ملخّص تنفيذي:
ولّدت سياسة الإبعاد القسري التي اتبعتها السلطات التركية بحقّ اللاجئين السوريين مؤخراً مخاطر جمّة، فقد أصبحوا أكثر عرضة لظروف إنسانية ومعيشية قاسية، علاوة على خطر التعرض لانتهاكات من قبل تنظيمات متطرّفة مثل هيئة تحرير الشام وغيرها، كما جعلتهم عرضة للقتل أيضاً، حيث عاود عدد من المرحلين محاولة اللجوء إلى تركيا مرة أخرى حتى بعد إبعادهم قسراً.
بدورها، وثقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، احتجاز هيئة تحرير الشام لعدد من المبعدين قسراً إلى الأراضي السورية، كما سجّلت مقتل لاجئ واحد على الأقل برصاص حرس الحدود التركي، خلال محاولته اللجوء مرة أخرى إلى الأراضي التركية بعد ترحيله إلى سوريا.
يبدو أنّ السلطات التركية لم تتخذ أيّ إجراءات فعلية من شانها أن تضمن عدم تعريض اللاجئين السوريين إلى مخاطر، بل قامت بالعكس تماماً.
وبالرغم من جميع القرارات التي أوصت بعدم ترحيل اللاجئين السوريين، إلاّ أن عمليات الإبعاد القسرية إلى سوريا لم تتوقف عملياً، وخاصّة للمقيمين ولاية اسطنبول. ذلك رغم منح السلطات التركية مهلتين لللاجئين السوريين، انتهت الأولى بتاريخ 20 آب/أغسطس، وتمّ تمديدها حتى نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019.
وبالتزامن مع موجة عمليات الإبعاد القسرية، أصدر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بياناً مؤرخاً في 2 آب/أغسطس 2019، نفى[1] فيه عمليات الترحيل تلك، واصفاً إياها بـ”الادعاءات”.
ولوحظ بأنّ السلطات التركية كانت قد اتبعت إجراءات متشدّدة يمكن وصفها بأنها سياسة منظمّة لإبعاد اللاجئين السوريين، وخاصةً أنها احتجزتهم بعد توقيفهم في مخيمات بالقرب من الحدود السورية-التركية، ضمن ظروف مزرية، وخيرّتهم ما بين الاحتجاز لفترة طويلة ضمن هذه الظروف أو التوقيع على أوراق “العودة الطوعية” ما يتعارض مع كافة التصريحات التركية، وأبرزها تصريح[2] وزير الداخلية التركي “سليمان صولو” في اجتماع عقدة مع إعلاميين، والذي قال فيه بأنه “من غير الوارد ترحيل السوريين خارج تركيا”.
ولمس الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة ازدياداً ملحوظاً في عمليات الترحيل، قبيل انقضاء المهلة الأولى في 20 آب/أغسطس 2019، وما عززّ من هذه المعلومات، إفادة أحد المصادر في معبر باب الهوى الحدودي، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ حصيلة اللاجئين السوريين المرّحلين من تركيا إلى سوريا كانت قد بلغت خلال شهر آب/أغسطس الماضي وحده 8900 شخصاً، ما يرّجح بأنّ السلطات التركية أرادت إبعاد أكبر قدر ممكن من السوريين قبيل انقضاء هذه المهلة الأولى.
في حين لاحظ الباحثون الميدانيون لدى المنظمة انخفاضاً ملحوظاً في وتيرة عمليات الترحيل عقب تمديد المهلة الأولى لكن دون توقفها بشكل نهائي، وذلك اعتباراً من تاريخ 20 آب/أغسطس وحتى لحظة إعداد هذا التقرير في بدايات شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، حيث تمّ تسجيل ترحيل عدد من اللاجئين السوريين إلى الأراضي السورية.
وقال العديد من شهود العيان بأنّ السلطات التركية وخلال هذه الفترة كانت تلجأ إلى مصادرة أجهزة الهواتف المحمولة والخاصة باللاجئين السوريين لدى عمليات ترحيلهم، من أجل منع التصوير، كما أنهم قاموا بإبعاد عدد من اللاجئين السوريين قسراً إلى الأراضي السورية، لكن عبر معابر حدودية غير رسمية[3] مثل معابر “العلياني وخربة الجوز وأطمة” في ريف إدلب الشمالي والخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام، إضافة إلى معبر “الراعي” في ريف حلب الشمالي و”جنديرس” في منطقة عفرين والواقعين تحت سلطة “الجيش الوطني المعارض” المرتبط بتركيا، ما قد يشير إلى رغبة الحكومة التركية في عدم الوصول أو نشر أعداد اللاجئين السوريين الذي تمّ ترحيلهم.
وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قد وثقت في تقرير[4] سابق لها، ترحيل آلاف اللاجئين السوريين بينهم نساء وأطفال، في عموم تركيا وخاصةً في مدينة اسطنبول، وذلك في إطار الحملة الأخيرة التي شنّتها السلطات التركية ضدّ من وصفتهم بالمخالفين لقوانين بلادها، والتي بلغت ذروتها خلال شهر تموز/يوليو 2019.
-
ترحيل طالبي اللجوء:
واجه عدد من اللاجئين السوريين الذين تمّ ترحيلهم بشكل غير طوعي من تركيا إلى الأراضي السورية، مخاطر عدّة أبرزها خطر الاحتجاز على يد تنظيمات متطرفة مثل هيئة تحرير الشام، إضافة إلى تعرّضهم للقتل على الحدود السورية-التركية، لدى محاولات العديد منهم اللجوء إلى تركيا مرة أخرى، حيث وثق الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، اعتقال عدد من اللاجئين المرّحلين قسراً، من قبل هيئة تحرير الشام، أحدهم ينتمي للديانة المسيحية، وقد تمّ اعتقال هؤلاء بحجج مختلفة بعضها يتعارض مع تطبيق النظام العام لهيئة تحرير الشام، مثل منع التدخين وفرض شروط على اللباس وغيرها، في حين وثقّ ناشطون محليون مقتل أحد اللاجئين أثناء محاولته دخول الأراضي التركية بعد ترحيله.
“وائل.م” من مواليد محافظة حلب عام 1990، كان أحد اللاجئين السوريين الذين تعرّضوا للترحيل من قبل الحكومة التركية في 20 تموز/يوليو 2019، أثناء محاولته الوصول إلى اليونان، حيث كان قد تمّ إلقاء القبض عليه من قبل الجندرمة التركية والتي قامت بترحيله إلى معبر باب السلامة الحدودي، على الرغم من توسلاته للعناصر بعدم ترحيله إلى المناطق الخاضعة لتنظيمات إسلامية متشددّة، على اعتبار أنه من الديانة المسيحية، حيث تحدّث لسوريون من اجل الحقيقة والعدالة[5] قائلاً في هذا الصدد:
“تمّ احتجازنا في سجن آيدن لمدة سبعة أيام، حيث تمّ إجبارنا على توقيع ورقة العودة الطواعية من خلال قولهم لنا بأن لا خيار أمامنا، فإمّا التوقيع على هذه الورقة أو أنهم سيستمرون باحتجازنا إلى أجل غير مسمّى، فاضطررنا للتوقيع على هذه الورقة، ورجوت العناصر ألا يقوموا بترحيلي إلى سوريا، حيث لم يعد لدي أقارب هنالك، فقد كنت مغترباً عن سوريا منذ العام 1996 ومقيماً في لبنان، على اعتبار أنّ والدتي لبنانية ووالدي سوري الجنسية، لكنّ ذلك لم يشفع لي، وتمّ ترحيلي برفقة شاب من محافظة إدلب إلى معبر باب السلامة، حيث توجهنا من هناك إلى بلدة سراقب في إدلب، وخلال هذه الرحلة أوقفتنا عدّة حواجز تابعة لتنظيمات متطرفة وبدأوا بسؤالي عن أصلي وخاصة أنّ لهجتي مزيح من اللهجة اللبنانية والسورية، وقد استمرّ التحقيق معي على أحد الحواجز مدة ساعة تقريباً حيث كانوا يعتقدون أنني أنتمي لحزب الله اللبناني، والحمد الله أنني كنت أملك الإثباتات الشخصية، حيث قاموا بتركي وشأني.”
تمّ توقيف “وائل” من قبل أحد الحواجز التابعة لهيئة تحرير الشام في منطقة “خربة الجوز”، وذلك خلال محاولته العبور مجدداً إلى الأراضي التركية، وتحديداً بتاريخ 22 تموز/يوليو 2019، حيث تمّ التحقيق معه من قبل عناصر هيئة تحرير الشام لمدة أربعة أيام، وصفها الشاب بأنها أقسى لحظات من حياته وأكثرها رعباً، وخاصةَ بعدما علم العناصر أنه ينتمي للديانة المسيحية، حيث كان “وائل” يظن أنّ نهايته اقتربت، لكنّ الحظ حالفه عندما قام العناصر بإطلاق سراحه بتاريخ 26 تموز/يوليو 2019، حيث رجّح “وائل” أنّ هيئة تحرير الشام قامت بإطلاق سراحه كنوع من الدعاية الإعلامية لها، وبعد ذلك قرر “وائل” معاودة العبور إلى الأراضي التركية، إلى أنّ نجح في دخول تركيا والعبور إلى اليونان، حيث مازال يأمل حتى الآن، أن يتحقق حلمه ويصل إلى وجهته في أوروبا.
“محمد الخالد” من محافظة القنيطرة لاجئ وشاب سوري ثانٍ كان قد تعرَض للاحتجاز على يد هيئة تحرير الشام، وذلك بعد ترحيله من قبل الحكومة التركية إلى الأراضي السورية في 24 تموز/يوليو 2019، حيث روى أحد الناشطين الإعلاميين في محافظة إدلب، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الحكومة التركية قامت بترحيله، بعد إلقاء القبض عليه أثناء محاولته العبور من تركيا إلى اليونان أيضاً، حيث قال الشاهد بأنّ هيئة تحرير الشام اعتقلت الشاب “محمد” بحجة وجود صور “خادشة للحياء” على هاتفه المحمول، وبسبب “قصة شعره” غير المعهودة في المنطقة، حيث قامت باحتجازه لمدة يومين ومن ثمّ قامت بالإفراج عنه، حيث نجح الشاب لاحقاً في العبور إلى الأراضي التركية عبر سلوك طرق التهريب المحفوفة بالمخاطر.
فيما أكدّ ناشطون محليون في محافظة إدلب، بأنّ هيئة تحرير الشام ما زالت تحتجز الشاب “سومر جمال عبظو” والذي ينحدر من مدينة السلمية بريف حماه، حيث تسكنها غالبية من الطائفة الإسماعيلية، بعدما تمّ ترحيله برفقة عدد من الشبان إلى محافظة إدلب في شهر تموز/يوليو 2019، حيث عمدت هيئة تحرير الشام إلى إلقاء القبض عليه برفقة بقية الشبان في 23 تموز/يوليو 2019، وقامت بالإفراج عن معظمهم باستثناء “سومر” والذي ما يزال مصيره مجهولاً اللحظة بحسب ما أكد ناشطون محليون، حيث وجهت له هيئة تحرير الشام اتهامات بوجود صور “غير أخلاقية” على هاتفه المحمول، بالإضافة إلى وجود صور تفيد بكونه عنصراً سابقاً في صفوف الجيش النظامي السوري.
من جانب آخر وثق ناشطون محليون مقتل الشاب “هشام مصطفى المحمد” من مواليد بلدة السفيرة في حلب، على يد عناصر قوات حرس الحدود التركية، إثر إصابته بطلق ناري، أثناء محاولته دخول الأراضي التركية، وذلك في 5 آب/أغسطس 2019، حيث كان “هشام” متزوج، ولديه ثلاثة أطفال، وكان قد تمّ ترحيله إلى سوريا، على الرغم من امتلاكه بطاقة الحماية المؤقتة والمسجّلة في إسطنبول، حيث كانت الحكومة التركية قد قالت بأنّ الشاب تمّ توقيفه في سياق “تحقيق إرهابي” وبعد مدّة قرر الشاب العودة طواعية إلى سوريا على حد وصفها، ليحاول الشاب لاحقاً العبور إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية، حيث انتهى به المطاف قتيلاً قرب مدينة حارم الحدودية مع لواء اسكندرون، وتداولت مواقع إعلامية[6] مقابلة مصورة لوالد الشاب “هشام” والذي تحدث عن تفاصيل توقيف ابنه بلا أية أسباب في 28 أيار/مايو 2019، بعد اقتحام منزلهم من قبل السلطات التركية، حيث أكدّ مقتل ابنه على يد قوات حرس الحدود التركية.
وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أصدرت سلسلة من التقارير التي توثيق اعتداءات حرس الحدود التركي على مواطنين ومناطق سوريا، وعمليات ترحيل بحق طالبي لجوء آخرين.[7]
-
عملية إبعاد اللاجئين سياسة متبعة من قبل الحكومة التركية:
على الرغم من تصريحات الحكومة التركية والقاضية بمنح اللاجئين السوريين مهلة لتسوية أوضاعهم القانونية حتى 20 آب/أغسطس 2019، بالإضافة إلى تمديد هذه المهلة حتى 30 تشرين الأول/أكتوبر 2019، واصلت السلطات التركية عمليات إبعاد اللاجئين إلى سوريا، بخلاف تصريحاتها القائلة بأن لن يتم ترحيل سوري إلى بلاده، حيث وثقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، ترحيل العديد من اللاجئين إلى سوريا، سواء كان ذلك عقب المهلة الأولى أو بعد تمديدها، ورغم امتلاك عدد منهم لبطاقات حماية مسجّلة في ولايات أخرى غير إسطنبول.
فقد وثقت منظمات محلية[8]، اعتقال اللاجئ الفلسطيني “ماهر بشير عبويني” من قبل هيئة تحرير الشام، وذلك بعدما تمّ ترحيله من قبل السلطات التركية إلى سوريا في شهر آب/أغسطس 2019، بحجة عدة حيازته بطاقة الحماية المؤقتة “الكملك”، حيث أفادت بأنّ هيئة تحرير الشام ستقوم بإطلاق سراحه بعد عدّة أيام، بعد التأكد من أوضاعه القانونية والأمنية، لكن لم يتسنّ لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، التأكد فيما إذا كان قد تمّ الإفراج عن الشاب أم لا.
أ. الاستمرار في ترحيل اللاجئين السوريين خلافاً للتصريحات والقرارات التركية بمنحهم مهلة أولى:
في 22 تموز/يوليو 2019، أصدرت مديرية الاعلام والعلاقات العامة في ولاية إسطنبول، بياناً[9] قالت فيه بأنّ السوريين الذين يملكون بطاقات حماية مؤقتة مسجّلة في محافظات أخرى غير اسطنبول، لديهم مهلة تستمرّ حتى 20 من آب/أغسطس 2019، حتى يعودوا إلى مكان إقاماتهم الأصلية، مشيرة إلى أنّ الذين لا يعودون حتى نهاية المهلة المؤقتة فسيتم ترحيلهم إلى المحافظات التي سُجّلوا فيها، وأكدّ البيان أنّ السوريين غير الحاملين لبطاقة الحماية المؤقتة أو الإقامة، سيتم ترحيلهم إلى المحافظات التي تحدّدها وزارة الداخلية.
“عمر.م” 20 عاماً من مدينة إدلب، كان أحد اللاجئين السوريين الذين قامت السلطات التركية بترحيلهم، بعد توقيفه في 25 تموز/يوليو 2019، أي عقب عدّة أيام فقط من المهلة الأولى، بسبب عدم حيازته بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، وكان قد مضى على وجود “عمر” في مدينة إسطنبول عدّة أعوام بعد فراره من سوريا، حيث كان يعمل في إحدى المعامل المخصصة لصنع الأحذية، وفي هذا الخصوص روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[10] قائلاً:
“قبيل الإعلان عن المهلة الأولى، قررت ان أصبح حبيس المنزل بسبب عدم حيازتي “الكملك” وخوفي من الترحيل، وكان برفقتي صديقي “محمد” والذي يمتلك “كملك” تحتاج إلى تحديث ومسجّلة في ولاية عينتاب، لكنّ بعد صدور المهلة الأولى، أصبحنا أكثر ارتياحاً، وقررنا السفر إلى مدينة عينتاب من أجل استخراج “الكملك”، وتحديث بطاقة الحماية الخاصة بصديقي، وقد تكلفنا مقابل ذلك حوالي 1500 ليرة تركية للشخص الواحد، لكن وفي 25 تموز/يوليو 2019، وبينما كنا في منطقة يوسف باشا، بانتظار السيارة التي سوف تقلّنا إلى عينتاب، أوقفنا مجموعة من عناصر الشرطة التركية، رغم إخبارنا لهم بأننا مغادرين المدينة من أجل تسوية أوضاعنا القانونية، وطلبوا منا أن نستقلّ إحدى الحافلات والتي يوجد فيها حوالي 20 شاب سوري مكبلّين، حيث انطلق بنا الباص إلى مخيم “كلس” على الحدود التركية السورية، ولدى وصولنا إلى هنالك فوجئنا بوجود عشرات الشبان الذين تمّ نقلهم بهذه الطريقة إلى المخيم.”
وأضاف “عمر” بأنّ عناصر الشرطة التركية بدأوا بضربه وبقيه الشبان السوريين فور دخولهم إلى المخيم، ومكثوا هناك حوالي ستة أيام، ذاقوا خلالها سوء المعاملة والضرب والترهيب، من قبل عناصر الشرطة التركية، وأضاف قائلاً:
“كان الوضع مزرياً في مخيم كلس، فقد كان الطعام قليلاً وكانت أعدادنا كبيرة كما كنا نفترش الأرض من أجل النوم، فضلاً عن الترهيب والضرب الذي كان يمارس علينا، فوجدنا عدداً من الشبان الذي قرروا التوقيع على ورقة العود الطواعية إلى سوريا، هرباً من الذل والإهانة، فيما قررت أن أصبر وصديقي قليلاَ، وفي اليوم الثالث، حضر أحد عناصر الشرطة التركية ونصحنا بالتوقيع على ورقة العودة الطواعية، بلهجة تهديد، وقال لنا بالحرف الواحد مخيراً إيانا ما بين الاحتجاز في المخيم لمدة ستة أشهر أو توقيع الورقة، وبعد مضي ثلاثة أيام أخرى، لم نعد نحتمل سوء الأوضاع والمعاملة التي كنا نتعرض لها، فقررت وصديقي توقيع هذه الورقة، كما فعل العديد من الشبان، وقلت في نفسي أنّ الموت بسبب قذيفة أرحم من هذه الحياة، فتوجهت إلى محافظة إدلب، وأنا حالياً عاطل عن العمل ولا أستطيع إعالة نفسي، وأعيش على ما تقدمه عائلتي من مساعدات مالية خجولة، وإن حصلت على قدر كاف من المال خلال الفترة المقبلة، فلاشكّ أنني سأعاود محاولة العبور إلى تركيا بطريقة غير شرعية.”
لم يكتفِ عناصر الشرطة التركية خلال هذه المهلة، بتوقيف اللاجئين السوريين في الشوارع فقط، بل إنها شملت التوقيف في أماكن عملهم ومنازلهم وفي أحيان كثيرة كانوا يدخلون إلى المساجد، في مناطق عدّة مثل اسنيورت والفاتح، فيما يبدو أنها طريقة منظمّة للنأي بأكبر قدر من اللاجئين السوريين، وبالإضافة إلى ما سبق فإنّ العديد من أرباب العمل الأتراك، كان يبادرون لمدّ يد العون للشرطة التركية من خلال الإبلاغ عن العمال السوريين المخالفين لديهم، ودعوتهم للمجيء إلى المعامل، وقد كان “ربيع .م” 20 عاماً، من ريف دمشق، أحد هؤلاء اللاجئين الذين تمّ ترحيلهم إلى الأراضي السورية بعد الإبلاغ عنه من قبل ربّ عمله التركي في 26 تموز/يوليو 2019، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[11] قائلاً:
“كنت أعمل في أحد المعامل في منطقة زيتون بورنو، لكن ولكوني مخالفاً ولا أمتلك “كملك” اتفقت مع صاحب العمل على أن أترك العمل، مقابل أن يعطيني أجري المتراكم منذ شهرين والبالغ 3000 ليرة سورية، وفي يوم 26 تموز/يوليو 2019، ذهبت إلى المعمل من أجل استلام مرتبي، وبينما كنت في انتظار صاحب العمل، فوجئت بعناصر الشرطة التركية وهم يدخلون المعمل، حيث قاموا بتوقيفي، وطلبوا مني أن أستقلّ إحدى الحافلات التي كانت تضمّ حوالي 15 شاب سوري مخالفاً، وتوجهوا بنا إلى مخيم كلس، حيث كان المخيم مكتظاً بالناس، والحمامات قذرة جداً، كما كانت معاملة عناصر الشرطة سيئة جداً معنا، فقد كانوا يستخدمون معنا أسلوب الترهيب فضلاً عن الشتائم والضرب الذي كان نتعرض له، وطبعاً كانت هذه بمثابة سياسة تطفيش حملت العديد من الشبان السوريين على توقيع ورقة العودة الطواعية وحفظ ماء وجههم، وبالفعل هذا ما حدث ففي اليوم التالي، قمت برفقة عدد من الشبان بتوقيع هذه الوثيقة، وتمّ ترحيلنا إلى إدلب، حيث أقيم في أحد المساجد هناك، ريثما أعثر على أيّ فرصة عمل قد أعيل منها نفسي، فالأوضاع المعيشية صعبة هنا للغاية، وصاحب الحظ فقط من يستطيع العثور على فرصة للعمل.”
“حمزة.م” 24 عاماً، لاجئ سوري آخر كان قد تمّ ترحيله إلى الأراضي السورية، وذلك عقب الإبلاغ عنه من قبل ربّ عمله التركي، لأنه لا يمتلك بطاقة الحماية المؤقتة “الكملك”، حيث تحدّث في هذا الخصوص لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة [12] قائلاً:
“كنت أعمل في ورشة للخياطة في منطقة زيتون بورنو منذ حوالي 4 سنوات، مقابل أجر جيد جداً، لكن ومع بداية الحملة التي قام بها عناصر الشرطة من أجل ترحيل المخالفين من إسطنبول، أصبحنا نغلق باب الورشة ونعمل بصمت وحذر، ولم أتوقع إطلاقاً أن يغدر بي صاحب العمل، وفي 19 آب/أغسطس 2019، قررت واثنين من أصدقائي ترك الورشة والسفر إلى عينتاب من أجل استخراج بطاقة “الكملك”، وأخبرنا صاحب العمل بأن سيعطينا مستحقاتنا وبأنّ الأمور ستجري على ما يرام، لكن عند وصولنا إلى الورشة فوجئنا بعناصر الشرطة التركية وهم في انتظارنا، حيث قاموا بتوقيفي أنا وصديقيّ، وتوجهوا بنا إلى مخفر المنطقة، وأجبرونا هناك على توقيع ورقة العودة الطواعية تحت الضرب والترهيب وقاموا بترحيلنا إلى الأراضي السورية.”
صورة تظهر جانباً من حملات التفتيش والتدقيق التي قام بها عناصر الشرطة التركية بالقرب من أحد المساجد في مدينة إسطنبول وذلك في أواخر تموز/يوليو 2019، مصدر الصورة: ناشطون إعلاميون.
ب. ارتفاع في وتيرة عمليات الترحيل قبيل انقضاء المهلة الأولى:
بعد استماع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، لعدد من اللاجئين السوريين الذين تمّ ترحيلهم إلى الأراضي السورية، خلال فترة المهلة الأولى، لوحظ بأنّ عمليات الترحيل كانت قد ارتفعت وتيرتها وبشكل ملحوظ، وخاصةً قبيل انتهاء هذه المهلة في 20 آب/أغسطس 2019، حيث وثق الباحثون الميدانيون لدى المنظمة ازدياداً في عمليات الترحيل بحقّ العديد من اللاجئين السوريين اعتباراً من بداية شهر آب/أغسطس 2019، فيما يبدو أنه طريقة متّبعة للنأي بأكبر قدر من السوريين قبيل انتهاء المهلة المخصصة لهم، وقد كان من بين هؤلاء، اللاجئ “محمد.ي” من مواليد بلدة حزة عام 1998، والذي تمّ ترحيله برفقة صديقه قريبه وصديقه إلى محافظة إدلب في 8 آب/أغسطس 2019، رغم امتلاكه بطاقة حماية مؤقتة ومسجّلة في ولاية بورصة، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[13] في هذا الخصوص قائلاً:
“تمّ توقيفي من قبل عناصر الشرطة التركية برفقة قريبي “أنس .خ” وصديقي “محمد.أ”، وتمّ اقتيادنا إلى أحد المخيمات في منطقة أدرنة حيث تمّ احتجازنا برفقة 70 شخصاً تقريباً، وكان من بينهم عائلات سورية وأطفال محتجزين، وبقينا حوالي ال 3 أيام بدون طعام، وتعرّضنا خلالها للضرب بواسطة العصي، وفي اليوم الرابع أعطونا قليلاً من الطعام وكنا نفترش الأرض من أجل النوم، ثمّ تمّ ترحيلنا إلى أنطاكية، حيث تمّ وضعنا في أحد مراكز الاحتجاز واستمرّ ضرب العناصر لنا بواسطة العصي، وبعدها أحضروا لنا أوراق وأجبرونا على التوقيع عليها، ومن ثمّ تمّ ترحيلنا إلى سوريا عبر معبر باب الهوى، وتوجهت إلى منطقة الدانا بريف إدلب وحالياً وضعي المادي سيء للغاية وليس لدي قدرة حتى على إعالة نفسي.”
“عامر.ج” 25 عاماً من بلدة أرمناز بريف إدلب، لاجئ آخر تمّ ترحيله إلى الأراضي السورية في اليوم ذاته، أي في 8 آب/أغسطس 2019، وذلك لامتلاكه بطاقة حماية مؤقتة ومسجّلة في مدينة أخرى غير إسطنبول وهي مدينة “أيدن”، حيث روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[14] في هذا الخصوص قائلاً:
“تمّ توقيفي من قبل عناصر الشرطة التركية في منطقة أكسراي بمدينة إسطنبول، حيث اقتادوني إلى أحد المخافر وبدأوا بالتحقيق معي حول سبب مجيئي إلى إسطنبول على الرغم من انّ بطاقة الحماية الخاصة بي صادرة من مدينة أيدن، وعلى إثر ذلك تمّ احتجازي لمدة شهر تقريباً بقيت أتنقل خلالها بين عدة سجون تركية، مثل سجن أيدن وسجن شطلجا، حيث كانت المعاملة هناك سيئة جداً وأصبت بمرض جلدي حينها ومازلت أتلقى العلاج بسببه حتى الآن، وأذكر أنني كنت محتجزاً في سجن أيدن برفقة 30 شخصاً آخراً، وفي أحد الأيام جاء إلينا أحد العناصر وأحضر لنا بعضاً من الأغطية وقال لكل واحد فينا أن يوقع على ورقة استلام هذه الأغطية، وفي اليوم التالي تبين أنها ورقة العودة الطواعية، حيث تمّ ترحيلنا جميعاً إلى الأراضي السورية، عبر معبر باب الهوى، ثمّ توجهت إلى بلدتي أرمناز، حيث أنّ ظروفي ووضعي المادي صعب للغاية.”
ج. انخفاض ملحوظ في عمليات الترحيل عقب تمديد المهلة دون توقفها بشكل نهائي:
بعد انتهاء المهلة السابقة، تمّ تمديد المهلة للاجئين السوريين المخالفين في مدينة إسطنبول، حتى 30 تشرين الأول/أكتوبر 2019، حيث صدر بيان[15] عن مديرية الاعلام والعلاقات العامة في ولاية إسطنبول، في 27 آب/أغسطس 2019، مدّدت من خلاله المهلة المخصصة لتسوية أوضاع السوريين، حتى ذلك التاريخ، وقالت بأنها ستبدأ باتباع إجراءات من أجل منح بطاقة الحماية المؤقتة والمسجَلة في إسطنبول، لطلاب التعليم الأساسي والثانوي والجامعي، إضافة إلى أفراد العائلات المسجلّة في إسطنبول، والأطفال اليتامى وأصحاب الأعمال المستثمرين في إسطنبول.
لكن وعلى خلاف هذه القرارات، وثقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، ترحيل عدد من اللاجئين السوريين خلال فترة تمديد هذه المهلة سواء كانوا من حاملي بطاقات الحماية المؤقتة والمسجّلة في مدن أخرى غير إسطنبول، أو أولئك الذين لا يحملونها بتاتاً، إضافة إلى عدد من اللاجئين الذين سلكوا طرق التهريب من تركيا إلى أوروبا، ولوحظ بأنّ وتيرة عمليات الترحيل تلك لم تكن كسابقتها، أي أنها انخفضت بشكل ملحوظ لكنها لم تتوقف بشكل كلي، كما أفاد العديد من شهود العيان الذين تمّت مقابلتهم، وبعد مقاطعة المعلومات التي أدلوا بها، بأنّ عناصر الشرطة التركية واعتباراً من تاريخ تمديد المهلة السابقة، كانوا يقومون بمصادرة أجهزة الهواتف المحمولة والخاصة باللاجئين السوريين لدى عمليات ترحيلهم، من أجل منع التصوير، كما أنهم قاموا بإبعاد عدد من اللاجئين السوريين قسراً إلى الأراضي السورية، لكن عبر معابر حدودية غير رسمية، مثل معابر العلياني وخربة الجوز وأطمة في ريف إدلب الشمالي، وهي معابر تقع تحت سلطة هيئة تحرير الشام.
“باسل.خ” 25 عاماً، كان أحد اللاجئين السوريين الذين تمّ ترحيلهم إلى سوريا بتاريخ 28 آب/أغسطس 2019، أي بعد تمديد المهلة السابقة، وذلك لامتلاكه بطاقة حماية مؤقتة ومسجلّة في مدينة بورصة، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[16] في هذا الخصوص قائلاً:
“كنت مقيماً في إسطنبول منذ حوالي الـ3 أعوام، حيث كنت أعمل في توصيل الطلبات بأحد مطاعم شارع الاستقلال الشهير، وفي ذلك اليوم وبينما كنت أقوم كعادتي بتوصيل أحد الطلبات في منطقة بيوغلو، أوقفني اثنين من عناصر الشرطة التركية، وطلبوا مني إبراز بطاقة الكملك الخاصة بي، وعندما رأوا أنها صادرة من مدينة أخرى، شتمني أحد العناصر بدون سبب وطلب مني مغادرة إسطنبول، فأجبته بأنّ الحكومة التركية نفسها منحتنا مهلة للبقاء في المدينة حتى 30 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وبأنه لا يملك الحقّ بترحيلي، فقام العنصر بضربي على وجهي، مما اضطرني لشتمه، فأخبرني العنصر الآخر بانّ عليّ التوسل والترجي كي لا يقوموا بترحيلي إلا أنني رفضت ذلك، وعلى الفور قاموا بتوقيفي وتوجهوا بي إلى مخفر المنطقة، وطلبوا مني التوقيع على ورقة العودة الطواعية، فوافقت لكن بشرط أن يتم إرسالي إلى مدينة دمشق حيث تقيم عائلتي، وبالفعل هذا ما حدث، وما زاد الطين بله انه بمجرد وصولي إلى مدينة دمشق، تمّ إعطائي ورقة كي ألتحق بالخدمة العسكرية الإلزامية خلال 15 يوماً، من أجل إرسالي إلى جبهات القتال المشتعلة في إدلب.”
بدورها قالت إحدى المنظمات المحلية “مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا” بأنّ السلطات التركية قامت بترحيل ثلاثة لاجئين فلسطينيين هم “محمد الزعبي، راشد حجازي وعدي الجدع” من أبناء مخيم اليرموك إلى الشمال السوري، وذلك بعد اعتقالهم في 29 أيلول/سبتمبر 2019- أي عقب تمديد المهلة- أثناء محاولتهم الهجرة من ولاية أيدن التركية إلى اليونان بطريقة غير نظامية، حيث قالت بأنّ عناصر الشرطة التركية قاموا بتمزيق الأوراق الثبوتية التي كانت بحوزة اللاجئين الثلاثة “جواز السلطة، كرت للأونروا، الهوية المؤقتة للاجئين الفلسطينيين”، وذلك بعد مشادة كلامية بينهم وبين عناصر الشرطة التركية, ومن ثم قامت بترحيلهم إلى إدلب يوم أمس الاثنين 7 تشرين الأول.[17]
كما قالت المنظمة ذاتها، بأنّ السلطات التركية كانت قد رحلّت فلسطينيين اثنين بالتزامن مع ترحيل ثلاثة من اللاجئين الفلسطينيين الذين تمّ ذكرهم سابقاً، وهما “أحمد يوسف أبو ناصر” و”عثمان موسى خليل”، من أبناء مخيّم سبينة بريف دمشق، حيث كانت السلطات التركية قد اعتقلتهما لعدة أيام قبل ترحيلهم إلى شمال سورية، وذلك في إطار حملتها على من دخل أراضيها أو يريد الخروج منها للهجرة بطرق غير نظامية.[18]
-
روايات لاجئين سوريين نجوا من عمليات الترحيل بعد دفع الرشاوى:
في الوقت الذي تمّ فيه ترحيل العديد من اللاجئين السوريين إلى الأراضي السورية، بحجّة مخالفتهم للقوانين، نجا البعض الآخر من عمليات الترحيل تلك، لكن عبر الرشاوي، حيث قابلت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة عدد من اللاجئين السوريين والذي قالوا بأنهم نجوا من عمليات الترحيل بعد دفعهم رشاوي لعناصر الشرطة التركية، وقد كان من بينهم “محمد.خ” 30 عاماً متزوج ولديه طفلان، كان أحد اللاجئين السوريين الذين نجوا من عمليات الترحيل، بعد دفعه رشوة تقدّر ب 600 ليرة تركية، حيث روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[19] قائلاً:
“تمّ توقيفي من قبل عناصر الشرطة التركية في منطقة أسنيورت، لعدم امتلاكي بطاقة “الكملك”، وطلبوا مني أن أستقلّ إحدى السيارات برفقتهم، وكل ما أذكره انني شعرت بالانهيار وبدأت بالبكاء حينها، وحاولت أنّ أشرح لهم وضعي فأمي كبيرة في السن ومريضة ولدي طفلان لا معيل لهما غيري، وبدأت بترجيهم حتى أنني كنت مستعداً لتقبيل أيديهم، وكنت أملك مبلغ 600 ليرة تركية من أجل دفع إيجار القبو الذي أقيم به، وعلى الفور قمت بإعطائهم النقود، فتركوني وشأني لكنهم حذروني أنهم سيقومون بترحيلي في حال قاموا بتوقيفي مرة أخرى.”
“طارق.ع” 22 عاماً، لاجئ آخر كان قد نجا من عمليات الترحيل برفقة صديقه، وذلك بعد رشوة عناصر الشرطة التركية بمبلغ 600 ليرة تركية، كما روى[20] قائلاً:
“في بدايات شهر آب/أغسطس 2019، وبينما كنت متوجهاً برفقة صديقي إلى عملي في إحدى ورشات الخياطة في منطقة أسنيورت، أوقفنا 3 من عناصر الشرطة التركية وقد كانوا يرتدون اللباس المدني، وطلبوا منا إبراز بطاقات “الكملك” الخاصة بنا، وأنا أملك بطاقة كملك مسجّلة في مدينة أخرى، في حين أنّ صديقي لا يمتلك هذه البطاقة، فقاموا بتهديدنا بالترحيل إلى سوريا، وبدأنا بتوسلهم وترجيهم ألّا يفعلوا ذلك، وقمت بإعطائهم مبلغ 300 ليرة تركية، كذلك صديقي، حتى تركونا وشأننا.”
“أحمد.د” 25 عاماً من بلدة كفردريان في إدلب، لاجئ ثالث كان قد نجا من عمليات الترحيل، بعد دفعة رشاوى لعناصر الشرطة التركية، لكنه لم ينجو في المرة المقبلة، حيث تمّ ترحيله إلى الأراضي السورية في 3 آب/أغسطس 2019، لعدم امتلاكه بطاقة الحماية المؤقتة “الكملك”، حيث روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[21] في هذا الصدد قائلاً:
“في المرة الأولى أتى عناصر الشرطة إلى السكن الذي أقيم به برفقة عدد من الشبان في منطقة باجيلار، ودون سابق إنذار، فقمنا بعرض المال عليهم فتركونا وشأننا، وفي المرة الثانية وبينما كنت متوجهاً إلى عملي في أحد المرات، أوقفتني دورية تركية برفقة 3 شبان سوريين آخرين، وأصبح أحد الشبان يقول لي بأنّ عناصر الشرطة يريدون 100 ليرة تركية من كل واحد منا حتى لا يقومون بترحيلنا، وبالفعل هذا ما حدث، دفعنا لهم حتى يخلون سبيلنا، إلى أن قام عناصر الشرطة التركية في إحدى المرات بطرق باب السكن الذي نقيم به بقوّة، ولم تشفع لنا نقودنا هذه المرة، فقاموا بتوقيفي برفقة صديقي، ليتم بعدها ترحيلنا إلى الأراضي السورية عبر معبر باب الهوى.”
-
ترحيل مئات اللاجئين السوريين عبر معابر غير رسمية في ريف إدلب وحلب:
لم تقتصر عمليات الترحيل التي قامت بها الحكومة التركية بحقّ آلاف اللاجئين السوريين على إيعادهم عبر المعابر الرسمية مثل معبر باب الهوى الحدودي ومعبر باب السلامة، بل إنها شملت معابر أخرى غير رسمية، بحسب ما أفاد به الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، والذين قالوا بأنه تمّ تسجيل ترحيل المئات من اللاجئين السوريين نحو مناطق سيطرة المعارضة المسلّحة في محافظة إدلب وحلب عبر معابر أخرى، ولعلّ أبرزها معابر “العلياني وخربة الجوز وأطمة” في ريف إدلب الشمالي والخاضعة لسلطة هيئة تحرير الشام، إضافة إلى معبر “الراعي” في ريف حلب الشمالي و”جنديرس” في منطقة عفرين والواقعين تحت سيطرة الجيش الوطني المدعوم من تركيا، مرّجحين بأنّ السبب قد يكون وراء ذلك، رغبة الحكومة التركية في عدم نشر أو الوصول إلى أعداد اللاجئين السوريين الذي تمّ ترحيلهم.
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي تبين موقع معبر باب الهوى ومعبر باب السلامة، والذي يتم ترحيل للاجئين السوريين من خلالهما.
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي، تبين موقع المعابر غير الرسمية التي تمّ ترحيل اللاجئين السوريين عبرها في إدلب وحلب.
أحد المسؤولين في معبر باب الهوى الحدودي، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ المعبر استقبل أكثر من 300 ألف سوري كان قد تمّ ترحيلهم من كافة الولايات التركية وأكثرها إسطنبول منذ بداية العام 2019 وحتى أواخر شهر أيلول/سبتمبر 2019، مشيراً إلى أنّ الحصيلة الأكبر كانت خلال شهر آب/أغسطس 2019، حيث بلغت 8900 شخصاً، ولافتاً إلى أنه يتمّ نقل اللاجئين السوريين فور وصولهم إلى الحدود السورية -التركية، عبر حافلات إلى مركز الهجرة في المعبر، ليتم التحقيق معهم حول أسباب ترحيلهم، وتحويلهم إلى المحكمة في حال وجود أي جرم أو جناية على أحدهم، حيث تقوم المحكمة بتقرير مصيره حينها، وتابع قائلاً في هذا الصدد:
“العديد من اللاجئين الذي تمّ ترحيلهم خلال الحملة الأخيرة، بعضهم كان يملك بطاقة الحماية المؤقتة وبعضهم ممن لا يمتلكها، وقد سمعنا من روايات بعض أولئك المرّحلين، بأنّ الحكومة التركية سحبت بطاقات الحماية “الكملك” من بعضهم وقامت بترحيلهم، كما استقبلنا عدداً من اللاجئين الذي تمّ توقيفهم خلال سلوكهم طرق التهريب بشكل غير شرعي من تركيا إلى أوروبا، كما تمّ أيضاً ترحيل عدد من اللاجئين عبر معابر أخرى غير رسمية مثل معبر خربة الجوز والعلياني وطرق تهريب عزمارين، وبالنسبة للإحصاءات المسجّلة لدينا فقد بلغ عدد السوريين المرّحلين من تركيا في شهر آب/أغسطس الجاري وحده 8900 شخص، وفي شهر تموز/يوليو بلغت 6160 شخصاً، وفي شهر حزيران/يونيو بلغت 4370 شخصاً، وفي شهر نيسان/أبريل الماضي بلغ 2823 شخصاً، وفي آذار/مارس الماضي بلغت 3046 شخصاً، وفي شباط/فبراير الماضي بلغ عددهم 3307، وفي كانون الثاني/يناير الماضي بلغ 4466 شخصاً، أما في شهر أيلول/سبتمبر 2019، فقد بلغ عدد المرّحلين 8653 شخصاً، لكنّ معظم هؤلاء كانوا من السوريين الذين حاولوا العبور إلى تركيا بطريقة غير شرعية نتيجة استمرار العمليات العسكرية في محافظة إدلب، فألقت السلطات التركية القبض عليهم وأعادتهم إلى سوريا من جديد، وفي العام 2018، بلغ مجموع عدد المرّحلين من تركيا 41 ألف شخصاً.”
في حين أنّ مصدر آخر في معبر باب السلامة الحدودي، قال للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، والذي لمس تحفظاً كبيراً منه على ذكر المعلومات، بأنّ عدد السوريين المرّحلين من تركيا إلى الأراضي السورية عبر معبر باب السلامة، كان قد بلغ مجموعهم منذ بداية العام 2019 وحتى أواخر شهر أيلول/سبتمبر 2019، 19658 شخصاً، من بينهم2657 شخصاً في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، و4261 شخصاً في شهر آب/أغسطس الماضي، و2964 شخصاً في شهر تموز/يوليو الماضي، و 1322 في شهر حزيران/يونيو 2019، إضافة إلى 1163 آخرين في شهر أيار/مايو 2019، و1279 في شهر نيسان/أبريل 2019، و1947 في شهر آذار/مارس 2019، وفي شباط/فبراير 2019، بلغ عدد المرّحلين 1824 شخصاً، و2241 آخرين في شهر كانون الثاني/يناير 2019.
وكان وزير الداخلية التركي “سليمان صولو” قد صرّح في 3 حزيران/يونيو 2019، بأنّ عدد اللاجئين السوريين الذين “فضلوا العودة طواعية” إلى منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون (شمالي سوريا)، بلغ نحو 331 ألف لاجئ، وذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع المفوض الأوروبي للهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة “ديميتريس أفراموبولوس”، في مدينة إسطنبول التركية، بحسب موقع ترك برس الموالي للحكومة التركية.[22]
[1] ” حول الادعاءات المتداولة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بخصوص السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا” موقع الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية في 2 آب/أغسطس 2019. آخر زيارة بتاريخ 24 تشرين الأول/أكتوبر 2019. https://www.etilaf.org/press/%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%88%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D8%A8%D8%AE%D8%B5%D9%88%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B6%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%82%D8%AA%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7.html
[2] ” صويلو: من غير الوارد ترحيل السوريين خارج تركيا” وكالة الأناضول في 21 آب/أغسطس 2019. آخر زيارة بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2019. https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%B5%D9%88%D9%8A%D9%84%D9%88-%D9%85%D9%86-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AF-%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/1561582.
[3] يتمّ اعتبار معبري باب الهوى وباب السلامة على أنهما معبران رسميان.
[4] “تركيا: عمليات إعادة غير طوعية بحق آلاف السوريين” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 29 أيلول/سبتمبر 2019. آخر زيارة بتاريخ 4 تشرين الأول/أكتوبر 2019. https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d8%b9%d9%85%d9%84%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%b7%d9%88%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%ad%d9%82-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%8a/.
[5] تمّ التواصل مع الشاهد من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة عبر الانترنت خلال شهر أيلول/سبتمبر 2019.
[6] للمزيد اضغط على الرابط الآتي: https://www.facebook.com/Verify.syr/videos/2497464006979655/?v=2497464006979655
[7] ” قتيلة برصاص الجندرما التركية وترحيل عدد من طالبي اللجوء” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 15 حزيران/يونيو 2019. آخر زيارة بتاريخ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2019. https://stj-sy.org/ar/%d9%82%d8%aa%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d8%a8%d8%b1%d8%b5%d8%a7%d8%b5-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d8%af%d8%b1%d9%85%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%aa%d8%b1%d8%ad%d9%8a%d9%84-%d8%b9/.
[8] “بعد ترحيله من تركيا هيئة تحرير الشام تعتقل الفلسطيني ماهر بشير عبويني في إدلب” مجموعة العمل لأجل فلسطيني سوريا في 27 آب/أغسطس 2019. آخر زيارة بتاريخ 24 أيلول/سبتمبر 2019. https://www.actionpal.org.uk/ar/post/12211/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%84%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85-%D8%AA%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D9%85%D8%A7%D9%87%D8%B1-%D8%A8%D8%B4%D9%8A%D8%B1-%D8%B9%D8%A8%D9%88%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%AF%D9%84%D8%A8.
[9] مديرية الاعلام والعلاقات العامة في ولاية إسطنبول في 22 تموز/يوليو 2019. آخر زيارة بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2019. http://www.istanbul.gov.tr/-
[10] تمّ التواصل مع الشاهد من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة عبر الانترنت خلال شهر أيلول/سبتمبر 2019.
[11] تمّ التواصل مع الشاهد من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة في أواخر شهر أيلول/سبتمبر 2019.
[12] تمّ التواصل مع الشاهد من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة خلال شهر أيلول/سبتمبر 2019.
[13] تمّ التواصل مع الشاهد من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة عبر الانترنت في بدايات شهر أيلول/سبتمبر 2019.
[14] تمّ التواصل مع الشاهد من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة عبر الانترنت خلال شهر أيلول/سبتمبر 2019.
[15] “بيان صحفي حول مكافحة الهجرة غير الشرعية”، مديرية الاعلام والعلاقات العامة في إسطنبول، في 27 آب/أغسطس 2019. آخر زيارة بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2019. http://www.istanbul.gov.tr/duzensiz-goc-kayitsiz-suriyeliler-kayit-disi-istihdam-basin-aciklamasi.
[16] تمّ التواصل مع الشاهد من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة عبر الانترنت في بدايات شهر أيلول/سبتمبر 2019.
[17] “بعد تمزيق أوراقهم الثبوتية: تركيا ترحل ثلاثة فلسطينيين إلى الشمال السوري” مجموعة العمل لأجل فلسطيني سوريا في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2019. آخر زيارة بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019. https://www.actionpal.org.uk/ar/post/12402/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D9%85%D8%B2%D9%8A%D9%82-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A8%D9%88%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D9%84-%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A
[18] “بعد ترحيلها ثلاثة فلسطينيين تركيا ترحّل اثنين آخرين إلى شمال سورية” مجموعة العمل لأجل فلسطيني سوريا في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2019. آخر زيارة بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2019. http://www.actionpal.org.uk/ar/post/12408/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%84%D9%87%D8%A7-%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D8%AD-%D9%84-%D8%A7%D8%AB%D9%86%D9%8A%D9%86-%D8%A2%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9
[19] تمّ التواصل مع الشاهد من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة عبر الانترنت خلال شهر أيلول/سبتمبر 2019.
[20] تمّ التواصل مع الشاهد من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة عبر الانترنت في بدايات شهر أيلول/سبتمبر 2019.
[21] تمّ التواصل مع الشاهد من قبل الباحث الميداني لدى المنظمة عبر الانترنت في بدايات شهر أيلول/سبتمبر 2019.
[22] “تركيا تدعم العودة الطوعية إلى المناطق المحررة في سوريا” موقع ترك برس في 3 حزيران/يونيو 2019. آخر زيارة في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2019. https://www.turkpress.co/node/61733.