ملّخص تنفيذي:
جددّت القوات النظامية السورية وحلفاؤها الروسية، هجماتها العنيفة مرة أخرى على أسواق شعبية مكتظّة بالسكان، في مدن وبلدات محافظة إدلب، وخاصةً تلك الواقعة بالقرب من الطريق الدولي الواصل ما بين دمشق وحلب M5، (والذي تمّ السيطرة عليه بشكل فعلي[1] في 11 شباط/فبراير 2020)، أو الطريق الواصل ما بين حلب واللاذقية M4، وذلك خلال شهر كانون الثاني/يناير 2020، حيث رصدت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، ما لا يقلّ عن 5 هجمات عنيفة طالت أسواق شعبية، في مدن وبلدات “بنش وأريحا وإدلب المدينة، وكفرلاته ومعرة النعمان”، ما أودى بحياة العشرات من المدنيين بينهم نساءُ وأطفال.
كان من أبرز الهجمات الخمسة التي وقعت على أسواق شعبية مكتظة بالسكان، في شهر كانون الثاني/يناير 2020، هجومين عنيفين، أحدهما وقع في 11 كانون الثاني/يناير 2020، وطال السوق الرئيسي والشعبي في مدينة بنش بريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى مقتل ثمانية مدنيين، بينهم ستة أطفال وامرأة.
أمّا الهجوم الثاني فقد وقع في 15 كانون الثاني/يناير 2020، حيث طال سوق “الهال” الشعبي في مدينة إدلب، وحي “الصناعة” الوقع بالقرب منه، ما أدى إلى مقتل 22 مدنياً من ضمنهم نساءُ وأطفال.
لوحظ أنّ هذه الهجمات جاءت عقب أيام فقط، من إعلان وزارة الدفاع الروسية[2] وتحديداً في 9 كانون الثاني/يناير 2020، عن وقف لإطلاق النار في شمال غرب سوريا، بموجب اتفاق تمّ التوصل إليه مع تركيا، على أن يدخل حيز التنفيذ في اليوم ذاته، حيث تشير الباحثة الميدانية لدى المنظمة، بأنّ العديد من الأهالي وبعيد سماعهم بهذا النبأ، تخلوا عن حذرهم وخرجوا إلى الأسواق لشراء حاجياتهم، لكنّ الهجمات الجوية كانت بانتظارهم.
وقالت الباحثة الميدانية لدى المنظمة بأنّ تلك الهجمات كانت قد أدت في معظمهما إلى نزوح عشرات الآلاف من الأهالي إلى المناطق الحدودية الشمالية، ما قد يشير مرة أخرى، إلى أنّ القوات النظامية لربما كانت تسعى إلى إفراغ هذه المناطق من سكانها ودفعهم للنزوح من أجل تمهيد السيطرة على تلك المناطق، وخاصةً تلك الواقعة بالقرب من الطريق الدولي الواصل ما بين دمشق وحلب M5، أو بالقرب من الطريق الدولي الواصل بين حلب واللاذقية M4، وخاصةّ مع عدم وجود نشاطات عسكرية قتالية على مقربة من أماكن تلك الهجمات.
وتأتي سلسلة الهجمات هذه، بعد أنّ كانت القوات النظامية السورية وحلفائها، قد عمدت خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2020، إلى تركيز الهجمات على أسواق شعبية مكتظّة بالسكان في مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي الواقعة بالقرب من الطريق الدولي الواصل ما بين دمشق وحلب M5، حيث كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قد وثقت[3] 4 هجمات وقعت خلال يومين فقط من الشهر السابق ذكره، على أسواق مماثلة، وتسببّت بمقتل العديد من المدنيين، ما قد يشير بطريقة او أخرى إلى أنّ هذه الهجمات ليست عرضية.
بالإضافة إلى ذلك، رصدت المنظمة وقوع هجومين متفرقين في الشهر ذاته، أحدهما وقع في 5 كانون الثاني/يناير 2020/ حيث طال روضتين للأطفال وهما (مسلم الصغير وبراعم الإسلام) ومدرسة “خالد بشير حلبية” في مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي، ما تسبّب في مقتل 13 مدنياً بينهم أربعة أطفال وامرأة، في حين وقع الهجوم الآخر في 11 كانون الثاني/يناير 2020، وطال منزلاً لإحدى العائلات النازحة في بلدة النيرب بريف إدلب الجنوبي أيضاً، ما أسفر عن مقتل ستة مدنيين بينهم طفلان، وتسبّب في جرح آخرين.
وقعت هذه الهجمات بالتزامن مع معارك عنيفة دارت ما بين القوات النظامية السورية وتنظيمات معارضة مسلّحة[4] (منها مجموعات معارضة مسلّحة ومنها ما هو مصنّف على لوائح الإرهاب العالمي)، في محافظة إدلب، حيث تمكنت القوات النظامية السورية وحلفائها منذ مطلع شهر كانون الثاني/يناير 2020 وحتى يوم 21 شباط/فبراير 2020، من السيطرة تباعاً على كل من مدن وبلدات (مدينة معرة النعمان ومدينة سراقب وبلدة حيش والنيرب وآفس وبلدة جرجناز وخان السبل ومعرشورين وتلمنس وبلدة كفروما) إضافة إلى العشرات من القرى الصغيرة الواقعة شرقي الطريق الدولي الواصل ما بين دمشق وحلب M5، وقد حدث ذلك بالتوازي مع معارك أخرى دارت ما بين الطرفين في ريف حلب الجنوبي والغربي، حيث تمكنت القوات النظامية السورية من السيطرة على كامل مدينة حلب وريف حلب الجنوبي وأجزاء واسعة من ريف حلب الغربي في 16 شباط/فبراير 2020، بعد أن شرعت بتصعيد عسكري عنيف على تلك المناطق، ما أدى إلى سقوط العديد من المدنيين ما بين قتلى وجرحى.[5]
وكانت الأمم المتحدة قد دعت في 6 شباط/فبراير 2020، خلال الجلسة الطارئة التي عقدت أمام مجلس الأمن، بدعوة من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا بهدف مناقشة تدهور الأوضاع في سوريا، إلى وقف القتال في إدلب وتجنيب المدنيين المزيد من المعاناة، بدوره ناشد “غير بيدرسون”، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى البلاد، المجتمعَ الدولي بذل جهود دولية “جادة” للتعاون حول إدلب، حيث قدّم “غير بيدرسون”، و”مارك لوكوك”، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، إحاطتهما أمام مجلس الأمن، وحذرّا من تدهور الأوضاع الإنسانية “المزرية” أصلا في إدلب، شمال غرب سوريا.[6]
من جانبها كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قد أصدرت بتاريخ 14 شباط/فبراير 2020، إحاطة لأبرز الأحداث التي رافقت التصعيد الذي بدأت به القوات الروسية والسورية مع بداية العام 2020.[7]
صورة رقم (1) -خارطة تظهر توزع قوى السيطرة العسكرية في محافظة إدلب حتى تاريخ 21 شباط/فبراير 2020.
المنهجية:
اعتمد التقرير في منهجيته على أكثر من (15) شهادة ومقابلة بالمجمل تمّ إجراؤها بشكل مباشر وعبر الانترنت مع شهود عيان من قبل الباحثة الميدانية لدى المنظمة في محافظة إدلب، وذلك خلال شهر كانون الثاني/يناير 2020، إضافة إلى ذلك تمّ الرجوع إلى العديد من المصادر المفتوحة والتي قامت بعملية توثيق لتلك الأحداث.
-
تجدّد الهجمات على أسواق شعبية مكتظّة بالسكان في محافظة إدلب:
رصدت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، ما لا يقلّ عن 5 هجمات جديدة، طالت أسواق شعبية مكتظّة بالسكان، ومنازل سكنية محيطة بها، وخاصةً في مدن وبلدات محافظة إدلب (بنش وأريحا وإدلب المدينة، وكفرلاته ومعرة النعمان) الواقعة بالقرب من الطريق الدولي الواصل ما بين دمشق وحلب M5والطريق الواصل بين حلب اللاذقية M4، خلال شهر كانون الثاني/يناير 2020 وحده.
وكان من ضمن هذه الهجمات، الهجوم الذي طال السوق الرئيسي والشعبي في مدينة بنش بريف إدلب الجنوبي، في 11 كانون الثاني/يناير 2020، بالإضافة إلى الهجوم الذي وقع على سوق “الهال” الشعبي في مدينة إدلب، في 15 كانون الثاني/يناير 2020، (تلك المدينة التي تضمّ حوالي مليون نسمة من بينهم نازحين من كافّة المحافظات السورية)، وقد أسفر هذا الهجومان عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، كما تسببا في نزوح العديد من الأهالي باتجاه المناطق الحدودية الشمالية.
تشير الباحثة الميدانية لدى المنظمة، إلى أنّ معاودة القوات النظامية السورية قصف أسواق شعبية في محافظة إدلب، خلال شهر كانون الثاني/يناير 2020، لربما كان الهدف منه مرة أخرى، التضييق الاقتصادي على أهالي محافظة إدلب، فيما يشبه فرض عقوبات اقتصادية على السكان، وثانياً محاولة تفريغ المناطق من سكانها ودفعهم للنزوح من أجل تمهيد السيطرة على تلك المناطق، وخاصةً تلك الواقعة بالقرب من الطريق الدولي الواصل ما بين دمشق وحلب M5، والطريق الواصل ما بين حلب اللاذقية M4.
صورة رقم (2) -خارطة تظهر مناطق “بنّش وإدلب المدينة والنيرب وأريحا” بالنسبة لطريقي دمشق وحلب واللاذقية وحلب الدوليين M5 و M4.
لقراءة وتحميل التقرير بشكل كامل (34) صفحة وبصيغة ملف PDF يرجى الضغط هنا.
[1] تم إعادة قطع طريق “دمشق/حلب” مرة أخرى بتاريخ 27 شباط/فبراير 2020، من قبل فصائل معارضة ودعم تركي.
[2] “اتفاق روسي تركي حول وقف إطلاق النار في إدلب” موقع روسيا اليوم في 9 كانون الثاني/يناير 2020. آخر زيارة بتاريخ 21 شباط/فبراير 2020. https://arabic.rt.com/middle_east/1075100-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%AF%D9%84%D8%A8/
[3][3] “قصف الأسواق في إدلب من قبل القوات السورية وحلفاؤها نمط متكرر” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، في 20 كانون الثاني/يناير 2020. آخر زيارة بتاريخ 21 شباط/فبراير 2020. https://stj-sy.org/ar/%d9%82%d8%b5%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d9%88%d8%a7%d9%82-%d9%81%d9%8a-%d8%a5%d8%af%d9%84%d8%a8-%d9%85%d9%86-%d9%82%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1/
[4] أبرزها هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، وأنصار التوحيد والحزب الإسلامي التركستاني.
[5] ” سوريا: قتلى مدنيين في تصعيد عسكري عنيف على ريف حلب الغربي”، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 15 شباط/فبراير 2020. آخر زيارة بتاريخ 21 شباط/فبراير 2020. https://stj-sy.org/ar/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d9%82%d8%aa%d9%84%d9%89-%d9%85%d8%af%d9%86%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%b5%d8%b9%d9%8a%d8%af-%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1%d9%8a-%d8%b9%d9%86%d9%8a%d9%81-%d8%b9/
[6] ” سوريا: مجلس الأمن يطالب بوقف القتال في إدلب وتجنيب المدنيين المزيد من المعاناة” موقع الأمم المتحدة في 6 شباط/فبرير 2020. آخر زيارة بتاريخ 21 شباط/فبراير 2020. https://news.un.org/ar/story/2020/02/1048802.
[7] “إحاطة موجزة حول الأوضاع الإنسانية والعسكرية في محافظة إدلب”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 14 شباط/فبراير 2020. (آخر زيارة للرابط 21 شباط/فبراير 2020). http://bit.ly/37q0DK6.