الرئيسية تحقيقات مواضيعية تركيا: عمليات إعادة غير طوعية بحق آلاف السوريين

تركيا: عمليات إعادة غير طوعية بحق آلاف السوريين

لم تستثنِ عمليات الترحيل القسرية إلى سوريا حتى حاملي "بطاقة الحماية المؤقتة" نفسها

بواسطة bassamalahmed
5.6K مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

ملّخص تنفيذي:

تعرّض آلاف اللاجئين السوريين في عموم تركيا وفي مدينة إسطنبول بشكل خاص، إلى عمليات ترحيل جماعية وإعادة قسرية إلى الأراضي السورية، وذلك في إطار الحملة الأخيرة التي شنّتها السلطات التركية ضدّ من وصفتهم بالمخالفين لقوانين بلادها، والتي بلغت ذروتها خلال شهر تموز/يوليو 2019، ويبدو أن الحملة اشتّدت عقب تصريح وزارة الداخلية التركي “سليمان صولو” بتاريخ 13 تموز/يوليو 2019، أثناء اجتماع خاص مع إعلاميين وناشطين عرب، حيث كا قد صرّح بأنّ من “كان يقيم في إسطنبول وهو لا يملك حتى الآن أية إقامة وأو كيملك (مخالف) فهو معرض للترحيل إلى بلده، كما أن المقيم باسطنبول ومسجل كلاجئ أصلا بولاية أخرى سوف يتم ترحيله إلى تلك الولاية[1].”

 

على عكس تصريحات الوزير، فقد وثّقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، العديد من الحالات التي تمّ ترحيل سوريين فيها إلى إدلب رغم امتلاكهم لبطاقة الحماية المؤقتة “الكيملك” والصادرة من اسطنبول.

 

بحسب “هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية TRT” الرسمية، فإنّ إجمالي عدد اللاجئين السوريين في تركيا قد بلغ “3 ملايين و 506 ألف و532 لاجئاً”، [2] في حين صرحّ وزير الداخلية قبل ذلك بإنّ هنالك “3 ملايين و630 ألف سوري تحت بند الحماية المؤقتة في تركيا”[3].

ولم تخلُ الولايات التركية الأخرى من حملات تفتيش وتدقيق، إلاّ أنّ الحملة الأشد كانت في إسطنبول، حيث شرع مئات العناصر من الشرطة بالانتشار في مداخل ومخارج المواصلات العامة والشوارع، كما قاموا بدخول المنازل، وخاصة في الأماكن ذات التجمعات العالية للسوريين في مدينة إسطنبول، وسرعان ما فوجئ لاجئون سوريون كانت قد اضطرتهم ظروف الحرب إلى ترك بلادهم، والتوجه إلى تركيا أملاً في عيش حياة آمنة، بتوقيف السلطات التركية لهم وترحيلهم إلى محافظة إدلب، دون أن تفسح لهم المجال للنقاش أو حتى أخذ أغراضهم الشخصية أو إخبار عائلاتهم على الأقل، حيث روى العديد منهم لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنهم وقعوا وثائق العودة الطواعية تحت الضرب والتهديد الذي كان يمارس عليهم من قبل عناصر الشرطة التركية، كما تحدّث العديد منهم عن سوء المعاملة التي تلقوها من قبل هؤلاء العناصر.

وبحسب موقع تلفزيون سوريا المعارض، فقد بلغ عدد المرحلّين من قبل السلطات التركية عبر معبر باب الهوى “8750” شخصاً، تمّ ترحيل “4380” شخصاً منهم منذ بداية شهر تمّوز/يوليو 2019، حتى تاريخ 24 منه، وتمّ ترحيل “4370” شخصاً في شهر حزيران/يونيو 2019. وكان المصدر قد نقل هذه الأرقام عن “مازن علوش” مدير العلاقات العامة والإعلام في معبرباب الهوى.[4] إلاّ أنّ المصدر عاد وحذف الخبر من موقعه الرسمي.

صورة مأخوذة من محرك البحث “غوغل”، تُظهر المادة التي تمّ حذفها من الموقع والتي كانت تحوي الإحصائيات المنشورة.

 وقد تنوعت الأسباب التي قامت بموجبها السلطات التركية بترحيل هؤلاء اللاجئين، حيث تمّ ترحيل بعضهم بسبب عدم امتلاكه بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) بتاتاً، فيما تمّ إعادة بعضهم قسراً  إلى الأراضي السورية، لحيازته بطاقة حماية مسجّلة في ولاية أخرى غير المقيم بها، وذلك خلافاً للتصريح الذي أدلى به وزير الداخلية التركي والذي قال فيه بأنّ هؤلاء سيتم ترحيلهم إلى ولاياتهم. وفي مدينة إسطنبول لم يسلم حتى اللاجئين السوريين من حاملي بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك) والمسجّلين في المدينة ذاتها، من إعادتهم قسراً إلى بلادهم، حيث تمّ تسجيل ترحيل عدد من هؤلاء رغم حيازتهم (كيملك) إسطنبول، دون أن يتم اعلامهم بالأسباب التي استوجبت ذلك.

 

ولم تقتصر عمليات الترحيل تلك على الرجال والشبان من اللاجئين السوريين، بل طالت أيضاً حتى النساء والأطفال، بحسب العديد من شهود العيان لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، والذين قالوا بأنّ عناصر الشرطة التركية قاموا بترحيل نساء مع أطفالهنّ إلى الأراضي السورية، حيث تمّ تركهنّ لمصير مجهول تماماً.

 

وكانت عمليات الترحيل الأخيرة، قد أثارت حالة من الخوف والقلق في أوساط العديد من اللاجئين السوريين وخاصةً في مدينة إسطنبول، ما دفع العديد منهم، سواء كانوا رجالاً ونساءً أو حتى كباراً في السنّ، إلى التزام منازلهم خوفاً من أن يتم ترحيلهم، حتى أنّ بعضهم كان قد توقفوا عن الذهاب إلى عملهم، إثر عمليات التفتيش والتدقيق على بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك)، وفضلوا أن يخسروا مصدر رزقهم الوحيد على أن يتم توقيفهم وترحيلهم، مع العلم بأنّ العديد منهم هم المعيلين الوحيدين لعائلاتهم، كما أنّ بعضهم طاعنين في السنّ وهم بحاجة إلى العلاج.

وكانت منطمة “هيومن رايتس ووتش” قد وثقت في تقرير سابق لها صدر في 22 آذار/مارس 2019، ترحيل قوات الأمن التركية آلاف طالبي اللجوء على الحدود بين تركيا وسوريا إلى محافظة إدلب السورية، حيث جاء فيه:

“إنّ قوات الأمن التركية اعترضت بشكل روتيني مئات، وأحيانا آلاف، طالبي اللجوء على الحدود بين تركيا وسوريا على الأقل منذ ديسمبر/كانون الأول 2017، ورحّلتهم بإجراءات موجزة إلى محافظة إدلب السورية التي تمزقها الحرب. وأطلقت قوات حرس الحدود التركي النار على طالبي اللجوء الذين حاولوا دخول تركيا عبر طرق التهريب، وأوقعت بينهم مصابين وقتلى، ورحلت إلى إدلب السوريين الذين وصلوا حديثا إلى مدينة أنطاكيا التركية، على بُعد 30 كيلومتر من الحدود السورية.”[5] ونفت المنظمة نفسها في تقرير حول عمليات الترحيل الأخيرة بأنّ تكون عمليات الإعادة القسرية هي عمليات طوعية، ذلك أنّ السلطات التركية تهدد اللاجئين بالحبس حت يوافقو على ورقة الإعادة الطوعية، وأضافت بأنّ إلقاء الناس في منطقة حرب ليس أمراً قانونياً.[6]

أخيراً، تزامنت عمليات الترحيل الجماعية مع جملة من التهديدات الغير مسبوقة التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضدّ المناطق الشمالية الشرقية -ذات الكثافة الكردية- في سوريا، وذلك بتاريخ 26 تمّوز/يوليو 2019، خلال اجتماع مع رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية في الولايات التركية، بالعاصمة أنقرة. كاشفاً أنّ “330” ألف سوري “عادوا” إلى سوريا، وأنّ هدف عملياته العسكرية المرتقبة هي ضمان “عودة” مزيد من السوريين إلى منازلهم[7]. سبق ذلك تهديات أخرى في 14 تموز/يوليو 2019، على لسان الرئيس أردوغان أيضاً، متعهداً بتحويل ما سماه بـ “الحزام الإرهابي” إلى “منطقة آمنة”. وفي تهديدات مبطنة أخرى لدول الاتحاد الأوربي، صرّح وزير الداخلية التركي “سليمان صولو” وتحديداً بتاريخ 21 تمّوز/يوليو 2019، بأنّ الحكومات الأوروبية لا تستطيع الصمود 6 أشهر، في حال فتحت تركيا أبوابها أمام المهاجرين وسمحت لهم بالعبور نحو القارة الأوروبية.[8]

سوريون من أجل الحقيقة والعدالة كانت قد أصدرت سلسلة من التقارير التي توثيق اعتداءات حرس الحدود التركي على مواطنين ومناطق سوريا، وعمليات ترحيل بحق طالبي لجوء آخرين.[9]

 

 شهادات من لاجئين سوريين تمّ ترحيلهم مؤخراً إلى الأراضي السورية:

في يومي 16 و17 تموز/يوليو 2019، انتشرت المئات من عناصر الشرطة التركية في الأماكن ذات الكثافة العالية للسوريين في مدينة اسطنبول، مثل مناطق (أسنيورت وأفجلار وأسلنر والسلطان غازي والفاتح وأكسراي وسلطان بيلي وزيتون بورنو)، حيث شرعوا بدخول المعامل وورش الخياطة التي تضمّ عاملين سوريين، كما زادوا التشديد الأمني على مداخل ومخارج المواصلات العامة، وقاموا بتوقيف المئات من اللاجئين السوريين في الساحات العامة والشوارع، وبدأوا بإبعاد العديد من اللاجئين/طالبي اللجوء السوريين قسراً إلى بلادهم، حيث سجّل الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، ما لا يقلّ عن 800 لاجئ سوري تمّت إعادته قسراً إلى سوريا، خلال هذين اليومين وحدهما.[10]

1. “تركونا لمصير مجهول”:

“وائل.د” 35 عاماً، كان قد هرب من جحيم الحرب الدائرة في بلاده منذ عدّة أعوام، بعدما قرر الفرار والانشقاق عن صفوف الجيش النظامي السوري، والتوجه إلى تركيا، آملاً عيش حياة آمنة والبدء من جديد، دون أن يكون في حسبانه أنه قد يعود إلى المكان الذي هرب منه، ويتم إبعاده قسراً إلى سوريا من قبل عناصر “شرطة الأجانب”، لعدم امتلاكه بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، حيث روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[11]، حول تفاصيل ما جرى معه قائلاً:

 “في صبيحة يوم 17 تموز/يوليو 2019، وبينما كنت متوجهاً مع صديقً لي إلى العمل في أحد المعامل بمنطقة أسنيورت، أوقفنا مجموعة من عناصر الشرطة الذي كانوا يرتدون الزيّ المدني في ساحة المنطقة، وطلبوا منا إبراز بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك)، لكن وباعتبار أنني لا أملك البطاقة إضافة إلى صديقي الذي يحمل بطاقة حماية مؤقتة مسجّلة بولاية أخرى، لم يتح لنا العناصر الفرصة للنقاش معهم، وتمّ اقتيادنا إلى أحد الحافلات، حيث قرأنا عبارات مكتوبة على الباص تدل على أنها “شرطة اليابانجي/الأجانب”، وماهي إلا فترة قصيرة حتى غصّ الباص باللاجئين السوريين، ووصل عددهم حتى 20 شخصاً، حيث لم تميز عناصر الشرطة ما بين شبان أو كبار في السنّ، فقد شاهدت بأمّ عيني كيف قاموا بتوقيف رجل في الخمسين من عمره كان يسير برفقة زوجته،  نظراً لامتلاكه بطاقة حماية مؤقته ومسجّلة بولاية أخرى، فحتى هذا الرجل لم يرحموه، أخذوه وفرقوه عن زوجته.”

لم يظن “وائل” بداية الامر أنه قد يُبعد قسراً إلى سوريا، لكن عند وصوله إلى مركز الشرطة الكائن في منطقة “أسنيورت”، برفقة باقي اللاجئين الموقوفين، أدرك أنّ خوفه قد يصبح واقعاً، حيث روى بأنه عناصر من شرطة الأجانب انهالوا بالضرب المبرح عليهم، بعدما رفض العديد من اللاجئين السوريين توقيع وثائق “العودة الطواعية”، وتابع قائلاً حول ما جرى:

“طلب منا العناصر التوقيع على ورقة كتب عليها باللغة العربية العودة الطوعية، فرفضنا بداية الأمر، لكنهم بدأوا بضربنا ضرباً مبرحاً، وبالنسبة لي فقد بقيت مصرّاً على موقفي، لكنهم استمروا بضربي حتى أنهم أرادوا من شخص آخر أن يوقع عوضاً عني، وكانت النهاية أنّ رضخ الجميع ووقعوا على ورقة العودة الطواعية مجبرين، وفي حوالي الساعة (7:00) مساءً، تمّ تحويلنا إلى سجن الأجانب “اليابنجي” في الشطر الآسيوي من مدينة إسطنبول، حيث كانت الحافلات جاهزة كي تقلّنا إلى محافظة إدلب، واستمرّت رحلتنا حتى حوالي (17) ساعة تقريباً، ولم يقدّموا لنا خلالها سوى القليل من الماء والطعام، وهنا كان خوفي يزداد شيئاً فشيئاً، وخاصةَ لدى اقترابنا من الجانب السوري الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة، فانا لا أملك أي أورقة رسمية، باعتبار أنني منشق عن صفوف الجيش النظامي، لكنّ صديقي “عمر” أخذ يطمئنني باعتبار أنه ينحدر من محافظة إدلب، حيث قال لي بأنّ أخاه سيأتي لأخذنا من معبر الهوى، ولدى وصولنا هناك، ومن شدّة الزحام لم ينتبه أحد إلى ذلك، وفقط قاموا بسؤالي عن بطاقتي الشخصية وأخبرتهم أنني نسيتها في المنزل ومررت بسلام. لقد تركوني برفقة الكثيرين لمصير مجهول، ولا أعرف ما عليّ فعله الآن، وخاصةً أنني لا أملك أي نقود أو ملجأ هنا، لا أعلم هل يريدون منا الانضمام لفصائل غصن الزيتون؟!!.”

 

صورة تظهر نسخة عن ورقة العودة الطواعية، التي يتم إجبار اللاجئين السوريين على توقيعها، وقد نشرها أحد الأشخاص المرحلّية على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

2. “إمّا الموت أو العودة إلى تركيا عبر طرق التهريب”:

منطقة “زيتون بورنو” في مدينة إسطنبول، كانت قد شهدت هي الأخرى عمليات ترحيل بحقّ عشرات اللاجئين السوريين، ففي يومي 16 و17 تموز/يوليو 2019، بدأ عناصر الشرطة التركية، بمداهمة العديد ومن ورش الخياطة والمعامل، ما زاد من أعداد اللاجئين المبعدين قسراً، بحسب “محمد.م” 25 عاماً، من ريف دمشق، أحد اللاجئين السوريين الذين تمّ ترحيلهم إلى سوريا بتاريخ 17 تموز/يوليو 2019، نظراً لامتلاكه وثيقة حماية مسجّلة في ولاية أخرى – وهي بورصة، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[12] في هذا الصدد قائلاً:

“كان قد مضى على عملي في إحدى ورش الخياطة في منطقة زيتون بورنو عدّة أعوام، وكان ذلك بمثابة مصدر رزقي الوحيد وخاصةً نتيجة سوء ظروف العمل والاستغلال الذي يتعرض له السوريون من قبل أرباب العمل الأتراك هنا، فرضيت بما عندي وقررت الزواج بامرأة أحبها وبدأنا نحلم بمستقبل آمن، ولمّا بدأت هذه الحملة، شعرنا كعمال سوريين بخوف كبير من أن يتم إيقافنا عن عملنا باعتبار أننا لا نملك إذناً للعمل، وخاصةّ عندما بدأت الأخبار تتوارد من مناطق أخرى، بأنّ عناصر الشرطة يقومون بمداهمة المعامل وتوقيف وترحيل كل العمال السوريين المخالفين، وعلى الرغم من كل ذلك الرعب، كنا نتوجه يومياً إلى عملنا، حتى لا ينقطع مصدر رزقنا، وكان ربّ عملنا التركي يطمئننا من خلال قوله بأنّ  الأمر لن يكلف سوى كأساً من الشاي ومئة ليرة تركية كرشوة، للعناصر حتى يتركوننا وشأننا، لكنّ وبتاريخ 17 تموز/يوليو 2019، وبينما كنت متواجداً في المعمل، دخل عناصر تابعين للشرطة والبلدية إلى ورشتنا، وفي حين أنّ هنالك شباناً تمكنوا من الفرار، لم يحالفني الحظ في ذلك، وقام العناصر بتوقيفي برفقة 6 من زملائي في العمل، بعضهم يمتلكون بطاقة حماية مؤقتة مسجّلة في ولاية أخرى، وبعضهم لا يملكها مطلقاً، حيث تمّ سوقنا إلى إحدى الحافلات للتوجه بنا إلى مركز الشرطة في منطقة زيتون بورنو”.

ما إن تمّ توقيف “محمد” حتى سارع للاتصال بزوجته، طالباً منها إحضار دفتر العائلة حديث الإصدار وبطاقة الحماية المؤقتة الخاصة بها والمسجّلة في مدينة إسطنبول، ظناً منه أنّ العناصر قد يراعون حاله، ويتركوه وشأنه، لكن ذلك لم يشفع له، رغم بكاء زوجته المتواصل ومحاولات ربّ عمله لإنقاذه من الإبعاد القسري برفقة 6 من اللاجئين السوريين، حيث تابع في هذا الصدد قائلاً:

“كنت قد بدأت منذ شهرين بإصدار بطاقة الحماية المؤقتة “كملك” من ولاية بورصة، وكنت أعتزم نقلها إلى مدينة إسطنبول باعتبار أنّ زوجتي مسجّلة فيها، لكنّ المشكلة أنّ هذه الإجراءات تحتاج إلى الوقت، كما أنّ عناصر الشرطة والبلدية لم يتركوا لنا مجالاً للنقاش أو حتى أخذ أغراضنا، فانتظرنا حوالي ساعة تقريباً حتى امتلأت ثلاث حافلات أخرى، كل واحدة منها تضمّ حوالي 20 لاجئاً سورياً، ومن ثمّ تمّ أخذنا إلى جانب مطار صبيحة في الشطر الآسيوي من المدينة، حيث وضعونا في حافلات أخرى وتوجهوا بنا إلى معبر باب الهوى الحدودي، مع العلم بأنها ليست المرة الأولى لي في باصات التهجير، فقد سبق للحكومة السورية أن قامت بتهجيري من مدينتي زملكا، واليوم تقوم الشرطة التركية بترحيلي، بعد أن تعلمت اللغة التركية وأصبح لديّ عمل وزوجة. إنني في وضع يُرثى له حالياً، فزوجتي في إسطنبول وأنا قد أصبحت في محافظة إدلب، وليس لدي خياراً فإمّا الموت أو العودة إلى تركيا عبر سلوك طرق التهريب.”

 

3. أم سورية تشهد ترحيل ابنها ومعيلها الوحيد إلى سوريا:

“رغدة.م” 40 عاماً من مدينة حلب، كانت إحدى الأمهات السوريات اللواتي روين لسوريون من أجل الحقيقة تفاصيل إبعاد ابنها “سامر” خلال الحملة الأخيرة، حيث قالت بأنها كانت تعيش مع ولديها الاثنين “محمد وسامر” في منطقة “بيلك دوزو” بمدينة اسطنبول، وهي إحدى المناطق التي شهدت مؤخراً حملات تفتيش كبيرة على بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، حيث روت في هذا الصدد[13] قائلة:

“اضطرتنا ظروف الحرب للخروج من سوريا منذ عدّة أعوام، فزوجي كان قد توفي في سجون الأجهزة الأمنية السورية، أما ابني سامر فقد كان هو الآخر قد تعرّض للاعتقال من قبل هذه الاجهزة لفترة قصيرة لكنه خرج وهو يعاني عقد نفسية نتيجة الضرب والترهيب الذي كان يتعرّض له، وحنيها قررنا التوجه إلى تركيا، وقد كان  ابني الأكبر  “سامر” هو المعيل لي ولأخيه الصغير “محمد”، وقد حاولت إقناعه الحصول على الكملك في العديد من المرات، لكن ساعات العمل الطويلة وخوفه من عناصر الشرطة منعه من ذلك، ولمّا بدأت هذه الحملة اقترحت على ابني أن يمكث لدى صديقة لي في إحدى المناطق الراقية في المدينة، ريثما تهدأ الأوضاع قليلاً، وخاصةَ أنني شعرت بخوف كبير من أن يتم ترحيله وأخسره مرة أخرى كابن وكمعيل لي، وفي مساء يوم 17 تموز/يوليو 2019، وبينما كنا متوجهين بواسطة الحافلة إلى منزل صديقتي، صادفتنا أحد نقاط التفتيش بالقرب من مجمع مول أوف إسطنبول، حيث طلبوا من ثلاث شبان سوريين، الترّجل من الحافلة،  لأنهم لا يملكون بطاقة الحماية المؤقتة، وللأسف فقد تمّ توقيف ابني سامر معهم، وتمّ إجباره على صعود حافلة أخرى، رغم كل محاولاتي لمنعهم، وبكائي الذي لم يتوقف.”

تمّت إعادة “سامر” إلى محافظة إدلب بحسب والدته، بعد رحلة شاقّة إلى هناك، استغرقت ساعات طويلة، حيث روى لها ابنها بأنه كان قد تعرّض للضرب المبرح من قبل عناصر الشرطة التركية حتى يرضخ للتوقيع على وثائق العودة الطواعية، ومازالت “رغدة” تأمل حتى اليوم أن تنجح في العثور على أي طريقة قد تضمن عودة ابنها ومعيلها الوحيد إلى المنزل.

 

4. “لا أعلم ماذا فعلنا حتى تتم معاملتنا بهذه الطريقة”:

 العديد من شهود العيان الذين التقتهم سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قالوا بأنّ جيرانهم الأتراك كانوا يقومون بالإبلاغ على المنازل التي يقطنها لاجئون سوريون، في عدّة مناطق من مدينة إسطنبول، حيث كان عناصر الشرطة التركية يعمدون إلى دخول هذه المنازل إمّا في منتصف الليل أو عند الفجر[14]، كما حدث تماماً مع “عمر.خ” 18 عاماً وأصدقاؤه السبعة في منطقة “أسنلر” والذين يقيمون في أحد المساكن المخصصة للشبان في المنطقة، حيث روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[15] قائلاً:

“في حوالي الساعة (2:30) ليلاً من يوم 18 تموز/يوليو 2019، وبينما كنت أتجهّز للنوم من أجل الاستيقاظ والذهاب إلى عملي في أحد معامل الخياطة، تمّ طرق باب المنزل بقوة، فشعرت بخوف كبير برفقة بقية الشبان، فقررنا في البداية عدم فتح باب المنزل، لكن عندما سمعنا صوتاً بدأ يهددنا بخلع الباب، قمنا بفتحه على الفور، وإذ بعدد من عناصر الشرطة التركية، يدخلون وقد كانت علامات الانزعاج والغضب بادية على وجوههم، فسألونا عن بطاقة الحماية المؤقتة، وباعتبار أنني لا أملكها قاموا بتوقيفي كما قاموا بتوقيف سبعة من أصدقائي في السكن، بسبب عدم امتلاك بعضهم للكملك، وامتلاك البعض الآخر كملك مسجّلة في ولاية أخرى، كما أنّ أحدهم كان يملك كملك مسجلة في إسطنبول تحمل الرقم 98، لكنهم قاموا بتوقيفه معنا أيضاً نظراً لأنه لم يحدّث بياناته.”

تمّ نقل محمد برفقة أصدقائه السبعة إلى مركز الشرطة في منطقة “أسنلر”، حيث باتوا ليلة هناك، وكانت تعامل عناصر الشرطة سيئاً جداً معهم، حيث أضاف في هذا الصدد قائلاً:

“تعرّضنا للضرب والإهانة والشتائم من قبل عناصر الشرطة، وبعد ذلك قاموا بنقلنا إلى مطار صبيحة ونحن مكبلي اليدين بواسطة حزم بلاستيكية، حيث كانت هنالك حافلات تنتظرنا كي تتوجه بنا إلى إدلب، وقبل صعودنا هذه الحافلات، أخذوا كل شيء نملكه، هواتفنا المحمولة، وحتى أنهم طلبوا منا خلع أحزمة البناطيل وأربطة الأحذية، وبلغ عدد اللاجئين المرّحلين في هذه الحافلة حوالي 32 شخصاً، كما كان هنالك 6 عناصر من الشرطة التركية، يقومون بضربنا وشتمنا طوال رحلة نقلنا إلى إدلب، لا أعلم ماذا فعلنا حتى تتم معاملتنا بهذه الطريقة.”

 

5. أطفال ونساء تمّ ترحيلهم إلى الأراضي السورية:

لم تقتصر حملات الإبعاد هذه على الرجال فحسب، بل طالت حتى النساء والأطفال بحسب العديد من شهود العيان الذين قابلتهم سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، ففي يوم 19 تموز/يوليو 2019، وصل عدد اللاجئين المرّحلين قسراً إلى ما لا يقلّ عن 400 لاجئ بينهم نساء وأطفال، بحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

“رحاب.م” 35 عاماً من مدينة حلب، كان تسير برفقة ابنها البالغ من العمر عامين ونصف العام في منطقة الفاتح، قبيل أن يتمّ توقيفها من قبل عناصر الشرطة التركية، لأنها لا تحمل بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، وذلك بتاريخ 19 تموز/يوليو 2019، حيث روت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[16] في هذا الصدد قائلة:

“قدمت إلى إسطنبول منذ حوالي العامين تقريباً، بعدما حصلت على الطلاق من زوجي، وبذلت الغالي والرخيص من أجل النجاة من جحيم الحرب الملتهبة في بلادي برفقة طفلي، وعندما وصلت إلى هنا لم أنجح في العثور على أي فرصة عمل، فقام أحد الأشخاص بمساعدتي لاستئجار غرفة تحت الأرض، وعملت عندها في مهنة جمع البلاستيك من الشوارع، حتى أتمكن من إعالة ابني ودفع إيجاري، لكنّ الشرطة التركية قبضوا عليّ في صبيحة ذلك اليوم، ولم يسمحوا لي بمتابعة حياتي، حيث تمّ أخذي برفقة طفلي إلى مخفر المنطقة، وتمّ توقيعي على ورقة العودة الطواعية نتيجة الترهيب، حيث كان عناصر الشرطة يتقّصدون ضرب الشبان أمامي في المخفر حتى أشعر بالخوف، وكنت أعتقد أنني المرأة الوحيدة التي قد تمّ إبعادها برفقة طفلها لكنّني تفاجأت عندما شاهدت حوالي 18 امرأة وأطفالهنّ كنّ قد رُحلنّ برفقتي إلى محافظة إدلب.”

صورة تظهر بعض اللاجئين السوريين الذين تمّ ترحيلهم بواسطة الحافلات إلى الأراضي السورية، بتاريخ 19 تموز/يوليو 2019، حيث يظهر فيها أحد الأطفال، مصدر الصورة: أحد شهود العيان.

وفي السياق ذاته، أظهر مقطع فيديو[17] تداوله ناشطون إعلاميون بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019، أحد الفتيان السوريين والذي يبلغون من العمر 15 عاماً، ويدعى “محمد مستاوي”، وهو يدلي بشهادته حول ترحيله إلى الأراضي السورية، على اعتبار أنه يحمل بطاقة حماية مسجلة في ولاية أخرى، حيث ورد في شهادته ما يلي:

“تمّ إلقاء القبض عليّ من قبل عناصر الشرطة التركية بينما كنت أشتري الخبز في مدينة إسطنبول، وطلبوا مني إبراز بطاقة الكملك الخاصة بي، ولمّا شاهدوا أنها مسجلة في ولاية أورفا، وضعوني في باص ونقلوني إلى منطقة توزلا، وبعد الضرب والإهانة أجبروني التوقيع على أوراق الترحيل إلى سوريا، أنا الآن في شمالي حلب وأريد العودة لعائلتي.”

 

صورة مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تظهر الطفل “”محمد مستاوي”.

صورة تظهر بطاقة الحماية الخاصة بالطفل “محمد مستاوي” والتي يظهر من خلالها أنّه من مواليد العام 2004، مصدر الصورة: صفحات التواصل الاجتماعي.

 

6. عمليات ترحيل تطال لاجئين السوريين رغم حيازتهم وثائق حماية نظامية:

ولم يسلم حتى اللاجئون السوريون من حملة بطاقة الحماية المؤقتة والمسجّلة في إسطنبول، من حملات الإبعاد قسراً، حيث كان قد انتشر على صفحات التواصل الاجتماعي فيس بوك، مقطع فيديو[18] يظهر أحد اللاجئين السوريين الذين تمّ إبعادهم إلى الأراضي السورية رغم أنهم يمتلكون بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك) والمسجلة في مدينة إسطنبول، ويدعى الشاب “أمجد محمد عادل طبلية” 18 عاماً، حيث ورد في شهادته  أنّ عناصر الشرطة التركية قاموا بتوقيفه بسبب نسيانه بطاقة الحماية الخاصة به في المنزل، ولم تعطه أي فرصه أو مهلة كي يذهب ويحضرها أو كي يطلب من أحد أفراد عائلته إحضارها، بل إنهم قاموا بوضعه في أحد الباصات وتمّ نقله إلى ولاية “هاتاي”، كما تمّ إجبارهم على توقيع ورقة العودة الطواعية تحت الضرب، كما أفاد بأنه كان برفقته العديد من الشبان ممن يحملون (الكمالك) ورغم ذلك كان يتم ترحيلهم، كما تحدّث عن الإهانات التي كانوا يتعرضون لها طوال رحلة نقلهم إلى محافظة إدلب من قبل الأمن التركي.

صورة مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تظهر الشاب ” أمجد محمد عادل طبلية”.

 

صورة تظهر بطاقة الحماية المؤقتة والمسجلة في إسطنبول للشاهد “أمجد محمد عادل طبلية”، مصدر الصورة: مواقع التواصل الاجتماعي.

بتاريخ 27 تمّوز/يوليو 2019، نشرت وكالة الأناضول/التركية الرسمية، خبراً متعلقاً بالشاب السوري “أمجد طبلية”، مفيدة أنّ عملية نقل “طبلية” حدثت عن طريق الخطأ وتمّ إعادته إلى اسطنبول من قبل السلطات التركية.[19]

كما أظهر مقطع فيديو آخر[20] تداوله ناشطون ومنظمات حقوقية بتاريخ 19 تموز/يوليو 2019، عدداً من اللاجئين السوريين الذين تمّ إبعادهم قسراَ إلى سوريا، من قبل عناصر الشرطة التركية، بينما يستقلون الحافلات وهم مكبلي الأيدي.

 

صورة مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تظهر عدد من اللاجئين السوريين الذين قيل أنه تمّ إبعادهم قسراً إلى الأراضي السورية.

وتداولت وسائل إعلامية[21] في اليوم ذاته، قصة أحد اللاجئين السوريين الذين تمّ ترحيلهم إلى الأراضي السورية خلال الحملة الأخيرة، ومنهم أحد مهجري ريف دمشق، ويدعى “أبو عمار” حيث جاء في شهادته ما يلي:

“أعيش في إسطنبول مع زوجتي وأطفالي وابني الذي وُلد حديثاً في تركيا، وكنت قد حجزت موعداً للحصول على الإقامة المؤقتة (الكملك) في ولاية بورصة القريبة من إسطنبول. أوقفتني الشرطة التركية يوم أمس الخميس في شارع ميماتي عكيف أنا وابن عمي، عندما كنا في طريقنا إلى العمل الساعة الثامنة صباحاً، وعندما طلبت الشرطة الكملك قلت لهم إنني أحمل جواز سفر، وعندما نظر إلي طلب مني الذهاب إلى الحافلة. تم نقلي برفقة عدد آخر من الشبان إلى أحد المخافر في الحي ووضعوا لنا “حزّامات” بلاستيكية في أيديهم، وقاموا بسحب هواتفنا المحمول. وقدمت الشرطة أوراقاً لنا مكتوب عليها أسماؤنا، لنوقع عليها، دون أن يتم ترجمة الكلام المكتوب بهذه الورقة، ولدى سؤالهم عن محتواها قالت الشرطة لهم بأنها إجراءات روتينية.”

مواقع إعلامية أخرى[22] كانت قد تناولت بتاريخ 23 تموز/يوليو 2019، قصة الشاب “سومر جمال عبظو” من أبناء مدينة السلمية في محافظة حماه، وهو أحد اللاجئين السوريين الذين تمّ ترحيلهم من تركيا إلى الأراضي السورية، وسارعت هيئة تحرير الشام لاحتجازه بحجّة أنه كان عنصراً في صفوف الجيش النظامي السوري، فيما قال مقرّبون من الشاب أنّ السبب لأنه على الأغلب من مدينة السلمية التي تضم أقليات دينية.

كما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي[23] بتاريخ 20 تموز/يوليو 2018، قصة الشاب “عمر دعبول” أحد اللاجئين السوريين الذين تمّ ترحيلهم إلى سوريا، بسبب محاولته الهجرة بحراً إلى اليونان، حيث تمّ ترحيله على الرغم من امتلاكه بطاقة حماية مسجّلة في ولاية عينتاب التركية، برفقة 40 آخرين، حيث قال في شهادته بأنّ أحد اللاجئين المبعدين برفقته، كان ينتمي إلى الديانة المسيحية، ولا يعرف أحداً في محافظة إدلب، إضافة إلى طفل بعمر 13 عاماً، وختم حديثه بأنه حاول معاودة الدخول إلى تركيا عن طريق إحدى النقاط الحدودية لكنّ الجندرما التركية قامت بإمساكه وضربه وإعادته إلى سوريا من جديد.

 

7. ترّقب وخوف:

أثارت حملات الترحيل الأخيرة، حالة من الخوف والقلق لدى العديد من اللاجئين السوريين المتواجدين في مدينة إسطنبول، وخاصة ممن لا يحملون بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك) أو وثائق مسجّلة في ولاية أخرى، ما دفع العديد منهم إلى اتخاذ الحذر والحيطة خوفاً من إبعادهم إلى جحيم الحرب مرة أخرى، لذا قرروا التزام الجلوس في المنازل خوفاً من عناصر الشرطة التركية، حيث قال العديد من شهود العيان لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، نساءً ورجالاً، بأنّهم توقفوا عن الذهاب عن العمل وبعضهم خسر مصدر رزقه الوحيد إثر هذه الحملة، على الرغم من أنهم المعيلين الوحيدين لعائلاتهم، وفضّلوا أن يصبحوا حبيسي المنزل على أن يعودوا مرة أخرى إلى بلادهم، حيث مازال العديد منهم ينتظر ويعيش على أمل تسوية أوضاعهم  القانونية عمّا قريب.

وبتاريخ 20 تموز/يوليو 2019، صرّح مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية في تركيا “ياسين أقطاي” بأنه سيتم إجراء مشاورات مع القيادات السورية في مدينة إسطنبول، للبحث عن حل لأزمة اللاجئين، وأضاف بأنّ “عدد اللاجئين السوريين زاد في إسطنبول بشكل كبير، وهم يمارسون أعمالهم بشكل عشوائي بات واضحا للشعب التركي، خاصة بعد زيادة نسبة البطالة بين الأتراك، ما جعلهم يوجهون اتهامات للاجئين السوريين.”[24]

 تلا هذه الأحداث، إصدار مكتب الاعلام والعلاقات العامة في ولاية إسطنبول، بياناً صحفياً بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019،  تحدّث فيه عن إحالة السوريين ممن لا يملكون بطاقة الحماية المؤقتة بتاتاً إلى ولايات تركية أخرى تحددها وزارة الداخلية، مشيرين إلى أنّ تسجيل بطاقة الحماية المؤقتة في إسطنبول غير ممكن بسبب إغلاقه، كما أعطى من خلاله مهلة للاجئين السوريين المسجّلين في ولاية أخرى، حتى 20 آب/أغسطس 2019، وسمح لهم بالعودة إلى المحافظات التي سجّلوا فيها، وورد فيه بأنّ السلطات ستواصل حملات التفتيش على بطاقات الحماية المؤقتة، في محطات الحافلات والمطارات وجميع وسائل النقل العامة. وقد تمّ نشر البيان على حساب التويتر الرسمي للمديرية العامة لإدارة الهجرة[25].

وبحسب شهود وسوريين متواجدين في إسطنبول، فقد استمرّت حملات التفتيش والتوقيف بحق اللاجئين السوريين في مدينة اسطنبول بعد هذا البيان، وقد أكدّ العديد من ذوي اللاجئين الموقوفين، بأنهم فقدوا الاتصال معهم بعد توقيفهم من قبل عناصر الشرطة التركية، ولا يعلم أحد عن مصيرهم شيئاً حتى الآن حتى اليوم.

وكانت قد نقلت وكالات أنباء عربية، كلام وزير الداخلية التركي “سليمان صولو” عن الحملة الأخيرة مع إحدى القنوات التركية، وذلك بتاريخ 24 تموز/يوليو 2019، حيث قال بأنّ تركيا ألقت القبض على ألف سوري ضمن الحملة التي تشنها، وأوضح أنه تمّ توقيف 6000 آلاف و122 مهاجرًا غير شرعي في إسطنبول من مختلف الجنسيات، منهم 2600 شخص من الأفغان، وحوالي ألف لاجئ سوري. وأكدّ بأنّ اللاجئين السوريين غير الحاملين لبطاقة الحماية، سيتم نقلهم إلى المخيمات من أجل إبقائهم تحت السيطرة، بحسب تعبير الوزير، مؤكدًا أنه لن يتم ترحيل أي سوري خارج تركيا.[26]

صورة تظهر البيان الصحفي الذي صدر عن مديرية الاعلام والعلاقات العامة في ولاية إسطنبول بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019.

 

——

[1] “إسطنبول.. تصريحات جديدة هامة لوزير الداخلية التركي عن وضع السوريين”. ترك برس. 13 تمّوز/يوليو 2019. (آخر زيارة: 26 تمّوز/يوليو 2019). https://www.turkpress.co/node/62943.

[2]  لم يحدد المصدر الرسمي أعداد السوريين الذين يتمتعون بالحماية المؤقتة أو أعداد الحاملين لللإقامة السياحية. للمزيد اقرأ “عدد اللاجئين السوريين في تركيا يتجاوز 3.5 مليون”. هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية TRT. 24 تمّوز/يوليو 2019. (آخر زيارة 26 تمّوز/يوليو 2019). http://www.trtarabi.com/archive/%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%8A%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%88%D8%B2-3/.

[3] يُقصد عادة بأصحاب الحماية المؤقتة، الأشخاص الذين يحملو بطاقة تسمّى بطاقة الحماية المؤقتة “كيملك” باللغة التركية، ولكن هنالك مئات آلاف الأخرين من السوريين الذين يحملون بطاقة تسمّى “إقامة سياحية”، وهم يندرجون ضمن المقيمين في تركيا ولبس تحت بند “الحماية المؤقتة”، وعادة ما يكون هنالك خلط بين الفئتين لأسباب سياسية. مصدر رقم وزير الداخلية: “صويلو: تركيا لم تتخل عن روح الأنصار والمهاجرين في استضافة اللاجئين”. وكالة الأناضول. 13 تمّوز/يوليو 2019. (آخر زيارة 26 تمّوز/يوليو 2019). https://www.aa.com.tr/ar/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9/%d8%b5%d9%88%d9%8a%d9%84%d9%88-%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d9%85-%d8%aa%d8%aa%d8%ae%d9%84-%d8%b9%d9%86-%d8%b1%d9%88%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%86%d8%b5%d8%a7%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d8%a7%d8%ac%d8%b1%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b6%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%a6%d9%8a%d9%86/1530850.

[4] “باب الهوى لتلفزيون سوريا: المرحلون من تركيا في تموز بلغوا 4380”. موقع تلفزيون سوريا. 24 تّموز/يوليو 2019. (آخر زيارة للموقع 24 تمّوز/يوليو 2019). وبعد يومين فقط من تاريخ نشر المقالة قام التلفزيون بحذف المقالة بشكل كامل. وكانت متوفرة على الرابط التالي: https://www.syria.tv/content/%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%89-%D9%84%D8%AA%D9%84%D9%81%D8%B2%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%85%D9%88%D8%B2-%D8%A8%D9%84%D8%BA%D9%88%D8%A7-4380.

[5] ” تركيا: ترحيل جماعي للسوريين” هيومن رايتس ووتش في 22 آذار/مارس 2019. (آخر زيارة بتاريخ 24 تموز/يوليو 2019). https://www.hrw.org/ar/news/2018/03/22/316124.

[6] “تركيا ترحّل سوريين قسراً إلى أماكن خطرة”. هيومن رايتس وتش. 26 تمّوز/يوليو 2019. (آخر زيارة بتاريخ 28 تموز/يوليو 2019). https://www.hrw.org/news/2019/07/26/turkey-forcibly-returning-syrians-danger.

[7] “أردوغان: مصممون على تدمير الممر الإرهابي شرق الفرات”. وكالة الأناضول التركية. 26 تموز/يوليو 2019. (آخر زيارة: 26 تموز/يوليو 2019). https://www.aa.com.tr/ar/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%B5%D9%85%D9%85%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%AF%D9%85%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8%D9%8A-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AA/1542116.

[8] “تركيا: حكومات أوروبا لن تصمد 6 أشهر إن فتحنا الأبواب للمهاجرين” وكالة الاناضول في 21 تموز/يوليو 2019. (آخر زيارة بتاريخ 25 تموز/يوليو 2019). https://www.aa.com.tr/ar/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D9%84%D9%86-%D8%AA%D8%B5%D9%85%D8%AF-6-%D8%A3%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%A5%D9%86-%D9%81%D8%AA%D8%AD%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%86/1537641?fbclid=IwAR05gRrWdOHw9k1AyekFuz_i653Uhvn51qpjGHDUTZGr6OFLwlsmM51mxPA.

[9] انظر على سبيل المثال: “قتيلة برصاص الجندرما التركية وترحيل عدد من طالبي اللجوء”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 13 حزيران/يونيو 2019. (آخر زيارة: 26 تموز/يوليو 2019). https://stj-sy.org/ar/%d9%82%d8%aa%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d8%a8%d8%b1%d8%b5%d8%a7%d8%b5-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d8%af%d8%b1%d9%85%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%aa%d8%b1%d8%ad%d9%8a%d9%84-%d8%b9/.

انظر أيضاً: “حصيلة: مقتل 7 مدنيين وجرح 17 آخرين برصاص الجندرما في رأس العين بالحسكة”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 22 تمّوز/يوليو 2019. (آخر زيارة: 26 تموز/يوليو 2019). https://stj-sy.org/ar/%d8%ad%d8%b5%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%85%d9%82%d8%aa%d9%84-7-%d9%85%d8%af%d9%86%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d8%a8%d8%b1%d8%b5%d8%a7%d8%b5-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d8%af%d8%b1%d9%85%d8%a7/.

[10]  تمّ الحصول على هذه الأرقام من خلال عمليات المراقبة والمقاطعة التي قامت بها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وخاصة للمجموعات الخاصة التي تمّ إنشاؤها من قبل سوريين على وسائل التواصل الاجتماعي مثل “غرف الواتس آب.”

[11] تمّ التواصل معه من قبل الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة عبر الانترنت بتاريخ 19 تموز/يوليو 2019.

[12] تمّ التواصل معه من قبل الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة عبر الانترنت بتاريخ 20 تموز/يوليو 2019.

[13] تمّ التواصل معها من قبل الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة عبر الانترنت في 20 تموز/يوليو 2019.

[14] تمّ توثيق ما لا يقل عن ستّ حالات خلال الحملة.

[15] تمّ التواصل معه من قبل الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، عبر الانترنت بتاريخ 21 تموز/يوليو 2019.

[16] تمّ التواصل مع الشاهدة عبر الانترنت من قبل الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بتاريخ 20 تموز/يوليو 2019.

[17] للمزيد من الاطلاع، https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=2748381911946334&id=100003236577482.

[18] للمزيد من الاطلاع، https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=2746440595473799&id=100003236577482.

[19] للمزيد أنظر “تركيا.. إعادة سوري إلى إسطنبول عقب نقله خارجها بالخطأ”. وكالة الأناضول. 27 تمّوز/يوليو 2019. (آخر زيارة 28 تمّوز/يوليو 2019). https://www.aa.com.tr/ar/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9/%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a5%d8%b3%d8%b7%d9%86%d8%a8%d9%88%d9%84-%d8%b9%d9%82%d8%a8-%d9%86%d9%82%d9%84%d9%87-%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%87%d8%a7-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%b7%d8%a3/1543228.

[20] “ترحيل عدد من السوريين باتجاه الأراضي السورية”، منظمة العدالة. في 19 تموز/يوليو 2019، (آخر زيارة بتاريخ 24 تموز/يوليو 2019). https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=406350893335864&id=118720138765609.

[21] “بو عمار في تهجيره الثالث.. هكذا تم ترحيله من إسطنبول إلى إدلب”، موقع قناة سوريا في 19 تموز/يوليو 2019. (آخر زيارة بتاريخ 24 تموز/يوليو 2019). https://www.syria.tv/content/%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB-%D9%87%D9%83%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D9%85-%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%84%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%A5%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A5%D8%AF%D9%84%D8%A8?fbclid=IwAR05gRrWdOHw9k1AyekFuz_i653Uhvn51qpjGHDUTZGr6OFLwlsmM51mxPA.

 [22] “رحلّته تركيا فاعتقلته «النصرة”… قصة شاب يحاول مساندة أسرته” موقع الحل السوري في 23 تموز/يوليو 2019. (آخر زيارة بتاريخ 25 تموز/يوليو 2019). https://7al.net/2019/07/23/%d8%b1%d8%ad%d9%84%d9%91%d8%aa%d9%87-%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d9%81%d8%a7%d8%b9%d8%aa%d9%82%d9%84%d8%aa%d9%87-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b5%d8%b1%d8%a9-%d9%82%d8%b5%d8%a9-%d8%b4%d8%a7/.

[23]  للمزيد من الاطلاع، https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=2379084069005873&id=100007129093338.

[24] ” أقطاي: سنتشاور مع القيادات السورية بإسطنبول لحل أزمة اللاجئين” وكالة الاناضول في 20 تموز/يوليو 2019. (آخر زيارة بتاريخ 26 تموز/يوليو 2019). https://www.aa.com.tr/ar/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9/%d8%a3%d9%82%d8%b7%d8%a7%d9%8a-%d8%b3%d9%86%d8%aa%d8%b4%d8%a7%d9%88%d8%b1-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d8%a7%d8%af%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a5%d8%b3%d8%b7%d9%86%d8%a8%d9%88%d9%84-%d9%84%d8%ad%d9%84-%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%a6%d9%8a%d9%86/1537287.

[25] “بيان صحفي حول الهجرة غير الشرعية”. 22 تمّوز/يوليو 2019. آخر زيارة (26 تمّوز/يوليو 2019). https://twitter.com/GocidaresiA/status/1153303140298629120.

[26] “تركيا: ألقينا القبض على ألف سوري مخالف في إسطنبول” موقع تركيا بالعربي، في 24 تموز/يوليو 2019. (آخر زيارة بتاريخ 25 تموز/يوليو 2019). https://arab-turkey.com/2019/07/24/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A3%D9%84%D9%82%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8%D8%B6-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%84%D9%81-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%84%D9%81-%D9%81/.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد