ينحدر الإعلامي خالد الشامي والمعروف باسم "العمري" من مدينة حمورية، في الغوطة الشرقية بريف دمشق، حيث بدأ العمل في المجال الإعلامي عقب عودته من تركيا في العام 2012، فبدأ العمل لدى مؤسسة المعرفة للتنمية والتعليم ثم مصوراً لدى "شباب لأجل سوريا" ليصبح فب العام 2014 مدير المكتب الإعلامي في مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية.
كانت المواجهات العسكرية ما بين أكبر فصيلين في الغوطة الشرقية قد عادت إلى الواجهة وذلك بتاريخ 28 نيسان/أبريل 2017 وتحديداً ما بين فصيل فيلق الرحمن وجيش الإسلام. واستمرت تلك المواجهات قرابة شهر، وكانت تلك المواجهة هي "الاقتتال الثاني" الذي حدث ما بين الفصيلين كما سمّاه نشطاء من الغوط الشرقية. غير أنّ الموجهات الأولى كانت قد حدثت في اليوم نفسه من العام الفائت أي بتاريخ 28 نيسان/أبريل 2016، وبحسب مصادر موثوقة من داخل الغوطة فقد أودت المواجهات إلى مقتل المئات[1] جلّهم من العسكريين بالإضافة إلى سقوط عدد غير قليل من المدنيين.
وكانت جولة المواجهات العسكرية الثانية ما بين فصائل المعارضة المسلحّة في الغوطة (ما بين فيلق الرحمن وجبهة النصرة من جهة وفصيل جيش الإسلام من جهة أخرى) أدى بشكل أو بآخر إلى تقطيع أوصال الغوطة الشرقية، حيث تمّ نصب حواجز عسكرية لكل فصيل في مناطق نفوذه[2] بهدف إحكام السيطرة ومنع تسلل العناصر من الفصيل الآخر، وأدى هذا التقطيع إلى تضييق الخناق على السكان المدنيين، إضافة إلى عرقلة عمل المنظمات والمؤسسات الإنسانية والإغاثية والطبّية وغيرها ..
لم تخلُ الأشهر الماضية من مناوشات عسكرية ما بين الفصائل المتصارعة في الغوطة، وكان آخرها ما حدث يوم الخميس 14 سبتمبر/ أيلول 2017، حين أصيب خالد الشامي عن طريق الخطأ بحسب شهادة أحد المرافقين له، حينما كان بصحبة عدد من رفاقه كان من بينهم إعلاميون، وحدث أنّ قام عناصر من فيلق الرحمن بإطلاق النار على أشخاص آخرين اشتبهوا بكونهم ينتمون لفصيل جيش الإسلام، وذلك في أطراف بلدة حمورية (المنطقة الفاصلة بين الفصيلين والتي تقع ما بين منطقة حمورية ومسرابا). وكان خالد الشامي قد رقد بالمشفى فيها حتى تاريخ 16 أيلول/سبتمبر 2017 حين تمّ إعلان وفاته متأثراً بإصابته.
قال أحد المرافقين لخالد الشامي حول ملابسات الحادثة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة:
"كنا في طريق عودتنا أنا والزميل الإعلامي خالد الشامي وبعض الزملاء -كنّا بحدود عشرة شبان- في منطقة تقع بين حاجزين عسكريين لجيش الإسلام وفيلق الرحمن، وتواجد في تلك اللحظة وتحديداً في الاتجاه الذي نسير فيه عناصر آخرون لم يعرف إلى أي فصيل ينتمون، ولكن يُشتبه بكونهم من جيش الإسلام، ثم قام بعض عناصر الفيلق بالمناداة عليهم، فلم يستجيبوا، فتم إطلاق النار عليهم، ولم يكن المستهدف الزميل خالد كما روج البعض، إلا أن المشتبه فيهم لاذوا بالفرار، ولأننا كنا معهم في نفس الجهة كان إطلاق النار باتجاهنا، فأصابه الرصاص وهو في السيارة في منطقة الحوض عن طريق الخطأ، وقد تم نقله إلى المستشفى وخضع لعمل جراحي.."
صورة للإعلامي خالد الشامي في المستشفى بعد تعرضه لطلق ناري نشرتها قناة إعلاميي دمشق وريفها على التلغرام بتاريخ 16 أيلول/ سبتمبر 2017.
هذا وأصدرت رابطة الإعلاميين في الغوطة الشرقية بياناً أدانت فيه الاستهتار في حمل السلاح واستخدامه بين المدنيين، وطالبت فيه بمحاسبة المسؤولين عن إصابة الإعلامي خالد الشامي.
وعلى الرغم من استقرار حالته الصحية إلا أن المفاجأة كانت بإعلان وفاته بعد ظهر يوم السبت 16 سبتمبر/ أيلول، ثم تم تشييعه من مسجد الخولاني في مدينة حمورية بعد عصر اليوم ذاته.
وقد نشر مركز الغوطة الإعلامي على الفيسبوك صوراً لمراسم الدفن.
لم تكن حادثة مقتل الإعلامي خالد الشامي الأولى في أوساط الإعلاميين، بل سبقتها حوادث أخرى مشابهة تعرض فيها الإعلاميون للقتل تارة، وللاعتقال تارات أخرى[3]، وهو ما سبب تزايد موجة الغضب والاحتقان الشعبي بين صفوف المدنيين عامة، والإعلاميين خاصة مؤسسات وأفراداً. حيث تتالت التنديدات من قبل الإعلاميين الذين رأوا أن العناصر ما كان لهم ليطلقوا النار دون أوامر من القيادة، محملينها مسؤولية ما يجري على الأرض، فأصدرت بيانات تندد بتلك الممارسات بحق الإعلاميين، وفي هذا الإطار دعت رابطة الإعلاميين في الغوطة الشرقية فيلق الرحمن إلى تحمل مسؤولياته ومحاسبة الفاعلين، ليأتي رد الفيلق على لسان وائل علوان المتحدث الرسمي باسم فيلق الرحمن في تغريدة له على تويتر تقدم فيها بالتعازي لذوي الفقيد، مؤكداً على إحالة العنصرين المتورطين بإطلاق النار إلى القضاء، حسب ما أفادت به شبكة الدرر الشامية الإعلامية، دون بيان أي تفاصيل أخرى.
صورة البيان الذي أصدرته رابطة الإعلاميين أدانت فيه الاستهتار باستخدام السلاح من قبل عناصر الفيلق.
وكذلك أصدرت مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية بياناً نعت فيه مدير مكتبها الإعلامي، وأدانت تعرض الإعلاميين لمثل هذه الانتهاكات يوم السبت 16 أيلول/ سبتمبر.
[1] قالت إحدى المصادر لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة أنّ مجموع من قضى في الموجهات العسكرية بين الفصيلين خلال العام العام 2016 والعام 2017، قد تجاوز الألف قتيل وجريح، إلاّ أنّ سوريون من أجل الحقيقة والعدالة لم تستطع توثيق جميع أسماء القتلى وفق المنهجية المتبعة لديها في توثيق أسماء قتلى النزاع السوري.
[2] يسيطر فيلق الرحمن على مناطق تبدأ بمديرا وحزة وعربين وحمورية وسقبا وكفربطنا وجسرين وجوبر وزملكا وعين ترما. وبعد انضمام النصرة وفجر الأمة المسيطرين على مناطق حرستا وبعض مزارع الأشعري صارت هالمناطق من ضمن نفوذ الفيلق أيضاً. ويسيطر جيش الإسلام على مناطق مسرابا ودوما وقسم من مزارع الأشعري، بالإضافة إلى جهة الشيفونية والنشابية.
[3] سبق هذه الحادثة توقيف الإعلامي منيب أبو تيم مراسل مركز دمشق الإعلامي من قبل جيش الإسلام دون توضيح الأسباب بتاريخ 22 آب/ أغسطس 2017، واستمر توقيفه حتى تاريخ 10 أيلول/ سبتمبر 2017.