مقدّمة: قُتل ما لا يقل عن (50) شخصا ًبينهم نساءُ وأطفال، وأصيب أكثر من (80) آخرين، إثر قصف جوي طال أحد الأحياء السكنية في بلدة زردنا بريف إدلب، وذلك بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2018. ووفقاً للعديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ طيراناً حربياً يُعتقد أنه روسي، كان قد شنّ غارتين على الحي الجنوبي من البلدة، وكان قد ألقى بأربعة صواريخ فراغية دفعة واحدة خلال كل غارة، وهو ما تسبّب في زيادة أعداد القتلى والجرحى من المدنيين.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تزامن القصف على الحي الجنوبي من بلدة زردنا، مع توجه عشرات المصلين إلى مسجد الحي لأداء صلاة التراويح في شهر رمضان. وهو ما ساهم في ازدياد أعداد القتلى، كما لفت إلى أنّ بلدة زردنا هي بلدة صغيرة ولا يتجاوز عدد سكانها (7000) نسمة، إلا أنها وعلى الرغم من ذلك تعتبر بلدة هامة نظراً لموقعها الاستراتيجي وقربها من بلدتي كفريا والفوعة الخاضعتين للقوات النظامية السورية والتي تقطنها غالبية من الطائفة الشيعية، كما أشار الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إلى أنّ اشتباكات مسّلحة كانت قد اندلعت قبيل يوم واحد من هذه المجزرة، ما بين فصائل المعارضة السورية المسلحة من جهة والقوات النظامية السورية والميليشيات الموالية لها من جهة أخرى، وذلك على جبهات القتال ما بين بلدات زردنا وكفريا والفوعة في محافظة إدلب، مشيراً إلى أنّ هذه الاشتباكات كانت قد أسفرت عن إصابة عدد من عناصر المليشيات الموالية للقوات النظامية السورية، وذلك بعد محاولة الأخيرة القيام بعمليات قنص متعددة واستهداف للطرق الرئيسية الواصلة ما بين بلدات كفريا والفوعة وزردنا، كما أفاد الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ البلدة كانت شهدت قبيل وقوع المجزرة بعدة أيام مواجهات واشتباكات عسكرية ما بين هيئة تحرير الشام من جهة وفصيل جيش الأحرار إضافة إلى فصائل أخرى مثل صقور الشام من جهة أخرى، وقد أفضت هذه المواجهات إلى سيطرة هيئة تحرير الشام على قسم من بلدة زردنا في حين سيطر فصيل جيش الأحرار وصقور الشام على قسم آخر منها.
ومن الجدير ذكره إلى أنّ هذه المجزرة جاءت عقب يوم واحد من إعلان الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بقاء قوات بلاده على الأراضي السورية من أجل ضمان أمن روسيا في المنطقة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" قد أبدى عن قلقه العميق إزاء الضربات الجوية التي استهدفت بلدة زردنا الواقعة في شمال ريف إدلب، بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2018، والتي أسفرت عن مقتل العشرات بمن فيهم الأطفال، كما دعا إلى "إجراء تحقيق كامل في الهجمات ومحاسبة المسؤولين عنه، لا سيما الادعاءات بأنه كان هناك ضربة جوية ثانية استهدفت أول المستجيبين."
وكانت محافظة إدلب قد شهدت في وقت سابق وقوع مجزرة أخرى في بلدة معرزيتا بريف إدلب، عقب القصف على أحد الملاجئ في البلدة، وهو ما أودى بحياة تسعة مدنيين بينهم أطفال ونساء، وذلك بتاريخ 9 أيار/مايو 2018، وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدت تقريراً حول تلك الحادثة، كما كانت المنظمة قد أعدت تقريراً آخراً حول مقتل امرأتين وطفلين وإصابة أكثر من (50) شخصاً في تفجير سيارة مفخّخة في إدلب المدينة، وذلك بتاريخ 26 أيار/مايو 2018.
تفاصيل الحادثة:
في تمام الساعة (9:10) مساءً من يوم 8 حزيران/يونيو 2018، قام طيران حربي يُعتقد أنه روسي، بشنّ غارة على الحي الجنوبي في بلدة زردنا بريف إدلب، وبعد أقل من نصف ساعة عاود الطيران الحربي قصف ذات المكان مرة أخرى، وهو ما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين ما بين قتيل وجريح، وذلك حسبما أفاد "محمد جمعة" وهو رئيس المجلس المحلي في بلدة زردنا، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"تمّ ارتكاب أفظع مجزرة بحق الأهالي في بلدة زردنا منذ اندلاع الحرب السورية، مع العلم بأنّ البلدة تخضع لإدارة المجلس المحلي، والذي يتولى إدارة الأمور المدنية فيها، إضافة إلى أنها استقبلت أكثر من (2000) مهجّر من الإخوة النازحين والقادمين من معظم المحافظات السورية، كما أنّ الحي الذي تمّ استهدافه كان مكاناً آمناً بالنسبة للأهالي، فهو يتألف من عدة أبنية مجاورة بقربه مسجد، وقد تزامن القصف على هذا الحي مع توجه الأهالي لأداء الصلاة في هذا المسجد، إلا أنّ ذلك لم يمنع الطيران الحربي الروسي من استهداف المكان بغارتين مزدوجتين، مع الإشارة إلى أن المكان خالِ تماماً من أي مظاهر مسّلحة داخل البلدة، وقد قضى نتيجة هذه المجزرة أكثر من (50) قتيلاً بينهم نساء وأطفال، فضلاً عن عشرات المصابين."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي حلّ في بلدة زردنا بريف إدلب، إثر تعرضها لقصف جوي بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2018.
"محمد رضوان" وهو أحد الناشطين الإعلاميين الذين توجهوا إلى مكان الهجوم فور وقوعه، أكدّ لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ المكان المستهدف هو مجرد حي سكني ويقطنه العديد من الأهالي، وتابع قائلاً:
"توجهت إلى مكان الحادثة مباشرة عقب وقوع الغارة الأولى، حيث كانت طائرة حربية روسية بحسب المراصد، قد نفذّت حمولتها بأربع صواريخ فراغية دفعة واحدة، مما أدى إلى دمار كبير في الحي، فحاولت في البداية أن أعمل على توثيق ما حدث، لكن خلال لحظات، عادت الطائرة الحربية وألقت بالصواريخ مرة أخرى في ذات المكان، وهو ما أدى إلى مقتل عدد كبير من المدنيين، بينهم عناصر من الدفاع المدني الذين كانوا يعملون على إنقاذ المصابين، وقد أصيب العديد من الأهالي بجراح خطيرة ومتوسطة بسبب الشظايا، فحاولت تقديم يد العون إلى فرق الإنقاذ وعملت معهم مدة نصف ساعة، ولم استطع إكمال العمل بسبب ضيق التنفس الذي حصل معي، وكانت حصيلة المجزرة بعد ثلاثة أيام (51) قتيل وأكثر من (80) جريح."
وفي شهادة أخرى أدلى بها "محمد عبد الغني" وهو أحد أهالي بلدة زردنا الذين كانوا متواجدين لحظة وقوع الهجوم، حيث قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الغارة الأولى وقعت في تمام الساعة (9:10) مساءً، وقد تلتها الغارة الثانية في تمام الساعة (9:30) مساءً، وأضاف قائلاً:
"عندما وقعت الغارة الأولى، توجه الأهالي على الفور إلى مكان الحادثة حتى يتسنى لهم إسعاف الجرحى، وبعد حوالي عشرين دقيقة عادت الطائرة الحربية ونفذت حمولتها في نفس المكان، مما زاد من أعداد القتلى والجرحى، لقد شاهدت عائلات بأكملها قتلت، وكان هنالك أبنية مكونة من طابقين وثلاثة طوابق سويّت على الأرض، واستمرّت عملية انتشال القتلى والمفقودين مدة (35) ساعة، وتمّ نقل قرابة (15) مصاب بحالة حرجة إلى المشافي التركية نظراً لخطورة إصاباتهم، وقد تكشّفت المشاهد المرّوعة بعد بزوغ أولى ساعات الفجر، إذ كان الدمار هائلاً جداً، وكأنّ زلزالاً ضرب المنطقة، مع الإشارة إلى أنّ الحي الذي تمّ استهدافه هي حي مدني بامتياز، ولا يوجد فيه أي مقار أو مظاهر عسكرية"
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر مكان سقوط أحد الصواريخ الفراغية في بلدة زردنا بريف إدلب، وذلك بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2018.
تحليل الأدلة البصرية.
أحد المشرفين على مرصد الطيران الحربي في بلدة معرة مصرين المجاورة لبلدة زردنا، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّهم كانوا قد تلقوا نداءً في تمام الساعة (9:02) مساءً من يوم 8 حزيران/يونيو 2018، حول إقلاع طائرة حربية يُعتقد أنها روسية من مطار حميميم في محافظة اللاذقية، وتابع قائلاً:
"بعدما أقلعت هذه الطائرة اتخذت مسار الشمال، فقمنا بمتابعتها على الفور من خلال تناقل المعلومات ما بين مراصد الطيران الحربي وعبر الأجهزة المتوفرة لدينا، وقد تمّ إبلاغنا بوصول هذه الطائرة إلى أجواء محافظة إدلب بعد حوالي ستة دقائق من إقلاعها، ومن ثمّ سلكت محور الشمال الغربي، وبدورنا قمنا بالتعميم على باقي المناطق لتوخي الحيطة والحذر، وماهي إلا دقائق حتى نفذت الطائرة حمولتها على بلدة زردنا شمال غربي منطقة معرة مصرين في تمام الساعة (9:10) مساءً، ووصل صوت الانفجار إلى بلدتنا، وعلى الفور قمنا بالتعميم على فرق الدفاع المدني والإسعاف للتوجه فوراً إلى مكان الحادثة، لكن وبعد عشرين دقيقة تقريباً عاود الطيران الحربي استهداف ذات المكان بصواريخ فراغية، فأطلقنا التعميمات على جميع الأهالي لإخلاء المكان، وقد كانت حصيلة القتلى في هذه المجزرة كبيرة جداً، وهو ما دفعنا للتعميم على فرق الإنقاذ في القرى المحيطة مثل تفتناز ومعرة مصرين للتوجه إلى مكان الحادثة والمشاركة في إنقاذ الضحايا الذين وقعوا إثر هذه المجزرة."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من عمليات انتشال القتلى والجرحى من المدنيين، إثر القصف الجوي الذي تعرّضت له بلدة زردنا بريف إدلب، وذلك بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2018.
"أم محمد" وهي إحدى النساء اللواتي نجين من هذه المجزرة المرّوعة، أفادت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنها كانت متواجدة في بيتها حينما شنّ الطيران الحربي هجومه على الحي الجنوبي الذي تقطن فيه، وأضافت قائلة في هذا الخصوص:
"في تمام الساعة (9:10) مساءً، وبينما كانت متواجدة في المنزل مع أطفالي، سمعنا صوت انفجار ضخم جداً، وخلال لحظات تهدمت أجزاء من المنزل، كما تضررّت بعض الغرف فيه، لكن والحمد لله فقد كان مكان القصف بعيداً عنا، لكن ابني كان قد تعرّض لإصابة في منطقة الرأس وبدأ ينزف، وعلى الفور حملته وتوجهت به مسرعة إلى أحد السيارات وقمت بنقله إلى المستوصف الطبي، ومن ثمّ عدت إلى المنزل حتى أتفقد بقية أطفالي، إلا أني لم أجد أحداً منهم، وهو ما دفعني للجنون، لكن والحمد لله فقد سمعت صوت لأطفال بعد قليل، حيث كانت فرق الدفاع المدني قد وصلت إلى المكان وعملت على إخلاء الأطفال، فتوجهت إلى المستوصف مرة أخرى حيث يمكث ابني، وبعد مضي قرابة نصف ساعة سمعنا دوي انفجار ضخم آخر هزّ البلدة بكاملها، ولم أعلم ما حدث حينها لأنني كنت في المستوصف أنتظر قدوم زوجي الذي ذهب متوجهاً إلى المنزل بعد وقوع الغارة الأولى، وبقيت أنتظره إلا أنه لم يأتِ فقد كان قد قُتل في الغارة الثانية، كما أنني فقدت في هذه المجزرة سبعة أشخاص ممن هم أقارب لي، وأيضاً قُتل أولاد عمي في الغارة الثانية، ولطالما كانت هذه البلدة مكان آمنا لنا لكنها تحولت الآن إلى مكان موحش بعدما ما حدث معنا."
وفي شهادة أدلى بها "مصطفى الحاج يوسف" وهو أحد عناصر الدفاع المدني في محافظة إدلب، إذ قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الهجوم الذي استهدف بلدة زردنا أدى إلى انهيار عدة مباني سكنية، وقامت فرق الدفاع المدني بالتوجه إلى مكان الحادثة فور وقوعها، وتابع قائلاً:
"وصلنا إلى مكان الهجوم وعملنا على انتشال العالقين من تحت الأنقاض، فعاود الطيران الحربي استهداف ذات المكان مرة أخرى، ما ضاعف من أعداد القتلى، وأدت الغارة الثانية إلى سقوط جرحى من عناصر الدفاع المدني وإلى مقتل عنصر آخر، وتمّ توثيق مقتل (51) شخصاً بينهم نساء وأطفال إضافة إلى إصابة (80) شخصاً، وكان بين القتلى أشخاص مجهولي الهوية لم يتم التعرف عليهم بسبب تشوه الجثث، وقد كان هذا اليوم من أصعب الايام وأكثرها قساوة علينا، حيث استمرّ العمل مدة (35) ساعة عمل حتى أنهى الدفاع المدني عمله في انتشال الضحايا من تحت الأنقاض."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانبا من محاولات الدفاع المدني انتشال العالقين بين الأنقاض، وذلك إثر القصف الجوي الذي طال بلدة زردنا بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2018.
وأظهر مقطع فيديو نشرته الصفحة الرسمية لمعبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، جانباً من عملية إسعاف المصابين ونقلهم إلى تركيا للعلاج، وذلك جرّاء القصف الذي تعرّضت له بلدة زردنا بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2018.
واستطاع الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، توثيق أسماء البعض من الضحايا المدنيين الذين سقطوا إثر المجزرة المرّوعة في بلدة زردنا بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2018، وهم كالتالي:
-
النساء:
-
ريهام الحسين.
-
رحاب حمروش.
-
مجد حمروش.
-
أمينة زوجة الشيخ محمد حمروش.
-
صبرية يسوف.
-
فلك أمون.
-
يسرى عبد الوهاب لوكي.
-
نديمة لوكي.
-
ديمة لوكي.
-
فوزة محمد السلامات.
-
الأطفال:
-
أحمد حسين حمروش.
-
طفلة عبد المجيد يسوف.
-
أماني سوسي.
-
سناء عزيز يسوف.
-
محمد خالد صوفان.
-
طفلة صغيرة مجهولة الهوية.
-
أحمد خالد عثمان.
-
طفلة صغيرة ابنة أبو طه.
-
سوزان يوسف الحاضر.
-
الرجال:
-
حميد أحمد يسوف.
-
عبد الحي فايز يسوف.
-
إبراهيم محمد يسوف.
-
عبد الوهاب لوكي.
-
مراد لوكي.
-
محمد لوكي.
-
أنس حسين لوكي.
-
خالد صوفان.
-
أحمد براهيم أمون.
-
عبد القادر أمون.
-
عبد ابن زاهر أمون.
-
مصطفى صبوح.
-
عماد الحمود.
-
يوسف الحاضر.
-
حسان أحمد المحمود.
-
عمر رحابي ابن عائشة حمروش.
-
محمد صالح أمين.
-
محسن حمروش.
-
عامر جمعة حمروش.
-
عبد الله عزيز يسوف.
-
أحمد حسن يسوف.
-
حسين محمد ديب حمروش.
-
عيد حمروش.
-
محمد محمود حمروش.
-
عبد الله أحمد يسوف.
-
محمد خالد أخرس.
-
علي برادعي (عنصر دفاع مدني).
-
29. 30. 31. 32. 33. 34. سبعة قتلى مجهولي الهوية.