الرئيسية تعليقات ورأي سوريا: توصيات إلى التحالف الدولي بخصوص “المنطقة الآمنة” شرقي الفرات

سوريا: توصيات إلى التحالف الدولي بخصوص “المنطقة الآمنة” شرقي الفرات

يجب أن تكون جهود منع "انتهاكات حقوق الإنسان" و "عمليات التهجير القسرية" و "التغيير الديمغرافي" في جوهر أي اتفاق

بواسطة bassamalahmed
336 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

بتاريخ 7 آب/أغسطس 2019، نشر موقع السفارة الأمريكية في أنقرة/تركيا، بياناً صحفياً بشأن المحادثات العسكرية المشتركة ما بين الجيش الأمريكي من جهة والجيش التركي من جهة أخرى؛ حيث أورد البيان ثلاث نقاط أساسية تمّ الاتفاق عليها بما يخصّ إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا/شرق الفرات؛ تلك الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية/قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة داعش. وقد تلخصت تلك النقاط بحسب البيان في؛ الإسراع باتخاذ التدابير المناسبة من أجل أخذ المخاوف الأمنية التركية بعين الاعتبار، وتشكيل مركز عمليات مشترك من أجل التنسيق لإنشاء المنطقة الآمنة بشكل مشترك[1]، والتطلّع لأن تكون هذه المنطقة الآمنة “ممر سلام”. وختم البيان بالتشديد على أنّ كل الجهود يجب أن تصب في تمكين النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم.[2]

وفي اليوم التالي مباشرة؛ 8 آب/أغسطس 2019، نشرت الوكالة العربية السورية للأنباء/سانا، بياناً صحفياً أدانت فيه وزارة الخارجية التابعة للحكومة السوريّة/دمشق ما أسمته “الرفض القاطع والمطلق لاتفاق الاحتلالين الأمريكي والتركي حول إنشاء ما يسمّى المنطقة الآمنة.” وأضاف بيان الوزارة أنّ ذلك يشكل اعتداءً فاضحاً على سيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية وانتهاكا سافراً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.[3]

وبغضّ النظر عن شكل وتفاصيل المنطقة الآمنة التي سوف تتمخض عنها هذه المحادثات العسكرية، ومدى اتساق ذلك مع القوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ترى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أن هذا الاتفاق يجب أن يضع الأساس لأقصى قدر من الاحترام لحياة جميع سكان ومكونات المنطقة وممتلكاتهم ومستقبلهم، ولتحقيق هذه الغاية توصي المنظمة بالتالي:

1.  يجب أنّ يضمن أي اتفاق عدم إفساح المجال لارتكاب أي نوع من أنواع الانتهاكات لحقوق الإنسان بحق أيّ مكون/شخص في المنطقة، بما في ذلك عمليات السلب والنهب والاستيلاء على ممتلكات السكان المدنيين، والاعتقالات التعسفية والاختفاءات القسرية، وعمليات الخطف والقتل؛ كما حدث إبان عملية “غصن الزيتون” التي قادها الجيش التركي بالتعاون مع الفصائل السورية[4] المتربطة به، في منطقة عفرين. لذا؛ نوصي بإنشاء آلية محايدة للمراقبة، تساهم فيها منظمات المجتمع المدني السورية والأمم المتحدة.

 

بتاريخ 14 حزيران/يونيو 2018، أصدرت منظمة هيومن رايتس وتش، تقريراً قالت فيه “إن جماعات مسلحة تدعمها تركيا في “الجيش السوري الحر” استولت على ممتلكات المدنيين الأكراد ونهبتها ودمرتها في منطقة عفرين شمالي سوريا. وأسكنت جماعات المسلحة المناهضة للحكومة مقاتلين وعائلاتهم في منازل السكان، ودمرت الممتلكات المدنية ونهبتها دون تعويض أصحابها.”[5]

بدورها، أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، تقريراً بتاريخ 8 آب/أغسطس 2018، قالت فيه بأنّ المقيمين في عفرين أخبروا اللجنة “أنّ أفراد الجماعات المسلحة، عندما دخلوا مدينة عفرين في آذار/مارس، قاموا بعمليات نهب واسعة النطاق وبالاستيلاء على منازل المدنيين. ووصف الضحايا كيف نُهبت البيوت إلى درجة أنها “جردت من الأثاث والأجهزة الكهربائية وكل أدوات الزينة”. وذكر شهود أن القوات التركية كانت أحياناً موجودة على مقربة من الأمكنة التي كانت تحدث فيها عمليات النهب، ولكنها لم تفعل شيئاً لمنعها.”[6]

 

2.  يجب أنّ يضمن أي اتفاق عدم حدوث أي نوع من أنواع عمليات التشريد القسرية أو التهجير الجماعي بحق سكان المنطقة الأصليين، من جميع المكونات، وأن يمنع هذا الاتفاق أي شكل من أشكال التغيير الديمغرافي المباشر وغير المباشر، حالياً وعلى المدى المتوسط و البعيد. على أنّ يتمّ التعامل مع أي حالات سابقة حدثت في الماضي بشكّل جدّي ومسؤول، وذلك لإيجاد حل عادل ومستدام وفق المعايير الدولية؛ بإشراف الآلية المحايدة ومساهمة منظمات المجتمع المدني السوريّة والأمم المتحدة.

 

بحسب بيانات جمعتها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة وتحققت منها خلال مقاطعتها مع مصادر عديدة منها سجلات الإدارة المحلية في المناطق المذكورة القادمة، فإنّ ما لا يقل عن (155) ألف نسمة من سكان عفرين الأصليين كانوا لا يزالون مهجرين بشكل قسري من ديارهم حتى بدايات العام 2019؛ من ضمنهم أكثر من 10 آلاف لاجىء تجاوزوا الحدود الدولية السوريّة سعياً للوصول إلى القارة الأوربية، ونحو 145 ألف نازح داخلي في سوريا، بينهم حوالي 60 ألف نازح يشكلون 12.500 عائلة في مخيمات منطقة الشبهاء (برخدان وسردم وعفرين والشهباء والعودة) في شمالي حلب، وحوالي 20 ألف نازح في حلب المدينة، وحوالي 10 آلاف نازح يشكّلون 2100 عائلة في بلدتي (نبل والزهراء) شمالي حلب، و حوالي 6 آلاف نازح في منطقة شيراوا بريف عفرين، وحوالي 3600 نازح يشكلون 835 عائلة في مدينة عين العرب/كوباني وريفها، وحوالي 5 آلاف نازح في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، وحوالي 15 ألف نازح يتوزعون في مناطق سورية أخرى.[7]

وفي شهر حزيران/يونيو 2018، أشار تقرير شهري صادر عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان تحت عنوان “مدنيو شمال غرب سوريا.. بين المطرقة والسندان”، إلى الحالة الأمنية السيئة في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية/المعارضة السورية قائلة:

“تلقت المفوضية تقارير عن انعدام سيادة القانون وتفشي الجرائم التي ترتكبها الجماعات المسلحة في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والجماعات المسلحة التابعة لها في شمال سوريا. وتبلغ التقارير عن أشكال عديدة من الانتهاكات كالسرقة والمضايقات والمعاملة القاسية وغير ذلك، بالإضافة لجرائم القتل التي ترتكب في بعض الأحيان بشكل خاص من قبل مقاتلي فرقة السلطان مراد والتي تتألف بشكل أساسي من مقاتلين من أصول تركمانية، ومقاتلي فرقة الحمزة/الحمزات التي تتألف من أربع جماعات مسلحة معارضة كانت تقاتل في السابق تحت راية “الجيش السوري الحر” في قرية مارع في حلب حتى عام 2016 ، بالإضافة لمقاتلي فصيل أحرار الشرقية الذين تعود أصول غالبيتهم إلى محافظة دير الزور. وقد وثقت المفوضية أيضاً زيادة حدة الاشتباكات بين عدة جماعات مسلحة والتي أفادت التقارير بأنها تخضع لأمرة القوات التركية، الأمر الذي أدى إلى وقوع وفيات وإصابات بين المدنيين. وقد أبلغ المدنيون المفوضية بأن عدداً من أعضاء الجماعات المعارضة المسلحة الناشطة في المنطقة هم إما مجرمين محليين أو مهربين، أو تجار المخدرات معروفين.”[8]

 

3. يجب أنّ ينصّ أي اتفاق يتمّ التوصل إليه؛ إلى أن تكون عودة اللاجئين السوريين، النازحين من هذه المنطقة أو أي منطقة سوريّة أخرى، متوافقة مع حقوق اللاجئين والمعايير الدولية للعودة، من حيث كونها عمليات آمنة وطوعية وكريمة، وغير قسرية. ويجب على الآلية المحايدة مراقبة عمليات العودة الطوعية، وتمييزها عن عمليات الترحيل القسري، بمساهمة من منظمات المجتمع المدني السورية والأمم المتحدة، بما يضمن عدم حدوث أي عمليات تغيير ديمغرافية على المدى البعيد.

