الرئيسية تحقيقات مواضيعية تقرير مشترك: زلزال تركيا/سوريا: انتهاكات واسعة ومتكررة أثناء وعقب الاستجابة

تقرير مشترك: زلزال تركيا/سوريا: انتهاكات واسعة ومتكررة أثناء وعقب الاستجابة

يجب على المانحين في مؤتمر بروكسل 2023 ضمان أن لا يتمّ تسييس المساعدات الإنسانية ولا تُساهم في انتهاكات حقوق الملكية أو إحداث أي تغييرات ديمغرافية إضافية في شمال غرب سوريا

بواسطة communication
712 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة تظهر جانباً من الأنقاض في مدينة جنديرس بعفرين، على خلفية الزلزال المدمّر الذي ضرب كلاً من سوريا وتركيا يوم 6 شباط/فبراير 2023

1.   ملخص تنفيذي:

يوثق هذا التقرير المشترك مجموعة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان التي رافقت وتلت عملية الاستجابة لزلزال 6 شباط/فبراير 2023 المدّمر في سوريا. وتنوعت تلك الخروقات والتجاوزات ما بين: منع أو عرقلة دخول المساعدات المُنقذة للحياة أحياناً، وتوجيه تمييزي في عمليات الإنقاذ من بعض أطراف النزاع أحياناً أخرى، والتمييز في توزيع المساعدات والاستيلاء عليها والاقتطاع منها والاتجار بها و/أو تحويل وجهتها. كم تمّ توثيق انتهاكات متعلقة بحقوق السكن والأرض والملكية.

تورطت أطراف النزاع المختلفة في سوريا، في ارتكاب الانتهاكات، خلال وعقب كارثة الزلزال، حيث استغرقت الحكومة السورية أسبوعاً كاملاً للسماح بوصول المساعدات المنقذة للحياة عبر الحدود، وأغلقت تركيا حدودها مع سوريا خلال الـ48 ساعة الأولى بعد وقوع الزلزال؛ كما أعاقت الحكومة السورية وكذلك “الجيش الوطني السوري/المُعارض”، وصول المساعدات عبر خطوط النزاع إلى المجتمعات المتضررة، بينما منعت “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً” وصول المساعدات الآتية عبر خطوط التماس والتي حاولت الأمم المتحدة تسهيل وصولها إلى شمال غرب سوريا.

في ذات الوقت، كشفت الاستجابة البطيئة للزلزال عن عيوب آلية إيصال المساعدات عبر الحدود التي فوضها “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” في سوريا، وأبرزت الحاجة الماسة إلى بدائل، حيث اعترفت الأمم المتحدة بعد نحو أسبوع من  الزلزال بـ”الفشل” في إيصال المساعدات الكافية إلى سوريا.

هذا وتنقسم خريطة السيطرة العسكرية والإدارية في المحافظات السورية الأكثر تأثراً بالزلزال إلى ما يلي:

  • غرب البلاد: تقع كامل محافظات اللاذقية وحماه تحت سيطرة الحكومة السورية المركزية وقواتها.
  • شمال البلاد: تتوزع السيطرة في محافظة حلب على عدّة قطاعات:
  • تسيطر فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا عسكرياً على شمال وشمال غرب محافظة حلب، متضمنةً منطقة عفرين وجرابلس والباب وإعزاز، فيما تتسلم مناحيها الإدارية، “الحكومة السورية المؤقتة”.
  • تسيطر الحكومة السورية وقواتها على الجزء الجنوبي من المحافظة، مع وجود سيطرة لسلطات الإدارة الذاتية الكردية في مناطق مخيمات الشهباء.
  • شمال غرب البلاد/إدلب: تقع معظم محافظة إدلب تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام” عسكرياً، فيما تدار من قبل “حكومة الإنقاذ” التابعة للهيئة.

وبحسب أحدث إحصاءات “البنك الدولي”، المدرجة في تقرير نشر في 15 آذار/مارس 2023، “يعيش  6.6 مليون سوري، أي ما يقرب من 31 في المائة من سكان البلاد، في مواقع حيث وصلت شدة الزلزال إلى المستوى السادس (اهتزاز قوي) أو أعلى (..)، أمّا المحافظتان الأكثر تضرراً، من حيث الكثافة السكانية والشدة، هما إدلب وحلب.

في إدلب، يعيش 2.2 مليون فرد في مناطق متأثرة بشدة زلزال تصنف على أنها قوية و 571 ألف شخص في مناطق متأثرة بشدة قوية جداً/بالغة. الأرقام المقابلة في حلب هي 3.5 مليون (شدة قوية) و 200.000 (شدة قوية جداً/ بالغة). بالتركيز على مناطق شدة قوية جداً/ حادة، فإن المديريات الأكثر تضرراً هي عفرين (محافظة حلب) وحارم وإدلب (محافظة إدلب).”[1]

تفاوتت إحصائيات وفيات الزلزال في شمال سوريا، حيث أحصى “الدفاع المدني السوري” 2247 وفاة، و”فريق منسقو استجابة سوريا” 3467 وفاة، ووزارة الصحة في “الحكومة السورية المؤقتة” 4525 وفاة. فيما أعلنت الحكومة السورية على لسان وزير الصحّة بتاريخ 14 شباط/فبراير 2023، أنّ عدد ضحايا الزلزال وصل إلى 1414 وفاة و2357 إصابة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك في حصيلة غير نهائية.[2]

فيما يتعلق بالخسائر المادية، وثق “البنك الدولي”، في التقرير المذكور سابقاً، نسب الدمار التي أصابت القطاع السكني في المناطق المتضررة؛ مسجلاً الدمار الجزئي أو الكلي الذي حلّ ب 49,778 وحدة سكنية في مناطق سيطرة الحكومة السورية، و 23,579 وحدة في مناطق سيطرة فصائل المعارضة، لتكون خسائر إدلب 17,302 وحدة وحلب 64,724 وحدة، مشيراً إلى أن مدن جنديرس وإعزاز وحارم كانت الأكثر تضرراً في هذا القطاع.[3]

لغايات التوثيق، يأخذ هذا التقرير مقاربة مرتكزة على شهادات الضحايا المباشرين وغير المباشرين لكل من الزلزال والانتهاكات التي ارتكبتها أطراف النزاع المختلفة خلال عمليات الاستجابة وبعدها في القطاعات الثلاثة المذكورة أعلاه، تدعمها إفادات مجموعة متنوعة من المصادر، من ضمنها متطوعون مدنيون من فرق إنقاذ وعمال إغاثة، وعسكريون من فصائل المعارضة التي سيطرت على عمليات الاستجابة بشكل شبه كلي في مناطق سيطرتها.

يركز التقرير بشكلٍ خاص على شمال غرب سوريا، لخصوصية سياق المنطقة الديموغرافي والعسكري والإداري. للمنطقة تركيبة سكانية مختلطة، لاسيما في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية (سابقاً)، ومن ضمنها مدينة جنديرس، التي لا تزال تحاول الحفاظ على مجتمعاتها المحلية على الرغم من موجات التشريد القسري الهائلة التي شهدتها عقب عملية “غصن الزيتون” التركية عام 2018، فيما شكّلت ملجأً لعددٍ كبير من النازحين داخلياً الذين نزحوا من مناطق سورية مختلفة بفعل العمليات العسكرية أيضاً، وبالأخص من مناطق ريف دمشق.

عسكرياً، تمارس تركيا السيطرة الفعلية على المنطقة كقوة احتلال من خلال وكلائها من فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعومين منها، تاركةً الشؤون الإدارية “للحكومة السورية المؤقتة” ومجالسها المحلية شكلياً. أثرت سيطرة تركيا العسكرية في المنطقة على ديناميكيات الاستجابة للزلزل وأعاقتها بشكلٍ بالغ، حيث أنها سلمت إدارة ملف الاستجابة لفصائل “الجيش الوطني السوري” المنخرطة بانتهاكات موثقة لا تحصى خلال السنوات الماضية، فيما أفاد عدد من مصادر هذا التقرير أن المجالس المحلية في المنطقة كانت معطلة وغير قادرة على الاستجابة لعدم تحليها بالاستقلالية وتبعيتها لمؤسسات حكومية تركية، منها إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد).

هذا وقد وثق تحقيق لموقع “سوريا على طول”، نشر في 18 آذار/مارس 2023، أن المجالس المحلية في هذه المنطقة ترتبط إدارياً وبشكل فعلي، بولايات غازي عنتاب، هاتاي، وكلّس التركية، وليس بـ”الحكومة السورية المؤقتة”. كشف التحقيق أيضاً أن إدارة “آفاد” تفرض على الراغبين في تقديم المساعدات لمخيمات ريف حلب الشمالي التنسيق معها. ناقلاً عن مصادر، لم يسمها، تحدثت عن “وجود إدارة من آفاد، تضم شخصين أو ثلاثة أتراك، لا يستطيع أي شخص السكن في المخيم أو الخروج منه دون موافقتهم“. التحقيق كشف أيضا أن “آفاد”، التي “لا يمكن العمل في مناطق النفوذ التركي شمال سوريا من دون موافقتها، كانت غائبة عن المشهد في أول 20 يوم من الزلزال“، و أن “هذا الغياب تسبب في ضعف التنسيق بين المنظمات المحلية العاملة على الأرض بالمنطقة، باعتبار “آفاد” هي من توجه الفرق للعمل“.

وكان من اللافت إطلاق الجنود الأتراك الرصاص الحي في الهواء لتفريق وطرد مجموعة من المدنيين الذي توجهوا إلى قاعدة “تل سلور”، إحدى القواعد التركية في محيط جنديرس بريف عفرين، طلباً لتقديم الآليات الموجودة فيها للمساعدة في عمليات الإنقاذ، وذلك بحسب شهادات مباشرة تمّ الحصول عليها لغرض هذا التقرير.

ترى المنظمات الشريكة ضرورة إجراء تحقيق مستقل وشفاف حول أسباب تآخر أو منع وصول المساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا وشمال غربها بالأخص، سواء من قبل مؤسسات الأمم المتحدة، أو نتيجة عمليات المنع التي تمّت من قبل أطراف النزاع، مثل الحكومة السورية وفصائل الجيش الوطني السوري/المعارض وتنظيم “هيئة تحرير الشام”، واتخاذ تدابير وإجراءات فعالة لمساءلة المسؤولين، أفراداً وكيانات، وضمان منع تكرار ما حدث.

كما تطالب المنظمات الشريكة بإيجاد آلية مراقبة فعّالة تضمن عدم التمييز والتحيّز أثناء توزيع المساعدات الإنسانية في سوريا، وتمنع السيطرة على أجزاء منها من قبل أطراف النزاع، ووقف عمليات التسييس في توزيع المساعدات الإنسانية وضمان حصول جميع السوريين/ات عليها بشكل متساوٍ.

وأخيراً، ترى المنظمات الشريكة بضرورة إيلاء اهتمام خاص بحقوق السكن والأرض والملكيات في المناطق التي شهدت الزلزال المدمّر، وضمان أن لا تساهم المنح والمساعدات الإنسانية، التي سوف تتعهد بها الدول خلال مؤتمر بروكسل 2023، في إحداث أي تغييرات ديمغرافية إضافية أو تثبيت عمليات التغيير الديمغرافية القائمة.

لقراءة التقرير كاملاً (55 صفحة) بصيغة PDF يرجى الضغط هنا


 

[1] World Bank. Syria Earthquake 2023: Rapid Damage and Needs Assessment (English). Washington, D.C.: World Bank.

(البنك الدولي، “تقرير التقييم السريع لألضرار واالحتياجات الناتجة عن الزلزال في سوريا لعام 2023 “،واشنطن) Group. http://documents.worldbank.org/curated/en/099093003162314369/P1721710e2b4a60b40a5940f0793f8a0d24

[2] وزير الصحة: 1414 وفاة و2357 إصابة حصيلة ضحايا الزلزال حتى الآن. الوكالة السورية الرسمية للأبناء. 14 شباط/فبراير 2023. (آخر زيارة للرابط: 16 أيار/مايو 2023). https://www.sana.sy/?p=1840593

[3] مرجع سابق، البنك الدولي، “تقرير التقييم السريع”.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد