الرئيسية تحقيقات مواضيعية سوريا: شكوى إلى ثماني مقررين خاصين في الأمم المتحدة حول التعذيب في عفرين

سوريا: شكوى إلى ثماني مقررين خاصين في الأمم المتحدة حول التعذيب في عفرين

طالبت "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" و "منظمة حقوق الإنسان في عفرين" الأمم المتحدة بإجراءات فورية وفعالة لكبح جميع الانتهاكات التي ترتكبها السلطات التركية وفصائل الجيش الوطني في شمال غرب سوريا

بواسطة bassamalahmed
344 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع
رسالة موجهة إلى عناية حضرات:
  1. المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً.
  2. المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات.
  3. المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار.
  4. الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي.
  5. الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي.
  6. المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
  7. المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً.
  8. المقرر الخاص المعني بالعنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه.

  1. لمحة عامة:

إنَّ هذا الرسالة موجهة من قبلنا نحن منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إلى حضراتكم بصفاتكم الرسمية لنسترعي انتباهكم إلى ممارسات التعذيب الممنهجة التي ترتكب من قبل الجهات المسلحة غير الحكومية لما يسمى بالجيش الوطني السوري الخاضع للسيطرة التركية. هذه الممارسات ترتكب ضد السكان الأصليين في منطقة عفرين شمال غرب سوريا، وقد استطاعت منظمة “سوريون” ومنظمة حقوق الإنسان في عفرين-سوريا التعرف على العديد من ضحايا هذه الممارسات ورصدتا عن كثب (40) حالة من الاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري من خلال التحدث مع الضحايا أنفسهم أو مع أفراد من عوائلهم.

نعتقد أنَّ الحقائق الموصوفة أدناه والتي هي عبارة عن عينة من الممارسات التي أدت ولا تزال تؤدي إلى النزوح القسري لآلاف السكان الأصليين من منطقة “غصن الزيتون” التي تحتلها تركيا منذ آذار 2018، تشكل مؤشراً قوياً على فشل تركيا كقوة احتلال في التقيد بالتزاماتها السلبية والإيجابية على النحو الذي حددته مختلف هيئات الأمم المتحدة.[1] وعلاوة على ذلك فإنَّ هذه الممارسات ترقى إلى مستوى الانتهاكات الجسيمة لأحكام كل من “القانون الإنساني الدولي” و”القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

  1. خلفية الوقائع:

تقع منطقة عفرين في أقصى الزاوية الشمالية الغربية من سوريا، وتحدها تركيا من الشمال والغرب. قبل اندلاع الحرب في سوريا كان عدد سكان منطقة عفرين حسب التقديرات يبلغ 200,000 نسمة،[2]  %92 منهم أكراد.[3]  وكما هو الحال في المناطق السورية الأخرى ذات الأغلبية الكردية، عانى سكان منطقة عفرين على مدى عقود من الاضطهاد وسياسة التمييز التي اتبعها نظام البعث ضدهم، ففي عهد الرئيس السابق حافظ الأسد شهدت المناطق الكردية سياسات تعريب شملت حظر تدريس اللغة الكردية، والنقل القسري للعائلات العربية إلى الأراضي المملوكة للأكراد، وقمع الاحتفالات الثقافية الكردية.

في 19 كانون الثاني/يناير 2018، أطلقت تركيا عملية عسكرية أطلقت عليها اسم “غصن الزيتون”، ضد “وحدات حماية الشعب” الكردية بمدينة عفرين السورية الحدودية، تحت قيادة جيشها النظامي وبمشاركة 25,000 مقاتل من فصائل الجيش السوري الحر،[4] المدعومة من قبلها. وفي 18 آذار/مارس 2018، أعلن الرئيس “رجب طيب أردوغان” سيطرته الكاملة على منطقة عفرين. ومنذ ذلك الحين، تدير تركيا تلك الأراضي وسكانها إما بشكل مباشر من خلال قواتها العسكرية المتواجدة هناك على الأرض أو بشكل غير مباشر من خلال فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعومة من قبلها وفصائل مسلحة أخرى.[5] وبعد دراسة طبيعة التواجد التركي في شمال سوريا أجمعت مختلف هيئات الأمم المتحدة على أنه يصنف “احتلالاً” وهذا يثبت بالتالي مسؤولية تركيا عن ضمان النظام العام والسلامة وتوفير حماية خاصة للنساء والأطفال في المناطق التي تحتلها.[6]

وفي هذا السياق، شدَّدت “مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان” على مسؤولية تركيا في التحقيق في الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت في المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها وتلك التي تديرها الجماعات المسلحة التابعة لها.[7]

  1. حقائق:

وبدورنا كمنظمات حقوقية غير حكومية، قمنا بإجراء مقابلات مع 40 ضحية ممن تعرضوا للاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة على أيدي القوات التركية أو فصائل “الجيش الوطني السوري”. معظم هؤلاء الضحايا هم في الأصل من سكان منطقة عفرين لكن اضطروا إلى الفرار منها مع عائلاتهم إلى مناطق في حلب ومخيمات النازحين داخلياً. معظم الحالات التي تمَّ توثيقها حدثت في أعقاب العملية التركية، وقد تحدّث الضحايا عن فترات اعتقال تراوحت بين أيام وعدة أشهر. انقسم الضحايا الأربعون الذين تمت مقابلتهم إلى 25 ذكراَ و 15 أنثى، بينهم طفلة واحدة. أما عرقياً، فـ 6 من الضحايا هم من المكون العربي، والبقية أكراد بعضهم من الأقلية الأيزيدية.

كشف جميع الضحايا الذين تمت مقابلتهم عن أسمائهم ومعلوماتهم الشخصية بناءً على طلب فريق الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان لكنهم رفضوا مشاركة هذه البيانات مع الجهات الفاعلة الأخرى أو نشرها. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى خوفهم العميق من أن يتعرضوا لأعمال انتقامية، هم، أم أسرهم، أم أقاربهم، من قبل الجناة المزعومين.

  1. الجهات المتورطة:

معظم الضحايا الذين تمت مقابلتهم كانوا قد استطاعوا التعرف على الجهات التي شاركت بشكل مباشر في احتجازهم وتعريضهم لأشكال مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة. بيد أنَّ الضحايا الآخرون لم يتمكنوا من ذلك، وذلك بسبب كونهم اعتقلوا بطريقة الاختطاف حيث تمَّ تعصيب أعينهم وذلك حال دون قدرتهم على الحصول على أي معلومات عن السلطة المحتجزة أو عن أماكان احتجازهم. وبحسب الشهادات هناك بعض الأشخاص خضعوا لعمليات اعتقال وتعذيب لأكثر من مرة على يد الجهة نفسها أحياناً، أو على يد جهات أخرى.

تعددت الجهات التي وقفت خلف عمليات الاعتقال والتعذيب في عفرين، وبحسب الشهادات الأربعون التي تمَّ جمعها، فقد ثَبُتَ تورّط كل من: (لمعلومات مفصلة عن الجهات المتورطة انظر المرفق).

الجهة المتورطة
عدد الحالات

الجبهة الشامية

12

الشرطة العسكرية

10

أحرار الشرقية

7

الاستخبارات التركية

7

فيلق الشام

6

لواء السلطان مراد

5

لواء سليمان شاه(العمشات)

2

أحرار الشام

2

جيش النخبة

2

لواء الفتح

1

هيئة تحرير الشام

1

في وقتٍ سابق، وثقت هيئات أممية ومنظمات دولية ومحلية أنماطاً منهجية للانتهاكات ضد السكان في عفرين والمناطق الكردية الأخرى، وقد تراوحت هذه الانتهاكات بين الحرمان التعسفي من الحرية الذي يرتكب على نطاق واسع من قبل فصائل مختلفة من الجيش الوطني السوري، وإجبار السكان من أصل كردي على مغادرة منازلهم من خلال التهديد، والابتزاز، والقتل، والخطف، والتعذيب، والاحتجاز إلى العنف الجنسي ضد النساء والفتيات.[8]

تمَّ التعرف على بعض الجناة والجهات التي ينتمون إليها من قبل الضحايا، وهناك جناة قاموا بإخبار الضحايا عن انتماءاتهم بأنفسهم وجناة آخرون عُرفوا من خلال المراكز التي احتجزوا فيها الضحايا، فعلى سبيل المثال الجميع يعلم أنَّ المدرسة الثانوية التجارية في عفرين هي مقر للشرطة العسكرية، وأنَّ مدرسة “أمير الغباري” مقر للمخابرات العسكرية التركية.

وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم نقل العديد من الضحايا من مرافق الاحتجاز التابعة للجيش الوطني السوري إلى مرافق احتجاز تركية داخل تركيا وإعادتهم إليها عدة مرات. وفي هذا الصدد أفادت إحدى الضحايا بأنها كانت قد اختطفت من قبل ثلاثة مسلحين، قبل أن يتم نقلها إلى مبنى الوالي التركي في عفرين لمدّة ساعة، لتجد نفسها لاحقاً في السجون التركية (وتحديداً في كلّس)  في نهاية شهر نيسان/أبريل 2018، إلى جانب امرأتين أخرتين و 37 رجلاً، قبل أنّ تتم إعادتهم (بحسب وصف الشاهدة) مرة أخرى إلى منطقة عفرين، وتحديداً إلى مقر عسكري يتبع لفصيل “السلطان مراد”.

  1. ظروف وشروط الاحتجاز:

لم يتم إبلاغ أي من الضحايا الذين تمت مقابلتهم بأسباب وأسس احتجازهم فور اعتقالهم وإنما أبلغوا فيما بعد أنهم اعتقلوا بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية. بيد أنَّ أيّ ممن تمت مقابلتهم عرض أمام محكمة ما في أي مرحلة من مراحل احتجازه/ا. كما أكد جميع الناجين الذين تمت مقابلتهم أنه قد تمَّ الإفراج عنهم مقابل فدية أو بعد إجبارهم على التخلي عن ممتلكاتهم.

وفي سياق إجبار كرد عفرين على ترك بيوتهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر تجدر الإشارة إلى أنَّه نتيجة لعملية “غصن الزيتون” التركية نزح ما بين 137,070 و 320,000 مدني داخلياً من عفرين بحلول آذار/مارس 2018.[9] ولا يزال المشردون داخلياً ممنوعين من العودة إلى قراهم حيث تقوم نقاط التفتيش التابعة للجيش الوطني السوري بإعادتهم من حيث أتوا أو السماح لهم بالدخول مقابل مبالغ مالية.[10] وترافق نزوح الأكراد مع نهب مكثف ومنهجي لممتلكاتهم استمر وتوسّع خلال العملية العسكرية التركية التالية “نبع السلام” التي استهدفت أحياء تل أبيض ورأس العين/سري كانيه بين 9 تشرين الأول/أكتوبر و 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2019.[11]

وعن الظروف في مراكز الاحتجاز، تحدَّث العديد من الضحايا عن منعهم من الذهاب إلى دورات المياه عدا مرة واحدة في اليوم، وتجويعهم من خلال تقديم وجبة غذائية واحدة لهم، وبكمّية قليلة جداً، هذا بالاضافة الى الإغفال التام للنظافة الجسدية، إذ أكّد أحد الشهود أنّه لم يستحم طوال فترة اعتقاله التي بلغت أربعين يوماً.

واستناداً إلى الإفادات الأربعين التي تم توثيقها لغرض هذه الورقة، فإنّ الجهات التي قامت بعمليات الاحتجاز على مختلف تسمياتها، لم تلتزم بالمعايير الدنيا التي يجب توافرها في مراكز الاحتجاز، وأشارت العديد من الشهادات إلى وضع مجموعات من المحتجزين في أماكن ضيقة جداً، حيث أفاد أحد الشهود على سبيل المثال، أنّ عملية احتجازه تمّت مع أكثر من 60 شخصاً آخراً في مكان لا تتجاوز مساحته 20 متراً مربعاً.

وفيما أكّد شهود آخرين، وخاصة من النساء، أنّ أماكن الاحتجاز تلك، لم تراعي الحساسية الجندرية وكونهم نساء، بل على العكس، تمّ احتجازهن بشكل مشترك مع رجال آخرين، وبمساحات ضيقة. فيما ذكرت بعض النساء المعتقلات، أنَّ عمليات التحقيق جرت معهن من قبل محققين ذكور، قاموا بتوجيه إهانات وكلمات نابية شديدة لهم.

وعلى الرغم من تعدد الوسائل التي تم اتباعها في تعذيب السجناء والسجينات، إلاّ أنّها بدت مشتابهة إلى حد بعيد؛ فقد ذكر معظم الضحايا بأنّهم تعرضوا للضرب بالعصي وخراطيم المياه و الكابلات الكهربائية، وهناك أشخاص تمَّ تعليقهم إلى الأعلى بواسطة سلاسل حديدة وجهاز يطلق عليه اسم (البلانكو). وأفادت شهادات أخرى إلى عمليات ضرب بأخمص البندقية واستخدام الصعق الكهربائي الذي كان يترافق مع سيل من الألفاظ النابية والشتائم المتتالية.

أحد الضحايا من كبار السنّ، الذين تمّ اعتقالهم من قبل فصيل “لواء الفاتح” في قرية سجو بمنطقة إعزاز خلال شهر نيسان/أبريل 2018، قال في شهادته ما يلي:

“بدأوا بضربي بشكل وحشي بأخمص السلاح واقتادوني وأنا معصب العينين وربطوا قدماي ويداي وأخذوني إلى قرية سجو، حيث قاموا بتعذيبي بشتى الوسائل .. لقد وضعوا آلة حادة بين أصابعي وبدأوا بالضغط عليها، وقلعوا بعض أظافري وضربوني في المناطق الحساسة وأجبروني على خلع ملابسي وابقائي باللباس الداخلي، وكانوا يقدمون لي القليل من الطعام لابقائي على قيد الحياة.”

ضحّية أخرى، تمّ اعتقالها من قبل فصيل “السلطان مراد” خلال شهر نيسان/أبريل 2018، وتم نقلها إلى أحد السجون في مدينة كلّس التركية قالت بأنّها تعرّضت مع نساء أخريات للضرب بالأيدي والأرجل من قبل عناصر تركية، دون أي اعتبار لجنسهم أو عمرهم، وترافق ذلك مع شتم بعبارات باللغة التركية. وأفادت الشاهدة نفسها، بأنّه وبعد إعادة تسليمها لفصائل معارضة سورية، احتجزت في مكان ضيق يتبع لتلك الفصائل، وتعرّضت للضرب المبرح أثناء التحقيق تزامناً مع سماعها لأشخاص آخرين تعرضوا لتعذيب مشابه، وخاصة خلال فترة الليل.

وثمّة حالات قام فيها المنتهكون، إضافة للتعذيب الجسدي، بالإساءة لديانة الضحية كما هو حال سيدة أيزيدية تمّ اعتقالها من فصيل الجبهة الشامية بداية، قبل أن يتمّ تحويلها إلى سجن مارع تحت أمرة “السلطان مراد”، خلال شهر أيار/مايو 2019، ولمدة ثلاثة أشهر، حيث قالت في إفادتها ما يلي:

“وضعوني في غرفة جماعية وحققوا معي بشكل متواصل لمدة خمسة أيام بوجود ثلاثة عناصر: أحدهم تركي والثاني كردي والثالث عربي، وتمّ تعذيبي بشكل وحشي .. لقد ضربوني بواسطة الكبل الرباعي إضافة للصعق الكهربائي .. لقد كان هنالك أكثر من 20 امرأة أخرى في ذلك المكان، بعضهن تمّ احتجازهن برفقة أطفالهن الصغار .. وقاموا بسبي وشتمي لأنني من الديانة الأيزيدية ووصفوني بأني كافرة، وقاموا باجباري على اعتناق الديانة الاسلامية.”

أكَّدت شهادات أخرى تعرّض عدد من المحتجزات – من النساء والفتيات – إلى عنف جنسي، فقد ذكرت إحدى الضحايا اللاتي تمّ اعتقالها من قبل فصيل “الجبهة الشامية” بتاريخ 13 نيسان/أبريل 2018، في سجن المعصرة بقرية سجّو، في شهادتها ما يلي:

“تم التحقيق معنا من قبل عناصر ذكور وتم تعصيب عيني وضربي بواسطة الخراطيم وسبي وشتمي بكلمات نابية والتحرش بي والقيام بأفعال منافية للحشمة والأخلاق من قبل عدّة أشخاص.”

فيما ذكرت ضحّية أخرى، تمّ اعتقالها من قبل “فرقة الحمزات”  خلال شهر آب/أغسطس 2018، في مقرّ للفصيل في مدينة عفرين (حي المحمودية بالقرب من الفرن الآلي) بأنّها تعرّضت للاغتصاب والعنف الجنسي مراراً وتكراراً، إضافة إلى تعرضها للأساءة النفسية والبدنية، وإجبارها على التوقيع على ورقة بيضاء، وإجبارها على التصوير والاعتراف بانتمائنا للإدارة الذاتية والمسؤولية عن “تفجيرات” في منطقة عفرين. أيضاً قالت الشاهدة بأنّه تمّ أخذ صور فوتوغرافية لها ولنساء أخريات وهنَّ شبه عاريات.

وقد أفضت بعض عمليات التعذيب إلى وفاة المحتجزين، مثلما حدث مع الضحية (محمد إبراهيم إبراهيم)، الذي تمّ اعتقاله من قبل فصيل السلطان مراد بتاريخ 14 حزيران/يونيو 2018، في منزل أحد المواطنين الكرد، والذي تمّ تحويله إلى مقر عسكري في قرية (خليلاك)، وتم تعذيبه بشكل وحشي، أدى إلى كسور في العمود الفقري وأضلاع الصدر، حيث دخل في غيبوبة لمدّة شهرين، ورقد عدّة أشهر في الفراش قبل وفاته، وذلك بحسب شهادة إحدى أفراد العائلة

لقد تسببت عمليات التعذيب والضرب والإخفاء بترك آثار نفسية كبيرة على الضحايا وعائلاتهم، فقد دفع ذلك أحد الضحايا الذين تمّ اعتقالهم من قبل “الاستخبارات التركية”، إلى الانتحار

  1. الإطار والتحليل القانونيين:

    • مسؤولية الدولة التركية:

تناولت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية (COI) في عدة تقارير لها،[12] الالتزامات القانونية  المفروضة على تركيا بوصفها “قوة احتلال”، وفقاً لما خلصت له اللجنة في مؤتمرها حول انتهاكات “القانون الإنساني الدولي” و”القانون الدولي لحقوق الإنسان” في سوريا لعام 2017، والتي أكدت في أحد استنتاجاته أنَّ أي دولة تحتل جزء من أو كامل أراضي دولة أخرى تعتبر قوة احتلال وبالتالي وجب عليها التقيد بهذه الالتزامات. وقد عمدت اللجنة على تكرار هذا الاستنتاج في العديد من تقاريرها.[13]

إنَّ تحديد وجود حالة احتلال من عدمه لا يعتمد على التبريرات أو الحجج التي تجادل بها الدولة المحتلة حول طبيعة تواجد قواتها على أراض دولة أخرى، وذلك بسبب وجود فصل صارم بين قانون الحرب و قانون مسوِّغات الحرب.[14] لقد أصبح مؤكداً جداً لدى المجتمع الدولي أنَّ التواجد الفعلي لقوات دولة ما على أرض منطقة خارج حدودها لم يعد شرطاً جوهرياً لإثبات سيطرتها عليها كقوة احتلال. ففي الوقت الحاضر يمكن لدولة ما ممارسة سيطرتها الفعالة على منطقة ما خارج أراضيها دون أن يكون لديها وجود عسكري مستمر فيها، وهنا ينبغي التركيز على حجم السلطة التي تتمتع بها القوات الدخيلة بدلاً من التركيز فقط على كيفية ممارستها لها.[15]

وبعد ثبات حقيقة كونها “قوة احتلال”، فإنَّ تركيا أصبحت تخضع لالتزامات إيجابية، وهذه الالتزامات تتراوح بين الالتزامات المباشرة/الفورية – بغض النظر عن فترة الاحتلال – و الالتزامات الإضافية التي تصبح سارية بمرور الوقت.[16] إنَّ تركيا ملزمة بضمان احترام واجباتها كسلطة احتلال على النحو المنصوص عليه في المواد 42-56 من لوائح لاهاي لعام 1907 والمواد 27-34 و47-78 من اتفاقية جنيف الرابعة، بالإضافة إلى المادة (2) المشتركة من اتفاقيات جنيف، والتي تدعو إلى تطبيق جميع مبادئ قانون النزاع المسلح التي تسعى في المقام الأول إلى حماية أي فرد يقع في قبضة العدو أو تحت سلطته.

تعتبر الممارسات المرتكبة من قبل الاستخبارات التركية في منطقة عفرين، أفعالاً صادرة عن الدولة التركية وذلك وفقاً للمادة (4) من المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً والتي تنص: “يعدّ تصرف أي جهاز من أجهزة الدولة فعلاً صادراً عن هذه الدولة بمقتضى القانون الدولي، سواء أكان الجهاز يمارس وظائف تشريعية أم تنفيذية أم قضائية أم أية وظائف أخرى.”

كما تنسب أيضاً ممارسات الجيش الوطني السوري إلى الدولة التركية وفقاً للمادة (8) من المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً والتي تنص: “التصرفات التي يتم القيام بها بناء على توجيهات الدولة أو تحت رقابتها.

يعتبر فعلاً صادراً عن الدولة بمقتضى القانون الـدولي تصرفُ شخص أو مجموعة أشخاص إذا كان الشخص أو مجموعة الأشخاص يتصرفون في الواقع بناء على تعليمات تلك الدولة أو بتوجيهات منها أو تحت رقابتها لدى القيام بذلك التصرف.”

إنَّ حقيقة المشاركة الفعلية لفصائل “الجيش الوطني السوري” في العمليات العسكرية التركية تحت بأوامر وتوجيهات من الأخيرة، وحقيقة نقل معتقلين سوريين تمَّ اعتقالهم من قبل هذه الفصائل من وإلى مراكز الاحتجاز التركية، تثبتان دون أدنى شك سيطرة تركيا على “الجيش الوطني السوري” وبالتالي مسؤوليتها عن جميع ممارستهم.[17]

إنَّ السلطة القائمة بالاحتلال ملزمة باحترام أحكام معاهدات حقوق الإنسان التي تصادق عليها الدولة التي تحتلها جزئياً أو كلياً،[18] بمعنى أنه يترتب على الدولة المحتلة ضمان توفير كافة الحقوق المنصوص عليها في هذه المعاهدات لسكان الدولة التي تحتلها. وعلاوة على ذلك فإن تطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان خارج الحدود الإقليمية هو التزام يقع على عاتق القوة المحتلة.[19] وعليه، ووفقاً لما ورد في المادة (43) من اتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 والتي تنص على أنه: “إذا انتقلت سلطة القوة الشرعية بصورة فعلية إلى يد قوة الاحتلال، يتعين على هذه الأخيرة, قدر الإمكان، تحقيق الأمن والنظام العام وضمانه، مع احترام القوانين السارية في البلاد، إلا في حالات الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك.[20]” فإنَّ تركيا ملزمة بضمان احترام القواعد المعمول بها من “القانون الدولي لحقوق الإنسان” و”القانون الإنساني الدولي” لحماية سكان الأراضي التي تحتلها من أعمال العنف التي يمكن أن ترتكب من قبل أي طرف ثالث،[21] وعدم التسامح مع مرتكبي مثل هذه الأعمال. وكذلك يجب على قوة الاحتلال احترام التزاماتها إزاء الاتفاقيات الدولية و الإقليمية المصادقة عليها وأيضاً مراعاة جميع الأحكام العرفية. هذا ما أكدته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECtHR) التي شددت على أنَّ الدولة العضو في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)،[22] ملزمة بتطبيق الاتفاقية خارج أراضيها الوطنية لصالح الرعايا الأجانب وذلك في حال كانت تمارس سلطتها عليهم من خلال وكلائها أو بشكل مباشر من خلال التواجد الفعلي لقواتها على أراضيهم. وأشارت المحكمة أنَّ الدولة المسيطرة مسؤولة عن ضمان جميع الحقوق الواردة في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والبروتوكولات الإضافية التي صادقت عليها، للسكان داخل الأراضي التي تسيطر عليها.[23]

  • الاعتقال التعسفي:

تحظر المادة (9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR) أعمال الاعتقال أو الاحتجاز أو النفي التعسفية. كما تحمي المادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) حق الأفراد في الحرية والأمن، وتنص في الفقرة (4) منها على أنه: “لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني.”

تناول مجلس حقوق الإنسان في التعليق العام رقم (35) مدى انطباق المادة (9) من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” على حالات النزاع المسلح في الوقت الذي يتعامل فيه “القانون الإنساني الدولي” مع حالات احتجاز العسكريين بشكل مختلف مع حالات احتجاز المدنيين، وخلص إلى أنَّ  المادة (9)، مثل غيرها من أحكام العهد تنطبق أيضاً في حالات النزاع المسلح، التي تسري عليها معايير “القانون الإنساني الدولي” ذات الصلة. ومع أنَّ معايير القانون الإنساني قد تفيد لأغراض تفسير المادة (9)، فإنَّ الإطارين القانونيين يكملان بعضهما البعض ولا يتعارضان.

وفضلاً عن ذلك، فإنَّ أحكام المادة (9) لا تندرج في قائمة الحقوق غير القابلة للتقييد الواردة في الفقرة (2) من المادة (4) من العهد، لكن هناك حدود لقدرة الدول الأطراف على عدم التقيد بأحكام العهد، ويجب على الدول الأطراف التي لا تتقيد بالإجراءات المعتادة المطلوبة بموجب المادة (9) في ظروف النزاع المسلح أو غيره من حالات الطوائ العامة، كفالة تقيد تدابير الاستثناء الدقيق بالحدود المفروضة وفق مقتضيات الحالة الفعلية. وأخيراً، في حالة لجوء الدولة الطرف، في ظل ظروف استثنائية مشددة، إلى استخدام ذريعة التهديد الماثل والمباشر والملح لتبرير احتجاز أشخاص، الذين ترى أنهم يشكلون مثل هذا التهديد، يقع عبء الإثبات على الدولة الطرف ويتعين عليها أن تبرهن على أنَّ الأشخاص المعنيين يشكلون تهديداً على النحو المذكور، وأنَّ ذلك التهديد لا يمكن معالجته بتدابير بديلة، ويتعاظم هذا العبء بشكل طردي مع طول فترة الاحتجاز، ويتعين على الدول الأطراف أيضاً أن تبرهن على أنَّ الاحتجاز لا يستمر لأكثر من الفترة الضرورية وجوباً، وأنَّ طول مدة الاحتجاز الإجمالي محددة، وأنَّ الدولة تحترم بشكل كامل وفي جميع الحالات الضمانات المنصوص عليها في المادة 9.”

وفي السياق نفسه، تلزم المادة (5) من “الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان” تركيا، بوصفها دولة طرف، بعدم حرمان أي شخص تعسفاً من حريته وأمنه أو السماح بذلك. ويحدث التعسف إذا كان الحرمان من الحرية لا يتفق مع الحالات المفصلة في نفس المادة أومع إجراء ينص عليه القانون. وتولي المادة في الفقرة (3) منها اهتماماً خاصاً لممارسات اعتقال أشخاص أو احتجازهم لمجرد الاشتباه بارتكابهم جريمة أو حتى لمنعهم من ارتكابها، وعليه، فهي تضع شروطاً واضحة في هذا الصدد لضمان ألا يكون هذا الحرمان من الحرية تعسفياً حيث تنص على أنَّ: “أي شخص يلقى القبض عليه أو يحجز وفقا لنص الفقرة 1/ج من هذه المادة يقدم فوراً إلى القاضي أو أي موظف آخر مخول قانوناً بممارسة سلطة قضائية، ويقدم للمحاكمة خلال فترة معقولة أو يفرج عنه مع الاستمرار في المحاكمة. ويجوز أن يكون الإفراج مشروطاً بضمانات لحضور المحاكمة.”

  • التعذيب وسوء المعاملة:

تنص المادة (5) من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” على أنه “لا يجوز إخضاعُ أحدٍ للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطَّة بالكرامة.”

وبالمثل ، تلزم المادة (2) من “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” الدول الأطراف بالامتناع عن أعمال التعذيب واتخاذ تدابير تشريعية وقضائية وإدارية فعالة لمنع التعذيب داخل حدودها، كما تُلزم المادة (16) من “اتفاقية مناهضة التعذيب” الدول الأطراف بحظر ومنع أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي لا تصل إلى حد التعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية.

وتنص المادة (7) من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” على أنه: “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. وعلى وجه الخصوص، لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر.”

وأيضاً تنص الفقرة (2) من المادة (2) على أنه “لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب.” وبالمثل تنص الفقرة (2) من المادة (4) من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” أنَّ الالتزام المنصوص عليه في المادة (7) (حظر التعذيب) لا يجوز مخالفته أو الانتقاص منه في أوقات الحرب أو أي نوع من حالات الطوارئ العامة.

تركيا ملزمة أيضاً بضمان عدم تعرض أي شخص يخضع لولايتها القضائية للتعذيب أو سوء المعاملة وفقاً للمادة (3) من “الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”.

  • الحق في الانتصاف الفعال:

تلزم الفقرة (3) من المادة (2) من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” الدول بأن: “تكفل توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المعترف بها في هذا العهد، حتى لو صدر الانتهاك عن أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسمية.”

في التعليق العام رقم (31)، تحدّث مجلس حقوق الإنسان بإسهاب الفقرة (3) من المادة (2) أن تكفل الدول الأطراف، بالإضافة إلى الحماية الفعالة للحقوق المشمولة بالعهد،[24] أن تتوفر للأفراد أيضاً سبل انتصاف ميسَّرة وفعالة من أجل إعمال تلك الحقوق. وتعلق اللجنة أهمية على قيام الدول الأطراف بإنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الدعاوى المتصلة بانتهاكات الحقوق في إطار القانون المحلي. وثمة حاجة خاصة لوجود آليات إدارية من أجل إعمال الالتزام العام المتمثل في التحقيق في المزاعم المتعلقة بالانتهاكات تحقيقاً سريعاً وشاملاً وفعالاً من خلال هيئات مستقلة ونزيهة.[25] إن فشل الدول في التحقيق في الانتهاكات أو تقديم الجناة المسؤولين إلى العدالة هو في حد ذاته انتهاك لالتزامات الدولة المنصوص عليها في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”.[26]

تتطلب الفقرة (3) من المادة (2) من الدول تقديم تعويضات لضحايا الانتهاكات، وهي الطريقة التي تفي بها الدول بالتزامها بتوفير سبل انتصاف فعالة. يمكن أن يكون الإنصاف الفعّال على شكل تعويض مناسب لحجم الضرر، أو رد للحقوق، أوإعادة تأهيل، أوضمانات بعدم التكرار، أو اعتذار علني، وذلك طبعاً إلى جانب محاسبة الجناة.[27] وشددت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على أنَّ عدم اتخاذ تدابير لمنع تكرار الانتهاك سيحبط أهداف “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”.[28]

عملاً بالمادة (13) من “الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”، تلتزم تركيا بضمان حصول ضحايا الانتهاكات الموصوفة في هذا التقرير على تعويض فعال، سواء تمَّ ارتكاب هذه الانتهاكات من قبل كيانات رسمية مستقلة – كجهاز المخابرات التركية – أو جهات غير حكومية تابعة للسلطات التركية وتأتمر منها.

  • العنف ضد المرأة والعنف الجنسي:

أوجز الأمين العام للأمم المتحدة في وقت سابق أنه: “على الدول واجب منع أعمال العنف ضد المرأة، والتحقيق في مثل هذه الأفعال عند وقوعها وملاحقة الجناة ومعاقبتهم، وذلك بالإضافة إلى تعويض وإنصاف الضحايا.”[29] ويذكر أنَّ هذه الالتزامات منصوص عليها في العديد من صكوك القانون الدولي التي تصادق عليها تركيا، والتي هي ملزمة أيضاً كدولة احتلال بتطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان خارج حدودها الإقليمية، الأمر الذي يفرض عليها ضمان عدم وجود فجوة في نطاق حماية النساء والفتيات في المناطق التي تسيطر عليها بشكل مباشر أو بالوكالة.

وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب على تركيا ضمان تطبيق القوانين واللوائح التي تعود بالفائدة القصوى على الرعايا الأجانب. وبالتالي، يجب على السلطات التركية التي تسيطر بشكل فعال على مجموعات “الجيش الوطني السوري” ضمان عدم قيام الأخيرة بسن قوانين أو أنظمة أو ممارسات لا تمنع العنف ضد المرأة ولا تحاسب عليه.

وعلاوة على ذلك ، فإن تركيا ملزمة بتطبيق قوانينها الوطنية على هذه الأراضي إذا كانت القوانين المحلية الحالية لا تخدم  مصلحة السكان. لا يمكن للسلطات التركية أن تدَّعي عدم مسؤوليتها عن أعمال العنف المرتكبة في الأراضي التي تسيطر عليها المجموعات التي تعمل بإمرتها بحجة أن هذه المجموعات لا تمثل تركيا رسمياً، وتبدأ مسؤولية تركيا عن هذه الأفعال من تغاضيها عنها وعدم اتخاذها لأي تدابير إيجابية تحمي وتعزز الحقوق في مناطق سيطرتها.[30] وعليه، يتوجب على تركيا منع مثل هذه الانتهاكات التي ترتكب على يد جهات فاعلة من غير الدول، والتحقيق في ادعاءات وقوع الانتهاكات، ومعاقبة المتورطين بها، وتوفير سبل انتصاف فعالة للضحايا.[31]

ينطبق التزام الدولة التركية باحترام وضمان احترام الحقوق على أي شخص ليس فقط داخل أراضيها، ولكن ضمن سلطتها أو سيطرتها الفعلية.[32] إنَّ الحق في الانتصاف الفعال هو حقٌ محوريٌ لضمان تقيّد الدول بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان.[33] وفي هذا السياق، وبما أن تركيا تدّعي أنها سنت تشريعاتٍ تجرم العنف ضد المرأة، وتضمن سبل الانتصاف الفعالة، فهي وفقاً لالتزامات الدولة المعمول بها والمنصوص عليها، على سبيل المثال في الفقرة (1) من المادة (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة (13) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ملزمة بوضع آلياتٍ قضائيةٍ أو إداريةٍ مناسبةٍ في الأراضي الخاضعة لسيطرتها الفعلية لإنفاذ التزامها هذا، على أن تكون هذه الآليات ضامنة للتحقيق الفعال في الانتهاكات. ومن الواجب أيضاً التأكيد على أن وضع تركيا كدولة احتلال يستلزم تطبيق قواعد “القانون الإنساني الدولي العرفي” فيما يتعلق بالتزام الدول بالتحقيق في جرائم الحرب التي يُزعم ارتكابها من قبل مواطنيها أو قواتها المسلحة، أو على أراضيها، والقيام -إذا كان ذلك مناسباً- بمقاضاة المشتبه بهم. كما يتوجب التحقيق في جرائم الحرب الأخرى التي لها ولاية قضائية عليها، والقيام -إذا كان ذلك مناسباً- بمقاضاة المشتبه بهم.[34]

  1. توصيات:

نودّ أن نحثّ أصحاب الولايات المحترمين على إعطاء الأولوية وأقصى درجات الاهتمام للمسألة موضوع هذه الرسالة، وذلك لأنه من شأنها أن تعرّض حقوق الإنسان الخاصة بمئات الآلاف من السكان الأصليين في المنطقة للخطر، كما وتقوّض أي تدابير وقائية قد تخدم مشروع عدالة انتقالية جادّ وسليم في المنطقة في المستقبل، وعلاوة على ذلك، فهي تعتبر شكل من أشكال التدابير التعسفية التي تهدف للتهجير القسري للسكان.

نوصي بالتواصل مع السلطات التركية والجيش الوطني السوري ، وتذكيرهما وحثهما على التقيد بالتزاماتهما بموجب القانون الدولي. ونطلب من عناية أصحاب الولايات بوجه خاص مايلي:

  1. إرسال بلاغ إلى جميع الأطراف المعنية ذات الصلة يحثهم على تحمّل مسؤولية التحقيق في الحقائق المبلغ عنها والاستجابة لها.
  2. المطالبة بإجراءات فورية وفعالة لكبح جميع الانتهاكات التي ترتكبها السلطات التركية أو فصائل الجيش الوطني الخاضعة لسيطرتها في سوريا
  3. إصدار بيان أو رأي عام يتناول هذا الموضوع بشكل عام مع الأخذ بعين الاعتبار استمرار حدوثه بشكل واسع الانتشار ومنهجي.
  4. طرح الموضوع في مجلس حقوق الإنسان.
  5. ندعو أصحاب الولايات للاجتماع مع المنظمات المقدمة لهذا المعروض لتزويدهم بالمزيد من التفاصيل حول هذه القضية.

ملحق: نُبَذ عن بعض الجهات التي يزعم تورطها في الانتهاكات:

الجبهة الشامية

تأسست في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2014، وهي أكبر مكونات الجيش الوطني السوري عدداً، ويشكّل كامل الفيلق الثالث، وقائدها “مهند خلف” والمعروف باسم “أبو أحمد نور”. الذي يتزعم أيضاً غرفة عزم المنضوية تحتها غالب فصائل الجيش الوطني، وتنتشر في ريف حلب الشمالي و رأس العين/سري كانيه.

فرقة الحمزة

 

تأسست في شهر أبريل/نيسان من عام 2016، ويقودها المدعو “سيف أبو بكر” الذي يحمل الجنسية التركية. والفرقة من مرتبات الفيلق الثاني في الجيش الوطني، وتنتشر في ريف حلب الشمالي و رأس العين/سري كانيه ومدينة طرابلس الليبية، وقد شاركت في جميع العمليات العسكرية التي شنها الجيش التركي في سوريا، من “درع الفرات” ضد تنظيم الدولة الإسلامية إلى “غصن الزيتون” و”نبع السلام” ضد وحدات حماية الشعب YPG وقوات سوريا الديمقراطية SDF.

الشرطة العسكرية

تأسس في شهر آذار/مارس من عام 2018، بدعم مباشر من أنقرة، وتنطوي تحت راية هيئة أركان الجيش الوطني ومقسم الى عدة مكاتب منها ( مكافحة الإرهاب – مكتب الشكاوي – قسم الديوان  – قسم التحقيقات)، وأبرز مهامها محاسبة عناصر الجيش الوطني، وملاحقة عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” و”قوات سوريا الديمقراطية”، وتنتشر في ريف حلب الشمالي ورأس العين/سري كانيه، وعناصرها غالبهم من عناصر الجيش الوطني سابقاً.

أحرار الشرقية

تأسس في كانون الثاني/يناير من عام 2016، بقيادة “أحمد إحسان فياض الهايس” المدعو”أبو حاتم شقرا”، والتجمّع من مرتبات الفيلق الأول، وقد عمدت إلى تغير إسمها بعد تشكيل حركة التحرير والبناء، وابتعاد أبو حاتم شقرا عن قيادة الحركة بشكل رسمي، ولكن فعلياً يسيطر على القوة الأكبر في الحركة، وجاء هذا التصرف بعد فرض الخزانة الأميركية عقوبات على الفصيل وقائده في تموز/يوليو من عام 2021، وتنتشر في مدينة عفرين والباب وجرابلس ورأس العين/سري كانيه. وشاركت بعملية “غصن الزيتون” و”نبع السلام” إلى جانب الجيش التركي ضدّ وحدات حماية الشعب YPG وقوات سوريا الديمقراطية SDF.

فيلق الشام

تأسس في شهر آذار/مارس من عام 2014، بقيادة “منذر سراس” عضو وفد أستانة، وينتشر في مناطق إدلب وريفها وريف حلب الشمالي والغربي ومدينة رأس العين/سري كانيه ومدينة طرابلس الليبية، وتربطها علاقات جيدة مع هيئة تحرير الشام، حيث تشاركها الإنتشار على جبهات إدلب، ومن المعروف تقديمها قسماً للسلاح والذخيرة للهيئة، الذي يتلقاه الفيلق من الجيش التركي المنتشر في إدلب حالياً.

فرقة السلطان مراد

تأسست في شهر مارس/آذار من عام 2015، ويقودها المدعو “فهيم عيسى” والذي يحمل الجنسية التركية. والفرقة من مرتبات الفيلق الثاني في الجيش الوطني، وتنتشر في ريف حلب الشمالي ورأس العين/سري كانيه ومدينة طرابلس الليبية. الفرقة تمتاز عن غيرها من الفصائل المسلّحة التي أسستها أنقرة على أنها تضم التركمان كجماعة عرقية، وقد شاركت في جميع العمليات العسكرية التي شنها الجيش التركي في سوريا، من “درع الفرات” ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إلى “غصن الزيتون” و”نبع السلام” ضدّ وحدات حماية الشعب YPG وقوات سوريا الديمقراطية SDF. ومن المعروف عنها استقبالها لوزير الداخلية التركي عدة مرات في سوريا.

جيش النخبة

تأسس في شهر كانون الثاني/يناير من عام 2017، وهي من مرتبات الفيلق الأول، بقيادة العقيد معتز رسلان وهو أيضاً قائد الفيلق الأول في الجيش الوطني، وكانت تحمل اسم “جيش التحرير” الذي تعرض لهجوم من جبهة النصرة سابقاً /هيئة تحرير الشام حالياً في إدلب، وغادرتها إلى ريف حلب الشمالي وتنتشر فيها، بالإضافة إلى مدينة رأس العين/سري كانيه بعد مشاركتها بعملية “نبع السلام”، كما تنتشر كتيبة منها في مدينة طرابلس الليبية.


 

[1] انظر التحليل مفصلاً أدناه.

[2] ألكسندر ماكيفر: “عفرين: حوادث تدنيس وتدمير للمواقع الثقافية”، موقع بيلينغكات، 11 تموز/يوليو 2019، https://www.bellingcat.com/news/mena/2019/07/11/afrin-incidents-of-desecration-and-destruction-of-cultural-sites/

[3] “سجل تركيا: احتلال عفرين”، مركز معلومات روجافا (RIC)، تشرين الثاني/نوفمبر 2019، https://rojavainformationcenter.com/storage/2019/11/Turkeys-track-record-The-occupation-of-Afrin.pdf

[4] قائد في الجيش السوري الحر يقول أنَّ 25,000 مقاتل سوري معارض يدعمون القوات التركية في سوريا، رويترز، 21 كانون الثاني/يناير 2018، https://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-ria-turkey-rebels/fsa-commander-says-25000-syrian-rebels-back-turkish-force-in-syria-idUSKBN1FA0OK

[5] انظر على سبيل المثال: “سوريا: يجب على تركيا وضع حد للانتهاكات التي ترتكبها الجماعات الموالية لها والقوات المسلحة التركية ذاتها في عفرين”، منظمة العفو الدولية، 2 آب/أغسطس 2018، https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2018/08/syria-turkey-must-stop-serious-violations-by-allied-groups-and-its-own-forces-in-afrin/

[6] الجمعية العامة للأمم المتحدة ، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية، 14 آب/أغسطس 2020، A / HRC / 45/31 ، § 67 متاح على الرابط: https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G20/210/90/PDF/G2021090.pdf?OpenElement
انظر أيضاً: الجمعية العامة للأمم المتحدة، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية، 8 شباط/فبراير 2022،A / HRC / 49/77 ، § 93، متاح على الرابط: https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G22/251/52/PDF/G2225152.pdf?OpenElement

[7] المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة يدعو تركيا للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة في شمال سوريا، 18 أيلول/سبتمبر 2020، https://news.un.org/en/story/2020/09/1072752

[8] انظر على سبيل المثال، تقرير لجنة التحقيق A/HRC/45/31، أيلول/سبتمبر 2020، الفقرات 46-64.

[9]   مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، الجمهورية العربية السورية: عفرين، تحديث عاجل رقم 2، 29 آذار/مارس 2018، https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/syrian-arab-republic-afrin-flash-update-no-2-29-march-2018-enar ؛ المرصد السوري لحقوق الإنسان، “بعد تهجير أكثر من 300 ألف كردي من سكان عفرين، تستولي الفصائل المدعومة من تركيا على أكثر من 75٪ من مزارع الزيتون وتحصل على سعر الموسم الأول مقدما”، 20 أيلول/سبتمبر 2018، https://www.syriahr.com/en/?p=102951. مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، A/HRC/39/65، 9 آب/أغسطس 2018، الصفحة 14، الفقرة 70.

[10] مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، A/HRC/39/65، 9 آب/أغسطس 2018، الصفحة 14، الفقرة 72.

[11] انظر على سبيل المثال: “سوريا: أنماط من عمليات الاستيلاء على الملكيات العقارية في “غصن الزيتون” و”نبع السلام”، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 26 أيار/مايو 2021، https://stj-sy.org/ar/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d8%a3%d9%86%d9%85%d8%a7%d8%b7-%d9%85%d9%86-%d8%b9%d9%85%d9%84%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d9%8a%d9%84%d8%a7%d8%a1-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84/

[12]   انظر على سبيل المثال: مجلس حقوق الإنسان، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 14 آب/أغسطس 2020، A/HRC/45/31، الفقرة 67؛ مجلس حقوق الإنسان، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 11 آذار/مارس 2021، A/HRC/46/55، الفقرة 94؛ ومجلس حقوق الإنسان، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 8 شباط/فبراير 2022، A/HRC/49/77، §93.

[13] انظر: مجلس حقوق الإنسان، انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في الجمهورية العربية السورية، 21 تموز/يوليو 2016 – 28 شباط/فبراير 2017، ورقة غرفة اجتماعات لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 10 آذار/مارس 2017، A/HRC/34/CRP.3، الفقرة 103.

[14] اللجنة الدولية للصليب الأحمر: تعليق على اتفاقية جنيف الثانية: اتفاقية جنيف لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار، [يشار إليه بتعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر على GC 2017] ، الفقرة 322.

[15] المرجع نفسه.

[16] انظر على سبيل المثال اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، الاحتلال وأشكال الإدارة الأخرى. اجتماع الخبراء ، مارس 2012 ، ص. 18.

[17] الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية في نيكاراغوا وضدها (نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة الأمريكية)، Merits، تقارير محكمة العدل الدولية لعام 1986، الصفحة 51، الفقرة 86.

[18] () اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، التعليق العام رقم 26 للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: استمرارية الالتزامات، 8 كانون الأول/ديسمبر 1997، CCPR/C/21/Rev.1/Add.8/Rev.1. §4.

[19] محكمة العدل الدولية ، التبعات القانونية لبناء جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، فتوى ، تقارير محكمة العدل الدولية 2004 ، ص. 136 ، §106.

[20] محكمة العدل الدولية ، الأنشطة المسلحة على أراضي الكونغو (جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا) ، الحكم ، 19 ديسمبر / كانون الأول 2005 ، تقارير محكمة العدل الدولية 2005 ، الفقرة. 178.

[21] المرجع نفسه.

[22] تركيا دولة طرف منذ 18 أيار/مايو 1954.

[23]المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، السكيني وآخرون ضد المملكة المتحدة، الطلب رقم 55721/07، الحكم (الدائرة الكبرى)، 7 تموز/يوليو 2011، الفقرات 131-140.

[24] لجنة حقوق الإنسان ، التعليق العام رقم 31 ؛ طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد ، CCPR / C / 21 / Rev.1 / Add.13 ، 26 أيار/مايو 2004 ، الفقرة. 15.

[25]  المرجع نفسه، الفقرة 15.

[26] المرجع نفسه، الفقرة 18.

[27] المرجع نفسه، الفقرة 16.

[28] المرجع نفسه الفقرة 17.

[29] الأمين العام للأمم المتحدة، إنهاء العنف ضد المرأة: من الأقوال إلى الأفعال. دراسة الأمين العام، 2006، الصفحة الرابعة، https://www.un.org/womenwatch/daw/vaw/publications/English%20Study.pdf

[30] اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، المادة 2 (هـ).

[31] لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، التوصية العامة رقم 19 ، المادة 24 (ط) ؛ الحاشية 15 ، المادة 4 (د).

[32] لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، التعليق العام رقم 31 [80]: طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، تم اعتماده في 29 آذار/مارس 2004 (الاجتماع 2187) ، CCPR / C / 21 / Rev.1 / Add .13، 26 May 2004، § 10.

[33] المرجع نفسه، §16.

[34] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني، القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة رقم 158، https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/eng/docs/v1_rul_rule158

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد