قامت القوات النّظامية السورية مؤخراً بعقد اتفاق مع التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم "الدولة الإسلامية" والمعروف باسم "تنظيم داعش"، حيث نصّ "الاتفاق" على نقل عناصر الأخير من منطقة حوض اليرموك في درعا إلى مناطق شرقي محافظة السويداء، مقابل أمور عدة أبرزها؛ إطلاق سراح المخطوفين والمخطوفات من أبناء الطائفة الدرزية لدى التنظيم والذين تمّ خطفهم خلال العمليات العسكرية الأخيرة التي قام بها تنظيم داعش في محافظة السويداء[1] وذلك بتاريخ 25 تمّوز/يوليو 2018، لتتمكن القوات النّظامية بموجب الاتفاق من السيطرة على كامل محافظة درعا مستعينة بما أسمته "القوات الرديفة"[2]، ولكن تنفيذ الاتفاق توقف بسبب تنفيذ "القوات الرديفة" عمليات إعدام بحق عدد من عناصر "تنظيم داعش."
قال الناشط المحلي "سلام عزام"[3] المقيم في محافظة السويداء، في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 1 آب/أغسطس 2018، إن عناصر تنظيم "داعش" المتواجدين قرب الريف الشرقي لمحافظة السويداء طلبوا التفاوض مع القوات النّظامية السورية حول إخراج عناصرهم المحاصرين في حوض اليرموك بدرعا بالإضافة إلى إطلاق سراح 100 معتقل للتنظيم ما بين رجل وامرأة لدى القوات النظامية السورية وذلك مقابل إطلاق سراح المدنيين الذين اختطفهم التنظيم من محافظة السويداء خلال هجماته التي نفذها يوم 25 تموز/يوليو 2018، حيث وافقت القوات النّظامية على تلك المطالب.
وكان عدد عناصر التنظيم المحاصرين في حوض اليرموك يقدّر بنحو 1200 إلى 1500 عنصراً، قتل منهم نحو 300 عنصراً، بحسب ما نقل "عزام" عن مصادر في المنطقة، في حين يقدر عدد العناصر الذين تم نقلهم من حوض اليرموك إلى مناطق في السويداء نحو 700 عنصراً مع أسلحتهم وعائلاتهم.
وتابع الناشط قائلاً:
"لقد بدأ تنفيذ الاتفاق وتم نقل نحو 700 عنصر من تنظيم "داعش" مع عائلاتهم وسلاحهم، حيث تم نقلهم من حوض اليرموك إلى "مساكن جلين" و"الشركة الليبية" في محافظة درعا، ومن هناك تم نقلهم على عدة دفعات على مدار يومي الجمعة والسبت 28 و29 تموز/يوليو 2018 بسرية تامة إلى منطقة حوش حماد في منطقة اللجاة المتاخمة للريف الغربي والشمالي ومنطقة الديات شرق السويداء الخاضعة للتنظيم، لكن الاتفاق توقف ولم يتم نقل باقي العناصر ولا إطلاق سراح المخطوفين من أبناء محافظة السويداء بسبب تنفيذ "القوات الرديفة" عمليات إعدام بحق نحو 48 عنصراً من "تنظيم داعش" كانوا قد سلموا أنفسهم في حوض اليرموك تمهيداً لبدء نقلهم وفق الاتفاق."
وحول عمليات الإعدام التي تم تنفيذها، قال الناشط "محمد الشرع" عضو "مكتب توثيق شهداء درعا" في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 1 آب/أغسطس 2018، إن عناصر "تنظيم داعش" سلموا أنفسهم لـ"القوات الرديفة" المتواجدة في بلدتي طفس وحيط، حيث تم نقلهم إلى مراكز احتجاز داخل البلدتين، حيث أكد الناشط وجود أشخاص مدنيين بين هؤلاء المحتجزين لكن دون معرفة أعدادهم الدقيقة وأسمائهم.
وتابع الناشط قائلاً: "هذه أول عملية إعدام ميداني مباشر جرت، سبق أن قام كلاً من تنظيم داعش والفصائل المعارضة بالتمثيل بجثث القتلى وإعدام الأسرى، ولكن هذه أول عملية مباشرة وبعدد كبير، حيث قام "جيش الثورة" الذي انضم مؤخراً إلى "القوات الرديفة" بتنفيذ الإعدام رمياً بالرصاص بحق أكثر من 25 عنصراً من تنظيم داعش، ونعتقد أن هناك مدنيين بين الأشخاص الذين تم إعدامهم نحاول الوصول إلى أسمائهم وعددهم، لقد تمت عملية الإعدام في وادي حيط بعد أن تم نقلهم من مركز احتجاز في البلدة." وذلك بحسب ما نقله الشرع عن مصادر عدة متواجدة في المنطقة.
ويقدر عدد عناصر "تنظيم داعش" المتواجدين في حوض اليرموك بـ(55) عنصراً فقط، وذلك بعد تم الاتفاق بين التنظيم والقوات النظامية على نقل نحو 1500 عنصراً، في حين يقدر عدد المدنيين المحاصرين في في وادي كويا بـ(1500) مدني، وفق ما قال "الشرع".
صورة لأحد الأسرى قبل وبعد تنفيذ الإعدام من قبل "القوات الرديفة" في منطقة وادي حيط يوم 31 تموز/يوليو 2018، مصدر الصورة الناشط "محمد الشرع".
وقال الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة إنه من الصعب جداً التأكد من وجود أشخاص مدنيين بين الأسرى وبين الذين تم إعدامهم، لكن الأمر المؤكد هو عدم وجود نساء وأطفال بين الأشخاص الذين تم إعدامهم من قبل "القوات الرديفة"، مشيراً أن "القوات الرديفة" التي شاركت القوات النّظامية السوّرية في الحملة على حوض اليرموك هم مقاتلون ينتمون إلى فصائل "جيش الثورة ومجلس تسيل العسكري ومقاتلون من بلدة حيط."
صورة لأحد الأسرى قبل وبعد تنفيذ الإعدام من قبل "القوات الرديفة" في منطقة وادي حيط يوم 31 تموز/يوليو 2018، مصدر الصورة الناشط "محمد الشرع".
إلى ذلك، أشار الناشط "عزام" أن القوات النظامية استقدمت تعزيزات عسكرية إلى الريف الشرقي لمحافظة السويداء بعد أن نقلت عناصر "تنظيم داعش" بموجب الاتفاق، حيث تم رصد وصول 300 عنصراً من "الفرقة "15 و8 دبابات للريف الشرقي، ورصدت تحركات للتنظيم باللريف الجنوبي كما نفذ هجوماً على مطار خلخلة العسكري بالريف الشمالي يوم 1 آب/أغسطس 2018، أسفر عن مقتل 8 للقوات النظامية، في حين نشرت "وكالة أعماق" التابعة للتنظيم عن مقتل 45 عنصراً جراء العملية.
صورة إعلان نتائج عملية عسكرية نفذذها تنظيم "الدولة الإسلامية" في محافظة السويداء، نشرتها "وكالة إعماق" التابعة للتنظيم.
وكان تنظيم "داعش" شن عدة هجمات دامية على مناطق متفرقة في محافظة السويداء أسفرت عن مقتل وجرح العشرات في 25 تموز/يوليو 2018، وتزامنت هذه الهجمات مع عمليات خطف طالت مالا يقل عن 22 إمرأة وطفلاً إضافة إلى عمليات إعدام ميدانية لمدنيين من الطائفة الدرزية، حيث قامت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بنشر أخبار وشهادات مفصلة حول الحوادث.
[1] لقراءة المزيد حول تلك الحوادث يرجى الإطلاع التقرير الصادر من قبل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بتاريخ 30 تمّوز/يوليو 2018، والمعنون " اختطاف 21 إمرأة وطفلا في السويداء وارتفاع حصيلة ضحايا الهجمات الدامية في المحافظة" على الرابط التالي: https://stj-sy.org/ar/view/650
[2] تطلق تسمية "القوات الرديفة" على عناصر من فصائل المعارضة أجروا "مصالحة" مع القوات النظامية السورية بموجب الاتفاق بين الطرفين لإنهاء النزاع في محافظة درعا، وتضم مئات العناصر من "لواء أحرار طفس ولواء المعتز بالله وجيش الأبابيل وألوية قاسيون وجيش الثورة وغرفة عمليات "واعتصموا" والمجلس العسكري في الحارة والمجلس العسكري في تسيل وغرفة سيوف الحق ولواء أحرار قيطة وغرفة عمليات النصر المبين وفصائل أخرى من المنطقة الشرقية".
[3] اسم مستعار لأحد النشطاء، حيث رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية.