بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر 2021، انتشر “شريط فيديو” على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه شاب سوري يتعرض لعملية تعذيب وحشية على يد عناصر من فصيل يتبعون للجيش الوطني السوري/المعارض، والمدعوم من تركيا، تلاه في اليوم ذاته انتشار مقطع مصور آخر للشاب نفسه عارياً ويظهر على جسده آثار التعذيب ليتم إجباره على “الاعتذار” من أهالي محافظة دير الزور.
تتبعت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” السياق حول المقطعين المصورين، وتبين أن تاريخ الحادثة يعود ليوم 7 أيلول/سبتمبر 2021، أي قبل يومين من انتشار المقاطع، حين أقدم ثمانية عناصر يعملون تحت إمرة القيادي “حسان أبو النور” من فصيل “صقور السنة” التابع لـ”الفرقة عشرين”، على اعتقال الشاب علي سلطان الفرج (مواليد بلدة سلوك 2001) من مقهى عام، واقتادوه إلى منزل مهجور قرب قرية “علي باجلية” في منطقة سلوك شمالي الرقة، وقاموا بتعريته وتعذيبه لمدة ساعة ونصف باستخدام كابلات و”خرطوم مياه”.
المقطع المصوّر الأول والذي بلغت مدته 12 ثانية، أظهر الشاب “علي الفرج” عارياً تماماً، وهو يتعرض للضرب بشكل وحشي بينما كان يصرخ ويستغيث، في حين ظهر الضحية في المقطع الثاني والذي كانت مدته 35 ثانية، وهو يقف عارياً ويقول:
“أنا علي سلطان الفرج من الرقة -سلوك- قرية بلوة، أنا غلطت بحق الديرية وأتأسف منهم..”.
وبعد انتهاء عملية التعذيب قام عناصر الفصيل برمي الشاب على طريق فرعي قرب قرية حمام التركمان، ليساعده أحد المارة ويوصله إلى قريته (بلوة).
صورة رقم (1) – صور مأخوذة من مقطع الفيديو الأول، الذي تعرّض فيه “علي” للتعذيب.
أثارت مقاطع التعذيب المسربة غضباً عارماً لا سيما في أوساط عشيرة الشاب، الأمر الذي دفع العشيرة للاستنفار والحشد ضد “صقور السنة”، حيث قام عدد من أفراد عشيرتي النعيم والجميل وأشخاص آخرون في وقت لاحق من يوم 9 أيلول/سبتمبر بالتجمع أمام مقر للفصيل في سوق بلدة سلوك، مطالبين بخروجهم من البلدة، الأمر الذي دفع الفصيل لإطلاق الرصاص الحي بهدف تفريق المحتجين.
صورة رقم (2) – صورة بيان منسوب إلى “مجلس شورى قبيلة السادة النعيم” حول حادثة تعذيب “علي” وتأكيدهم على أنّ المنتهكين ينتمون للفرقة عشرين (كتيبة أنصار السنة)، ومطالبتهم بالقصاص.
من جانبها سارعت “الفرقة عشرين” الذي ينضوي فصيل “صقور السنة” تحتها لإصدار بيان بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر 2021، ينفي علاقتها بالحادثة، في حين نشر “جهاز الشرطة العسكرية” بعد ذلك، بياناً آخراً قالت في أنهم ألقوا القبض على خمسة أشخاص من أصل ثمانية قاموا باعتقال الشاب “علي” وتعذيبه.
صورة رقم (3) – نسخة عن بيان منسوب للفرقة 20 – التي نفت فيه ارتباط الأشخاص الذين قاموا بتعذيب “علي” بالفصيل.
صورة رقم (4) – نسخة من بيان منسوب لجهاز “الشرطة العسكرية” الذي يؤكد اعتقال خمسة أشخاص من المتورطين بالحادثة بالتعاون مع أمنيّة “الفرقة عشرين”.
مصدر أمني من داخل فصيل “الفرقة 20” قال لسوريون من أجل الحقيقة إنه تم إثبات مسؤولية “صقور السنة” عن الحادثة، حيث تتبع القيادي كاميرات المراقبة التي أظهرت عملية اعتقال “علي” من المقهى وتمكنوا من تحديد هوية العناصر بشكل قطعي، وكاميرات أخرى أظهرت مرور سيارة الفصيل على حواجز أخرى.
وقال المصدر ذاته لسوريون من أجل الحقيقة إن اعتقال الشاب “علي الفرج” جاء على خليفة خلاف قيم بينه وبين أحد قادة فصيل “صقور السنة” المقيمين في تركيا حالياً، وأضاف المصدر:
“طلب القيادي الموجود في تركيا -لم يذكر المصدر اسمه- من مجموعة من عناصره اعتقال علي وضربه وتصويره خلال عملية التعذيب وتصويره أيضاً وهو يعتذر من (الديرية/أهالي محافظة دير الزور)، وطلب منهم إرسال المقاطع له.”
بدورهم، تداول ناشطون محليون صوراً لخمس عناصر قالوا إنهم العناصر الذين قاموا بتعذيب علي الفرج، ولم تتمكن “سوريون” من التحقق من هذه المعلومة بشكل قاطع إلى الآن، إلا أن المصدر الأمني المذكور آنفاً قال :
“العناصر الذين اعتقلوا علي الفرج وعذبوه هم ثمانية، تم إلقاء القبض على خمسة منهم وهم معروفون بارتكابهم جرائم سابقة منها خطف واعتقال من أجل المال والسرقة وغيرها”.
وفي يوم 10 أيلول/سبتمبر، نشر الشاب علي الفرج مقطع فيديو جديد مدته 59 ثانية تحدث فيه عن تفاصيل عملية اعتقاله وتعذيبه وأكد أن عناصر من صقور السنة” هم من قاموا بذلك.
صورة رقم (5) – صورة مأخوذة من مقطع فيديو نشره الضحية “علي الفرج”، يشرح فيه تفاصيل الحادثة.
وفي اليوم ذاته 10 أيلول/سبتمبر، وبعد نفيه السابق لمسؤوليته عن الحادثة، أصدر فصيل “صقور السنة” بياناً اعترف فيه بقيام عناصره بتعذيب والتشهير بالشاب “علي الفرج”.
صورة رقم (6) – نسخة عن بيان “لواء صقور السنة” يقّر فيه بتبعية العناصر الذين قاموا بتعذيب “علي” للفصيل.
أيضاً في اليوم التالي 10 أيلول/سبتمبر أقدم فصيل “صقور السنة” على اعتقال مدني في بلدة سلوك بسبب انتقاده للفصيل وممارساته بحق الشاب علي الفرج.
تجدر الاشارة إلى أن “الفرقة 20”- التي ينضوي فصيل “صقور السنة” ضمنها- تورطت بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان عقب العملية التركية المسماة “نبع السلام” في شمال شرق سوريا بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
ففي شهر تموز/يوليو 2020 كشف تقرير مشترك ما بين: اللجنة الكردية لحقوق الإنسان – الراصد ومنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة عن عمليات نقل غير قانونية قامت بها الحكومة التركية لمدنيين سوريين إلى الأراضي التركية، وأظهرت التحقيقات أنّ “الفرقة 20” بقيادة شخص اسمه “أبو برزان”، كانت متورطة بعمليات الاعتقال والخطف لسوريين قبل أن تقوم بتسليمهم للجيش التركي، والذي أودع المخطوفين في سجن حلوان بولاية أورفا.
وفي شهر شباط/فبراير ،2021 كشف تقرير لـ”هيومن رايتس وتش” عن أحكام بالمؤبد لعدد من الأفراد الذين تمّ نقلهم بشكل قسري إلى داخل الأراضي التركية، وطالبت المنظمة السلطات التركية باعتبارها سلطة احتلال أن تحترم حقوق الشعب بموجب قانون الاحتلال في شمال شرق سوريا، بما في ذلك حظر الاحتجاز التعسفي ونقل الناس إلى أراضيها.