مقدمة: بتاريخ 20 شباط/فبراير 2018، نزح "عبد الله موفق" مع زوجته وطفله من بلدة أوتايا[1]، وذلك عقب الحملة العسكرية الأخيرة التي شنتها القوات النظامية السورية على عموم مدن وبلدات الغوطة الشرقية بتاريخ 18 شباط/فبراير 2018، ليبدؤوا بعدها رحلة نزوح متواصلة وقاسية كانوا شاهدين خلالها على أحداث مرّوعة، وفي هذا الخصوص استرجع ل"سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" ما جرى قائلاً:
"بتاريخ 18 شباط/فبراير 2018، بدأت عمليات القصف الوحشية على بلدة أوتايا، من خلال راجمات الصواريخ التي استهدفت منتصف البلدة وتحديداً عند جامع "الحسن"، وكان قد سبقها بعدة أيام تعرّض البلدة إلى قصف جوي عنيف بواسطة الصواريخ المتفجرة، وهو ما أدى إلى دمار نصف البلدة بشكل شبه كامل، إلا أنّ ما شهدناه في يوم 18 شباط/فبراير 2018، كان هو الأعنف، إذ تمّ قصف البلدة طوال ذلك اليوم، ولم يكن لدينا أي ملاجئ أو أقبية نحتمي بها، بما أنّ بلدة أوتايا تعد منطقة للأبنية العشوائية، وقد سقط خلال هذه الفترة (20) قتيلاً في بلدة أوتايا، وذلك جرّاء إلقاء البراميل المتفجرة على الأبنية السكنية، ومن إحدى المشاهد التي استقرت في ذاكرتي، عندما تمّ استهداف سيارة إسعاف كان تقوم بإسعاف عائلة من آل شاكر بواسطة صاروخ، وهو ما أوقع أفراد هذه العائلة ما بين قتيل وجريح، وكان معظمهم من النساء والأطفال، وعلى إثر هذه المجزرة المرّوعة، شعرنا بالخوف الشديد وقررنا النزوح من البلدة والاتجاه إلى منطقة الأشعري بتاريخ 20 شباط/فبراير 2018."
وتابع عبد الله بأنّ معظم عائلات بلدة أوتايا والتي يقدر عددها (1850) عائلة، كانت قد نزحت من البلدة في أيام 18 و19 و20 شباط/فبراير 2018، باتجاه مدينتي دوما ومسرابا، مشيراً إلى أنّ البلدة أمست خالية من سكانها تماماً عقب هذه الأيام، ولم يبقَ فيها إلا عناصر من فصائل المعارضة السورية المسلحة، وتابع قائلاً:
"نزحت معظم العائلات من بلدة أوتايا دون أن تتمكن من أخذ أي شيء، حتى أنهم نزحوا مشياً على الأقدام، وكنا من ضمن هذه العائلات، وعقب عشرة أيام على نزوحنا إلى منطقة الأشعري، بدأت رحلة النزوح مرة أخرى وهذه المرة بسبب القصف الكثيف الذي كانت تتعرض له بالمنطقة بالقنابل العنقودية، إذ أنني ما زلت أذكر كيف سقط صاروخان محملان بالذخائر العنقودية بجانب المنزل الذي كنت أقطن فيه، وهو ما أدى إلى دمار المنزل بشكل كبير، وحملنا على النزوح مجدداً إلى بلدة مسرابا برفقة عدة عائلات وتحديداً بتاريخ 2 آذار/مارس 2018، ولمّا وصلنا إلى مسرابا بعدة أيام، بدأ القصف الهستيري على البلدة، وكان من سلسلة الاستهدافات التي تعرضت لها، القصف الذي استهدف أحد الأقبية التي تضم (60) عائلة تقريباً، وهو ما تسبّب في وقوع العديد من الإصابات والقتلى بين صفوفهم، وعلى إثر ذلك لم يبقَ لنا سوى مدينة دوما حتى نتجه إليها، حيث احتمينا هنالك داخل أحد الأقبية المكتظة بالعائلات، ولم نكن نملك أي شيء، كما كان قد مرّ علينا يومان تقريباً دون طعام، رغم أنّ طفلي مصاب بسوء التغذية، ولا يتواجد حالياً أي حليب او طعام قد يقيه من الجوع، ناهيك عن الأوضاع الصحية السيئة التي نعاني منها نتيجة المكوث داخل أقبية لا ترى ضوء الشمس."
[1] تمكنت القوات النظامية السورية من السيطرة على بلدة أوتايا بتاريخ 5 آذار/مارس 2018، وذلك بعدما كانت خاضعة لسيطرة جيش الإسلام.