 

بتاريخ 30 تمّوز/يوليو 2019، أصدرت هيومن رايتس وتش، تقريراً بعنوان “تركيا تُعيد السوريين قسرا إلى الخطر”، قالت فيه “إن السلطات التركية تحتجز السوريين وتُجبرهم على توقيع استمارات تُفيد برغبتهم في العودة إلى سوريا ثم ترحّلهم قسرا إلى هناك” وأضافت المنظمة أنّ عمليات الإعادة هذه غير طوعية وغير قانونية، وذلك على لسان جيري سيمبسون، المدير المساعد لقسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش.[9]

وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أصدرت تقريراً بعنوان “تركيا: عمليات إعادة غير طوعية بحق آلاف السوريين”، وثقت فيه العديد من شهادات المرحلّين قسراً إلى سوريا.[10]

 

4. شهدت مناطق “شرق الفرات” خلال السنوات والأشهر الماضية نوعاً من الاستقرار النسبي، والتحسّن النسبي على مستوى الخدمات المقدمة للسكان المحليين والإدارات المحلّية، ذلك رغم وجود عدد غير قليل من العوائق والحساسيات والملفات العالقة التي تتطلب حلولاً جذريّة، لذا، نرى بأنّ أي اتفاق، يجب أن يضمن الحفاظ على ما تمّ تحقيقه من جهة، وأنّ يكون تطويره بشكل سريع وفعّال في جوهر أي اتفاق، من جهة أخرى، بحيث يعزز تقديم الخدمات لجميع السكان بعيداً عن أي أجندات سياسية أو حزبية من أي طرف كان، وأنّ يضمن شمولية الإدارات المحلّية بحيث تكون ممثلة بشكل حقيقي لجميع مكونات وسكان المنطقة دون أي إقصاء أو تهميش من أي نوع، ويتم ربط جميع هذه الجهود مع العملية السياسية الشاملة في سوريا بما يضمن التمثيل لجميع المكونات في العملية السياسية دون إقصاء لحين الوصول لحل سياسي شامل في سوريا.

 

——————————————————-

[1] بتاريخ 12 آب/أغسطس 2019، تمّ الإعلان من قبل وزارة الدفاع التركية عن وصول دفعة من أفراد الجيش الأمريكي إلى منطقة شانلي أورفة الحدودية لبدء العمل في إنشاء مركز العمليات المشتركة المنوط بها تنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة شمالي سوريا.

[2] “بيان جول المحادثات العسكرية المشتركة حول سوريا”. السفارة الأمريكية في أنقرة -تركيا. 7 آب/أغسطس 2019. (آخر زيارة للرابط 8 آب/أغسطس 2019). https://tr.usembassy.gov/statement-on-joint-military-talks-regarding-syria/.

[3] ” الخارجية: سورية ترفض بشكل قاطع ومطلق اتفاق الاحتلالين الأمريكي والتركي حول إنشاء مايسمى المنطقة الآمنة”. الوكالة العربية السورية للأنباء-سانا. 8 آب/أغسطس 2019. (آخر زيارة 8 آب/أغسطس 2019). https://www.sana.sy/?p=992715.

[4] تتبع هذه المجموعات بشكل رئيسي إلى “الجيش الوطني السوري” المرتبط بالحكومة السوريّة المؤقتة والإئتلاف الوطني السوري المعارض.

[5] “سوريا: استيلاء جماعات تدعمها تركيا على الممتلكات في عفرين”. هيومن رايتس وتش. 14 حزيران/يونيو 2018. (آخر زيارة: 8 آب/أغسطس 2019). https://www.hrw.org/ar/news/2018/06/14/318985.

[6] “تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية”. مجلس حقوق الإنسان – الدورة التاسعة والثلاثون – 10-28 أيلول/سبتمبر 2018. A/HRC/39/65. الصفحة 8 الفقرة 28. https://www.ohchr.org/AR/HRBodies/HRC/IICISyria/Pages/IndependentInternationalCommission.aspx.

[7]كان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قال بأنّ حوالي 137 ألف شخص نزحوا من منطقة عفرين ما بين 20 كانون الثاني/يناير 2018 و20 آذار/مارس 2018. لمزيد اقرأ: “نزوح عفرين – حقائق وأرقام”. مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة. 18 نيسان/أبريل 2018. (آخر زيارة 8 آب/أغسطس 2019). https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/Afrin%20Fact%20and%20figures%2018%20April.pdf.

[8] مدنيو شمال غرب سوريا.. بين المطرقة والسندان”، المفوضية السامية لحقوق الإنسان. حزيران/يونيو 2018. نشرة حقوق الإنسان الشهرية/سوريا، الصادرة من قبل مكتب المفوضية. فقرة ” النظام والسلامة العامين”.

[9] “تركيا تُعيد السوريين قسرا إلى الخطر”، هيومن رايتس وتش. 30 تمّوز/يوليو 2019. (آخر زيارة: 8 آب/أغسطس 2019). https://www.hrw.org/ar/news/2019/07/30/332605.

[10] “تركيا: عمليات إعادة غير طوعية بحق آلاف السوريين”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 29 تموز/يوليو 2019. (آخر زيارة 8 آب/أغسطس 2019). https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d8%b9%d9%85%d9%84%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%b7%d9%88%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%ad%d9%82-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%8a/.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد