سُجلت أربع حالات خطف نفذها مجهولون بحق أطباء في محافظة إدلب، كما سُجلت حالة اعتقال واحدة بحق طبيب نفذتها هيئة تحرير الشام[1] وذلك خلال حزيران/يونيو 2018 وقبلها شهر نيسان/أبريل. في حين علقت عدة مؤسسات طبية عملها احتجاجاً على الاعتداءات واستهداف الكوادر الطبية في المحافظة.
في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قال مسؤول الأمن والسلامة في مديرية صحة إدلب الحرة، "صفوت شيخوني" إنهم سجلوا حوادث اختطاف نفذتها عصابات مسلحة مجهولة بحق أربع أطباء، حيث تم اختطاف الطبيب "نجدت سلات" من مدينة بنش في 28 نيسان /أبريل 2018 وتم إطلاق سراحه دون مقابل في 3 أيار/مايو 2018، كما تم اختطاف الطبيب "أحمد حاج يوسف" من قبل عصابة أخرى من قرية معردبسة بتاريخ 6 حزيران/ يونيو 2018 وتم الإفراج عنه بعد عدة ساعات دون مقابل أيضاً، حيث رجح "شيخوني" أن عملية الخطف كانت بهدف ترويع وتخويف الأطباء فقط لا من أجل أهداف مادية.
كذلك تعرض الطبيب "بدر وتي" لمحاولة خطف من قبل عصابة مجهولة في مدينة سلقين بتاريخ 29 نيسان /أبريل 2018، لكن عملية الخطف فشلت، وفق "شيخوني"، الذي أضاف أن عناصر من القوة الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام قامت باعتقال الطبيب "مازن دخان" -في حادثة منفصلة- من مزرعته الخاصة في مدينة إدلب بتاريخ 19 حزيران/يونيو 2018 وأفرجت عنه بعد ساعات، وذلك على خلفية خلاف بين العناصر والحرس الشخصي للطبيب دون معرفة أسباب الخلاف.
وكانت حادثة الخطف الأبرز هي اختطاف الطبيب "محمود المطلق" التي حصلت مساء 9 حزيران/يونيو 2018 وتم إطلاق سراحه في الـ 15 من الشهر ذاته، مقابل فدية مالية قدرها 150 ألف دولار أمريكي، حيث تعرّض الطبيب للضرب والتعذيب بشكل كبير جداً. حيث روت زوجة الطبيب "المطلق" الطبيبة "مرام القاضي" لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة تفاصيل الحادثة قائلة:
"كان الطبيب محمود متوجها بسيارته مع صديق له إلى مقهى في منطقة الكورنيش في إدلب المدينة وعند وصوله إلى مفرق وادي النسيم أوقفه "حاجز أمني طيار"، حيث قام الطبيب بالتعريف عن نفسه ليقوم أربعة رجال مسلحين بالالتفاف حول السيارة وخطفه بمساعدة ثلاثة آخرين ملثمين، في حين توجه صديقه إلى حاجز "دوار المطلق" القريب وأبلغ عن وقوع حادثة الخطف."
وبعد اختطاف الطبيب بيوم أرسل الخاطفون صوراً ومقاطع مصورة تظهر الطبيب يتعرض للضرب والتعذيب ويتوسل لإطلاق سراحه وطلب الخاطفون فدية وقدرها 500 ألف دولار أمريكي، وتابعت الزوجة:
" قمت بتأمين 100 ألف دولار فقط ولم يرق ذلك للخاطفين فحاولو قطع أصابع زوجي، وفي اليوم الخامس وبعد حوار استمر ست ساعات معهم توصلنا لاتفاق بدفع فدية قدرها 150 ألف دولار، واتفق الخاطفون مع ابنتي على تسليم المبلغ وثم وجدنا زوجي على طريق أريحا -المسطومة ويعاني من كسر بالفك والأضلاع مع أورام دموية شديدة بالفخذ."
صورة للطبيب محمود المطلق تظهر تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة من قبل خاطفيه، حيث تم اختطافه في 9 حزيران /يونيو 2018 في مدينة إدلب وأطلق سراحه بعد خمسة أيام مقابل فدية مالية قدرها 150 ألف دولار أمريكي.
ومن جهة أخرى أكدّ مسؤول الأمن والسلامة في مديرية صحة إدلب الحرة "صفوت شيخوني" تلقي عدد من الأطباء رسائل تهديد بالقتل والخطف على هواتفهم الخلوية الخاصة، وتابع قائلاً في هذا السياق:
"إن الهدف الأول من هذه الاعتداءات والتهديدات هو إفراغ المناطق المحررة من الكوادر الطبية ودفعها للهجرة، إنهم يتعمدون ترهيب وإخافة الأطباء بكافة الطرق، حيث سبق أن فجروا سيارة إسعاف تتبع لمشفى معرة مصرين واستطعنا تفكيك عبوة ناسفة من سيارة أخرى". كذلك أشار "شيخوني" إلى عدم وجود أي جهة أمنية أو عسكرية في المحافظة تتابع قضايا الخطف وحوادث الاعتداء على الكوادر الطبية، مضيفاً أن الفلتان الأمني في المحافظة موجود على كافة المستويات وأن الاعتداءات لا تطال فقط الكوادر الطبية، كما أن الجهات المتهمة بالمسؤولية عن الاعتداءات كثيرة منها خلايا مرتبطة بالنظام السوري وأخرى بتنظيم الدولة الإسلامية إضافة إلى أهالي قريتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام.
ورداً على الاعتداءات وعدم قيام الجهات الأمنية والعسكرية بأي خطوة لوقفها، أعلنت نقابات الأطباء والصيادلة وعمال الخدمات الصحية إضراباً عن استقبال الحالات الإسعافية والباردة لمدة ثلاثة أيام، بدءاً من يوم الخميس 23 حزيران / يونيو 2018، موضحين أن الإضراب قابل للتمديد في حال عدم اتخاذ التدابير اللازمة لوقف الاعتداءات، كما طالب موقعو البيان بسماح بحمل السلاح الفردي للكوادر الطبية للدفاع عن النفس والإفراج الفوري عن كافة الكوادر المختطفة والمعتقلة، إضافة إلى منع ارتاء اللثام من قبل العناصر الأمنية التابعة للجهات العسكرية وإلزامهم بلباس موحد مع بطاقات تعريفية موحدة، حيث هدد موقعو البيان بالتصعيد وإيقاف الخدمات الطبية وفي كافة الشمال السوري بحال عدم تحقق المطالب.
البيان الذي أصدرته النقابات الثلاث إضافة إلى بعض الأطباء بسبب الانتهاكات المتزايدة.
كذلك أطلقت "مديرية الصحة الحرة في محافظة إدلب" حملة مناصرة لإثارة الرأي العام ضد حالة الفلتان الأمني التي تشهده "المناطق المحررة" عموماً والتي تؤثر بشكل سلبي على القطاع الصحي، كما نشرت تعليمات وتوجيهات لضمان سلامة الكوادر داخل وخارج المنشآت الطبية.
صورة عن التعميم الصادر من قبل مديرية الصحة.
يشار أن حوادث الاعتداء بحق الكوادر الطبّية عادت من جديد بعد فترة غياب، حيث سبق أن تم الإعتداء من قبل مجهولين وفصائل عسكرية في مناطق سوريّة مختلفة، حيث نشرت سوريون من أجل الحقيقة العدالة تقريرين منفصلين يوضحان حوادث الاعتداء، حمل أحدهما عنوان : توثيق اعتقالات واعتداءات بحق كوادر طبّية واسعافية عاملة في الغوطة الشرقية والآخر بعنوان: ملثمون يعتدون على أحد الكوادر الطبّية في الغوطة الشرقية. بالإضافة إلى تقارير أخرى.
[1] بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2017، أعلنت عدّة فصائل جهادية في شمال سوريا الإندماج تحت مسمّى "هيئة تحرير الشام" وكانت الفصائل التي أعلنت عن حلّ نفسها والاندماج تحت المسمّى الجديد هي جبهة فتح الشام – تنظيم جبهة النصرة سابقاً، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنّة، وحركة أنصار الشام الإسلامية، إلا أنه وعلى خلفية اندلاع المواجهات الأخيرة بين حركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام في الشمال السوري بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، أعلنت حركة نور الدين الزنكي انفصالها عن الهيئة بتاريخ 20 تموز/يوليو 2017.