الرئيسية أوراق قانونية جدلية الارتزاق والتطوع في النزاعات المسلحة

جدلية الارتزاق والتطوع في النزاعات المسلحة

قراءة نقدية في القانون والممارسة

بواسطة bassamalahmed
299 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

ملخص تنفيذي:

ما زال الإطار القانوني النافذ حالياً، والمتعلّق بتجريم الارتزاق بكافة نواحيه وتبعاته، قاصراً بشكل كبير؛ إن لم يكن قاصراً كلياً. هذا القصور ليس نابعاً فقط من محدودية وتقييد التعريف المعتمد في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العام، إنما من الهوامش المتاحة لجميع الأطراف للالتفاف حول هذا المفهوم وتطويعه بشكل قانوني.

فعلى الرغم من تدارك اتفاقية مناهضة الارتزاق لقضية استثناء النزاعات المسلحة غير الدولية من إطار قانوني ناظم للارتزاق من خلال شملها في الاتفاقية، إلا أن تبنيها التعريف نفسه المعتمد على أساس النزاع المسلح الدولي، يخلق تحديات جسيمة أهمها أشكال تدخل الدول في النزاعات المسلحة غير الدولية ومسؤوليتها بخصوص الارتزاق، وكذلك مسؤولية المجموعات المسلحة غير الحكومية.

ومما لا شك فيه، أنّ شرط الكسب الشخصي محوري في تحديد المرتزق، إلا أن اقتصار التعريف على الكسب المادي الذي يفوق ما قد يحصل عليه مقاتلو الدولة المجندة للمرتزقة يجعل من هذا الشرط غير قابل للإثبات في معظم الأحيان، خاصة في مواجهة الدوافع المعلنة عادة عند تدخل أفراد أو مجموعات أجنبية في نزاعات مسلحة مثل الدفاع عن “القضايا المحقة” و “حروب الحرية” والدوافع الأيديولوجية أو السياسية، عدا عن الروابط الإثنية أو المجتمعية بين المتدخلين من الخارج ومكونات الدولة المعنية.

يُعتبر الفريق العامل المعني باستخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير (فريق العمل) الآلية الدولية الوحيدة المتوفرة لتناول موضوع المرتزقة والارتزاق، علماً أن هذا الفريق هو أحد الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التي بطبيعتها لا تمتلك سلطة قانونية ملزمة للدول. ويستند فريق العمل في ممارسة اختصاصه بشكل أساسي إلى اتفاقية مناهضة الارتزاق، وكذلك إلى باقي الصكوك ذات الصلة والتي سيتم تناولها أدناه. إلا أن هذه الصكوك بكلّيّتها تبقى محدودة وقاصرة إلى حد كبير في الاستجابة إلى تحديات موضوع الارتزاق في حالات العنف والنزاع المعاصرة.

إنّ فرص المحاسبة على التعامل في مجال الارتزاق تقتصر على القوانين والآليات القضائية الوطنية للدول التي ضمنت في تشريعاتها الأطر اللازمة لذلك.

وكنتيجة طبيعية لضعف ومحدودية الإطار القانوني الناظم للارتزاق، لا تمارس محكمة الجنايات الدولية، على سبيل المثال، أي اختصاص على المرتزقة أو داعميهم بصفتهم تلك، ويبقى الهامش الوحيد المتاح في هذا السياق هو إمكانية تناول المحكمة لموضوع الارتزاق في سياق تناول جريمة العدوان، حيث أنه، ووفقاً للمادة 8 مكرر (ز) من نظام روما الأساسي، يمكن أن يشكّل إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من جانب دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة في بعض الحالات عملاً عدوانياً.

أولاً: مقدمة:

يمثل العدد القليل من الدول المنضمة إلى الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم لعام 1989 (اتفاقية مناهضة الارتزاق)[1] مقارنةً بانضمام أعداد كبيرة من الدول لمعاهدات أخرى مثل البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات الجنيف المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949[2] مؤشراً واضحاً على الإحجام الدولي عن تفعيل وتطوير الإطار القانوني الملزم في النظرية والممارسة فيما يتعلق بقضايا الارتزاق، خاصة إذا ما لاحظنا أن أياً من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لم ينضم لهذه الاتفاقية، إضافة إلى عدد من الدولة الأخرى التي قامت بعمليات تجنيد مرتزقة مثل تركيا.

إنّ إعادة تقييم الإطار القانوني المحدود الناظم لقضية الارتزاق الذي بات عنواناً بارزاً لكثير من هذه النزاعات المعاصرة، بات حاجة ملّحة، وخاصّة وفي ظل التغيرات والتطورات الجذرية المؤثرة على النزاعات المسلحة المعاصرة لجهة التصنيف – دولي، غير دولي، مدوّل[3]، أو لجهة أساليب ووسائل الحرب وتأثير التطور التكنولوجي وعالم الاتصالات على ذلك، بالإضافة إلى التنوع الكبير في الأطراف والجهات التي تلعب دوراً في تلك النزاعات.

لقد ألقت النزاعات المسلحة المؤخرة في مالي وسوريا وليبيا وأرمينيا/أذربيجان وأوكرانيا/روسيا وغيرها، الضوء على ما يُعرف بظاهرة “المقاتلين المتطوعين” بعد أن نالت ليس منذ زمن بعيد قضية الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة حيزاً لا بأس به من النقاش القانوني. وعلى الرغم من اختلاف التسميات كمصطلح “المقاتلين الأجانب” أو “المدافعين عن الحرية” وغير ذلك، تطرح هذه القضية أسئلة جوهرية مرتبطة بظاهرة الارتزاق والاحتمالية المتزايدة للالتفاف عليها من خلال مقاربات التطوع والتصدي للعدوان” أو الوقوف إلى جانب قضايا الشعوب المضطهدة، خاصة وأن هذه المقاربات باتت في كثير من الأحيان برعاية وتيسير ودعم من قبل الدول وليست مجرد مبادرات غير رسمية.

تحاول هذه الورقة أن تقدم تحليلاً نقدياً لمفهوم وتعريف الارتزاق وفقاً لإطار القانون الدولي ذي الصلة، وذلك بهدف تسليط الضوء على القصور الواضح لهذا الإطار في التجريم الفعلي للارتزاق والمتورطين فيه على كافة المستويات، وبالتالي مساهمة هذا الإطار بطريقة غير مباشرة في إيجاد هامش كبير لتكثيف ظاهرة الارتزاق واستغلالها خاصة في النزاعات المسلحة المعاصرة، بدلاً من أن يكون عامل ردع للدول والأطراف الأخرى.

لا تقدم هذه الورقة توصيات عملية بخصوص التعامل مع هذا الواقع، إنما تسعى لتساهم في نقاش قانوني وسياقي نقدي وواقعي للظاهرة من وجهة نظر قانونية.

ثانياً: الخلفية التاريخية والإطار القانوني للارتزاق:

بداية، لا بدّ من الإشارة إلى أن ظاهرة الارتزاق ليست حديثة، بل قديمة جداً، وتعود بعض مظاهرها إلى تجنيد رجال “القبائل الجرمانية” في الجيوش الرومانية، حيث كان الارتزاق مهنة رائجة و”طبيعية” إنّ صح التعبير. واستخدمتها الكثير من الممالك والدول والجيوش علناً. وتصاعد اللجوء لهذه الظاهرة إلى الحدّ الذي تحولت فيه تلك الممارسة إلى مصدر دخل لبعض الممالك التي باتت “تؤجر” مواطنيها للقتال لحساب ممالك أخرى،[4] وذلك حتى القرن الثامن عشر تقريباً تزامناً مع تبلور مفاهيم “الهوية الوطنية”و”الجندي-المواطن”.[5]

ومع الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها في منتصف القرن العشرين، بات استخدام المرتزقة وسيلةً فعالة للقوى الاستعمارية لقمع حركات التحرر الوطني آنذاك، بينما يحافظ الاستعماريون الحاليون على “ماء الوجه” من خلال “الارتزاق المعاصر” المتمثل في عدم التورط المباشر للدولة في التجنيد أو الدعم كما كان الحال في القرون الماضية.[6] وكانت هذه الظاهرة المنعطف الحقيقي لتبدل النظرة القانونية تجاه الارتزاق واعتباره في بعض الأحيان يرقى ليكون جريمة قصوى بحق البشرية.[7]

تؤثر هذه الخلفية التاريخية بشكل مباشر على الإطار القانوني الخاص بظاهرة الارتزاق، ويمكن ملاحظة انعكاس التطور التاريخي لهذه الظاهرة في تطور أحكام القانون الدولي ذات الصلة، بدءاً باتفاقية لاهاي الخامسة عام 1907، الخاصة باحترام حقوق وواجبات القوى المحايدة والأشخاص في حالة الحرب البرية، والتي تعتبر اليوم انعكاساً للقانون الدولي العرفي، والتي لم تتعامل مع تجريم الارتزاق بحد ذاته، ولكنها فرضت في المادة الرابعة منها، الدول المحايدة واجب عدم “تشكيل فيالق المقاتلين ولا فتح وكالات تجنيد على أراضي دولة محايدة لمساعدة المتحاربين”.

وبكلمات أخرى، لم يكن الارتزاق حينئذ جريمة من وجهة نظر دولية، ولكن هذا القيد على القوى المحايدة هدفه كان الحد من توسع دائرة الحرب وتكريس احترام مبدأ سيادة الدول ومحاولة الحفاظ على السلم الدولي. وبالتالي، كان بإمكان الأفراد أن يمارسوا الارتزاق دون أي مسؤولية قانونية تترتب عليهم كأفراد ولا على داعميهم طالما لم يكونوا من الدول المحايدة.

ولم يتم التطرق، عقب ذلك، لمفهوم أو الإطار القانوني الخاص بالارتزاق حتى عام 1977، وذلك من خلال البرتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف الخاص بحماية ضحايا النزاع المسلح الدولي. وكان من اللافت أنّ اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 لم تعرّج على مسألة المرتزقة أو الارتزاق، لدرجة أن الفئات التي تمّ على أساسها تصنيف المحتجزين خلال النزاع المسلح الدولي كأسرى حرب لم تستثنِ المرتزقة صراحةً،[8] إنما يتم تحليل وضعهم في هذا السياق عادةً من خلال الاستناد إلى أحكام البروتوكول الإضافي الأول لإثبات أو توضيح أسباب عدم شمولهم في هذه الفئات.

ويدّل تناول البروتوكول الإضافي الأول عام 1977 للمرة الأولى تعريف المرتزق بشكل تفصيلي، على تأثير تلك التطورات التاريخية والسياقية الدولية على الإطار القانوني. إلا أن المادة 47 التي قدمت هذا التعريف، لم تحظر الارتزاق، ولكنها قدمت هذا التعريف التفصيلي لتسدّ الفجوة المذكورة أعلاه في المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة وتأكيد حرمان المرتزقة من الحق في التمتع بوضع المقاتل أو أسير الحرب في النزاع المسلح الدولي. وقد قدمت هذه المادة تعريفاً تفصيلياً من عدة شروط يجب أن تستوفى مجتمعةً لينطبق وصف مرتزق على شخص ما حين يكون:

  • تم تجنيده خصيصًا محليًا أو في الخارج؛
  • يشارك، في الواقع، مباشرة في الأعمال العدائية؛
  • يكون الدافع للمشاركة في الأعمال العدائية أساسًا هو الرغبة في تحقيق مكاسب شخصية، وفي الواقع، يتم التعهد به، من قبل أو نيابة عن أحد أطراف النزاع، بتعويض مادي يزيد بشكل كبير عما تم التعهد به أو دفعه للمقاتلين من رتب ومهام مماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف؛
  • ليس من رعايا أحد أطراف النزاع أو مقيمًا في إقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع؛
  • ليس فردًا في القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع؛ و
  • لم ترسله دولة ليست طرفًا في النزاع في مهمة رسمية كعضو في قواتها المسلحة.

وكانت اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية للقضاء على أعمال المرتزقة في أفريقيا عام 1977، – رغم كونها إقليمية وليست دولية – الأكثر تقدماً لجهة تجريم الارتزاق وتقديم تعريف أكثر واقعية له، وفي ذلك انعكاس للأثر التاريخي المتمثل في تصاعد الحركات التحررية في أفريقيا في ذلك الوقت، في وجه القوى الاستعمارية وتوظيفها للارتزاق كسلاح فعال، وكذلك استجابة لعدم قدرة المجتمع الدولي على الإجماع على تجريم الارتزاق فيما توصل إليه من أحكام في البرتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف في نفس العام.

جرّمت الاتفاقية الإفريقية تلك: المرتزقة والارتزاق بحد ذاته، سواء تم ارتكابه من قبل فرد، أو مجموعة أفراد، أو دولة، أو ممثل لدولة. كما أنّها جرّمت إيواء، أو مساعدة، أو تدريب، أو تجهيز، أو الترويج، أو دعم، أو توظيف، أو تجنيد المرتزقة من قبل أي جهة. وتقدمت هذه الاتفاقية على تعريف المرتزق في البرتوكول الإضافي الأول حيث إنها لم تشترط أن يكون الكسب الخاص مادياً ويزيد بشكل كبير عما يحصل عليه المقاتلون في القوات المسلحة للطرف الذي يقاتل المرتزق لصالحه. ولعل من أهم ما تقدمت به هذه الاتفاقية عما هو قائم في الإطار القانوني الدولي في ذلك الوقت هو نفاذ المفهوم والتجريم على أي نزاع مسلح من أي نوع سواء كان دولياً أو غير دولي.

وأخيراً جاءت اتفاقية مناهضة الارتزاق عام 1989 لتكون الصك القانوني الدولي الوحيد الذي يجرّم الارتزاق وداعميه والمرتزقة، وكذلك دون حصر ذلك في نوع معين للنزاع المسلح، بل تخطت ذلك متناولة الارتزاق في حالات أخرى كأعمال العنف بهدف الإطاحة بحكومة ما أو تقويض النظام الدستوري لدولة ما؛ أو تقويض السلامة الإقليمية لدولة ما.[9]

في الحقيقة، إن الوصول إلى هذه الاتفاقية بعد أكثر من تسع سنوات من التفاوض حولها[10] كان أيضاً انعكاساً للتطورات التاريخية والسياقية المرتبطة بظاهرة الارتزاق خاصة بعد سلسلة من محاولات الانقلاب والانفصال التي كانت بقيادة مجموعات المرتزقة وتصاعد القمع والعنف من قبل المرتزقة المجندين من قبل القوى الاستعمارية ضد حركات التحرر في عدة قارات، كتلك التي وقعت في الكونغو خلال ستينيات القرن الماضي، مما أدى إلى صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2465 عام 1968 والذي جرّم استخدام المرتزقة ضد حركات التحرر والاستقلال الوطني.[11]

ثالثاً: قراءة نقدية في الإطار القانوني للارتزاق وتأثيراته:

أ. التوظيف السياسي ومسؤولية الدولة:

نظراً لمحدودية الإطار القانوني المجرّم للارتزاق، والأهم لداعميه – بالمعنى الشامل لمفهوم الدعم – ما زالت اتفاقية مناهضة الارتزاق قاصرة عن أن تعكس أحكاماً عرفية ملزمة في القانون الدولي. وعادة ما يُستخدم مصطلح الارتزاق كإيحاء سياسي مهين، مما يدفع الدول عادة إلى تجنب تناول الموضوع أو إنكاره كي لا توصم بتوظيف الارتزاق، ولكن الكثير من هذه الدول تستخدم هذا التجنب/الإنكار ذاته لتكثيف توظيف الارتزاق لمصالحها السياسية والعسكرية خاصة في ضوء الطبيعة المعاصرة للنزاعات العابرة للحدود. وفي هذا الأمر “امتياز” مهم للغاية يتجلى في تقليص أو ضبابية إثبات مسؤولية الدولة القانونية عن الأفعال التي قد يقوم بها المرتزقة.

وفقاً للقانون الدولي، تتحمل الدولة فقط مسؤولية الفعل أو السلوك المنسوب إليها.[12] وحيث أن الدولة كيان مجرد لا يمكنه القيام بالأفعال بكونه كذلك، يفترض أن تكون أفعال أجهزة الدولة هي أفعال الدولة.[13] هذه القاعدة القانونية من شأنها أن تخدم تلك الدول المتجنبة/المنكرة لقضية الارتزاق بشكل مباشر من خلال المجادلة البسيطة بإنكار تمثيل المرتزقة أو من يجندهم، أو يمولهم، أو ينقلهم، إلخ. لأي من أجهزة الدولة. وبالتالي، باستثناء الدول الـ37 الأطراف في اتفاقية مناهضة الارتزاق، يبقى هامش مسؤولية الدول الأخرى فيما يتعلق بمنع تجنيد المرتزقة محدوداً جداً في نطاق المادة الرابعة من اتفاقية لاهاي الخامسة عام 1907، والتي تقتصر هذه المسؤولية على الدول التي تعلن الحياد بخصوص نزاع مسلح دولي هي ليست طرفاً فيه. كما أن هذه القاعدة تنقلنا لسؤال أكثر تعقيداً بخصوص ما إذا كانت أفعال أو سلوكيات جهات خاصة – لا تمثل الدولة رسمياً – قد ترقى لتكون منسوبة للدولة، مثل حالة مجموعة فاغنر الروسية.[14]

كي يتم إثبات مسؤولية الدولة عن أفعال تقوم بها جهات خاصة، يجب البحث فيما إذا قد تم تفويض تلك الجهات للقيام بمهام أو أدوار حكومية، أو أن الدولة قد وجهت، أو سيطرت، أو أمرت تلك الأفعال التي قامت بها تلك الجهات.

وفيما يتعلق بحالة التفويض، وعدا عن السياق المتوقع من قبل الدول لجهة إنكاره بشكل مباشر، فقد أثبتت السوابق القضائية مدى صعوبة وتعقيد إثبات مثل هذا التفويض كون تفسيره يرتكز بشكل أساسي على أن تكون المهام الموكلة للجهات الخاصة مرتبطة بالمصلحة العامة أو سيادة الدولة، كتلك المتعلقة بإدارة السجون أو نقل المحتجزين أو المشاركة في مهام خلال نزاع مسلح تكون الدولة طرفاً فيه.[15] مع الأخذ بعين الاعتبار الأشكال المعاصرة للنزاعات المسلحة العابرة للحدود، والتداخل المعقد لأدوار الدول في تلك النزاعات دون أن تعتبر – قانونياً – طرفاً مباشراً فيها، كمشاركة حزب الله اللبناني في النزاع في سوريا ومدى مسؤولية لبنان كدولة خاصة وأن حزب الله جزء من الحكومة وله تمثيله النيابي، تزداد ضبابية وتعقيد إثبات مثل هذا التفويض من أجل تحميل الدول مسؤوليتها تجاه الأفعال الخاطئة المرتكبة من قبل تلك الجهات الخاصة، والمرتزقة أحد أشكالها في هذه الحالة.

أما فيما يتعلق بحالة السيطرة أو التعليمات، تشترط لجنة القانون الدولي في المادة 8 من مسودة المواد حول مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً ما يلي: “يعتبر تصرف أي شخص أو مجموعة من الأشخاص فعلًا صادرًا عن الدولة بموجب القانون الدولي إذا كان الشخص أو مجموعة الأشخاص يتصرفون في الواقع بناءً على تعليمات تلك الدولة أو تحت إشرافها أو سيطرتها في تنفيذ ذلك التصرف”. ونظراً للإنكار والغموض وانعدام الشفافية فيما يتعلق بقضايا تجنيد المرتزقة، قد يكون من شبه المستحيل إثبات شرط السيطرة الفعالة الذي اشترطته محكمة العدل الدولية لإثبات مسؤولية الدولة في هذا السياق عن الأفعال غير المشروعة دولياً لجهة خاصة غير حكومية.[16] حتى في حالة بعض الدول التي تُشرعن تصدير الخدمات العسكرية مثل الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، عادة ما تكون الكيانات القائمة على هذه الخدمات خارج الهرمية القيادية العسكرية كما كان حال “الشركات الأمنية” في العراق، مما يجعل إثبات السيطرة الرسمية أو توجيه التعليمات أو الأوامر لتلك الكيانات أمراً بالغ التعقيد إن لم يكن مستحيلاً.

الجدير بالذكر أن بعض الدول التي تعتبر الأكثر إثارة للجدل بخصوص توظيف أو تيسير الارتزاق، مثل روسيا، قد جرّمت في تشريعاتها الوطنية المشاركة في أنشطة المرتزقة.[17] إلا أن هذه التشريعات عادة ما تستخدم كسلاح وقائي ضد الغير تماماً كما فعل المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية حين أعلن أن الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب أوكرانيا لن يتمتعوا بصفة أسرى حرب وستتم محاسبتهم جنائياً وفقاً للقوانين الروسية.[18] وقد أثبتت الممارسة أن تطبيق هذه القوانين قد تم فعلاً في روسيا في قضايا ما بين ٢٠١٧ و٢٠١٩ ولكن ضد مواطنين روس شاركوا إلى جانب أوكرانيا في النزاع منذ ٢٠١٤.[19]

ب. تعريف المرتزق وشرعنة الارتزاق:

يُعتبر تعريف المرتزق الوارد في المادة 47 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1949، هو المعتمد من قبل أغلبية الدول – باستثناء تلك الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة الارتزاق. ويعتبر هذا التعريف انعكاساً للقانون الدولي الإنساني العرفي، على الرغم من رفض الولايات المتحدة الأمريكية هذا التوصيف.[20] يترتب على هذا التعريف مجموعة من الاعتبارات والآثار التي تعزز على الأرجح من شرعية الارتزاق، بل وتنظّم عمل المرتزقة:

أولاً، كما ورد أعلاه، لم تهدف المادة 47 إلى تجريم أو حظر الارتزاق، بل إلى تحديد الشروط التي بموجبها مجتمعةً ينطبق توصيف المرتزق خلال النزاع المسلح الدولي حصراً، ونتيجة ذلك عدم تمتعه بامتيازات المقاتل (combatant) وبالتالي عدم انطباق صفة أسير الحرب عليه حين يحتجزه أحد أطراف النزاع. وقد أدى هذا الإطار “التنظيمي” لوضع المرتزقة إلى عدم تجريم الارتزاق في ميثاق روما المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية على اعتبار أن الأخير ينطلق في توصيف الجرائم الدولية خلال النزاع المسلح من الإطار القانوني الناظم للقانون الدولي الإنساني. يضاف إلى ذلك أن نصّ هذه المادة لا يلزم الدول بمنع صفة أسير الحرب عن المرتزق المحتجز، ولكنه يجيز لها ذلك فقط، أي ما زال بإمكان الدول أن تقرر منح المرتزق المحتجز صفة أسير الحرب دون أن يُعتبر ذلك مخالفة لأحكام البروتوكول.[21] إن عدم الحظر والإبقاء على أحقية الدول في منح صفة أسير الحرب للمرتزقة قد يعتبران عاملين أساسيين في تشجيع الأفراد والدول على ممارسة ودعم الارتزاق.

ثانياً، إن عدم تناول قضية الارتزاق في البروتوكول الإضافي الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية هو أمر بديهي طالما أن تنظيمها في سياق النزاع المسلح الدولي يهدف إلى تقرير صفة أسير الحرب أو نفيها، وهي الصفة غير المنطبقة في المقام الأول خلال النزاعات المسلحة غير الدولية. وعليه، في سياق النزاع المسلح غير الدولي، إذا تم احتجاز أحد الأفراد الذين ينطبق عليهم تعريف المرتزق، وقررت الجهة المحتجزة محاكمته، فستنطبق عليه أحكام المشاركة في العمليات العدائية فقط، وليست محاكمة بناء على صفته كمرتزق، إلا إذا كانت القوانين الوطنية للدولة المحتجزة تجرم الارتزاق. وحيث أن أغلبية النزاعات المسلحة المعاصرة هي غير دولية، لا شيء في أحسن الأحوال يمنع من تكثيف ممارسة تجنيد واستخدام المرتزقة هذا إذا لم تُعتبر هذه المحدودية عامل تشجيع على هذه الممارسة (كمال الحال في النزاع الليبي).

ثالثاً، يطرح التعريف مقارنة إشكالية بين المرتزقة ومجموعات الميليشيا أو المتطوعين الذين ينتمون لأحد أطراف النزاع المسلح الدولي، وهي من الفئات المشمولة في تصنيف المقاتلين الذين يتمتعون بصفة أسرى الحرب عند احتجازهم وفقاً للمادة 4 (أ) (2) من اتفاقية جنيف الخاصة بأسرى الحرب. من خلال هذه المادة، يلحظ القانون الدولي الإنساني حق أطراف النزاع في أن يقاتل إلى جانبها قوات غير نظامية – أي ليست جزءاً أصيلاً من القوات المسلحة النظامية – ولذلك تقرّ هذه المادة حالة أسير الحرب لأفراد تلك القوات في حال استوفت المجموعة التي ينتمي إليها هؤلاء الأفراد شروطاً خمسة هي كالتالي:[22]

  1. الانتماء لأحد أطراف النزاع: هذا الشرط ضروري لتمييز هذه الفئة عن أفراد القوات المسلحة النظامية المشمولين في المادة 4(أ) (1). هناك متطلبان ضروريان لاستيفاء شرط الانتماء: أولاً، يجب أن تقاتل المجموعة في الواقع نيابة عن هذا الطرف. ثانيًا، يجب على هذا الطرف قبول كل من الدور القتالي للجماعة وحقيقة أن القتال يتم نيابة عنها. القبول يمكن أن يكون من خلال التعبير الصريح من قبل الدولة، أو بشكل غير مباشر مثل قتال تلك المجموعات الفعلي إلى جانب القوات المسلحة النظامية، أو من خلال مستوى سيطرة الدولة على تلك المجموعات. تجدر الإشارة إلى أن حقيقة أن الفرد مواطن لدولة ثالثة وليس من رعايا القوات المسلحة التي يخدمون فيها يعتبر أمرًا غير ذي صلة عندما يتعلق الأمر بتحديد وضع المقاتل أو أسير الحرب.
  2. القيادة المسؤولة: يجب أن يكون للمجموعة ضمن هذه الفئة قيادة مسؤولة عن أفراد وتصرفات المجموعة، وقد وُضِع هذا الشرط لأغراض تعزيز الحماية لضمان أعلى مستوى ممكن من احترام القانون الدولي الإنساني من قبل المجموعة، وبالتالي المحاسبة من قبل تلك القيادة للأفراد المنتهكين.
  3. علامة أو شارة مميزة ثابتة يمكن التعرف عليها عن بعد: القصد من هذا الشرط ضمان أن يلتزم أفراد هذه المجموعة بمبدأ التمييز عن المدنيين، وينطبق هذا على أفراد وأعيان المجموعة.
  4. حمل السلاح علانية: وهو شرط مرتبط أيضاً بضمان الالتزام بمبدأ التمييز عن المدنيين.
  5. تنفيذ العمليات وفقاً لقوانين وأعراف الحرب: كي يتمتع أفراد تلك المجموعات بصفة المقاتل وأسير الحرب بينما هم ليسوا أفراداً في القوات المسلحة النظامية، عليهم الالتزام بأحكام القانون الدولي الإنساني.

رابعاً: مقارنة تحليلية واستنتاجات:

بمقارنة هذه الشروط بتلك الخاصة بتعريف المرتزق، يمكن استنتاج الخلاصات التالية:

  1. أن يُجنّد الفرد محلياً أو خارجياً خصيصاً للمشاركة في نزاع مسلح: تجادل اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن هذا الشرط مخصص لتمييز المرتزقة – في حال استيفاء باقي الشروط مجتمعة – عن المتطوعين المشمولين في المادة 4 (أ)(2) من اتفاقية جنيف الثالثة، على اعتبار أن المتطوعين عادة ما يكونوا مُلحقين بالجيوش على أسس طويلة الأمد وليس حصراً للمشاركة في نزاع مسلح بعينه.[23] في الواقع تطرح هذه الجدلية عدة تساؤلات جوهرية: ماذا لو جندت دولة ما متطوعين على أسس طويلة الأمد، وفي حقيقة الأمر استوفى هؤلاء المتطوعين باقي شروط الارتزاق مجتمعة؟ من أمثلة ذلك الواقعية والمستمرة “الفيلق الأجنبي الفرنسي” والذي تستخدمه اللجنة الدولية في جدليتها كمثال على التطوع واختلافه عن الارتزاق. بمراجعة دقيقة لمتطلبات وتفاصيل الانضمام لهذا الفيلق، يمكن المجادلة بسهولة أن عدداً كبيراً ممن قد يُقبلون في صفوفه يستوفون شروط الارتزاق، وأهمها الدافع المادي (سيتم تناوله أدناه).[24] فهل مجرد كون هؤلاء الأفراد مجندين لفترات طويلة يستثنيهم من تعريف المرتزقة؟ ألا يمكن للدولة أن تستغل مثل هذه المجموعات في عدة نزاعات متزامنة أو متتالية وهو تماماً ما قامت/تقوم به فرنسا من خلال الفيلق الأجنبي؟ التساؤل الآخر يتجلى في دعوة الرئيس الأوكراني مؤخراً للتطوع للقتال ضد روسيا في النزاع المسلح الدولي القائم منذ شهر شباط/فبراير 2022.[25] ألا تعتبر هذه الدعوة تجنيداً للمشاركة خصيصاً في نزاع مسلح بعينه مما يدخلهم في نطاق التعريف في حال تم استيفاء باقي الشروط؟

أما التساؤل الأكثر تعقيداً والذي تعكسه طبيعة النزاعات المعاصرة، يتمثل في ظاهرة استخدام مجموعات مسلحة غير حكومية طرف في نزاع مسلح غير دولي من قبل دولة ليست طرفاً في ذلك النزاع كي تقاتل لصالحها أو لصالح مصالحها في نزاع مسلح آخر دولي أو غير دولي. ربما تكون حالة تركيا مؤخراً ودورها الظاهر في هذا السياق، من خلال الانخراط في ثلاث نزاعات مختلفة دولية وغير دولية على الرغم من أن تركيا ليست طرفاً في أي منها: سوريا وليبيا وأذربيجان/أرمينيا، مثالاً حياً عن هذه الفرضية.

فعلى سبيل المثال، تدعم تركيا فصائل سوريّة معارضة/بينها تنظميات إسلامية، تطلق على نفسها اسمها “الجيش الوطني السوري”، منذ سنوات طويلة، وقد شاركت تلك المجموعة مراراً إلى جانب القوات المسلحة النظامية التركية في عملياتها العسكرية في سوريا، وخاصة ضد الكرد داخل الأراضي السورية. كما قامت السلطات التركية بإرسال مقاتلين من تلك المجموعة على اختلاف تشكيلاتها للمشاركة في النزاع المسلح غير الدولي في ليبيا لصالح طرف حليف لتركيا – حكومة الوفاق.[26] ولاحقاً إلى جانب أذربيجان في نزاعها مع أرمينيا. إن الشرط الأول في تعريف البروتوكول الإضافي الأول ورأي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بخصوص التجنيد خصيصاً للقتال في نزاع مسلح محدد يعتبران قاصرين – في ظل المحدودية القصوى للإطار – عن التوصيف القانوني الدقيق لهؤلاء المقاتلين على اعتبار أنهم لم يجندوا في حقيقة الأمر خصيصاً للقتال في ليبيا، بينما هم ليسوا أفراداً في القوات المسلحة التركية النظامية، وليسوا متطوعين فيها بشكل رسمي، ولكن يمكن اعتبارهم ينتمون لها وفق معايير المادة 4 (أ)(2) من اتفاقية جنيف الثالثة كما ورد أعلاه، ولكن توظيف هذا الانتماء – إذا فرضنا دقته – لم يكن في نزاع مسلح تركيا طرف فيه، هذا عدا عن أن النزاع في ليبيا هو نزاع مسلح غير دولي في المقام الأول مما يستثني انطباق المادتين قيد البحث من اتفاقية جنيف الثالثة والبروتوكول الإضافي الأول.

  1. أن يشارك فعلياً في العمليات العدائية: إن اقتصار الأدوار المتوقعة للمرتزقة على المشاركة الفعلية أو المباشرة في العمليات العدائية يساهم في حقيقة الأمر في استثناء كافة الأدوار الداعمة الأخرى التي قد يقوم بها المرتزقة خلال النزاع المسلح، خاصة وان اللجنة الدولي للصليب الأحمر – من منطلق تعزيز الحد الأقصى للحماية – تؤكد على هذا الدور لدرجة استثناء الخبراء والمستشارين العسكريين،[27] وهو دور قيّدته اللجنة عبر الشروط الثلاثة التي يجب استيفائها مجتمعة لاعتبار الفرد مشاركاً مشاركة مباشرة في العمليات العدائية:[28]
  • يجب أن يكون من شأن العمل أن يؤثر سلباً في العمليات العسكرية أو في القدرة العسكرية لطرف من أطراف النزاع، أو في حالات أخرى، أن يلحق الموت أو الإصابة أو الدمار بالأشخاص المحميين أو الأعيان المحمية من الهجمات المباشرة (حد حصول الضرر).
  • يجب أن تكون هناك علاقة سببية مباشرة بين العمل والضرر المحتمل أن ينتج عن هذا العمل أو عن عملية عسكرية منسقة يشكل هذا العمل جزءاً لا يتجزأ منها (العلاقة السببية المباشرة).
  • يجب أن يكون العمل مصمماً خصيصاً للتسبب مباشرة بالحد المعين من الضرر دعماً لطرف في النزاع وعلى حساب الطرف الآخر (الارتباط بالعمل الحربي).

هذا التقييد من شأنه إخراج العديد من الجهات ذات الصلة بالمرتزقة من نطاق التعريف لأنها تقدم دعماً لأحد أطراف النزاع لا يرقى ليكون مشاركة مباشرة في العمليات العدائية مثل “بناء المهارات العسكرية، على سبيل المثال في مجال التخطيط للعمليات أو استخدام وصيانة الأسلحة وغيرها من المعدات، علاوة على دعمها في استكمال الموارد العسكرية والاضطلاع بدور مضاعِف للقوة”.[29]

  1. أن يكون دافعه الأساسي هو الكسب الشخصي: وأن يكون ذلك الكسب مادياً ويزيد بشكل كبير عما تم التعهد به أو دفعه للمقاتلين من رتب ومهام مماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف. ويُعتبر هذا الشرط جوهر المسألة ومثار الجدل أو التعقيد الأساسي في التعريف، والسبب في ذلك أنه شرط يعتمد على قياس الدافع وهو أمر لا يمكن التحقق منه بشكل موضوعي. في تقريرها عام 1976، أكدت لجنة المستشارين الخاصين المعينين للتحقيق في تجنيد المرتزقة المعيّنة من قبل رئيس الوزراء البريطاني للتحقيق في تجنيد مرتزقة من المملكة المتحدة في أنغولا ولدراسة الحاجة لتشريعات بهذا الخصوص أن “أيّ تعريف للمرتزقة يتطلب دليلًا إيجابيًا على الدافع سيكون إما غير عملي، أو عشوائيًا في تطبيقه كما هو الحال بين أفراد مشابهين بحيث يكون غير مقبول. المرتزقة، نعتقد أنه لا يمكن تعريفهم إلا بالرجوع إلى ما يفعلونه”.[30]

ويطرح هذا الشرط إشكاليتين أساسيتين: هل يكون الدافع دائماً الكسب المادي النقدي، وهل الحصول على مكاسب أعلى مما يحصل عليه المقاتلون في القوات المسلحة يكون شرطاً لقبول المرتزقة القتال؟ بعض النيجيريين الذين عبروا عن رغبتهم في القتال إلى جانب أوكرانيا مؤخراً أكدوا أن دافعهم الأساسي هو “الهروب من المشاكل الوجودية للحياة في نيجيريا”.[31] البعض الآخر اقتصر دافعهم على الرغبة في القتال كونهم جنود سابقون ولا يعرفون القيام بشيء آخر سوى القتال ويرغبون في توظيف مهاراتهم القتالية التي لا تقوم حكومتهم النيجيرية باستغلالها.[32] وألا يمكن أن يكون المكسب خاصاً، ولكن غير مادي/نقدي؟ مثال ذلك الوعد بالحصول على جنسية الدولة التي سيقاتل المرتزق لصالحها كما هو الحال في السياق الأوكراني ودعوة الرئيس لمواطني العالم للقتال في بلده.[33] كما تلعب عوامل أخرى دوراً في تشكيل الدافع الذاتي ومفهوم الكسب لدى الأفراد، فقد تكون العوامل الأيديولوجية أو السياسية أو الاعتقاد بحماية المصالح الوطنية دافعاً ذاتياً كما أشار إلى ذلك الفريق العامل المعني باستخدام المرتزقة.[34]

إن طبيعة عمل الجهات الفاعلة في مجال المرتزقة تتطلب السرية وعدم الشفافية سواء كان هؤلاء الفاعلين دولاً أو شركات خاصة أو أفراداً، وبالتالي يُعتبر إثبات الحصول على المكسب المادي الذي يفوق ما يحصل عليه المقاتلون في القوات المسلحة أمراً فائق الصعوبة. ويكفي للجهة المجندة للمرتزقة أن توثق حصول هؤلاء على نفس مستوى البدل المادي الذي يحصل عليها مقاتلوها النظاميون كي تتجنب – قانونياً وسياسياً – وصم تجنيد أو دعم الارتزاق.

ويزداد تعقيد هذه المسألة في الأوضاع التي لا تنطبق فيها أحكام القانون الدولي الإنساني النافذ على النزاعات المسلحة الدولية، كالنزاعات المسلحة غير الدولية والحالات الأخرى مثل محاولات قلب نظام الحكم وزعزعة الاستقرار. تنطبق اتفاقية مناهضة الارتزاق على هذه الأوضاع، وفقط على الدول الأطراف. ويبرز التحدي الأكبر عند تورط المجموعات المسلحة غير الحكومية في قضايا الارتزاق، وهو الأمر الذي بات يشهد تطوراً كبيراً حيث إن قضايا الارتزاق في هذا السياق لم تعد محصورة في الاستخدام في النزاع المسلح الذي تكون هذه المجموعة طرفاً فيه، إنما تورط هذه المجموعات في عمليات تجنيد ونقل مقاتلين من صفوفها إلى نزاعات أخرى عابرة للحدود.[35]

  1. ليس من رعايا أحد أطراف النزاع أو مقيمًا في إقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع: يضيف هذا الشرط تعقيداً إضافياً فيما يخص تحديد المعيار الفاصل ما بين المرتزق والمتطوع وفق المعنى الوارد في المادة 4 (1)(2) من اتفاقية جنيف الثالثة والتي لا تشترط أن يكون المتطوعون من جنسية الدولة الطرف في النزاع أو من المقيمين على أراضي تحت سيطرتها. وحيث أن العديد من الدول تنظم في تشريعاتها الوطنية عمليات تجنيد المقيمين من غير المواطنين أو حتى غير المواطنين غير المقيمين في قواتها المسلحة،[36] فهذا يضاعف من ضبابية التصنيف ويعطي للدول هامشاً واسعاً يمكنها من تطويع مفهوم التطوع على أوسع نطاق. مثال ذلك بعض القوانين والمراسيم الأوكرانية تنظم منذ 2015 عمليات انضمام/تطوع الأجانب في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية.[37]

على جانب آخر، يبرز تحدٍّ آخر متعلق بجزئية ألاّ يكون الفرد مقيماً في إقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع. ترفض تركيا الاعتراف بسيطرتها على مناطق في شمال سوريا،[38] ولكنها قامت بتجنيد وإرسال مقاتلين إلى ليبيا من تلك المناطق من عناصر المجموعات المسلحة التابعة أو المدعومة مباشرة منها.[39]

  1. ليس فردًا في القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع: يوصف هذا الشرط بأنه جعل تعريف المرتزقة بلا معنى.[40] ببساطة، يكفي للدول أن تقوم بضم المرتزقة إلى صفوف قواتها المسلحة عبر عقود مؤقتة أو طويلة الأمد لتجاوز هذا الشرط، كحالة “الفيلق الأجنبي الفرنسي”. يمكن للدول بسهولة أن تجادل انطباق شرط الانتماء وفقاً للمادة 4 (أ)(2) من اتفاقية جنيف الثالثة لاعتبارهم أفراداً من القوات المسلحة.
  2. لم ترسله دولة ليست طرفًا في النزاع في مهمة رسمية كعضو في قواتها المسلحة: بمعنى آخر أن يتم تجنيد الفرد بصفته الشخصية وليس باعتباره ممثلاً لدولة ثالثة. مع تطور وتغير طبيعة وشكل النزاعات المعاصرة، وظهور الشركات الأمنية والعسكرية، والتطور التكنولوجي السريع الذي يمكن القوى من الالتفاف على هذا الشرط، مثل مجموعة فاغنر سيئة السمعة التي تتمتع بحصانة سرية المعلومات إذا ما اعتبرت جهة تتعاون مع المخابرات الخارجية لروسيا الاتحادية دون أن يكون أفرادها موظفين رسميين وفقاً للمرسوم الذي وقعه الرئيس بوتين في أيلول/سبتمبر 2018. عدا عن ذلك، تقدم المادة 359 من القانون الجنائي الروسي تعريفاً للمرتزق يتضمن إشارة جدلية تعتبر منفذاً أساسياً للالتفاف على هذا الشرط: ” أي شخص يعمل بغرض الحصول على مكافأة مادية، وليس من مواطني الدولة التي يشارك في نزاعها المسلح أو الأعمال العدائية، ولا يقيم بشكل دائم على أراضيها، وأيضًا ليس شخصًا يقوم بأداء الواجبات الرسمية”.[41] إسقاطاً على ما تقوم به مجموعة “فاغنر” وغيرها من الشركات الموصوفة بأنها خاصة، يمكن للدولة الروسية أن تجنب المجموعة وصف المرتزقة إن أقرت أنها تقوم بواجبات رسمية كتلك التي تقوم بها في روسيا، أو أن تتملص من مسؤولياتها بمجرد نفي هذه المهام، تماماً كما كان الموقف الروسي في الرد على مراسلة الإجراءات الخاصة بخصوص ادعاءات عدم قيام السلطات الروسية بالتحقيق في انتهاكات منسوبة لمجموعة فاغنر بحق مواطن سوري في سوريا.[42] وقد ورد في الرد ” إذا كان أي من مواطني الاتحاد الروسي خاضعًا لعقود خاصة في الخارج مع مؤسسات غير حكومية، بما في ذلك الشركات الأجنبية، فلا يمكن أن يكون ذلك سببًا لمواءمة أنشطتهم مع سياسة الدولة للسلطات الروسية”.[43]

ترتبط الشروط الثلاثة الأخيرة ببعضها البعض بشكل وثيق. ويشهد النزاع الروسي الأوكراني سوابق عديدة فيما يتعلق بجدلية الارتزاق والتطوع. على سبيل المثال، تمّ توثيق تورط أجهزة تابعة للسلطات السورية بعمليات تحضيرية لإرسال أفراد ليقاتلوا إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا.[44] في تحليل الموقف، يتبين أن دولة ليست طرفاً في النزاع – سوريا – تقوم بتجنيد مقاتلين لحساب دولة أخرى طرف في النزاع – روسيا – والتي تقوم بمظاهر سيطرة متنوعة على قطاعات واسعة من القوات المسلحة للدولة الأولى (سوريا) وعلى أراضيها أيضاً، وتقوم بدعمها أيضاً في النزاع المسلح غير الدولي المنخرطة فيه. إن القراءة التقييدية لشروط تعريف المرتزق وفقاً للبروتوكول الإضافي الأول وكذلك اتفاقية مناهضة الارتزاق المتطابقة معه، سيمكن جميع الأطراف في هذه العملية من تجنب ادعاءات تجنيد أو دعم المرتزقة. يمكن لسوريا أن تدعي أنها ترسل المقاتلين بصفة رسمية، وبالتالي يسقط الشرط الأخير. ويمكن لروسيا أن تدعي أنها لا تمارس سيطرة على الأراضي التي يتم فيها التجنيد، ويسقط الشرط الرابع. ويمكن لروسيا وسوريا التذرع بالتعاقد الرسمي مع هؤلاء المجندين وعملهم في صفوف القوات المسلحة الروسية خاصة وأن شروط التجنيد كما ورد في تقرير سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تنص على أفضلية توفر خبرة سابقة في العمل تحت إمرة ضباط روسيين، وبالتالي يسقط الشرط الخامس. وكما هو معلوم، إن عدم استيفاء أي من الشروط الستة لتعريف المرتزق، كفيل بانتفاء صفة الارتزاق حسب المعنى الوارد في البروتوكول الإضافي الأول، وكذلك انتفاء أي مسؤولية للدولة إذا ما افترضنا نفاذ اتفاقية مناهضة الارتزاق.


[1] هناك فقط 37 دولة عضو في الاتفاقية حتى تاريخ 25 آذار/مارس 2022 وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة للمعاهدات: https://treaties.un.org/Pages/ViewDetails.aspx?src=IND&mtdsg_no=XVIII-6&chapter=18&clang=_en

[2] يعتبر البروتوكول الإضافي الأول واحدة من أكثر المعاهدات الدولية انضماماً و/أو مصادقة وباتت أغلبية أحكامها تعتبر انعكاساً للقانون الدولي الإنساني العرفي. يمكن الاطلاع على حالة التوقيع، الانضمام، والصادقة عبر الرابط التالي: https://treaties.un.org/pages/showdetails.aspx?objid=08000002800f3586

[3] هو مفهوم جديد نسبياً يتناول النزاعات غير الدولية والتي تتدخل فيها دول لصالح الأطراف. هو ليس نوعاً جديداً للنزاع المسلح من وجهة نظر قانونية، ولكنه تعبير يستخدم لوصف مثل هذه الحالات المعقدة.

[4] Among many others, those mercenaries are well known in history: the pikemen of Switzerland, the landsknechts of Germany, the arquebusiers of Spain, and the condottieri of Italy, see for example: https://www.warhistoryonline.com/war-articles/swiss-pikemen.html?safari=1

[5] James L. Taulbee, Myths, Mercenaries and Contemporary International Law, 15 California Western International Law Journal 339 (1985).

[6] شهدت الكونغو العديد من تجارب استخدام المرتزقة عبر القوى الاستعمارية أو خلال نزاعاتها المسلحة. على سبيل المثال، اتُّهمت البرتغال بتيسير تجنيد ونقل وعمل المرتزقة على أراضي أنغولا الخاضعة للاستعمار البرتغالي خلال الستينيات للقيام بعمليات عسكرية ضد الكونغو. للاطلاع على المزيد:

  1. J. G. Clarke, The Congo Mercenary, A History and Analysis, The South African Institute of International Affairs, 1968 (Available at: https://media.africaportal.org/documents/SAIIA_THE_CONGO_MERCENARY_-_A_HISTORY_AND_ANALYSIS.pdf).

[7] L. C. Green, The Status of Mercenaries in International Law, 9 Manitoba Law Journal 201, 224 (1979).

[8] اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 الخاصة بمعاملة أسرى الحرب، المادة 4.

[9] الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم لعام 1989، المادة 1 (2).

[10] عام 1979، شكلت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة مؤقتة لصياغة الاتفاقية وفقاً للقرار رقم 34/140.

[11] UN General Assembly, Twenty-third Session, A/RES/2465(XXIII), Implementation of the Declaration on the Granting of Independence to Colonial Countries and Peoples, 20 December 1968 (Available at: https://documents-dds-ny.un.org/doc/RESOLUTION/GEN/NR0/244/25/IMG/NR024425.pdf?OpenElement).

[12] لجنة القانون الدولي، مسودة المواد حول مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً، 2002، المادة ٢(أ).

[13] International Court of Justice (ICJ), LaGrand (Germany v. United States), Judgment, 27 June 2001, ICJ Reports 2001, para. 81.

[14] المزيد حول ذلك أدناه.

[15] See for instance: Rankin v. Iran, 17 Iran-USCTR 135 (1987-IV); Yeager v. Iran, 17 Iran-USCTR 92, 101 (1987-IV); and Hyatt International Corporation v Iran, 9 Iran-USCTR 72 (1985-II).

[16] ICJ, Case concerning Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua (Nicaragua v. United  States), Judgment (Merits), 27 June 1986, ICJ Reports 1986, paras. 109-115.

[17] أنظر: المادة ١٣(٥) من الدستور الروسي تحظر تأسيس الجمعيات التي تتضمن أهدافها تشكيل وحدات مسلحة؛ والمادة ٣٥٩ من القانون الجنائي للاتحاد الروسي.

[18] Russian News Agency, Foreign mercenaries in Ukraine will not have POW status – Russian military, 03 March 2022 (Available at: https://tass.com/politics/1416131?utm_source=ejiltalk.org&utm_medium=referral&utm_campaign=ejiltalk.org&utm_referrer=ejiltalk.org).

[19] الفريق العامل المعني بمسألة استخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير، الأشكال والاتجاهات والمظاهر الآخذة في التطور للمرتزقة والأنشطة المتصلة بهم، ٢٨ تموز/يوليو ٢٠٢٠، وثيقة الأمم المتحدة رقم: A/75/259، فقرة ٢١، صفحة ٩.

[20] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة ١٠٨، المرتزقة (متوفر عبر الرابط: https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docindex/v1_rul_rule108).

[21] ICRC, Commentary of 1987 on the Protocol Additional to the Geneva Conventions of 12 August 1949 and relating to the Protection of Victims of International Armed Conflicts (Protocol I), p. 575, para. 1795.

[22] ICRC, Commentary of 2020 on Convention III relative to the Treatment of Prisoners of War of 12 August 1949, paras. 1001-1027.

[23] ICRC, Commentary of 1987 on the Protocol Additional to the Geneva Conventions of 12 August 1949 and relating to the Protection of Victims of International Armed Conflicts (Protocol I), pp. 578-9, para. 1805.

[24] See e.g.: Foreign Legion Info (Available at: http://foreignlegion.info/joining/).

[25] CNN, Ukraine’s Zelensky calls on “citizens of world” to join in fight against Russia, 27 February 2022 (Available at: https://edition.cnn.com/europe/live-news/ukraine-russia-news-02-27-22/h_9ffa23d19f5bde298a75a3e2be13e13d).

[26] أنظر على سبيل المثال تقرير منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة والمصادر الواردة فيه: تجنيد تركيا لمرتزقة سوريين للقتال في ليبيا: الإجراءات والتبعات القانونية، 11 أيار/مايو 2020 (متوفر عبر الرابط: https://stj-sy.org/ar/تجنيد-تركيا-لمرتزقة-سوريين-للقتال-في-ل/)؛ وكذلك الشكوى المقدمة من قبل المنظمة وبعض الشركاء للفريق العامل المعني باستخدام المرتزقة في آذار/مارس 2022 (متوفر عبر الرابط: https://stj-sy.org/wp-content/uploads/2022/03/شكوى-مقدمة-إلى-الفريق-الأممي-العامل-المعني-باستخدام-المرزقة.pdf).

[27] ICRC, Commentary of 1987 on the Protocol Additional to the Geneva Conventions of 12 August 1949 and relating to the Protection of Victims of International Armed Conflicts (Protocol I), p. 579, para. 1806.

[28] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، دليل تفسيري لمفهوم المشاركة المباشرة في العمليات العدائية بموجب القانون الدولي الإنساني، آذار/مارس ٢٠١٠، صفحة ٤٦.

[29] الفريق العامل المعني بمسألة استخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير، الأشكال والاتجاهات والمظاهر الآخذة في التطور للمرتزقة والأنشطة المتصلة بهم، 28 تموز/يوليو 2020، وثيقة الأمم المتحدة رقم: A/75/259، فقرة 40، صفحة 14.

[30] Report of the Committee of Privy CounsellorsAppointed to Inquire into the Recruitment of Mercenaries, Cmnd. 6569, para. 7 (August 1976).

[31] Ajibola Amzat, International Centre for Investigative Reporting, Why we volunteer to fight in Ukraine?, 04 March 2022 (Available at: https://www.icirnigeria.org/why-we-volunteer-to-fight-in-ukraine/).

[32] Ibid.

[33] Supra note 20.

[34] الفريق العامل المعني بمسألة استخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير، الأشكال والاتجاهات والمظاهر الآخذة في التطور للمرتزقة والأنشطة المتصلة بهم، 28 تموز/يوليو 2020، وثيقة الأمم المتحدة رقم: A/75/259، فقرة 15، صفحة 7.

[35] أنظر على سبيل المثال المرجع السابق، الفقرات ٥٥-٥٧، صفحة ١٧-١٨.

[36] ICRC, Commentary of 1987 on the Protocol Additional to the Geneva Conventions of 12 August 1949 and relating to the Protection of Victims of International Armed Conflicts (Protocol I), p. 580, para. 1812.

[37] مثل القانون رقم ٢٣٨٩ عام ٢٠١٥ والمرسوم الرئاسي رقم ٢٤٨ عام ٢٠١٦.

[38] أنظر على سبيل المثال رد الحكومة التركية على مراسلة الإجراءات الخاصة بخصوص مسؤولية تركيا عن حرمان حوالي ٦٠٠ ألف شخص في شمال شرق سوريا من الوصول الآمن للمياه بسبب القطع المتكرر لعمل محطة علوك للمياه، ٢ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٠ (متوفر هنا: https://spcommreports.ohchr.org/TMResultsBase/DownLoadFile?gId=35760).

[39] المصدر السابق رقم ٢١. أنظر أيضاً تقرير الفريق العامل المعني بمسألة استخدام المرتزقة: الأشكال والاتجاهات والمظاهر الآخذة في التطور للمرتزقة والأنشطة المتصلة بهم، ٢٨ تموز/يوليو ٢٠٢٠، وثيقة الأمم المتحدة رقم: A/75/259، فقرة ٥٧، صفحة ١٨.

[40] ICRC, Commentary of 1987 on the Protocol Additional to the Geneva Conventions of 12 August 1949 and relating to the Protection of Victims of International Armed Conflicts (Protocol I), p. 581, para. 1813.

[41] The Criminal Code of the Russian Federation, No. 63-FZ of June 13, 1996 (Available at: https://www.wto.org/english/thewto_e/acc_e/rus_e/WTACCRUS48_LEG_6.pdf).

[42] Human Rights Council, Special Procedures, Ref.: AL RUS 14/2021, 13 December 2021 (Available at: https://spcommreports.ohchr.org/TMResultsBase/DownLoadPublicCommunicationFile?gId=26701).

[43] The Russian Federation reply to the Special Procedures communication (Ref.: AL RUS 14/2021), 25 February 2022 (Available at: https://spcommreports.ohchr.org/TMResultsBase/DownLoadFile?gId=36828).

[44] سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، سوريا: بدء تسجيل أسماء الراغبين بالقتال في الحرب الروسية على أوكرانيا، 4 آذار/مارس 2022 (متوفر هنا: https://stj-sy.org/ar/سوريا-بدء-تسجيل-أسماء-الراغبين-بالقتا/).

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد