الرئيسية تحقيقات مواضيعية تركيا: سياسة حكومية في استخدام طالبي اللجوء كورقة “ابتزاز”

تركيا: سياسة حكومية في استخدام طالبي اللجوء كورقة “ابتزاز”

وجد آلاف الأشخاص أنفسهم عالقين فجأة بين "فكّي كماشة" انتهاكات حرس الحدود اليوناني والجندرما التركية

بواسطة bassamalahmed
780 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

ملّخص تنفيذي:

بعد إعلان السلطات التركية في 28 شباط/فبراير 2020؛ من أنها لن تمنع اللاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء المتواجدين في تركيا من العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي، توجّه الآلاف؛ منهم سوريين وعراقيين وأفغان وإيرانيين وعدد من المواطنين الأتراك، إلى الحدود البرية التركية-اليونانية، من خلال حافلات تم تأمينها من قبل الحكومة التركية والتي انطلقت بهم بشكل مجاني من المناطق الحيوية في مدينة اسطنبول وخاصة بالقرب من مباني البلديات.

جاء ذلك عقب ساعات فقط من إعلان وزارة الدفاع التركية مقتل 33 جندي تركي وجرح 36 آخرين في غارة جويّة في محافظة إدلب (من قبل طيران الحكومة السورية بحسب الحكومة التركية).

وفي حين ورد على لسان وزير الداخلية التركي “سليمان صويلو” في عدّة تصريحات له، بأنّ بلاده لم تجبر أحد من طالبي اللجوء على مغادرة أراضيها، وبأنّ كل ممن غادر منها غادر طواعية ولرغبته في ذلك، رصدت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، جملة من التصريحات لمسؤولين ورؤساء بلديات أتراك (بعضهم ينتمي لحزب العدالة والتنمية الحاكم AKP وبعضهم الآخر لحزب الشعب الجمهوري المعارضCHP)، والتي، وعلى ما يبدو، تضمنّت دعوة صريحة ومنظمة لعشرات الآلاف من طالبي اللجوء، للتوجه إلى (منطقة أدرنة الحدودية) مع اليونان، ووعدت بتقديم تسهيلات لنقلهم بواسطة حافلات مجانية، والتي تُرجمت لاحقاً إلى أفعال.

تورد سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، في هذا التقرير، إفادة 12 شاهداً/ة وطالباً/ة للجوء، كانوا قد توجهوا إلى الحدود البرية التركية-اليونانية مدفوعين -حسبما أفادوا- بتصريحات مسؤولين أتراك توعدّت بتسهيل عبورهم إلى الحدود الفاصلة بين البلدين بواسطة حافلات نقل مجانية، حيث علم الباحث الميداني لدى المنظمة من خلال جولة ميدانية قام في منطقة الفاتح وتحديداً بالقرب من مبنى مديرية الهجرة -حيث تجّمع العشرات من طالبي اللجوء للتوجه إلى أدرنة الحدودية في 1 آذار/مارس 2020- بأنّ بلدية إسطنبول (التي يرأسها أكرم إمام أوغلو/من حزب الشعب الجمهوري CHP) كانت قد استقدمت عدداً من الحافلات مع سائقيها لقاء حصولهم على أجر مالي، حيث تبيّن ذلك بعد سؤال عدد من سائقي تلك الحافلات.

وروى ثلاثة من طالبي اللجوء الذين قدموا إلى مدينة إسطنبول من مدن تركية أخرى، للتوجه إلى منطقة أدرنة الحدودية، بأنّ السلطات التركية قدمت العديد من التسهيلات لعبورهم إلى اسطنبول، علماً بأنّ السلطات التركية تشترط على اللاجئين الراغبين بالسفر داخل الولايات التركية -عادة وفي الأيام العادية- استصدار “إذنٍ للسفر داخلي” لكنّ هؤلاء أكدوا في شهاداتهم أنهم استطاعوا استقلال الحافلات والوصول إلى إسطنبول ثمّ أدرنة الحدودية بدون استصدار أي إذنٍ السفر وبدون مواجهة أي عوائق تذكر من قبل نقاط التفتيش التابعة للسلطات التركية، رغم عدم امتلاك بعضهم لبطاقة الحماية المؤقتة (الكملك) حتى.

وفي حالة أخرى، قال أحد شهود العيان والذين توجهوا للحدود التركية اليونانية، للباحث الميداني لدى المنظمة، بأنّ عناصر الشرطة التركية كانوا قد قاموا بتوقيفه في 29 شباط/فبراير 2020، أثناء عودته للمنزل، موضحاً بأنهم وعندما وجدوا بطاقة (الكملك) الخاصة به مسجّلة في مدينة أخرى (أورفة – Urfa)، حيث خيروه ما بين دفع المخالفة والعودة إلى مدينة أورفة، أو العبور إلى الحدود التركية اليونانية.

وعلى ما يبدو تعددّت الأسباب التي دفعت الآلاف من طالبي اللجوء لمحاولة العبور إلى الأراضي اليونانية، حيث قرر هؤلاء التوجه إلى الحدود التركية اليونانية، أملاً في حياة أفضل، حيث قال بعض شهود العيان بأنّهم ما إن سمعوا بالتصريحات التركية الواردة حول فتح باب الهجرة إلى أوروبا، حتى قاموا بتسليم منازلهم المستأجرة وبيع كافّة أغراضهم، تاركين كل شيء خلفهم، كما لوحظ من خلال هذه اللقاءات، بأنّ بعضهم كان قد قدم إلى تركيا منذ حوالي العام، فيما لجأ بعضهم الآخر منذ أكثر من 5 سنوات.

وعلى عكس ما أعلن عنه وزير الداخلية التركي “سليمان صويلو” في 4 آذار/مارس 2020، بأنّ أكثر من 130 ألف طالب لجوء، 25% فقط منهم سوريين، كانوا قد غادروا إلى منطقة أدرنة الحدودية، تشير المعلومات التي حصلت عليها الباحث الميداني لدى المنظمة- استناداً إلى مصادر عديدة ومن خلال مشاهدة الباحث الميداني لدى المنظمة نفسه-بأنه من الصعب عل وجه الدقة تحديد أعداد طالبي اللجوء الذين توجهوا إلى منطقة أدرنة الحدودية، وخاصةً من مدينة إسطنبول، على اعتبار أنه لم يتم تسجيل أسماؤهم أو إحصاء أعدادهم أو معرفة وضعهم القانوني أو جنسيتهم، من قبل أي جهة، مرّجحاً بأنّ أعدادهم قد تقدّر بالآلاف.

في الوقت الذي سهّلت فيه السلطات التركية عبور العديد من طالبي اللجوء إلى الحدود التركية اليونانية، يبدو أنها منعت آخرين من العودة إلى مدينة إسطنبول ومدن تركية أخرى، باستخدام القوة وقامت بالاعتداء على بعضهم، وذلك بعد فشلهم في محاولة العبور إلى الأراضي اليونانية، حيث تبيّن وبعد التأكد من 10 شهود تمّت مقابلتهم على الحدود التركية اليونانية، 5 منهم وافقوا على الإدلاء بشهاداتهم لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة (من بينهم نساء)، بأنهم إما كانوا قد تعرّضوا للضرب والتهديد من قبل عناصر الجندرمة التركية، لدى رفضهم معاودة العبور إلى اليونان ورغبتهم في العودة، أو أنهم كانوا شاهدين بشكل مباشر على ضرب آخرين من قبل هؤلاء العناصر، كما أفاد اثنين من الشهود، بأنّ عناصر الجندرمة التركية، كان يجبرون العديد من طالبي اللجوء على معاودة العبور إلى الأراضي اليونانية أكثر من مرة (باستخدام القوة أحياناً)، رغم تعرّض العديد منهم للضرب والإعادة إلى الجانب التركي من قبل حرس الحدود اليواني، حيث أنّ العديد منهم تعرّض للضرب من قبل الجانب التركي واليوناني على حد سواء.

معظم الشهود الذين تمّت مقابلتهم على الحدود التركية اليونانية، أفادوا بأنّ عناصر الجندرمة التركية، كانوا يقومون بتوفير القوارب المطاطية لاجتياز النهر الفاصل بين البلدين، لقاء الحصول على مبلغ 100 ليرة تركية من كل شخص، في حين قال العديد منهم بأنهم شاهدوا عدداً من العاملين في مجال “التهريب/الاتجار بالبشر” في النقاط الحدودية التي تجمّع بها آلاف من طالبي اللجوء، وهم يقفون على مرأى من عناصر الجندرمة التركية (حرس الحدود التركي).

ورصد الباحث الميداني خلال جولته الميدانية، بعض الحالات، لأشخاص سوريين كان قد تم ترشيح اسمهم للحصول على الجنسية التركية، لكنهم فضلوا خوض المغامرة وتوجهوا للحدود التركية اليونانية، أملاً في العبور إلى الأراضي الأوروبية، ولوحظ بأنّه من بين طالبي اللجوء السوريين، أشخاص يتمتعون بوضع قانوني، أنهم يمتلكون بطاقة الحماية المؤقتة “الكملك” المسجّلة في المدن التي يقيمون بها.

من جانبها، منعت السلطات اليونانية طالبي اللجوء من العبور إلى أراضيها، باستخدام القوة في أحيان كثيرة، حيث روى عدد من شهود العيان وطالبي اللجوء الذين تمّ لقاؤهم من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة، بأنهم كانوا قد تعرّضوا للضرب وسلب أغراضهم وتجريدهم من ملابسهم من قبل حرس الحدود اليوناني، لدى محاولاتهم العبور إلى الأراضي اليونانية.

في 6 آذار/مارس 2020، أعلن خفر السواحل التركي، عن “منع المهاجرين غير الشرعيين في تركيا من عبور بحر إيجة للوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي”، وقد جاء ذلك عقب يوم واحد فقط، من إعلان تركيا في 5 آذار/مارس 2020، التوصل مع روسيا، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب السورية. (انظر في الفقرة: “قرار بمنع المهاجرين من عبور بحر إيجه عقب الاتفاق التركي الروسي”).

وأشارت العديد من المعلومات والمصادر، التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ السلطات التركية بدأت بالسماح للعديد من طالبي اللجوء الذين تجمّعوا على الحدود التركية اليونانية-عقب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب- بالعودة إلى الولايات التركية التي يقيمون بها، وذلك بعد منعها لهم من العودة وإجبارهم على معاودة العبور إلى الأراضي اليونانية في الأيام التي سبقت هذا الاتفاق، كما أفاد ناشطون إعلاميون قاموا بتغطية هذا الحدث، بأنّ السلطات التركية وفي 8 آذار/مارس 2020 كانت قد أوقفت الحافلات المجانية التي تقلّ طالبي اللجوء إلى الحدود التركية اليونانية، وتوقفت عن استقبال أعداد جديدة من طالبي اللجوء في منطقة أدرنة الحدودية، مشيرين إلى أنّ العديد من طالبي اللجوء فضلوا العودة بعد أن فقدوا الأمل في العبور إلى الأراضي اليونانية، في حين أنّ بعضهم الآخر ما زال متواجداً على الحدود التركية اليونانية من أجل معاودة العبور إلى الأراضي اليونانية وذلك حتى تاريخ 17 آذار/مارس 2020.

من المهم الإشارة أنّه وبتاريخ 18 مارس/آذار 2016، توصل الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى اتفاق بعيد المدى للتحكم في الهجرة، وصدر رسمياً في صورة بيان، وبموجبه وافقت تركيا على يُعاد إليها جميع “المهاجرين غير الشرعيين” الذين عبروا إلى الجزر اليونانية بعد 20 مارس/آذار 2016، مقابل الحصول على ستة مليارات يورو بالإضافة إلى امتيازات سياسية من الاتحاد الأوروبي.

منهجية التقرير:

اعتمد هذا التقرير في منهجيته على (12) شهادة ومقابلة بالمجمل، حيث استمع الباحث الميداني إلى شهادة (10) من طالبي/ات اللجوء بالإضافة إلى شهادة (2) ناشطين/ات إعلاميين، ممن كانوا قد توجهوا إلى الحدود التركية اليونانية، عقب إعلان السلطات التركية، بأنها لن تمنعهم من العبور إلى الأراضي الأوروبية، حيث تمّ مقابلة هؤلاء من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة، خلال الفترة الممتدة ما بين 1 آذار/مارس إلى 8 آذار/مارس 2020.

وفي التفاصيل، قابل الباحث الميداني 3 من طالبي اللجوء بشكل مباشر، حيث أفادوا حول التسهيلات التي قدمتها السلطات التركية لهم، حين قدومهم إلى مدينة إسطنبول من مدن تركية أخرى، دون الحاجة لاستصدار إذن للسفر أو توقيف عناصر نقاط التفتيش التابعة للحكومة التركية خلال رحلتهم تلك.

شاهد رابع تمّت مقابلته بشكل مباشر، قال بأنّ السلطات التركية قامت بتوقيفه في مدينة إسطنبول، لكونه يحمل بطاقة (كملك) مسجّلة في مدينة أخرى، حيث خيرته ما بين سداد المخالفة أو التوجه إلى الحدود التركية اليونانية.

5 من طالبي اللجوء السوريين، الذين تمّت مقابلتهم أيضاً بشكل مباشر من قبل الباحث الميداني، تحدّثوا عن زجّهم من قبل السلطات التركية في محاولات عبور ثانية إلى اليونان، بعد فشل محاولاتهم الأولى، وذلك باستخدام الضرب والتهديد.

كما تمّ الاستماع لإفادة أحد السوريين ممن ترشح اسمهم للحصول على الجنسية التركية، لكنّه قرر خوض المغامرة ومحاولة العبور إلى الأراضي الأوروبية.[1]

 يضاف إلى ذلك، شهادة (2) من الناشطين/ات الإعلاميين/ات[2] والذين عملوا على تغطية توجه العديد من طالبي اللجوء إلى الحدود التركية اليونانية منذ تاريخ 28 شباط/فبراير وحتى تاريخ 8 آذار/مارس 2020.

فضلاً عن الرجوع إلى العديد من المصادر المفتوحة والتي أوردت تصريحات وتغريدات لمسؤولين ورؤساء بلديات أتراك حملت دعوة صريحة للعديد من طالبي اللجوء للتوجه إلى الحدود التركية اليونانية، وتوّعدت بتسهيل عبورهم، إلى جانب مقاطعة المعلومات وجلب المزيد من الأدلة حول الحالات التي قام التقرير بتوثيقها.

 

1. تصريحات تضمّنت دعوة صريحة لطالبي اللجوء للتوجه إلى الحدود التركية اليونانية:

بتاريخ 27 شباط/فبراير 2020، أعلنت وزارة الدفاع التركية[3]  أنّ 33 جندياً تركياً، كانوا قتلوا في غارة شنتها طائرات تابعة للقوات النظامية السورية في محافظة إدلب، وبأنّ 36 عسكرياً تركياً كانوا قد أصيبوا في الغارة التي شُنت في إدلب شمال غربي سوريا، مؤكدة أنّ عملياتها العسكرية سوف تستمر في الأراضي السورية.

ما إن صدر هذا الإعلان، حتى انتشرت أنباء – مثل النار في الهشيم- على لسان مسؤول تركي بارز رفض ذكر اسمه في تصريح لوكالة رويترز[4] في 28 شباط/فبراير 2020، بأنّ: “تركيا قررت عدم منع اللاجئين السوريين من الوصول إلى أوروبا براً أو بحراً، وبأنّ عبور كل اللاجئين، بمن فيهم السوريون، إلى الاتحاد الأوروبي أصبح مرّحباً به”.

وما عزّز تلك الأنباء، إعلان الرئيس التركي[5] “رجب طيب أردوغان” في 29 شباط/فبراير 2020، بأنّ بلاده ستبقي أبوابها مفتوحة أمام اللاجئين الراغبين بالتوجه إلى أوروبا، مبرراً ذلك بأنّ “تركيا تستضيف 3.7 ملايين سوري على أراضيها ولا طاقة لها لاستيعاب موجة هجرة جديدة، وبأنّ “نحو 4 ملايين شخص يتوجهون نحو حدودها بسبب هجمات النظام الدامية، منهم 1.5 مليون نازح موجودون بالفعل على الحدود التركية”.

