاف ما استطعنا من المدنيين، ولكننا لم نستطع للأسف الشديد الوصول الى جميع الحالات بالسرعة المطلوبة نظرا لاشتداد القصف على المنطقة المستهدفة بالغاز السام وانسداد معظم الطرقات داخل بلدة الشيفونية بالردم المتساقط في كل مكان، مما سبب في تأخيرنا كثيرا عن اسعاف العديد من الحالات."

 

صورة لمسعفين مصابين بالغازات السامّة، مصدر الصورة: تنسيقية مدينة دوما.

 

استقبلت المراكز الطبية في المنطقة 18 حالة لمصابين مدنيين بينهم 6 نساء 4 أطفال و6 رجال من بينهم طفل عمره أربعة سنوات كان قد توفي ويدعى عدنان الصمادي ويقول الدكتور سعيد الحنفي لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة وهو أحد الأطباء العاملين في المراكز الطبيّة في مدينة دوما:

"لقد استقبلنا العديد من الحالات داخل بعض المراكز والنقاط الطبية لمدنيين كانوا قد أصيبوا بغازات سامة، وكانت رائحة ثيابهم يفوح منها الكلور بشكل قوي جدا وكان من بين المصابين طفل لم نستطع انقاذ حياته حيث كان في مركز المنطقة المستهدفة بالغاز السام، ولا يحتمل طفل بمثل عمره هذا التركيز العالي من الغاز السام والذي نعتقد مبدئيا انه غاز الكلور، كما ان ملامح الطفل الخارجية ووجهه تدل على انه قد تعرّض للاختناق على الرغم من وجود بعض اثار الردم ولكنه بسيطة وليس لها علاقة بوفاته."

 

لقد كان هناك طفل آخر حالته خطيرة جدا ويدعى أحمد الأحمد الذي يبلغ من العمر عشرة أشهر والذي عانى بشكل كبير جدا حتى توفي بتاريخ 1 آذار/مارس 2018 صباحاً جراء اصابته بأذيّة تنفسيّة تعرّض لها ويتابع الدكتور سعيد لسوريوّن من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"كان المصابون الذين أسعفوا الى النقاط الطبية تنبعث منهم رائحة تشبه رائحة الكلور إضافة الى وجود زلّة تنفسية وتخرّش قصبي وتهيّج بالملتحمة، لقد قمنا بوضع المصابين على أجهزة الرذاذ والاكسجين حتى تحسنت حالتهم ووضعوا تحت المراقبة لمدة 24 ساعة."

 

صورة للطفل أحمد الأحمد الذي توفّي لاحقاً بزلّة تنفسيّة شديدة مع أعراض أخرى إثر استنشاقه لغاز الكلور، مصدر الصورة: منظّمة سامز

 

بيان من مديريّة الصحّة في دمشق وريفها توضّح سبب وفاة الطفل أحمد الأحمد بأذيّة تنفسيّة شديدة بعد تعرّضه للإصابة بالقذائف المحمّلة بغاز الكلور، مصدر الصورة: مديريّة الصحّة في دمشق.

 

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريوّن من أجل الحقيقة والعدالة، فقد ازدادت وتيرة القصف بشكل جنوني بعد صدور القرار رقم 2401 عن مجلس الامن، حيث كانت الشيفونيّة من أكثر البلدات التي تعرّضت للقصف، فلم يهداً الطيران الحربي والمروحي عن قصفها، إضافةً لاتباع الحكومة السوريّة سياسة الأرض المحروقة حيث قامت بقصف المنطقة بالغازات السامّة (صاروخ أو برميل بحسب الشهادات) وأتبعتها بقصف نفس المنطقة بعشرات القذائف الأمر الذي أخّر وصول الإسعاف إليها مباشرةً بعد وقوع الحادثة.

 

 

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد