1. مقدمة:
بتاريخ 4 آذار/مارس 2025، قامت مجموعة مسلّحة، وصفت من قبل وكالة سانا الرسمية للأنباء بأنّها تنتمى إلى “فلول ميليشيات الأسد”، باستهداف دورية للأمن العام عند دوّار في “حيّ الأزهري” ذات الغالبية العلوية، في مدينة اللاذقية، ما أدى إلى مقتل عنصرين من الأمن العام التابعين للسلطات الانتقالية في دمشق؛ علماً أنّ هذا الحي يبعد عن “حيّ الدعتور”، الذي قيل بأنّ أحد المسلّحين هرب إليه، حوالي 2 كلم. الأمر الذي واجهته السلطات “بحملة أمنية واسعة في الحي (أي الدعتور) وعدّة أحياء محيطة” بحسب الوكالة نفسها.[1] رافق ذلك انتشار منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت تخريب منازل، ووقوع قتلى من المدنيين وحدوث حملة اعتقالات طالت مجموعة من الذكور بينهم طفل؛ تمّ الافراج عنه لاحقاً بعد ضغوط من قبل الأهالي، وذلك بحسب مصدر محلّي تحدّثت إليه “سوريون”. فيما انتقدت منشورات أخرى طريقة تعامل قوى الأمن مع الجرائم؛ بعد اقتحام الحي، بعضها نعتهم بـ”الإرهابيين”، وأخرى قالت “ما الفرق بينهم وبين نظام بشار الأسد؟”.[2] استمر حصار الحيّ والمواجهات المسلّحة فيه لساعات طويلة، وانتهت باعتقال عدد من الأشخاص بحسب وكالة سانا الرسمية، ومقتل آخرين خلال العمليات العسكرية التي وصفتها الوكالة بعمليات “تحييد”.[3]
تجدر الإشارة إلى تزامن هذه الأحداث مع انتشار أخبار مضللة حول عدد القتلى المدنيين الذين سقطوا أثناء الحملة الأمنية، دون نفي جهات سوريّة إعلامية “وقوع إصابات وضحايا في صفوف المدنيين أثناء الحملة”.[4] في حين أشارت شهادات مباشرة من سكان الحي المستهدف أثناء الحملة وبعدها، حصلت عليها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بشكل خاص عبر باحثيها، إلى أن العملية رافقها وقوع عمليات اعتقال عشوائية واطلاق نار عشوائي على منازل وممتلكات المدنيين، ما أدّى إلى مقتل عدد من السكان بينهم طفل، علاوة على ذلك، ترافقت الحملة مع استخدام عبارات طائفية وخطاب كراهية شديد بحقّ الطائفة العلوية. وجاءت ما عُرف بأحداث “حي الدعتور” ذو الغالبية العلوية، بعد يومين من التوترات في حيّ جرمانا في دمشق، ذو الغالبية الدرزية، بين سكان الحيّ من جهة وعناصر أمن تتبع السلطة الانتقالية في دمشق من جهة أخرى، قبل أن يتمّ حلّ الموضوع “سلمياً” بالتنسيق مع وجهاء الحي حينها. [5] وتزامنت تلك الأحداث أيضاً مع وصول الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ووزير خارجيته إلى جمهورية مصر العربية للمشاركة في القمة العربية غير العادية “قمة فلسطين”.[6]
في اليوم التالي، وبتاريخ 5 آذار/مارس 2025، شهدت مدينة الصنمين التي تقطنها غالبية مسلمة سنّية، في محافظة درعا جنوبي سوريا، اشتباكات بين قوات الأمن العام ومجموعة مسلحة مرتبطة بنظام الأسد السابق، يقودها المدعو “محسن الهيمد”. وجاءت الاشتباكات بعد سلسلة من التوترات كان آخرها قيام مجموعة “الهيمد” باستهداف عناصر من الأمن العام في المدينة على غرار ما حصل في اللاذقية،[7] الأمر الذي قابلته السلطات الانتقالية بإرسال تعزيزات إلى المدينة وشنّ حملة عسكرية ضدّ المجموعة. وبعد يومين من الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل وأسر العشرات من عناصر مجموعة “الهيمد” وفرار قائد المجموعة وعدد آخر من عناصره إلى جهة مجهولة، إضافةً إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين؛ تم إعلان انتهاء العملية العسكرية في الصنمين.[8]
الجدير بالملاحظة بأحداث مدينة الصنمين؛ بأنّ قوات الأمن العام أوقفت الاشتباكات بشكل مؤقت وأعطت مهلة زمنية لتأمين خروج المدنيين من الحيّ الذي تحصنت فيه مجموعة “محسن الهيمد”، قبل استئنافها، وهو ما ساعد فعلياً بخروج المدنيين، بينهم نساء وأطفال من الأحياء التي شهدت مواجهات عسكرية، وحماية أرواح العشرات.[9] وهو ما تمّ تأكيده مرة أخرى من قبل قوات الأمن العام، الذين صرّحوا بأنهم كانوا “حذرين في التعامل بسبب وجود مدنيين”.[10] ولم يتم رصد أي فيديوهات بثّت خطاب كراهية طائفي في حالة اشتباكات الصنمين. وفي المقابل، غابت مثل هذه التدابير أثناء اشتباكات “حي الدعتور” ذو الغالبية العلوية في اللاذقية، وهو ما أدّى إلى مقتل أربع مدنيين على الأقل بينهم طفل،[11] واستخدمت فيها قوات الإدارة السوية الانتقالية الأسلحة المتوسطة إضافة إلى “طائرات بدون طيار”.[12] وترافقت الحملة العسكرية مع خطاب كراهية وعبارات طائفية بحق العلويين. |
شكّل يوم 6 آذار/مارس 2025، ومجمل الأحداث التي وقعت فيه، شرار ما سمّي بـ”أحداث الساحل السوري”، حيث أعلنت إدارة العمليات العسكرية يومها عن بدءَ حملة عسكرية وأمنية واسعة النطاق ضدّ ما أسمتهم بـ”فلول النظام” في محافظات حمص واللاذقية وطرطوس، وإعادة فرض حظر التجوال على محافظتي اللاذقية وطرطوس، عقب “اندلاع اشتباكات في مدينة جبلة وقرى مختلفة من الساحل، بعد مقتل أكثر من 15 عنصر من جهاز الأمن العام بكمائن منسقة لمسلحين”، مرتبطين بالنظام السوري السابق. كما نقل الباحث الميداني لدى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بأنّ دورية تابعة للأمن العام كانت قد تعرّضت لكمين في ذات اليوم، بعد محاولة اعتقال عدد من الأشخاص في قرية “الدالية” في ريف مدينة جبلة، تبعه استهداف سيارة إسعاف حاولت إجلاء المصابين. تلاها اشتباكات مع قدوم تعزيزات عسكرية إضافية لقوات الأمن العام، ثمّ قيام طائرات حوّامة عسكرية تابعة للسلطة الانتقالية بدمشق، بالمشاركة الفعلية من خلال قصف مواقع في قريتي بيت عانا والدالية المتلاصقتين حسبما أظهرت مقاطع فيديو مصورة تحققت منها “سوريون”. تبع ذلك تحليق طيران يُعتقد بأنّه روسي فوق المنطقة، دون معرفة السبب الحقيقي للتحليق. ونتيجة أحداث ذلك اليوم، تظاهر عشرات المدنيين في مدينة طرطوس و”حي الدعتور” في اللاذقية، وأصدر المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر بياناً جاء فيه: “تصاعدت التجاوزات، وانفلتت العناصر عن أي انضباط، فتعدّت على ممتلكات الأبرياء، وأطلقت العبارات الطائفية على الملأ، موثقة بالصوت والصورة، تزامناً مع حملات الترهيب والقتل الذي لم ينجُ منه المدنيون ولا الأطفال“، ودعا إلى إيقاف الحملة العسكرية على الفور.
بمحصلة ذلك اليوم، سقط “نحو 70 قتيلاً غالبيتهم من قوات الأمن السوري ومسلّحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد خلال اشتباكات “غير مسبوقة”، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.[13] وفي مساء ذلك اليوم صدر بيان (لم يتم التحقق من صحّته من قبل سوريون) حول “إنشاء وانطلاق المجلس العسكري لتحرير سوريا” حمل توقيع العميد الركن “غياث سليمان دلّا” (وهو أحد القادة السابقين في الفرقة الرابعة في جيش النظام السابق). حيث دعا البيان إلى “إسقاط النظام القائم” و”تحرير كامل التراب السوري من القوى المحتلة الإرهابية” على حد تعبير البيان. (الملحق رقم 1). تزامن ذلك أيضاً مع نشر موقع الجمهورية نت تقريراً زعمت فيه بأنّ “خلدون الهجري، قريب الزعيم الديني في السويداء حكمت الهجري وممثّله في الخارج، التقى مسؤولين أميركيين في واشنطن خلال شهر شباط (فبراير) الماضي بصفته «ممثّلاً سياسياً للشيخ حكمت الهجري»، وعرضَ عليهم خطةً لتنفيذ تمرّدٍ مسلّح على حكومة أحمد الشرع، تقوده قواتٌ مرتبطةٌ بحكمت الهجري من السويداء، وبمشاركةٍ من قوات سوريا الديمقراطية في شرق سوريا ومجموعاتٍ علوية من الساحل السوري، وبدعمٍ إسرائيلي”.[14]
وتزامنت هذه الأخبار أيضاً مع انتشار إشاعات وأخبار غير مؤكّدة -نقلاً عن قناة الجزيرة القطرية- مفادها أن “الرئيس المخلوع بشار الأسد على علم بالتنسيق الجاري بين جميع المجموعات المسلحة بدعم وإشراف دولة خارجية”،[15] واكتفت الوكالة بأنّها حصلت على “معلومات” بشأن علاقة بشار وماهر الأسد بالأحداث الجارية، دون تحديد المصدر أو ذكر أي إشارة إضافية إليه، وهو ما يبدو أنّه أدّى إلى تعقيد المشهد على أقل تقدير.
أدّت مجمل هذه الأخبار والتقارير والأحداث والبيانات الحقيقة منها وغير الدقيقة إلى احتقان شعبي وطائفي غير مسبوق على امتداد الجغرافيا السورية، خاصة بين أبناء الطائفة السنّية وفي المناطق والمحافظات ذات الغالبية المسلمة السنّية، حيث رأى الكثيرون ما يحدث على أنه “محاولة انقلابية” و”محاولات تمرّد” على السلطات الجديدة بقيادة أحمد الشرع، من قبل أنصار الرئيس السابق بشار الأسد. وهكذا شهدت العشرات من المدن تظاهرات “مؤيدة للعملية العسكرية في الساحل السوري”، أعلن خلالها المتظاهرون عن جاهزيتهم للالتحاق بالمعارك الدائرة هناك، تزامناً مع انتشار دعوات واسعة وغير مسبوقة إلى “النفير العام”[16] في عدة مناطق من سوريا، وساد خطاب الكراهية والتحريض على القتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي،[17] بشكل واسع أيضاً وغير مسبوق، منها المطالبات العلنية بقتل العلويين وإلقاء جثثهم في البحر “كي لا يقال بأنّ الأسماك جاعت في بحار بني أميّة“، ووجد هذا الخطاب طريقه أيضاً إلى منابر عدد من المساجد؛[18] بالإضافة إلى انتشار دعوات “الجهاد” من مساجد أخرى.[19]
رغم ذلك لم تقم السلطات السورية الانتقالية بأيّ مبادرة جدّية لمكافحة تلك الخطابات والسيطرة على تداعياتها. فرغم قيام إدارة العمليات العسكرية لاحقاً بنشر تعميم عبر قناتها في تلغرام جاء فيه أن “الدولة لا تحتاج إلى رجال للقتال في صفوفها ولا إعلان النفير في الجوامع”، ظهر السيد أحمد الشرع في خطاب مساء يوم 7 آذار/مارس 2025، معلقاً على الأحداث في خطاب مدّته (04:11 دقيقة)، مؤكّداً “أنّ سوريا اليوم لا فرق فيها بين سلطة وشعب، فسوريا تعني الجميع، وهي مهمّة الجميع في الحفاظ عليها ونصرتها“، في تأييد واضح لعمليات “النفير العام” في عشرات المناطق السوريّة، مخاطباً “فلول النظام” بأنّهم “أوغلوا في الدم السوري خلال عقود من الزمن“، مضيفاً بأنّ القيادة كانت قدّ “غلّبت حالة العفو” قبل ذلك تجنّباً للمشهد الذي حصل (وهو ما يوحي بأنّ هذا الخطاب هو بمثابة نهاية حالة العفو).
وفي ذات الخطاب بارك الرئيس الشرّع قوى الجيش والأمن “بالتزامهم بحماية المدنيين وتأمينهم أثناء ملاحقة فلول النظام“، مؤكّد على ضرورة عدم المبالغة والتجاوز في “ردّ الفعل” وأن يعملوا على ذلك، متوعداً بـ”حساب شديد” لكل من يتجاوز على المدنيين العزّل و”يأخذ أقواماً بجريرة أقوام“.
وابتداءً من يوم 7 آذار/مارس 2025، وعلى امتداد الأيام التالية، استمرت الحملة العسكرية الأمنية في حمص وريفها وريف حماه ومدن الساحل السوري وقراه، حيث تواردت العشرات من مقاطع الفيديو والشهادات التي أفادت بوقوع جرائم قتل جماعية وعشوائية وإذلال واهانات وتنكيل وخطاب كراهية وخطاب طائفي واسع بحق المدنيين/ات في تلك المناطق، وخاصة من أبناء الطائفة العلوية. وتمكنت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” من التحقق من صحّة العشرات من مقاطع الفيديو التي وثقت تلك المجازر، إضافة إلى إحصائها مئات الأسماء لضحايا مدنيين، وجمعها العشرات من الشهادات الحصرية. ولم تقتصر تلك الانتهاكات على أبناء الطائفة العلوية، بل امتدّت إلى أبناء الطائفة المرشدية، وتمّ الاعتداء على مقام ديني خاص بهم في قرية “كرم المعصرة” الواقعة في ريف الحفّة بريف اللاذقية.
كما تواردت العشرات من مقاطع الفيديو التي قام بتصويرها المقاتلون التابعون لقوات الحكومة الانتقالية السورية نفسها أثناء قيامهم بارتكاب المجازر وعمليات تخريب مقامات دينية مقدسة لدى أبناء الطائفة العلوية في سوريا.[20] ولم يتوقف عناصر من “لواء درع الساحل” المرتبطين بنظام الأسد السابق، عن بث التهديدات للإدارة السورية الجديدة وإعلان إصرارهم على مواصلة القتال وتحريض أبناء الساحل على مواصلة استهداف قوات إدارة العمليات العسكرية. [21] وتزامنت هذه الدعوات مع ترويج واسع النطاق للأخبار المضللة حول مجريات الأحداث.[22]
2. خلفية:
خلال عملية “ردع العدوان” التي بدأت يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، بقيادة “هيئة تحرير الشام” وفصائل مسلّحة أخرى، والتي انتهت بسقوط نظام الأسد يوم 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، أبدت قيادة العمليات العسكرية اهتماماً علنياً بـ”منع حدوث عمليات انتقامية” في سوريا، وذلك عبر إصدارها “عفواً عاماً عن جميع العسكريين المجندين تحت الخدمة الإلزامية” في قوات النظام. وبعد سقوط النظام، أدلى قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع بتصريحات مفادها أن “الثورة انتهت“، وأن هذا النصر “فتحٌ لا ثأر فيه بل مودة ورحمة“، كما أكّد في مقابلاته مع وسائل الإعلام العربية لاحقاً أن “عقلية الثورة والثأر لا تنفع في مرحلة بناء الدولة” في إشارة واضحة إلى رغبة الحكومة السورية الانتقالية بـ”طي صفحة الماضي”. جاء ذلك رغم الجدل الذي أثارته هذه التصريحات، بين أصوات طالبت بـ”إنزال القصاص الفوري” بمجرمي الحرب في صفوف قوات النظام السابق، وأصوات مدنية سورية أخرى طالبت بمسار واضح وشفاف يضمن تحقيق العدالة الانتقالية ويكفل عدم حدوث عمليات انتقامية عشوائية.
ومع ذلك، شهدت شهور (كانون الأول/ديسمبر 2023، وكانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2025) تصاعداً ملحوظاً في حوادث العنف والانتهاكات التي طالت سوريين/ات مدنيين/ات من أبناء الطائفة العلوية في محافظات حمص واللاذقية وطرطوس. فقد وثّقت تقارير حقوقية وقوع عمليات قتل ميداني بحقّ عدد من المدنيين خارج إطار القانون، كعملية القتل الجماعية في قرية “فاحل” بريف حمص التي أسفرت عن سقوط 15 قتيلاً بينهم ضحايا مدنيون يوم 23 كانون الثاني/يناير 2025.[23] وحادثة قتل 3 قضاة إضافة لشخصيات دينية واجتماعية بارزة من أبناء الطائفة العلوية. كما وثقت اعتداءات على المقابر، ومظاهر استهداف واعتقالات، وتعرّض المعتقلين للإذلال والإهانة، كالحالات التي تمّ فيها إرغامهم على تقليد أصوات الكلاب أو الصراخ بعبارات مهينة بحقهم. تلاقى تصاعد عمليات العنف هذه مع تَعقُّد المشهد السوري وتداخلاته الإقليمية؛ ففي 3 آذار/مارس 2025 نشرت وكالة مهر الإيرانية للأنباء بياناً صادراً عن “جبهة المقاومة الإسلامية في سورية–أولي البأس” دعا السوريين إلى “الثورة ضد الباطل”. وقد رصدت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إنشاء العديد من الصفحات والحسابات الجديدة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت مسميات من قبيل “المقاومة الشعبية” و”لواء درع الساحل” و”مجموعة إسناد درع الساحل”[24]، خلال شهر شباط/فبراير ومطلع آذار/مارس 2025. تزامن ذلك مع ظهور الضابط السابق في جيش النظام المدعو “مقداد فتيحة”[25] في فيديوهات تحريضية توعد فيها بالقيام بعمليات ضدّ قوات الإدارة السورية الجديدة، ودعا إلى “حمل السلاح وعدم تسليمه” للإدارة السورية الجديدة واستهداف حواجز وقوات الأمن العام.[26]
3. إحصائيات عمليات القتل الجماعي والنزوح:
في 9 آذار/مارس 2025، أعلنت إدارة العمليات العسكرية مقتل 231 عنصراً من مقاتليها في معارك الساحل، في حين أشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر يوم 11 آذار/مارس 2025، إلى أنها وثَّقت “مقتل ما لا يقل عن 803 أشخاص، وذلك في الفترة الممتدة من 6 إلى 10 آذار/مارس 2025” كما سجَّلت الشبكة “مقتل 172 عنصراً على الأقل من القوات الأمنية والشرطية والعسكرية على يد ما أسمتهم بـ”المجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة المرتبطة بنظام الأسد”، إضافةً إلى مقتل ما لا يقل عن 211 مدنياً، نفَّذتها هذه المجموعات. وقالت الشبكة بأنّها وثقت “مقتل ما لا يقل عن 420 شخصاً من المدنيين والمسلحين منزوعي السلاح، بينهم 39 طفلاً و 49 سيدة و 27 من الكوادر الطبية، وذلك على يد القوى المسلحة المشاركة في العمليات العسكرية”. (أي تلك التابعة للسلطات الانتقالية في دمشق أو الموالية لها).
أما المرصد السوري لحقوق الإنسان فقد ذكر في تقريره الصادر في 22 آذار/مارس أنه وثق 62 مجزرة وقعت في الساحل السوري أدت إلى مقتل 1614 مدنياً. وفي تقرير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير جاءت إحصائيات الضحايا الذين قتلوا بين 6 و 10 آذار/مارس كالتالي: “1169 ضحية من المدنيين/ات… منهم 732 في اللاذقية و 276 في طرطوس و 161 في حماه. من بين الضحايا هناك 103 امرأة و 52 طفل (43 ذكر و 9 أنثى)” كما وثق المركز “مقتل 218 من أفراد الأمن العام”. وأشار المركز الذي يترأسه الحقوقي والمحامي السوري مازن درويش، في تقريره إلى أنه “رغم صعوبة تحديد المسؤولين المباشرين عن الانتهاكات في الوقت الحالي نظراً لتعقيد الوضع وتعدد الجهات المشاركة في الأحداث الأخيرة. إلا أنه وفقاً للمعلومات المتوفرة هناك مؤشرات على تورط أفراد تابعين للحكومة في أعمال القتل والعنف“. وكانت مجموعة السلم الأهلي – سين، السورية المستقلة، قد وثّقت في آخر إحصائية لها نُشرت بتاريخ 29 آذار/مارس 2025، مقتل 1743 مدني ومدنية في الساحل السوري ما بين 6 و 10 آذار/مارس 2025. بالمحصلة، أدت الاشتباكات والعمليات العسكرية إلى نزوح آلاف العائلات من قرى ومدن الساحل السوري. حيث نزح أكثر من 8000 شخص بينهم نساء وأطفال إلى مطار حميميم العسكري في محافظة اللاذقية وفقاً لوكالة “تاس” الروسية؛ بينما نقلت صحيفة النهار اللبنانية عن غرفة إدارة الأزمات والكوارث في محافظة عكار في لبنان أن القرى الحدودية شمالي المحافظة استقبلت 15771 نازحاً/ة من سوريا جراء الأحداث الأخيرة.
وكان بيان مشترك نُشر بتاريخ 9 آذار/مارس 2025، من قبل المستشارة الأممية الخاصة المعنية بمنع الإبادة الجماعية (بالنيابة) “فيرجينيا غامبا” والمستشار الأممي الخاص المعني بمسؤولية الحماية “مو بليكر”، قد أكّد بأنّ “التقارير الواردة من اللاذقية وطرطوس ترسم صورة مروّعة لهجمات مُستهدِفة، بما في ذلك ضد أفراد من الطائفة العلوية، كرد فعل على سلسلة من الهجمات المنسقة التي قيل إن عناصر من الحكومة السابقة ومسلحين محليين آخرين شنّوها“. من جانبها، أكّدت منظمة هيومن رايتس ووتش بأنّ محافظات اللاذقية وطرطوس، ومناطق أخرى قد شهدت “إعدامات ميدانية وفظائع أخرى وقعت في المنطقة الساحلية السورية في أعقاب هجمات متمردين على قوات الأمن السورية وأثناء العمليات الأمنية اللاحقة للحكومة“.
فيما طالبت منظمة العفو الدولية التحقيق فيما وصفته بـ”أعمال القتل المُروّعة بحق مدنيين في الساحل الشمالي الغربي”، جاء ذلك في معرض تعليق المنظمة الدولية على التقارير التي تحدثت عن مقتل مئات المدنيين، معظمهم من الأقلية العلوية، في المناطق الساحلية في سوريا. وفي 25 آذار/مارس 2025، قدّم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، أعرب فيها عن قلقه العميق إزاء التقارير الواردة بشأن الاشتباكات في الساحل السوري وسقوط ضحايا مدنيين، داعياً جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وضمان حماية المدنيين بما يتوافق مع القانون الدولي. كما أشار إلى تقارير مقلقة حول عمليات قتل واسعة النطاق دون محاكمة، وانتهاكات جسيمة ذات طابع طائفي وانتقامي، استهدفت أبناء الطائفة العلوية على وجه الخصوص.
4. تدابير الحكومة السورية الانتقالية:
أقرّت السلطات الانتقالية السورية بوقوع انتهاكات خلال الحملة العسكرية؛ ففي 7 آذار/مارس 2025، صرّح مصدر أمني في وزارة الداخلية لوكالة الأنباء السورية (سانا) بوقوع ما وصفها بـ”بعض الانتهاكات الفردية“، لكنه عزاها إلى “حشود شعبية كبيرة غير منظمة توجهت إلى الساحل” لمؤازرة قوات الأمن ووزارة الدفاع؛ (وهي ذات الحشود التي لبّت دعوات النفير العام التي أثنى عليها الرئيس السوري أحمد الشرع في خطابه الأول في ذات اليوم 7 آذار/مارس 2025). وفي 9 آذار/مارس 2025، أي بعد يومين فقط من إعلان “النفير العام” وعمليات القتل الجماعية على أساس طائفي، والتي شهدها الساحل السوري، ألقى الرئيس السوري أحمد الشرع خطاباً ثانياً، أعلن فيه عن تشكيل لجنة وطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري في يوم 6 آذار/مارس 2025، مؤكداً أن أطرافاً عديدة دخلت الساحل السوري وحدثت “تجاوزات”، إلا أنّه لم يعلّق على مزاعم تورط قواته الأمنية في عمليات القتل الجماعية تلك والإعدامات خارج إطار القانون والانتهاكات المرافقة الأخرى مثل نهب الممتلكات وتدميرها وتخريب سبل العيش التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين.
وقد حُددت مهام اللجنة في “الكشف عن الظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع تلك الأحداث/البند 2- النقطة 1” و”التحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها/البند 2 – النقطة 2” و”التحقيق في الاعتداءات على المؤسسات العامة ورجال الأمن والجيش وتحديد المسؤولين عنها/البند 2 – النقطة 3” و”إحالة من يثبت تورطهم بارتكاب الجرائم والانتهاكات إلى القضاء/البند 2 – النقطة 4“. وقد شُكّلت اللجنة من سبعة أعضاء، وهم: القاضي جمعة دبيس العنزي، القاضي خالد عدوان الحلو، القاضي علي النعسان، القاضي علاء الدين يوسف لطيف، القاضي هنادي أبو عرب، والعميد عوض أحمد العلي، والمحامي ياسر توفيق الفرحان. (انظر الملحق رقم 2).
بالرغم من أن اللجنة قد أُنشئت استناداً إلى قرار صادر عن الرئيس دون الإشارة إلى الإطار القانوني الذي يحكمها، فإنّ القانون الدولي ينصّ على المبادئ التي ينبغي أن تلتزم بها مثل هذه اللجان الوطنية كي تُعد تحقيقاتها فعالة. وتَرِد هذه المبادئ في كل من القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وكلاهما ينطبق في هذه الحالة. فعلى سبيل المثال، اعتبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن على الدول التزاماً ضمنياً بـ”التحقيق بحسن نية في جميع الادعاءات المتعلقة بانتهاك العهد والتي توجَّه ضدها أو ضد سلطاتها”.[27]
ذكرت اللجنة في التعليق العام رقم 36 بشأن المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمتعلقة بالحق في الحياة، ما يلي: “ومن العناصر المهمة التي يوفّرها العهد لحماية الحق في الحياة التزام الدول الأطراف بأنّ تحقق فيما يُحتمل وقوعه من حوادث الحرمان التعسفي من الحياة، في حالة علمها أو احتمال علمها بها، وأن تُلاحق قضائياً، عند الاقتضاء، المسؤولين عن تلك الحوادث، بما فيها تلك التي تتعلق بادعاءات بشأن الاستخدام المفرط للقوة المؤدية إلى عواقب مميتة… ويجب التحقيق أيضاً في الحالات التي ينجم فيها خطر بالغ قد يؤدي إلى الحرمان من الحياة من استخدام قوة قد تكون مميتة… ويجب أن تهدف إلى ضمان تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، وإلى تعزيز المساءلة ومنع الإفلات من العقاب، وإلى تجنب إنكار العدالة، وإلى استخلاص الدروس اللازمة لتنقيح الممارسات والسياسات بغرض درء الانتهاكات المتكررة. ويجب أن تستكشف التحقيقات جملة السياقات التي تؤدي إلى إزهاق الأرواح، بما يشمل أنماط انتهاكات الحق في الحياة، والنظر في مدى التزام الموظفين العموميين بمنع هذه الانتهاكات أو منع تكرارها”.[28] تُقرر اللجنة كذلك أنه “ينبغي أن تكون التحقيقات في الانتهاكات المزعومة للمادة رقم 6 دائماً مستقلة، ومحايدة، وفورية، وشاملة، وفعالة، وذات مصداقية، وشفافة“.[29]
تُعد التحقيقات في الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي الإنساني أمراً بالغ الأهمية لضمان التطبيق السليم لهذا النظام القانوني، سواء في النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية. ويجب أن تكون أي صورة من صور التحقيق فعالة، بمعنى أن تكون قادرة على: (1) التوصل إلى تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للقانون الدولي الإنساني، (2) تحديد العوامل الفردية والمنهجية التي تسببت في الحادث أو أسهمت في وقوعه، و(3) تمهيد الطريق لاتخاذ أي إجراءات تصحيحية قد تكون ضرورية. أما المبادئ الأكثر شيوعاً والتي تُعد ضرورية لضمان فعالية التحقيق، فهي الاستقلالية، والحياد، والشمول، والسرعة، والشفافية. [30]
بناءً على ما ذكر أعلاه، فإنّ “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تعتقد بأنّ الطريقة التي شُكّلت بها اللجنة من رئاسة الجمهورية إلى جانب آلية عملها، تثير شكوكاً حقيقة حول مدى جدّية التزام السلطات الانتقالية بتحقيق العدالة مع ضمان نزاهة وشفافية التحقيقات؛
4.1. من حيث الإنشاء والشكّ باستقلالية اللجنة و”حسن نية السلطة”:
لم يتمّ إنشاء هذه اللجنة من قبل هيئة تشريعية مستقلة أو هيئة قضائية عليا، بل من قبل رئاسة الجمهورية، (السلطة التنفيذية، التي أكّدت منظمة العفو الدولية[31] تبعية الميليشيات التي قامت بالانتهاكات لها)، مما يطعن بالاستقلالية الاسمية التي أنشأت اللجنة على أساسها، فمن غير المرجّح أن تصدر اللجنة المشكّلة من قبل السلطة التنفيذية تقريراً يمسّ ويهدد مصالح الجهة المشكّل لها (البند 1 من قرار تشكيل اللجنة)، كما أن وجود شخصية عسكرية وأمنية سابقة متورطة بشكل مباشر في النزاع السوري، عبر تشكيل فصيل مسلّح، كأحد أعضاء اللجنة، يضع تساؤلات إضافية حول مدى حياد اللجنة وعدد من أعضائها أثناء عملية التحقيق، وهذا ما قد يتعارض مع المبادئ المنصوص عليها في القانون الدولي التي تنصّ بأنّ تكون لجان التحقيق مستقلة ومحايدة.
لا بدّ أيضاً من ملاحظة أن عدد من أعضاء لجنة تقصي الحقائق المشكلة للتحقيق في أحداث الساحل السوري كانوا ينتمون بشكل مباشر إمّا إلى حكومة الإنقاذ التابعة لـ”هيئة تحرير الشام” في شمال غرب سوريا قبل تسلمّها للسلطة، أو إلى الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية المدعومة من تركيا؛ على حساب الأسماء المستقلّة المحدودة في اللجنة، الأمر الذي ترى فيه “سوريون” أنه لا يحقق شرط الحيادية مرة أخرى، وخاصة أثناء عملية اختيار أعضاء اللجنة وتحديدهم، وهو ما يثير مخاوف جدّية من احتمالية تحيّز العدد الأكبر من أعضاء اللجنة إلى رواية السلطات الرسمية فيما حدث دون محاولة الوصول إلى حقيقة ما جرى بشكل حيادي ونزيه ودون تصورات مسبقة.
ترى “سوريون” أيضاً”، بأنّه كان من المفترض أن تتضمن عضوية اللجنة محققين/ات مستقلين/ات بشكل كامل، من مناطق سوريّة مختلفة (منهم الساحل السوري)، وعدم الاكتفاء بلون واحد وطائفة واحدة، حيث إن وجود عضو أو أكثر من المستقلين/ات من أبناء المنطقة التي شهدت الانتهاكات سيبعث الطمأنينة والثقة في نفوس الضحايا وذويهم، وهذا ما سيدفعهم إلى التعاون مع اللجنة بشكل أكبر، فقد أكّدت “مبادئ بنغالور” بشأن استقلال القضاء، والتي يمكن استخدامها في سياق هذه الورقة أيضاً، بأن “الحياد لا ينطبق على القرار في حد ذاته فحسب، بل ينطبق أيضاً على الإجراءات التي يتخذ القرار من خلالها“، إذ أن استقلال القضاء شرط أساسي لضمان الحياد والعدالة، وهو لا يكفي أن يكون قائماً بالفعل بل يجب أن ينظر إليه كذلك من قبل الجمهور، والحياد يجب أن يكون فعلياً وظاهرياً.
كما وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن المنظومة القانونية الوطنية السورية الحالية تفتقر إلى وجود إطار قانوني واضح وفعّال لحماية الشهود والضحايا، سواء من حيث النصوص أو من حيث الآليات التنفيذية. وفي ظل الاتهامات الموجهة لعناصر من القوات الأمنية والعسكرية بالتورط في ارتكاب انتهاكات جسيمة، فإن استمرار هذه الجهات في التمتع بسلطة ميدانية وقوة عسكرية على الأرض يطرح تساؤلات جوهرية حول إمكانية ضمان سلامة الشهود وذوي الضحايا.
4.2. من حيث آلية العمل ومبدأ الشفافية:
إن القرار الرئاسي المنشئ للجنة لم يحدد الأساس القانوني الذي يحكم عملها والذي يمكن أن تستند عليها اللجنة في وصف الأفعال المرتكبة وفي طريقة عملها بشكل عام، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت اللجنة تمتلك الصلاحيات الكافية للوصول إلى الأدلة وإجراء تحقيقات غير مقيدة وغير موجّهة من السلطات الانتقالية السورية. فرغم أن اللجنة مكلفة بـ”التحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها – البند 2” و”كشف عن الأسباب والظروف والملابسات التي أدّت إلى وقوع تلك الأحداث – البند 1“، إلا أن الغموض يحيط بآليات المحاسبة اللاحقة ومدى توفرّها أساساً في السياق السوري، خصوصاً أنه لم يتم الإعلان عن نيّة مشاركة الأدلّة مع الجهات الدولية ذات الاختصاص مثل الآلية الدولية المحايدة والمستقلة ولجنة التحقيق الدولية حول سوريا، والتي تقوم بعمليات المساهمة في جهود العدالة الدولية عبر التعاون المباشر مع المحاكم.
علاوة على ذلك، فلم يتضمن قرار تشكيل اللجنة أي نصّ صريح يلزم اللجنة بنشر تقريرها على العلن (مع الحفاظ على خصوصية المصادر)، مما يفتح المجال أمام فرضية أن نتائجه قد تُستخدم لأغراض سياسية داخلية بدلاً من التركيز على تحقيق العدالة، أو ربّما تبقى النتائج الحقيقة حبيسة الأدراج.
يفتح هذا النقص في طريقة تشكيل اللجنة وآلية العمل أيضاً، الباب أمام تساؤلات جوهرية، من قبيل: هل يتعيّن على اللجنة زيارة جميع المناطق التي يُحتمل وقوع انتهاكات فيها (أي مسارح الجريمة) بشكل جماعي؟ أم يمكن توزيع أعضائها على تلك المناطق نظراً لتعددها؟ وهل يتوجب أن يستمع جميع الأعضاء إلى الشهادات والضحايا بشكل مباشر، أم يُكتفى بحضور عضو أو أكثر؟ إن غياب الإجابة عن هذه الأسئلة، وأسئلة عديدة أخرى، وعدم صدور أي توضيح لاحق بشأنها، يشكّل ثغرة في البنية الإجرائية للجنة، ويمكن أن يقوّض بشكل كبير فعالية التحقيقات التي يُفترض أن تضطلع بها.
4.3. الزمن والفعالية:
إنّ التحقيقات الفعالة تتطلب وقتاً كافياً لجمع الأدلة والتحقق منها ومقاطعتها، ومقابلة الشهود، والتحليل الجنائي، خاصة في حالة أحداث الساحل السوري، الذي شهد عمليات قتل جماعية بحقّ أكثر من 1700 مدني/ة (بحسب مجموعة السلم الأهلي). بينما نصّ قرار تشكيل اللجنة برفع تقريرها خلال 30 يوماً فقط (البند 4)، حيث تعتقد “سوريون” بأنّ هذا الإطار الزمني الضيّق لن يسمح بإجراء تحليل عميق لانتهاكات خطيرة كالقتل الجماعي أو الجرائم ضد الإنسانية وأنماط الانتهاكات الأخرى.
4.4. المحاكمات وتحديد المسؤولية ومبدأ ضمان محاسبة المسؤولين ذوي الرتب الأعلى:
يُلزم القانون الدولي أن تشمل التحقيقات تحديد المسؤولية القانونية للمسؤولين الأعلى رتبة عن الانتهاكات التي يرتكبها مرؤوسيهم، ونظراً لأنّ اللجنة قد شكّلت من أعلى رأس الهرم في السلطة التنفيذية، فإنّ “سوريون” تستبعد قدرة اللجنة على الذهاب أبعد من تجريم الرتب الدنيا فقط، التي يمكن إلصاق الجرائم بها بسبب ارتكاباتها الفعلية. دون الأخذ في الاعتبار السياق الذي بدأت فيه الأحداث وكيف توجهت مئات الأرتال العسكرية التابعة لوزارة الدفاع السورية وأخرى تابعة لجهاز الأمن العام إلى المناطق التي شهدت عمليات قتل جماعية، تزامناً مع دعوات أخرى إلى “النفير العام” و”الجهاد”.
علاوة على ذلك، تعتقد “سوريون” بأنّ عقوداً من الفساد والمحسوبيات والتفكك القضائي وعدم قدرة القضاء السوري الحالي على التعامل مع جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية، يقوّض من قدرة النظام القضائي السوري الفعلية على المضي قدماً في محاكمات عادلة ومستقلة وشفافة وعلنية، حتى لو قامت اللجنة بطلب وإحالة المتهمين إلى القضاء. (ذكر البند رقم 2 /النقطة 4 على إحالة من يثبت تورطهم بارتكاب الجرائم والانتهاكات إلى القضاء).
4.5. غياب التشاركية وغياب تفادي إنكار العدالة:
رغم أنّ قرار تشكيل اللجنة، أعطى الأعضاء الحقّ وصلاحية “الاستعانة بمن تراه مناسباً لأداء مهامها“، إلاّ أنّ “سوريون” لم تحصل على أيّة معطيات إيجابية توحي برغبة اللجنة في التعاون مع المنظمات الحقوقية السورية والدولية والأممية على حدٍ سواء. إنّ غياب التعاون مع الجهات المذكورة قد يبعث رسائل بأن اللجنة تعمل بمعزل عن أي مراقبة من جهات مستقلة، مما يضعف مصداقيتها.
أيضاً، لا يوجد في القرار الرئاسي المشكّل للجنة، أي إشارة إلى ضرورة إشراك أسر الضحايا في جميع أدوار التحقيق، وهو العنصر الذي تراه “سوريون” بأنّها أساسي لتحقيق العدالة وضمان عدم تهميش عائلات الضحايا والمفقودين/ات والمتضررين/ات.
أيضاً، هنالك مخاوف حقيقية لدى “سوريون” بأنّ تكون نتائج التقرير منقوصة أو مسيّسة، أو قدّ يتم إسناد الجرائم إلى “جهات مجهولة”، دون وجود إجراء قانوني يسمح للضحايا بالطعن في قراراتها أو المطالبة بإعادة فتح التحقيق في حالة ملاحظة عدم اكتماله أو شموليته.
وأخيراً، فإنّ قرار تشكيل اللجنة لم يتضمن صراحة وجوب تقديم توصيات لتغيير السياسات الأمنية أو ضمان عدم تكرار المجازر في المستقبل، وهذا ما يتعارض مع تأكيد لجان حقوق الإنسان الدولية على أهمية استخلاص الدروس من التحقيقات لمراجعة السياسات والممارسات لمنع تكرار الانتهاكات.
5. توصيات للجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق:
على الرغم من الملاحظات التي أشرنا إليها أعلاه فإن “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” ترحّب وبشدّة بتشكيل “اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق” والتي يقع على عاتقها مسؤولية تقديم تحقيق شفاف ومستقل يفضي إلى تحديد المسؤولين عن عمليات القتل الجماعية، وتحقيق العدالة بشكل شفاف وعلني، وضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات مستقبلاً. ولكي تحقق اللجنة هدفها، ترى “سوريون” ضرورة أن تتبع اللجنة نهجاً حقوقياً صارماً يرتكز على المبادئ الأساسية للمساءلة والعدالة الانتقالية، وتقدم لها التوصيات التالية:
5.1. ضمان استقلالية التحقيق وحياده:
تطلب نجاح اللجنة فكّ الارتباط التام بأي جهة سياسية ورفض الضغوط السياسية أو العسكرية، سواء من الجهات الحكومية أو أي فصائل مسلحة، لضمان نزاهة التحقيقات وموثوقية مخرجاتها. ويجب على اللجنة تجاوز الرواية الرسمية وعدم الاقتصار على تقارير الجهات الحكومية.
5.2. توثيق الانتهاكات باستخدام آليات وتقنيات حديثة، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني السورية والدولية:
يجب أن تعتمد اللجنة في تحقيقاتها على أدلة مادية موثوقة تشمل مقابلة ذوي الضحايا وتوثيق شهاداتهم ومعاينة الأدلة التي يقدمونها، لكشف أي أنماط ممنهجة في عمليات القتل الجماعي. وتحليل الأدلة البصرية بطريقة لا تقبل الشكّ، مثل الفيديوهات والصور التي توثق المجازر، باستخدام تقنيات التحقق الرقمي لضمان دقة البيانات. على اللجنة أيضاً إشراك المنظمات الحقوقية السورية والاستعانة بخبرات الاختصاصيين في هذا المجال.
5.3. تحديد المسؤوليات دون تمييز أو خوف أو محاباة:
يجب أن يركز التحقيق على تحديد المسؤوليات الفردية والمؤسسية عن الجرائم والانتهاكات، من خلال إثبات المسؤولية الجنائية لكل شخص تورط في القتل أو التعذيب أو الإعدام الميداني أو التهجير القسري أو التحريض عليها أو نهب الممتلكات، وعدم الاكتفاء بتحديد الرتب الأدنى فقط، وتحليل أداء المؤسسات الأمنية والعسكرية ومعرفة ما إذا كان هناك تواطؤ داخلي ساهم في تصاعد العنف. يجب التحقيق أيضاً في هوية ودور الجماعات المسلحة التي شاركت في القتال واستهدفت المدنيين، وضمان عدم التغطية على انتهاكات أي طرف، وخاصة المقاتلين الأجانب منهم.
5.4. رابعاً، حماية وضمان أمن وسلامة الشهود والضحايا وذويهم:
نظراً لحساسية الملف، فلا بد من توفير آليات مناسبة وكفيلة بضمان أمن الشهود والضحايا، كإتاحة قنوات آمنة للإدلاء بالشهادات، وتوفير حماية قانونية وأمنية للمبلغين عن الانتهاكات لمنع أي انتقام ضدهم، والتنسيق مع الهيئات المختصة لضمان نقل الشهود المهددين إلى أماكن آمنة إذا لزم الأمر.
5.5. التعاون مع الهيئات الدولية لضمان العدالة:
يتعين على اللجنة التعاون بشكل مباشر ووثيق مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، والآلية الدولية المحايدة والمستقلة، وذلك من خلال مشاركة الأدلة والشهادات والمعلومات الموثقة لضمان تحقيق مستقل وشفاف. كذلك، من المهم أن تبلغ اللجنة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية بنتائج التحقيق كاملة. كما ينبغي على اللجنة، في حال وجود مفقودين أو ترجيح وجودهم ضمن سياق الأحداث، التنسيق مع المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا IIMP للمساعدة في تحديد مصيرهم وضمان حقوق أسرهم في المعرفة والمساءلة.
6. توصيات للحكومة الانتقالية والمؤسسات التابعة لها:
6.1. تعزيز الشفافية وإعلان نتائج التحقيق:
يجب أن تلتزم الحكومة السورية الانتقالية بالسماح للجنة بإعلان نتائج تحقيقاتها بشفافية تامة، وذلك من خلال نشر تقرير مفصل يشمل الحقائق التي تم التوصل إليها، وأسماء الجهات والمسؤولين الذين ثبت تورطهم، إضافة إلى المحرضين، وذلك لتمكين الرأي العام من الاطلاع على مخرجات التحقيق ومنع أي محاولات لإخفاء الأدلة.
6.2. السماح للجنة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني السوري والمنظمات الدولية:
يجب أن تتبنى الحكومة السورية الانتقالية نهجاً تشاركياً مع المجتمع المدني السوري والدولي لضمان نزاهة التحقيق. يجب السماح للجنة بالاستفادة من تقارير المنظمات الحقوقية التي وثقت الانتهاكات بشكل مباشر، وإشراك المختصين القانونيين من منظمات وأفراد في مراجعة الأدلة وإبداء ملاحظاتهم حول سير التحقيق، وتمكين المجتمع المدني من المساهمة في تقديم الدعم للضحايا.
6.3. ضبط القوات المسلحة والمجموعات المساندة وضمان عدم تكرار الانتهاكات:
على الحكومة السورية الانتقالية تدريب عناصر الأمن على مبادئ حقوق الإنسان أثناء العمليات العسكرية، وتعزيز معايير المساءلة الداخلية، وإرساء مبدأ المحاسبة داخل المؤسسات الأمنية لضمان منع وقوع الانتهاكات مستقبلاً مرة أخرى، واستبعاد جميع العناصر الأجنبية على الفور.
6.4. ضمان عدم الإفلات من العقاب وضمان تقديم المتورطين إلى القضاء دون تمييز أو محاباة:
على الحكومة إحالة من تُثبت التحقيقات تورطهم في ارتكاب الانتهاكات إلى قضاء محايد ومستقل (بعد عملية إصلاح قضائي تسمح بالتعامل مع الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان). يجب أن تكون المحاكمات علنية، وأن تتولى مسؤوليتها محاكم تتمتع بالكفاءة وتراعي معايير المحاكمات العادلة، خاصة وأن القضاء السوري بوضعه الراهن يخضع بشكل كامل للسلطة التنفيذية.
6.5. التصدي لخطاب الكراهية والتحريض على العنف:
نظراً لأن أحداث الساحل السوري رافقها تصعيد خطير في الخطاب الطائفي والمناطقي والسياسي، وخاصة من إعلاميين ومؤيدين للسلطات الانتقالية في دمشق وخطباء مساجد وأئمة جوامع ودعاة، يجب على الحكومة تجريم نشر التحريض على العنف وجرائم القتل الجماعي أو تبريرها. ويجب عليها اتخاذ إجراءات قانونية فورية وصارمة ضد الأفراد أو الجهات التي تبث خطاب الكراهية، والمبادرة إلى إطلاق حملات توعوية لتعزيز قيم العيش المشترك، ومنع استخدام الخطاب التحريضي كأداة في الصراع السياسي.
6.6. السماح للإعلام بالوصول وتغطية الأحداث بحرية، وضمان سلامتهم أثناء قيامهم بعملهم:
يجب على الحكومة السماح لوسائل الإعلام والصحفيين المستقلين/ات (المحليين/ات والدوليين/ات) بالوصول والتنقل بحرية في مناطق الساحل السوري التي شهدت هذه الأحداث. كما يتعين عليها ضمان سلامتهم واستقلاليتهم معاً أثناء قيامهم بمهامهم.
6.7. توفير بيئة آمنة لعودة النازحين:
على الحكومة السورية إيقاف جميع العمليات القتالية وإعادة ضبط الأمن في مدن وقرى الساحل السوري بالتوافق مع المجتمع المحلي هناك، وتقديم ضمانات كافية والالتزام بتنفيذها كي يتمكن النازحون من العودة إلى مناطقهم، خاصة بعد تكرار حوادث القتل على أساس الهوية حتى بعد انتهاء أحداث الساحل السوري.
6.8. جبر الضرر وتعويض الضحايا والمتضررين وإعطائهم الأولوية:
يجب على الحكومة تيسير وصول المساعدات الإغاثية في أسرع وقت إلى المناطق المنكوبة، كما عليها أن تتولى بنفسها إطلاق مشاريع إعادة تأهيل وإعمار عاجلة في تلك المناطق، وتعويض الضحايا والمتضررين من أعمال العنف. من شأن مثل هذه التدابير أن تساعد في استعادة الثقة وتعزيز القدرة على التعاون بين الحكومة والمجتمع المحلي هناك في سبيل ضمان وضع أمني متماسك وقادر على مواجهة التهديدات الخارجية.
7. ملحقات:
ملحق (1) – بيان ما سمّي بإنشاء وإطلاق “المجلس العسكري لتحرير سوريا”. المصدر.
ملحق رقم (2) – بيان صادر عن رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر الشيخ غزال غزال مطالباً الضمير العالمي والمجتمع الدولي بوقف المجازر بحق أهالي الساحل السوري. المصدر.
الملحق رقم (3) – بيان تشكيل لجنة التحقيق الوطنية السورية للتحقيق في أحداث الساحل. (المصدر).
[1] إدارة الأمن الداخلي تشن حملة أمنية واسعة في حي الدعتور باللاذقية، وكالة سانا، 4 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[2] أحداث اللاذقية تفجر غضبا وتساؤلات.. وسوريون: “النظام لم يسقط”، موقع الحرة. 4 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[3] الأمن العام باللاذقية يقبض على فلول من النظام البائد بحي الدعتور استهدفت عنصرين من وزارة الدفاع ويحيد آخرين، وكالة سانا، 5 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[4] كانتشار خبر مقتل الطفل “هادي علي إبراهيم” الذي تبين لاحقاً أنه خبر مزيف، وفقاً لما أوردته منصة تأكد ليلة 4 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[5] حي الدعتور في قبضة التوتر إطلاق نار عشوائي وتقييد حركة الأهالي. ولقطات للقوى الأمنية بعد دخولها حي الدعتور باللاذقية. سناك سوري، 4 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[6] الرئيس أحمد الشرع يصل إلى جمهورية مصر العربية للمشاركة في القمة العربية غير العادية “قمة فلسطين”. وكالة سانا للأنباء. 4 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[7] تجمع أحرار حوران، 6 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[8] ماذا حدث في الصنمين بريف محافظة درعا؟ الجزيرة نت، 6 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[9] تجمع أحرار حوران، 5 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[10] ماذا حدث في الصنمين بريف محافظة درعا؟ الجزيرة نت، 6 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[11] المرصد السوري: مقتل مدنيين في عملية أمنية بمعقل سابق للأسد. DW. 5 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[12] حي الدعتور في قبضة التوتر إطلاق نار عشوائي وتقييد حركة الأهالي. ولقطات للقوى الأمنية بعد دخولها حي الدعتور باللاذقية. سناك سوري، 4 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[13] السلطات السورية تعيد فرض حظر التجوال في طرطوس واللاذقية في ظل استمرار العمليات الأمنية في المدينتين. بي بي سي. 7 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[14] كيف انفجر الوضع من جرمانا إلى الإقليم، الجمهورية نت، 6 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[15] مظاهرات تعم المدن السورية ومعلومات جديدة بشأن علاقة بشار وماهر الأسد بالأحداث، الجزيرة نت، 7 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[16] جبلة سوريا نفير عام ضد فلول النظام وقتلاهم بالعشرات، قناة الإعلامي جميل الحسن عبر يوتيوب، 6 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
انظر أيضاً: نفير عام في كل انحاء سوريا ضد فلول النظام في جبلة وطرطوس واللاذقية، قناة أبو دجانة بن غياث في يوتيوب، 6 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
وأيضاً: خطبة الجمعة في جامع المليحة الكبير الشيخ الحافظ الجامع أبو عاصم عثمان الدباس حول أحداث الساحل، 7 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[17] فيديو1. فيديو2. فيديو3. فيديو4.
[18] قناة الشيخ محسن غصن على يوتيوب، فيديو منشور بتاريخ 7 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
انظر أيضاً: مساجد إدلب تدعو الى النفير العام و أرتال من كل المحافظات تتجه للساحل، مسك للإعلام، 6 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[19] حصيلة جديدة لضحايا “مجازر” الساحل السوري. موقع قناة الحرة. 12 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025). القناة نقلت خبر دعوات الجهاد من وكالة رويترز بحسب نصّ الخبر. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[20] رابط1 رابط2. انظر أيضاً: عن أحداث الساحل السوري: “إنما البلد قنبلة موقوتة دون عداد واضح“. بي بي سي، 15 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[21] مقداد فتيحة يهدد الإدارة السورية الجديدة بمقطع مصور، سكاي نيوز، 13 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
انظر أيضاً: فيديو منشور عبر صفحة “لواء درع الساحل” في موقع فيسبوك، 11 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[22] كيف ساهمت الشائعات والأخبار المضللة في تأجيج التوتر في الساحل السوري؟. بي بي سي، 22 آذار/مارس 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[23] مجزرة فاحل… الرواية الكاملة لما حدث من الخميس إلى السبت. سناك سوري، 26 كانون الثاني/يناير 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
في حصيلة جديدة لمجزرة فاحل.. تصفية 16 شخصا بينهم ضباط في قوات النظام السابق. المرصد السوري لحقوق الإنسان، 27 كانون الثاني/يناير 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
“الشرق” تلتقي أهالي قرية فاحل في حمص. Asharq News الشرق للأخبار، 31 كانون الثاني/يناير 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[24] انظر: المقاومة الشعبية كتيبة الجبل، كتيبة اليوشع لواء درع الساحل (آلُيَۆشُع)، لواء درع الساحل، مجموعة اسناد درع الساحل٣١٣، مقداد فتيحة لواء درع الساحل الرسمية. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[25] مقداد فتيحة ضابط في الحرس الجمهوري سابقاً، متهم بارتكاب جرائم حرب أثناء مشاركته في العمليات العسكرية مع قوات النظام السوري. وانتشرت عدة مقاطع فيديو حول جرائمه حتى قبل سقوط النظام السابق. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[26] راديو طيف، 6 شباط/فبراير 2025. (آخر زيارة للرابط: 1 نيسان/أبريل 2025).
[27] بليير ضد أوروغواي، البلاغ رقم 30/1978، الوثيقة الأممية رقم CCPR/C/15/D/30/1978، بتاريخ 29 آذار/مارس 1982، الفقرة 13.3.
[28] التعليق العام رقم 36 بشأن المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المتعلق بالحق في الحياة (10 تشرين الأول/أكتوبر 2018)، الوثيقة CCPR/C/GC/36، الفقرة 27
[29] التعليق العام رقم 36 بشأن المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المتعلق بالحق في الحياة (10 تشرين الأول/أكتوبر 2018)، الوثيقة CCPR/C/GC/36، الفقرة 28
[30] نوام لوبيل، يلينا بييتش، وكلير سيمونز. المبادئ التوجيهية بشأن التحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني: القانون، السياسات، والممارسات الجيدة2019.
[31] سوريا: يجب التحقيق في المجازر المرتكبة في الساحل السوري بحق المدنيين العلويين باعتبارها جرائم حرب. منظمة العفو الدولية. 3 نيسان/أبريل 2025. (آخر زيارة للرابط: 4 نيسان/أبريل 2025). https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2025/04/syria-coastal-massacres-of-alawite-civilians-must-be-investigated-as-war-crimes/