اعتقلت القوات النّظامية السّورية عدداً من أهالي الغوطة الشرقية بريف دمشق -بينهم نساء- ممن عادوا من شمالي سوريا إلى الغوطة بعد أن حصلوا على ضمانات من القائمين على "ملف المصالحات" بعدم التعرض لهم/لهنّ أو الاعتقال حال عودتهم، حيث توفي أحدهم بعد اعتقاله وتم تسليم جثته لذويه، وذلك بحسب شهادات حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
وقال الناشط "أسامة العمري" -من أبناء الغوطة الشرقية والمقيم في مدينة الباب بريف حلب- في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 12 آب/أغسطس 2018، إنهم وثقوا اعتقال 19 شخصاً بينهم 11 إمرأة من أصل 150 شخصاً عادوا إلى الغوطة الشرقية من المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل "درع الفرات".
وأضاف "العمري" أن آخر عملية اعتقال كانت بتاريخ 5 آب/أغسطس 2018، ويعتقل الأشخاص غالباً من حاجز "القطيفة"، كما أشار الناشط أن أعداد العائدين مازالت تتزايد حيث بدأت العودة في شهر أيار/مايو 2018، ومن أبرز أسبابها؛ تخوف الناس من استيلاء الحكومة السوريّة على أملاكهم بموجب "القانون رقم 10"، والظروف المعيشية الصعبة التي واجهوها في شمالي سوريا.
وحول حادثة مقتل أحد المعتقلين -من العائدين مؤخراً إلى مدينة دوما- بعد اعتقاله من قبل القوات النظامية السورية، قال "محمد ورد" أحد أقارب المعتقل "عدنان بويضاني" في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 12 آب/أغسطس 2018:
إن "عدنان بويضاني" -وهو مريض قلب- عاد من مدينة الباب إلى مدينة دوما في أواخر شهر تموز/يوليو 2018 بعد أن تلقى وعوداً بعدم اعتقاله، وقامت القوات النظامية السورية بمداهمة منزله في مدينة دوما واعتقاله حيث أودعته في سجن (لم يحدد اسمه) مع عدد كبير من المعتقلين وقطعت الدواء عنه ما تسبب بوفاته وتم تسليم جثته لذويه بتاريخ 8 آب/أغسطس 2018".
صورة لـ"عدنان بويضاني" الذي توفي جراء نقص الرعاية الصحية في سجنون النظام السوري وتم تسليم جثته لذويه في مدينة دوما بريف دمشق، نشرتها "تنسيقية مدينة دوما" بتاريخ 8 آب/أغسطس 2018.
وتكون العودة من شمالي سوريا للراغبين بذلك بعد تواصل ذويهم في مدينة دوما مع أشخاص من "مسؤولي إجراء المصالحات" وتلقيهم وعوداً وضمانات بعد اعتقالهم بناء على وعود قدمها رؤوساء الأفرع الأمنية التابعة للأجهزة الأمنية السورية، وتتم العودة بانطلاق حافلات تابعة لشركات نقل مسافرين مثل "مكتب الرضوان" من مدينة الباب ومنها إلى مدينة منبج الواقعة تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية/قسد" ومنها إلى مدينة حلب الخاضعة ليسطرة حكومة النظام السوري ومنها إلى دمشق، وذلك بحسب ما قال الناشط "مجد بكورة" -من أبناء الغوطة الشرقية والمقيم في مدينة الباب بحلب- في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 12 آب/أغسطس 2018.
وأضاف "بكورة" أن العائدين إلى الغوطة الشرقية كانوا قد نسقوا مع أقاربهم في مدينة دوما وغيرها قبل العودة على أن يتم "إجراء مصالحات وتسوية أوضاع لهم"، إلا أن القوات النّظامية السورية اعتقلت العديد منهم كما استدعت آخرين إلى الأفرع الأمنية.
وكانت الغوطة الشرقية شهدت واحدة من أسوء وأعنف الهجمات العسكرية التي قادتها القوات النظامية السورية بدعم ومساندة مباشرة من الطيران الحربي الروسي جواً والميليشيات الأجنبية والقوات الرديفة المساندة لها براً، أسفرت هذه العملية العسكرية عن مقتل مالا يقل عن (2000) مدني فضلاً عن إصابة الآلاف، انتهت هذه الحملة بسيطرة القوات النظامية السورية وحلفائها على كامل الغوطة الشرقية، وذلك بعد توقيع عدة اتفاقيات مع فصائل المعارضة المسلّحة هناك، حيث قامت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بنشر تقرير موسع من 84 صفحة حول الأحداث التي دارت في المنطقة في الفترة الواقعة ما بين 18 شباط/فبراير 2018 و 8 نيسان/أبريل من العام ذاته، وحمل عنوان "لم يسبق لها مثيل".