مقدمة:
منذ أن استعادت القوات الحكومية السورية سيطرتها على الجنوب السوري (محافظة درعا والقنيطرة) بتاريخ 1 آب/أغسطس 2018،[1] بدأ “الهلال الأحمر العربي السوري” بتنظيم قوافل إغاثية إلى مختلف هذه المناطق، وقام بتوزيع سلل غذائية للسكان، بدعم من برنامج الأغذية العالمي (WFP)، لكن سرعان ما فوجئ مدنيون -وخاصةً في شهري شباط/فبراير وكانون الثاني/يناير 2019 (وحتى لحظة إعداد هذا التقرير)- بحرمانهم من الاستفادة من هذه السلل لأسباب شتّى، بحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حيث أفاد بعضهم بأنه تمّ حرمانهم، نتيجة وجود “تقارير أمنية” بحق الشخص المستفيد من هذه السلل، إذ طلب منهم موظفو الهلال الأحمر العربي السوري مراجعة شعبة الأمن في مناطقهم، ورغم قيامهم بذلك، إلا أنهم لم يحصلوا على تلك المساعدات حتى تاريخ إعداد هذا التقرير في 4 تمّوز/يوليو 2019.
فيما تمّ حرمان البعض الآخر، نظراً لارتباطهم بالمعارضة السورية المسلّحة في وقت سابق، حيث روى العديد منهم في شهاداتهم لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ المندوب المحلي في حيّهم (وهو عنصر يتبع للأجهزة الأمنية السورية من أبناء المنطقة) رفض إدراج أسمائهم، ورفعها لموظفي الهلال الأحمر العربي السوري ليكون من بين المستحقين.
من جانب آخر، فقد برّر أحد موظفي الهلال العربي السوري لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، طلب المنظمة من بعض المستفيدين مراجعة شعبة الأمن، بأنه إجراء روتيني، ما يعني أنّ على الشخص المطلوب أمنياً مراجعة شعبة الأمن، لإجراء بعض التحقيقات الروتينية ومن ثمّ يعود ويحقّ له استلام سلته في المرة القادمة، إلا أنّ إفادات العديد من المدنيين التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في محافظتي درعا والقنيطرة، قالت عكس ذلك، فقد راجع العديد منهم الجهات الأمنية بناءً على طلب موظفي الهلال الأحمر العربي السوري، إلا أنهم ورغم ذلك لم يحصلوا على حصصهم من تلك المساعدات.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ حرمان المدنيين من المساعدات الأممية في الجنوب السوري، رغم إجرائهم تسوية[2] مع الحكومة السورية وبضمانة الجانب الروسي، مازال مستمراً حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، مع الإشارة إلى أنّ هذه المساعدات لم تعد تدخل بكثرة إلى مناطق الجنوب السوري، بل إنها أخذت بالانخفاض منذ بداية شهر آذار/مارس 2019.
ويرى الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في محافظة درعا، بأنّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية و أسعار المحروقات، وانعدام فرص العمل، والدمار الذي طال البنية التحتية في الجنوب السوري خلال سنوات سيطرة المعارضة المسلّحة، كل ذلك جعل تغطية الهلال الاحمر السوري في تقديمه الإغاثة للسكان في الجنوب ضعيفة جداً، مقارنة لما كان عليه عمل المنظمات الإغاثية خلال فترة سيطرة المعارضة المسلّحة، والتي كانت تتمكن من إدخال السلل الإغاثية عبر الحدود الأردنية، ومن خلال برنامجي الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة WFP، وبرامج وكالة التنمية الأمريكية USAID، مشيراً إلى أنّ ذلك لا يعني أنّ مبادئ العمل الانساني التي طرحها برنامج الأغذية العالمية كانت تتم بحذافيرها قبيل توقيع اتفاق التسوية.
1. مؤسسات المجتمع المدني في الجنوب السوري قبيل سيطرة الحكومة السورية:
وقد رصدت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة عمل قرابة 100 مؤسسة مجتمع مدني، تنوعت مهامها ومارست نشاطها في الجنوب منذ نهاية العام 2012 وحتى منتصف العام 2018، وقد تبنت هذه المؤسسات برامج مختلفة في دعم الاحتياجات الإنسانية للمنكوبين في الجنوب السوري، وخارجه أحياناً، لتتلاشى جميعها لاحقاً إما بخروجها من المنطقة أو بحلّ نفسها بُعيد عودة الحكومة السورية.
خلال هذه الفترة، كان الهلال الأحمر العربي السوري يمارس أعماله بشكل ضعيف جداً في الجنوب السوري، إذ كان نشاطه يتم بشكل سري، وذلك بسبب المعارضة الكبيرة التي كان يلقاها من فصائل المعارضة المسلّحة باختلاف توجهاتها، إضافة إلى معارضة السكان والمجالس المحلية الكبيرة لعمله، لكن بعيد سيطرة القوات الحكومية السورية على الجنوب السوري، تمكن الهلال الأحمر العربي السوري من الحلول محل جميع تلك المنظمات والمؤسسات، ليبدأ عمله بتشكيل فرق من الموظفين في شهر أيلول/سبتمبر 2018، أي بعد شهر من توقيع اتفاق التسوية في الجنوب السوري. وأصبح الهلال الأحمر العربي السوري يقدم السلل التي يمنحها له برنامج الأغذية الغذائية العالمي المقدّم من الأمم المتحدة، ويعتمد موظفوه في معايير التوزيع بالدرجة الأولى على امتلاك المستحق دفتر عائلة حصراً ليتمكن المستفيد من استلام سلته، وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فليس هنالك وقت محدد يقوم من خلاله الهلال الأحمر العربي السوري بتوزيع السلل الغذائية على الجنوب السوري، مشيراً إلى أنّ السلة الواحدة تتضمن مواداً غذائية مثل (أرز وطحين وعدس ورب البندورة والزيت) وبعض المواد صحية، ويتراوح وزنها ما بين إلى 35-45 كغ.
2. اتفاق التسوية في الجنوب السوري هو حصانة لجميع من قبل بشروطها:
بحسب أحد الناشطين الإعلاميين والذي كان مطلّعاً على بنود اتفاق التسوية في الجنوب السوري، فقد اعُتبر هذا الاتفاق الموقع بين فصائل المعارضة المسلّحة السورية من جهة والقوات الحكومية السورية من جهة أخرى في شهر حزيران/يونيو 2018، حقاً مشروعاً لكل مواطن سوري سواء كان عسكرياً منشقاً ومدنياً مسلحاً أو ناشطاً مدنياً، وموظفون حكوميون، إضافة إلى اللاجئين، والمغتربين، وأعضاء النقابات المهنية، والعاملين في المنظمات والهيئات الإنسانية والإغاثية، والعاملين في الدفاع المدني، والموقوفين بسبب الأحداث، وأبناء المخيمات الفلسطينية، والإعلاميين، والمتخلّفين عن الخدمة الإلزامية، والمتخلفين عن الخدمة الاحتياطية، إضافة إلى الطلاب المنقطعين عن الدراسة.
كما ذكر الناشط بأنّ اتفاق التسوية قضى بحصانة جميع الفئات المذكورة من إقامة دعاوى الحق العام ودعاوى الحق الشخصي، من قبل أي فرد كان ومن أي جهة قضائية أو إدارية أو عسكرية أو مدنية خلال فترة الأحداث، وأن تمنح هذه التسوية جميع الفئات المذكورة حق المواطنة الكاملة وتخولّهم الحصول على الوثائق الشخصية، بما فيها وثائق السفر ويكون من مقتضاها تجديد هذه الوثائق واستخراج بدل الضائع أو التالف أو المفقود وكل ما يسهل حياة المواطن بشكل طبيعي وقانوني، وتابع قائلاً:
“بخصوص الناشطين المدنيين، فلدى قبول تسوية أوضاعهم تُلغى كافة المطالبات والبلاغات ودعاوى الحق العام والحق الشخصي والأحكام الصادرة بحقهم، وتمنع أو تُوقف أية ملاحقات بحقهم. والإعلاميون تتم تسوية أوضاعهم جميعاً، وتلغى كافة المطالبات والبلاغات بحقهم. وللموظفين الحكوميين المنقطعين عن وظائفهم الحق في العودة إلى الوظيفة، مع الاحتفاظ بحق المطالبة بجميع رواتبه وتعويضاته بأثر رجعي وكذلك بحقوقه التقاعدية، وكذلك يمكن للاجئين من أبناء الجنوب تسوية أوضاعهم ومنع الملاحقة القضائية بسبب مغادرة القطر بصورة غير مشروعة، مع احتفاظهم بحق العودة الطوعية في حين يمكن للمغتربين تسوية أوضاعهم في السفارات السورية بالخارج ويحتفظ بحق العودة الطوعية دون ملاحقة. أما أعضاء النقابات المهنية فلأعضائها أيضاً حق الاحتفاظ بعضوية النقابة بأثر رجعي ومن تاريخ سابق، على أن تُلغى كل قرارات الفصل والطرد خلال فترة الأحداث، ويعفى الداخلون في التسوية من الرسوم والغرامات، ومن كان من العاملين في المنظمات والهيئات الإغاثية والطبية الإنسانية خلال السنوات الماضية، يتم التأكيد على عدم ملاحقته واحتفاظه بكافة حقوقه المتعلقة بمهنته وقبول جميع وثائق الخبرة التي حصل عليها خلال هذه الفترة بعد إجراء سبر المعلومات.”
3. موظفون سابقون في مؤسسات المعارضة السورية يُحرمون من الإغاثة:
“محمد.م” (29 عاماً) من سكان مدينة نوى في محافظة درعا، مدرّس سابق انقطع عن التدريس بعد سيطرة المعارضة المسلّحة على مدينته في العام 2014، وكان قد وقّع على اتفاق التسوية ويحمل بطاقة بهذا الشأن، وتمّ حرمانه من الاستفادة من السلل الغذائية التي يقدمها الهلال الأحمر العربي السوري-فرع درعا، حيث روى في شهادته لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
“في شهر شباط/فبراير 2019، ذهبت لاستلام السلة كما فعل جميع سكان المدينة، وحين وصل دوري قدمت دفتر العائلة، وبعد مراجعة اسمي من قبل الموظفة أخبرتني بضرورة مراجعة الأمن السياسي، وحين سألتها سبب ذلك، قالت إنه إجراء روتيني وذلك لطرح بعض الأسئلة المتعلقة بتقرير أمني لازال عالقاً بحقي، وأضافت أنني لن أتمكن من الاستفادة من الاغاثة المقدمة من المنظمة قبل مراجعة الفرع، وبالفعل قمت بمراجعة الفرع وعدت إلى موظفي الهلال الأحمر السوري، ولكنني لم أحصل على حصتي من المعونات، ومازلت بانتظار الحصول عليها حتى اليوم، كلّ من عليه تقرير أمني لن يستفيد من الخدمات التي يقدمها الهلال الأحمر العربي السوري، فالتسوية تحمي صاحبها فعلاً من الاعتقال، لكنها لا تحميه من المساءلة والتوقيف المؤقت”.
“عامر.ف” (31 عاماً)، شاهد آخر من سكان بلدة تل شهاب في محافظة درعا، عمل خلال سنوات سيطرة المعارضة المسلّحة في المجال الطبي إلى جانب إحدى المنظمات الطبية، وكان قد أجرى اتفاق التسوية هو الآخر، وتمّ حرمانه من الاستفادة من الخدمات التي يقدمها الهلال الأحمر العربي السوري، حيث قال في هذا الصدد:
“ذهبت كغيري لاستلام السلة الغذائية في شهر شباط/فبراير 2019، لكن موظفي الهلال الأحمر العربي السوري أخبروني بضرورة مراجعة فرع الخطيب في مدينة دمشق حتى أتمكن من استلام السلة، لست الوحيد الذي تمّ حرمانه، فأغلب ممن عملوا في مجال العمل الإنساني قبيل اتفاق التسوية، هم معرّضون للمساءلة ومراجعة الجهات الأمنية المعنية، وبناءً على طلب من موظف الهلال الأحمر قمت بمراجعة فرع الخطيب بدمشق، وهناك تمّ استجوابي حول عملي السابق في إحدى المنظمات الطبية قبيل توقيع اتفاق التسوية، وطلبوا مني ضرورة مراجعتهم مرة أخرى، وبالفعل قمت بمراجعتهم بعد ذلك مرتين، ووعدني موظفو الهلال الأحمر العربي السوري، باستلام السلة الغذائية، لكني ما زالت أنتظر إلى الآن، لا أريد تلك الإغاثة إن كان ذلك سيؤدي لاعتقالي، فأنا لدي عائلة وأولاد.”
4. “تقرير كيدي حرمني الاستفادة من الإغاثة”:
“ن.س” من مواليد 1976 من سكان ريف القنيطرة الشمالي، يعمل في الزراعة وتربية الأغنام، وكان هو الآخر قد تمّ حرمانه من سلل المعونات التي قدمها الهلال الأحمر العربي السوري وذلك خلال شهر كانون الثاني/يناير 2019، حيث قال في شهادته لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة:
“لدى محاولتي الحصول على حصتي من المعونات، طلب مني موظفو الهلال الأحمر مراجعة الأمن، وقد علمت من قريبي وهو موظف في الهلال الأحمر السوري- فرع القنيطرة، أنّ إسمي مدرج ضمن “القائمة الأمنية”، وحين سألته عن هذه القائمة قال بأنها قائمة للأشخاص الذين يوجد بحقّهم تقرير أمني، سواء من قبل مدنيين أو من خلال نشاطات وأعمال مارسها هؤلاء خلال سنوات سيطرة المعارضة، وحين ذهبت لمراجعة الفرع، تبيّن أن أحدهم قام برفع تقرير أمني بحقي، فقلت لهم أنّ ما جاء في التقرير هو كلام كيدي، فأنا لم أحمل السلاح يوماً ولم أنخرط مع أي فصيل مسلّح أو غير مسلّح معارض، لقد أمضيت أيامي السابقة أزرع و أرعى الغنم، وجميع سكان البلدة يعلمون ذلك. لقد مضى على استدعائي عدة أشهر، ورغم ذلك لم أحصل على حصتي من الاغاثة حتى اليوم.”
5. “حرمني المندوب المحلي من سلة المعونات لأنّ زوجي كان ينتمي لفصيل مسلّح معارض”:
“ل.م”(47 عاماً) شاهدة أخرى من سكان مدينة جاسم في محافظة درعا، قالت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّ زوجها كان منخرطاً في العمل المسلّح إلى جانب فصائل “الجبهة الجنوبية”، وقُتل في العام 2017، جرّاء قنبلة زرعت على جانب الطريق الواصل بين مدينة نوى وبلدة الشيخ سعد، حيث كيلت الاتهامات لخلايا نائمة تتبع لجيش خالد بن الوليد التابع لتنظيم “داعش” في ريف درعا الغربي، حيث تابعت قائلة:
“في شهر شباط/فبراير 2019، رفض المندوب المحلي في حيّنا تسجيل اسمي للاستفادة من سلة المعونات التي سيقوم الهلال الأحمر العربي السوري بتوزيعها، وحين سألته سبب الرفض وأنا أم معيلة لأربعة أولاد، قال لي بالحرف الواحد “كل شخص حمل السلاح بوجه الدولة لن يستفيد من السلة”، أنا أعرف هذا الرجل فقد خسر ابنه على يد فصائل المعارضة المسلّحة بعد أن كان يخدم في الجيش السوري، لهذا كان يمارس حقده على سكان بلدتنا باستمرار، وبالفعل لقد قام بحرماني من السلة وكذلك حرمان كثر انخرطوا مع المعارضة بشكل مباشر أو غير مباشر، ما ذنبي وذنب أبنائي إن كان زوجي قد أخطأ بحق الدولة، كما أنني أجريت اتفاق تسوية لي ولأطفالي لأجعلهم بعيدين عن المشاكل، ومازلت أنتظر حتى الآن على أمل الاستفادة من تلك المعونات والحصول عليها.”
6. موظفو الهلال الأحمر العربي السوري ينفون ذلك:
موظف في الهلال الأحمر العربي السوري في محافظة درعا، أكدّ لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أنّ المنظمة ليست مسؤولة عن شطب أي اسم أو حرمان أي شخص، إنما قد يكون الأمر له علاقة بالتحامل الشخصي من قبل المندوب المحلي، أو القروي، فهذا الشخص هو من يُكلّف برفع أسماء المستفيدين لموظفي الهلال العربي السوري في بعض القرى قبل مدة من التوزيع، وهو لا يمثل المنظمة ولا موظفيها، مشيراً إلى أنهم كعاملين يقومون برفع هذه الأسماء للإدارة، ولا يتم حرمان أو حذف أو شطب أي اسم مستوفي الشروط لأي اعتبار سياسي أو مناطقي على حد وصفه.
وقال موظف آخر في الهلال الأحمر العربي السوري في محافظة القنيطرة، مبرراً طلب المنظمة من بعض المستفيدين مراجعة شعبة الأمن، حيث أضاف:
“إنه إجراء روتيني، ويحدث ذلك بناءً على طلب من الإدارة، إذ يوضع عند اسم الشخص المطلوب أمنياً كلمة (أمني) ما يعني أنه عليه مراجعة شعبة الأمن التي تطلبه، لإجراء بعض التحقيقات الروتينية ومن ثمّ يعود ويحقّ له استلام سلته في المرة القادمة، لن يتم إيقاف أو اعتقال أحد لأنه قام بإجراء اتفاق تسوية، لكنّ ذلك لاستكمال التحقيق لمن هم مطلوبون أمنياً، إما بفعل تقرير شخصي أو لتورطه بأعمال عنف، وعليه في كلا الحالتين تبرير ما ورد في تقريره وبعدها يعود لمنزله.”
إن النزاع السوري المستمر لأكثر من سبع سنوات، أثرّ تأثيراً غير متكافئ على المدنيين، ما جعل أطراف العمل الإنساني لا يلتزمون بالتزاماتهم القانونية الدولية، بحسب ما روى مدير إحدى المنظمات الإغاثية السابقة والتي كانت تعمل قبيل سيطرة الحكومة السورية على الجنوب السوري، حيث قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّ هناك انعدام لاحترام مبادئ العمل الانساني في الجنوب السوري، سواء تلك التي كانت تحت سيطرة المعارضة المسلّحة، والتي يغلب عليها عدم النزاهة والتجرّد في تقديم الخدمات، أو التي ينظمها الآن الهلال الأحمر العربي السوري، خصوصاً المبادئ الأساسية التي من المفترض أن تلتزم بها أي مؤسسة مجتمع مدني في العالم.
7. المبادئ الأساسية السبعة:
تمثّل المبادئ الأساسية السبعة[3]، التي أعلنت في فينا 1965، الرابط بين مكونات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهم يضمنون استمرارية حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وأعمالها الإنسانية:
-
الإنسانية:
انبثقت الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر من الرغبة في إغاثة جرحى الحرب دون تمييز بينهم. وهي تواصل جهودها على الصعيدين الدولي والوطني للوقاية والتخفيف من آلام الإنسان أينما كانت وحماية الحياة والصحة وضمان الكرامة الإنسانية وتعزيز التفاهم والصداقة والتعاون والسلام الدائم بين جميع شعوب العالم.
-
عدم التحيز:
لا تميز الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر بين القوميات أو الأجناس أو الطبقات أو الأديان أو العقائد السياسية فهي لا تهدف إلا إلى إزالة معاناة الإنسان وتعطي الأولوية للحالات التي تتطلب عملاً عاجلاً.
-
الحياد:
للاحتفاظ بثقة الجميع، تمتنع الحركة عن الاشتراك في أي أعمال عدائية أو في مجادلات متعلقة بالمسائل السياسية والدينية والعرقية والإيديولوجية.
-
الاستقلال:
حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر مستقلة. ورغم أن الجمعيات الوطنية تعمل كأجهزة مساعدة للسلطات العامة فيما تضطلع به من نشاطات إنسانية وتخضع للقوانين السارية في بلادها، فإنه يجب عليها أن تحافظ دائماً على استقلالها حتى تستطيع أن تتصرف بموجب مبادئ الحركة في جميع الحالات.
-
الخدمة التطوعية:
الصليب الأحمر والهلال الأحمر حركة للإغاثة التطوعية لا تسعى لتحقيق أي ربح.
-
الوحدة:
لا توجد أكثر من جمعية واحدة فقط للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر في كل بلد. ويجب أن تكون خدماتها متاحة للجميع وشاملة لكافة أنحاء القطر.
-
العالمية:
إن الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر حركة عالمية، تتمتع كل الجمعيات بنفس الحقوق في ظلّها وتلتزم بالتعاون فيما بينها.
وفي هذا السياق، تحدّث ناشطون في الجنوب السوري لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، عن ضرورة وجوب حيادية العمل الإنساني ونأيه عن محاباة أي طرف من أطراف النزاع السوري، وفقاً لمبادئ العمل الإنساني التي طرحتها الأمم المتحدة، خصوصاً مبادئها في الإنسانية والاستقلال وعدم التحيز والحياد. وما يعزّز ذلك ما جرى من توقيع اتفاق تسوية كبداية جديدة لحل النزاع وطي صفحات الماضي المؤلمة.
—
[1] بدأت الحملة العسكرية للقوات الحكومية السورية على الجنوب السوري (محافظة درعا ومحافظة القنيطرة)، في الـ 19 مِن شهر حزيران/يونيو 2018، لتعلن بعدها وخلال مدة وجيزة وتحديداً بتاريخ 1 آب/أغسطس 2018 السيطرة على كامل الجنوب السوري.
[2] سيطرت القوات الحكومية السورية على محافظة درعا، بموجب اتفاق تسوية ما بينها وبين فصائل المعارضة السورية المسلّحة في شهر تموز/يوليو 2018، وقد تمّ هذا الاتفاق على مرحلتين وبضمانة الشرطة العسكرية الروسية، حيث شملت المرحلة الأولى الريف الشمالي ومنطقة اللجاة، فيما شملت المرحلة الثانية باقي المحافظة عدا حوض اليرموك (والذي سيطرت عليه القوات النظامية السورية في بداية شهر آب/أغسطس 2018)، وكان من أحد بنوده عدم دخول القوات النّظامية السورية للقرى قبل الشرطة العسكرية الروسية ودون إجراء “تسويات”، إضافة إلى عدم التعرض لأي أحد من السكان، وذلك بحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في درعا.
[3] “المبادئ الأساسية السبعة”، موقع الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر. (آخر زيارة بتاريخ 11 نيسان/أبريل 2019). https://www.ifrc.org/ar/who-we-are/vision-and-mission/the-seven-fundamental-principles/.