ملّخص تنفيذي:
بعد أشهر، وأحياناً سنوات، من الاعتقال والاختفاء القسري، صُدمت العديد من العائلات السوريّة، بوفاة أحباء لهم في معتقلات تابعة للأجهزة الأمنية السورية، بعد توثيق أسمائهم كمتوفين من قبل “دوائر السجل المدني” المتوّزعة في مناطق سورية مختلفة خاصة تلك الخاضعة لسيطرة الحكومة، منها محافظات حمص وحماه ودمشق بالإضافة إلى دير الزور المدينة، والتي قامت فيها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في هذا التقرير، برصد ومتابعة أخبار “إخطارات الوفاة” ابتداءاً من النصف الثاني من العام 2019، وحتى أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2020. وهي المدّة التي استطاعت فيها المنظمة الكشفت عن وفاة عشرات المحتجزين/المختفين قسراً داخل مراكز الاحتجاز التابعة للحكومة السورية، استناداً إلى وثائق تمّ تزويد ذويهم بها (حصلت عليها سوريون بشكل حصري)، تثبت الوفاة وشهادات من مصادر داخل بعض “دوائر السجل المدني”. وصولاً إلى محافظتي درعا والقنيطرة في الجنوب السوري التي تمّت تغطيتها ما بين شهر آب/أغسطس 2018، وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2020.
ففي مدينتي حمص وحماه، سلّمت دوائر السجل المدني التابعة للحكومة السورية، العشرات من وثائق الوفاة لعائلات محتجزين في سجون الأجهزة الأمنية، دون أن تحصل عائلات الضحايا على معلومات إضافية حول حيثيات وفاتهم أو أماكن دفنهم، باستثناء بيان الوفاة الذي سُجّل فيه تاريخ الوفاة وبعض المعلومات الشخصية الأخرى.
وفي دمشق وريفها، سجّلت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وفاة 5 محتجزين (على الأقل) من بينهم امرأتين، في سجون الأجهزة الأمنية السورية، بعد تسلّم ذويهم وثائق بوفاتهم عبر “دائرة السجل المدني” في دمشق.
أمّا في مدينة دير الزور، فقد قال مصدر من داخل “دائرة السجل المدني” في المدينة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ أعداد الضحايا المحتجزين الذين وردت إخطارات بأسمائهم إلى دائرة السجل المدني في المدينة كمتوفين، وتحديداً خلال الفترة الممتدة من 1 تشرين الأول/أكتوبر 2019 وحتى 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، بلغت نحو 370 محتجزاً، من بينهم 28 امرأة.
وفي محافظتي درعا والقنيطرة، سلّمت السلطات السورية العشرات من عائلات الضحايا، وثائق تفيد بوفاة ما لا يقلّ 54 محتجزاً ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لها، وذلك منذ تاريخ آب/أغسطس 2018، وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2020، حيث لم يشفع اتفاق التسوية الموقع في آب/أغسطس 2018، وبضمانة روسية، من تعرّض العديد من الأشخاص للاحتجاز والوفاة لاحقاً، رغم توقيعهم اتفاق التسوية/المصالحة مع الحكومة السورية. علماً أنّ غالبية الأشخاص الذين أرسلت وثائق تفيد بوفاتهم في سجون الأجهزة الأمنية السورية، كان قد تمّ اعتقالهم بعد “اتفاق التسوية”، بالإضافة إلى جزء آخر، تعرّض للاعتقال قبل هذا الاتفاق، ولكن عملية إبلاغ الأهالي تمّت بعد إجراء “التسوية”.
ولوحظ خلال الفترة قيد الدراسة، بأنّ السلطات السورية لم تقم بإبلاغ وإخطار الكثير من عائلات الضحايا بوفاة ذويهم (على عكس المرة السابقة)، بل إنّ الكثير منهم علم بمحض الصدفة، عندما ذهبوا إلى دائرة السجل المدني من أجل استصدار أوراق خاصة بهم، كـ”بيان القيد العائلي”، حيث صُدموا عندما شاهدوا كلمة “متوفي” تحت أسماء آبائهم أو أبنائهم أو أزواجهم.
في أغلب الحالات لم يتم تزويد عائلات الضحايا بأي معلومات أخرى تتعلق بحادثة الوفاة (باستثناء بيان الوفاة)، كما لم يتم ذكر أي توضيحات حول كيفية وفاتهم أو معرفة مكان دفنهم أو حتى تسليمهم لرفات الضحية.
وفي حالات قليلة جداً، تمّ إبلاغ عائلات الضحايا بوفاتهم عبر جهات أخرى، مثل “جهاز الشرطة” و”مختار الحي” أو “الأجهزة الأمنية السورية” نفسها، وتمّ تسليمهم جثث البعض الآخر.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها المنظمة، فقد سجّلت وفاة العديد من المحتجزين عقب فترة ليست طويلة من احتجازهم، ففي إحدى الحالات، سُجّلت وفاة إحدى النساء عقب شهرين فقط من احتجازها في مدينة دمشق، فيما سٌجّلت وفاة محتجزة أخرى من مدينة دوما عقب شهر واحد من فترة احتجازها.
وفي الجنوب السوري تحديداً، تعاني العديد من الأسر من تحديّات كبيرة عندما يتعلّق الأمر باستخراج شهادات تثبت وفاة ذويهم عبر دائرة السجل المدني، يعود ذلك في كثر من الأحيان إلى عمليات الابتزاز التي يتعرّض لها الأهالي من أجل دفع رشاوي للموظفين/ات.
سبق لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أن وثقت في تقرير سابق لها صدر بتاريخ 21 أيار/مايو 2020، عدم قدرة آلاف الأسر والعائلات في الجنوب السوري على استصدار وثائق وفاة لأفرادها المتوفين ممن قُتلوا بفعل قتالهم إلى جانب مختلف الفصائل المسلّحة (المعارضة منها والإسلامية)، أو جرّاء العمليات العسكرية بالعموم، أو بسبب الهجمات الجوية والبرّية خلال فترة سيطرة الفصائل المسلّحة على الجنوب السوري، وذلك بعد صدور قرارات شفوية و “غير معلنة” أصدرتها إدارات السجل المدني والأمانات التابعات لوزارة الداخلية السورية في الجنوب السوري في بداية آب/أغسطس 2018.[1]
كما سبق للمنظمة أن وثقت في تقرير سابق لها، وفاة مئات المحتجزين بعد ورود إخطارات بوفاتهم لدوائر السجل المدني في محافظة حماه، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين أواخر العام 2019 وبدايات العام 2019.[2]
منهجية التقرير:
اعتمد هذا التقرير في منهجيته على 21 شهادة ومقابلة بالمجمل، معظمها لعائلات تمّ منحها وثائق تفيد بوفاة ذويها في سجون الأجهزة الأمنية السورية منذ النصف الثاني من عام 2019 وحتى بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2020. حيث تمّ إجراء مقابلات مع ثلاث عائلات من مدينة حمص، و ثلاث عائلات من مدينة حماه، في حين قابل الباحثون الميدانيون لدى سوريون خمس عائلات تسلّمت شهادات بوفاة ذويهم من دائرة النفوس في مدينة دمشق، تلا ذلك مقابلة مع عائلتين توفي ذويهما في سجون الأجهزة الأمنية السورية بريف حماه الشمالي، كما تمّ الحصول على شهادة مصدر خاص من دائرة النفوس في مدينة دير الزور، وفي محافظة درعا تمّت مقابلة 6 عائلات أخرى بالإضافة إلى أحد الناشطين الإعلاميين.
تمّت هذه المقابلات بعضها بشكل مباشر من قبل الباحثين الميدانين، وبعضها الآخر عبر الانترنت وذلك خلال الفترة الزمنية الممتدة منذ أواخر العام 2019 وحتى بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
لقراءة التقرير كاملاً بصيغة ملف PDF يُرجى الضغط عنا (20 صفحة).
[1] “جنوب سوريا: آلاف الأسر والعائلات غير قادرة على استصدار وثائق مصيرية لأفرادها المتوفين”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 21 أيار/مايو 2020. آخر زيارة للرابط: 8 كانون الأول/ديسمبر 2020. https://stj-sy.org/ar/%d8%ac%d9%86%d9%88%d8%a8-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d8%a2%d9%84%d8%a7%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d8%a6%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d9%82%d8%a7/
[2] “إخطارات جديدة بوفاة مئات المحتجزين داخل سجون الأجهزة الأمنية السورية”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 18 حزيران/يونيو 2019. آخر زيارة للرابط: 4 كانون الأول/ديسمبر 2020. https://stj-sy.org/ar/%D8%A7%D8%A5%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%81%D8%A7%D8%A9-%D9%85%D8%A6%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A/