قامت “منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، وبدعم من الصندوق الوطني لدعم الديمقراطية NED، بتنظيم مجموعة من الجلسات التشاورية حضرها أكثر من 80 من النشطاء/ات وممثلين/ات عن منظمات المجتمع المدني، ومواطنين من شمال شرق وغرب سوريا.
تنشر “سوريون” هذه الورقة الثانية، كجزء من مجموعة أوراق لخّصت نتائج هذه الجلسات، وحيث سوف يتم نشرها تباعاً على شكل خمسة تقارير متسلسلة تمّ عنونتها كالتالي:
- التقرير الأول: آلية تشكيل وعمل اللجنة الدستورية السورية.
- التقرير الثاني: الشمولية/التضمين والتعددية.
- التقرير الثالث: العدالة الانتقالية.
- التقرير الرابع: الحوكمة والنظم القضائية.
- التقرير الخامس: العدالة الاجتماعية – الإيكولوجية والتجارب الشخصية.
كثيراً ما يُستخدم مصطلح “الشمولية و/أو التضمين” في المباحثات التي تدور حول عملية بناء السلام وخاصة في السياق السوري، إذ أنها عنصر جوهري من عناصر الحل المنتظر للصراع في البلاد التي شهدت في السنوات الأخيرة من الحرب تصاعد في حدة التوترات العرقية والدينية والطائفية ما أدى إلى حالة من الانقسام والضغينة بين المواطنين. ولذلك فإنَّ النتائج التي ستتمخض عن أعمال لجنة الدستور من الضروري أن تكون شاملة لجميع الآراء السورية على تنوعها واختلافها، وعليه يجب أن تتبع اللجنة منهج الشمولية في عملية بناء الدستور وذلك من خلال التشاور وأخذ آراء جميع مكونات المجتمع السوري بغضّ النظر عن مناطقهم وتوجهاتهم السياسية، مع إيلاء اهتمام خاص للأصوات النسائية، وبالتالي ستكون الشمولية مراعاة في مضمون الدستور الذي يتم تحضيره سواء كان جديداً بالكامل أم معدلاً.
هنالك تخوف حقيقي لدى شرائح واسعة من السوريين من عدم تمثيلهم كما يجب في اللجنة الدستورية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أشخاص مستقلون/ات فاعلون/ات في الفضاء المدني السوري والكرد السوريين ومكونات أخرى في شمال شرق سوريا. وبحسب معهد الشرق الأوسط، فإنَّ اللجنة الدستورية متحيزة وبشدة ضدَّ الكرد الذين يمثلون 4 % فقط من مجموع أعضائها، وهذه النسبة تمثل أقل من نصف عددهم بالنسبة للتعداد السكاني في سوريا ككل.
إنَّ الاستماع لآراء جميع أطياف الشعب السوري ومعرفة احتياجاتهم للحاضر وتطلعاتهم للمستقبل لن يدعم استمرارية الدستور الجديد أوالمعدّل فحسب، بل يمكن أن يكون بمثابة نقطة انطلاق للسوريين للبدء في معالجة تداعيات الحرب التي قسَّمتهم. وإنَّ عملية بناء دستور سوري تنتهج الشمولية بشكل حقيقي سوف لن تنتج فقط دستور يمثل جميع أطياف الشعب بل ستسمح أيضاً بالمصالحة بين المجموعات المتعارضة وبمعالجة المظالم وستمنع حدوث المزيد من الاستقطاب وتوقف تدهور الصراع. كما أنًّ اتباع نهج الشمولية في عملية وضع الدستور سيكون له تأثيراً إيجابياً على عملية بناء السلام ككل، بيد أنَّ تحقيق هذه الشمولية ليس بالمهمة السهلة. وبحسب الأستاذة “صباح الحلاق”، أحد أعضاء اللجنة الدستورية والعضوة في لجنة رابطة النساء السوريات منذ عام 1985، فإنَّ تحويل النقاشات النظرية حول التعددية والشمولية إلى أفعال هو أحد أهم شواغل اللجنة. وعلى حد تعبيرها:
“التنوع السوري ليس لوحة فسيفسائية تعلق على الحائط وتحظى بالإعجاب بل هو شيء يجب الدفاع عنه ودعمه بالقانون”.
صحيح أنَّ الحكومة السورية قامت بصياغة دستور جديد عام 2012، إلا أنَّ هذا الدستور لم يكن على درجة من الشمولية تسمح بتسوية الخلافات بين الناس وبالتالي تمهيد مسار جديد نحو حل الأزمة وتوحيد البلاد. وعليه يجب على اللجنة الدستورية أن تتفادى الوقوع في نفس الخطأ.
وفي هذا التقرير الثاني/الورقة الثانية من سلسلة التقارير الخمسة التي قمنا بإعدادها في سياق مشروع “أصوات سورية لدستور شامل”، وبدعم من الصندوق الوطني لدعم الديمقراطية، سنورد إجابات عن أسئلة جدلية حول الهوية الوطنية لسوريا وحقوق الإنسان قمنا بجمعها من مواطنين سوريين ذوي خلفيات سياسية وإثنية وجغرافية متنوعة وحرصنا على إبراز آراء الفئات التي لايتم تمثيلها بالقدر الكافي عادةً.
من المعروف عن العمليات الشمولية أنها غالباً ما تستغرق وقتاً طويلاً لإنجازها وبأنَّ الموضوعات التي تطرحها تتسم بأنها جدلية للغاية، وكان ذلك واضحاً في وجهات النظر المتضاربة حول الهوية السورية التي أدلى بها المواطنون والتي ستقرؤونها في هذا التقرير،
بيد أنَّ مثل هذه النقاشات الصعبة ضرورية لتحقيق الشمولية الحقيقية. وبالتوازي مع طرح المواضيع التي يختلف فيها السوريون سنلقي الضوء على الأمور التي تحظى برأي جامع من قِبَلِهم، وأيضاً تلك التي هم على استعداد أن يقدموا تنازلات فيها، كما سنقوم بتوضيح كيف أنَّ اتباع النهج الشمولي في عملية بناء الدستور هو خطوة قوية نحو المصالحة والسلام.
لقراءة التقرير كاملاً وبصيغة ملف PDF يُرجى الضغط هنا.