وعلى خلاف ما صرّح به وزير الداخلية التركي “سليمان صويلو” في مقابلة مع قناة “CNN” التركية[6] في 4 آذار/مارس 2020، بأنّ بلاده لم تجبر أحد من طالبي اللجوء على مغادرة أراضيها، وبأنّ كل ممن غادر منها غادر طواعية ولرغبته في ذلك، رصدت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، جملة من التصريحات لمسؤولين ورؤساء بلديات أتراك، إضافة لمنشورات وكالات أنباء حكومية تركية، والتي وعلى ما يبدو، تضمّنت دعوة صريحة ومنظمة للآلاف من طالبي اللجوء واللاجئين والمهاجرين، للتوجه إلى الحدود التركية اليونانية، وتوّعدت بتسهيل نقلهم بواسطة حافلات مجانية.

كان من أبرز تلك التصريحات، ما صرّح به “تانجو اوزجان” (من حزب الشعب الجمهوري المعارضCHP ) رئيس بلدية “بولو Bolu ” الواقعة في شمال غرب تركيا، من خلال فيديو نشره على حسابه على تويتر[7] بتاريخ 28 شباط/فبراير 2020، حيث قال فيه ما يلي:

“أعلنت حكومتنا عن فتح البوابات الحدودية من أجل اللاجئين، ونحن نتعهد بإيصال اللاجئين في بولو إلى مدينة أدرنة الحدودية بحافلات مجانية. يمكن للاجئين الراغبين بالذهاب الى أدرنة التسجيل لدى مخاتير الأحياء أو البلدية، مهما كان عددهم ونحن جاهزون لإتمام عملية نقلهم.”

 

صورة رقم (1)- التغريدة التي نشرها رئيس بلدية بولو على حسابه على تويتر، مصدر الصورة: الحساب الرسمي لرئيس بلدية بولو على تويتر.

 

تزامن هذا التصريح، مع تصريح آخر لرئيس بلدية “تالاسTalas ” التابعة لولاية قيصري وسط تركيا “مصطفى يالجن” (من حزب العدالة والتنمية الحاكمAKP )، حيث نشر من خلال تغريدة[8] على حسابه على تويتر بتاريخ 28 شباط/فبراير 2020، (تمّ حذفها لاحقاً بعد التحقّق من فريق المنظمة) لكن تناقلتها العديد المواقع الإخبارية التركية، موقع (ER HABER) التركي ، حيث قال فيها:

“ستوفر بلديتنا النقل المجاني الى البوابات الحدودية للاجئين غير النظاميين والراغبين بدخول دول الإتحاد الأوربي، وقت الانطلاق: يوميا 11:00 و 21:00.”

صورة رقم (2)- صورة تناقلها موقع (ER HABER) التركي، تظهر تغريدة لرئيس بلدية “تالاس” التابعة لولاية قيصري على حسابه على تويتر.

ومن جملة التصريحات التي تمّ رصدها من قبل المنظمة، تغريدة أخرى[9]، على الحساب الرسمي لبلدية ولاية قيصري (وسط تركيا) بتاريخ 28 شباط/فبراير 2020، والتي يسكنها حوالي 75 ألف سوري (تمّ حذفها فيما بعد)، وتناقلتها إحدى المواقع الإخبارية التركية -موقع (ER HABER) التركي- حيث ورد فيها ما يلي:

“ستؤمن فرق النقل المرتبطة ببلديتنا خدمات النقل المجانية بهدف إيصال اللاجئين غير نظاميين والموجودين في مدينتنا والراغبين بالذهاب الى أوروبا. ساعات الحركة ستكون حسب الطلبات الواردة. للاستفسار على الرقم 153.”

صورة رقم (3)- صورة تظهر تغريدة الحساب الرسمي لبلدية ولاية قيصري، مصدر الصورة: موقع (ER HABER) التركي.

إحدى القنوات التلفزيونية التركية الحكومية الرسمية TRT، كانت قد نشرت [10] هي الأخرى على حسابها الرسمي على تويتر بتاريخ 28 شباط/فبراير 2020، ما قالت أنه “خارطة توضيحية للطرق التي قد يسلكها اللاجئون من تركيا إلى فرنسا ودول أوروبية أخرى”.

 

صورة رقم (4)- صورة مأخوذة عن تغريدة موقع TRT، والتي نشرت من خلالها خارطة للطرق التي قد يسلكها اللاجئون إلى أوروبا، مصدر الصورة: الحساب الرسمي لموقع TRT على تويتر.

 

من جانبه، كان “معبر باب السلامة” الحدودي والتابع للحكومة السورية المؤقتة/الائتلاف المعارض، قد نشر أيضاً منشوراً[11] بتاريخ 3 آذار/مارس 2020، فيما يدلّ على وجود نوع من التنسيق ما بين الحكومة التركية والأجسام التابعة للمعارضة السورية، ورد فيه ما يلي:

“أهلنا السوريين المقيمين في تركيا، نقلاً عن مسؤول تركي، تمّ فتح الأبواب امام من يرغب باللجوء الى أوروبا براً أو بحراً، ولا حاجة لإذن السفر أثناء التنقل حتى الوصول لأوروبا براً أو بحراً.”

 

صورة رقم(5)- صورة تظهر منشور الحساب الرسمي لمعبر باب السلامة والتابع للحكومة السورية المؤقتة/الائتلاف المعارض، مصدر الصورة: الحساب الرسمي لمعبر باب السلامة.

2. تسهيل عبور طالبي اللجوء إلى الحدود التركية اليونانية:

ما إن نُشرت هذه التصريحات في اليوم ذاته، حتى بدأت أعداد كبيرة من طالبي اللجوء من بينهم سوريين وجنسيات أخرى (مثل العراقيين والأفغان والإيرانيين وقالت بعض المصادر أنّ من ضمنهم مواطنين أتراك)، في غصون ساعات، بالتوجه إلى النقاط الحدودية التركية- اليونانية في منطقة أدرنة، من خلال حافلات انطلقت بهم بشكل مجاني من المناطق الحيوية في مدينة اسطنبول (والتي يرأسها أكرم إمام أوغلو-ينتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض) مثل مناطق “الفاتح” و “زيتون بورنو” و “أكسراي” و “أسنيورت”.

صورة رقم (6)- صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي تبين أماكن انطلاق الحافلات في الأماكن السابق ذكرها

وأفاد الباحث الميداني لدى المنظمة، بعد جولة ميدانية قام بها في منطقة الفاتح بمدينة إسطنبول، في 1 آذار/مارس 2020، بأنّ العشرات من طالبي اللجوء الراغبين في التوجه إلى الحدود التركية-اليونانية، كانوا قد تجمعوا بالقرب من مبنى إدارة الهجرة التركية “أمنيات الفاتح” في شارع “وطن”، من أجل الانطلاق في حافلات مجانية كانت بانتظارهم، حيث تبيّن وبعد سؤال عدد من سائقي هذه الحافلات، بأنّ بلدية إسطنبول هي من استقدمت تلك الحافلات وسائقيها، لقاء حصولهم على أجر مادي.

 

صورة رقم (7)

صورة رقم (8)

صورة رقم (9)

صور رقم (10) و(9) و(8) و(7)- صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر عدداً من الحافلات في منطقة الفاتح، بينما كانت بانتظار طالبي اللجوء لنقلهم إلى أدرنة الحدودية.

وتأكيداً على ما سبق، ذلك كانت إحدى القنوات التلفزيونية التركية (TV100) في 28 شباط/فبراير 2020، قد بثت فيديو مصور[12]، حيث قال مراسلها في الثانية (0:20) أنّ:

“نحن هنا في منطقة الفاتح بالقرب من مبنى إدارة الهجرة، حيث تجمّع عشرات اللاجئين للتوجه بواسطة حافلات إلى منطقة أدرنة الحدودية”.

 

صورة رقم (11)- صورة مأخوذة من الفيديو السابق، تظهر عدداً من اللاجئين السوريين وهم بانتظار ركوب الحافلات بالقرب من مبنى إدارة الهجرة في منطقة الفاتح في إسطنبول.

من خلال مقابلة الباحث الميداني لدى المنظمة، مع ثلاثة من طالبي اللجوء السوريين-خلال جولته الميدانية في منطقة الفاتح- الذي قدموا إلى مدينة إسطنبول من مدن تركية أخرى، للتوجه إلى منطقة أدرنة الحدودية، فإنّ السلطات التركية وعلى ما يبدو، قدمت العديد من التسهيلات لعبور هؤلاء إلى اسطنبول، رغم أنّ السلطات التركية تشترط على اللاجئين الراغبين بالسفر داخل الولايات التركية -عادة- استصدار إذنٍ للسفر[13]، حيث أفاد هؤلاء لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنهم استطاعوا استقلال الحافلات والوصول إلى أدرنة التركية بدون استصدار أي إذن السفر وبدون مواجهة أي عوائق تذكر من قبل نقاط التفتيش التابعة للسلطات التركية، رغم أنّ بعضهم لا يمتلك بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، كما روى العديد منهم بأنهم توجهوا إلى أدرنة الحدودية، مدفوعين بتصريحات تركية كانت قد توّعدت بتسهيل عبورهم إلى هناك.

وتبيّن من خلال تلك اللقاءات، بأنّ بعض شهود العيان كانوا قد قدموا إلى تركيا منذ حوالي العام، فيما أتى بعضهم الآخر منذ حوالي 5 سنوات، وقد قرر هؤلاء التوجه إلى الحدود التركية اليونانية، أملاً في عيش حياة أفضل، حيث قال بعض شهود العيان بأنّهم ما إن سمعوا بالتصريحات التركية الواردة حول فتح باب الهجرة إلى أوروبا، حتى قاموا بتسليم منازلهم المُستأجرة وبيع كافّة أغراضهم، تاركين خلفهم كل شيء أملاً في محاولة العبور إلى الأراضي الأوروبية، رغم أنّ أحدهم يتمتع بوضع قانوني نظامي ويمتلك بطاقة (الكملك).

“محمود .م” 25 عاماً، من الغوطة الشرقية، كان من ضمن طالبي اللجوء السوريين الذين لم يجدوا أي صعوبة في السفر من مدينة أزمير إلى إسطنبول ثمّ أدرنة الحدودية، بتاريخ 29 شباط/فبراير 2020، رغم عدم حصوله على إذن للسفر وعدم امتلاكه بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك) بالأصل، وكان “محمود” قد فرّ من جحيم الحرب في بلاده منتصف عام 2019، بعدما تمّ الإفراج عنه من سجون الأجهزة الأمنية السورية (بقي محتجزاً لمدة ثلاث سنوات)، حيث قرر التوجه إلى تركيا أملاُ في عيش حياة آمنة، وروى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول ذلك قائلاً:

“عانيت الأمرّين حتى استطعت الوصول إلى تركيا عبر طرق التهريب، وما إن وصلت حتى بدأت عمليات الترحيل التي شنتها الحكومة التركية بحق العديد من اللاجئين المخالفين لقوانينها، بالإضافة للتوقف عن إصدار بطاقات الكملك في العديد من الولايات التركية، ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني من وضعي القانوني، وأجد صعوبات في العثور على فرص للعمل، لذا عندما سمعت بالأنباء والتصريحات المتداولة حول قرار الحكومة التركية فتح أبواب الهجرة إلى أوروبا، سارعت على الفور للتوجه إلى إسطنبول، حيث أقلتني سيارة أجرة، وأوقفتنا بعض نقاط التفتيش على الطريق، ورغم عد امتلاكي إذناّ للسفر أو بطاقة الكملك، لم يقوموا بتوقيفي، بل على العكس عندما قلت لهم بأنني سوري وأريد التوجه إلى أدرنة، أشاروا عليّ بإكمال طريقي، وهو الأمر الذي ليس معتاداً، ومن ثمّ انطلقت من منطقة الفاتح، بواسطة إحدى الحافلات المأجورة، نظراً للازدحام الكبير الذي شهدته الحافلات المجانية في ذلك الوقت.”

“فاطمة.د” 50 عاماً، من مدينة الرقة،  شاهدة أخرى قالت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنها توجهت من مدينة أورفة، إلى إسطنبول ثمّ أدرنة الحدودية، في 29 شباط/فبراير 2020، بواسطة إحدى الحافلات، بدون الحاجة لاستصدار إذن للسفر، حيث روت في هذا الخصوص قائلة:

“أتيت إلى تركيا برفقة ابنتي وزوجها وأطفالها في العام 2015، وحصلنا على بطاقة الكملك المسجّلة في أورفة، لكنّ الحياة هنا صعبة جداً على السوريين والمردود المادي قليل جداً، لذا فور سماعنا بالأنباء الواردة حول فتح باب الهجرة إلى أوروبا، قررت وعائلة ابنتي التوجه إلى الحدود التركية اليونانية، وقمنا وبلا أي تردد بتسلم المنزل المستأجر لصاحبه كما قمنا ببيع أغراض منزلنا، وحسمنا أمرنا وقمنا بحجز تذاكر إلى إسطنبول ولأول مرة لم يطلبوا منا أي إذناً للسفر، وهو ما عزّز شعورنا بأنّ الحدود ستفتح لا محالة.”

“عمر.د” شاهد ثالث من ريف حلب، 30 عاماً،  مضى على وجوده في تركيا حوالي العام، وكان قد قدم من مدينة مرسين إلى إسطنبول ثمّ أدرنة الحدودية في 29 شباط/فبراير 2020، حيث أكدّ هو الآخر لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ نقاط التفتيش التابعة للسلطات التركية والتي قامت بتوقيف الحافلة التي استقلّها، قاموا بغضّ النظر عن وضعه القانوني وخاصةً أنه لا يملك بطاقة الكملك ولا إذناَ للسفر، مشيراً إلى أن 3 من اللاجئين السوريين كانوا يستقلّون الحافلة برفقته، ولا يختلف وضعهم القانوني كثيراً عن وضعه، وقد تمّ غضّ النظر عنهم أيضاً من قبل نقاط التفتيش التابعة للسلطات التركية.

وفي حالة رابعة، روى “باسل.خ” 45 عاماً، من مدينة حلب، بأنه حاول العبور إلى اليونان في 1 آذار/مارس 2020، برفقة عائلته المكونة من زوجته وطفليه (سنة و6 سنوات)، وكان قد قدم إلى مدينة إسطنبول في العام 2017، وعمل في إحدى ورشات الخياطة، إلى أنّ تمّ توقيفه عن العمل عقب حملات التفتيش التي قامت بها السلطات التركية على المخالفين لقوانينها في عام 2019، فتحول “باسل” إلى شخص عاطل عن العمل ولم يعد بوسعه إعالة عائلته منذ ذلك الحين، يضاف إلى ذلك  امتلاكه بطاقة (كملك) مسجّلة في مدينة أخرى، حيث روى بأنّ تلك الأسباب هي ما دفعته لمحاولة العبور إلى اليونان مع عائلته، بعد نشر الأنباء المتداولة حول فتح الحكومة التركية أبواب الهجرة للاجئين، حيث روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

“بينما كنت إلى عائداً إلى منزلي في يوم 29 شباط/فبراير 2020، أوقفني عناصر الشرطة التركية في محطة الميترو بوس، وطلبوا مني إبراز بطاقة الكملك، وعندما شاهدوا أن بطاقتي مسجلة في مدينة اورفة، خيروني ما بين المخالفة والعودة إلى مدينة أورفة، أو العبور إلى الحدود التركية اليونانية، وعندما أخبرتهم بأنني سأنتظر حتى أتأكد من فتح الحدود اليونانية، هددوني بالترحيل إلى الأراضي السورية في حال رأوني مرة أخرى، لذا قمت في اليوم التالي بتسليم المنزل لصاحبه، والتوجه إلى أدرنه من خلال حافلات مجانية انطلقت بنا من منطقة الفاتح، لن أعود إلى تركيا ابداً، فإما الموت على الحدود أو العبور إلى أوروبا.”

 

3. حقيقة أعداد الأشخاص الذين عبروا إلى الحدود التركية اليونانية:

تشير المعلومات التي حصلت عليها الباحث الميداني لدى المنظمة- استناداً إلى مصادر عديدة ومن خلال مشاهدة الباحث الميداني نفسه-بأنه من الصعب عل وجه الدقة تحديد أعداد طالبي اللجوء الذين توجهوا إلى منطقة أدرنة الحدودية، وخاصةً من مدينة إسطنبول، على اعتبار أنه لم يتم تسجيل أسماؤهم أو إحصاء أعدادهم أو معرفة وضعهم القانوني أو جنسيتهم، من قبل أي جهة، مرّجحاً بأنّ أعدادهم قد تقدّر بالآلاف، ومشيراً إلى أنه من بين طالبي اللجوء الذي توجهوا إلى أدرنة الحدودية، سوريين بالإضافة إلى جنسيات أخرى (أفغان وإيرانيين وعراقيين، بالإضافة إلى عدد من الأتراك بحسب ما ورت عدّة مصادر).

وما عززّ هذه المعلومات، إعلان المنظمة الدولية للهجرة، في 2 آذار/مارس 2020، بأنّها رصدت ما لا يقل عن 13 ألف شخص يتجمّعون على الحدود الرسمية بين بازاركوليه (على الجانب التركي) وإبسالا (على الجانب اليوناني) وغيرها من المعابر غير الرسمية، بعد إعلان السلطات التركية بأنها لن تمنع عبور اللاجئين إلى أوروبا.[14]

لكن وعلى خلاف المعلومات السابقة، أعلن وزير الداخلية التركي “سليمان صويلو”، في تصريح[15] لمحطة CNN  التركية في 4 آذار/مارس 2020، بأنّ أكثر من 130 ألف طالب لجوء، 25% فقط منهم سوريين، كانوا قد غادروا إلى منطقة أدرنة الحدودية.

وفي هذا الخصوص، روى “قيس الأحمد” أحد الناشطين الإعلاميين الذين عملوا على تغطية ما جرى منذ يوم 28 شباط/فبراير وحتى 7 آذار/مارس 2020، حيث قال في شهادته لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة:

“في اليوم الأول والثاني أي 28 و29 شباط/فبراير 2020، تدفقت أعداد كبيرة من طالبي اللجوء الراغبين بالوصول إلى الحدود التركية اليونانية، حيث قدّرت أعدادهم بالآلاف،  ولكنّ هذه الأعداد توقفت عن الازدياد في الأيام اللاحقة بعد امتناع العديد من الناس عن القدوم نتيجة الوضع الإنساني المزري، حيث أنّ العديد من اللاجئين نصبوا خيامهم في معبر بازار كوليه، دون وجود أي مرافق صحية كالحمامات،  واضطرت العديد من العائلات للنوم في العراء، بينما كانت منظمة IHH  التركية، تقدّم وجبة واحدة في اليوم وهي غير كافية، وما زاد الطين بلة هو منع الجندرمة التركية للعديد من العائلات من العودة إلى إسطنبول،  ما اضطر بعضها للسير في ظلام الليل الدامس وبرد الشتاء القارس، مسافات طويلة، كي يتمكنوا من الفرار.”

وفي شهادة متقاطعة، قالت إحدى الناشطات الإعلاميات والتي عملت هي الأخرى على تغطية تدفق طالبي اللجوء إلى الحدود التركية اليونانية منذ تاريخ 28 شباط/فبراير وحتى 8 آذار/مارس 2020، بأنّ أعداد طالبي اللجوء الذين عبروا إلى الحدود التركية اليونانية، في يوم 28 و29 شباط/فبراير 2020، وصلت إلى الآلاف، لكنّ هذه الأعداد لم ترتفع كثيراً في الأيام اللاحقة، نتيجة الوضع الإنساني السيء على الحدود التركية اليونانية، حيث تابعت قائلة:

 “منذ اليوم الأول، حاولت إخبار الناس عدّة مرات من خلال البث المباشر، بعدم اصطحاب الأطفال والنساء معهم،  وخاصةً أنّ الرحلة باتجاه النقاط الحدودية خطيرة جداً يضاف إليها برد الشتاء القارس، ولكن على ما يبدو فإنّ سوء الأحوال المعيشية للعديد من طالبي اللجوء دفعهم للمغامرة بحياتهم وحياة أطفالهم بحثاً عن حياة أفضل، كما شاهدت عدداً من طالبي اللجوء من جنسيات أخرى بينهم عراقيين وأفغان وإيرانيين، وعلمت من خلال الاستماع إلى عدّة لاجئين بأنهم كانوا قد تعرضوا لعمليات نهب وسلب خلال تواجدهم على الحدود التركية اليونانية، بالإضافة إلى أنّ بعض العائلات تعرضت لضياع أطفالها بسبب الزحام، وجرت عمليات بحث طويلة عنهم حتى تم العثور عليهم.”

وفي هذا السياق، كانت قد بثت إحدى القنوات التلفزيونية[16] في 7 آذار/مارس 2020، مقطع فيديو، يظهر عدداً من خيام طالبي اللجوء في إحدى نقاط التجمع على الحدود التركية اليونانية، حيث قال فيه بأنّ عدد طالبي اللجوء في هذه النقطة يبلغ أكثر من 13 ألف طالب لجوء بعد أكثر من 10 أيام قضوها في العراء.

 

صورة رقم (12)- صورة مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تظهر جانباً من خيام طالبي اللجوء على الحدود التركية اليونانية.

 

صورة رقم (13)- تحليل الأدلة البصرية لموقع إحدى نقاط التجمّع على الحدود التركية اليونانية الواردة في الفيديو السابق.

4. إجبار طالبي اللجوء على خوض محاولات عبور غير آمنة ومنعهم من العودة:

خلال جولته الميدانية إلى الحدود البرية التركية اليونانية[17]، بتاريخ 1 آذار/مارس 2020، قابل الباحث الميداني لدى المنظمة،  10 من طالبي اللجوء، 5 منهم وافقوا على الإدلاء بشهاداتهم للمنظمة، حيث أكدوا بأنّ السلطات التركية سهّلت عبورهم إلى الحدود التركية اليونانية، من خلال إرشادهم بواسطة عناصر تابعة للجندرمة التركية-لدى وصولهم منطقة أدرنة الحدودية- إلى النقاط الحدودية الفاصلة بين البلدين، ومنها (معبر بازاركوليه والنهر الفاصل بين حدود البلدين في بلدة أبسالا)، حيث قام عناصر الجندرمة التركية بتوزيعهم على هذه النقاط، بحسب الأعداد، كما أفاد عدد منهم، بأنّ عناصر الجندرمة التركية كانوا يقومون بتوفير القوارب المطاطية لهم بالإضافة إلى قوارب عدد من الصيادين، لعبور النهر الفاصل بين الحدود التركية اليونانية، وذلك لقاء الحصول على 100 ليرة تركية من كل شخص.

في حين روى العديد منهم، بأنّهم شاهدوا عدداً من العاملين في مجال التهريب وهم يتواجدون على النقاط الحدودية الفاصلة بين البلدين، والتي يتجمّع بها أعداد كبيرة من طالبي اللجوء، مؤكدين بأنّ هؤلاء كانوا متواجدين على مرأى من عناصر الجندرمة التركية.

النقطة الأبرز، والتي تقاطعت حولها شهادات العديد من طالبي اللجوء السوريين الذي تمّت مقابلتهم على الحدود التركية اليونانية، بأنّ عناصر الجندرمة التركية، وفي الوقت الذي كانوا فيه يسهّلون عبور طالبي اللجوء إلى أدرنة الحدودية، كانوا يمنعون آخرين من العودة إلى مدينة إسطنبول ومدن تركية أخرى، بعد فشلهم في محاولة العبور إلى الأراضي اليونانية، حتى أنّ العديد منهم ومن بينهم نساء، قال في شهادته لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنهم إما تعرّضوا للضرب من قبل عناصر الجندرمة التركية، لدى رفضهم معاودة العبور إلى اليونان ورغبتهم في العودة، أو أنهم كانوا شاهدين بشكل مباشر على ضرب آخرين من قبل عناصر الجندرمة التركية.

إلى ذلك، أشار اثنان من طالبي اللجوء في شهادتهما للمنظمة، بأنّ عناصر الجندرمة التركية، كان يجبرون العديد من اللاجئين على معاودة العبور إلى الأراضي اليونانية أكثر من مرة (بواسطة الضرب أحياناً)، رغم تعرض العديد منهم للضرب من قبل السلطات اليونانية وإعادتهم إلى الجانب التركي.

كان “محمد.د” 30 عاماً، من ريف دمشق، واحداً من بين طالبي اللجوء الذين تعرضوا للضرب من قبل حرس الحدود التركية واليونانية على حد سواء، في 29 شباط/فبراير 2020، حيث روى بأنّ حرس الحدود التركي، كان قد أجبره برفقة عدد من طالبي اللجوء على معاودة العبور إلى الأراضي اليونانية، بعد فشل محاولتهم الأولى ورغم تعرّضهم للضرب المبرح من قبل حرس الحدود اليونانية، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول ما جرى معه قائلاً:

“كان قد مضى على وجودي في مدينة إسطنبول حوالي العامين، حيث عملت في إحدى ورشات الخياطة، لكنّ مرتبي الشهري لم يكن يكفيني شيئاً، وخاصة أنني المعيل الوحيد لعائلتي المتواجدة في ريف دمشق، يضاف إلى ذلك كوني مخالفاً نظراً لامتلاكي بطاقة كملك مسجّلة في مدينة أخرى، وهو ما زاد مخاوفي من عمليات الترحيل والتوقيف من قبل السلطات التركية، لذا وفور سماعي بفتح باب الهجرة إلى أوروبا، توجهت إلى منطقة أكسراي حيث أقلتني إحدى الحافلات المجانية، برفقة العشرات من طالبي اللجوء.”

وتابع “محمد” حول ما جرى معه لاحقاً بالقول:

 “عندما وصلنا منطقة أدرنة الحدودية، طلب منا السائق الترّجل من الحافلة في منطقة معزولة وبعيدة عن الحدود التركية اليونانية، فاضطرّرنا للسير وتعرّضنا خلال رحلة مسيرنا تلك، إلى النهب والسلب من قبل بعض اللصوص، حيث قاموا بسرقة أموالنا ولم يتركوا لنا سوى أجهزة الهواتف المحمولة، وبعد مسير امتدّ لساعة، وصلنا نقطة التجمّع على الحدود التركية اليونانية، حيث حاولنا إخبار الشرطة التركية ما جرى معنا، لكنهم لم يصغوا لنا، وطلبوا منا التوجه إلى مراكز إيواء خاصة في المنطقة، حيث طلبت من أقاربي أن يرسلوا لي بعضاً من المال، وفي اليوم التالي، قام عناصر الجندرمة التركية بتجميع مئات اللاجئين من بينهم نساء وأطفال من مركز الإيواء، من أجل التوجه بنا إلى إحدى النقاط الحدودية، وبدأوا يطلبون ممن يرغب باجتياز النهر الفاصل بين الحدود، دفع مبلغ 100 ليرة تركية مقابل ركوبه بالقوارب المطاطية التي قاموا بتوفيرها، وبالفعل قمنا بدفع هذا المبلغ، وركبنا القارب.”

أشار “محمد” إلى أنّ محاولاته عبور الأراضي اليونانية لم تنجح، إذ أنه تعرّض برفقة آخرين، للضرب المبرح من قبل عناصر الشرطة اليونانية بعد اجتيازهم النهر الفاصل بين البلدين، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل إنهم عمدوا أيضاَ إلى أخذ أغراضهم وهواتفهم المحمولة وجرّدوهم من ملابسهم، ثمّ أعادوهم مرة أخرى إلى الأراضي التركية، حيث أكدّ “محمد” بأنّ عناصر الجندرمة التركية وفي هذه الأثناء أجبروهم مرة أخرى على معاودة الكرّة ومحاولة العبور إلى اليونان، تحت الضرب والتهديد، مشيراً إلى أنّ العديد من طالبي اللجوء ممن كانوا برفقته، تعرضوا للضرب أيضاً من قبل الجانب التركي واليوناني على حد سواء.

“نور.م” 23 عاماً، من ريف دمشق، شاهدة ثانية، كانت قد تعرّضت هي الأخرى للضرب من قبل عناصر الجندرمة التركية عندما رفضت معاودة الكرّة ومحاولة العبور إلى الأراضي اليونانية مرة أخرى، حيث كانت قد توجهت إلى أدرنة الحدودية في 28 شباط/فبراير 2020، مدفوعة بتصريحات وردت على لسان مسؤولين أتراك على حد وصفها، حيث روت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قائلة:

“بعد فشل محاولتنا الأولى في العبور إلى الأراضي اليونانية، تمّت إعادتنا إلى الأراضي التركية، حيث شاهدنا عدداً من العاملين في مجال التهريب، والذين شرعوا بسؤالنا حول ما إذا أردنا العبور مرة أخرى إلى اليونان مقابل المال، لكننا رفضنا ذلك، والغريب بالموضوع أنّ المهربين كانوا يقفون إلى جانب عناصر الجندرمة التركية، بلا أي خوف. في اليوم التالي قررت العودة إلى مدينة إسطنبول برفقة عدد من طالبي اللجوء بعدما ما تعرضنا له، لكننا فوجئنا بعدم سماح الجندرمة التركية لنا بالعودة، والذين أجبرونا في هذه الأثناء على الصعود مرة أخرى في حافلات من أجل التوجه بنا إلى نقطة حدودية أخرى، وهنا بدأت بالصراخ والبكاء وحينما رفضت صعود الحافلة، قام أحد عناصر الجندرمة بصفعي على وجهي وضربي بإحدى قدميه على معدتي، فخارت قواي، وأجبرونا آخر الأمر على الصعود من أجل إيصالنا إلى النقطة الحدودية المنشودة.”

تمكنت “نور” من الإفلات من قبضة عناصر الجندرمة التركية برفقة عدد من طالبي اللجوء، حيث اضطرت للسير على الأقدام مدة ساعة ونصف الساعة تقريباً، إلى وصلوا بلدة “أبسالا”، ووجدت نفسها مجبرة على دفع مبلغ 1500 ليرة تركية لسيارة أجرة، مقابل نقلها إلى إسطنبول دون المرور على نقاط التفتيش.

“فاطمة.د” 50 عاماً، من محافظة حلب، شاهدة ثالثة روت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ عناصر الجندرمة التركية منعوها من العودة إلى مدينة إسطنبول برفقة ابنتها وطفلتها الرضيعة، وكانت “فاطمة” قد قررت التوجه إلى منطقة أدرنة الحدودية، على أمل العبور إلى الأراضي اليونانية في 28 شباط/فبراير 2020، حيث توجهت إلى منطقة “الفاتح” برفقة ابنتها “رنا” (25 عاماً) وطفلتها الرضيعة، من أجل الانطلاق في حافلات مجانية تقلّهم إلى هناك، حيث روت في هذا الخصوص لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلة:

“كنا قد قدمنا إلى مدينة إسطنبول منذ حوالي العام، لكنّ سوء أحوالنا المعيشية وعدم امتلاكي بطاقة الكملك هو ما دفعنا للتفكير بمحاولة العبور إلى اليونان، وخاصةً أننا لا نملك أي معيل، فزوجي متوفي منذ عدّة سنوات، واضطرّت ابنتي رنا للعمل في مركز للتجميل، لكنّ مرتبها الشهري لم يكن كافياً، لذا حسمنا أمرنا وقررنا خوض هذه المغامرة، حيث وجدنا فيها فرصة قد لا تتكرر مرة أخرى. فور وصولنا منظقة أدرنة استقبلنا عناصر من الجندرمة التركية، وبدأوا بتجميعنا من أجل إرسالنا إلى إحدى النقاط الحدودية الفاصلة بين البلدين وتحديداً إلى النهر الفاصل بين البلدين، لكن الشرطة اليونانية كانت تقوم بإعادتنا بعد أخذ أغراضنا وضرب بعض اللاجئين، وعندما فقدنا الأمل بالعبور، قررت وابنتي العودة إلى مدينة إسطنبول، بواسطة سيارة للأجرة وأخبرناه أننا سندفع له فور وصولنا إلى هناك، وفي طريق عودتنا أوقفتنا إحدى الحواجز التابعة للجيش التركي في منطقة أدرنة، وأجبرونا على العودة إلى النقطة الحدودية ذاتها، حيث كنا متعبين للغاية، ولا قدرة لنا على معاودة المحاولة.”

