أصدرت "حكومة الإنقاذ"[1] العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام"[2] شمالي سوريا، قراراً يقضي بـ"التحفظ على مباني وموجودات" جميع الكليات التابعة لـ"جامعة حلب الحرة" – في مدينة سرمدا بريف إدلب- والتي تتبع بدورها للحكومة السورية المؤقتة التابعة للإئتلاف الوطني المعارض. كما اقتحم عناصر من "هيئة تحرير الشام" الكليات المذكورة وطردوا الدكاترة المحاضرين منها بتاريخ 15 آب/أغسطس 2018، وذلك بحسب شهادات حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
وجاء في بيان رسمي صدر عن وزارة الإدارة المحلية والخدمات فرع الحدود التابعة لـ "حكومة الإنقاذ" بتاريخ 15 آب/أغسطس 2018 ، وحمل ختم وتوقيع إداري الفرع "أحمد مهنا" ومدير الفرع "عبد الرحمن جميل"، مايلي:
"يقرر لدينا التحفظ على مباني وموجودات جميعع الكليات في مدينة سرمدا لحين تشكيل مجلس التعليم العالي وتسليمه المباني والموجودات، يبلغ بذلك من يلزم."
نسخة عن القرار الصادر من "حكومة الإنقاذ" حول التحفظ على كليات في مدينة سرمدا بتاريخ 15 آب/أغسطس 2018.
وقال أحد العاملين في الكليات التابعة لـ"جامع حلب الحرة" والمقيم في مدينة سرمدا، سامي الشامي[3]، في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 15 آب/أغسطس 2018، إن عناصر من "هيئة تحرير الشام" اقتحموا الكليات وطردوا الدكاترة والمحاضرين منها، ومنعوهم من اصطحاب أية أوراق تخص الطلاب معهم، واستولوا على جميع المباني والمعدات والأوراق فيها، منوهاً أن الكليات كانت قد أنهت الامتحانات الفصلية الأسبوع الفائت.
وحول سبب إصدار قرار "التحفظ على الكليات" قال "الشامي" :"السبب هو رفض جامعة حلب الحرة أن تكون تابعة لمجلس التعليم العالي الخاص بحكومة الإنقاذ، وقد سبق أن هددونا بإغلاق الكليات في اجتماعات سابقة حيث قالوا لنا (إما أن تتبعول لمجلسنا العالي وإما أن تغادروا المناطق التي نسسطر عليها""، وذلك وفق ما قال "الشامي".
وفي صباح يوم 16 آب/أغسطس 2018، حاول طلاب الكليات في مدينة سرمدا دخول حرم الجامعة لاسترجاع وثائقهم وأوراقهم الرسمية، ولكن عناصر مسلحين يحرسون الكليات منعوهم من الدخول، بحسب ما أفاد "الشامي".
وأشار "الشامي" إلى مدى أهمية وخطورة الاستيلاء على أوراق وثبوتيات الطلاب حيث قال: "لقد دفع الطلاب مبالغ مالية كبيرة مقابل الحصول على كشف علامات وأوراق ثبوتية من الدوائر التابعة لحكومة النظام، وهذه الأوراق لا تعوض إلا بصعوبة بالغة وتكلفة مالية عالية، حيث تقع مسؤولية المحافظة على هذه الثبوتيات على عاتق الجهة التي استولت على الكليات."
وأوضح "الشامي" أن "حكومة الإنقاذ" طالبت قبل نحو شهر عبر المجالس المحلية التابعة لها جميع الكليات التابعة لـ"جامعة حلب الحرة" في المناطق الخاضعة لسيطرة "تحرير الشام" بإغلاق وانهاء عملها وتسليمها لها، ولكن الكليات في مدينة سرمدا لم تغلق لأنها كانت بصدد إجراء الامتحانات.
وتابع قائلاً: "لقد قررت إدارة جامعة حلب الحرة نقل الكليات والمعاهد التابعة لها من مدينتي الدانا وسرمدا إلى مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، وقد جاءت خطوة حكومة الانقاذ بهذا القرار كاستباق لنقل الكليات للاستيلاء عليها، كما قامت بإغلاق الكليات في مدينة الدانا أيضاً قبل التمكن من نقلها."
وبحسب "الشامي" فقد اختارت "الحكومة السورية المؤقتة" مواقع الكليات والمعاهد في مناطق بعيدة نسبياً عن الخطر مثل مدينتي الدانا وسرمدا الحدوديتين مع تركيا، رغم أنهما تقعان تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام"، وبعد قرار "حكومة الإنقاذ" سوف تضطر هذه الكليات إلى الانتقال إلى أماكن أكثر خطورة وعرضة للقصف وربما تكون قريبة من خطوط التماس مع القوات النظامية السورية.
وسبق أن قامت "حكومة الإنقاذ" بإغلاق الكليات والمعاهد التابعة للحكومة السورية المؤقتة في مدينتي الدانا وسرمدا في شهر كانون الثاني/يناير 2018 وشباط/فبراير من العام ذاته، حيث تظاهر الطلاب احتجاجاً على الإغلاق واعتقلت "تحرير الشام" بعضهم، وتم فتح الكليات في وقت لاحق نتيجة الضغط الإعلامي والمحادثات، بحسب "الشامي" الذي نوه إلى أن "حكومة الإنقاذ" كانت قد استولت بشكل كامل على مبنى رئاسة جامعة حلب الحرة في مدينة الدانا، الأمر الذي اضطرها إلى نقله إلى ريف حلب الغربي.
وتتبع "جامعة حلب الحرة" بجميع كلياتها ومعاهدها إلى الحكومة السورية المؤقتة التابعة للإئتلاف السوري المعارض، وتضم سبعة آلاف طالب، وتتوزع الكليات في مناطق عدة بمحافظتي حلب و إدلب، ومنها مدينة سرمدا التي تضم الأقسام التالية؛ كلية الأداب بأقسامها الأربعة (الجغرافية والتاريخ والأدب العربي والأدب الانكليزي) نحو 800 طالب، وكلية العلوم السياسية 150 طالب، وشعبة كلية الاقتصاد نحو 100 طالب والمعهد التقاني للإعلام نحو 150 طالب والمعهد التقاني لإدارة الأعمال نحو 100 طالب، وذلك بحسب ما قال "عماد خطاب" النائب العلمي لـ"جامعة حلب الحرة" في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 15 آب/أغسطس 2018.
[1] بتاريخ 7 تشرين الأول 2017، تم الإعلان عن تشكيل "حكومة الإنقاذ" لإدارة محافظة إدلب والمناطق الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام"، حيث انبثقت حكومة الإنقاذ عن "هيئة تأسيسية" انبثقت بدورها عن "المؤتمر السوري العام" الذي دعت إلى عقده هيئة تحرير الشام" في 17 أيلول/سبتمبر 2017، وعقدت جميع جلساته وجلسات تشكيل الحكومة في معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا
[2] بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2017، أعلنت عدّة فصائل جهادية في شمال سوريا الإندماج تحت مسمّى "هيئة تحرير الشام" وكانت الفصائل التي أعلنت عن حلّ نفسها والاندماج تحت المسمّى الجديد هي جبهة فتح الشام – تنظيم جبهة النصرة سابقاً، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنّة، وحركة أنصار الشام الإسلامية، إلا أنه وعلى خلفية اندلاع المواجهات الأخيرة بين حركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام في الشمال السوري بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، أعلنت حركة نور الدين الزنكي انفصالها عن الهيئة بتاريخ 20 تموز/يوليو 2017
[3] اسم مستعار لضمان حماية الشاهد.