مقدمة: على الرّغم من التّعقيد البالغ للصّراع في سوريا في ظلّ امتداده الطّويل وتحوّلاته وتعدّد جوانبه، يكاد يكون ملفّ المعتقلين في سوريا أحد أكثر جوانبه حساسيّةً وتعقيداً، حيث تشتبك عنده مختلف خيوط الصّراع، فهو سبب من الأسباب التي أدّت إليه إذ انطلقت الثّورة السّوريّة عندما قامت أجهزة الأمن باعتقال مجموعة من الأطفال بسبب كتابتهم شعارات مناوئة للنظام على جدران إحدى المدارس في درعا ، وهو كذلك نتيجة من نتائجه إذ ازدادت وتيرة الاعتقالات واتسع نطاق الانتهاكات المروّعة التي يتعرض لها المعتقلون بعد اندلاع الثّورة بصورة غير مسبوقة، وهو كذلك وسيلة لتحقيق العدالة إذ تعتبر الوثائق والشهادات والصور التي تسربت رغم ندرتها نظراً للسّرية التي تكتنف أوضاع المعتقلات والجرائم المرتكبة في حق المعتقلين أحد أهم المعطيات التي ينتظر أن تستخدم في مسار العدالة والمحاسبة. على أية حال، فهو استحقاق كبير وملف شائك، حاولت الكثير من المسارات السياسيّة والحقوقيّة التطرق إليه لإسباغ الشرعية علىى عملهم تارة ولمعالجته وحله تارةً أخرى أو التهرب منه لتعقيده وصعوبة معالجته، وفي جميع الحالات لم تثمر أي من الجهود بتطور يذكر في هذا الملف.
ورغم الاستعصاء الحاصل في المسار السياسيّ لحلّ الصّراع في سوريا، فإنّ العمل على معالجة قضيّة المعتقلين حاجة ملحّة لا تقبل التّأجيل ولا المماطلة. لذا كانت فكرة هذه الوثيقة لتطوير مرجعية لقضيّة المعتقلين في سوريا ومحاولة الإلمام بمختلف جوانبها واستكشاف المقاربات التي يمكن أن تكون فعّالة في التعامل مع هذا الملف.
استغرق العمل على هذه الوثيقة أكثر من خمسة أشهر وهي نتاج جهد مشترك لمنظّمات حقوقيّة مختصّة أرادت من خلال هذه المبادرة أن تسهم في إضاءة الطّريق الطّويل لحلّ قضيّة المعتقلين في سوريا. ويعود هذا الجهد المشترك لفترة أطول من ذلك بكثير إذ اشتركت المنظّمات المشاركة في رسم مواقف وتنسيق سياسات المجتمع المدني المعنيّ بقضيّة المعتقلين عند مختلف المنعطفات، وسيستمر هذا الجهد لتطوير هذه الوثيقة وإصدار طبعات جديدة منها، حيث إنها وثيقة حيّة غير نهائيّة، كما إنّها مشروع مفتوح للحقوقيّين والقانونيّين والناشطين والسياسييّن المعنييّن بملف المعتقلين الذين يرغبون بالانضمام لهذا المشروع وتبني مضمون هذه الوثيقة أو تقديم الملاحظات لإثرائها أو حتى الإسهام في تطوير الطبعات اللاحقة، إذ تركّز هذه الطّبعة على مسؤولية الدّولة بخصوص ملف المعتقلين والانتهاكات الواقعة بحقّهم، دون إنكار الانتهاكات المرتكبة من الأطراف الأخرى في سياق النّزاع، الأمر الذي سيتم التطرق إليه بشكل مفصّل في الطّبعات القادمة.
وهذه الوثيقة مشروع وطنيّ مشترك لا تعود ملكيّته ولا حق الانتفاع به لأي جهة بعينها بل عمل مشترك جلّ قصده أن يخدم قضيّة المعتقلين والمطالبة بحقهم الأصيل في الحرية وحمايتهم من الانتهاكات المروعة المرتكبة ضدهم ناهيك عن التأسيس لمحاسبة المجرمين وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب.
الغرض من هذه الوثيقة: تهدف هذه الوثيقة إلى توفير مرجعيّة للسياسييّن والحقوقييّن، السورييّن وغير السورييّن على السواء، المعنيّين بالعمل على ملف المعتقلين في سوريا في سياق المسارات السياسيّة والقانونية الدّولية على اختلافها. وقد جاءت استجابةً لحاجة ملحّة لرؤية مستنيرة مبنية على المعرفة الفنية القانونية من جهة والتّجربة والخبرة العمليّة الميدانيّة من جهة أخرى وذلك في ظل طرح مسألة المعتقلين في مختلف المحافل والمسارات السياسيّة. والمأمول من هذه الوثيقة أن تقدّم العون لكل من يعمل على هذا الملف بما يضمن طرحه ضمن معايير ومحدّدات موحّدة بصرف النّظر عن الجهات والمسارات والمحافل التي يطرح لديها.
هذه الوثيقة:
- تعطي لمحةً عامةً عن قضيّة المعتقلين بمختلف جوانبها
- تشير إلى القرارات والقوانين الدّولية ذات الصّلة
- تراجع مسار ملفّ المعتقلين بالتّوازي مع المسارات السّياسيّة حتى الآن
- تجمل العقبات والتحديات
- تقترح الاستراتيجيات ومناهج العمل المناسبة
- تدرس وضع المعتقلين في اتفاق السلام المنشود
- وثيقة حيّة تخضع للمراجعة والتّطوير باستمرار
هذه الوثيقة ليست:
- مرجعاً قانونياً تفصيلياً
- استراتيجيةً نهائيةً غير قابلة للتعديل
- بديلاً عن التنسيق والعمل المستمر بين كافة الجهات المعنيّة بالتّوازي مع المسارات السياسيّة
لقراءة وتحميل الوثيقة بشكل كامل وبصيغة ملف PDF يرجى الضغط هنا. (علماً أنّ هذه الوثيقة هي جزء من مشروع شامل ومشترك ومستمر فيما يخصّ قضية المعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا).