الرئيسية تحقيقات مواضيعية مصير مجهول لعشرات المحتجزين سابقاً لدى الفصائل المناهضة للنظام في جنوب سوريا

مصير مجهول لعشرات المحتجزين سابقاً لدى الفصائل المناهضة للنظام في جنوب سوريا

ذكرت المصادر أنّ القوات الحكومية السورية قامت بنقل المحتجزين لدى الفصائل المعارضة إلى أماكن أخرى بعد سيطرتها على كامل الجنوب السوري

بواسطة wael.m
239 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

ملّخص: منذ سيطرة القوات الحكومية السورية على محافظتي درعا[1] والقنيطرة[2] في شهر آب/أغسطس 2018، أصبح مصير العديد من المُحتجزين الذين احتجزتهم التنظيمات والمجموعات المسلّحة/مناهضة ومعارضة للنظام، خلال سنوات سيطرتها على تلك المناطق[3] مجهولاً إلى يومنا هذا. ووفقاً للعديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد عمدت القوات الحكومية السورية فور سيطرتها على محافظتي درعا والقنيطرة، إلى نقل العديد من المحتجزين السابقين في مراكز احتجاز تتبع للتنظيم الذي يطلق على نفسه اسم "الدولة الإسلامية" والمعروف باسم تنظيم "داعش" إضافة إلى "هيئة تحرير الشام"، إلى مراكز احتجاز وسجون تابعة لها من أجل التحقيق معهم، وذلك بحسب ما أكده العديد من أهالي المحتجزين والسكان المحليين لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ عدد المحتجزين الذين قامت القوات الحكومية السورية بنقلهم إلى مراكز احتجاز وسجون تابعة لها يزيد عن (50) محتجزاً من الجنوب السوري، فضلاً عن أكثر من (200) آخرين كان قد تمّ احتجازهم ولا تعلم عائلاتهم شيئاً عنهم منذ أن تمّ اعتقالهم على أيدي المعارضة المسلحّة، مشيراً إلى أنّ السكان المحليين في الجنوب السوري، كانوا قد عانوا كثيراً من ويلات الاحتجاز على يد فصائل المعارضة المسلّحة نتيجة الصراع الدائر على النفوذ آنذاك، أو بتهم التعامل مع اسرائيل أو الابتزاز لأجل المال، كما لفت إلى أنّ هذه الانتهاكات لم تقتصر على فصيل بعينه بل تناوبت تلك الفصائل في احتجاز وابتزاز السكان تحت ذرائع وحجج كثيرة. 

ولم تكتفِ القوات الحكومية السورية بنقل العديد من المحتجزين السابقين لدى فصائل المعارضة المسلّحة فحسب، بل عمدت أيضاً وعقب سيطرتها على محافظة درعا، إلى اعتقال العديد من المدنيين في مدن وبلدات (الحارّة وعتمان والمليحة الغربية)، في شهر أيلول/سبتمبر 2018 وقبلها خلال شهر آب/أغسطس 2018، وذلك خلافاً لاتفاق التسوية الذي نصّ في أهم بنوده على عدم التعرّض للمدنيين الذين قاموا بإجراء تسوية مع القوات النظامية السورية لمدة ستة أشهر، وقد كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدّت تقريراً آخراً تناول هذه الحوادث.[4]

محاكم ومراكز احتجاز تابعة للمعارضة المسلّحة في مناطق مختلفة من درعا:

بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية المسلّحة [5]على مساحات واسعة في درعا في شهر كانون الأول/ديسمبر 2012، طُرحت العديد من المبادرات العسكرية لتنظيم وإدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتها، لتكون بديلاً عن حالة الفراغ الأمني، إضافة لرغبتها في خلق مرجعية قضائية تساهم في حل الخلافات العشائرية والجنائية والعائلية.

وعليه فقد تمّ تشكيل هيئات ومحاكم شرعية تتبع لها سجون ومراكز احتجاز في مناطق مختلفة، وتشكّلت في البداية عشرات المحاكم القضائية في مختلف قطاعات درعا، وكان أهمها "الهيئة الشرعية في الجيزة والهيئة القضائية الشرعية في المنطقة الشرقية ومقرّها بلدة المسيفرة، وهيئة القطاع الأوسط ومقرها بلدة مزيريب والهيئة القضائية في منطقة الجيدور ومقرها مدينة جاسم"، قبل أن تنصهر تلك المحاكم في ثلاث محاكم قضائية رئيسية وهي "محكمة غرز ومحكمة جلين ومحكمة الكوبرا". والتي تحولت فيما بعد إلى محاكم قضائية تتبع لقطاعات ومناطق محددة، وكل واحدة منها تتبع لفصيل معين وبإيديولوجية معينة، ولكل محكمة منها سجونها الخاصة سواء المعروفة للعلن أو السريّة التي لم يكشف النقاب عنها حتى الآن، لكن سرعان ما سُجّلت في تلك المحاكم العديد من الانتهاكات التي وقعت بحق المدنيين، وهذه المحاكم كما يلي:

  1. "الهيئة الشرعيّة القضائيّة": أو كما عُرفت لاحقاً بمحكمة "الكوبرا" وقد تمّ تشكليها من قبل تنظيم "جبهة النصرة" في بلدة كحيل في ريف درعا في أواخر العام 2013.
  2. محكمة "غرز": تمّ تشكيلها في منطقة غرز وتحديداً في بدايات العام 2014، من قبل عدّة فصائل تابعة للمعارضة السورية المسلّحة مثل (صقور الجنوب والفيلق الأول وفرقة المغاوير الأولى والفرقة 24 مشاة ولواء المهاجرين والأنصار)، وقد جاء تشكيلها عقب سيطرة تنظيم جبهة النصرة على محكمة "الكوبرا".
  3. محكمة "جلين": تمّ تشكيلها من قبل "حركة المثنى الإسلامية"[6] على إثر ظهور بعض الخلافات والتوجّهات في مرجعيّة القضاء في المحكمتين السابقتين، الأمر الذي دفع لانسحاب "حركة المثنّى الإسلاميّة" من المحكمة، حيث شكّلت محكمة خاصّة بها في المنطقة الغربيّة في بلدة "جلّين" في بدايات العام 2014.

وقد خلقت هذه الهيئات العديد من المشاكل والعداوات بين فصائل المعارضة المسلّحة، حيث تسبّب تفرّد كل فصيل بضبط الأمن حسب قوّته ونفوذه، بإثارة المشاكل وضياع حقوق المدنيين. فتلاقت مصالح الجميع بضرورة الالتفاف والتوحد لخلق وإنشاء قضاء موحد يشمل كل محافظة درعا والقنيطرة تخضع له كافة الفصائل ويكون ممثلاً لها جميعها، وعليه تمّ إنشاء محكمة "دار العدل في حوران"[7] في منطقة غرز في درعا، لتكون الجهة القضائية الوحيدة، ولتضم "محكمة غرز ومحكمة الكوبرا التابعة لتنظيم جبهة النصرة"، وأجمعت عليها معظم فصائل المعارضة السورية المسلّحة في حوران وأبرزها الجبهة الجنوبية[8] والتي كانت تعدّ من أقوى التحالفات العسكرية المعارضة في الجنوب السوري، وقد تشكلّت "محكمة دار العدل في حوران" في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، وأصبحت المرجع القضائيّ الأعلى في محافظة درعا. وقد وقع على ميثاقها ما نسبته 97% من الفصائل العسكرية، وقد ضمّت دار العدل ستّين قاضياً من قضاة حوران، وسجناً خاصاً في منطقة غرز، وعملت على تطوير نظام أتمتة حاسوبيّ بها. وقد ساهمت في مواجهة فوضى الأحكام القضائية، وذلك من خلال اعتماد "لقانون العربي الموحد"[9]، إلا أنّ التصرفات الفردية من قبل فصائل المعارضة المسلّحة وفي مقدمتها تنظيم جبهة النصرة حالت دون نجاح هذه التجربة. وفي هذا الخصوص أفاد "أبو سارية" (38 عاماً) وهو أحد الناشطين الإعلاميين من منطقة اللجاة، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

 "كنا نرى في دار العدل بارقة أمل لأن يتمّ توحيد القضاء في درعا، والانتقال من حالة الفوضى الى الأمن بعد تجربة المحاكم الفردية السابقة، فالخلافات البينية ما بين فصائل المعارضة المسلّحة حينها، وصلت لطريق كاد أن يوصلنا الى حرب شاملة تدّمر المنطقة، لذا أجمعنا على إنشاء دار العدل، لكن فشلت تلك التجربة بشكل كبير حين بدأت جبهة النصرة بتشكيل مراكز احتجاز وسجون سريّة لها. وأهم هذه السجون كانت في بلدة صيدا، وفي تل الجابية (غرب مدينة نوى). كما كان هناك مراكز احتجاز كثيرة منتشرة في مقرّاتهم العسكرية في درعا والقنيطرة وقد وردتنا معلومات تؤكد أنّ تلك السجون والمراكز كانت تحتوي على مقابر جماعية."

ومن جانب آخر، أفاد بعض السكان المحليّون في محافظة درعا لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ انتهاكات كبيرة كانت تتم من قبل فصائل تتبع للمعارضة المسّلحة وليس فقط من جانب تنظيم جبهة النصرة أو تنظيم "داعش"، إذ ذكر البعض اسم "فوج المدفعية ولواء الحرمين الشريفين وجيش اليرموك ولواء شباب السنة وألوية أبابيل حوران وألوية الفرقان" وغيرها من الفصائل والكتائب التي ارتكبت انتهاكات واضحة بحق مدنيين في مناطق سيطرتها.

الصراع مع تنظيم "داعش" كان مسوّغاً لجميع الفصائل المعارضة المسلّحة لارتكاب المزيد من الانتهاكات:

 ازدادت حدة الاعتقالات بحقّ المدنيين في محافظة درعا، مع مبايعة "حركة المثنى الاسلامية" لـ "لواء شهداء اليرموك" واعلانهما صراحة مبايعتهما لـ "تنظيم "داعش"، وتشكيلهما مع فصائل أخرى لما عُرف بـ "جيش خالد بن الوليد"[10]، في منطقة حوض اليرموك (غرب درعا) وذلك في شهر حزيران/يونيو 2016، حيث بدأ التنظيم بتطبيق "الحدود الشرعية الإسلامية" على المخالفين لشريعته.

وفي المقابل سعى تنظيم "جبهة النصرة" مع فصائل أخرى في المناطق المحيطة لمنطقة حوض اليرموك بتشكيل "جيش الفتح في المنطقة الجنوبية"[11] وكان هدفه قتال تنظيم "داعش"، ما أعطى مسوّغاً للطرفين لاعتقال المدنيين بتهم (الردّة والتعامل مع الصحوات) من قبل "جيش خالد بن الوليد"/"تنظيم داعش"، أو بتهمة العمالة وتشكيل خلايا نائمة تتبع لتنظيم "داعش" من قبل "جيش الفتح".

ما خلق من جديد حالة من الفلتان الأمني وشيوع حالات الاختطاف والاغتيالات والخلافات الفصائلية البينية وتحوّل معظمها لنزاعات مسلّحة عنيفة راح ضحيتها العديد من القتلى.[12]

مصير مجهول وتوقّعات غير مؤكّدة:

وفي ظلّ هذه الخلافات البينية ما بين فصائل المعارضة المسلّحة، كان "محمد سبتي" (17 عاماً) واحداً ممن تعرضوا للاعتقال على يد تنظيم "داعش" في ريف القنيطرة الجنوبي، بعدما كان قد اضطرّ للنزوح من محافظة درعا، هرباً من الحملة العسكرية التي شنتها القوات الحكومية السورية على درعا، وتحديداً بتاريخ 19 شهر حزيران/يونيو 2018، إذ سرعان ما استغلّ تنظيم "داعش" انشغال فصائل المعارضة المسلّحة بقتال القوات الحكومية السورية، وشنّ هجوماً على ريف القنيطرة الجنوبي بتاريخ 18 تموز/يوليو 2018، بحسب ما روى شقيق "محمد"،  والذي يقيم حالياً مع عائلته في مدينة "نوى"، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"حين دخل تنظيم "داعش" بلدة قصيبة بريف القنيطرة في شهر تموز/يوليو 2018، سارعت عناصره لوضع حواجز عسكرية فيها، وكان أخي "محمد" حينها يريد التوجه إلى بلدة الرفيد في القنيطرة بحثاً عن مكان آمن ننتقل إليه بخيمتنا، فتم ّاعتقاله من قبل عناصر التنظيم بتاريخ 19 تموز/يوليو 2018، بتهمة التدخين، وحين علمنا بذلك توجهنا إلى الحاجز كي نترّجاهم من أجل إطلاق سراحه، فقال لنا أحدهم أنهم قاموا بنقله الى سجن يتبع لهم في منطقة حوض اليرموك غرب درعا. ولم نتمكن من اللحاق به لأنّ الأوضاع العسكرية ساءت مع سيطرة الحكومة السورية على كامل المنطقة وطرد التنظيم منها، وحينها عاودنا البحث عنه في جميع مراكز الاحتجاز السابقة والخاصة بفصائل المعارضة والتي سيطرت عليها القوات الحكومية السورية لاحقاً، قال لنا ضابط مسؤول في الجيش السوري أنّ جميع من كان في سجون تنظيم "داعش" تمّ تحويلهم للتحقيق وسيتم الإفراج عنهم في حال ثبت عدم تورطهم بأعمال إرهابية."

وتابع "عبد الله" بأنّ والده سارع بتكليف محامِ من أجل البحث عن مكان تواجد "محمد"، لكنّ المحامي قام باستغلالهم وأخذ المال دون أن يخبرهم شيئاً عن مكانه وفيما إذا كان حياً أو ميتاً، لافتاً إلى أنّ هنالك روايات كثيرة ومتناقضة قيلت عن شقيقه "محمد"، فقد قال البعض أنه معتقل في الأمن السياسي، بينما قال آخرون أنّ التنظيم قام بإعدامه ميدانياً مع جميع المعتقلين قبيل طردهم من قبل الحكومة السورية، وآخرون قالوا أنّ تنظيم "داعش" أخذ معه كلّ المعتقلين الى ريف السويداء بعد اتفاق[13] التنظيم مع الحكومة السورية، وأنهى "عبد الله" حديثه قائلاً:

 "خسرنا في هذه الحرب الكثير، خسرنا منزلنا في دمشق، وقتلت الحرب عمي وأبناء خالي الأربعة، وندعو الله ألّا نخسر محمد ايضاً."

"منذ ذاك الحين ونحن لا نعلم شيئاً عن "فيصل":

ولم يكن الحال في محافظة درعا أفضل بكثير من محافظة القنيطرة، إذ قامت هيئة تحرير الشام هي الأخرى باعتقال العديد من المدنيين بعدّة تهم ومنها (التعامل مع تنظيم "داعش" والتعامل مع اسرائيل والتعامل مع القوات الحكومية السورية) وقد وجدت هيئة تحرير الشام في هذه التهم الثلاث، حججاً قوية في اعتقال خصومها، فمنهم من تمّت تصفيته جسدياً ومنهم من تعرض لأشدّ أنواع التعذيب ومنهم لازال مفقوداً حتى اليوم.

"فيصل الحلقي" (38 عاماً) من سكان مدينة جاسم في محافظة درعا، متزوج ولدية ستة أولاد، كان قد تمّ اعتقاله من قبل هيئة تحرير الشام في مدينة جاسم وتحديداً في شهر نيسان/أبريل من العام 2017، ولازال مصيره مجهولاً حتى تاريخ إعداد هذا التقرير في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وفي هذا الخصوص روى أحد أقاربه لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"قامت مجموعة ملّثمة بمداهمة منزل "فيصل" في القسم الشمالي من مدينة جاسم، حيث سحبوه من فراشه أمام العامّة، فحاولنا منعهم من أخذه، لكنهم كانوا مسلّحين ومرعبين، وكان من الممكن أن يطلقوا النار علينا، وكان برفقتهم "أبو دجانة" المسؤول الشرعي لهيئة تحرير الشام، فهو الوحيد الذي لم يكن ملّثماً وأبناء مدينة جاسم يعرفونه جيداً، وما أذكره جيداً أنّ والدة "فيصل" رمت نفسها على قدمي "أبو دجانة" تستحلفه متوسّلة ألا يأخذوه، لكن لم يكن هناك رحمة في قلوب هؤلاء الرجال، فقد ردّ عليها قائلاً: "سوف نطرح عليه سؤال وجواب وسيعود لمنزله"، ومن ثمّ تمّ سوقه الى جهة مجهولة."

وأضاف الشاهد بأنهم سارعوا بالذهاب الى المجلس العسكري الأعلى[14] في مدينة جاسم، وإلى بعض فصائل المعارضة المسلّحة وبعض القادة العسكريين، علًهم يتمكنوا من إخراج "فيصل"، وعقب أسبوع تمكّن أحد أبناء مدينة جاسم وبحكم علاقته الجيدة بأحد القادة العسكريين في هيئة تحرير الشام، من معرفة مكان "فيصل" وسبب اعتقاله، حيث قالوا له أنّ أحدهم وشى عليه وقال أنه ينتمي لخلية نائمة وتابعة لتنظيم "داعش" في المدينة، كما أخبروه بأنّ التحقيق يجري معه في سجن يقع وسط منطقة "تل الجابية" غرب درعا. وتابع قائلاً:

"الجميع يعرف "فيصل"، فهو لم ينخرط يوماً بعمل عسكري ولم يحمل بندقية في حياته، ويبدو أنّ أحد الحاقدين عليه وشى به، وعلى إثر ذلك استمرّ احتجازه لدى هيئة تحرير الشام ما يزيد على العام، وحين استعادت القوات الحكومية السورية سيطرتها على درعا ومدينة جاسم في أواخر تموز/يوليو 2018، توجهنا إلى منطقة تل الجابية بحثاً عنه، فكانت قيادة المنطقة تحت سيطرة اللواء "112 ميكا" التابع للجيش السوري، وعرفنا من مسؤولين عن اللواء أنهم لم يجدوا أحداً في سجون التل، لكنهم رجحّوا أن تكون "قوات النمر" التي أشرفت على اقتحام تل الجابية، قد حوّلت الأسرى الى دمشق للتحقيق معهم. ومنذ ذاك الحين ونحن لا نعلم شيئاً عن "فيصل"."

"تمّ استدعائي للتحقيق من قبل فرع "الأمن الوطني" في دمشق عقب اختطافي من قبل أحد فصائل المعارضة المسلّحة":

وفي حادثة أخرى، وقع "زياد عبد المطلب" (27 عاماً) من سكان بلدة داعل في محافظة درعا، ضحية مجموعة مسلّحة تتبع لأحد فصائل المعارضة المسلّحة والتي تدعى "جيش المعتز بالله/أحد فصائل الجبهة الجنوبية"، إذ كان قد تعرّض للاختطاف في شهر شباط/فبراير 2017، حيث روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:

"كنت أعمل في مجال الإغاثة مع إحدى المنظمات الإنسانية، وقد تمّ اختطافي بينما كنت متجهاً لاستلام مرتبي في إحدى بلدات ريف درعا، وكان الخاطفون مرتاحون جداً، ما يعني تمرّسهم في ذلك، حيث أوقفوني في منتصف الطريق، وأنزلوني من السيّارة وقاموا بوضع كيس أسود على رأسي بعد أن شهروا السلاح بوجهي، في حين ركب أحدهم سيارتي. بقيت مقيّداً في غرفة صغيرة مدة يوم كامل دون أن يستجوبني أحد، وكان الرعب والقلق هو كل ما كنت أفكر به، بعدها جاء شاب طويل ملّثم وأخذ يستجوبني، وسألني عن عملي وكم هو راتبي، ثم دخل آخر وأخذ يضربني بلا رحمة وبلا أي سبب، ثم قال لي: "هناك طريقة واحدة فقط قد تجعلنا لا نقتلك" فأجبته بأنني جاهز لأي شيء يطلبوه، بعدها اقترب مني وشبح يداي في حائط الغرفة ثم قام بتمزيق ثيابي، وحين انتهى قال لي: "سنقوم بتصويرك مقطع فيديو ستطلب النجدة فيه من أبيك وإخوتك وعليهم أن يدفعوا 25 مليون ليرة سورية كفدية وإلا سنقوم بقتلك."

وأضاف "عبد المطلب" بأنه بقي مخطوفاً لدى "جيش المعتز بالله" أكثر من خمسة أشهر، تفاوض الخاطفون خلالها مع عائلته، وفي بدايات شهر تموز/يوليو 2017، تمّ وضعه في إحدى السيّارات المغلقة، ثمّ قام أحد العناصر بوضع العصابة على عينيه، وعقب مسير استمرّ قرابة نصف ساعة، تمّ إنزاله من السيّارة، وتابع قائلاً:

"عندما أنزلوني من السيّارة، قلت في سرّي أنها النهاية وسيتم إعدامي لا محالة، لكن أحد الخاطفين طلب مني أن أبقى في مكاني وألا أتحرك، وبعد مضي ساعة جاء والدي وإخوتي ومن ثمّ أخذوني للبيت بعد أن دفعوا فدية بقيمة 20 مليون ليرة سورية للخاطفين. لقد باع أبي قطعة أرض حتى قام بدفع الفدية، وقد تأكدت لاحقاً من أنّ الخاطفين عناصر ينتمون لجيش المعتز بالله، عندما ألقت هيئة تحرير الشام القبض على أحدهم فيما بعد وقام بالاعتراف، لكن ما هو أسوء أنه وعقب إحكام الحكومة السورية سيطرتها على درعا، قام فرع "الامن الوطني" في دمشق باستدعائي للتحقيق في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018، فاعتقدت أنهم استدعوني للتحقيق معي بسبب عملي في مجال الإغاثة والعمل الإنساني، لكني فوجئت بأنهم أخذوا يسألونني عن قضية اختطافي، فكان جلّ اهتمامهم معرفة سبب الخطف، ولاحظت أنهم لم يقتنعوا بفكرة الفدية، فقد سألني المحقق إن كان سبب اختطافي هو ارتباطي مع تنظيم "داعش" أو تنظيم "جبهة النصرة"، فأجبتهم بالنفي، وقاموا بإطلاق سراحي لكنهم أخبروني بضرورة مراجعتهم لاستكمال التحقيق في وقت لاحق."


[1] سيطرت القوات الحكومية السورية على محافظة درعا، بموجب اتفاق تسوية ما بينها وبين فصائل المعارضة السورية المسلّحة في شهر تموز/يوليو 2018، وقد تمّ هذا الاتفاق على مرحلتين وبضمانة الشرطة العسكرية الروسية، حيث شملت المرحلة الأولى الريف الشمالي ومنطقة اللجاة، فيما شملت المرحلة الثانية باقي المحافظة عدا حوض اليرموك (والذي سيطرت عليه القوات النظامية السورية في بداية شهر آب/أغسطس 2018)، وكان من أحد بنوده عدم دخول القوات النّظامية السورية للقرى قبل الشرطة العسكرية الروسية ودون إجراء "تسويات"، إضافة إلى عدم التعرض لأي أحد من السكان، وذلك بحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في درعا.

[2] في شهر تموز/يوليو 2018، أعلنت فصائل المعارضة المسلّحة والمتمثلة بفصائل الجبهة الجنوبية في ريف القنيطرة الجنوبي، الموافقة على إجراء مصالحة أو تسوية مع القوات النظامية السورية، فاستغلّ هذا الأمر تنظيم "داعش" الذي كان مسيطراً على منطقة حوض اليرموك في ريف درعا، وشنّ هجوماً على ريف القنيطرة الجنوبي، وسيطر في شهر آب/أغسطس 2018، على عدة قرى في ريف القنيطرة الجنوبي، مثل قرى (قصيبة، قرقس، الرفيد، غدير البستان، المعلقة وصيدا الجولان).   لكنّ فصائل المعارضة المسلّحة (وأبرزها لواء مغاوير الجولان ولواء السبطين ولواء معاذ بن جبل) سرعان ما شكلت تحالفاً سريعاً مع القوات الحكومية السورية، لقتال تنظيم "داعش"، وبالفعل تمكنت القوات النظامية السورية من السيطرة على هذه القرى وطرد تنظيم "داعش" منها في نهاية شهر آب/أغسطس 2018.

[3] كانت فصائل المعارضة المسلّحة قد سيطرت على محافظة درعا في شهر كانون أول/ديسمبر 2012.

[4] " الأجهزة الأمنية السّورية تستمر بحملات الاعتقال في محافظة درعا خلافاً لاتفاق التسوية"، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2018. آخر زيارة بتاريخ 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، https://www.stj-sy.org/ar/view/889.

[5] وأبرزها صقور الجنوب والفيلق الأول وجبهة الشام الموحدة واللواء الأول وفرقة المغاوير الأولى والفرقة 24 مشاة ولواء المهاجرين والأنصار وفرقة تحرير الشام وفرقة فجر الإسلام ولواء شباب السنة وألوية أبابيل حوران.

[6] تشكلت في العام 2012 واعتبرت أحد أهم القوى العسكرية في الجنوب السوري، وامتد نفوذها في قطاعات واسعة من درعا وبشكل قليل في القنيطرة. ويقدّر عدد مقاتليها ب 700 مقاتل، وقد قامت في حزيران /يونيو من العام 2016 بمبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" "داعش" في منطقة حوض اليرموك.

[7] "محكمة دار العدل في حوران تلاحق عدداً من أبناء محافظة درعا بسبب مشاركتهم في مؤتمر سوتشي "للحوار الوطني". سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 4 أيار/مايو 2018. آخر زيارة بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. https://www.stj-sy.org/ar/view/524.

[8]   وقد ضمّ هذا التحالف عدّة فصائل من المعارضة السورية المسلّحة، أبرزها تحالف صقور الجنوب وتجمع ألوية قاسيون وغرفة أسود الحرب وجيش النصر.

[9] وهو القانون الذي أنتجته "جامعة الدولة العربية" بعد لقاء وزراء العدل من كافة الدول العربية في اجتماع عُقد باليمن عام 1981 وأُطلق عليه خطة صنعاء لتوحيد التشريعات العربية". لمزيد من الاطلاع اضغط الرابط التالي: https://carjj.org/node/1728.

[10] تشكّل هذا الجيش بعد اندماج كلا من حركة المثنى الإسلامية ولواء شهداء اليرموك وتم الإعلان عنه في شهر حزيران/يونيو 2016، ويقدر عدد مقاتليه بحوالي (800) عنصر وكان ينشط في بلدات حوض اليرموك وهي (الشجرة وجملة وعين ذكر والقصير وعدوان وتسيل ونافعة وسحم الجولان وجلين والمزيرعة والشبرق وبيت ارة وكوية ومعرية).

[11] جيش الفتح /المنطقة الجنوبية: أعلنت عن تشكيله "جبهة فتح الشام" بالتشارك مع عدة فصائل وتكتلات إسلامية في المنطقة الجنوبية في كلاً من محافظتي درعا والقنيطرة في ٢٠ تموز/يوليو 2015. ويضم كلاً من حركة أحرار الشام وجبهة النصرة ولواء إحياء الجهاد ولواء مجاهدي نوى ولواء أسود التوحيد -ولواء أنصار الحق ولواء العمرين. وكان الهدف الاساسي من تشكيله هو محاربة تنظيم "الدولة الاسلامية " الذي بدأ يظهر بخلايا نائمة في الجنوب قبل أن يعلن عن نفسه علناً في آذار/مارس 2016. لكنه تحالف هش سرعان ما انفرط عقده.

[12] أصدر مكتب "توثيق الشهداء في درعا" خلال الستة أشهر الأولى من العام 2016 تقريراً وثق فيه 446 حالة قتل بينها 79 عملية اغتيال طالت 16 قيادي في فصائل المعارضة المسلّحة، وتمّ توثيق 312 قتيل نتيجة الاشتباكات البينية المسلحة بين فصائل المعارضة المختلفة.

للاطلاع أكثر اضغط الرابط الآتي: http://daraamartyrs.org.

[13] تمكنت القوات الحكومية السورية بداية آب/أغسطس 2018، من دحر تنظيم "داعش" والسيطرة على منطقة حوض اليرموك وتنفيذ اتفاق غير معلن بين النظام السوري و400 عنصر من "جيش خالد بن الوليد" (داعش) وعائلاتهم في منطقة حوض اليرموك، لنقلهم إلى ريف السويداء الشرقي وريف حمص الشرقي بموجب اتفاق تسوية. مقابل الإفراج عن مختطفين لدى داعش في ريف السويداء (36 مخطوفاً، 20 سيدة و16 طفلاً) وذلك بحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

[14]  تمّ تشكيل المجلس العسكري الأعلى لمدينة جاسم في نيسان/أبريل 2016، بهدف "وحدة الصف وجمع الكلمة"، تجاه تنظيم "داعش" وفق ما جاء في بيان تشكيله، ويضم المجلس كلاً من الفصائل التالية: (جيش الأبابيل ولواء الجيدور التابع لألوية قاسيون ولواء الحسن بن علي التابع لألوية سيف الشام وألوية الجنوب قطاع الجيدور ولواء درع الشام ولواء قاسيون التابع لألوية قاسيون).

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد