مقدمة: عمدت الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، إلى إغلاق العديد من المدارس الخاصة التابعة للكنائس المسيحية بما فيها مدارس سريانية وأرمنية، وذلك خلال شهر آب/أغسطس 2018، ففي تاريخ 7 آب/أغسطس 2018 وجهّت "هيئة التربية والتعليم" التابعة للإدارة الذاتية كتاباً إلى مدراس الأرمن والسريان الخاصة مطالبة إياها بإغلاق أبوابها، وذلك بسبب عدم ترخيصها من قبل الإدارة الذاتية وقيامها بتدريس منهاج لا تو فق عليه الإدارة الذاتية (منهاج الحكومة السورية)، وقد أثار هذا القرار غضب المكوّن المسيحي في مناطق الإدارة الذاتية تلاه رفض من قبل غالبية السريان الآشوريين. حيث رفضت تلك المدارس تدريس مناهج آخرى غير المنهاج التابع للحكومة السورية، باعتبار أنّ ذلك سيتسبّب في إغلاقها، ولا سيّما أنّ الحكومة السورية لم توافق على ترخيص هذه المدارس إلا بشرط تدريس مناهجها.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد أثار هذا القرار جدلاً واسعاً بين الأوساط الشعبية شمال شرقي سوريا ولا سيمّا مع اقتراب العام الدراسي الجديد لعام 2018-2019، كما تراوحت ردود الأفعال ما بين معارض ومؤيد لقرار الإدارة الذاتية، وخاصة في الأوساط السريانية نفسها، إذ أيّدت الكتل السريانية المشاركة في الإدارة الذاتية هذا القرار، وعلى رأسها "حزب الاتحاد السرياني" والمؤسسات التابعة له، بينما وقفت كنائس ومؤسسات ومنظمات سريانية أخرى ضد القرار، ووصفته بالتعسفي.
كما لفت الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إلى أنّ بعض الصفحات الموالية للكنائس المسيحية كانت قد نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 2 أيلول/سبتمبر 2018، إعلان التوصل إلى قرار يقضي بفتح جميع المدراس المغلقة والتابعة للكنائس المسيحية شمال شرقي سوريا، دون أن يتسنى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة التثبت من صحة ما ورد من هذا الإعلان.
صورة تظهر إعلان إحدى الصفحات الموالية للكنائس المسيحية، التوصل إلى اتفاق يقضي بفتح المدارس التي تمّ إغلاقها من قبل الإدارة الذاتية، وذلك بتاريخ 2 أيلول/سبتمبر 2018، مصدر الصورة: صفحة كاتدرائية "مار جرجس" للسريان الأرثوذكس في الحسكة.
أولاً: الإدارة الذاتية الديمقراطية تقوم بإغلاق المدارس السريانية والأرمنية الخاصة:
بعد إعلان تأسيس الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا في العام 2014، تشكلّت الهيئات التابعة لها، ومنها هيئة التربية والتعليم، والتي بدأت شيئاً فشيئاً بفرض منهاجها على كامل المدارس الحكومية في المنطقة عام 2016، بحيث يدّرس المكوّن الكردي المنهاج باللغة الكردية، والمكّون العربي المنهاج باللغة العربية، أما المكوّن السرياني فيدّرس المنهاج باللغة السريانية، فاقتصر الأمر بدايةً على طلاب الصف الأول والثاني والثالث الابتدائي، ثمّ وصل الأمر إلى إصدار مناهج حتى مستوى الصف العاشر الثانوي، أما المدارس الخاصة التابعة للكنائس المسيحية فقد كانت تقوم بتدريس منهاج الحكومة السورية مضافاً إليها مواداً لتدريس اللغتين السريانية والأرمنية.
بتاريخ 7 آب/أغسطس 2018، بعثت "هيئة التربية والتعليم" التابع للإدارة الذاتية في مقاطعة الجزيرة، كتاباً إلى مدارس السريان والأرمن الخاصة، مطالبةً إياها بإغلاق المدارس خلال مدة (24) ساعة، وذلك بحجّة عدم الترخيص من قبل الإدارة الذاتية وقيامها بتدريس مناهج لا توافق عليها الهيئة.
ومن جانبها فقد رفضت إدارة هذه المدارس تدريس منهاج آخر غير المنهاج التابع للحكومة السورية، لأنّ ذلك ستسبّب بإغلاق هذه المدارس من قبل الحكومة السورية، والتي رخّصت هذه المدارس بشرط تدريس مناهج الحكومة السورية حصراً.
وتستقبل هذه المدارس طلاباً من كافة مكوّنات المنطقة، وتنتشر في كافة مدن محافظة الحسكة من عرب وكرد وسريان، ممن يرفضون تدريس أطفالهم مناهج الإدارة الذاتية، والتي ينظرون إليها على أنها غير معترف بها من قبل الحكومة السورية وستؤثر بشكل سلبي على مستقبل أطفالهم.
صورة تظهر القرار القاضي بإغلاق مدرسة السريان الخاصة في مدينة ديريك/المالكية، وذلك بسبب عدم ترخيصها وذلك بتاريخ 7 آب/أغسطس 2018، مصدر الصورة ناشطون إعلاميون.
وعلى إثر هذا القرار، قامت قوات الأسايش التابعة للإدارة الذاتية، بإغلاق كافة المدارس السريانية والأرمنية الخاصة في كل من مدن ديريك/المالكية والدرباسية، إضافة إلى الحسكة والقامشلي/قامشلو.
ففي مدينة ديريك المالكية تمّ إغلاق كافة مدارس "السريان الأرثوذكس" ومجموعة مدارس "الأرمن الأرثوذكس" ومدارس "السريان الكاثوليك" ومدارس "البروتستانت"، كما تمّ إغلاق مجموعة مدارس الأمل الخاصة في كل من مدن الدرباسية والحسكة وقامشلو/القامشلي وتربسبية/القحطانية، وفي مدينة القامشلي/قامشلو تمّ إغلاق "مدرسة الحرية وميسلون"، ليبلغ مجموع المدارس المغلقة نحو (17) مدرسة توّزعت على مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، حيث عُرف منها بحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، ما يلي:
- المدارس السريانية الخاصة التي تمّ إغلاقها شمال شرقي سوريا:
- مدرسة الحرية الابتدائية في الحي الغربي من مدينة القامشلي/قامشلو.
- مدرسة الأمل الخاصة الابتدائية في حي الوسطى من مدينة القامشلي/قامشلو.
- مدرسة الأمل الخاصة الابتدائية والثانوية في شارع القوتلي من مدينة القامشلي/قامشلو.
- مدرسة الأمل الابتدائية في حي الأربوية بمدينة القامشلي/قامشلو.
- مدرسة الأمل الخاصة الابتدائية في مدينة الدرباسية.
- مدرسة الأمل الخاصة الابتدائية في مدينة القحطانية/تربسيه.
- مدرسة دجلة الخاصة في مدينة المالكية/ديريك.
- مدرسة الأمل الخاصة الابتدائية والثانوية في مدينة الحسكة.
- مدرسة الأمل الخاصة الابتدائية بحي الناصرة في الحسكة.
- مدرسة الموحدة الخاصة الابتدائية والثانوية في الحسكة.
- المدارس الأرمنية الخاصة التي تمّ إغلاقها شمال شرقي سوريا:
- مدرسة الاتحاد الإعدادية في مدينة القامشلي/قامشلو.
- مدرسة الفرات الابتدائية في القامشلي/قامشلو.
- مدرسة ابتدائية في مدينة الحسكة.
- مدرسة ابتدائية في مدينة المالكية/ديريك.
- مدرسة السلام الخاصة الابتدائية والإعدادية في مدينة القامشلي/قامشلو.
- مدارس البروتستانت التي تمّ إغلاقها شمال شرقي سوريا:
- مدرسة ميسلون ابتدائية وإعدادية في مدينة القامشلي/قامشلو.
- مدرسة فارس الخوري الابتدائية في مدينة القامشلي/قامشلو للطائفة الآشورية.
ثانياً: احتجاج شعبي ضدّ القرار:
بحسب ما روى أحد الأهالي في مدينة الدرباسية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ قوات الأسايش التابعة للإدارة الذاتية، كانت قد طلبت بتاريخ 7 آب/أغسطس 2018، من إدارة كنيسة "مار آسيا الحكيم" إغلاق المدرسة التابعة لها، وذلك بحجّة مخالفة التعاليم الموجهّة إليهم، حيث أفاد الشاهد بأنّ الكنيسة تأوي طلاباً من الصف التحضيري والأول الابتدائي وحتى الصف التاسع الإعدادي، وتابع قائلاً في هذا الصدد:
"فيما مضى أي قبل الأزمة السورية كان الصف الواحد يحوي (30-35) طالباً، ولكن بعد هذه الأزمة أمر "البابا" باحتواء الطلاب، ليحوي الصف الواحد ما يقارب (60) طالباً غالبيتهم من المكوّن الكردي ومن أبناء مدينة الدرباسية، ولا يزال الأهالي حتى يومنا هذا يرتادون الكنيسة بغية تسجيل أولادهم، إلا أنّ الكنيسة أوقفت النظام التعليمي عقب قرار إغلاق هذه المدارس، إلى حين قدوم "المطران" الذي يقوم بزيارة لأمريكا في الوقت الحالي".
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر ناقوس كنيسة "مار آسيا الحكيم" في مدينة الدرباسية، وقد تمّ التقاط هذه الصورة خلال شهر آب/أغسطس 2018.
وبتاريخ 28 آب/أغسطس 2018، أقدمت قوات "السوتورو" والتي تتبع لحزب الاتحاد السرياني المنضوي تحت لواء الإدارة الذاتية، على إغلاق ما تبقّى من هذه المدارس في مدينة القامشلي/قامشلو، الأمر الذي دعا الأهالي من المكوّن السرياني والأرمني للتظاهر في اليوم ذاته وتحديداً في "حي الوسطى" وسط مدينة القامشلي، حيث اتجه المتظاهرون إلى "مدرسة الأمل" الخاصة والتابعة لكنيسة "السيدة العذراء"، وذلك بغية إعادة فتحها مجدداً، ما دفع قوات "السوتورو" إلى إطلاق الأعيرة النارية في الهواء لتفريق المتظاهرين الذين أصرّوا على إعادة فتح المدارس لضمان عودة أولادهم إليها.
إحدى المشاركات في هذه المظاهرة التي خرجت احتجاجاً على قرار إغلاق المدراس السريانية والأرمنية الخاصة في مدينة القامشلي/قامشلو، قالت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ المتظاهرين خرجوا لفتح المدارس التي تمّ إغلاقها عنوة، حيث روت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الخصوص قائلة:
"عليهم ألّا يغلقوا مدراسنا، بما فيها السريانية والأرمنية، فأولادنا في هذه الحالة سيبقون بلا مدارس ولن يستطيعوا الحراك بعد الآن، كما أننا لا نقبل بهذه الممارسات، فنحن مع الحكومة السورية وما تريده الحكومة السورية نريده نحن، فغالبية أولادنا هاجروا البلد خوفاً من ممارسات الإدارة الذاتية، والآن جاء دور المدارس!!، نحن كلنا هنا، وإن كلّف ذلك موتنا فإننا سنفتح هذه المدارس."
صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من تجمّع عشرات الأهالي من المكوّن السرياني، للتظاهر أمام مدرسة الأمل في مدينة القامشلي/قامشلو، وذلك احتجاجاً على قرار إغلاق المدارس.
ثالثاً: استنكار ورفض ومحاولات لإيقاف قرار إغلاق المدراس:
بتاريخ 9 آب/أغسطس 2018، وصفت المنظمة الآثورية الديمقراطية في تصريح صحفي، حجج الإدارة الذاتية بالواهية والغير مقنعة، وبأنّ هذه المدارس جرى ترخيصها من قبل الدولة السورية منذ عام 1935، وبأنها تقوم بتدريس المناهج الرسمية المعتمدة في البلاد وفق شروط الترخيص إضافة إلى بعض الحصص لتدريس اللغة السريانية كلغة طقسية.
ورأت المنظمة الآثورية الديمقراطية بأنّ هذه القرار يستهدف أبناء المكون السرياني الآشوري، ويتناقض مع الحرص الذي تظهره هذه الإدارة على وحدة البلاد، ويتعارض مع المزاعم الديمقراطية التي تتفاخر بها وفي الصميم منها (ديمقراطية التعليم)، على حد وصف بيانهم.
صورة تظهر البيان الصادر عن المنظمة الآثورية الديمقراطية بتاريخ 9 آب/أغسطس 2018، وذلك حول قرار إغلاق مدارس السريان الخاصة، في شمال شرقي سوريا، مصدر الصورة: المنظمة الآثورية الديمقراطية.
وفي هذا الخصوص، قال "داوود داوود" عضو المكتب السياسي في المنظمة الآثورية الديمقراطية، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ المنظمة ترفض هذا القرار وتستنكره، لما فيه من خطر كبير عل جيل الطلبة الجديد على حد وصفه. ووصف القرار بأنه يفتقر إلى النضوج، وقال بأنّ كافّة المكونات في المنطقة ترفض هذا القرار وهذه المناهج بما فيهم المكوّن الكردي، والسرياني الآشوري والمكوّن العربي، وطالب الإدارة الذاتية بإعادة النظر في القرار وإلغائه لتعود الأمور إلى نصابها على حد وصفه.
وأشار "داوود داوود" في حديثه مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ مسألة المناهج التدريسية يتم إقراره حينما تستقرّ الأمور في سوريا ويتوصل السوريون لدستور جديد وشكل دولة جديد، وعلّق قائلاً:
"منذ سنتين حاولت الهيئة المسيحية والتي تتألف من الكنائس والأحزاب، والتي تمّثل كافة المكوّن المسيحي من سريان آشوريين وأرمن، حاولت التواصل مع الإدارة الذاتية الديمقراطية، وتفاهم الطرفان على أن تستمرّ المدارس الخاصة بتعليم مناهج الدولة، بشرط ألّا يتم استقبال طلاب جدد، ولكن كانت المفاجأة الآن أن تطلب من هذه المدارس أولاً الترخيص من قبل الإدارة الذاتية وثانياً تعليم مناهج الإدارة وهذا يخالف أصلاً موضوع تراخيص هذه المدارس، كما أنّ المناهج التي تفرضها الإدارة الذاتية تفتقر إلى القانونية، فليس هنالك جهة رسمية دولية أو محلية تعترف بهذه المناهج، أي أنّ الطالب يتم تدريسه منهاج مصيره مجهول."
وعقب صدور هذا القرار، دخلت "هيئة الكنائس" للطائفة المسيحية في حوارات مطوّلة مع الإدارة الذاتية لإيقاف قرار إغلاق المدارس السريانية والأرمنية الخاصة شمال شرقي سوريا، وفرض المناهج الدراسية التي أصدرتها هيئة التربية والتعليم التابعة لها، حيث روى الدكتور "سيروب" عضو مطرانية الأرمن في محافظة الحسكة، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ لقاءات تشاورية تجري حالياً مع هيئة التربية والتعليم وحزب الاتحاد السرياني التابعين للإدارة الذاتية من جهة، إلى جانب الطائفة السريانية من جهة أخرى، حيث قال:
"نحن لدينا مرجعيات، ولا نستطيع ترخيص مدارسنا من الإدارة الذاتية ولا يمكننا أن ندّرس بغير منهاج الدولة السورية، فنحن لدينا مرجعيات في دمشق وأرمينيا وبيروت ومدراسنا منتشرة في كل سوريا، والأهم أننا لا نعادي أحداً ولا يمكننا اجتياز الخطوط الحمراء، كما أننا في مطرانية الأرمن سنحاول اجتياز هذه المرحلة الصعبة بالحوار الأخوي كي لا يحدث ما لا يُحمد عقباه، ويجب أن تكون المدراس مفتوحة لأنها تعتبر مشاعل النور ومصدر تخريج أطفالنا، كي لا يبقى أطفالنا في الشارع، هذا هو هدفنا الأساسي، وفي الأيام القادمة ستكون حواراتنا مع السريان والكاثوليك و وحزب الاتحاد السرياني والأخوة الكرد، بأنّ هذه الأعمال ليست لصالح أحد، نحن نريد أن تحوي مدارسنا الأطفال من كافة المكوّنات، ولكن إخواننا الكرد لا يقبلون بتدريس الأطفال الكرد في هذه المدارس، ناهيك عن أنّ غالبية المعارف الكرد يطالبوننا بتسجيل أولادهم في مدارسنا وليس بإمكاننا أن نرفض طلبهم، وهذا الشيء ترفضه الإدارة الذاتية، ولكن اذا كان ذلك سيتسبّب بجعل أطفالنا في الشوارع فنحن لن نقبل به."
وبتاريخ 18 آب/أغسطس 2018، اجتمع رؤساء وكهنة الكنائس المسيحية في محافظة الحسكة، وتحديداً في مدينة القامشلي/قامشلو، من أجل الحديث حول إبلاغ الإدارة الذاتية للكنائس بوجوب ترخيص المدراس وفرض مناهجها تحت طائلة الإغلاق، إضافة "للاعتداء بأشكال مختلفة على حقوق أبناء الكنيسة وممتلكاتهم وأراضيهم بشكل مباشر وغير مباشر"، بحسب محضر الاجتماع الذي نشره رؤساء وكهنة المدارس، كما رفض المجتمعون بأي شكل من أشكال التعدي على حقوق المسيحيين تحت أي بند أو ظرف، كذلك فرض تراخيص ومناهج الإدارة الذاتية، بما أنّ هذه المدراس تتمتع بالشرعية القانونية على حد وصف المحضر الصادر عن الاجتماع، وذكر المحضر بأنّ المدارس لا تقلّ شأناً عن الكنائس، وبأنّ إغلاقها يمسّ الوجود المسيحي، ودعا الكهنة إلى وجوب احترام حقوق المسيحيين لأنهم دعاة سلام ومحبة، كما طالبوا الإدارة الذاتية بمراجعة قرارهم والعودة عنه حرصاً على أجواء المحبة والألفة والسلام والعيش المشترك في المحافظة.
صورة تظهر التصريح الصادر عن رؤساء وكهنة الكنائس المسيحية في الجزيرة والفرات بتاريخ 18 آب/أغسطس 2018، وذلك حول قرار إغلاق مدارس السريان والأرمن الخاصة من قبل الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، مصدر الصورة: وكالات إعلامية.
وكان المكتب السياسي للمنظمة الآثورية الديمقراطية، قد نشر بتاريخ 29 آب/أغسطس 2018، تصريحاً[1] حول إغلاق مدارس السريان في القامشلي، طالب فيها الإدارة الذاتية بالرجوع عن هذه القرارات محذراً بنفس الوقت من "محاولات بعض الجهات والأشخاص استغلال قضية المدارس وحرفها عن مسارها الحقيقي من أجل تمرير أجندات مشبوهة ترمي إلى تأجيج الصراعات وإثارة الأحقاد القومية والدينية وخلق الفتن بين أبناء المنطقة."
رابعاً: ردود أفعال هيئة التربية وحزب الاتحاد السرياني التابعين للإدارة الذاتية:
"حنا صومي" وهو عضو الجمعية الثقافية السريانية التابع للاتحاد السرياني والذي يتبع بدوره للإدارة الذاتية، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ المدارس التي تمّ إغلاقها تابعة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية وهي تدّرس اللغة السريانية كلغة ثانوية، وبأنهم يطمحون إلى تدريس المنهاج باللغة السريانية بشكل أساسي، وتابع قائلاً حول هذا الموضوع:
"أردنا من خلال تدريس اللغة السريانية، أن نقويها لأن السرياني حينما يكبر ينسى كل شيء متعلق بلغته، وكل همنا أن نخرّج أشخاص بموروثات وعقل سرياني يفتخر بتاريخه وبالأقوام الأخرى، ونأمل أن تكون هذه المناهج لإحياء لغة سوريا القديمة التي اندثرت ولا نقبل إلا أن تعود سوريا إلى آراميتها".
وتعتبر الجمعية الثقافية السريانية والتي تأسست عام 2007، اللغة الآرامية السريانية على أنها إحدى اللغات السامية والتي كانت يوماً لغة رسمية لإمبراطوريات قوية وواسعة الأرجاء، كالآشورية والبابلية والفارسية إضافة إلى أنها كانت لغة حضارة الرافدين.
من جانبها أصدرت هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية، بياناً بتاريخ 29 آب/أغسطس 2018، ذكرت فيه بأنّ محضر اجتماع رؤساء الكنائس والكهنة يتضّمن جملة من الافتراءات ضد الإدارة الذاتية وهيئة التربية والتعليم التابعة لها، ومنها اتهامها بالتعدي والتدخل في حقوق المسيحيين وفرض التراخيص والمناهج على مدارس الكنائس، وأكدوا بأنه لا توجد مدارس خاصة بالمكوّنين الأرمني والسرياني، وإنما هي مدارس خاصة بالحكومة السورية، من جميع النواحي العملية التربوية والتعليمية، ومرّخصة من قبل الحكومة السورية، وبأسماء أشخاص عاديين وتستخدم كمشاريع تجارية وكمعابر لتعميم مناهج "حزب البعث العربي الاشتراكي والفكر الشمولي واللاديمقراطي" على حد وصف البيان.
وأفاد البيان "أنّ رؤساء الكنائس والكهنة يرفضون إدخال اللغتين الأرمنية والسريانية ويكتفون باللغة الطقسية بينما الإدارة الذاتية تتولى تقديم كافة الخدمات المادية والمعنوية للمدارس الخاصة بالمكونين السرياني والأرمني، من الناحيتين القومية والدينية".
صورة تظهر البيان الصادر عن هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية وذلك بتاريخ 29 آب/أغسطس 2018. مصدر الصورة: هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية.
وكانت الجمعية الثقافية السريانية التابعة للإدارة الذاتية، ومؤسسة "أولف تاو" المعنيتين بالتربية والتعليم وتحضير المناهج باللغة السريانية، قد نشرتا توضيحاً بتاريخ 28 آب/أغسطس 2018، ذكرت فيه أنها بعثت بكوادرها الإداريين في اليوم ذاته، إلى بعض المدارس العائدة للكنيسة السريانية الأرثوذوكسية، وذلك بهدف اللقاء والمناقشة على آلية تطبيق المناهج السريانية باللغة السريانية، وأكدوا بأنهم ليس لديهم نية بإغلاق هذه المدارس، مشيرة إلى أنّ عليها الاستمرار في تعليم للأطفال والتشارك في تعليم اللغة السريانية.
صورة تظهر التوضيح الصادر عن الجمعية الثقافية السريانية ومؤسسة "أولف تاو"، حول تطبيق المناهج السريانية وذلك بتاريخ 30 آب/أغسطس 2018، مصدر الصورة: هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية.
وسبق لهيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية، أن حاولت فرض مناهجها على المدارس الخاصة السريانية في الفصل الدراسي لعام 2016، إلا أنّ إداراة تلك المدارس رفضت تدريسها، وبحسب بعض المصادر المطلّعة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد توصل الطرفان آنذاك لاتفاق يقضي بضرورة عدم تسجيل طلاب جدد في الصفوف الخمسة الابتدائية، وبخاصة من المكوّنين العربي والكردي، كشرط لعدم إغلاق هذه المدارس واستمراريتها في تعليم منهاج الحكومة السورية، إلا أنّ خرق إدارة هذه المدارس لشروط الاتفاق، أثار غضب هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية، وذلك نظراً لالتحاق الكثير من الأطفال بهذه المدارس ورفضهم التعلّم في مدارس الإدارة الذاتية.
[1]" تصريح من المكتب السياسي للمنظمة الآثورية الديمقراطية حول إغلاق مدارس السريان في القامشلي"، آدو الإخباري / ADO News، تمّ نشر التصريح بتاريخ 29 آب/أغسطس 2018. (آخر زيارة 5 أيلول/سبتمبر 2018). https://www.facebook.com/ADONews/posts/2262926127069087?__tn__=K-R.