قضى مالايقل عن عشرين مدنياً وأصيب أكثر من ثمانين آخرين، إثر القصف الذي طال أحد الأسواق الشعبية التي تعج بالمدنيين في بلدة مسرابا[1] بريف دمشق، وذلك بتاريخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2017. وبحسب العديد من أهالي البلدة وشهود العيان فقد أغار طيران حربي يرجّح أنه تابع للقوات النظامية السورية بأربعة صواريخ شديدة الانفجار على سوق البلدة، ماخلّف العديد من القتلى في صفوف المدنيين بينهم نساء وأطفال.
ووفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ هذا الهجوم يأتي بالتزامن مع الحملة العسكرية الشرسة التي بدأتها القوات النظامية السورية على عموم مدن وبلدات الغوطة الشرقية في يوم الثلاثاء الموافق 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وذلك عقب إعلان "حركة أحرار الشام الإسلامية" عن معركة "بأنهم ظلموا" والتي ابتدأت صباح يوم الأثنين الموافق 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2017. وبحسب العديد من المصادر فقد أسفرت تلك المعارك عن مقتل عدد من عناصر القوات النظامية السورية، وعلى رأسهم العماد "وليد خواشقجي" نائب مدير إدارة المركبات العسكرية، كما تمكن مقاتلو حركة أحرار الشام الإسلامية من السيطرة على أجزاء كبيرة من إدارة المركبات العسكرية فضلاً عن اغتنام الأسلحة والذخائر.
أحمد الخولي وهو أحد أهالي بلدة مسرابا الذين كانوا متواجدين بالقرب من مكان القصف، تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول ماجرى قائلاً:
"في تمام الساعة (10:30) صباحاً وبينما كنت متواجداً بالقرب من سوق البلدة، شنّ الطيران الحربي السوري غارته على السوق، وألقى بعدة صواريخ سقط إحداها وسط السوق والذي عادة مايكون مكتظاً بالمدنيين، ماسبب زيادة في عدد القتلى والمصابين، إذ فقدت العديد من العائلات أبناءها وقتُل العديد من الأطفال، كما بُترت أطراف الكثيرين، ناهيك عن الأضرار المادية التي لحقت بمنازل المدنيين. إلا أنّ أكثر المشاهد التي استقرت في ذاكرتي، هو مشهد إحدى النساء التي كانت تتبضع برفقة أطفالها، إذ أنهم وبغضون ثوانِ قليلة تحولوا إلى أشلاء مبعثرة."
وأضاف أحمد بأنّ السوق المستهدف يقع وسط العديد من المباني السكنية المكتظة بالمدنيين كما أنه يقع عند مفترق أربع طرقات تصل مابين عدة مناطق في الغوطة الشرقية، مشيراً إلى أنّ عدداً كبيراً من المصابين توفوا لاحقاً ليس بسبب خطورة إصاباتهم فحسب، وإنما نتيجة الحصار المفروض على الغوطة الشرقية منذ عدة سنوات، ومنع القوات النظامية السورية دخول الأدوية، حيث أصبح العديد من الجرحى يتمنون الموت كي يستريحوا من عذابهم.
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي، تبين مكان الضربة على السوق الشعبي داخل بلدة مسرابا بريف دمشق.
وأظهر مقطع فيديو نشرته تنسيقية بلدة مسرابا بتاريخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، تصاعد أعمدة الدخان عقب استهداف أحد الأسواق الشعبية داخل البلدة في ذات التاريخ، كما أظهر مقطع فيديو آخر نشره فريق الدفاع المدني في ريف دمشق، اللحظات الأولى لوصول فرق الدفاع المدني إلى مكان الضربة التي استهدفت سوقاً شعبياً في بلدة مسرابا بتاريخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2017.
وفي شهادة أخرى، أكدّ عامر ريحان وهو أحد عناصر الدفاع المدني في بلدة مسرابا، على أنّ طيراناً حربياً يرجّح أنه تابع للقوات النظامية السورية كان قد ألقى بأربعة صواريخ شديدة الانفجار على أحد الأسواق الشعبية التي لا وجود لأي مقرات عسكرية داخلها أو بالقرب منها في بلدة مسرابا، حيث سقطت تلك الصواريخ في أماكن لاتبعد عن بعضها سوى أمتار قليلة، وفي هذا الصدد تحدث قائلاً:
"خلال تواجدنا بمركز الدفاع المدني في بلدة مسرابا، تناهى إلى مسامعنا صوت الطيران الحربي وهو يغير على سوق البلدة، فتوجهنا بشكل مباشر إلى مكان وقوع الصواريخ، حيث تفاجأنا بجثث القتلى وهي منتشرة كل مكان، ولا سيما الأطفال والنساء منهم، كما كانت رائحة احتراق الجثث تملأ أرجاء المكان، وعلى الفور قمنا بنقل القتلى والمصابين إلى كافة النقاط الطبية المتواجدة في الغوطة الشرقية، ونظراً للعدد الهائل في الإصابات تمّ استدعاء المؤزارات من عدة مراكز تابعة للدفاع المدني، وتوفي على الفور (12) مدنياً، ثمّ بدأت حصيلة القتلى بالارتفاع، فالعديد من الجرحى قضوا متأثرين بجراحهم فأصبحت الحصيلة النهائية لأعداد القتلى (21) قتيلاً فضلاً عن إصابة أكثر من (80) آخرين، ومن اللافت الإشارة إلى أنّ بلدة مسرابا هي من أكثر بلدات الغوطة الشرقية المكتظة بالسكان المدنيين، إذ أنّها تضم العديد من النازحين الذين أتوا إليها من مدن وبلدات أخرى في الغوطة الشرقية."
صور تظهر بعض الضحايا القتلى من المدنيين إثر القصف الذي طال أحد الأسواق الشعبية في بلدة مسرابا بتاريخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، مصدر الصورة: صفحة الفيس بوك الخاصة بتنسيقية بلدة مسرابا.
وبدوره استطاع مراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، توثيق أسماء بعض القتلى من المدنيين، حيث عرف منهم:
-
غصون القابوني وابنها وابنتها.
-
طفلة من آل محجوب.
-
الطفلة سمية أنس شهاب.
-
ابن محمد الباشا/طفل.
-
الطفل محمد ياسر عوض.
-
يوسف محمد ابو وحدة.
-
عدنان الخولي ابن ابو عكاشة.
-
عصام الخولي ابن ابو عكاشة.
-
عمر الخولي ابن ابو فهد التتر.
-
عمر عبد الرحيم ابن ابو محمود.
-
أحمد ابراهيم شحادة.
-
ابراهيم بللى.
-
خالد العلي.
ومن اللاقت الإشارة إلى أنّ الغوطة الشرقية تعتبر واحدة من مناطق خفض التصعيد في سوريا، إذ أنه وبتاريخ 4 أيار/مايو 2017، كانت الدول الراعية لمحادثات آستانة (روسيا وتركيا وإيران) قد وقعت على مذكرة تفاهم لإقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، حيث شملت تلك المناطق كلاً من الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ومحافظة إدلب وبعض أجزاء شمال محافظة حمص، إضافة إلى بعض أجزاء المحافظات المتاخمة لها (اللاذقية، وحماة، وحلب) وبعض أجزاء جنوب سوريا، وكان من أبرز بنودها وقف الاعمال العدائية بين الأطراف المتصارعة وتوفير الظروف لإيصال المساعدات الطبية.
وفي تاريخ 22 تموز/يوليو 2017، شارك جيش الإسلام في التوقيع على اتفاقية خفض التصعيد في سوريا، ثم تبعه فصيل فيلق الرحمن بتاريخ 18 آب/أغسطس 2017.
وكانت سوريون من أجل الحقيقة واالعدالة قد أعدت في وقت سابق، تقريراً يسلط الضوء على مجزرة مروعة راح ضحيتها أكثر من (65) مدنياً، إثر القصف الذي طال أحد الأسواق الشعبية في مدينة الأتارب بريف حلب، من قبل طيران حربي يعتقد أنه تابع لسلاج الجو الروسي، وذلك بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، كما كانت المنظمة قد أعدت تقريراً آخراً سجّل سقوط عشرات الضحايا من المدنيين جرّاء القصف الذي طال أحد الأسواق الشعبية في مدينة معرة النعمان وذلك بتاريخ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2017.