الرئيسية تحقيقات مواضيعية أوضاع مزرية يعيشها نازحو مخيم الشدادي جنوب محافظة الحسكة مع قدوم فصل الشتاء

أوضاع مزرية يعيشها نازحو مخيم الشدادي جنوب محافظة الحسكة مع قدوم فصل الشتاء

"نازحون بلا خيم وتجّار يقومون ببيع الخيم التي يفترض أن تكون مجانية للنازحين"

بواسطة wael.m
397 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة: مع ازدياد أعداد النازحين الفارين من العمليات العسكرية الدائرة في محافظة دير الزور[1]، ازدادت الأوضاع الإنسانية سوءاً في مخيم الشدادي الواقع جنوب مدينة الحسكة، إذ بات العديد منهم يعاني من نقص كبير في المواد الغذائية إضافة إلى قلة مياه الشرب وسوء الوضع الطبي، وحسبما أكدّ مراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فإنّ أعداد النازحين بلغت حتى تاريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، حوالي (55) ألف نازحاً، وكان هنالك (1700) نازح يبيتون خارج المخيم وأصبحوا لاحقاً (2200) نازح خارج حدود المخيم، لكن بلا أي خيام تأويهم ماضاعف من مأساة أولئك النازحين ولاسيما مع حلول فصل الشتاء. ومن تاريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 وحتى تاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2017 أصبح عدد النازحين ف المخيم حوالي (32000) نازحاً بعد خروج الآلاف باتجاه مناطق حلب ومنبج ودمشق وغيرها. وبتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2017 خرج حوالي (1000) نازح آخراً من المخيم واتجهو باتجاه منطقة الذيبان المحررة من محافظة دير الزور. وخرج في تلك الفترة أيضاً حوالي (8) آلاف نازحاً آخراً.

ويضاف إلى هذه المعاناة، مايتعرض له بعض النازحين الجدد من استغلال يمارسه بحقهم بعض التجار داخل المخيم، حيث يلجأ العديد من أولئك التجار إلى بيع خيام مجانية كان من المفترض أن توزع على النازحين الجدد، وبحسب العديد من الشهادات التي حصل عليها مراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017، فقد وصل سعر الخيمة الواحدة حتى حدود (30) ألف ليرة سورية.

وبتاريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 2017، أصدرت الإدارة الذاتية قراراً يقضي بمنع التجوال في مخيم الشدادي من الساعة (5:00) مساءً حتى الساعة (5:00) من فجر اليوم التالي، الأمر الذي زاد في تضييق الخناق على النازحين داخل المخيم.

ومن الجدير ذكره أن مخيم الشدادي أو كما يعرف بمخيم العريشة أو السد أيضاً، يقع على بعد (35) كم جنوب مدينة الحسكة، ويبعد عن بلدة الشدادي جنوباً (20) كم، حيث قامت الإدارة الذاتية بافتتاحه بتاريخ 14 حزيران/يونيو 2017.

صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي، تظهر الموقع التقريبي لمخيم الشدادي جنوب مدينة الحسكة.

أولاً: عدد النازحين ووضعهم داخل المخيم:

بتاريخ 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وصل عدد النازحين في مخيم الشدادي إلى (36) ألف نازح داخلياً، حسبما أكدّ مراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وعقب مرور عشرة أيام فقط وتحديداً بتاريخ 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، ازداد عددهم ووصل حتى (55) ألف نازح، وذلك نتيجة نزوح الأهالي بشكل كبير من محافظة دير الزور.

أم حمادة وهي إحدى النساء اللواتي نزحن من محافظة دير الزور إلى مخيم الشدادي بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، تحدثت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول الأوضاع الإنسانية داخل المخيم، ولاسيما عقب ازياد أعداد النازحين فيه، حيث قالت:

"نزحت برفقة عائلتي من مدينة الميادين التابعة لمحاقظة الزور هرباً من المعارك والقصف الكثيف، وبعد رحلة نزوح دامت  أياماً متواصلة وصلت إلى مخيم الشدادي، وفوجئت بسوء الأوضاع الإنسانية داخل المخيم، فنحن نعاني من نقص في مياه الشرب إضافة إلى سوء الرعاية الطبية المخصصة للنازحين، ناهيك عن قلة الخدمات المقدمة لنا ولاسيما سلل المعونات، فقد مضى على وجودي داخل المخيم حوالي (15) يوماً ولم أستلم إلا سلة غذائية  واحدة، وهي غير كافية لثلاثة أشخاص، فمابالك بعائلتي المكونة من ستة أشخاص."

أما خليل علاوي وهو نازح آخر فرّ من العمليات العسكرية الدائرة في محافظة دير الزور، ونجح في الوصول إلى مخيم الشدادي بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، فقد أكدّ بأنّ الوضع الإنساني في المخيم بات مزرياً إلى حد كبير، وفي هذا الخصوص تحدث قائلاً:

"الحياة هنا أشبه بصحراء قاحلة وسجن كبير، فالخدمات قليلة والطعام غير متوفر، وفي أغلب الأحيان فإنّ مياه الشرب غير نظيفة. لا أخفي أنني بدأت أخاف على نفسي وعلى طفليّ الصغيرين من هذا الوضع، لكن ما باليد حيلة."

ثانياً: استغلال النازحين الجدد من خلال بيعهم خياماً يجب أن تكون مجانية:

مع ازدياد أعداد النازحين الواصلين إلى مخيم الشدادي بشكل يومي، بقي أكثر من (2200) نازح خارج حدود المخيم وضمن ساتر ترابي تم تشييده من قبل إدارة المخيم نظراّ لعدم استيعاب المخيم لأعداد النازحين الكبيرة، الأمر الذي جعل العديد من أولئك النازحين بلا أي خيام تأويهم، وفي هذا الصدد تحدث (هيثم.ج[2]) وهو أحد النازحين الواصلين من مدينة الميادين التابعة لمحافظة دير الزور إلى مخيم الشدادي وتحديداً بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، حيث قال:

"بمجرد وصولنا إلى المخيم، بقينا خارج حدوده بلا أي خيام تأوينا، وتمّ عمل ساتر ترابي بطول (3) أمتار من أجل ضمان عدم هروبنا منه، وبعد عدة أيام شاهدنا بعض التجار الذين يبيعون مواداً غذائية، وأخبرونا أنه بوسعنا شراء خيمة بقيمة (17) ألف ليرة سورية، وعلى الفور  قمت بشرا واحدة لي ولعائلتي والمكونة من (4) أفراد، ومن ثمّ تبين لي لاحقاً أنها ذات الخيم المجانية الواقعة في الجزء الداخلي من المخيم، والتي من المفترض أن يتم إعطاؤها لكل عائلة جديدة قادمة إلى المخيم."

وفي شهادة متقاطعة، أكدّ أحد النازحين ما ذكر سابقاً، كما أنه أشار إلى أنّ سعر الخيمة الواحدة وصل حتى حدود (30) ألف ليرة سورية، علاوة على استغلال بعض التجار لنازحي المخيم، حيث تحدث قائلاً:

"وصلت إلى المخيم بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، ولسوء حظي لم يكن هناك أي خيمة تأويني أنا وعائلتي، فاضطررت إلى خياطة خيمة من خلال بعض الأقمشة المتوافرة لدينا، وبعدها أخبرني أحد البائعين، أنّ بوسعي شراء خيمة لكن بسعر  (18) ألف ليرة سورية، فلم أقبل بداية الأمر، ولاسيما أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كانت قد أخبرتني بأنهم سيعملون على تأمين خيمة لي خلال يومين، وبعد خمسة أيام من الانتظار فقدت الأمل بالحصول على خيمة، وخصوصاً مع هذا البرد القارس، لذا عدت إلى ذات البائع إلا أنه أخبرني بأن سعر الخيمة قد تغير ووصل حتى (30) ألف ليرة سورية، وبأنني إن لم أقم بشرائها حالياُ فلن أتمكن من ذلك لاحقاً، لذا أجبرت على شراء الخيمة رأفة بأطفالي وزوجتي، رغم أنني على يقين بأن الأمر كله استغلال في استغلال."

صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من معاناة النازحين المتواجدين خارج حدود المخيم، نظراً للازدياد الكبير في أعداد النازحين داخله.

ثالثاً: حظر التجوال داخل المخيم وتبعاته:

وفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد أصدرت إدارة المخيم بتاريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 2017، قراراً يقضي بمنع التجوال داخل مخيم الشدادي اعتباراً من الساعة (5:00) مساءّ وحتى الساعة (5:00) من صباح اليوم التالي، الأمر الذي زاد في تضييق الخناق على النازحين داخل المخيم، وفي هذا الصدد تحدث أحد النازحين لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"هذا القرار أشبه بالسيف على رقابنا، فإن رغبنا ببعض المياه أو حتى اضطررنا إلى إسعاف أي أحد في ساعة الحظر، فمن المحتمل أن نتعرض لإطلاق الرصاص من قبل قوات الأسايش التابعة للإدارة الذاتية، وخصوصاً مع  ورود أنباء تفيد بوجود عناصر من تنظيم "داعش" داخل المخيم وقد يقوم هؤلاء بعمليات انتحارية، تماماً كما حدث مع جاري فؤاد البالغ من العمر (55) عاماً، إذ أنه تعرض للإصابة عقب إطلاق الرصاص عليه من قبل قوات الأسايش، وكل ذنبه أنه خرج لطلب بعض المياه لعائلته في ساعة الحظر، فقمنا بإسعافه على الفور، وقامت قوات الأسايش بإخبار عائلته، بأنّ القرار واضح وبأنهم ليسوا مسؤولين عن أي حالة وفاة تحدث، نظراً لخطورة الوضع الأمني داخل المخيم."

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر نسخة من قرار منع التجوال داخل مخيم الشدادي، وذلك من الساعة (5:00) مساءّ حتى الساعة (5:00) من صباح اليوم التالي.

أبو جاسم نازح آخر من محافظة دير الزور، وصل إلى مخيم الشدادي بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أكدّ لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأن قرار منع التجوال ضاعف من معاناة النازحين الذين يعانون في الأصل ظروفاً إنسانية صعبة، حيث قال:

"منذ فترة قصيرة، دخلت زوجتي مرحلة المخاض نتيجة اقتراب موعد ولادتها، فحاولت الخروج من خيمتي والتوجه إلى النقطة الطبية، إلا أنني تعرضت لإطلاق الرصاص فوق رأسي من قبل عناصر "الأسايش"، فقمت برفع صوتي محاولاً إخبارهم بأنّ لديّ حالة طبية طارئة، لكنهم لم يبالوا فاضطررت إلى توليد زوجتي بالاستعانة ببعض النسوة من الخيم الأخرى."

وكانت سوريون من أجل الحقيقة واالعدالة قد أعدت في وقت سابق تقريراً آخراً يسلط الضوء على معاناة آلاف النازحين داخل المخيم نفسه جنوب مدينة الحسكة وتحديداً في شهر أيلول/سبتمبر 2017، مع الإشارة إلى أنّ  عدد النازحين كان حينها أكثر من (4) آلاف نازح.

وبتاريخ 2 كان الأول/ديسمبر 2017، قامت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بنشر تقرير يسلّط الضوء على معاناة مخيم عين عيسى في محافظة الرقة.

 


[1] في 9 أيلول/سبتمبر 2017، أعلن "مجلس دير الزور العسكري" المنضوي تحت قوات سوريا الديمقراطية بدء معركة "عاصفة الجزيرة" وذلك بدعم من قوات التحالف الدولي بغية السيطرة على الريف الجنوبي المتبقي من محافظة الحسكة والخاضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى مناطق شرقي الفرات والتي تتبع إدارياً لمحافظة دير الزور.

وكانت القوات النظامية السورية قد أعلنت مسبقاً وفي شهر حزيران/يونيو 2017، عن معركة ديرالزور بغية طرد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية من الطرف الغربي من نهر الفرات، هذه المعارك كانت مترافقة بعمليات قصف روسية وسورية عنيفة جداً إضافة إلى قصف الطيران التابع للتحالف الدولي، ما أدى إلى نزوح أهالي محافظة ديرالزور وبشكل يومي، حيث وصلت أعدادهم وبحسب باحث سوريون من أجل الحقيقة والعدالة من 1500 حتى 2000 نازح يومياً باتجاه المناطق الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية.

[2] اسم مستعار- فضل عد الكشف عن اسمه لأسباب خاصة.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد