ملّخص:
تعرضت مناطق المالكية/ديريك وتل أبيض وعين العرب/كوباني[1] الحدودية في شمال شرقي سوريا، إلى اعتداءات من جانب حرس الحدود التركي/الجندرما، وذلك خلال الفترة الممتدة اعتباراً من تاريخ 28 تشرين الأول/اكتوبر 2018، وحتى تاريخ 30 حزيران/يونيو 2019، ما تسبّب في سقوط عدد من الضحايا المدنيين، وذلك بحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
ففي تاريخ 30 حزيران/يونيو 2019 أُصيب المزارعان “نبيل العمري” و “فؤاد حنو” نتيجة اطلاق قوات الجيش التركي المتمركزة على الحدود الرصاص عليهما، وذلك اثناء حصادهما محصول القمح في أرضهما الزراعية في قرية “باترزان” القريبة من الحدود السورية-التركية، في ريف بلدة الجوادية/جل آغا، التابعة لمدينة المالكية/ديريك.
وقبلها، وتحديداً بتاريخ 12 أيار/مايو 2019 أصيب الشاب “خليل صالح” (23 عاماً) بجروح نتيجة اطلاق قوات الجيش التركي النار عليه، أثناء سقايته أرضه الزراعية في قرية “كري صور” الحدودية في ريف مدينة تل أبيض/كري سبي.
أما أواخر العام الماضي، وتحديداً بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أي اليوم المصادف لذكرى “اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين”، كان مراسلا وكالة أنباء “هاوار” المقرّبة من الإدارة الذاتية “كلستان محمد علي” و “إبراهيم أحمد مرتو”، قد أُصيبا نتيجة إطلاق قوات الجيش التركي الرصاص عليهما، أثناء أداءهما عملهما الصحفي في “حي المنبطح” والواقع في الطرف الغربي من مدينة تل أبيض/كري سبي.
وقبلها بيوم واحد، وتحديداً بتاريخ 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، كانت الطفلة “سارة رفعت مصطفى” والبالغة من العمر (6 أعوام)، قد قُتلت نتيجة إصابتها برصاصة في رأسها، كانت قد أطلقتها قوات الجيش التركي المتمركزة على الحدود، مقابل قرية “تل فندر” غربي مدينة تل أبيض/كري سبي، وقد جاء ذلك بالتزامن مع حلول “اليوم العالمي للتضامن مع عين العرب/كوباني”، والمصادف في اليوم ذاته.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ استهداف القوات التركية لمنطقتي تل أبيض، وعين العرب/كوباني والقرى التابعة لهما، أسفر عن وقوع إصابات عديدة بين المدنيين، عوضاً عن إلحاق الضرر بالعديد من المنازل والمنشآت الخاصة والعامة، على طول الخط الحدودي الممتد بين هذه المناطق. موضحاً أنّ القصف التركي على هذه المناطق توقف بعد تسيير التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية دوريات تابعة لها، بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، لمراقبة الحدود الفاصلة بين شمال سوريا وتركيا، وبالتحديد الشريط الحدودي الممتد بين مدينتي عين العرب/كوباني، وتل أبيض/كري سبي في الجانب السوري من الحدود، وذلك بهدف تخفيف حدة التوتر. وعلى الرغم من انشاء عدة نقاط مراقبة أمريكية على امتداد الشريط الحدودي بين شمال شرقي سوريا وتركيا، إلا أن اطلاق الرصاص من جانب قوات الجيش التركي على هذه المناطق لم يتوقف، بل استمر بشكل منقطع حتى لحظة اعداد هذا التقرير بتاريخ 19 تموز/يوليو 2019.
-
ثلاث جرحى نتيجة اطلاق الجيش التركي الرصاص على مدنيين كانوا يمارسون حياتهم الاعتيادية في النصف الأول من عام 2019:
أُصيب المزارعان “نبيل بدران العمري” (28 عاماً) و “فؤاد يوسف حنو” (38 عاماً)، بتاريخ 30 حزيران/يونيو 2019، نتيجة اطلاق قوات الجيش التركي المتمركزة على الحدود الرصاص عليهما، وذلك اثناء اشرافهما على حصاد محصول القمح في أرضهما الزراعية في قرية “باترزان” القريبة من الحدود السورية-التركية بريف بلدة الجوادية/جل آغا، التابعة لمدينة المالكية/ديريك. وأُسعف المصابان من قبل الأهالي إلى المشفى العام في مدينة المالكية/ديريك، إذ كان المزارع “نبيل العمري” قد أصيب بطلق ناري في الطرف الأيسر من الظهر بالقرب من العمود الفقري، ما استدعى اجراء عملية جراحية له، أما المزارع “فؤاد حنو” فقد كان قد أُصيب بطلقة في الكتف، وقد أُجريت له الاسعافات الأولية، بحسب الكادر الطبي في المشفى.
حول الحادثة، قال المزارع “فؤاد حنو” في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بتاريخ 19 تموز/يوليو 2019، إن هذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها قوات الجيش التركي الرصاص على المزارعين والفلاحين، الذين يعملون في الحقول الزراعية القريبة من الحدود السورية-التركية في قرية “باترزان”، فقد سبق أن حصل ذلك مرات عديدة اعتباراً من عام 2015 وحتى تاريخ الحادثة، وتابع في هذا الصدد قائلاً:
“في عصر ذاك اليوم، أي 30 حزيران/يونيو 2019 كنت برفقة صديقي “نبيل العمري” في أرضنا الزراعية، إذ كنا نشرف سويةً على عملية حصاد محصول القمح، لكن فجأة شعرت بشيىء حاد غُرز في كتفي، وسرعان ما ادركت بأنها رصاصة، تزامناً مع سماعي صوت اطلاق الرصاص من قبل قوات الجيش التركي المتمركزة على الحدود بالقرب من أرضنا الزراعية، فوقعت على الأرض خوفاً، وأُصيب صديقي “نبيل” أيضاً في ظهره، ثم توقف اطلاق النار من جانب الجيش التركي، بعد أن اطلقت قواته عدة رصاصات بإتجاهنا، فقام العمال بسحبنا من بين الحقل، ونقلنا إلى المشفى العام في مدينة المالكية/ديريك”. وبحسب الشاهد فأنه قد بقي في المشفى عدة ساعات فقط، إذ كانت اصابته طفيفة، بينما بقي صديقه “نبيل العمري” تحت رقابة الأطباء نحو أسبوع، نظراً لخطورة اصابته.”
وقبلها، وتحديداً بتاريخ 12 أيار/مايو 2019 أصيب الشاب “خليل الصالح” (23 عاماً) بجروح نتيجة اطلاق قوات الجيش التركي النار عليه، أثناء توجهه من مدينة تل أبيض/كري سبي إلى قريته “كري سور” الواقعة في الريف الغربي للمدينة، والقريبة من الحدود السورية-التركية.
ونُقل المصاب إلى مشفى مدينة تل أبيض/كري سبي لتلقي العلاج، إذ كان قد أصيب بطلق ناري في منطقة البطن من جسمه، وقد تمكن الأطباء من استخراج الرصاصة من بطنه خلال عملية جراحية تم اجرائها له، وبقي بعدها تحت رقابة الأطباء المختصين في المشفى حتى استقرت حالته الصحية، بحسب مصدر طبي في مشفى تل أبيض/كري سبي.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد كانت قوات الجيش التركي قد أطلقت بتاريخ 5 أيار/مايو 2019 الرصاص على منازل المدنيين في قرية “سوسك” غربي مدينة تل أبيض/كري سبي، مما تسبب بأضرار مادية لممتلكات المدنيين، الذين قالوا لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة إنه على الرغم من وجود نقطة مراقبة أمريكية بالقرب من القرية، منذ أواخر عام 2018، إلا أنّ الجيش التركي يمنع سكان القرية من العمل في أراضيهم الزراعية بشكل غير مباشر، والتي تعتبر مصدراً رئيسياً لدخلهم، وذلك عبر استهدافهم واستهداف آلياتهم بالرصاص بشكل متقطع.
-
ضحايا صحفيون في “اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين”:
بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وتزامناً مع حلول اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، أصيب كل من مراسلا وكالة أنباء “هاوار” المقرّبة من الإدارة الذاتية “كلستان محمد علي وإبراهيم أحمد مرتو”، نتيجة إطلاق قوات الجيش التركي الرصاص عليهما أثناء قيامهما بعملهما الصحفي في “حي المنبطح” الواقع في الطرف الغربي من مدينة تل أبيض/كري سبي، بالإضافة إلى إصابة مقاتل من قوات “الدفاع الذاتي” التابعة للإدارة الذاتية. وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ المصابين تمّ نقلهما إلى مشفى مدينة تل أبيض/كري سبي، حيث تلّقى مراسل وكالة أنباء هاوار “إبراهيم مرتو”، والذي كان أصيب في يده، العلاج في المشفى واستقرت حالته الصحية، بينما نُقلت مراسلة الوكالة “كلستان علي” والتي أصيبت برصاصة قناص في وجهها، إلى مشفى مدينة منبج التخصصي، وذلك نظراً لخطورة وضعها الصحي، حيث خضعت لعملية جراحية وأدخلت بعدها إلى غرفة العناية المشددة لتبقى تحت مراقبة الأطباء.
وفي هذا الخصوص تحدّث مراسل وكالة أنباء هاوار “إبراهيم أحمد مرتو” لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حيث قال بأنه كان قد أصيب عندما كان في مهمة صحفية مع زميلته “كلستان علي” في الأحياء السكنية القريبة من الحدود السورية – التركية في مدينة تل أبيض/كري سبي، وتابع قائلاً:
“في حوالي الساعة (10:30) من صباح يوم الجمعة، الموافق 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ذهبت برفقة زميلتي “كلستان” إلى “حي المنبطح” في مدينة تل أبيض/كري سبي، لمتابعة وتغطية الأحداث التي شهدها الحي في الليلة السابقة، لكن سرعان ما تم استهدافنا من قبل الجيش التركي برصاص القناصة، وقامت قوات سوريا الديمقراطية بإسعافنا إلى المشفى.”
-
هجمات الجيش التركي توقع ضحايا مدنيين بينهم طفلة:
بتاريخ 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، والمصادف لذكرى “اليوم الدولي للتضامن مع مدينة عين العرب/كوباني”، قُتلت الطفلة “سارة رفعت مصطفى”، البالغة من العمر (6 أعوام)، نتيجة إصابتها برصاصة، كانت قد أطلقتها قوات الجيش التركي المتمركزة على الحدود مقابل قرية “تل فندر” غربي مدينة تل أبيض/كري سبي، وهو ما أكده والد الطفلة الضحية “سارة رفعت مصطفى”، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إذ قال بأنّ ابنته فارقت الحياة على الفور، لأنّ الرصاصة أصابت رأسها، على الرغم من محاولة إنقاذها من قبل الأطباء في مشفى مدينة تل أبيض/كري سبي، وتابع لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلًا:
“بحدود الساعة (2:30) عصراً من يوم الخميس الموافق 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، كانت ابنتي “سارة” تقوم برعاية الأغنام على أطراف قرية “تل فندر” برفقة أخاها الذي يكبرها بعدة سنوات، ولدى سماعي أصوات الرصاص أصابني الذعر، واتجهت إلى مكان تواجدهم، ولكن قبل وصولي إلى هناك تلقيت اتصالاً من أحد أقربائي، والذي طلب مني التوجه إلى مشفى تل أبيض/كري سبي، وهناك علمت من أخاها والأطباء أنّ “سارة” أصيبت برصاصة قناص في رأسها من الجانب التركي، والتي أدت إلى مقتلها على الفور، نتيجة تأثرها بجروحها البليغة، على الرغم من محاولة الكادر الطبي في المشفى إنقاذها، ولكن دون جدوى، فقد خسرت ابنتي”.
قبلها بيوم واحد، وتحديداً بتاريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 2018، قصف الجيش التركي بالدبابات والمدافع الثقيلة قرى “سيلم وآشمة وكور علي” غربي مدينة عين العرب/كوباني. كما تعرّضت في ذات اليوم، مدينة تل أبيض/كري سبي، وقرى “سليب قران وتل فندر وسوسك واليابسة” في ريفها، للقصف من قبل الجيش التركي، بشكل عشوائي بواسطة الأسلحة المتوسطة والثقيلة. وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ القصف التركي على قريتي “آشمة وكور علي” غربي مدينة عين العرب/كوباني، أسفر عن إصابة مدنيين اثنين بجروح، حيث تمّ نقلهما إلى مشفى المدينة لتلقي العلاج، فيما لم تسجّل أي إصابات بشرية نتيجة القصف التركي الذي طال قرى الريف الغربي لمدينة تل أبيض/كري سبي.
“أحمد خشو” (67 عاماً) من قرية كور علي، كان قد تعرّض للإصابة في يده إثر القصف الذي تعرّضت له قرى الريف الغربي لمدينة عين العرب/كوباني، وذلك بتاريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 2018، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:
“بحدود الساعة (10:30) صباحاً، من يوم الأربعاء الموافق 31 تشرين الأول/أكتوبر 2018، وبينما كنا نعمل في حراثة أرضنا الزراعية بالقرب من قرية “كور علي”، سقطت حولنا قذائف أطلقها الجيش التركي، فحاولنا اللجوء إلى جدار للاحتماء به، ولكن إحدى القذائف أصابت الجدار، وأدت إلى سقوط جزء منه فوقي، الأمر الذي أدى إلى إصابتي في يدي. لذا نزحنا من القرية بسبب تعرّضها للقصف، وعدنا بعد أن هدأت الأوضاع”.
وكانت قرى “زور مغار وكور علي، وخربة عطو وآشمة وجارقلي” المحاذية للحدود السورية-التركية، والواقعة غربي مدينة عين العرب/كوباني، قد تعرّضت بتاريخ 28 تشرين الأول/أكتوبر 2018 إلى قصف بالدبابات والمدفعية من قبل الجيش التركي. وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ القصف استمرّ بشكل متقطع حتى فجر اليوم التالي، دون أن يسفر عن أي إصابات بشرية، إذ اقتصرت الأضرار على المادية فقط.
وفي اليوم التالي، أي يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر 2018، كان الجيش التركي قد صعّد من هجماته على ريف مدينة عين العرب/كوباني، إذ قصفت الدبابات والمدفعية التركية قرى “كور علي وسيلم” غربي المدينة، ما أدى إلى تدمير خمسة منازل عائدة للمدنيين، وإصابة عدد منهم بجروح خفيفة، وقد تمّ نقلهم إلى مشافي مدينة عين العرب/كوباني للمعالجة. حيث قال “محمود عارف” من أهالي قرية “كور علي” في ريف مدينة عين العرب/كوباني لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إنّ القصف التركي على القرية دفع سكانها إلى ترك منازلهم والنزوح إلى قرى مجاورة، ريثما تهدأ الأوضاع.
—–
[1] تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية-قسد.