وحول ما جرى معهم لاحقاً، روت “رنا” في شهادتها لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلة:

 “كان لدينا أمل كبير بالعبور إلى اليونان وعيش حياة آمنة في أوروبا، ولم يخطر في بالنا أنّ حرس الحدود اليوناني قد يتعرضون لنا بالضرب والسرقة، وبأنّ يجبرنا عناصر من الجندرمة التركية على النوم في العراء من أجل معاودة محاولة العبور إلى اليونان، لم يكن أمامنا خيار سوى الامتثال لأوامرهم خوفاً من الضرب أو الاعتقال، إلى أن نجحنا أخيراً وبعد مساعدة أحد الأشخاص، بتأمين سيارة تعود بنا إلى مدينة إسطنبول دون المرور على الحواجز العسكرية.”

وفي هذا السياق كان قد تداول ناشطون إعلاميون في 8 آذار/مارس 2020، مقطع فيديو[18]، يظهر أحد عناصر الجندرمة التركية، وهو يهدّد باستخدام مسدسه في حافلة تضمّ العديد من طالبي اللجوء من بينهم نساء وأطفال، لدى طلبه من الجميع الترّجل من الحافلة، والقول لهم بأنهم سوف يوفرون لهم أحد القوارب من أجل العبور بهم إلى اليونان، لكنّ طالبي اللجوء رفضوا ذلك.

صورة رقم (15)- مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تظهر أحد عناصر الجندرمة التركية، والذي عند إلى تهديد طالبي اللجوء بواسطة السلاج للترجل من الحافلة.

“عمار.م” 35 عاماً، من مدينة دمشق، شاهدُ خامس روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حول منع السلطات التركية طالبي اللجوء من العودة، وكان الشاهد قد قرر التوجه إلى منطقة أدرنة الواقعة على الحدود التركية اليونانية، وتحديداً في 29 شباط/فبراير 2020، على الرغم من ترّشح اسمه للحصول على الجنسية التركية، وكان “عمار” قد توجه إلى مدينة إسطنبول في العام 2016، وعمل في مجال المبيعات، لكنّ عدم شعوره بالأمان وتصاعد موجة العنصرية ضدّ اللاجئين السوريين في تركيا، هو ما دفعه للمغامرة ومحاولة العبور إلى اليونان، حيث روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

“عندما سمعنا بتصريحات مسؤولين من الحكومة التركية حول فتح أبواب الهجرة إلى اليونان،  قررت وصديقي، التوجه إلى منطقة أكسراي حيث تتجمع العديد من الحافلات لنقل الراغبين في ذلك، فانطلقت الحافلة برفقة 4 حافلات أخرى تحمل عشرات اللاجئين من بينهم عائلات، إلى منطقة أدرنة، ولدى وصولنا مدخل منطقة أدرنة، أوقفتنا إحدى الحواجز العسكرية التركية، وانتظرنا حتى وصول حافلات أخرى محمّلة باللاجئين، حتى تمّ السماح لنا بإكمال الرحلة، وقامت إحدى السيارات التابعة للجندرمة التركية، بقيادة رتل الحافلات والتوجه بها إلى نقطة حدودية بالقرب من بلدة “أبسالا”، إلى أن وصلنا وأنزلونا من الحافلات في منطقة مهجورة ومنعونا من التصوير، ثمّ توجهوا بنا إلى إحدى نقاط التجمع على الحدود التركية اليونانية، حيث شاهدنا بعض اللاجئين وقد أشعلوا النيران من أجل الحصول على القليل من الدفء، وقررنا الانتظار إلى صباح اليوم التالي من أجل محاولة العبور.”

وتابع الشاهد بأنه قرر العدول عن محاولة العبور إلى اليونان في اليوم التالي، وخاصةً عندما روى له العديد من اللاجئين السوريين أنهم حاولوا العبور إلى الأراضي اليونانية واجتياز النهر، لكنّهم تعرضوا للضرب المبرح من قبل حرس الحدود اليوناني وقاموا بإعادتهم إلى الأراضي التركية، ونظراً لخطورة الأوضاع، قرر “عمار” العودة إلى إسطنبول برفقة صديقه، حيث أفاد بأنّ  عناصر الجندرمة التركية، منعاهما من العودة  بالإضافة إلى عدد من طالبي اللجوء، فاضطر “عمار” وصديقه للتحايل على عناصر الجندرمة التركية وإخبارهما بأنهما صحافيان، حتى تمكنا أخيراً من العودة.

 

5. عبروا إلى الحدود التركية اليونانية رغم ترّشح اسمهم للحصول على الجنسية التركية:

رصد الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، خلال جولته الميدانية، حالة أخرى، لأحد السوريين الذين كان قد ترّشح اسمهم للحصول على الجنسية التركية، لكنهم فضّلوا خوض المغامرة ومحاولة العبور إلى الأراضي اليونانية، فبالإضافة إلى حالة الشاهد “عمار”، تمّ لقاء “ياسر.ن” 37 عاماً من ريف حلب متزوج ولديه 5 أطفال، وكان “ياسر” قد لجأ إلى مدينة عينتاب منذ العام 2015، لكنّ عند سماعه كغيره من اللاجئين، بالأنباء والتصريحات الواردة حول فتح الحدود التركية اليونانية، قرر المحاولة برفقة عائلته وعائلة ابن عمه المكونة من 7 أطفال، حيث توجهوا إلى مدينة إسطنبول بدايةّ، بدون الحاجة إلى  استصدار إذن للسفر كما روى، ثمّ استقلّوا إحدى الحافلات المجانية من منطقة “أكسراي” إلى أدرنة الحدودية، حيث قال في هذا الخصوص:

” في العام 2016 حاولت وعائلتي العبور إلى أوروبا عبر طرق التهريب لكن محاولاتنا فشلت، وبعدها ترّشح اسمي للحصول على الجنسية التركية، فقررت الاستقرار في تركيا، لكنّ الحياة هنا صعبة للغاية ولا أعتقد أنّ الحصول على الجنسية التركية سيغير الكثير من أوضاعنا، لذا ولدى سماعنا بفتح باب الهجرة إلى أوروبا، قررنا التوجه إلى منطقة أدرنة الحدودية، حيث أمضينا هنالك ليلة وسط البرد القارص، ولما شاهدنا فشل العديد من اللاجئين في محاولات العبور، فقدنا الأمل وقررنا العودة.”

 

6. استخدام القوة المفرطة من قبل حرس الحدود اليونانية:

من جانبها، منعت السلطات اليونانية طالبي اللجوء من العبور إلى أراضيها، باستخدام القوة المفرطة في أحيان كثيرة، حيث روى عدد من شهود العيان وطالبي اللجوء الذين تمّ لقاؤهم من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة، في منطقة أدرنة الحدودية-كما ورد في الفقرة السابقة- بأنهم كانوا قد تعرّضوا للضرب وسلب أغراضهم وتجريدهم من ملابسهم من قبل حرس الحدود اليوناني، لدى محاولاتهم العبور إلى الأراضي اليونانية، وقد جاء ذلك عقب إعلان رئيس الوزراء اليوناني “كيرياكوس ميتسوتاكيس” في 29 شباط/فبراير 2020، بأنّه: “لن يكون الدخول غير الشرعي إلى اليونان مسموحاً”. مشيراً إلى أنه جرى تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود البرية والبحرية.[19]

كما كان قد نشر أحد الناشطين الإعلاميين تغريدة[20] في 6 آذار/مارس 2020، نشر فيها مجموعة من الصور لما قال أنهم عدد من طالبي اللجوء بعد محاولتهم العبور إلى الأراضي اليونانية، لكنّ السلطات اليونانية، قامت بضربهم وتجريدهم من ملابسهم بعد إعادتهم إلى الجانب التركي.

 

صورة رقم (16)- صورة تظهر تغريدة أحد الناشطين الإعلاميين، تظهر عدد من طالبي اللجوء بعد محاولتهم العبور إلى الأراضي اليونانية، لكنّ السلطات اليونانية، قامت بضربهم وتجريدهم من ملابسهم بعد إعادتهم إلى الجانب التركي.

7. قرار بمنع المهاجرين من عبور بحر إيجه إلى أوروبا عقب الاتفاق التركي الروسي:

ما إن أعلن[21] الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في 5 آذار/مارس 2020، التوصل مع نظيره الروسي “فلاديمير بوتين”، إلى اتفاق  لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب السورية-اعتبارا من منتصف ليل الخميس الجمعة أي 5 آذار/مارس 2020-حتى أعلن خفر السواحل التركي، وتحديداً بتاريخ 6 آذار/مارس 2020، عن منع المهاجرين غير الشرعيين في تركيا من عبور بحر إيجة للوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، وجاء ذلك في تغريدة نشرها الحساب الرسمي لخفر السواحل التركي قائلاً فيها: “سيُمنع المهاجرين في تركيا من عبور بحر إيجة بناء على تعليمات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وإشراف وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو”.[22]

صورة رقم (17)- صورة تظهر تغريدة خفر السواحل التركي، حول منع المهاجرين الشرعيين في تركيا من عبور بحر إيجه.

بحسب العديد من المصادر والمعلومات التي حصل عليها الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ السلطات التركية سمحت للعديد من طالبي اللجوء الذين تجمّعوا على الحدود التركية اليونانية-عقب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب- بالعودة إلى الولايات التركية التي يقيمون بها، وذلك بعد منعها لهم من العودة وإجبارهم على معاودة العبور إلى الأراضي اليونانية في الأيام التي سبقت هذا الاتفاق، كما أفاد ناشطون إعلاميون قاموا بتغطية هذا الحدث، بأنّ السلطات التركية وفي 8 آذار/مارس 2020، كانت قد أوقفت الحافلات المجانية التي تقلّ طالبي اللجوء إلى الحدود التركية اليونانية، وتوقفت عن استقبال أعداد جديدة من طالبي اللجوء في منطقة أدرنة الحدودية، مشيرين إلى أنّ العديد من طالبي اللجوء فضلوا العودة إلى مدينة إسطنبول ومدن تركية أخرى، في حين أنّ بعضهم الآخر ما زال متواجداً على الحدود التركية اليونانية من أجل معاودة العبور إلى الأراضي اليونانية وذلك حتى تاريخ 9 آذار/مارس 2020.

 


[1] تمّ التواصل معه عبر الانترنت من قبل الباحث الميداني في 7 آذار/مارس 2020.

[2] تمّ لقاء الناشط الإعلامي عبر الانترنت من قبل الباحث الميداني في 8 آذار/مارس 2020.

[3] ” ارتفاع عدد شهداء الجيش التركي بإدلب لـ33 جنديًا” وكالة الأناضول التركية في 28 شباط/فبراير 2020. آخر زيارة بتاريخ 3 آذار/مارس 2020. https://www.aa.com.tr/ar/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D8%B4%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A8%D8%A5%D8%AF%D9%84%D8%A8-%D9%84%D9%8033-%D8%AC%D9%86%D8%AF%D9%8A%D9%8B%D8%A7/1747843

[4] ” تركيا تقول إنها ستترك اللاجئين يعبرون لأوروبا بعد مقتل جنودها في سوريا” وكالة رويترز في 28 شباط/فبراير 2020. آخر زيارة بتاريخ 3 آذار/مارس 2020. https://ara.reuters.com/article/idARAKCN20M09L?fbclid=IwAR3wJS3N7YcNQVptfclr3rIkZEQJMAYwnQblwdcPHdtsw6jgNB9TWEgNL_I

[5] ” أردوغان: سنبقي أبوابنا مفتوحة للاجئين الراغبين بالتوجه لأوروبا” وكالة الاناضول في 29 شباط/فبراير 2020. آخر زيارة بتاريخ 9 آذار/مارس 2020. https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D9%86%D8%A8%D9%82%D9%8A-%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D9%86%D8%A7-%D9%85%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%BA%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AC%D9%87-%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7-/1749701?fbclid=IwAR1ak6dlflCs1XchqKP23tvhFbChYro-rIjcwIJNruZoZQ9UGrDAXARVPJg

[6] ” İçişleri Bakanı Süleyman Soylu CNN TÜRK’te” موقع CNN  التركية، في 4 آذار/مارس 2020.  آخر زيارة بتاريخ 9 آذار/مارس 2020. https://www.cnnturk.com/turkiye/icisleri-bakani-suleyman-soylu-cnn-turkte010403.

[7] للمزيد من الاطلاع: https://twitter.com/tanjuozcanchp/status/1233395287705706498

[8] للمزيد من الاطلاع: https://www.erhaber.com/akpli-belediyeden-sinira-ucretsiz-otobus-126510

[9] للمزيد من الاطلاع اضغط: https://www.erhaber.com/akpli-belediyeden-sinira-ucretsiz-otobus-126510

[10] للمزيد من الاطلاع: https://twitter.com/TRTArabi.

[11] للمزيد من الاطلاع: https://www.facebook.com/BABALSALAMAH1/posts/2967742233285889?__tn__=-R

[12] للمزيد من الاطلاع: https://www.youtube.com/watch?v=UvQb0UBxdQY.

[13] للمزيد: ” تركيا: عمليات إعادة غير طوعية بحق آلاف السوريين”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 29 حزيران/يوليو 2019. (آخر زيارة للرابط: 18 آذار/مارس 2020). https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d8%b9%d9%85%d9%84%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%b7%d9%88%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%ad%d9%82-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%8a/.

[14] ” مفوضية اللاجئين: لا يوجد أساس قانوني لمنع دخول اللاجئين إلى اليونان” موقع الأمم المتحدة في 2 آذار/مارس 2020. آخر زيارة بتاريخ 9 آذار/مارس 2020. https://news.un.org/ar/story/2020/03/1050321

[15] ” İçişleri Bakanı Süleyman Soylu CNN TÜRK’te” موقع CNN  التركية، في 4 آذار/مارس 2020.  آخر زيارة بتاريخ 9 آذار/مارس 2020. https://www.cnnturk.com/turkiye/icisleri-bakani-suleyman-soylu-cnn-turkte010403.

[16] للمزيد من الاطلاع اضغط: https://www.facebook.com/syrtelevision/videos/3589980224407868/?vh=e

[17] قال الباحث الميداني لدى المنظمة بأنّ عناصر الجندرمة التركية منعوه من التصوير فور  وصوله إلى الحدود التركية اليونانية.

[18] للمزيد من الاطلاع: https://www.facebook.com/dyaeddin80/videos/3581067918633435/?d=n

[19] ” تركيا تسمح للاجئين بالمغادرة إلى أوروبا” موقع بي بي سي في 29 شباط/فبراير 2020. آخر زيارة بتاريخ 10 آذار/مارس 2020. https://www.bbc.com/arabic/middleeast-51684530

[20] للمزيد من الاطلاع: https://twitter.com/ahmadal_islam/status/1235902739999264768?s=21

[21] ” أردوغان: وقف إطلاق نار في إدلب مع احتفاظنا بحق الرد على النظام” وكالة الاناضول في 5 آذار/مارس 2020. آخر زيارة بتاريخ 10 آذار/مارس 2020. https://www.aa.com.tr/ar/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D9%86%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%AF%D9%84%D8%A8-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B8%D9%86%D8%A7-%D8%A8%D8%AD%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-/1756263

[22] للمزيد من الاطلاع: https://twitter.com/sahilguvkom/status/1235930478785503232

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد