خلفية: تعاني بلدة حيط في ريف درعا الغربي من حصار خانق فُرض عليها من قبل التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم "الدولة الإسلامية" والمعروف باسم تنظيم "داعش" منذ عدّة أشهر ابتدءاً من شهر شباط/فبراير 2017، حيث يحاصر التنظيم المتمثل بجيش خالد بن الوليد[1]، أكثر من خمسة آلاف مدني داخل البلدة، ما جعلهم يعيشون ظروفاً إنسانية غاية في الصعوبة حسبما أكدّ مراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
ومن جهة أخرى فقد قُتل عشرات المدنيين من أهالي بلدة حيط، في حين أصيب العشرات منهم، وذلك على خلفية المحاولات الحثيثة والهادفة إلى السيطرة على البلدة من قبل التنظيم، خلال الأشهر الماضية. وتقع بلدة "حيط" في منطقة حوض اليرموك الكائن في ريف درعا الغربي، ويعتمد معظم سكانها على الزراعة كونها تطل على وادي اليرموك الغني بالمياه السطحية والمعروف بخصوبة تربته، وتتبع البلدة لسيطرة المجلس العسكري الذي يضم عدداً من فصائل البلدة المسلحة[2]، إذ أنه يشرف على صدّ هجمات التنظيم الواقعة على البلدة.
وعقب سيطرة تنظيم[3] "الدولة الإسلامية" على عدد من بلدات حوض اليرموك في ريف درعا كبلدات (تسيل وسحم الجولان وجلين في شهر شباط/فبراير 2017)، كان لابد من سيطرته على بلدة حيط، كونها تتوسط بلدات حوض اليرموك كما أنها تطل على سدّ الوحدة الواقع على نهر اليرموك بين سوريا والأردن. ويبدو أن ذلك كان أبرز الأسباب التي دفعت بتنظيم الدولة الإسلامية إلى اقتحام بلدة حيط عدة مرات، لكن بعد فشل محاولاته المتكررة، عمد إلى فرض حصارٍ خانقٍ على البلدة من ثلاث جهات وهي الجهة الغربية والشمالية إضافة إلى الجهة الشرقية، وكنتيجة لذلك لم يبقَ للبلدة سوى منفذ وحيد من الجهة الجنوبية -وهو باتجاه وادي اليرموك- إلا أن هذا الطريق يعتبر وعراً ومحفوفاً بالمخاطر وفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
منهجية التقرير:
قام أحد الباحثين الميدانيين لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بزيارة ميدانية إلى بلدة حيط، وذلك في أواسط شهر آب/أغسطس 2017، حيث قام بإجراء سلسلة من اللقاءات وخاصة مع الأهالي للوقوف على معاناتهم والحصار المفروض عليهم من قبل تنظيم داعش.
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي، تبين الموقع الاستراتيجي لبلدة حيط في ريف درعا الغربي، حيث أنها تتوسط بلدات حوض اليرموك، ولعل هذا مادفع تنظيم الدولة الإسلامية لمحاولة اقتحامها والسيطرة عليه عدة مرات، وذلك خلال عام 2017 والأعوام السابقة. وتظهر هذه الخارطة مواقع سيطرة القوات العسكرية حتى أواسط شهر أيلول/سبتمبر 2017.
أولاً: بداية الهجمات على بلدة حيط من قبل تنظيم الدولة الإسلامية:
تعرّضت بلدة حيط لعدة هجمات من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" خلال الأشهر والأعوام السابقة ، حيث عمد التنظيم إلى استخدام "العربات المفخخة" في أغلب تلك الهجمات، وقد ترافق ذلك مع عمليات قصف عشوائي طالت البلدة. فمع بداية شهر نيسان/أبريل 2015، تعرّضت بلدة حيط لأولى هجمات تنظيم الدولة الإسلامية، وكان الهدف وراء ذلك هو بسط سيطرته على كامل منطقة حوض اليرموك ومن ثم كامل المنطقة الغربية من محافظة درعا، وفي هذه الفترة كان التنظيم متمثلاً بلواء شهداء اليرموك[4]، قد اتخذ من بلدات (الشجرة وجملة وعين ذكر ونافعة) مركز انطلاق له، حيث كان اللواء قد أعلن مبايعته لتنظيم داعش في شهر نيسان/أبريل 2015، ولكن بشكل غير معلن، في حين كانت كلاً من حركة أحرار الشام الإسلامية وتنظيم جبهة النصرة، هما من يقفان في وجه توسع ذاك اللواء، أما فصائل الجبهة الجنوبية التابعة للمعارضة السورية المسلحة، فقد كانت تبرر عدم مشاركتها في ذلك، بعدم إقرار لواء شهداء اليرموك مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية.
ومع بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2015، عاود لواء شهداء اليرموك شن حملة عسكرية جديدة في محاولة منه للسيطرة على قرى وبلدات حوض اليرموك، وكانت بلدة حيط إحدى تلك البلدات، إلا أن بعض فصائل الجبهة الجنوبية[5] التابعة للمعارضة السورية المسلحة، نجحت في صد ذلك الهجوم وأعادت اللواء إلى قواعده الأساسية.
وفي مطلع شهر آذار/مارس 2016، تعرضت بلدة حيط لهجوم ثالث، حيث بدأ كلاً من لواء شهداء اليرموك وحركة المثنى الإسلامية[6] حملة عسكرية جديدة، بقصد بسط سيطرتهم على قرى وبلدات في ريف درعا الغربي، إلا أن هذه الحملة لقيت صداً عنيفاً من قبل فصائل الجبهة الجنوبية التابعة للمعارضة السورية المسلحة، إضافة إلى حركة أحرار الشام الإسلامية وتنظيم جبهة النصرة، إذ أنهم نجحوا في شن هجوم عكسي وتمكنوا من السيطرة على القرى التي تمركزت فيها حركة المثنى الإسلامية، وذلك بعد حصارهم في تلك القرى.
وبتاريخ 19 حزيران/يونيو 2016، تم الإعلان عن اندماج حركة المثنى الإسلامية ولواء شهداء اليرموك تحت مسمى جيش خالد بن الوليد، وكان هذا بمثابة إعلان رسمي بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية.
صورة تظهر التعميم الذي أعلن اندماج لواء شهداء اليرموك وحركة المثنى الإسلامية تحت مسمى جيش خالد بن الوليد في منطقة حوض اليرموك، حيث تم ذلك بتاريخ 19 حزيران/يونيو 2016، وكان بمثابة إعلان رسمي بمبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية"، مصدر الصورة: ناشطون من المنطقة
وفي أواسط شهر شباط/فبراير 2017، استغل التنظيم متمثلاً بجيش خالد بن الوليد، انشغال معظم فصائل الجبهة الجنوبية في معركة "الموت ولا المذلّة" [7] مع القوات النظامية السورية، وشن حملة عسكرية استطاع من خلالها السيطرة على بلدات (تسيل وسحم الجولان وجلين)، إضافة إلى بلدة تل الجموع وبلدة تل عشترة الاستراتيجيتين[8]، وتابع الزحف باتجاه بلدة حيط حيث تمت مقاومته من قبل فصائل البلدة، وتم منع التنظيم من اقتحامها، إلا أن جغرافية البلدة وسيطرة التنظيم على القرى المحيطة بها، أدى إلى فرض الحصار على بلدة حيط بتاريخ 19 شباط/فبراير 2017، حيث بدأ الحصار على البلدة من جميع جهاتها، باستثناء الجهة الجنوبية -وهي باتجاه وادي اليرموك- حيث يعرف هذا الطريق بوعورته وخطورته، بما أن جزءاً منه عرضة للقنص من قبل عناصر التنظيم.
قاومت بلدة حيط الحصار الخانق المفروض عليها، واتفقت العديد من الفصائل المتواجدة فيها على تشكيل مجلس عسكري يهدف إلى حماية البلدة، فوزعت كمائن متقدمة لنقل المعارك خارج البلدة في حال حاول تنظيم الدولة التقدم باتجاههم، إلا أنه وفي صباح يوم الأحد الموافق 25 حزيران/يونيو 2017، استطاع التنظيم خرق أحد الكمائن ووصل إلى داخل البلدة، حيث دارت معارك عنيفةبينه وبين الفصائل العسكرية المتواجدة في البلدة، وانتهت بهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية ومقتل معظم عناصره الذين تمكنوا من دخول البلدة، وعلى إثر ذلك أطبق تنظيم الدولة حصاره على بلدة حيط، حيث مازال الحصار مستمراً حتى تاريخ إعداد هذا التقرير في أواسط شهر أيلول/سبتمبر 2017.
ثانياً: قتلى و جرحى مدنيون نتيجة القصف العشوائي على بلدة حيط :
تزامناً مع محاولات تنظيم الدولة الإسلامية السيطرة على بلدة حيط سواء كان ذلك خلال الأعوام السابقة أوخلال عام 2017، كانت البلدة تتعرّض لعمليات قصف عشوائي من قبل التنظيم، وأدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين غالبيتهم من النساء والأطفال. ووفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تم أيضاً تسجيل العشرات من حالات التصفية والإعدام الميداني التي وقعت بحق المدنيين من أهالي بلدة حيط على يد التنظيم نفسه لأسباب عديدة.
صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تبين بعض الأضرار التي خلفها القصف العشوائي على بلدة حيطخلال الأشهر السابقة من العام 2017،وقد التقطت هذه الصورة بتاريخ 16 آب/أغسطس 2017.
ووفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فقد قضى (علي محمد الجدع) وهو أحد أبناء بلدة حيط في يوم 25 حزيران/يونيو 2017، حيث أصيب بجلطة دماغية نتيجة الخوف الذي أصابه من القصف العشوائي الذي طال بلدته على يد تنظيم الدولة الإسلامية في ذات اليوم.
وفي يوم الأثنين الموافق 20 شباط/فبراير 2017، قتل الطفل (أحمد مصطفى بداوة) نتيجة القصف العشوائي الذي طال البلدة أيضاً من قبل التنظيم، حيث كان الطفل قد تعرض للإصابة بإحدى الشظايا التي اخترقت رأسه فتم إسعافه إلى المملكة الأدرنية بقصد العلاج، إلا أنه فارق الحياة هناك بتاريخ 11 آذار/مارس 2017.
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر الطفل (أحمد مصطفى بداوة) قبيل مقتله نتيجة القصف العشوائي الذي طال بلدة حيط بتاريخ 20 شباط/فبراير 2017، وذلك خلال محاولة علاجه في المملكة الأردنية بتاريخ 21 شباط/ فبراير 2017 .
وفي يوم الأحد الموافق 19 شباط/فبراير 2017، تم تسجيل حالة إعدام ميداني بحق الشاب (يوسف موسى بداوة)، وذلك خلال دخول عناصر التنظيم إلى بلدة حيط، وفي هذا الصدد تحدثت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أم العبد وهي قريبة للشاب (يوسف بداوة)، حيث قالت:
"عقب إعدام قريبي (يوسف) وإطلاق النار عليه من قبل عناصر التنظيم، هرع زوجي (ياسر) لإسعافه خارج البلدة، إلا أنه أخبارهما انقطعت عنا مدة ثلاثة أيام، ثم علمنا لاحقاً بأنهما تعرضا للتصفية على حاجز تابع لتنظيم الدولة الإسلامية في بلدة جلين."
وفي سياق متصل قالت إحدى نساء البلدة وهي بندر موسى الطعاني، بأنها فقدت اثنين من أبنائها على ذات الحاجز الذي تم ذكره سابقاً، حيث تزامن ذلك مع القصف العشوائي الذي تعرضت له البلدة في يوم الأحد الموافق 19 شباط/فبراير 2017، وحول ماجرى تحدثت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حيث قالت:
"في ذلك اليوم تم استهداف البلدة بعدة قذائف هاون، فسقطت قذيفة هاون بالقرب من منزلنا، وأصيب ابني (نبيل تركي الأقرع) وزوجته (براء الناصري)، وعلى الفور قام ابني الآخر (سمير تركي الأقرع) بإسعافهما خارج البلدة، ولم يصلني أي خبر عنهم على مدار يومين متواصلين، ثم علمت لاحقاً بأن السيارة التي قامت بإسعافهم تم حرقها بالقرب من حاجز تابع لتنظيم الدولة في بلدة جلين، وتأكدت من بعض الأشخاص فيما بعد أن عناصر الحاجز بادروا إلى إطلاق النار بغزارة على تلك السيارة، ما أدى إلى اشتعالها وحرق من بداخلها."
لمشاهدة المقابلة كاملة مع الشاهدة "بندر موسى الطعاني" يرجى الضغط هنا.
صورة خاصة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر أبناء كل من الضحتيتين (سمير ونبيل الأقرع) اللذين قتلا وتعرضا للتصفية على يد تنظيم الدولة الإسلامية بتاريخ 19 شباط/فبراير 2017.
أما الطفل (محمد نعيم الأقرع) فقد قضى في يوم الأحد الموافق 27 كانون الأول/ديسمبر 2015، حيث سقط قتيلاً إثر تعرضه لإحدى الطلقات في الرأس، وذلك بينما كان مغادراً مدرسته، ووفقاً لشهادة والده نعيم الأقرع، فقد تبين لاحقاً بأنها إحدى طلقات "سلاح رشاش"، وبأن مصدرها هو بلدة القصير المحاذية لبلدة حيط من الجهة الغربية، والتي تخضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
لمشاهدة المقابلة كاملة مع والد الطفل (محمد نعيم الأقرع)، يرجى الضغط هنا.
وإضافةً إلى عشرات القتلى الذين قضوا نتيجة القصف العشوائي على بلدة حيط من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك خلال عام 2017 أو حتى الأعوام السابقة، تعرّض عشرات المدنيين من أهالي البلدة لإصابات خطيرة، كحال (ابتسام خضر المصري)، حيث أصيبت مساء يوم الخميس الموافق 15 حزيران/يونيو 2017، وذلك نتيجة القصف الذي تعرضت له البلدة.
وفي تاريخ 19 أيلول/سبتمبر2016، تعرض (نضال أحمد العيشات) لإصابة خطيرةتسببت له بشلل نصفي، وذلك عقب القصف العشوائي الذي تعرضت له البلدة أيضاً، وفي شهادة أدلى بها لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تحدث قائلاً:
"في صبيحة ذلك اليوم، استهدف التنظيم الجهة الغربية من البلدة بعدة طلقات من المضادات الأرضية، وذلك بينما كنت أمارس عملي كمعلم في إحدى مدارس البلدة، ففوجئت بإحدى الطلقات وهي تخترق جسدي، ونظراً لخطورة إصابتي، كان يجب إخراجي إلى دول الجوار، إلا أن الحدود الأردنية كانت مغلقة، لذا تم إسعافي نهاية الأمر إلى اسرائيل حيث تلقيت العلاج، إلا أن الإصابة تسببت لي آخر الأمر بشلل نصفي سفلي."
أما الطفل (عبد الهادي مشير الغزاوي) والذي يبلغ من العمر عشر سنوات، فقد تعرض لإصابة أفقدته قدمه، نتيجة القصف الذي طال بلدة حيط على يد تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك بتاريخ 7 أيار/مايو 2015.
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر الإصابة التي لحقت بالطفل (عبد الهادي مشير الغزاوي)، نتيجة القصف الذي طال بلدة حيط بتاريخ 7 أيار/مايو 2015.
ثالثاَ: معاناة أهالي بلدة حيط في ظل الحصار:
بتاريخ 19 شباط/فبراير 2017، فرض تنظيم الدولة الإسلامية حصاره على بلدة حيط، وألقى هذا الحصار بآثاره السلبية على كافة مناحي الحياة في البلدة، حيث تضررت شبكة الكهرباء نتيجة تدمير محولات الكهرباء من قبل التنظيم، كما باتت البلدة تعاني من ندرة كبيرة في المياه، وهذا ما أكده رئيس المجلس المحلي طارق توفيق الجغيني لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حيث قال:
"بلدة حيط هي بلدة فقيرة بالمياه الجوفية وكانت تعتمد في مياه الشرب على الآبار الموجودة في بلدة سحم الجولان، لكن بعد استيلاء تنظيم الدولة على هذه البلدة، قام بقطع المياه عنا، فقمنا بعمل تمديدات لسحب المياه من وادي اليرموك ومن ثم توزيعها على الأهالي، إلا أن هذه المياه تكون ملوثة في أحيان كثيرة نتيجة تداخلها مع خطوط الصرف الصحي، ماساهم في ظهور بعض الأمراض على الأهالي كالحمى التيفية، أما بالنسبة للمساعدات الإنسانية فهي شحيحة جداً، وتكاد تكون مفقودة أحياناً، باستثناء الجهة الوحيدة التي مازالت تزودنا بمادة الطحين وهي وحدة التنسيق و الدعم (وتد)."
محمد الكناوي أحد سكان بلدة حيط، أكد لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأن الحياة المعيشية داخل البلدة باتت مكلفة جداً نتيجة الحصار المطبق عليها، حيث أشار إلى أن رب الأسرة أصبح يحتاج يومياً إلى مبلغ يقدر ب (2000) ليرة سورية، وذلك حتى يتمكن من إعالة أسرته، وتابع قائلاً:
"بشكل عام باتت كلفة إدخال البضائع إلى البلدة عالية جداً، وهذا ما أدى إلى غلاء أسعار كافة المواد الغذائية، حيث قدر الغلاء بنسبة (25 %) مقارنة بأسعار السوق في المناطق المحررة الأخرى، لكن مانعاني منه أكثر نتيجة الحصار المطبق على البلدة هو غياب فرص العمل، حيث كانت بلدتنا تعتبر بلدة زراعية وغالبية سكانها يعملون في الحقول، إلا أن الحصار أدى إلى توقف هذه الأعمال."
لمشاهدة المقابلة كاملة مع الشاهد "محمد الكناوي"، يرجى الضغط هنا: مقطع رقم 1 – مقطع رقم 2 – مقطع رقم 3
وعلى مستوى الرعاية الطبية، تعاني بلدة حيط من عدم وجود أطباء مختصين فيها، حيث يقتصر الأمرعلى وجود نقطة طبية وحيدة، عمل على إنشائها كادر تمريضي من أبناء البلدة بجهود شخصية، وفي هذا الخصوص تحدث عدنان الصفوري وهو مدير النقطة، حول نوعية الأمراض التي انتشرت في ظل الحصار، ولاسيما بسبب تلوث مياه الشرب، حيث قال:
"نستقبل يومياً حوالي (75) حالة مرضية، حيث لاحظنا في الآونة الأخيرةانتشار مرض الحمى التيفية نتيجة اعتماد الأهالي على مياه شرب ملوثة، ومن خلال معاينتنا لبعض الأطفال لاحظنا انتشار مرض "سوء التغذية" أيضاً، لكن أكثر مانعاني منه هنا هو عدم وجود أطباء مختصين، كما أن هناك نقص كبير في المعدات الطبية والأدوية اللازمة لعلاج الحالات الخطيرة، وهناك بعض مشافي المنطقة التي نحصل منها على كميات صغيرة جداً من الأدوية، إلا أنها غير كافية."
وقد أظهر مقطع فيديو نشرته وكالة يقين الإعلامية بتاريخ 30 آب/أغسطس 2017، مدى الصعوبات الطبية التي يواجهها الكادر الطبي في بلدة حيط المحاصرة على يد تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك منذ أكثر من سته أشهر.
أما على المستوى التعليمي، فقد تسببت الهجمات التي شنها تنظيم الدولة الإسلامية على بلدة حيط، في حرمان العديد من الطلاب من التعليم ولاسيما في عامي 2016 و2017، وهذا ما أدى إلى شيوع حالات من الأمية بين أواسط الأطفال البالغين من العمر (10) أعوام على أقل تقدير، فضلاّ عن توجه شريحة كبيرة منهم نحو أعمال العنف والتسليح، وهذا ما أكده بهاء الكناوي وهو مدير مركز "براعم" للدعم النفسي في البلدة، حيث قال:
"قمنا بإنشاء المركز لتحسين سلوك الطلاب، والحفاظ على سلامة فكر الأطفال من التطرف والتكفير وخصوصاً مع ظهور تنظيم الدولة في المنطقة، كما عملنا على خلق برنامج توعوي للأطفال من مخلفات الحروب والذخائر غير المنفجرة، إلا أن قلة الدعم المقدم للمركز، وحالة عدم الاستقرار والرعب الذي سيطر على البلدة بسبب تنظيم الدولة، جعلنا عاجزين عن العمل."
ووفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإن الخسائر الاقتصادية التي مُنيت بها بلدة حيط نتيجة الحصار المفروض عليها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، قدرت بمئات الملايين، إذ أن أكثر من (50 %) من رؤوس أموال أهالي البلدة، كانت تُستثمر في مجال الزراعة، إلا أن التنظيم قام بالسيطرة على العديد من تلك الأراضي الكائنة على أطراف البلدة، كما قام بحرق العديد من المحاصيل الزراعية في شهر أيار/مايو 2017، وفي هذا الصدد تحدث أبو قاسم وهو أحد أبناء بلدة حيط لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حيث قال:
"تعرضت العديد من محاصيلنا الزراعية للتلف بسبب الحصار، فقد كانت منطقتنا تحمل عبئ (%40) من استهلاك السوق في مدينة حوران، إلا أن موسم جني الثمار قد تزامن مع الحصار المفروض على البلدة هذا العام ماسبب خسائراً كبيرة لنا، فهناك البعض ممن قدرت خسائره بحوالي (%65)، أما البعض الآخر فكانت خسائره (%100)، وكل ذلك نتيجة التكاليف الإضافية وصعوبة نقل المحاصيل في ظل الحصار."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر بعض المحاصيل الزراعية التي تعرضت للتلف، نتيجة الحصار المطبق على بلدة حيط منذ أكثر من ستة أشهر، وذلك على يد تنظيم الدولة الإسلامية، وقد التقطت هذه الصورة بتاريخ 18 آب/أغسطس 2017.
صورة تظهر بعض المحاصيل الزراعية التي تعرضت للحرق على يد تنظيم الدولة الإسلامية في بلدة حيط المحاصرة، وذلك في شهر أيار/مايو 2017، مصدر الصورة: أحد ناشطي البلدة: علاء المصري.
[1] تشكل هذا الجيش بعد اندماج عدّة فصائل مناهضة للنظام السوري منها حركة المثنى الإسلامية ولواء شهداء اليرموك وتم الإعلان عنه في شهر حزيران/ يونيو 2016، ويقدر عدد مقاتليه بحوالي (800) عنصر وهو حاليا منتشر في عدد من بلدات ريف درعا وهي ( الشجرة وجملة وعين ذكر والقصير وعدوان وتسيل ونافعة وسحم الجولان وجلين والمزيرعة والشبرق وبيت ارة وكويا ومعرية).
[2] يتألف المجلس العسكري من: حركة أحرار الشام الإسلامية وفرقة الحق المنضوية تحت لواء الجبهة الجنوبية التي تضم عدد آخر من الفصائل وهي ( لواء الحرمين ولواء الصابرين واللواء 99 مشاة ولواء بروج الإسلام ولواء المهام الخاصة وسرايا الكرامة ولواء شهداء الحارة ولواء الشهيد رائد المصري و لواء الفرسان التابع للفرقة 46 مشاة ولواء أحفاد الوليد التابع لتحالف جيش الثورة).
[3] تمّت السيطرة على بلدات (تسيل وسحم الجولان وجلين في شهر شباط/فبراير 2017) أمّا المناطق الأخرى مثل (الشجرة والقصير ونافعة وكويا وعابدين وعين ذكر) فهي بالأساس كانت تخضع لسيطرة لواء شهداء اليرموك، الذي نشأ أساساً في نهاية العام 2012 في منطقة حوض اليرموك تحت اسم (كتيبة شهداء اليرموك) المتواجد بشكل وحيد في المنطقة الغربية من درعا، وقام لاحقاً بمبايعة تنظيم داعش. وذكر نشطاء لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة أنّ اللواء كان مدعوماً من قبل "غرفة الموك" لتنسيق العمليات العسكرية في الأردن وتمّ قطع الدعم عنه في العام 2014 بشكل جزئي ثم بشكل كامل، بعد حادثة خطف عناصر من الأمم المتحدة من قبل اللواء في شهر يونيو/حزيران 2013.
[4] وهو لواء تشكل في المنطقة الغربية من محافظة درعا أواخر عام 2012، وكان يطلق على نفسه قبيل مبايعته تنظيم الدولة الإسلامية، اسم "كتيبة شهداء اليرموك"، وكانت بقيادة "محمد سعد الدين البريدي" الملقب ب "الخال"، كما أنه شارك في عدة معارك ضد القوات النظامية السورية، ويتوزع في عدد من قرى و بلدات حوض اليرموك.
[5] الفصائل المنضوية تحت تشكيل الجبهة الجنوبية والتي تقاتل تنظيم الدولة في منطقة حوض اليرموك: ( لواء الحرمين ولواء الصابرين واللواء 99 مشاة ولواء بروج الإسلام ولواء المهام الخاصة وسرايا الكرامة ولواء شهداء الحارة ولواء الشهيد رائد المصري ولواء الفرسان التابع للفرقة 46 مشاة ولواء أحفاد الوليد التابع لتحالف جيش الثورة). علماً أنه في بداية العام 2014 أعلنت معظم فصائل المعارضة المسلحة في محافظتي درعا والقنيطرة وبعض الفصائل في دمشق وريفها الجنوبي والتي يفوق عددها العشرين فصيلاً عن تشكيل ما يسمى الجبهة الجنوبية والتي تقوم بتنسيق عملياتها العسكرية بالتعاون مع "غرفة الموك" الموجودة في الأردن ضد قوات النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية.
[6] وهي حركة إسلامية تشكلت في منتصف العام 2012، تحت مسمى كتيبة "المثنى بن حارثة"، ثم تطورت فيما بعد حيث أصبح اسمها حركة المثنى الاسلامية، وكانت متواجدة في عدة قرى بالريف الغربي من درعا منها ( الشيخ سعد وجلين ومساكن جلين والمزيرعة ) إضافة لتواجدها في بعض أحياء مدينة درعا مثل ( طريق السد ودرعا البلد )، وكان يقدر عدد مقاتليها بحوالي (250) عنصراً حيث انشق عنها ما يقارب ال (100)عنصر بعد اندماجها مع لواء شهداء اليرموك و تشكيل "جيش خالد بن الوليد" الذي بايع تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك بتاريخ 19 حزيران/يونيو 2016.
[7] بدأت في 11 شباط / فبراير 2017، بعدما حاولت القوات النظامية السورية التقدم باتجاه جمرك درعا القديم الذي يربط سوريا مع الأردن، والذي يقع تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة، فتصدت فصائل المعارضة لهذا الهجوم متمثلة بغرفة عمليات البنيان المرصوص، و شنت هجوما عكسيا استطاعت من خلاله تحرير حوالي 90% من حي المنشية الذي كان تحت سيطرة القوات النظامية، وذلك بعد معركة دامت قرابة 4 أشهر.
[8] يتميزان بموقعهما الجغرافي المطل على عدة بلدات في حوض اليرموك كبلدات (الشيخ سعد والطيرة ومساكن جلين وتسيل).