الرئيسية تحقيقات مواضيعية اشتباكات مسلحة في ريف السويداء الغربي تودي بحياة ستة مدنيين

اشتباكات مسلحة في ريف السويداء الغربي تودي بحياة ستة مدنيين

"روايات متضاربة حول قيام تنظيم "هيئة تحرير الشام" بإعدام ركاب الحافلة"

بواسطة wael.m
318 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة: قُتل ستة مدنيين من بلدة حران[1] الكائنة في ريف السويداء الغربي خلال عودتهم من مدينة السويداء (مركز  محافظة السويداء) إلى بلدتهم، وذلك بتاريخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، حيث تزامن مرور الحافلة التي كانت تقلّهم مع اشتباكات مسلحة كانت قد اندلعت مابين قوات الدفاع الوطني[2] التابعة للقوات النظامية السورية من جهة وفصائل محلية مسلحة[3] من جهة أخرى، وتحديداً على الطريق الواصل مابين قريتي حران والدويرة في ريف السويداء الغربي. ووفقاً لمراسل سوريون ممن أجل الحقيقة والعدالة فقد اندلعت هذه الاشتباكات عقب استهداف سيارة عسكرية تابعة لقوات الدفاع الوطني بعبوة ناسفة، بينما كانت في طريق عودتها من ريف دمشق الغربي إلى ريف السويداء الغربي بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

ومن جهة أخرى، فقد تضاربت الروايات حول كيفية مقتل أولئك المدنيين الذين كان من بينهم طالبة جامعية وموظفون حكوميون، حيث قال شهود عيان من منطقة اللجاة في ريف درعا، بأنّ أولئك المدنيين قتلوا بسبب حدة الاشتباكات العسكرية التي اندلعت على الطريق الواصل مابين قريتي حران والدويرة وخصوصاً مع تزامن وقوع تلك الاشتباكات مع مرور حافلتهم من ذاك الطريق، بينما أفاد شهود عيان آخرين من ريف السويداء الغربي، بأنّ أولئك المدنيين كانوا قد تعرضوا لعمليات إعدام ميدانية وتمثيل بجثثهم من قبل عناصر ينتمون لتنظيم "جبهة النصرة".

أسباب اندلاع الاشتباكات المسلّحة:

بتاريخ 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أعلنت فصائل المعارضة السورية المسلحة متمثلة ب "غرفة عمليات جبل الشيخ"[4] بالاشتراك مع "غرفة عمليات جيش محمد"[5]عن بدء معركة لفك الحصار المفروض على قرية بيت جن في الغوطة الغربية[6] منذ عدة سنوات، وذلك عبر إحداث ثغرة بمحيط بلدة حضر ذات الغالبية الدرزية والتابعة لسيطرة القوات النظامية السورية والمجاورة   لقرية بيت جن، إلا أنّ سكان بلدة حضر رفضوا هذا الأمر، وقاموا بطلب تعزيزات ومؤزارات من محافظة السويداء بغية صد هجوم فصائل المعارضة المسلحة، وعلى إثر ذلك خرج العشرات من عناصر الدفاع الوطني في محافظة السويداء تلبيةً لنداء أهالي بلدة حضر، ونحجوا في إحباط مساعي فصائل المعارضة المسلحة في فك الحصار عن قرية بيت جن، إلا أنه وأثناء عودة بعض عناصر الدفاع الوطني من ريف دمشق الغربي إلى ريف السويداء الغربي بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، تمّ استهداف السيارة التي كانت تقلهم بالقرب من قرية عريقة، بعبوة ناسفة كانت مزروعة بجانب الطريق، وهو الأمر الذي أدى إلى مقتل عنصرين من عناصر الدفاع الوطني وجرح عشرة آخرين، فتمّ توجيه أصابع الاتهام إلى مسلحي البدو الذين ينتمون لفصائل المعارضة المسلحة مثل (ألوية العمري[7] وقوات شباب السنة[8] وأحرار العشائر[9]) والذين يقطنون في خيام تبعد إلى الشرق مسافة (1) كم عن قرية حران ذات الغالبية الدرزية والتي تتبع أيضاً لسيطرة القوات النظامية السورية.

أولاً: اتهامات متبادلة:

وفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تضاربت الروايات حول الجهة التي قامت باستهداف السيارة العسكرية التابعة لقوات الدفاع الوطني بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، إذ أكدّ أبو معن وهو أحد ناشطي منطقة اللجاة في ريف درعا، على أنّ مجموعة مسلحة تتبع في الغالب لتنظيم "هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة" كانت قد تسللت من منطقة اللجاة إلى ريف السويداء الغربي وتحديداً إلى الطريق الواصل مابين قريتي حران وعريقة بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، مشيراً إلى أنّ أولئك هم من أقدموا على زرع العبوة ناسفة التي أفضت إلى تفجير سيارة قوات الدفاع الوطني التابعة للقوات النظامية السورية، والتي أسفرت عن مقتل ضابط وعنصر آخر فضلاً عن جرح عشرة آخرين كانوا في طريق عودتهم من الغوطة الغربية إلى ريف السويداء الغربي، وذلك عقب انتهائهم من دعم ومؤازرة القوات النظامية هناك لمنع فصائل المعارضة المسلحة من فك الحصار المفروض على قرية بيت جن، وفي هذا الصدد تحدث أبو معن لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"بتاريخ 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، قضى أحد عناصر قوات الدفاع الوطني ويدعى "فادي العبد الله عزام"، متأثراً بجراحه التي أصيب بها نتيجة انفجار العبوة الناسفة، وفي اليوم التالي وبتاريخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وعقب تشييعه مباشرة، قام مجموعة من عناصر قوات الدفاع الوطني التابع للنظام، بالهجوم على مجموعة من خيام البدو التابعة لعشيرة "الحواسنة" والكائنة شرقي قرية حران ذات الغالبية الدرزية، إذ قاموا بفتح النار بشكل عشوائي على تلك الخيام وحرقوا اثنتين منها، ما أدى إلى إصابة أحد البدو المدنيين بجروح طفيفة، إلا أنّ تلك المجموعة مالبثت أن قامت بالانسحاب بناءً على طلب من أهالي قرية حران الذين رفضوا التصعيد مع جيرانهم، وقد تزامن ذلك مع وصول مؤازارات من المعارضة المسلحة كانت قد قدمت من منطقة اللجاة."

وأضاف أبو معن بأنّ عناصر المعارضة المسلحة-المؤازرات- قاموا فور وصولهم باستهداف الطريق الواصل مابين قريتي (الدويرة وحران)، ليتزامن ذلك مع مرور حافلة تقل مدنيين، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها، ومن ثمّ تطورت تلك الاشتباكات ولاسيما عقب وصول تعزيزات عسكرية من جانب القوات النظامية السورية من محافظة السويداء، حيث قامت الأخيرة باستهداف بعض القرى في منطقة اللجاة بقذائف هاون، ما أسفر عن إصابة أحد المدنيين.

تحليل الأدلة البصرية التي توضّح مكان وقوع الحادثة.

وأظهر مقطع فيديو تداوله ناشطون بتاريخ 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، ماقالوا أنه ل "فادي العبد الله عزام" وهو أحد عناصر قوات الدفاع الوطني، وهو يتحدث عن تصديه لفصائل المعارضة المسلحة خلال محاولتهم فك الحصار عن قرية بيت جن في ريف دمشق الغربي.

صورة تظهر "فادي العبد الله عزام" قبيل مقتله وهو يقف بجانب إحدى الجثث التي تعود لعنصر من عناصر المعارضة المسلحة، وقد التقطت هذه الصورة بتاريخ 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، مصدر الصورة: نشطاء من محافظة القنيطرة.

ثانياً: الرواية المقابلة واتهام تنظيم "جبهة النصرة" بتنفيذ إعدامات ميدانية:

وفي رواية مغايرة، قال سكان القرى في ريف السويداء الغربي، بأنّ المدنيين الذين لقوا مصرعهم في الحافلة، كانوا قد تعرضوا لعمليات إعدام ميداني وتمثيل بجثثهم، وهو الأمر الذي أكده غسان وردة،  أحد ناشطي قرية الدويرة في ريف السويداء الغربي، حيث تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، اعترض مسلحون سيارة مدنية محملة بالخضار على الطريق الواصل مابين قريتي عريقة وحران، ثمّ قاموا بفتح النار عليها، وهو الأمر الذي استدعى مجيء عشرات العناصر من قوات الدفاع الوطني من قرية عريقة باتجاه الطريق الواصل مابين قريتي عريقة وحران من أجل التصدي للمسلحين، إلا أنّ عبوة ناسفة استهدفت سيارتهم العسكرية، وأدت إلى مقتل ثلاثة عناصر منهم وهم (علاء أبو سرحان وعناد عزام وأيمن محاسن)، فضلاً عن جرح سبعة آخرين من بينهم (فادي العبد الله عزام) والذي قضى لاحقاً متأثراً بجراحه، حيث تمّ توجيه أصابع الاتهام في حادثة تفجير السيارة، إلى عناصر مسلحين من البدو الذين يقطنون في خيام بالقرب من قرية حران، ويُعتقد أنهم ينتمون لتنظيم "جبهة النصرة"، لذا وبعد تشييع القتيل "فادي العبد الله عزام"، صباح يوم 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، قام ثلاثة عشر شاباً من أقربائه بالهجوم على خيام البدو بالقرب من قرية حران وحرق اثنتين منها إضافة إلى إطلاق الرصاص بشكل عشوائي عليها، وهو الأمر الذي استدعى تدخل أهالي قرية حران ورفضهم التصعيد مع جيرانهم البدو، فماكان من عناصر الدفاع الوطني إلا الانسحاب باتجاه قرية عريقة، إلا أنّ البدو كانوا حينها قد طلبوا مؤازارات من قبل عناصر مسلحين ينتمون لتنظيم "جبهة النصرة" في منطقة اللجاة."

وأشار غسان إلى أنه وعقب وصول المسلحين المؤازرين للبدو إلى المكان، قاموا بقطع الطريق الواصل مابين قريتي حران والدويرة، وأطلقوا النار باتجاه قرية حران دون أن يصاب أحد بأذى، ومن ثمّ وصلت حافلة تقل ستة مدنيين من بينهم طالبة جامعية وموظفين حكوميين كانوا في طريق عودتهم من محافظة السويداء إلى قريتهم "حران"، حيث تعرض معظم ركاب الحافلة إلى إعدامات ميدانية، لكن وقبل تعرضهم للإعدام، قام المسلحون الذين يعتقد بانتمائهم لتنظيم "جبهة النصرة" بإجبار السائق على التواصل مع ذويه عبر الهاتف المحمول، حتى يطلب منهم عدم التصعيد أو إرسال أي تعزيزات إلى المكان، وفي هذا الصدد تابع غسان قائلاُ:

"علمنا من خلال تواصل السائق مع ذويه بأن مدة احتجاز الحافلة استمرت مايقارب النصف ساعة، إذ قال السائق حينها بأنّ جميع الركاب تمّ قتلهم باستثناء إحدى الفتيات التي سيتم الإفراج عنها وتدعى "مرح مرشد"، لكن وبعد انقطاع الاتصال وتراجع أولئك المسلحين عقب وصول قوات الدفاع الوطني إلى المكان، تبيّن بأنّ جميع الركاب قد قُتلوا وقد تعرضت جثة السائق لتشوهات كبيرة نتيجة التمثيل بها، كما تعرضت الحافلة للحرق أيضاً، وقد كان من بين الضحايا المدنيين (أيسر منير مرشد ومهران منير مرشد ومرح نبيل مرشد وعاصم شاهر مرشد وأصلان فادي مرشد)، وعقب مقتلهم مباشرة عادت الاشتباكات وتجددت مرة أخرى مابين العناصر المسلحة التي تنتمي لتنظيم "جبهة النصرة" من جهة وقوات الدفاع الوطني التابع للنظام من جهة أخرى، وعلى إثر ذلك قتل اثنين من عناصر الدفاع الوطني وهما (عمر غسان مرشد وربيع رامز الحسنية)."

وتابع غسان بأنّ المنطقة التي وقع فيها الاشتباك -في إشارة منه إلى الطريق الواصل مابين قريتي الدويرة وحران- تعد من أخطر المناطق في ريف السويداء الغربي، حيث وقعت هنالك عدة عمليات خطف وسرقة وتفجير طالت عشرات الأشخاص من محافظتي السويداء ودرعا، مشيراً إلى أنّ تلك العمليات كانت تحدث بعلم واتفاق مسبق مابين عناصر الدفاع الوطني في محافظة السويداء وعناصر من تنظيم "جبهة النصرة" في محافظة درعا.

صورة تظهر الضحية "مرح مرشد" وهي إحدى الطالبات الجامعيات قبيل مقتلها نتيجة الاشتباكات العسكرية بالقرب من قرية حران، مصدر الصورة: نشطاء من محافظة السويداء.

وبتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، نشر موقع "السويداء24" مقطع فيديو، قال إنه يظهر بعض المسلحين من أبناء منطقة اللجاة وهم يتواجدون بالقرب من الحافلة التي تمّ قتل جميع ركابها. ولم تستطع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة التحقق من صحة الفيديو من مصدر مستقل.

وحسبما أكدّ مراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ قوات الدفاع الوطني التابعة للقوات النظامية السورية قامت في اليوم التالي من تلك الحادثة، بنشر عدة حواجز عسكرية بالقرب من قرية حران إضافة إلى القرى الواقعة في ريف السويداء الغربي.

 


[1] تعرف قرية حران بأنها ذات غالبية درزية.

[2] وهم مجموعة من الشبان المدنيين الذين ينحدرون من محافظة السويداء، وغالبيتهم ممن تخلفوا عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية العسكرية إضافة إلى الخدمة الاحتياطية في الجيش النظامي السوري، حيث أنهم تلقوا التدريبات والسلاح والدعم من قبل القوات النظامية السورية وذلك مقابل فرض السيطرة الأمنية على غالبية قرى وبلدات محافظة السويداء.

[3] تتبع هذه الفصائل للبدو الذين يقطنون بالقرب من قرية حران.

[4] تمّ تأسيسها بتاريخ 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، في قرى الغوطة الغربية المحاصرة، حيث أنها تتكون من هيئة تحرير الشام وجبهة ثوار سوريا.

[5] تم تأسيس هذه الغرفة بتاريخ 24 حزيران/يونيو2017، وذلك بهدف السيطرة على مدينة البعث بريف القنيطرة والواقعة تحت سيطرة القوات النظامية السورية، وتتكون بشكل رئيسي من هيئة تحرير الشام إضافة إلى عدد من فصائل المعارضة السورية وهي ألوية الفرقان وألوية سيف الشام ولواء السبطين وجبهة ثوار سوريا.

[6] كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قد أعدت في وقت سابق تقريراً يسلط الضوء على معاناة آلاف المدنيين في ظل الحصار المفروض على عدة قرى في الغوطة الغربية.

[7] وهو أحد فصائل المعارضة السورية المسلحة التي تنشط في الريف الشرقي لمحافظة درعا وتسيطر على غالبية قرى اللجاة في ريف درعا.

[8] تشكلت بتاريخ 21 آب/أغسطس2016 نتيجة اندماج 21 فصيلاً عسكرياً تابعاً للمعارضة السورية المسلحة في محافظة درعا.

[9] تم تشكيله في العام 2014،  ووفقاً لمصادر عديدة فإنه يتلقى الدعم من الأردن، وقد خاض معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية والقوات النظامية السورية في ريف السويداء الشرقي، كما أنه ينشط في محافظتي درعا والقنيطرة .

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد