الرئيسية صحافة حقوق الإنسانقصص وشهاداتقصص مكتوبة “اتقوا وتوبوا إلى الله، والآن سوف تقطع يداكما”

“اتقوا وتوبوا إلى الله، والآن سوف تقطع يداكما”

قصّة الشاهد "سعود الهُتيمي" أحد المحتجزين في معتقلات تنظيم "الدولة الإسلامية" في البوكمال/دير الزور

بواسطة wael.m
526 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة: بتاريخ 11 شباط/فبراير 2017، تعرّض "سعود الهُتيمي" برفقة صديقه للاعتقال على يد عناصر تنظيم "داعش" في مدينة البوكمال[1] الكائنة في محافظة دير الزور، وبعد اعتقال دام (119) يوماً في سجون التنظيم، تمّ بتر يده من قبل عناصر التنظيم، وذلك بعد توجيه عدة تهم له بالسرقة والاعتداء على أحد عناصر تنظيم داعش.

"اتقوا وتوبوا إلى الله، والآن سوف تقطع يداكما"، كانت هذه إحدى العبارات التي مازالت مستقرة في ذاكرة سعود بحسب ما روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إذ أنها كانت آخر العبارات التي وجهها عناصر تنظيم "داعش" ل "سعود الهُتيمي" وصديقه "عهد الشيخ" قبيل تطبيق "حد السرقة" بحقهما، هذا الحد الذي يقضي بقطع اليد اليمنى للشخص الذي تُثبت إدانته بالسرقة، وذلك وفقاً للقوانين التي يفرضها التنظيم في المناطق الخاضعة لسيطرته، و "ادعائه بتطبيق" الشريعة الإسلامية.

 

أولاً: لمحة عن حياة "سعود الهُتيمي":

"سعود عبود الهُتيمي"، من مواليد مدينة البوكمال في ريف دير الزور عام (1983)، غير متزوج، وكان يعمل في مجال البناء من أجل إعالة والديه المسنين وأخيه الذي كان من ذوي الاحتياجات الخاصّة، إلى أن تعرض للاعتقال على يد عناصر تنظيم "داعش" بينما كان برفقة أحد اصدقائه، وذلك في يوم السبت الموافق 11 شباط/فبراير 2017، إذ تمّ اعتقاله على أحد الحواجز العسكرية التابعة للتنظيم في مدينة البوكمال، قبل أن يطرد الأخير منها في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

 

ثانياً: تفاصيل اعتقال "سعود الهُتيمي":

في مطلع شهر تموز/يوليو 2014، تمكن تنظيم "داعش" من بسط سيطرته على كامل مدينة البوكمال الواقعة على الحدود السورية العراقية، وذلك بعد معارك استمرت حوالي ثلاثة أيام مع مجموعات تابعة للمعارضة السورية المسّلحة وأخرى تابعة لتنظيم جبهة النصرة، إذ قام غالبية عناصر تنظيم جبهة النصرة بمبايعة تنظيم "داعش" آنذاك، في الوقت الذي رفض فيه مقاتلون معارضون مبايعة هذا التنظيم، ودارت على إثر ذلك اشتباكات ما بين المعارضة السورية المسّلحة ومسّلحي تنظيم "داعش"، وأفضت آخر الأمر إلى سيطرة التنظيم على كامل المدينة.

ذكر "سعود الهُتيمي" في مطلع حديثه لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ وضعه المعيشي تدهور كثيراً خلال سيطرة تنظيم "داعش" على المدينة، وذلك بسبب الركود الذي لحق بمجال عمله في البناء وتراجع حركة العمران. دون أن يخطر على باله أنه قد يتعرض للاعتقال على أيدي عناصر التنظيم، وذلك بتاريخ 11 شباط/فبراير 2017، إذ تحدّث في هذا الخصوص لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"كنت أعمل في البوكمال ضمن ورشة للبناء مع صديق لي يدعى "عهد محمد الشيخ" وينحدر  "عهد" من قرية "حطلة تحتاني" التابعة لمدينة دير الزور إلا أنه كان يقيم في البوكمال، ومع مرور الأيام انعدمت فرص العمل بسبب سيطرة تنظيم "داعش" على المدينة، وأصبح الأهالي يبحثون عن أي عملٍ قد يؤمن لهم لقمة عيشهم، كجمع المخلّفات التي تحوي على مادة النحاس أو أي مواد أخرى، وفي أحد الأيام وبينما كنت برفقة صديقي نمشي في الطريق، وجدنا أسلاكاً نحاسية مرميّة على أحد الأرصفة وكان واضحاً أنها ليست لأحد، فقد كانت مبعثرة في الشارع، وكنا بحاجة ماسة إلى شيء يدرّ علينا قليلاً من المال، دون أن يخطر ببالنا أنّ ذلك قد يعتبر سرقة أو ما شابه، ولم يسبق لنا أن سرقنا أبداً، لذا أخذنا أحد هذه الأسلاك الغليظة، والذي كان يبلغ طوله نحو مترين ونص المتر، وخططنا لبيعه وتقاسم ثمنه، ولكن قبل أن نبيعه، وبينما كنا متجهين إلى السوق قبل حلول المغرب بأقل من ساعة، أوقفنا حاجز عسكري تابع لتنظيم "داعش" وسط المدينة، وكان يحوي عنصراً واحداً مسّلحاً يحمل بندقية من نوع "M14" رشاشة على كتفه، وكنا أنا وصديقي على متن دراجة نارية، ومع كل منا سكين نستخدمه في العمل وبعض علب السجائر من نوع "حمراء طويلة" وغيرها، وكنا قد لففنا سلك النحاس الذي وجدناه ووضعناه ضمن كيس كبير حملناه على الدراجة."

 

وتابع سعود بأنّ عنصر الحاجز التابع لتنظيم "داعش" لمح سلك النحاس الذي كان بحوزتهما، فظنّ أنه سلاح، وبعد تأكيدات من قبل سعود ورفيقه بأنه مجرد سلك نحاس، طلب العنصر من الشابين الترجل من الدرّاجة، إلا أنّ صديق سعود قام بالتهجم على العنصر مستخدما "السكين" ومدفوعاً بخوفه من الاعتقال، فأصاب ذلك العنصر في إحدى قدميه، وفي هذا الخصوص تابع قائلاً:

"تملّكنا الخوف بعد ما حصل، وفكرنا بترك الدراجة وكل شيء خلفنا والهرب، إلا أن العنصر المسّلح "وكان عراقياً" صوبّ سلاحه نحونا، وهددنا بالقتل إن حاولنا التحرك أو الفرار، ثم طلب الدعم عن طريق اللاسلكي، وخلال دقائق وصلت دوريات الأمن التابعة للتنظيم والتي كان أغلب عناصرها عراقيين أيضاً، وحاصرونا بعدما شاهدوا أنّ العنصر مصاب ويتألم، وبدأوا بضربنا بشكل عنيف وسط الشارع حتى فترة المغرب، قبل أن يعصبوا عينانا ويقيدوا أيدينا ويضعونا في السيارات من الخلف، واستمروا بضربنا بقضبان الحديد والدعس علينا حتى تأذينا كثيراً، فآثار ضربهم لازالت ظاهرة على جسدي، ومن ثمّ توجهوا  بنا إلى مركز الشرطة الإسلامية في البوكمال".

 

ثالثاً: مركز الشرطة الإسلامية في البوكمال:

لمّا وصل سعود وصديقه إلى مركز الشرطة الإسلامية[2] في مدينة البوكمال، بدأ عناصر تنظيم "داعش" بالتحقيق مع الشابين، كما تعرضا لعمليا ضرب مبرحة قبل أن يتمّ نقلهما بعد عدة أيام إلى سجن يطلق عليه اسم "النقطة 53" في البوكمال، وعلى الرغم من ذلك أصرّ سعود على رفض الاتهامات الموجّهة له من تنظيم "داعش" بالسرقة، وتابع حديثه حول الأيام الأولى من الاحتجاز قائلاً:

"في سجن "النقطة 53" تعرضنا للضرب المبرح أيضاً، وكان من بين من أقدم على ضربنا شخص يدعى "أبو ليث" من قرية "الطواطحة" التابعة للبوكمال، وكان أبو ليث يشغل منصب قائد الشرطة الإسلامية برتبة أمير، وكان صديقي الذي اعتقل معي يصغرني بعشر سنوات، وهو جاري من نفس الحي، وكان التنظيم يريدنا أن نعترف بالكثير من التهم، لكننا أجبنا بأن تهمتنا الوحيدة هي السرقة، مع العلم بأننا لم نسرق وإنما وجدنا سلك النحاس في الشارع، لكنهم بدأوا بضربنا بشدّة وهم يسألوننا: لمن تتبعون أنتم، لجيش سوريا الجديد، أم الجيش الديمقراطي -يقصد قوات سوريا الديمقراطية- أم للنظام "النصيري"-المقصود بها القوات النظامية السورية-، حتى أنهم اتهمونا بالدعارة وغيرها ضمن سلسلة التهم".

 

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر الناجي "سعود الهُتيمي"، وقد تمّ التقاط هذه الصورة خلال شهر أيار/مايو 2018.

 

رابعاً: سجن "النقطة 53" في البوكمال:

خلال فترة سيطرة تنظيم "داعش" على محافظة دير الزور، احتوى ريف المحافظة على العديد من السجون التابعة للتنظيم، إلا أنّ السجون التي أنشأها في مدينة البوكمال الحدودية كانت أكثرها تحصيناً وسرية، فقد كانت تحتوي على معتقلين من التنظيم نفسه، إضافة لصحافيين وشخصيات مهمة اختار التنظيم وضعهم في تلك السجون، لسهولة وإمكانية نقلهم إلى العراق في حال حصلت عمليات اقتحام أو قصف أو إنزال جوي من قوات التحالف الدولي، وهو ما أشار إليه سعود في حديثه عن سجن "النقطة 53" الواقع في البوكمال، والذي نُقل إليه مع صديقه بعد عدة أيام من احتجازهم في مركز الشرطة الإسلامية، ليبقوا محتجزين فيه نحو (115) يوماً اختصرها سعود لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

" بقينا محتجزين في سجن "النقطة 53" نحو أربعة أشهر، وتمّ التحقيق معنا حوالي أربع مرات وكانت التهم هي نفسها، ولكننا لم نعترف بشيء منها، وتعرّضنا على إثر ذلك لتعذيب شديد، فقد عذبونا على التوالي بطريقة الشبح أو العقربة، والتي يتم فيها تعليقك من يديك بالسقف وعيناك معصوبتان، وبالكاد تلامس أطراف أصابع قدميك الأرض قليلاً، ولا شكّ أن هذه الطريقة ستجبرك على الاعتراف بكل ما تعرفه لشدة الألم الذي تحدثه في جسم الانسان، وقد تعرضت لهذا النوع من التعذيب مرتين، وكانوا يبقونني معلّقاً ولا ينزلونني إلا في أوقات الصلاة، حيث أنني كنت أخبرهم بأنني أودّ أداء الصلاة لكي ينزلونني، وطبعاً كل معتقل موجود في سجون "داعش" شاء أم أبى، عليه أن يصلي الفرائض الخمس، والجميع مراقب بهذا الخصوص بواسطة كاميرات المراقبة، لذا فإنهم كانوا يفكون وثاقي من السقف فقط في أوقات الصلاة أو الأكل، وأحياناً أخرى كانوا يطعمونني وأنا معلّق، حيث كانوا يضعون الطعام في فمي بواسطة الملعقة دون أن ينزلوني، ولكنني لم أكن قادراً على الأكل بسبب التعذيب والتعب وعدم توفر الراحة الجسدية والوضعية المناسبة للأكل".

 

خامساً: صدور عفو عن السجناء المتهمين بالسرقة:

بعد مرور أربعة شهور على احتجازه في سجن "النقطة 53"، اعتقد سعود أن لحظة الحرية قد حانت حينما تمّ إبلاغه بصدور عفو عنه وعن بقية السجناء المتهمين بالسرقة في السجن، ووصف لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة خيبته في هذا الخصوص، حيث قال:

"بعد مرور (118) يوماً على احتجازي في السجن، جاءنا ذات يوم أحد أمراء تنظيم "داعش" من العراق، وكانوا يقولون بأنه نائب والي الرقة، وكان عناصر "داعش" في السجن قد أبلغونا قبيل قدوم نائب الوالي، بأن الحكم الصادر بحقنا هو "إعفاء اختياري"، ولم نفهم ماذا يقصدون بقولهم، سوى أنه سيُعفى عنا، خاصة وأننا لم نفعل أي شيء يستحق سجننا، وكان معنا أنا وصديقي في نفس الزنزانة تسعة سجناء آخرين معظمهم من العراق، وكانوا يتعرضون أيضاً للتعذيب بشكل دوري بطريقة العقربة وغيرها، وكانت تهمنا جميعاً واحدة هي السرقة، ولمّا سألنا عناصر "داعش" عن الإعفاء الاختياري، فأجابوا بأنه حكم صادر من الخلافة الإسلامية في ولاية الرقة، وبأن نائب الوالي سيبلغنا إياه، لكن نائب الوالي أبلغنا فقط بأنه سيتم الإعفاء عنا جميعاً، دون أن يتطرق لما سمّوه بالاختياري، إلا أنّ أملنا قد خاب عندما نفذ كلاً من القاضي "أبو أحمد المغربي" من المغرب، ونائبه "أبو وليد العراقي" من العراق حكم القصاص بحقنا، حيث أننا عرضنا على المحكمة لثلاث مرات، ولأننا لم نعترف بشيء فقد زوروا أوراق اعترافنا بالسرقة، وفي ظهر اليوم التالي الموافق 9 حزيران/يونيو 2017، وبالتحديد في اليوم الرابع عشر من شهر رمضان، وبعد مضي أربعة أشهر إلا يوم واحد على سجننا، أخرجونا أنا وصديقي من الزنزانة التي كنا محتجزين فيها، وقالوا بأن الحسبة تريدنا، واقتادونا مرة أخرى إلى مركز الشرطة الإسلامية في البوكمال، حيث بقينا هنالك عدة أيام وكانت أعيننا معصوبة، وفهمنا من الأحاديث التي كانت تدور بينهم بأنّ الحسبة سوف تأتي لأخذنا."

 

سادساً: تنفيذ الحكم:

استرجع سعود لحظات مازالت محفورة في ذاكرته حول تفاصيل عملية بتر يده، لا سيّما وأن مسّلحي تنظيم "داعش" نفذوا بحقه حكم القصاص في منتصف شهر رمضان رغم أنه كان صائماً، حيث تابع لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"أتى عناصر الحسبة، وسألوا: أين هذين الاثنين الذين قاوما عنصر التنظيم؟ فأشار أحد عناصر التنظيم إلينا، فسألنا عنصر الحسبة ونحن معصوبي العينين، منذ متى وأنتما في السجن، فأجبناه بأننا محتجزين منذ أربعة أشهر، فقال لنا: اتقو الله واستغفروا الله، وتوبوا إلى الله، والآن سوف تقطع يداكم، فأجبناه: لا إله إلا الله، فالله هو من أنعم علينا بإعطائنا اليدين، وهو الوحيد القادر على أخذ هاتين اليدين، وكل ما كتبه الله سيحدث دون أدنى شك، فأخذوني برفقة صديقي وتوجهوا بنا إلى قرية اسمها "الجلاء" تتبع لمدينة البوكمال، وفي السيارة كانت أعيننا معصوبة ولكن عرفت بأنهم يربطون يد صديقي ويحقنوها بإبر مخدرة، لكي ينفذوا بحقه القصاص عبر قطع يده، وبعد أن سألوه من أين أنت، أجاب صديقي بأنه من قرية حطلة بريف دير الزور، ثم سألوني من أين انت، فقال لهم أحد العناصر: أنه من هنا من البوكمال، فقال: إذاّ سننفذ حكم القصاص بحقه في ساحة الفيحاء في مدينة البوكمال، وبالفعل قاموا بإنزال صديقي، وتابعوا بي المسير حتى وصلنا تلك الساحة."

 

وتابع سعود بأنّه حينما وصل ساحة الفيحاء في مدينة البوكمال، قرأ عناصر الحسبة أمامه بياناً يفيد بأنّ كلاً من "سعود الهتيمي" وصديقه "عهد محمد الشيخ"، متهمان بالسرقة والاعتداء على عناصر التنظيم، وسوف يتمّ بتر اليد اليمنى لكل منهما، وعلى وجه السرعة قام عناصر الحسبة بإنزال سعود من السيارة ومن ثمّ أقدموا على ربط يديه وحقنه بثلاث إبر مخدرة شعر بوخزهم جيداً، وفي هذا الخصوص تابع قائلاً:

"أمسك كل عنصر من عناصر الحسبة أحد اطرافي وقيدوا حركتي، ورغم أنني كنت معصوب العينين لكنني عرفت من لهجتهم بأنهم عراقيين، فأخبرتهم بأنني صائم، فأجابوني: يجوز أن تفطر شرعاً، ثم طلبوا مني أن أجثو على ركبتيّ وأمدّ يدي اليمين، ففعلت ذلك، ولم أكن أشعر بوجود يدي وكأنها مشلولة تحت تأثير التخدير، ثم ربطوا أحد أصابعي بخيط رفيع وبدأ أحدهم بسحبه بقوة لكي يتوضّح لهم المفصل، بينما كان هنالك عنصر يحمل ساطوراً حاداً ليضرب به، ولم أشعر بشيء إلا بعد ثلاث ضربات بالساطور على يدي اليمين، بعدها وجدتهم يحملونني إلى سيارة الإسعاف ويدي اليمنى مقطوعة، وطلبوا مني أن أستلقي على ظهري في السيارة، وهناك وجدت صديقي وهو ينزف أيضاً بعد أن قطعوا يده اليمنى، وبالرغم من أنهم قطعوا يدينا في فترة الظهر، إلا أنهم لم يجروا لنا العمل الجراحي قبل المساء، فقد كانت المشافي مكتظة بمسّلحيهم، لأن طيران التحالف الدولي كان يقصف مواقعهم آنذاك، وكان عدد الجرحى بينهم بالعشرات."

 

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر الناجي "سعود الهتيمي"، وقد تمّ التقاط هذه الصورة خلال شهر أيار/مايو 2018.

 

 

مع حلول المساء تمّ إدخال سعود قبيل صديقه إلى غرفة العمليات الجراحية، لأنّ يده كانت تنزف بشدّة، حيث تمّ حقنه بإبرتين مخدرتين، ولم يستفق إلا فجر يوم السبت الموافق 10 حزيران/يونيو 2017، إذ كان قد وجد يده مبتورة وقد تمّ تضميدها وربطها إلى عنقه، بينما كان هنالك أحد الممرضين الذين يقومون بتغيير الضماد له، أما صديقه "عهد" فقد استفاق بعده بنحو ربع ساعة، وفي ذات اليوم قام عناصر تنظيم "داعش" بإطلاق سراحهما.

 

سابعاً: الفرار من المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش":

لم تنتهِ مأساة سعود رغم إطلاق سراحه من قبل تنظيم "داعش"، إذ أنه لم يتمكن من متابعة حياته بشكل اعتيادي، فاضطرّ مرغماً إلى الفرار مع صديقه "عهد" من المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم، خوفاً من الأذى الذي قد يلحق بهما من جانب التنظيم، هذا ما اختتم به سعود حديثه لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"هربت من البوكمال برفقة صديقي بعد ستة أيام من قطع يدي، لأننا كنا مُراقبين على الدوام من قبل عناصرهم، وفي يوم الجمعة الموافق 16 حزيران/يونيو 2017، توجهت من البوكمال إلى قرية العشارة بريف الميادين ولي أقرباء فيها، وبقيت هنالك يومين، قبل أن أتوجه إلى قرية المنصورة في الرقة، وبعدها اتجهت إلى مدينة إعزاز بريف حلب حيث بقيت هناك عشرة أيام، ثم توجهت إلى الباب حيث قضيت فيها يومين، ثم نزحت بعدها إلى مخيم بلدة مبروكة في ريف رأس العين/سري كانيه".

 

 

تمّ إجراء اللقاء في شهر أيار/مايو 2018.

 


[1] سيطر تنظيم "داعش" على مدينة البوكمال في شهر تموز/يوليو 2014، واستمرت هذه السيطرة حتى أواخر العام 2017، إذ تمكنت القوات النظامية السورية مدعومة بحلفائها من فصائل عراقية شيعية وحزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى الدعم الجوي الروسي، من طرد مسلحي التنظيم من المدينة بتاريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

[2] مركز الشرطة الإسلامية أو مركز الحسبة هو جهاز أمني يتبع لتنظيم "داعش" وهو مستوحى من الشريعة الإسلامية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقدم التنظيم مركز الحسبة على أنه الشرطة الدينية التي تهتم بأدنى المسائل الدينية مثل لون لباس المرأة وطول ملابس الرجال، وارتكاب الخطايا كالسرقة وغيرها.

 

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد