الرئيسية تحقيقات مواضيعية موجة جديدة من حوادث العنف تعصف “باتفاق التسوية” الهش في درعا

موجة جديدة من حوادث العنف تعصف “باتفاق التسوية” الهش في درعا

تمّ تسجيل ما لا يقل عن 200 حادثة طالت في أغلبها شخصيات مرتبطة بالحكومة السورية والأجهزة التابعة لها ما بين شهر كانون الأول 2019 حتى نهاية آذار/مايو 2020

بواسطة bassamalahmed
481 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

خلفية:

 ماتزال محافظة درعا جنوب البلاد، تشهد حالة مستمرة من “الفلتان الأمني” أدّت إلى تصاعد وتيرة الاغتيالات وعمليات الخطف والهجوم على مراكز أمنية تابعة للحكومة السورية، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين شهر كانون الأول/ديسمبر 2019، وحتى نهاية شهر آذار/مارس 2020.

طالت هذه الحوادث شخصيات مدنية وعسكرية؛ بعضهم كانوا مرتبطين أو/و تابعين للحكومة السورية؛ من أعضاء وفود مصالحة ورؤساء بلديات ومخاتير وعناصر للأمن السوري والشرطة الروسية، فيما طال بعضها الآخر شخصيات عملت في صفوف المعارضة المسلّحة سابقاً، بينهم قادة وعناصر سابقين في صفوف الفصائل، كما طالت حوادث أخرى بعض النشطاء الإعلاميين السابقين وعمال إغاثة حاليين.

سجّل الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة خلال هذه الفترة وقوع ما لا يقل عن 200 حادثة في المحافظة، خلّفت مقتل ما لا يقلّ عن 131 شخصاً وإصابة العشرات بينهم عسكريين ومدنيين.

لوحظ أنّ أغلب هذه الحوادث سُجّلت في الريف الغربي والشمالي للمحافظة، وخاصةً في مدن وبلدات (المزيريب وطفس وداعل وجاسم والشجرة وإنخل ومساكن جلين وجملة ونوى وتسيل والصنمين وغيرها)، وهي من المناطق التي يُكثر بها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، ممن وقعوا “اتفاق تسوية” مع الحكومة السورية، وسُمح لهم بالاحتفاظ بسلاحهم الخفيف، حيث تعدّ المنطقة الغربية في درعا، واحدة من أكثر المناطق توتراً وانتشار للسلاح، كما تنشط في هذه المنطقة تشكيلات عسكرية معارضة أبرزها ما يُعرف باسم “المقاومة الشعبية في الجنوب”.[1]

وقد سجّلت مدينة الصنمين الحدث الأبرز خلال هذه الفترة فيما بتعلق بالتوتر الأمني في درعا، والذي بلغ ذروته في آذار/مارس 2020، حين شنّت القوات الحكومية السورية عملية أمنية هي الأضخم منذ توقيع “اتفاق التسوية” باقتحام المدينة، وقد كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدّت ورقة حقائق حول الهجوم الذي شنته القوات الحكومية السورية على المدينة في 1 آذار/مارس 2020 واتفاق التسوية “الجديد” الذي جرى التوصل إليه هناك.[2]

من جانب آخر، رصد الباحث الميداني لدى المنظمة، تزايداً طفيفاً في أعمال العنف في المنطقة الشرقية من المحافظة خصوصاً في شهر آذار/مارس 2020، مثل مناطق وبلدات (أم ولد، والكرك الشرقي والمسيفرة وغيرها) وهي مناطق يقلّ فيها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة.

بلغة الأرقام والنسب، فقد تمّ استهداف القوت الحكومية السورية والأجهزة والقوات الموالية لها أوالمرتبطة بها خلال هذه الفترة بنسبة تقترب من 60 % من (إجمالي الاغتيالات المباشرة وغير المباشرة/الحوادث بشكل عام)، في حين تمّ استهداف عناصر سابقين في صفوف المعارضة المسلحة وكذلك ممن أجروا اتفاق تسوية مع الحكومة السورية وانخرطوا في صفوف الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية بنسبة 40 % من إجمالي الأحداث الأمنية.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت هذه الفترة ظهور نمط جديد من الاغتيالات التي طالت نشطاء مدنيين؛ من إعلاميين وأطباء ونشطاء إغاثة مستقلين.

أدت أحداث العنف والاغتيالات إلى تردي الحالة المعيشية بشكل كبير في محافظة درعا، الأمر الذي دفع لانتشار ظاهرة السرقة والخطف والجريمة المنظمّة وتنامي ظاهرة الرشوة في الدوائر الحكومية بشكل علني وكبير جداً.

وسبق لمحافظة درعا أن شهدت تصاعداً ملحوظاً في وتيرة الاغتيالات وحوادث العنف وذلك في أواخر العام 2019، ما خلّف مقتل ما لا يقلّ عن 94 شخصاً وجرح وإصابة أكثر من 91 آخرين، كحصيلة لعمليات الاغتيالات والاعتداءات التي وقعت في مناطق متفرقة في درعا، أغلبها في الريف الغربي للمحافظة، والتي يكثر بها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسّلحة، بحسب تقرير سابق أعدته ونشرته سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.[3]

صورة رقم (1)- خارطة تبين البلدات والمدن التي زادت فيها حوادث الاغتيالات بشكل واضح بين أشهر كانون الأول/ديسمبر 2019 ونهاية آذار/مارس 2020، وخاصة في ريف درعا الغربي والشمالي، حيث يكثر تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة.

1. تسجيل ما لا يقلّ عن 61 عملية اغتيال في محافظة درعا:

وثّق الباحث الميداني لدى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” ما لا يقلّ عن 61 عملية اغتيال في محافظة درعا، من بداية شهر كانون الأول/ديسمبر 2019 وحتى نهاية آذار/مارس 2020، حيث طالت بنسبة 60 %عناصر سابقين في صفوف المعارضة المسلّحة ممن جروا اتفاق “تسوية” مع الحكومة السورية، ونشطاء مدنيين ممن عرفوا بنشاطهم المناهض للحكومة السورية خلال سنوات سيطرة المعارضة على المحافظة (2012 – 2018) أو ممن انخرطوا في المجال الإنساني، في حين بلغت نسبة ممن تمّ اغتيالهم من شخصيات تابعة للحكومة السورية والقوات الرديفة معها 40 % والتي توزعت بمجملها ما بين مدنيين وعسكريين، وقد تمّ اغتيال هؤلاء بإطلاق النار بشكل مباشر أو بزرع عبوات ناسفة.

أ – اغتيال عناصر تسويات وقادة سابقين في المعارضة المسلحة:

بلغ عدد من تمّ استهدافهم من الأشخاص الذين انخرطوا في صفوف المعارضة المسلحة سابقاً وأجروا اتفاق تسوية مع القوات الحكومية السورية (38) قتيلاً، حيث كان من أبرز عمليات الاغتيالات تلك:

  • بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2019، تمّ اغتيال “ماهر ابراهيم يوسف التمر”، أحد عناصر جهاز أمن الدولة في مدينة جاسم، والتي تعدّ واحدة من المناطق التي يكثر بها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، حيث جرى ذلك أثناء قيام مجهولين بإطلاق النار عليه بشكل مباشر، ما أدى لمقتله على الفور، ويذكر أنّ “التمر” عمل في صفوف المعارضة المسلحة سابقاً وأجرى اتفاق تسوية مع الحكومة السورية فيما بعد.
  • بتاريخ 1 شباط/فبراير 2020، اغتيل القائد السابق في “فرقة الحق” التابعة للمعارضة المسلّحة، المدعو “غريب المصري” (فلسطيني الجنسية) ممن أجرا اتفاق تسوية قبل مقتله، وكان قد شغل مناصب قيادية في الفيلق الخامس الروسي[4] فيما بعد، وجاءت عملية الاغتيال بقيام مسلّحين بإطلاق النار عليه بشكل مباشر في بلدة الشجرة في منطقة حوض اليرموك حيث يكثر تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة.
  • بتاريخ 19 شباط/فبراير 2020، اغتال مسلّحون المحامي “يوسف الدواس” من بلدة معربة، بإطلاق النار عليه بشكل مباشر في بلدة المسيفرة حيث تنشط في البلدة تجمّعات لحزب الله اللبناني وللقوات الإيرانية، ويقلّ تواجد عناصر من المعارضة المسلّحة، ويعدّ “الدواس” أحد الأشخاص الذين أجروا اتفاق تسوية مع الحكومة السورية، بعد أن عمل سابقاً في محكمة “دار العدل في حوران”، وفي صفوف بعض فصائل المعارضة المسلحة.
  • بتاريخ 25 شباط/فبراير 2020، أقدم مجهولون على إطلاق النار بشكل مباشر على كلٍ من “سمير عارف خلف المصري” و ” قاسم محمد عبد الكريم الصبيحي” وذلك في بلدة المزيريب، والتي يكثر بها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلحة، وكلاهما ممن أجروا اتفاق تسوية وانخرطا في صفوف الفرقة الرابعة، ولم يُذكر أنهما عملا في صفوف الفصائل المسلحة سابقاً.
ب – اغتيال شخصيات تابعة للحكومة السورية والقوات الموالية لها:

طالت الاغتيالات شخصيات تابعة للحكومة السورية والقوات المرتبطة بها، مثل رؤساء بلديات ومخاتير ورجال مصالحات ومخبرين وعناصر في الأمن، وضباط ومجندين في الجيش السوري وعاملين في القوات الموالية للحكومة السورية كعناصر لحزب الله وإيران والشرطة الروسية، حيث كان من أبرز تلك الاغتيالات:

  • بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2019، اغتال مجهولون المهندس “حسان العبد الله” رئيس بلدية الشجرة في منطقة حوض اليرموك غرب درعا، حيث أقدم مجهولون يستقلّون دراجة نارية بإطلاق النار عليه بشكل مباشر ما أدى لمقتله على الفور، ويعدّ “العبد الله” من الأشخاص الذين تعرضوا لعدّة محاولات اغتيال خلال العام الفائت من قبل مسلّحين مجهولين، وقد تزامنت هذه الحادثة مع حادثة أخرى، حيث وثق الباحث الميداني مقتل أحد العاملين مع قوات حزب الله اللبناني “زهير محمد عبد الرحيم الزامل” في مدينة الحراك، وذلك بعد إطلاق النار عليه من قبل مجهولين بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2019، فيما أصيب معه ضابط ارتباط “بين الأمن العسكري ومليشيا حزب الله اللبناني وهو الملازم “علي محمد عسكر”.
  • بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر 2019، اغتيل “أحمد النخلاوي” إثر قيام مجهولين بإطلاق النار عليه بشكل مباشر في مدينة طفس غرب درعا، وكان “النخلاوي” يعمل كشرطي، ويعرف بموالاته لحزب الله اللبناني في المحافظة.
  • بتاريخ 22 كانون الأول/ديسمبر 2019، أقدم مجهولون يستقلّون دراجة نارية في مدينة نوى غرب درعا، على اغتيال جنديين من الشرطة الروسية أثناء تواجدهما على أحد الحواجز العسكرية في المدينة، وقد تزامنت هذه الحادثة مع حادثة أخرى في اليوم ذاته، حيث تمّ اغتيال “شرف محي الدين جدعان” وهو ضابط برتبة عميد في الجيش السوري، إذ تمّ استهدافه بشكل مباشر في بلدة بصر الحرير، وذلك بعد تعرّض سيارته لإطلاق نار أثناء توجهه إلى قطعته العسكرية من قبل مجهولين، ما أدى لمقتله وأحد مرافقيه وهو المجند “محمد وليد تفكنجي” وجرح آخرين.
ت. تصاعد موجة جديدة من الاغتيالات بحقّ نشطاء مدنيين:
  • شهدت محافظة درعا خلال هذه الفترة نمط جديد من الاغتيالات التي طالت نشطاء مدنيين، من إعلاميين وأطباء ونشطاء إغاثة وغيرها، منهم ممن نشطوا في مجال المعارضة ومناهضة الحكومة السورية في السنوات التي سبقت اتفاق التسوية، وقد كان من أبرز تلك الاغتيالات:
  • بتاريخ 19 كانون الثاني/يناير 2020، اغتال مجهولون الطبيب “مأمون قاسم الحريري” بزرع عبوة ناسفة له أمام عيادته في بلدة بصر الحرير شرق درعا، حيث يقلّ تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، ويُذكر أنّ “الحريري” كان مسعفاً لجرحى المعارضة في السنوات التي سبقت اتفاق التسوية، هو وشقيقه الطبيب “حسن الحريري” والذي قُتل قبل سنوات أيضاً على أيدي مجهولين.
  • بتاريخ 2 شباط/فبراير 2020، تمّ اغتيال الطبيب “محمد البردان”، وهو من سكان مدينة طفس غرب درعا، حين أقدم مجهولون على إطلاق الرصاص عليه بشكل مباشر في مدينة طفس والتي يكثر فيها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، ما أدى لمقتله على الفور، وكان “البردان” قد سابقاً كمدير لمشفى طفس الميداني أثناء سيطرة المعارضة المسلّحة على المدينة، وأجرى اتفاق تسوية فيما بعد واستمر في مزاولة مهنة الطب كطبيب نسائية قبيل اغتياله.
  • بتاريخ 19 شباط/فبراير 2020، تعرّض فريق من متطوعي منظمة “أوكسفام” الدولية لهجوم مسلّح على الطريق الواصل بين بلدتي اليادودة والمزيريب (غرب درعا) حيث يكثر تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، وقد أدت تلك العملية لمقتل “وسام خليل هزيم وعادل عبد الرحمن الحلبي” وإصابة ثالث بجراح خطيرة. حيث تمّ الهجوم المسلح على فريق المنظمة الدولية بواسطة البنادق الآلية أثناء عودتهم من أداء عملهم في تقييم واقع المدارس بمدينة نوى وتسيل.
  • بتاريخ 4 آذار/مارس 2020، تمّ اغتيال الناشط الاعلامي “عبد الرحمن عقلة القطيفان” في مدينة درعا البلد حيث يكثر تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، وقد أطلق مجهولان النار عليه ولاذا بالفرار، ما أدى لمقتله ومقتل من كان برفقته المدعو “فيصل كمال القطيقان”، ويذكر أنّ القطيفان كان يُعرف بمناهضته للحكومة السورية.

2. تسجيل ما لا يقلّ عن 30 محاولات اغتيال فاشلة:

وثق الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، ما لا يقلّ عن 30 محاولة اغتيال باءت بالفشل خلال هذه الفترة، وقد طالت بشكل ٍمتساوٍ تقريباً شخصيات معروفة في درعا، بعضها موالٍ للحكومة السورية والقوات الموالية لها، وبعضها الآخر معارض ممن أجروا أتفاق تسوية وانخرطوا في صفوف الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية مثل (الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية وأمن الدولة والفيلق الخامس وغيرها). لم يُسجّل خلالها حالات قتل، إنما خلّفت العديد من الإصابات بعضها خطيرة، فضلاً عن أضرار في المباني والممتلكات العامة والخاصة. ومن أبرز تلك العمليات:

– محاولة اغتيال النقيب “عبد الحكيم العبد” القيادي السابق في فصيل “شباب السنة” التابع للمعارضة المسّلحة، وذلك بتاريخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2019، حيث أصيب بجروح بفعل إطلاق مجهولين النار عليه بشكل مباشر في مدينة إنخل، ويعدّ “العبد” أحد الذين أجروا اتفاق تسوية في مدينة إنخل، وانخرط في صفوف الفيلق الخامس الروسي في المدينة.

– بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2019 جرت محاولة اغتيال رئيس بلدية الصنمين “عبد السلام الهميد” وذلك من خلال إطلاق النار عليه من قبل مجهولين في منزله الكائن في المدينة، ولم يتم تسجيل أي إصابات. ويُذكر أنّه تم استهداف رئيس البلدية سابقاً في 9 من آذار/مارس 2019 عبر استهداف منزله وسيارته بقنبلة يدوية، ما أدى إلى إصابته بجروح عادية مع أحد أفراد أسرته.

– بتاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2020، جرت محاولة اغتيال “مصطفى المسالمة” المعروف بـ “الكسم” القيادي السابق في المعارضة المسلّحة، وذلك بزرع عبوة ناسفة له قرب دوار “المصري” في درعا البلد. كما سُجّلت محاولة اغتيال “همام العيد” قائد “ألوية قاسيون” التابعة للمعارضة المسلّحة، بتاريخ 19 كانون الثاني/يناير 2020 في مدينة جاسم والتي يكثر بها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، ويعمل الآن ضمن صفوف المخابرات الجوية، حيث أصيب في تلك العملية بجروح مع شخص آخر.

– بتاريخ 21 كانون الثاني/يناير 2020، تعرّض “ماهر الدندون” وهو السائق الخاص لعضو مجلس الشعب السوري “فاروق الحمادي”، إلى محاولة اغتيال على طريق مدينة جاسم – نمر غرب درعا، وذلك حين أطلق مجهولون النار على السائق ولاذوا بالفرار.

– كما تعرّض “وليد الرفاعي” وهو عنصر سابق في المعارضة المسلّحة، في بلدة أم ولد لمحاولتي اغتيال، الأولى بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير 2020، حيث استهدفه مجهولون بإطلاق الرصاص على منزله، والثانية بتاريخ 26 شباط فبراير 2020، حيث قام مجهولون باستهدافه بالرصاص في منزله في بلدة أم ولد بريف درعا الشرقي، حيث كان يتواجد برفقة عائلته في المنزل. وقد تعرّض خلالهما لإصابات بليغة جرّاء محاولة اغتياله، وتعدّ بلدة “أم ولد” في ريف درعا الشرقي من المناطق التي يزداد فيها نفوذ الميليشيات الايرانية وحزب الله اللبناني، ويقلّ فيها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة.

– بتاريخ 11شباط/فبراير 2020، حاول مجهولون في مدينة الصنمين حيث يكثر تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، اغتيال “محمد العتمة” العامل في صفوف المخابرات العامة بعد إلقاء قنابل متفجرة على منزله في المدينة، ويذكر أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض لها “العتمة” لمحاولة اغتيال.

– بتاريخ 13 آذار/مارس 2020، أطلق مسلحون يستقلّون دراجة نارية النار على “فادي العاسمي” في مدينة داعل حيث يقلّ تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسّلحة، لكنه لم يصب بأذى، ويعدّ “العاسمي” قيادياً سابقاً في “جيش الثورة” التابع للمعارضة المسلّحة وهو ممن أجرى اتفاق تسوية وتمّ اعتقاله وأطلق سراحه قبل عدّة أشهر.

3. عمليات اشتباك مباشرة:

تمّ خلال الأربعة أشهر الفائتة أيضاً، رصد وتوثيق ما لا يقلّ عن 53 نقطة اشتباك مباشرة ما بين مسلّحين مجهولين أو مجموعات مسلّحة يرّجح أنها تتبع للمعارضة المسلحة التي لازالت تحتفظ بسلاحها الخفيف وفق اتفاق التسوية، وما بين مجموعات تتبع للأمن والقوات الحكومية، حيث تمّ خلال تلك الاشتباكات استهداف عدّة حواجز عسكرية في مناطق مختلفة في المحافظة. وفي ذلك سجّلت مدينة “الصنمين” (والتي يكثر فيها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة) أكثر نقاط اشتباك وفق ما يرى الباحث الميداني بمعدل (20) نقطة اشتباك، تمّ خلالها قيام مجموعات مسلّحة في المدينة خلال تلك الفترة باستهداف حاجز قرية “قيطة”، وحاجز “السوق”، ومديرية المنطقة وحاجز “الجمعية” وحاجز مشفى الصنمين عشرات المرات، وقد استخدمت خلال تلك العمليات الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وكذلك قذائف الـ RBG وقذائف الهاون والعبوات الناسفة. ووفق شهادات بعض السكان في المدينة فإنّ أغلب تلك الاشتباكات هي ما بين المجموعات المسلّحة التي وقعت اتفاق تسوية في المدينة والتي يتزعمها المدعو “وليد الزهرة” ولازالت تحتفظ بسلاحها الخفيف ضدّ مجموعات الأمن العسكري في المدينة بقيادة المدعو “ثائر العباس”.

وأمام هذا العنف ناشد أهالي مدينة الصنمين وجهاء حوران، من كافّة المدن والبلدات للتدّخل ووقف نزيف الدماء في المدينة، كان آخرها مطالبة الوجهاء بتاريخ 27 شباط/فبراير 2020 بضرورة وضع حد للاقتتال الذي وقع ضحيته عدد من مدنيي المدينة، والتي كان آخرها الطفلة “بلقيس مهند الشتار”. حيث أدت تلك الاشتباكات المتكررة في الصنمين إلى مقتل وإصابة عدد من المدنيين.

أمام الوضع الذي بات يسوء يوماً إثر يوم في الصنمين، أطلقت القوات العسكرية الحكومية في الأول من آذار/مارس 2020 عملية أمنية موسعة في مدينة الصنمين ضدّ عناصر سابقين في المعارضة المسلّحة في المدينة، حيث استخدمت خلالها القصف المدفعي والصاروخي، ما أودى بحياة مدنيين.

في هذه الأثناء شهدت أجزاء كبيرة من المحافظة توتراً أمنياً هو الأكبر منذ توقيع اتفاق التسوية عام 2018، حيث أقدمت مجموعات مسلّحة على إغلاق العديد من الطرق في المحافظة منها الطرق المؤدية إلى مركز مدينة درعا، وطرق ومداخل رئيسية مثل طريق (درعا واليادودة، المساكن والشيخ سعد، تسيل وطفس)، كما خرجت عدّة بلدات بعدة وقفات احتجاجية ضد اقتحام المدينة، من بين تلك البلدات “بصرى الشام وطفس والمزيريب ودرعا البلد والجيزة”، كان أكبرها في ساحة المسجد “العمري” في درعا البلد.

كما شهدت مدن الحراك ومدينة درعا والكرك الشرقي والمسيفرة وصيدا وناحتة وتسيل وكويّا وسحم الجولان والغارية الشرقية (وهي مناطق يكثر فيها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، ويتداخل في بعضها تواجد للقوات الرديفة[5] التابعة للجيش السوري) عدّة عمليات ضرب حواجز تتبع للقوات الحكومية السورية قام بها مجهولون، وأبرز هذه العمليات:

– سُجّل بتاريخ 7 كانون الأول/ديسمبر 2019، قيام مجهولين بالهجوم على حاجز عسكري مشترك بين جهاز الأمن العسكري والفيلق الروسي الخامس في بلدة خربا شرق درعا حيث يقلّ تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، أدت تلك العملية لمقتل أحد عناصر الحاجز وإصابة أثنين آخرين. وبالتزامن مع ذلك، قام مجهولون باستهداف حاجز آخر يتبع للمخابرات الجوية على الطريق الواصل بين المسيفرة والجيزة دون وقوع إصابات.

هذا وقد رصد الباحث الميداني تسجيل حادثتين جديدتين في المحافظة، تمثّلتا بقيام مجموعات مسلّحة باحتجاز واختطاف عناصر يتبعون للجيش السوري وتجريدهم من سلاحهم والتهديد بقتلهم في حال عدم قيام الجهات الأمنية بتحقيق مطالبهم، وقد جرى ذلك في بلدة ناحتة والتي يكثر فيها تواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، بتاريخ 11 كانون الثاني/يناير 2020، حين أقدم  أبناء من مدينة ناحتة على احتجاز عناصر أحد الحواجز العسكرية على أطراف المدينة رداً على قيام الحاجز باعتقال رجل مسن وامرأة، وفي نفس السياق قام أبناء من مدينة الكرك الشرقي باحتجاز عناصر حاجزين في المدينة تضامناً مع أبناء ناحتة، فتدخلت الشرطة الروسية للوساطة وساهمت بإطلاق سراح المحتجزين لدى الأفرع الأمنية.

– كما تمّ اختطاف كلاً من “مصطفى فضل القطيفان” و “أحمد فضل القطيفان” وهما عنصران سابقان في المعارضة المسلّحة، في 18 كانون الثاني/يناير 2020، وذلك من قبل رتل عسكري مسلّح مكوّن من ست سيارات، قدم من بلدة نصيب، قبيل أن يتم إطلاق سراحهما لاحقاً، فوجه أهالي البلدة وذوي المختطفين الاتهام لـ “مصطفى المسالمة” المعروف بـ “الكسم” وهو قيادي سابق في المعارضة المسلّحة، والذي بدوره وجّه للشابين تهمة اغتيال أخيه “وسام المسالمة” المعروف باسم “العجلوقة” مع مرافقين له، وذلك بعبوة ناسفة بتاريخ 24 كانون أول/ديسمبر 2019، حيث يُذكر أنّ الأخوين “المسالمة” هما قائدان سابقان في فصائل المعارضة المسلحة، وقد أجريا اتفاق تسوية وعملا لاحقاً في جهاز الأمن العسكري في المنطقة.

– هذا وقد أدى قيام أحد الحواجز العسكرية التابعة للحكومة السورية في درعا البلد باحتجاز امرأة من البلدة بتاريخ 4 آذار/مارس 2020، إلى خلق حالة من التوتر الأمني، دفعت مجموعات مسلّحة معارضة لقطع الطرق وخروج احتجاجات في ساحة المسجد “العمري”، قبل أن يتمكن الأهالي من إطلاق سراحها بعد التفاوض الذي جرى بين وجهاء درعا و”اللجنة المركزية في درعا” (وهي لجنة تم إنشاؤها في درعا منذ توقيع اتفاق التسوية كطرف للتفاوض بين الحكومة السورية وفصائل التسوية).

4. تسجيل ما لا يقلّ عن 15 عملية خطف في درعا:

أدت أحداث العنف والاغتيالات إلى تردي الحالة المعيشية بشكل كبير في محافظة درعا، الأمر الذي دفع لانتشار ظاهرة السرقة والخطف والجريمة المنظمّة، وفي العموم تعدّ ظاهرة الاختطاف في درعا من الظواهر التي تزداد بشكل كبير، حيث تمّ تسجيل 15 عمليات اختطاف طالت بعضها عناصر سابقين في المعارضة المسلّحة فيما طال بعضها الآخر مدنيين، خلال الأربعة أشهر الفائتة، وأبرز تلك العمليات:

– في 24 كانون الأول/ديسمبر 2019، أقدم مجهولون على اختطاف الملازم أول “علي بدران” والملازم أول ” علي إحسان” وهما ضابطان من مرتبات الفرقة الرابعة في بلدة اليادودة، وقد تم إطلاق سراح المختطفين بعد تمكن وجهاء بلدة اليادودة من التواصل مع الخاطفين.

– بتاريخ 16 كانون الثاني/يناير 2020، قام مجهولون باختطاف “محمد عبد الرحيم عياش” من أبناء بلدة كحيل و”ليث الحريري” من بلدة صيدا، حيث تمّ اختطافهما في بلدة المزيريب، ويعدّ المختطفان ممن عملا سابقاً في صفوف المعارضة المسلحة وأجريا اتفاق تسوية، وقد تمّ إطلاق سراحهما لاحقاً.

 -كما اختطف مجهولون الطالب في المعهد البيطري “ثائر منير النعسان” من بلدة تسيل، وذلك أثناء تواجده في درعا المحطة، بتاريخ 19 كانون الثاني/يناير 2020، ولم ترد عنه أي معلومات أخرى حتى اللحظة.

– في 10 آذار/مارس 2020، قام مجهولون باختطاف الطفلة “سلام حسين الخلف” (10 سنوات) من مدينة طفس، أثناء عودتها من المدرسة، حيث لم يُعرف مكانها حتى لحظة إعداد هذا التقرير في 16 نيسان/أبريل 2020، كما اختطف مجهولون الطفل مازن صايل المحاميد (14 عام) بعد عودته من المدرسة في حي الكاشف في درعا المدينة، في 21 آذار/مارس 2020، حيث لم تُعرف عنه أي معلومات أخرى حتى اللحظة، وبتاريخ 13 آذار/مارس 2020، تمّ اختطاف 3 فتيات في مدينة جاسم من قبل مجهولين، وقد تمّ إطلاق سراحهنّ بعد دفع فدية مالية تقدّر بحوالي 70 مليون ليرة سورية.

5. زرع عبوات ناسفة:

 سجّل الباحث الميداني 13 عملية انفجار لعبوات ناسفة من قبل مجهولين في درعا، ومن بين أبرز تلك الانفجارات حين تمّ استهداف سيارة عسكرية من مرتبات اللواء 52 بين بلدة نامر والصورة بعبوة ناسفة، حيث يتواجد عناصر سابقين من المعارضة المسلّحة، وذلك بتاريخ 14 كانون الأول/ديسمبر 2019، حيث كانت تقلّ ضباط وعناصر، ما أدى إلى سقوط جرحى. كما تم تسجيل ثلاثة حوادث في مدينة طفس،[6] بأوقات مختلفة، حيث تمّ استهداف صيدلية في مدينة طفس بعبوة ناسفة بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2019، وسُجّل انفجار آخر بعبوة في المدينة بتاريخ 30 كانون الثاني/يناير 2020، وكذلك وقع انفجار ثالث في محل تجاري يشتبه ببيعه للمخدرات في مدينة طفس بتاريخ 12 كانون ثاني يناير 2020.


[1] بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أعلنت مجموعة مسلحة في درعا عن تشكيل حركة عسكرية أطلقت على نفسها اسم “المقاومة الشعبية”، ترفع علم المعارضة السورية في بياناتها/العلم الأخضر، وقد تبنت “المقاومة الشعبية” القيام بعدد من العمليات ضد مواقع الحكومة السورية والجيش النظامي السوري.
[2] “درعا: مخاوف من تكرار “سيناريو الصنمين” في مناطق أخرى رغم “اتفاق التسوية” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 17 نيسان/أبريل 2020. آخر زيارة بتاريخ 17 نيسان/أبريل 2020. https://stj-sy.org/ar/درعا-مخاوف-من-تكرار-سيناريو-الصنمين-ف/.
[3] ” درعا: زيادة حادة في مستويات العنف والاغتيالات منذ “اتفاق التسوية” سوريون من اجل الحقيقة والعدالة في 3 كانون الثاني/يناير 2020. آخر زيارة بتاريخ 15 نيسان/أبريل 2020. https://stj-sy.org/ar/درعا-زيادة-حادة-في-مستويات-العنف-والاغ/
[4] تم تشكيله في نهاية عام 2016 ويعتبر القوة الضاربة للجيش الروسي في سوريا، وبعد دخول التسوية في الجنوب السوري حيز التنفيذ في تموز/يوليو 2018، انضمت إليه معظم قوات المعارضة السورية المسلحة تحت قيادة (أحمد العودة) القيادي السابق في “قوات شباب السنة” المعارضة.
[5] تمّ إطلاق تسمية “القوات الرديفة” على عناصر من فصائل المعارضة أجروا “مصالحة” مع القوات النظامية السورية بموجب الاتفاق بين الطرفين لإنهاء النزاع في محافظة درعا، وتضم مئات العناصر من “لواء أحرار طفس ولواء المعتز بالله وجيش الأبابيل وألوية قاسيون وجيش الثورة وغرفة عمليات “واعتصموا” والمجلس العسكري في الحارة والمجلس العسكري في تسيل وغرفة سيوف الحق ولواء أحرار قيطة وغرفة عمليات النصر المبين وفصائل أخرى من المنطقة الشرقية”.
[6] رجحّت مصادر محلية بأنّ هذه الحوادث الثلاث وقعت نتيجة لخلافات شخصية، وأسفرت إحداها عن سقوط جرحى مدنيين وتسببّت جميعها في أضرار مادية بالممتلكات.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد